محمد عياش : التنظيم القضائي بالمغرب – ج/1

مما لاشك فيه أن التنظيم القضائي يتجلى في مجموعة من القواعد القانونية التي تنظم عمل المحاكم من حيث المبادئ، والهيكلة، والاختصاص، والإجراءات، وحيث يعتبر القضاء آلية أساسية للتطبيق العادل والسليم للقانون.

وقد عرف التنظيم القضائي المغربي مجموعة من المراحل والتطورات التي عاشها المغرب سياسيا واجتماعيا ودستوريا وقانونيا وغيرها، وحيث، أن أغلب الدراسات والأبحاث المعمولة في هذا الإطار، تتحدث حول ثلاث مراحل أساسية، وهي مرحلة ما قبل فرض الحماية، ومرحلة ما بعد فرض نظام الحماية، ومرحلة الاستقلال، ومرحلة ما بعد دستور سنة 2011، إلا أننا وتيسيرا للفهم للطلبة فسوف نقسمها إلى 5 محطات أساسية مرت منها تجربة القضاء المغربي، وهي: 1/ مرحلة ما قبل فرض الحماية، 2/ مرحلة ما بعد فرض الحماية، 3/ الاستقلال، 4/ التسعينيات، 5/ بعد دستور 2011.

المحطة الأولى: ما قبل فرض نظام الحماية

هنا يتعين التمييز بين مرحلتين،

المرحلة الأولى: كان فيها الفقه الاسلامي والأعراف المحلية هما المطبقان، وإن بقيت بعض الأقليات خاضعة لقواعد خاصة بها، مثلا كاليهود والمسيحيين.

المرحلة الثانية: ظهر فيها نظام الامتيازات ليحول دون تطبيق الفقه الاسلامي على بعض المستفيدين ولو كانوا مغاربة مسلمين، وهو ما عرف بالمحاكم المخزنية.

وحيث عموما خلال هذه المرحلة، سادت ثلاثة أنواع من المحاكم، وهي: المحاكم الشرعية، والمحاكم المخزنية، ومحاكم اليهود والمسيحيين.

المحطة الثانية: في عهد الحماية

قامت فرنسا بإنشاء محاكم تتناسب ونظامها القضائي، وذلك من أجل حماية مصالح المستوطنين الفرنسيين بالمغرب.

وبالتالي، أصبح ‎التنظيم القضائي بالمغرب في عهد الحماية يضم إلى جانب كل من المحاكم الشرعية، والمحاكم المخزنية، ومحاكم اليهود، (أصبح يضم) المحاكم الفرنسية.

المحطة الثالثة: في عهد الاستقلال

مباشرة عمل على إلغاء المحاكم التي تتنافى والسيادة الوطنية المستقلة للمغرب. فأحدث محاكم جديدة منها المحاكم العادية والمحاكم العصرية، ومحاكم الشغل، والمجلس الأعلى، وذلك قبل أن يصدر قانون التوحيد والمغربة والتعريب في 26 يناير 1965 الذي ألغى المحاكم العصرية، والمحاكم الشرعية والمحاكم العبرية.

وحيث أصبح التنظيم القضائي المغربي مكونا من محاكم السدد والمحاكم الاقليمية ومحاكم الاستئناف و المجلس الأعلى.

التطور الثاني الذي عرفه النظام القضائي في مرحلة الاستقلال، جاء بعد إصدار ظهير 15 يوليوز 1974 الذي ألغى أغلبية المحاكم التي كانت سائدة قبل ذلك.

وهذه المرحلة، تعتبر مرحلة مهمة في تطور القضاء المغربي، بحيث أصبح التنظيم القضائي مكونا من محاكم الجماعات، ومحاكم المقاطعات، والمحاكم الابتدائية، ومحاكم الاستئناف، والمجلس الأعلى.

المحطة الرابعة: مرحلة التسعينيات

عرفت هذه المرحلة مجموعة من التطورات السياسية والاجتماعية، موازاتا والحركة الدستورية التي عرفها المغرب بين دستور سنة 1992 ودستور سنة 1996، الذي كان من نتائج التحول الدستوري أن عرف المغرب مجموعة من المستجدات القانونية، التي همت بالخصوص التنظيم القضائي المغربي، بحيث أنه في 10 شتنبر 1993، أحدث المشرع نوعين جديدين من المحاكم هما المحاكم الادارية والمحاكم التجارية.

وبعده في 2 فبراير 1997 تم إحداث محاكم الاستئناف التجارية ومحاكم الاستئناف الادارية

المحطة الخامسة: ما بعد دستور سنة 2011

هذه المرحلة شكلت منعطفا اساسي في تطور التجربة القضائية بالمغرب، في إطار ورش إصلاح منظومة العدالة، خاصة في ظل التوجهات الملكية السامية.

وحيث، في هذه المرحلة عموما تم إدخال مجموعة من التعديلات التشريعية، التي همت التنظيم القضائي، من بينها:

  • أكتوبر 2011، عبر إحداث أقسام قضاء القرب التي حلت محل محاكم الجماعات ومحاكم المقاطعات.
  • يوليوز سنة 2013 صدر الميثاق الوطني لإصلاح منظومة العدالة
  • 24 مارس 2016 صدور القانون التنظيمي رقم 100.13 المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، وكذلك القانون التنظيمي رقم 106.13 المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة.
  • سنة 2017، تنزيلا للفصل 107 من دستور سنة 2011، صدر القانون رقم 33.17 المتعلق بنقل اختصاص السلطة الحكومية المكلفة بالعدل إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة، وبسن قواعد تنظيم رئاسة النيابة العامة.
  • سنة 2022، وقبل أسابيع فقط صدر القانون رقم 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي المغربي الجديد.

بالتالي، هذه الترسانة القانونية المهمة تحمل مجموعة من المستجدات التي تهم المبادئ الأساسية الناظمة لعمل القضاء، الهيكلة والتركيبة، الاختصاص، وكذلك على مستوى الإجراءات المدنية والجنائية والتجارية والإدارية وغيرها.

وعليه، من أجل دراسة موضوع التنظيم القضائي بالمغرب، نستضيف الزميل/ محمد عياش، الباحث بسلك الدكتوراه في القانون الخاصن بالكلية المتعددة التخصصات – تازة

 

مراجع ذات صلة بالموضوع:

1/ مجلس النواب بالمغرب يصادق على مشروع قانون رقم 38.15 المتعلق بالتنظيم القضائي، منشور على الرابط التالي: إضغط هنا

2/ تخليق السلطة القضائية على ضوء مذكرة التعاون بين المجلس الأعلى للحسابات والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة، منشور على الرابط التالي: إضغط هنا

قد يعجبك ايضا