قرار قضائي: الطبيب مسؤول قانونيا عن اتخاذ جميع الاحتياطات المهنية
يشكل قرار محكمة النقض المغربية، الذي نحن بصدد دراسته، بشأن مسؤولية الطبيب في توفير الدم أثناء الولادة اجتهادا قضائيا مهمًا يعكس تفاعل القضاء مع مبادئ المسؤولية الطبية في القانون المغربي.
يستند هذا القرار إلى مبدأ الخطأ الطبي المنصوص عليه في قانون الالتزامات والعقود، والذي يلزم الطبيب باتخاذ العناية اللازمة لضمان سلامة المرضى. كما أن القانون رقم 131.13 المتعلق بمزاولة مهنة الطب يحدد التزامات الطبيب، ومنها اتخاذ الاحتياطات الضرورية أثناء العمليات الجراحية والولادات.
في هذه القضية، اعتبرت المحكمة أن عدم توفير الدم الكافي أثناء الولادة يشكل إخلالاً بواجب الحيطة والحذر، مما يؤدي إلى قيام المسؤولية المدنية.
كرس هذا القرار مبدأ حماية حقوق المرضى من خلال التأكيد على أن المؤسسات الصحية تتحمل جزءًا من المسؤولية في تأمين ظروف العلاج المناسبة. فالمحكمة لم تكتفِ بتحميل الطبيب المسؤولية الشخصية، بل وسّعت نطاق الالتزام ليشمل المصحة، مما يتماشى مع التوجهات الحديثة في القانون المغربي التي تفرض على المؤسسات الصحية التزامات واضحة لضمان جودة الخدمات المقدمة.
يعتمد القضاء المغربي في القضايا الطبية على مبدأ الالتزام بالوسيلة وليس الالتزام بالنتيجة، أي أن الطبيب ملزم ببذل العناية المطلوبة وليس بضمان شفاء المريض.
ومع ذلك، في هذه الحالة، رأت المحكمة أن عدم توفير الدم يُشكل خطأ جسيماً يتجاوز الإطار التقليدي للالتزام بالوسيلة، خاصة وأن الضرر كان بالإمكان تفاديه لو تم اتخاذ الاحتياطات اللازمة.
يُعد هذا القرار سابقة قضائية قد تؤثر على قضايا مماثلة في المستقبل، إذ يوسع من نطاق مسؤولية الأطباء والمؤسسات الصحية، ويدفع نحو ضرورة تعزيز التدابير الوقائية داخل المصحات. كما يعزز دور القضاء في الرقابة على الأداء الطبي، مما يشكل خطوة نحو مزيد من الحماية القانونية للمرضى وضمان جودة الخدمات الصحية.
يعكس هذا القرار توازنا بين حماية حقوق المرضى وضمان بيئة طبية مسؤولة، في إطار توجهات القانون المغربي الرامية إلى تحسين النظام الصحي وتعزيز ثقة المواطنين في المؤسسات الطبية.
القرار: