بالتقرير: موضوع للدكتوراه يقارب “المهن القضائية” بين “الواقع” ومحاولة “الإصلاح” وتكريس “الأمن” القانوني

شهدت كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة، التابعة لجامعة عبد المالك السعدي بطنجة، يوم الخميس 9 دجنبر 2021، في تمام الساعة 10 صباحا، مناقشة أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص، في موضوع تحت عنوان: “المهن القضائية بين الواقع ومحاولة الإصلاح وتكريس الأمن القانوني”، كما تقدم بها الطالب الباحث/ محمد البغدادي، تحت إشراف الدكتورة/ وداد العيدوني – الأستاذة الجامعية للقانون الخاص بذات الكلية.

وحيث نال على إثرها الطالب الباحث لقب الدكتوراه بتميز.

وفيما يلي، نص تقرير موضوع أطروحة نيل الدكتوراه في القانون الخاص:

“1-المقدمة

تعلمون أن ورش المهن القضائية في الوقت الراهن، يأتي في إطار الدخول السياسي والبرلماني والحكومي الجديد للمملكة المغربية على ضوء نتائج الانتخابات التشريعية والجهوية و المحلية لسنة 2021، وفي  ظل استحضار التحديات والإكراهات الكبرى التي تقع على كاهل الدولة المغربية إزاء مواجهة التداعيات والتبعات النفسية والصحية والاقتصادية والاجتماعية لجائحة كوفيد19، والوقوف على انتظارات المواطنين والمواطنات بشأن تنزيل و أجرأة مرتكزات النموذج التنموي الجديد، بما في ذلك تلبية الحاجيات الملحة والمتزايدة للمرتفقين عموما والمتقاضين تحديدا بشأن تفعيل جميع الأوراش الإصلاحية الكبرى لمنظومة العدالة ببلادنا.

وتعرف المهن القضائية بأنها تلك المهن التي تعمل داخل محاكم المملكة، سواء كانت خاضعة لقانون الوظيفة العمومية أو لمهن حرة مساعدة للجهاز القضائي للمملكة كما هو مشار إليه بشكل واضح في موقع وزارة العدل المغربية، خلافا للأمن القانوني الذي هو مرتبط أساسا بجودة النظام القانوني واستقرار وثبات النصوص القانونية وعدم إدخال أي تعديلات أو تغييرات عليها من فترة لأخرى قصد الحفاظ على المراكز القانونية المتضمنة فيها.

وبالموازاة مع الباب السابع المتعلق بتحديث ورش السلطة القضائية من دستور 2011 ، وتنفيذا للاتفاقيات الدولية الخاصة باستقلالية السلطة القضائية التي صادقت عليها المملكة المغربية، وإعمالا لجميع المقتضيات التشريعية والتنظيمية المتصلة بمنظومة العدالة كما هي منصوص عليها في الميثاق الوطني لمنظومة العدالة لسنة 2013، فإن المشهد القضائي للمملكة عرف مجموعة من التعديلات والتحسينات والإصلاحات همت أساسا المجالات التالية:

– مسار بدأ بوضع اللمسات الأولى والأسس السياسة القضائية المتينة والتوجهات العامة والخيارات الإستراتيجية لإصلاح منظومة العدالة ببلادنا على ضوء خطابي 20 غشت 2009 بمناسبة ثورة الملك والشعب و8 أكتوبر 2010 بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية الثامنة.

-وباعتماد دستور 2011 المؤسس لاستقلالية السلطة القضائية وكرسه الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة سنة 2012، مما أثمر قانونا تنظيميا للمجلس الأعلى للسلطة القضائية ونظاما أساسيا للقضاة سنة 2016.

-مسار توج بانتقال الإشراف على النيابة العامة من السلطة الحكومية المكلفة بالعدل إلى جهاز قضائي يتمثل في الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض سنة 2017.

ونظرا لأهمية ورش المهن القضائية حول ضمان الأمن القضائي الذي هو جزء لا يتجزأ من الأمن القانوني، و بالتزامن ما تشهده الساحة الوطنية من متغيرات جيو استراتيجية وجيو سياسية تخدم المصالح الحيوية والإستراتيجية للدولة المغربية وحجم التطورات الميدانية المتسارعة في حقل الدراسات والأبحاث القانونية والحقوقية والقضائية التي يعرفها المشهد القضائي للمملكة، بدءا من الدور الملكي المتنامي في وضع التوجهات العامة للجهازين الحكومي والتشريعي باعتبار أن الشأن القضائي وظيفة من وظائف إمارة المؤمنين للعاهل المغربي الملك محمد السادس والضامن الأساسي لحسن سير المؤسسات الدستورية  حسب الفصل 42 من الدستور ذاته من جهة،  والمؤتمن الرئيسي على استقلالية السلطة القضائية كونه رئيسا للمجلس الأعلى للسلطة القضائية حسب الفصل 107 من نفس الدستور من جهة أخرى، ومرورا بالانتقال الديمقراطي والتنموي والتحول الاقتصادي والاجتماعي والتطور التكنولوجي والتقني والعلمي ووصولا إلى اقتصاد المعرفة ، فإن الإشكالية المركزية والمحورية تتمثل فيما يلي:إلى أي حد يمكن القول بأن المشرع المغربي استطاع تقنين المهن القضائية في سبيل تكريس الأمن القانوني؟

وعلى ضوء هذه الإشكالية الرئيسية، فإن المنهج الأساسي المعتمد في الموضوع هو المنهج التحليلي للوقوف على النصوص القانونية المنظمة للمهن القضائية، إلى جانب استعمال المنهج المقارن.

وبالتساوي مع هذا المنهج، ارتأينا الاعتماد في موضوع هذا البحث  المتعلق بالمهن القضائية بين الواقع ومحاولة الإصلاح وتكريس الأمن القانوني التقسيم التالي:

 

القسم الأول:واقع المهن القضائية بالمملكة على مستوى الترسانة

القانونية والمؤسساتية وتأثيرها السلبي على الأمن القانوني

القسم الثاني:مسار الإصلاح القضائي بالمملكة ودوره في تكريس الأمن

القانوني

 

2-المضامين البارزة للموضوع:

-ومن أهم ما تم تسطيره في القسم الأول هو:

-هشاشة الإطار القانوني للمهن القضائية وعدم ملاءمته لروح ومنطوق دستور المملكة لسنة 2011  من أجل تكريس الأمن القانوني.

-تحديد التنظيم الداخلي للقضاء الجالس لدى محاكم المملكة.

-بيان هيئة كتابة الضبط داخل محاكم المملكة.

-التنظيم الداخلي للقضاء الواقف لدى محاكم المملكة.

-هيئة كتابة النيابة العامة داخل محاكم المملكة.

-ضعف فعالية ونجاعة الإطار المؤسساتي في تأهيل وتحديث المهن

القضائية بالمملكة.

-العراقيل القانونية والوظيفية للمهن القضائية.

-العراقيل التنظيمية والعملية للمهن القضائية.

-عدم استقلالية هيئة كتابة الضبط عن سلطة القضاء الجالس وهيئة

كتابة للنيابة العامة عن سلطة القضاء الواقف.

-ضعف فعالية الجمعية العمومية للمحاكم في توزيع الوظائف على الجهاز القضائي.

-إشكالية التفتيش القضائي لدى وزارة العدل.

-إشكالية التفتيش القضائي المحلي لدى رؤساء محاكم الاستئناف

والوكلاء العامون.

 

ومن أهم ما تم تضمينه في القسم الثاني هو:

-المعايير الدولية والإقليمية لاستقلالية السلطة القضائية.

-المعايير الوطنية لاستقلالية السلطة القضائية.

-التوجه الملكي لاستقلالية السلطة القضائية.

-الإطار الدستوري والقانوني لاستقلال القضاء.

-إستراتيجية تحديث وتطوير السلطة القضائية على ضوء ميثاق إصلاح منظومة العدالة.

-الآليات التشريعية الدولية لمحاربة الفساد وتخليق المهن القضائية.

-الآليات التشريعية الوطنية لمحاربة الفساد وتخليق المهن القضائية.

-الآليات السياسية لمحاربة الفساد وتخليق المهن القضائية.

-الآليات الإعلامية لمحاربة الفساد وتخليق المهن القضائية.

-آليات الحكامة القضائية لإصلاح المهن القضائية.

-الآليات التربوية لمحاربة الفساد وتخليق المهن القضائية.

-الآليات التشاركية لمحاربة الفساد وتخليق المهن القضائية.

-دور الإصلاح القضائي في تكريس الأمن القانوني.

3-الخاتمة:

وتأسيسا على ما سبق، وكما جرت العادة في البحوث الأكاديمية، لابد من بيان مجموعة من التدابير والوسائل المتخذة من طرف وزارة العدل بتشارك مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة أو الاقتراحات التي يتعين على الجهازين الحكومي والتشريعي  في عهد الحكومة الجديدة الأخذ بها بخصوص تحديث ورش المهن القضائية في إطار من التناغم والتكامل مع الرؤية الملكية الحكيمة والبصيرة بشأن بلورة النموذج التنموي الجديد ، ونذكر منها على وجه الخصوص:

-تعزيز وتنزيل الضمانات الدستورية المنصوص عليها في الباب المتعلق باستقلالية السلطة القضائية في اتجاه الحزم والصرامة والضرب على أيدي المفسدين.

-تظافر جميع الفاعلين في منظومة العدالة باعتبار أن منتوج قضائي هو جماعي ومشترك وتتداخل فيه مجموعة من الفاعلين.

-تعاون السلطتين التشريعية والتنفيذية مع السلطة القضائية كل في مجال

اختصاصه:

  • السلطة القضائية: أي مطالبة هيئة قضائية بإصدار حكم قضائي عادل أو بالتطبيق العادل للقانون .
  • السلطتين التشريعية والتنفيذية:مطالبة البرلمان والحكومة بصياغة قاعدة قانونية ذات جودة ومستقرة وثابتة.

-توظيف  النصوص القانونية المنظمة للمهن القضائية في الاتجاه الجيد

تكرس الشفافية وقيم المواطنة والثقافة والمسؤولية والمراقبة والمحاسبة.

-خلق نوع من التفاعل الاجتماعي بين المجتمع وبين السلطة القضائية بسبب انعدام الثقة بينهما.

-تسريع الإصلاحات والأوراش  المتعلقة بتحسين وإنعاش المهن القضائية بالمملكة وملاءمتها وفق المنظومة الكونية والدستورية.”

قد يعجبك ايضا