“أب في المغرب، وليس في بلجيكا” هاته وقائع القضية والنقاش الذي طرحته على الطاولة

من بين القضايا الغريبة التي عرضت على القضاء المغربي تاريخيا، ما يعرف بقضية:

“Un père au maroc, et non pas en Belgique –

أب في المغرب وليس في بلجيكا

نازلة هاته القضية المشهورة، التي حصل موقع المعلومة القانونية على نسخة منها، تعود لما بعد حدث زواج شرعي بين ٱمرأة ورجل مغربيين في المغرب، الذي هو بديهي منها أنه  بعد مرور وقت معقول على فترة زواجهما، أن تنجب له الزوجة ثلاث أبناء دواليا.

لكن ذات يوم شاءت الأقدار أن يغيب الزوج عن بيت الزوجية لبضع أشهر، بسبب العمل، وعندما عاد بعد ذلك إلى منزله، تفاجأ ليكتشف أن زوجته ثكلى منه، وبدا مندهشا طول الوقت، وحيث تسربت الريبة  والشك إلى نفسه، وذلك لأن الفترة الطبيعية التي من الممكن أن يكون الزوج ااشرعي هو مصدر الحمل، فإنه كان غائبا فيها عن زوجته الحامل، إذ لم يعاشرها أثناء تلك الفترة، ولأن غيابه كان ممتدا غير منقطع، إرتأى أن يستشير أصدقائه وعائلته ليسترشد بآراءهم، وبعده حاول أن يقنع زوجته إلى أن يقصدا الطبيب المختص ليتأكدا من صحة نسبه، بعدما أبدت يقينها بأن ليس لها أي علاقة مع رجل غير زوجها، كما كان يحتمله العديد مما كان يستشير آراءهم في الواقعة.

في حين بعد أن قاما الزوجين بإجراء خبرة طبية، لتؤكد هاته الأخيرة أن الرجل لسوء حظه كان عقيما، أي لا يلد نهائيا، وبعد ذلك إتجه الزوج لاجئا إلى القضاء طالبا حقه، متهما في الدعوى الجنائية  زوجته بإقترافها لجريمة “الخيانة الزوجية” مع أخذ بعين الإعتبار مطلبه المدني لإسقاط نسبه عن جميع الأبناء المنسبين له، تحت مبرر أنه رجل عقيم، بحكم ما أسفرت عنه نتائج التحقيقات الطبية الشرعية، وبعد المداولة واعترافات المتهمة في القضية، بصحة إدعاءات زوجها، أنها كانت على علاقة مع رجل آخر هو جارها، وبالتالي ما يفيد أن جميع الأبناء من صلب هذا الاخير.

لكن الغريب في هاته القضية أن قضت المحكمة في النازلة بمتابعة المتهمة بالمنسوب إليها، مع ترتيب جميع الآثار المتعلقة بجريمة الخيانة الزوجية، لكن المفاجأة الكبرى كانت أن المحكمة رفضت طلب إسقاط النسب عن الأبناء رغم اعترافات الزوجة، ورغم إثبات الخبرة الطبية في المغرب أنهم ليسوا من صلبه، ليغادر الزوج إلى فرنسا حتى يتأكد من حقيقة عقمه، نظرا للتطور الطبي هناك، لكن تم تأكيد ذلك أيضا بناءا على الخبرة الجينية مرة أخرى.

وقد لقي هذا الخبر صدى واسعا على مستوى الإعلام البلجيكي والفرنسي، وطرح نقاشا قانونيا وفقهيا حول الخلاف بين التشريع المغربي والمقارن، حيث كتبت إحدى الجرائد البلجيكية المشهورة حول هذا الموضوع وعنونت القصة بما يلي :

c’est le pére au maroc, non en Belgique”

الإشكال المطروح في النازلة مرده كون المشرع المغربي يفرض لإثبات النسب، تحقق شرط فراش الزوجية، في حين لا يولي أي إهتمام لنتائج الخبرة الطبية، على عكس ما هو معمول به في القانون المقارن الفرنسي والبلجيكي، لكن توجه المشرع المغربي، خاصة بعد هاته الفضيحة القضائية المخجلة، جعلت المغرب يتبنى هاته المسألة ضمن مدونة قانون الأسرة.

 

قد يعجبك ايضا