المحكمة الدستورية تصرح بدستورية القانون التنظيمي المتعلق بالحق في الإضراب

في قرار حاسم، أكدت المحكمة الدستورية أن القانون التنظيمي رقم 97.15، الذي يحدد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، لا يتضمن أي مقتضيات مخالفة للدستور، مع الأخذ بعين الاعتبار بعض الملاحظات بخصوص مواد معينة. يأتي هذا القرار ليحسم الجدل القانوني حول مدى توافق هذا القانون مع المبادئ الدستورية، خاصة فيما يتعلق بحماية الحريات النقابية وضمان التوازن بين حق الإضراب وضرورة استمرارية المرافق العمومية والخدمات الأساسية.

الإطار الدستوري لحق الإضراب:

يعتبر الإضراب حقاً مكفولاً بموجب الفصل 29 من الدستور، الذي يقر بحرية تأسيس النقابات والانتماء إليها، كما يضمن للمواطنين حق الإضراب، على أن يتم تنظيمه بموجب قانون تنظيمي. غير أن الدستور لم يحدد شروط ممارسة هذا الحق، ما فتح المجال أمام اجتهادات قانونية متباينة، خاصة فيما يتعلق بحدود الإضراب وتأثيره على القطاعات الحيوية.

الملاحظات الدستورية على القانون التنظيمي:

رغم إقرار المحكمة الدستورية بعدم تعارض القانون مع الدستور، إلا أنها أبدت ملاحظات حول بعض المواد، لا سيما المادة الأولى التي تضع تعريفاً للإضراب قد يُنظر إليه على أنه يقيّد هذا الحق، والمادة الخامسة التي تتعلق بالإجراءات الواجب اتباعها قبل إعلان الإضراب، إضافة إلى المادة 12 التي تحدد العقوبات المفروضة على المخالفين لأحكام القانون.

ويرى الفاعلون أن هذه الملاحظات تستجيب لمطالب الحركات النقابية التي دعت إلى ضرورة ضمان مرونة في تنظيم الإضراب، دون المساس بجوهره كحق مشروع للعمال والموظفين.

التوازن بين الحق في الإضراب وضمان استمرارية المرافق والخدمات الأساسية:

أحد أهم التحديات التي يطرحها هذا القانون هو إيجاد توازن بين ممارسة حق الإضراب وضمان استمرارية المرافق والخدمات العمومية، لا سيما في القطاعات الحيوية مثل الصحة والتعليم والنقل. إذ ينص القانون على مجموعة من الإجراءات التنظيمية التي تهدف إلى تفادي الإضرابات العشوائية أو طويلة الأمد، والتي قد تؤثر سلباً على السير العادي للمرافق العمومية.

الموقف الحكومي والنقابي:

في الوقت الذي ترى الحكومة أن هذا القانون يشكل خطوة ضرورية لتنظيم الممارسة النقابية وفق إطار قانوني واضح، ترى النقابات العمالية أنه يفرض قيوداً قد تحدّ من فعالية الإضراب كوسيلة ضغط لتحقيق المطالب الاجتماعية والمهنية.

ومع نشر هذا القانون في الجريدة الرسمية، يظل السؤال المطروح: هل سيتم تطبيقه بشكل يوازن بين حقوق العمال ومتطلبات استمرارية المرفق العمومي، أم أنه سيكون محل مراجعة مستقبلية بناءً على الممارسة العملية والتجربة الميدانية؟

للاطلاع على القرار:

قد يعجبك ايضا