تقرير حول رسالة لنيل الماستر في العقار والتعمير تحت عنوان: “البيع القضائي لعقار القاصر في ضوء التشريع المغربي” من إعداد الطالبة/الباحثة زينب طهار

أسدل الستار صبيحة يوم السبت 30 دجنبر 2023، على موسم حافل من مناقشات الرسائل الجامعية بالكلية متعددة التخصصات بالناضور، بمناقشة رسالة لنيل درجة الماستر في القانون الخاص بوحدة العقار والتعمير، تقدمت بها الطالبة الباحثة زينب طهار، وذلك في موضوع “البيع القضائي لعقار القاصر في التشريع المغربي”.

وقد تكونت لجنة المناقشة من الدكتور أحمد خرطة أستاذ التعليم العالي بالكلية متعددة التخصصات بالناضور رئيسا ومشرفا، وعضوية كل من الدكتور أحمد أحيدار، والدكتور فكري العلالي، الأستاذان الزائران بنفس الكلية.

استهلت أطوار المناقشة بكلمة الدكتور أحمد خرطة الذي أشاد فيها بهدوء وأخلاق وجدية الطالبة الباحثة، مسلطا الضوء على صعوبة وأهمية الموضوع الذي اختارته للمناقشة والذي يتناول جزئية يصعب الخوض فيها دون التوفر على ملكة التحليل القانوني، خاصة وأن مشروع الرسالة يتناول الجانب القانوني والاجرائي على ضوء النصوص والممارسة القضائية.

ثم قدمت الطالبة الباحثة زينب طهار عرضا موجزا يتناول الخطوط العريضة لمشروع رسالتها، تناولت فيه جوانب تبرز أهمية الموضوع تتمثل في تحديد مفهوم القاصر والبيع القضائي لعقاراته؛ إبراز الحماية التي أولاها المشرع المغربي لعقار القاصر ؛ تقييم واقع الحماية القانونية للبيع القضائي لعقار القاصر والاشكاليات العملية التي يثيرها على ضوء الممارسة سواء على مستوى قواعد الشكل أو الموضوع.

كما كشفت عن بعض دواعي اختيارها لمشروع الرسالة المتعلق  ب“البيع القضائي لعقار القاصر في التشريع المغربي” ومنها شغفها الكبير بقانون الأسرة، والقانون العقاري، بالإضافة الى اهتمامها بقضايا القاصرين نظرا لكونهم يمثلون الحلقة الأضعف داخل المجتمع ولكونهم يشكلون فئات هشة تحتاج الى رعاية خاصة؛ والاهتمام بالبيع القضائي لعقارات القاصرين نظرا لخصوصية هذا الموضوع وارتباطه الوثيق بقوانين متعددة، يتداخل فيها الجانب الحقوقي بالجانب القانوني والفقهي؛ فضلا عن تزامن دراسة هذا الموضوع مع فتح ورش تعديل مدونة الأسرة وهي مناسبة لتقييم حصيلة التطبيق ومقاربة واقع تنزيل النصوص القانونية على ضوء الممارسة.

أما الصعوبات التي واجهت اعداد مشروع الرسالة فقد تمثلت في:

  • ندرة الأحكام القضائية المتعلقة بالمسؤولية المدنية للولي الشرعي عموما، وقلة الاجتهادات القضائية المنشورة لمحكمة النقض في هذا الموضوع؛
  • قلة المؤلفات العلمية الحديثة التي تناولت هذا الموضوع والتي تركز في غالبيتها على القواعد العامة دون خوض في الإشكاليات العملية؛
  • صعوبة الفصل بين ما هو موضوعي وما هو اجرائي في الكثير من الإشكاليات التي يطرحها الموضوع.

وقد تمثلت إشكالية البحث في الوقوف على مدى نجاعة المقتضيات القانونية الحالية في توفير الحماية اللازمة للبيع القضائي لعقار القاصر، وهو ما تطلب اعتماد الباحثة على عدد من المناهج العلمية المتنوعة من بينها المنهج الوصفي والمقارن من خلال استعراض النصوص القانونية الموجودة ومقاربتها من زاوية نظر الاجتهادات الفقهية والقضائية، الى جانب المنهج التحليلي حيث تم تقسيم البحت الى فصلين: خصص الأول لبيان الأحكام المتعلقة بالبيع القضائي لعقار القاصر، أما الفصل الثاني فقد خصص لإبراز الضوابط المسطرية لبيع عقارات القاصر.

وفي مناقشتها لمشروع الرسالة سجلت الباحثة زينب طهار عدة ملاحظات يمكن اجمالها فيما يلي:

على مستوى الأجهزة القضائية المكلفة بالرقابة: يلاحظ إسناد معظم الصلاحيات المتعلقة بالرقابة على بيع عقار القاصر إلى القاضي المكلف بشؤون القاصرين، وعدم تحديده بدقة على نحو يدفع كل لبس أو شك في إسناد هذا الاختصاص له، هذا إلى جانب عدم ضبط المصطلحات القانونية، ومن ذلك الاضطراب الحاصل بين المصطلحات التالية (قاضي شؤون القاصرين، المحكمة القاضي) في النصوص القانونية كقانون الالتزامات والعقود، ومدونة الحقوق العينية، وقانون المسطرة المدنية.

بخصوص مظاهر الرقابة القضائية على إدارة النائب الشرعي لأموال القاصر: يلاحظ أن الولي ـ أبا كان أم أماـ لا يخضع لرقابة القضاء القبلية ولا يفتح ملف النيابة الشرعية بالنسبة له إلا إذا تجاوزت أموال القاصر 200.000 درهم، وقد تم إعطاء القاضي سلطة النزول عن هذا الحد إذا ثبتت مصلحة القاصر في ذلك، والاشكال الذي يطرح هنا هو كيف يصل إلى علم القاضي أن أموال القاصر قد تعدت القيمة المذكورة.

بخصوص المهام والاختصاصات المخولة للقاضي المكلف بشؤون القاصرين: يلاحظ أنها متشعبة على نحو يعوق رقابته بشكل فعلي على إدارة النائب الشرعي لأموال القاصر، فكثرة ملفات النيابة الشرعية في الدائرة الترابية للمحكمة الابتدائية يجعل مهمة القاضي صعبة وهذا ما عايناه من خلال فترة التدريب التي قضيناها بقسم قضاء الأسرة بالمحكمة الابتدائية بفاس، وبالتالي عدم تفعيل مسطرة المراقبة والمحاسبة بشكل فعال.

بخصوص المسؤولية المدنية على النائب الشرعي: يلاحظ أن المشرع فرض المسؤولية المدنية على النائب الشرعي في حالة إخلاله بالالتزامات الملقاة على عاتقه، وذلك بهدف تكريس حماية أكبر للقاصر وصيانة أمواله، وربط المسؤولية بالمحاسبة.

بخصوص سلطات الولي: يلاحظ أن الولي له سلطة شبه مطلقة، فيما يخص إبرام التصرفات الناقلة للملكية كبيع عقارات القاصر وهذا يشكل خطورة على مصلحة القاصر.

بخصوص إشكاليات التنزيل: يلاحظ إن تشتت النصوص القانونية التي تعنى بالتصرف في الذمة المالية للقاصر، قد تؤدي إلى إفراز صعوبة في تنزيل تلك النصوص من طرف القضاة، وحتى التعامل معها من قبل المهنيين وكل الجهات المتدخلة في عملية بيع عقار القاصر، مما يستوجب تدخل المشرع من أجل إعداد قانون جامع لكل المواد المنظمة للنيابة الشرعية والمعاملات المالية المرتبطة بها.

وفي ختام عرضها أكدت الطالبة الباحثة زينب طهار أن فتح ورش تعديل مدونة الأسرة بعد مرور زهاء 19 سنة على دخولها الى حيز التنفيذ، يعتبر مناسبة من أجل تحيين كل القوانين التي لها علاقة بالمصلحة الفضلى للطفل، خاصة ما يتعلق بالبيع القضائي لعقاراته، وهو ما يفرض القيام بالتعديلات اللازمة:

  • الارتقاء بأقسام قضاء الأسرة الى محاكم متخصصة، واحداث محاكم استئناف أسرية، دعما للتفرغ والتخصص خاصة لدى القضاة المكلفين بشؤون القاصرين؛
  • توحيد المقتضيات القانونية المتعلقة بالنيابة الشرعية المتفرقة بين بنود مدونة الأسرة وقانون الالتزامات والعقود من جهة، وبين هذين القانونين وباقي القوانين ذات الصلة من جهة أخرى ومن بينها القانون المنظم لنزع الملكية من أجل المنفعة العامة.
  • تقريب القضاء الى المتقاضين خاصة على مستوى المحاكم الإدارية بإحداث محكمة إدارية على مستوى كل دائرة استئنافية عادية، من أجل توفير الحماية القضائية للقاصر عندما يتعلق الأمر بنزع ملكية عقار مملوك له من أجل المنفعة العامة.
  • تحديد المسؤوليات بوضوح بخصوص الجهات المتدخلة في بيع عقار القاصر خاصة ما يتعلق بمسؤولية الولي ومسؤولية قاضي شؤون القاصرين، ومسؤولية الموثق.
  • تسريع وثيرة رقمنة الإجراءات القضائية في المجال المدني، وتعميم نشر الأحكام القضائية عموما والأحكام والقرارات القضائية المتعلقة بقضايا النيابة القانونية.

أشغال المناقشة استمرت لفترة تزيد عن ساعتين، حيث شهدت حضور ثلة من المسؤولين القضائيين بالمنطقة، إلى جانب عائلة الطالبة الباحثة، وزميلاتها وزملائها في الماستر بمختلف أفواجه، وقد قررت اللجنة بعد المداولة قبول الرسالة شكلا، وفي الموضوع منح الطالبة الباحثة زينب طهار نقطة 18/20، مع التوصية بالنشر.

قد يعجبك ايضا