منهجية وقواعد حل نازلة قانونية

هناك عدة قواعد تشكل الية ينصح الطالب بالالتزام بها، وتسهيلاً لفهم هذه القواعد سنعطي مثالاً فيه نقطة قانونية واحدة لتطبيق عليه هذه القواعد ( النصائح ) التي تمكننا من معالجة النوازل المنهجية تسهل علينا الحل، و على القارئ فهم الحل الذي نضعه.

=> الفرع الاول : مثال الاشكالية

إشترى السيد موزريك لابنه السيد أحمد سيارة مرسيدس معدنية اللون موديل 2014، وذلك بمناسبة بلوغه السن 18 من عمره، بعد أن أمن له عملاً في إحدى الشركات، تم شراء السيارة من وكيل شركة مرسيدس حيث قدم الوالد الدفعة الاولى كهدية لابنه بقيمة 10 ملايين سنتيم، وتم تقسيط المبلغ المتبقي 14 مليون سنتيم لمدة سنتين تدفع اعتباراً من 1/1/2016 وقام السيد احمد بتوقيع سندات بالمبلغ المستحق.

أواخر العام 2016 أصيب أحمد بصدمة عاطفية أدت به إلى الجنون، واستمر أحمد في تسديد الأقساط خلال العام 2017.

منذ فترة ( خلال العام 2018) قام السيد حسين الاب برفع دعوى امام المحكمة المختصة و طالب فيها بتوقيع الحجر على إبنه أحمد و تعيينه قيما عليه، وقد حكمت المحكمة بذلك.

حضر السيد حسين إلى مكتبك ليستشيرك أو ليوكلك في قضية رفع دعوى على وكيل المرسيدس ،يطالب فيها ببطلان عقد البيع بسبب جنون إبنه أحمد وإسترداد جميع الأقساط التي دفعها أحمد للبائع.

=> الاشكالية : هل يمكن عقد البيع بسبب الجنون، وهل يمكن استرداد الاقساط المؤدات من قبل عديم التمييز؟

==> الفرع الثاني : قواعد نظرية و حلول تطبيقية :

للإجابة على هذه المسألة أو غيرها ، هناك قواعد علينا احترامها و سنبدأ بسرد القواعد و شرحها بالقدر اللازم لفهمها مع تطبيقها على المثال المعطى.

القاعدة الاولى : قراءة النازلة بعناية و بدقة مرتين او ثلاثة على الأقل :

النازلة توضع عادة كامتحان للطالب، وعليه ان يجيب عليها كليا وبانسجام، وبدون تجنب أو تجاهل أي من النقاط التي تثيرها، فالمطلوب حلول تخضع لمبادئ القواعد القانونية، وليست خاضعة أو منطلقة من مشاعر شخصية أو إنسانية، وهناك مبادئ وقواعد للعمل القانوني على الطالب البحث عنها والعمل بمقتضاها.

القاعدةالثانية : عدم الارتجال و تخطيط الجواب : 

إذا كان الطالب يجيب على سؤال شفهي أو على نوازل خطية، فعليه ان يستعين بالكتابة وعدم التسرع أو إرتجال الجواب، بل عليه الإنتباه بشكل خاص الى النقاط الأساسية التي يثيرها السؤال، وعدم تضييع الوقت في النقاط الثانوية، وتجنب النقاط التي لا تثيرها الوقائع.

القاعدة الثالثة : إستعراض وقائع النزاع وتحديد النقاط القانونية، وهنل نبدأ بتطبيق قاعدة (IRAC):

بعد تطبيق القواعد السابقة ، نبدأ بالعمل على تحديد النقاط القانونية المثارة، ونعمد الى تبيان الوقائع المترابطة مع بعضها البعض بصورة تعكس الوضع الواقعي، ونعرضه على القاعدة القانونية المثارة، ونعمد الى تبيان الوقائع المترابطة مع بعضها البعض بصورة تعكس الوضع الواقعي، ونعرضه على القاعدة القانونية لنعطيه الوصف القانوني الصحيح.

وللتمكن من ذلك، وكخطوة أولى للحل نحاسب عليها في كل مسألة قانونية، وبعد فهم السؤال نقوم باستعراض وقائع النزاع و إعادة ترتيبها وفقاً لما يلي :

– فصل كل واقعة عن الأخرى ووضعها بالتتابع.
– استبعاد الوقائع غير المنتجة لآثار قانونية.
– الحذر من إضافة أو افتراض وقائع غير مذكورة في النازلة
– عدم تحميل القضية أو النازلة وقائع أكثر مما تتحمل.
– عدم استنتاج واقعة من وقائع أخرى.

التطبيق للمثال المعطى :

==> الوقائع :

1- وقع السيد أحمد موزريك المميز على سندات لإكمال ثمن السيارة اعتباراً من 1/1/2016 لغاية 1/1/2018.
2- اصيب السيد أحمد بالجنون في 1/1/2017.
3- استمر احمد بتسديد باقي الاقساط رغم اصابته بالجنون، وقبل صدور الحجر عليه.
4- تم فرض الحجر على احمد بناءاً على طاب من والده الذي أصبح قيما عليه، أي أصبح نائبا عن اعماله القانونية.
5- يريد السيد حسين الوالد رفع دعوى على البائع ، يطالبه فيها باسترداد جميع الاقساط لبطلان عقد البيع بسبب جنون إبنه.

نستخلص من هذه الوقائع أن النقطة القانونية المثارة هي بطلان عقد البيع بسبب الجنون.

القاعدة الرابعة : تحديد القواعد او المبادئ القانونية المناسبة :

للإجابة على نقطة قانونية يجب توفر معرفة القاعدة القانونية المناسبة وكيفية تطبيقها حسب كل قضية أو بالاحرى علينا تحديد المبادئ القانونية التي تعلمناها في دراستنا النظرية، دون أن نشرحها بالتفصيل.

وفي مثالنا الراهن فان المبادئ القانونية التي تتناول الوقائع التي استعرضناها معنا هي :

1- تصرفات الراشد تكون صحيحة ومنتجة لاثارها.
2- تصرفات المجنون تقع باطلة بطلانا مطلقا لانعدام اهليته ووفقاً لنص الفقرة الاولى من الفصل الرابع من قلع.
3- يعد المجنون محجوراً عليه لذاته ، بغض النظر عن صدور قرار قضائي بتوقيع الحجر عليه.
4- تقدر صحة العقود أو بطلانها عند ابرام العقد و تكوينه وفقا للفصل 19 من قلع.

القاعدة الخامسة : إنطباق القواعد على الوقائع :

بعد أن نحصر الوقائع المعروضة في التمرين، ونحدد المبادئ القانونية التي تحكمها ، ياتي تطبيق المبادئ أو القواعد على تلك الوقائع ، وبذلك نتوصل إلى أبراز حكم القانون في اشكالية التمرين العملي.

والتطبيق هو محاولة الربط بين الوقائع و القواعد القانونية، هذا الربط هو الوصف القانوني أو التكييف القانوني أو التعليل القانوني.

ونلفت النظر الى انه اثناء تصحيح الاجابة يؤخذ بعين الاعتبار التعليل القانوني، وان كان الجواب النهائي غير مطابق لما يجب أن يكون عليه، فالمهم أن يكون التعليل القانوني قائما بصورة منطقية ومتسلسلة تنبئ بأن الطالب قام بعملية تحليل صحيحة منهحياً.

يصاغ التعليل بلغة صحيحة وسهلة، ولا تعقيد فيها ولا تكرار، ولا استطراد في غير محله، بل مختصرة دون انتقاص من المعنى أو زيادة في شرح لا فائدة من ورائه.
وفي مثالنا الحالي ياتي التعليل او تطبيقنا كما يلي :
بما أن السيد أحمد كان قد بلغ الثامنة عشرة، وأصبح قبل توقيعه على عقد البيع وعلى السندات الباقية كدفعة من ثمن السيارة، وبما ان صحة العقود أو بطلانها تقدر بوقت إبرام العقد فتكون معه تصرفات الرشيد صحيحة ومنتجة لأثارها.

لكن إعتباراً من نشوء حالة الجنون ( 1/1/2017) فإن تصرفاته تصبح باطلة بطلاناً مطلقاً لانعدام الأهلية، وبالتالي فإن إيفاء الأقساط في العام 2017 باطلاً بطلانا مطلقاً.

أما الإيفاء قبل توقيع الحجر القانوني على أحمد من قبل المحكمة المختصة فلا يغير في الأمر شيئاً لأن المجنون يعتبر محجوراً عليه لذاته، وتقع تصرفاته باطلة بطلاناً مطلقاً ،حتى وإن لم يصدر قراراً بتوقيع الحجر عليه.

القاعدة السادسة : الإستنتاج :

هو الخاتمة أو الخلاصة أو النتيجة التي نتوصل إليها إنطلاقاً من تطبيقنا للقواعد على الوقائع بشكل تاتي الخلاصة تتمة منطقية لما ورد فيه مثلا : نستنتج مما ورد اعلاه بان السيد حسين لا يمكنه إبطال العقد كليا، ولا استرداد الأقساط التي دفعت خلال العام 2016، أي قبل تاريخ الجنون نظراً لصحة العقد من جهة، ولصحة الوفاء بالاقساط من جهة ثانية.

أما بالنسبة للأقساط التي دفعت خلال العام 2017، فإنه يمكنه إستردادها لبطلان الوفاء بها.
¥¥ القاعدة السابعة :
إعادة قراءة الجواب لنرى ما اذا كان يعني شيئاً مفهوماً لنا أو للقارئ و التأكد من عدم نسيان فكرة ما، وتغطية النقاط المطلوبة، وتصحيح ما يجب تصحيحه.
إنتهى بحول الله.

نتمنى الإستفاذة للجميع، ونشير إلى أن هذا عمل متعوب عليه ونهيب بالقراء الأعزاء إحترام حقوق الناشر والإشارة للمصدر عند كل نسخ للموضوع.

بقلم “موزريك الحسين” طالب جامعي

قد يعجبك ايضا