اتفاقية برن وتأصيل الحماية القانونية للمصنفات الأدبية والفنية

المعلومة القانونية

*الطالب مصطفى أسوباي  ESSOUBAYE MOSTAPHA
طالب باحث بماستر المهن القانونية والقضائية جامعة عبد المالك السعدي طنجة

مقدمة

مما لا شك فيه أن الملكية الفكرية التي تبلور مفهومها وتحدد موضوعها في العصر الحديث، تعد أرقى وأسمى صور الملكية على الإطلاق إذ تخول صاحبها السلطات الثلاثة على نتاج الفكر والعقل في مجال الإبداع الذهني سواء الأدبية أو الفنية  في مجال حق المؤلف  والصناعية والتجارية في مجالا الاختراع والعلامات التجارية. وهي مصطلح قانوني في المقام الأول  يراد به في إنتاجه العلمي والأدبي والفني ليستفيد من ثماره وأثاره المادية والمعنوية.

وبالنظر إلى أهمية الملكية الفكرية على المفهوم السابق باعتبارها أساس قيام النهضة في المجتمعات المتقدمة، بل وأساس لحفز الإبداع والمبدعين ، وانسجاما مع  الطبيعة القانونية لثمار الذهن وقابليتها للانتشار في جميع أنحاء العالم، من حماية حقوق المؤلف داخل حدود موطنها الأصلي غير كافية، لذلك ووعيا من المجتمع بخطورة التأثيرات السلبية للاعتداءات على  حماية الإبداع وصيانة مكتسبات المبدعين، وأمام الحاجة الملحة إلى وضع قوانين وتشريعات تحمي تلك الحقوق والمصنفات من عبث القراصنة والمقلدين، ومن كل أنواع التعدي المادية والرمزية على حرمة الفكر والإبداع، لذلك برزت الحاجة إلى والضرورة إلى حماية المصنفات الأدبية والفنية  على الصعيد الدولي، والذي بدأ وجوده الطبيعي بإبرام اتفاقية برن(سويسرا) الخاصة بحماية المصنفات الأدبية والفنية 9شتنبر1886 وكملت في باريس1896، والتي أصبحت المرجعية القانونية لشتى النظم التي أخذت على عاتقها حماية الحقوق الأدبية والفنية بموجب تشريعات خاصة، وأضحت في الوقت ذاته  القاعدة المكملة لسائر التشريعات الدولية بدءا باتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة التي جاءت لتوحيد معايير الحماية الدولية ضمن سائر حقوق الملكية الفكرية، وليس من شك أن الصورة النهائية التي أصبحت عليها اتفاقية برن لم تصبح كما هو عليه الآن، وإنما خضعت إلى تعديلات أهمها تعديل  برلين1908، وكذا تعديل برن1914، ثم تله تعديل 1967 بروما، وفي بروكسيل سنة1948، وفي ستوكهولم1967 وأخيرا في باريس1971.[1]

 

وفي هذا الخضم تتجلى أهمية الموضوعفي اتصالها بالإبداع الفكري والثقافي  وهي من أهم الضرورات التي يفرضها العصر على المجتمعات التي تسعى إلى تحقيق النهضة بل وأساس لحفز الإبداع والمبدعين فيها.

وعلى هذا الأساس يمكن تحديد الإشكال الرئيسي لهذا الموضوع الذي نحن بصدد إلى أي استطاعت اتفاقية برن توفير الحماية القانونية اللازمة للمصنفات الأدبية والفنية؟

هذه الإشكالية تتفرع عنها مجموعة من التساؤلات لعل أهمها:

ماهي تجليات الحماية التي كرستها اتفاقية برن؟

وما هي أهم التدابير القانونية لحماية المصنفات الأدبية والفنية في ضوء اتفاقية برن

 

أما بالنسبة للمنهج المعتمد في هذا البحث،فيشكل المنهج التحليلي القاعدة الملائمة للدراسة الذي يصلح لتقرير القواعد النظرية التي كرستها هذه الاتفاقية، والذي أن تغيب فيه المقارنة من خلال استحضار موقف التشريعات الدولية والوطنية ذات الصلة بالموضوع الذي نحن بصدد تحليله، ولاسيما أنها شكلت المرجعية القانونية لشتى النظم التي أخذت على عاتقها حماية المصنفات الأدبية والفنية.

 

 

وللإجابة على الإشكاليات ارتأينا تقسيم الموضوع إلى مبحثين رئيسيين:

 

المبحث الأول: مظاهر حماية المصنفات الأدبية والفنية في ضوء اتفاقية برن

 

المبحث الثاني: التدابير القانونية لحماية المصنفات الأدبية والفنية في ضوء اتفاقية برن

 

 

 

 

 

 

المبحث الأول:مظاهر حماية المصنفات الأدبية والفنية في اتفاقية برن

تعتبر اتفاقية برن من برز الوثائق ذات الطابع الدولي في القرن19، لأنها أصبت المصدر للقوانين الوطنية، وقد شملت اتفاقية برن من خلال إطارها العام الذي جاءت فيه وكذا مضمون نصوصها أحكام عامة وأساسية جعلتها تتميز تساهم في بسط الحماية الدولية لحقوق الملكية الفكرية، فمن جهة ، أولت اتفاقية برن الاعتراف للحقوق الأدبية والفنية بالطبيعة القانونية الخاصة(المطلب الأول)، ومن جهة أخرى عملت على  وضع مجموعة من الأحكام الخاصة التي تطبق على كل حق من حقوق الملكية الفكرية حسب طبيعته( المطلب الثاني).

المطلب الأول: الاعتراف للحقوق الأدبية والفنية بالطبيعة القانونية الخاصة

ليس من شك أن الصورة النهائية لاتفاقية برن التي أضحت عليها لم تأت بالشكل الذي هو عليه الآن، وهو ما يحتم علينا ضرورة الوقوف عند سياق إبرام هذه الاتفاقية التي تشكل بحق مرجعية قانونية لسائر الدول(الفقرة الأولى)، فضلا عن المبادئ التي أرستها(الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: سياق إبرام اتفاقية برن لحماية المصنفات الأدبية والفنية

شكلت اتفاقية برن المرجعية القانونية لشتى النظم التي أخذت على عاتقها حماية الحقوق الأدبية والفنية بموجب تشريعات خاصة، وتعد هذه الاتفاقية أقدم اتفاقية متعددة الأطراف وتوفر أعلى مستوى من مستويات الحماية، وتتضمن مقتضيات جوهرية وردت على عدة مراحل متعاقبة وطورت ونقحت منذ توقيعها1908، ثم عدلت في باريس1986 وعدلت في برلين سنة 1908، ثم كملت في برن1914، ثم عدلت في روما سنة 1969، وفي بروكسيل سنة1948، وفي سوكهولم1967 وأخيرا في باريس1971[2].

وتبوأت هذه الاتفاقية السبق التاريخي والموضوعي في تأصيل الحماية القانونية للحقوق على الأعمال الأدبية والفنية، وأضحت القاعدة المستلهمة لسائر المصادر الدولية اللاحقة بدءا باتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة تريبس التي جاءت لتوحيد معايير الحماية الدولية ضمن سائر حقوق الملكية الفكرية بما فيها الحقوق على الأعمال الأدبية والفنية[3].

وتنقسم أحكام الاتفاقية، إلى قسمين، الأحكام الجوهرية أو الموضوعية التي تتمثل في مجموعة من القواعد الواجبة التطبيق بصورة موحدة توفر الحد الأدنى من الحماية، وعندما يكون التشريع الوطني لدولة عضو في الاتحاد قاصرا على بلوغ الحد الأدنى من الحماية المتفق عليها في الاتفاقية تحل أحكام الاتفاقية محل التشريع عن طريق الأحكام التنظيمية المشتركة[4].

أما قواعد الإحالة فهي تسعى لحل التنازع الذي ينشأ بين مختلف القواعد القانونية، عن طريق إحالة الأمر إلى النظام القانوني للبلد الذي تجري فيه المطالبة بالحماية، وتتمثل القواعد الإدارية والأحكام الختامية في الأجهزة التي يتكون منها اتحاد برن[5].

وتعتبر اتفاقية برن مفتوحة أمام الدول للانضمام إليها ولهذا فحسب الفقرة الأولى(أ) من المادة28 من الاتفاقية فإنه يجوز لكل دولة من دول الاتحاد الموقعة على هذه الوثيقة أن تصدق عليها.وإذا لم تكن قد وقعتها فبوسعها الانضمام إليها.  وتودع وثائق التصديق أو الانضمام لدى المدير العام[6].

والجدير بالذكر أن اتفاقية برن لم تدرج الحقوق المجاورة لحق المؤلف ضمن نصوصها، نظرا للاتجاه السائد آنذاك من حماية أصحاب تلك الحقوق، بموجب تشريعات المؤلف، لعم إضفاء طابع الابتكار عليهم[7].

الفقرة الثانية: المبادئ الأساسية لاتفاقية برن

إن من أبرز ما وفرته اتفاقية برن من تدابير خاصة اعتدت بها معظم التشريعات الوطنية أنها اعترفت للحقوق الأدبية والفنية بالطبيعة الخاصة، وتستند إلى ثلاث مبادئ أساسية و المتمثلة في:

  • مبدأ المعاملة الوطنية(تشبيه المصنفات الأجنبية بالمصنفات الوطنية)

مؤدى هذا المبدأ أن جميع المصنفات التي يتم إعدادها في دولة من دول الاتحاد بالحماية في بقية دول الاتحاد، وبنفس مستوى الحماية الممنوحة من تلك الدول لمصنفات مواطنيها[8] وذلك بصريح المادة الخامسة من اتفاقية برن التي تنص على أنه :” يتمع المؤلفون، في دول الاتحاد غير دولة منشأ المصنف، بالحقوق التي تخولها قوانين تلك الدول حاليا أو قد تخولها مستقبلا لرعاياها بالإضافة إلى الحقوق المقررة بصفة خاصة في هذه الاتفاقية، وذلك بالنسبة للمصنفات التي يتمتعون على أساسها بالحماية بمقتضى هذه الاتفاقية.”

وعليه فحماية المصنفات الأجنبية لأحكام نفسها التي تخضع لها المصنفات الوطنية، إلا فيما يخص بعض النقاط المحددة مثل مدة الحماية حيث ينطبق بصددها أسلوب المقارنة بين مدد الحماية[9].

  • مبدأ الحماية التلقائية

ومعناه أن المصنفات الأجنبية تحمى بشكل تلقائي بمجرد نسبتها إلى المؤلف ومن غير أن يتوقف ذلك على أي إجراء شكلي لتقرير التمتع بالحق أو حمايته[10] عملا بمقتضيات الفقرة الثانية من المادة الخامسة من اتفاقية برن[11] التي تنص على أنه:” لا يخضع التمتع أو ممارسة هذه الحقوق لأي إجراء شكلي، فهذا التمتع وهذه الممارسة مستقلان عن وجود الحماية في دولة منشأ المصنف.  تبعا لذلك، فإن نطاق الحماية وكذلك وسائل الطعن المقررة للمؤلف لحماية حقوقه يحكمها تشريع الدولة المطلوب توفير الحماية فيها دون سواه، وذلك بصرف النظر عن أحكام هذه  الاتفاقية.”

فالابتكار يشكل شرطا كافيا ووافيا لحمايته، فلا يؤخذ بعين الاعتبار مواصفات المصنفات أو القيام بإجراء شكلي آخر، وإن يرى بعض من الفقه أنه قد يكون من الأفضل إيداع المصنف لدواع تتعلق بالإثبات خصوصا أن مدعي التقليد عليه أن يثبت أسبقية عمله بالنسبة للعمل المقلد وقد يكون من الصعب عليه تحديد لحظة ابتكاره للعمل، وبالرغم من عدم تأثير الإيداع على الحماية القانونية للمصنفات المبتكرة، إلا أن التشريعات  حددت إجراءات له[12].

  • مبدأ استقلال الحماية

ومؤداه أن نطاق الحماية ووسائل الطعن المقررة لحق المؤلف يحكمها التشريع الوطني للدولة المطلوب توفير الحماية فيها دون سواها وبغض النظر عن أحكام هذه الاتفاقية[13]، وهذا ما أكدته الفقرة الثالثة من المادة السادسة من اتفاقية برن التي جاء فيها:”وسائل الطعن للمحافظة على الحقوق المقررة في هذه المادة يحددها تشريع الدولة المطلوب توفير الحماية فيها.”

 

المطلب الثاني: الأحكام الخاصة بحماية المصنفات الأدبية والفنية

أوردت اتفاقية برن أحكام خاصة لحماية المصنفات الأدبية والفنية، من خلال تحديدها للمصنفات المشمولة بالحماية والتي لا تخرج على نوعين رئيسيين(الفقرة الأولى)، فضلا على تناولها لحقوق المؤلف بالشيء من التفصيل والتي تتمحور في الحقوق المادية والمعنوية(الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: المصنفات المشمولة بالحماية

إن أهم ما وفرته اتفاقية برن من تدابير خاصة اعتدت بها معظم التشريعات الوطنية أنهاعمدت إلى تعداد المصنفات المشمولة بالحماية في المادة الثانية، والتي تقسم إلى مصنفات أصلية(أولا) وأخرى مشتقة(ثانيا).

أولا: المصنفات الأصلية

تعتبر الأعمال التي يبتكرها المؤلف مصنفات أصلية ومباشرة لأنه لم يتم اللجوء إلى إسقاطها من عمل سابق أو دون أن يكون مصدرها عملا فكريا سابقا أو مستندا إلى عناصر مما سبقه، وسنحاول توضيح حقيقة المقصود بكل نوع من أنواع هذا المصنفات التي أقرتها اتفاقية برن.

  • الكتب والكتيبات وغيرها من المصنفات المكتوبة

جمعت اتفاقية برن بين هذه المصنفات، وأوردتها في بند واحد تتسم به من وجود إطار مشترك بينهما[14]، وهو أن الكتابة هي وسيلة نقلها إلى الجمهور[15]، فاتفاقية برن تحمى المصنفات الكتابية تحمي المصنفات المكتوبة بمختلف مجالاتها سواء الأبية أو العلمية أو الفنية[16].

  • المحاضرات والمواعظ والأعمال الأخرى

ويقصد بها المصنفات التي جرى العرف على توجيهها شفويا إلى الجمهور بقصد التأثير فيهم كالمحاضرات[17] والخطابات[18] والمواعظ[19].

  • المصنفات المسرحية والمسرحيات الموسيقية

تمتد مظلة الحماية القانونية التي توفرها اتفاقية برن لتشمل المصنفات المسرحية والمسرحيات الموسيفية، والتي هي شكل من أشكال الفن التي تؤدى أمام الجمهور، ويترجم فيه الممثلون نصا مكتوبا إلى عرض تمثيلي على خشبة المسرح[20].

  • المصنفات المؤدية بحركات أو خطوات فنية والتمثيليات الإيمائية

تشمل الحماية بموجب اتفاقية برن المصنفات الموسيقية، سواء المقترنة بالألفاظ كالأغاني والأناشيد والأعمال الأوبرية والتواشيح الدينية المصحوبة بموسيقى، أو غير المقترنة بالألفاظ، كالسيمفونيات والموسيقى التصويرية المصاحبة للأعمال الدرامية[21].

  • مصنفات الرسوم والنحت والطباعة

تتمتع مصنفات الفنون الجميلة، ممثلة في الرسم والنحت أو الطباعة أو غيرها بالحماية القانونية باعتبارها مصنفات أدبية بمعنى المادة الأولى من اتفاقية برن.

  • المصنفات الفوتوغرافية والمصنفات الأخرى المعبر عنها بأسلوب مماثل

يقصد المصنفات الفوتوغرافية صورة أشياء حقيقية منتجة على سطح سريع التأثر بالضوء أو أي إشعاع آخر، أو بتعبير أدق فالمصنفات الفوتوغرافية هي كل تسجيل للضوء أو إشعاع أخر على دعامة، ينتج أو يمكن إنتاج صورة منه، أيا كانت التقنية التي أنجز بها[22].

أما المقصود بما يماثل المصنفات الفوتوغرافية، فهي تلك الأعمال التي يستخدم فيها أسلوب مشابه للتصوير الفوتوغرافي، كما هو الحال بالنسبة للصور المنقولة من خلال شاشات التليفزيون أو عن طريق برامج الحاسوب أو شبكة الانترنت والتي يكون لها ما للمصنف الفوتوغرافي من تأثير بصري[23].

  • مصنفات الفنون التطبيقية والتشكيلية

يقصد بمصنفات الفن التطبيقي والتشكيلي مختلف الأعمال والنقوش والزخارف والتلوينات، المطبقة تطبيقا عمليا لتخرج في النهاية في شكل مادي مجسم، كالأواني المزخرفة والأدوات المنقوشة، وكل ما يقتضي مهارة فنية ويتميز بطابع أصيل[24]

  • الصور التوضيحية والخرائط الجغرافية والتصميمات والرسومات التخطيطية المصنفات المجسمة المتعلقة بالجغرافيا أو الطبوغرافيا أو العمارة أو العلوم

تمتد الحماية لتشمل مختلف الابتكارات التي يكون الهدف منها زخرفة المصنفات المكتوبة أو توضيح محتواها، وكذلك تتمتع بالحماية وفقا لأحكام اتفاقية برن الرسوم التخطيطية والمصنفات المتعلقة بالجغرافيا أو الطبوغرافية أو التصميمات المعمارية.

ثانيا: المصنفات المشتقة

المصنف المشتق[25] هو كل مصنف يوضع بالاستناد إلى مصنف آخر سابق له، إذ إنه يستعير بعض العناصر من مصنف سابق بعد أن يتم تحويلها في عمل جديد، كترجمات الأعمال وتكييفها لفن من الفنون وإعادة التوزيع الموسيقي ومجموعات الأعمال[26]، وقد نصت اتفاقية برن في المادة الثانية الفقرة الثالثة على الحماية القانونية لهذه الفئة من الأعمال من خلال تنصيصها على أنه:” تتمع الترجمات والتحويرات والتعديلات الموسيقية وما يجرى على المصنف الأدبى أو الفني من تحويلات أخرى بنفس الحماية التى تتمتع بها المصنفات الأصلية وذلك دون المساس بحقوق مؤلف المصنف الأصلي”

وانطلاقا من ذلك، فإننا سنتطرق لنوعين من المصنفات المشتقة فقط وهي:

  • ترجمات المصنفات

إن الترجمة علم قائم بحد ذاته توجب على المترجم إتقان اللغة وبذل الجهد لكي يأتي العمل معبرا عن نفس المعنى للمصنف الأصلي، و يندرج هذا الصنف ضمن الحقوق المالية التي تعود لصاحب حق المؤلف، وبالتالي فإن ترجمة أي مصنف توجب الاستحصال على إذن من مؤلفه، ما لم يكن ذلك المصنف قد دخل في الملك العام، والمصنف نتاج الترجمة يعتبر عملا محميا بصفته مصنفا أدبيا طالما كان مبتكرا[27].

  • المختارات ومجموعات الأعمال

جاء في الفقرة الخامسة من المادة الثانية على أن:” تتمتع مجموعات  المصنفات الأدبية أو الفنية لدوائر المعارف والمختارات الأدبية التي تعتبر ابتكارا فكريا، بسبب اختيار وترتيب محتوياتها، بالحماية بهذه الصفة وذلك دون المساس بحقوق المؤلفين فيما يختص بكل مصنف يشكل جزءا من هذه المجموعات.”

وعليه فعمل المؤلف في هذا النوع من المصنفات المشمولة بالحماية يقتصر فقط على تحديد مضمونها  واختياره من مصنفات قد يتم اختيارها إما من أعمال مؤلفين مختلفين أو من أعمال مؤلف واحد.[28]

 

 

الفقرة الثالثة: مضمون حق المؤلف

إن المصنفات التي تستوفي شرط الإبداع هي وحدها تستوجب الحماية، ويتمتع المؤلف إذا عليها بحقوق معنوية أو أدبية وحقوق مالية أو اقتصادية كما يسميها بعض الفقه، وهو ما ترجمته اتفاقية برن حينما فصلت بين هذين الحقين ووضعت المعايير التي تكفل التمييز بينهما.

على هذا التوجه، سنحاول معالجة كلا الحقين بشكل وجيز:

أولا: الحقوق الأدبية

الحق الأدبي هو عبارة عن مجموعة من الصلاحيات الامتيازات التي يستأثر بها المؤلف المبتكر للدفاع عن شخصيته التي تجلت في المصنف الذي ابتكره، هذه الحقوق التي تعتبر من الحقوق الشخصية التي لا يمكن الحديث عنها إلا إذا كان هماك مصنف مبتكرا[29]، وتترتب عن هذا الحق عدة حقوق فرعية والتي تمثل امتيازات وسلطات يمكن للمؤلف من حماية شخصيته التي يعبر عنها إنتاجه الذهني، وكرست اتفاقية برن هذا الحق اللصيق بشخصية في المادة السادسة مكررة التي جاء فيها:” بغض النظر عن الحقوق المالية للمؤلف، بل وحتى بعد انتقال هذه الحقوق، فإن المؤلف يحتفظ بالحق في المطالبة بنسبة المصنف إليه، وبالاعتراض على كل تحريف أو تشويه أو أي تعديل آخر لهذا المصنف أو كل مساس آخر بذات المصنف يكون ضارا بشرفه أو بسمعته.”

إلا انه رغم كون اتفاقية برن تشكل أولى الأسس التشريعية على المستوى الدولي، التي بسطت الحماية القانونية للحقوق الأدبية والفنية، واعترفت منذ بدايتها بالطبيعة الخاصة للحقوق الأدبية إعمالا للأهمية التي تحظى بها، فقد بدا مستهجنا مخالفتها للقواعد الأصولية لدى مختلف فقه القانون نحو تأقيت الحماية القانونية للحقوق الأدبية على الأعمال المحمية[30] من خلا تنصيصها في الفقرة الثانية من المادة السادسة على أنه:” الحقوق الممنوحة للمؤلف بمقتضى الفقرة (1) السابقة تظل محفوظة بعد وفاته، وذلك على الأقل إلى حين انقضاء الحقوق المالية، ويمارس هذه الحقوق الأشخاص أو الهيئات المصرح لها من قبل تشريع الدولة المطلوب توفير الحماية فيها. ومع ذلك، فإن الدول التي لا يتضمن تشريعها المعمول به، عند التصديق على هذه الاتفاقية أو الانضمام إليها، نصوصا تكفل الحماية بعد وفاة المؤلف لكل الحقول المنصوص عليها في الفقرة السابقة، يكون لها الحق في النص على أن بعض هذه الحقوق لا يحتفظ بها بعد وفاة مؤلف.”

خلاف ما ذهبت إليه اتفاقية برن للمصنفات الأدبية والفنية والتي اعتبرت بموجب المادة السادسة مكررة أن الحقوق المعنوية ليست حقا مؤبدا وأنه يعود لكل دولة أن تحدد مدة حماية الحق، فإن معظم التشريعات[31] أقرت للمؤلف الحقوق المعنوية باعتبارها جزء لا يتجزأ من شخصية المؤلف وجعلتها مستمرة لا تسقط بمرور الزمن ولا يجوز التصرف أو الحجز عليها، إنما يجوز انتقال تلك الحقوق إلى الغير عن طرق الوصية أو قوانين الإرث[32].

وعموما تتفرع عن الحق الأدبي مجموعة من الحقوق الفرعية، والتي تمثل امتيازات امكن المؤلف من حماية شخصيته التي يعبر عنها إنتاجه الذهني والتي قسمت إلى حقوق سلبية(أ) وحقوق إيجابية(ب).

أقرت اتفاقية برن حقوقا سلبية للمؤلف يمكن إجمالها فيما يلي:

  • حق الأبوة Droit De Paternité

نصت المادة السادسة مكررة من اتفاقية برن على أن المؤلف:”…يحتفظ بالحق في المطالبة بنسبة المصنف إليه، …” وعليه فهذه الاتفاقية اعترفت للمؤلف بحقه في في نسبة مصنفه إليه، أو ما يعرف في الأوساط الفقهية بالحق في الأبوة، ومضمون هذا الحق أن للمؤلف التمسك بالاعتراف بأن مصنفه الذي أبدعه هو من نتاج فكره، كذلك حق في أن يصل مصنفه إلى الجمهور حاملا اسمه ولقبه ومؤهلاته العلمية، كما أن له الحق في أن يتم الإعلان عن اسمه عند الاقتباس من مصنفاته أدبية كانت أو فنية أو علمية، فضلا عن حقه في إتاحة مصنفه للجمهور بدون أن يحمل أي اسم على الإطلاق أو تحت اسم مستعار، وفي منع الغير من طرح مصنفاته تحت اسم آخر[33].

  • الحق في احترام المصنف

إذا كان الحق في احترام المصنف ملازم للحق في إشهار المصنف، فإذا كان هذا الأخير يعكس حكما شخصية المؤلف الذي له أن يحدد الوقت المناسب لإشهار عمله، فإن له الحق بالإضافة إلى ذلك في أن يصل مصنفه إلى الجمهور وفقا للصورة التي أرادها ودون أي تشويه أو تغيير وإلا امتنع عن إشهار المصنف[34].

  • الحق في سحب المصنف من التداول

يحدث في كثير من الأحيان أن يقرر المؤلف بإتاحة مصنفه للجمهور للحكم عليه ويقوم بطرحه للتداول فعلا، عن طريق التعاقد بين ناشر أو منتج معين تنتقل إليه حقوق استغلال المالي، ثم يشعر من بعد ظهور المصنف وتداوله بين أفراد المجتمع أن أفكاره التي عبر عنها قد تغيرت ولم يعد مصنفه مطابقا لأرائه ومعتقداته، فيقوم بإجراء تعديلاته عليه سواء بإضافة بعض الأفكار أو حذف بعضها، أو يقوم بسحب المصنف من التداول نظرا لما يترتب على استمرار تداوله من إساءة إلى سمعته ومكانته الأدبية وذلك كله بإرادته المنفردة[35].

 

ثانيا: الحق المالي للمؤلف

أقرت اتفاقية برن للمؤلف بحقوق مالية إلى جانب الحقوق الأدبية، بمقتضاها يكون للمؤلف حق استثمار مصنفه، والحصول على مقابل من وراء نشره أو إذاعته أو استنساخه والسماح باستعماله، وقوام هذا الحق أنه يتضمن عنصرا ماليا يفيد المؤلف فيما يدره عليه استغلال الإنتاج الأدبي أو الفني من لأرباح مادية أو خيرا اقتصادية[36].

وخولت هذه الاتفاقية لصاحب المؤلف الحق الاستئثاري  في استغلال مصنفه، وذكرت على سبيل المثال ما يشتمل عليه هذا الجانب من جوانب الملكية الفكرية من حقوق والتي تتمثل في:

  • حق الترجمة وحق إعادة النشر واستنساخ المصنف

إن ترجمة العمل إلى أي لغة أخرى هو حق من الحقوق المالية التي تعود لصاحب حق المؤلف ، وبالتالي فإن ترجمة أي مصنف توجب الاستحصال على إذن من مؤلفه، ما لم ذلك المصنف قد دخل في الملك العام، والمصنف نتاج الترجمة يعتبر عملا محميا بصفته مصنفا أدبيا طالما كان مبتكرا وذلك بصريح المادة8 من اتفاقية برن التي جاء فيها :” يتمتع مؤلفو المصنفات الأدبية والفنية الذين تحميهم هذه الاتفاقية بحق اشتئثاري في ترجمة أو الصريح بترجمة مصنفاتهم طوال مدة حماية ما لهم من حقوق في المصنفات الأصلية.”

كما يعود لصاحب حق المؤلف الحق في نسخ[37] وطبع وتسجيل وتصوير العمل بجميع    الوسائل المتوفرة بما فيها التصوير الفوتوغرافي أو السينمائي أو على أشرطة الفيديو والأسطوانات والأقراص المدمجة مهما كان نوعها أو بأي طريقة أخرى كما تؤكد على ذلك المادة التاسعة:”يتمتع مؤلفو المصنفات الأدبية والفنية الذين تحميهم هذه الاتفاقية بحق استئثاري في التصريح بعمل نسخ من هذه المصنفات بأية طريقة وبأي شكل كان.”

  • الحق في الأداء العلني والتأجير والتوزيع

الحق في نقل المصنف إلى الجمهور يتمثل في وضع المصنف إلى الجمهور إما بصورة مباشرة[38] من خلال الأداء العلني وإما بصورة غير مباشرة[39] من خلال أجهزة الإرسالن ويجد هذا الحق اساسه في المادة 11/1:” …بتمثيل مصنفاتهم وأدائها علنا بما في ذلك التمثيل والأداء العلني بكل الوسائل أو الطرق.”

علاوة على ذلك فللمؤلف كامل الحق في توزيع وتأجير وإعارة مصنفه، ومعناه أن يكون للمؤلف الحق في المشاركة في عائد استغلال مصنفه من عمليات التأجير[40].

 

المبحث الثاني: التدابير القانونية لحماية المصنفات الأدبية والفنية في ضوء اتفاقية برن

إن صيانة حقوق المبدعين لا يتأتى من خلال تكريس هذه الحقوق فقط ، بل لا بد من سن إجراءات قانونية لفض النزاعات عن طريق تخويل القضاء صلاحيات إنهاء الاعتداءات التي قد حقوق المؤلفين(المطلب الثاني)، لكن قبل ذلك ارتأينا تحديد نطاق تطبيق اتفاقية برن ومدة الحماية(المطلب الأول).

المطلب الأول: نطاق تطبيق اتفاقية برن

حددت اتفاقية برن نطاق تطبيق أحكامها من حيث الأشخاص(الفقرة الأولى) ومن حيث الزمان(الفقرة الثانية)، فضلا عن تحديدها مدة حماية المصنفات الأدبية والفنية(الفقرة الثالثة).

الفقرة الأولى: من حيث الأشخاص

لمعرفة النطاق الشخصي للحماية التي توفرها اتفاقية برن، لا بد من بيان المقصود بالمؤلف الذي يحمى قانونا، بحيث لا يمكن لأي شخص أن يدعي بأنه مؤلف، ما لم ينطبق عليه صفة المؤلف وأن تتوفر فيه صفات تدل على أنه قد ابتكر أو أبدع شيئا معينا أو مصنفا وكان هذا المصنف نتاج ذهنه وأصيلا حتى يتمتع بالحماية القانونية.

وقد تعددت التعريفات التي أعطيت[41]، فمنهم من قال بأنه:” الذي ابتكر الأثر الفني محل الحق.”[42] في حين عرفه البعض الأخر بأنه كل من ينتج إنتاجا ذهنيا أو فكريا أيا كان نوعه وأيا كانت طريقة التعبير عنه أو أهميته أو الغرض منه مادام الإنتاج ينطوي على قدر معين من الاتبكار[43].

ويتخذ التأليف صورا متعددة، فقد يكون مصنفا منفردا، فقد يكون مصنفا منفردا بحيث يكون المؤلف الملك الأصلي للمصنف، أو يكون مشتركا بين عدد من المؤلفين ويسمى بالمصنف المشترك، وقد يعملون تحت إشراف وإدارة شخص طبيعي أو معنوي، حال المصنفات الجماعية.

فبالنسبة للمصنف المشترك[44] فهو الذي ساهم في ابتكاره أكثر من مؤلف، سواء أمكن فصل مساهمة كل منهم فيه أو لم يمكن، والذي لا يندرج ضمن المصنفات الجماعية،[45] وعليه فالمصنف المشترك يوجب أن يكون هناك إلهام مشترك بين المؤلفين، الأمر الذي يحكم وجود علاقة وثيقة بالتعاون بين الشركاء بالتأليف على أساس التنسيق والتشاور في المشاركة وتحديد المهام والمساهمات المطلوبة من كل منهم، وبصرف النظر عما إذا كانت مساهمات الشركاء بالتأليف تتقدم بنفس الوتيرة أم بصورة متعاقبة، يكفي أن يكون الاتفاق عليها بالتشاور، ذلك أن المساهمات الفردية لكل من المؤلفين من شأنها أن تؤدي إلى إنجاز العمل المشترك[46] .

إلى جانب المصنف الذي يقوم بتأليفه شخص بمفرده، توجد المصنفات الجماعية[47]Œuvre collective  التي هي من إنجاز مجموعة من المؤلفين بإيعاز من شخص ذاتي أو معنوي يتولى نشره على مسؤوليته وباسمه، وتكون المشاركة الشخصية لمختلف المؤلفين المسهمين في إبداع المصنف ذاتية في مجموع المصنف من غير أن يتأتى تمييز مختلف الإسهامات وتحديد أصحابها[48].

علاوة على هذه المصنفات، هناك العديد من المصنفات التي تبتكر في علاقة عمل، حيث يبتكر الأجراء المرتبطون بعقود عمل فردية مصنفات محمية في عرض عملهم

وتأسيسا على ما سبق فإن أحكام اتفاقية برن تسري وكما تقضي بذلك الفقرة الأولى من المادة الثالثة على:

أ- المؤلفين من رعايا إحدى دول الاتحاد عن مصنفاتهم سواء كانت منشورة أم لم تكن.

ب- المؤلفين من غير رعايا إحدى دول الاتحاد، عن مصنفاتهم التي تنشر لأول مرة في إحدى دول الاتحاد أو في آن واحد في دولة خارج الاتحاد وفي إحدى دول الاتحاد.

وعليه يتمع المؤلفون، في دول الاتحاد غير دولة منشأ المصنف، بالحقوق التي تخولها قوانين تلك الدول حاليا أو قد تخولها مستقبلا لرعاياها بالإضافة إلى الحقوق المقررة بصفة خاصة في هذه الاتفاقية، وذلك بالنسبة للمصنفات التي يتمتعون على أساسها بالحماية بمقتضى هذه الاتفاقية.ولا يخضع التمتع أو ممارسة هذه الحقوق لأي إجراء شكلي، فهذا التمتع وهذه الممارسة مستقلان عن وجود الحماية في دولة منشأ المصنف[49].

الفقرة الثانية:  من حيث الزمان

أخذت اتفاقية برن بخصوص المصنفات التي تشملها الحماية المقررة بمقتضى بقاعدة الأثر الفوري المباشر وذلك بصريح المادة 18 منها والتي تنص على أنه:”

تسري هذه الاتفاقية على كل المصنفات التي لا تكون، عند دخول هذه الاتفاقية حيز التنفيذ، قد سقطت بعد في الملك العام لدولة المنشأ بانقضاء مدة الحماية

ومع ذلك، إذا سقط أحد المصنفات في الملك العام في الدولة المطلوب توفير الحماية فيها، نتيجة انقضاء مدة الحماية السابق منحها له، فإن هذا المصنف لا يتمتع فيها بالحماية من جديد.

يجري تطبيق هذا المبدأ وفقا للأحكام التي تتضمنها الاتفاقيات الخاصة المعقودة أو التي قد تعقد لهذا الغرض فيما بين دول الاتحاد.  وفي حالة عدم وجود مثل هذه الأحكام، تحدد الدول المعنية، كل فيما يخصها، الشروط الخاصة بتطبيق هذا المبدأ

تنطبق الأحكام السابقة أيضا في حالة انضمام دول جديدة إلى الاتحاد وكذلك في الحالة التي تمتد فيها الحماية بالتطبيق للمادة 7 أو بسبب التنازل عن التحفظات”

 

الفقرة الثالثة: مدة الحماية للحقوق

من المعلوم أن المؤلف إذا علم أن مصنفه سوف يتمتع بالحماية القانونية لفترة زمنية محددة، سوف يكد ويجتهد لإنتاج مصنفات كثيرة، من أجل المساهمة في إثراء وتنمية الجانب الثقافي  داخل حدود وطنه. ومن ثم انعقد الإجماع على ضرورة تحديد مدة زمنية لحماية حقوق المؤلف وحقوقه المجاورة[50] الأمر الذي ترتب عنه ظهور العديد من الاتجاهات التي يمكن على ضوئها تحديد مدة لسريان هذا الحق، ومن الأمور التي أجمع عليها معظم الفقه أن الحقوق الأدبية والمالية يجب أن تدوم طوال مدة حياة المؤلف مهما امتد به العمر كتعويض عادل يكافئ جهده الذهني ويمثل حافزا له[51]، إلا أن النقاش اختلف حول مدة حماية الحقوق الأدبية بعد وفاة المؤلف، بين قائل بانقضائها بوفاة المؤلف أو لمدة محددة بعد وفاته، وبين من يرى أن هذا النوع من الحقوق لا يسقط بالتقادم أو بمضي المدة ويمثل هذا الاتجاه العلامة الفرنسي “كانط” الذي يعتبر أول فقيه اعترف بعدم قابلية الحق الأبي للتقادم حي ثخول الورثة بل وأفراد المجتمع الحق في الدفاع عن المصنف بعد وفاة المؤلف[52].

إلا أن اتفاقية برن وإن شكلت  أولى الأسس التشريعية على المستوى الدولي التي وفرت الحماية القانونية للحقوق الأدبية والفنية، واعترفت بالطبيعة الخاصة للحقوق الأدبية إعمالا للأهمية التي تحظى بها تلك الحقوق وانسجاما مع طبيعة الحقوق الأدبية والفنية، فقد اتجهت نحو تأقيت الحماية القانونية للحقوق الأدبية على الأعمال المحمية، وتتوج الفقرة الثانية من المادة السادسة مكررة من هذه الاتفاقية هذا المقتضى حين ذهبت إلى القول:” الحقوق الممنوحة للمؤلف بمقتضى الفقرة (1) السابقة تظل محفوظة بعد وفاته، وذلك على الأقل إلى حين انقضاء الحقوق المالية، ويمارس هذه الحقوق الأشخاص أو الهيئات المصرح لها من قبل تشريع الدولة المطلوب توفير الحماية فيها. ومع ذلك، فإن الدول التي لا يتضمن تشريعها المعمول به، عند التصديق على هذه الاتفاقية أو الانضمام إليها، نصوصا تكفل الحماية بعد وفاة المؤلف لكل الحقول المنصوص عليها في الفقرة السابقة، يكون لها الحق في النص على أن بعض هذه الحقوق لا يحتفظ بها بعد وفاة مؤلف.”

وخلافا للحقوق المعنوية التي تتمتع بحماية أبدية ولا تسقط بمرور الزمن، فإن الحقوق المالية لها طابع مؤقت، إذ أنها تسقط بعد انقضاء مدة زمنية على وفاة المؤلف، فهذا الأخير له وحده الحق في استغلال العمل ماديا ويستفيد من هذا الحق ورثته من بعده لمدة معينة ومن ثم يدخل المصنف في الملك العام ويصبح بإمكان أي شخص استعماله دون أن يكون ملزما بأي شيء. إن الطابع المؤقت لهذا النوع من الحقوق تبرره الضرورات العملية، إذ أنه لو كانت تلك الحقوق أبدية، لتعطلت عملية استغلالها في ظل الأعداد الكبيرة للورثة التي تتكاثر عبر الأجيال، ذلك أنه من المتعذر حصرهم وقد يكون من المستحيل الاستحصال على موافقتهم جميعا من أجل استغلال المصنف، من هنا كان من الضروري ربط حماية الحقوق المالية على المصنف بمدة زمنية معينة، أن الطابع المؤقت للحقوق المالية يجد مبرره في الطبيعة التقنية لبعض المصنفات التي تصبح بعد فترة من الزمن غير ذات فعالية ولا قيمة لها[53].

على هذا المنوال سارت اتفاقية برن التي حددت مدة حماية المصنفات المشمولة بالحماية بوجه عام، حيث تبقى قائمة طيلة حياة المؤلف مضافا إليها مدة زمنية تلي وفاته وهي خمسين سنة بعد وفاته وذلك بصريح الفقرة الأولى من المادة السابعة التي تنص على أن:” مدة الحماية التي تمنحها هذه الاتفاقية تشمل مدة حياة المؤلف وخمسين سنة بعد وفاته.”

هذا إن مدة الحماية المقررة للحقوق المالية تختلف أيضا باختلاف طبيعة العمل،فبالنسبة للمصنفات السينمائية يكون لدول الاتحاد الحق في أن تنص على أن مدة الحماية تنتهي بمضي خمسين عاما على وضع المصنف في متناول الجمهور بموافقة المؤلف، وفي حالة عدم تحقق مثل هذا الحدث خلال خمسين عاما من تاريخ انجاز مثل هذا المصنف، فإن مدة الحماية تنقضي بمضي خمسين عاما على هذا الانجاز.

أما بالنسبة للمصنفات التي لا تحمل اسم المؤلف أو تحمل اسما مستعارا، فإن مدة الحماية التي تمنحها هذه الاتفاقية تنتهي بمضي خمسين سنة على وضع المصنف في متناول الجمهور بطريقة مشروعة.  ومع ذلك، إذا كان الاسم المستعار الذي يتخذه المؤلف لا يدع أي مجال للشك في تحديد شخصيته فإن مدة الحماية تكون هي المنصوص عليها في الفقرة (1). وإذا كشف مؤلف مصنف يعوزه اسم المؤلف أو يحمل اسما مستعارا عن شخصيته خلال المدة المذكورة أعلاه، تكون مدة سريان الحماية هي المدة المنصوص عليها في الفقرة (1). ولا تلتزم دول الاتحاد بحماية المصنفات التي لا تحمل اسم مؤلفها أو تحمل اسما مستعارا إذا كان هناك سببا معقولا لافتراض أن مؤلفها قد توفي منذ خمسين سنة.

في حين حددت اتفاقية برن مدة الحماية بالنسبة لمصنفات التصوير الفوتوغرافي ومصنفات الفنون التطبيقية فتختص تشريعات دول الاتحاد بحق تحديد مدة حماية مصنفات التصوير الفوتوغرافي ومصنفات الفن التطبيقي بالقدر الذي تتمتع فيه بالحماية كمصنفات فنية.  ومع ذلك فإن هذه المدة لا يمكن أن تقل عن خمس وعشرين سنة تبدأ من تاريخ انجاز مثل هذا المصنف

المطلب الثاني: الحماية القضائية

من التدابير المهمة التي  أرستها اتفاقية برن لحماية المصنفات الأدبية والفنية أنها خولت للمؤلفين إمكانية اللجوء إلى القضاء للدفاع عن مصنفاتهم المحمية(الفقرة الأولى)، وذلك من أجل زجر كل اعتداء أو مس غير مشروع بحق المؤلف(الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: شروط المطالبة بالحماية القضائية

إن استخدام أي مصنف أو عمل مشمول بالحماية بصورة مشروعة هو اعتداء على حقوق المؤلف، ولكي تكون حقوق هذا الأخير محل حماية لا بد من توافر شروط وهي:

أولا:أن يكون المصنف محميا

إن المصنفات المحمية هي حكما من إبداعات العقل البشري، لذا لابد من توفر شرط وحيد لكي يتمتع المصنف بالحماية، وهو أن يكون العمل مبتكرا، فالإبداع شرط أساسي وضروري لحماية أي مصنف أو عمل، أو وفقا لما يرى البعض انه يشكل الصبغة الوراثيةADN[54]، فبمجرد توفره يكتسب المصنف أو العمل الحماية ويتولد للمؤلف

ثانيا: أن لا يكون الاستعمال المعني قد تم إعمالا لقيد وارد على حقوق المؤلف

إذا كان المبدأ انه يعود لصاحب حق المؤلف وحده الحق الاستئتاري في استغلال العمل ماديا ولا يجوز للغير الحصول على نسخة من غير إذن المؤلف، إلا هذا الحق ليس مطلقا، إذ أن اتفاقية برن قد أوردت عدة استثناءات التي يحرم فيها  المؤلف من حق الاعتراض على انتفاع غيره بمصنفه، ولو كان ذلك بغير ترخيص منه كما هو الشأن بالنسبة:

  • الاستعمال لأغراض شخصية

تنص الفقرة الثانية من المادة العاشرة من اتفاقية برن على انه:”تختص تشريعات دول الاتحاد، والاتفاقات الخاصة المعقودة أو التي قد تعقد فيما بينها، وفي حدود ما يبرره الغرض المنشود، بإباحة استعمال المصنفات الأدبية أو الفنية على سبيل التوضيح للأغراض التعليمية وذلك عن طريق النشرات والإذاعات اللاسلكية والتسجيلات الصوتية أو البصرية بشرط أن يتفق مثل هذا الاستخدام وحسن الاستعمال.”

 

  • استعمال مقتطفات

يجوز لوسائل الإعلام من غير موافقة المؤلف ومن غير دفع أي تعويض له وضمن الحدود الإعلامية المتعارف عليها استعمال مقتطفات قصيرة من الأعمال التي ظهرت أو سمعت أثناء أحداث جارية ومن خلال وصف وسائل الإعلام لتلك الأحداث شرط ذكر اسم المؤلف والمصدر[55].

  • الاستنساخ لأغراض شخصية

تنص المادة التاسعة في فقرتها الثانية على أنه :” تختص تشريعات دول الاتحاد بحق السماح بعمل نسخ من هذه المصنفات في بعض الحالات الخاصة بشرط ألا يتعارض عمل مثل هذه النسخ مع الاستغلال العادي للمصنف وألا يسبب ضررا بغير مبرر للمصالح المشروعة للمؤلف.”

غير أن الاتفاقية أوجبت على دول الاتحاد التي تضع قيودا على حماية حقوق المؤلفين طبقا لأحكام هذه المادة، أن تخطر ذلك إلى المدير العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية (ويشار إليه فيما بعد باسم “المدير العام”) بموجب إعلان كتابي تحدد فيه الدول التي تقيد الحماية في مواجهتها وكذا القيود التي تخضع لها حقوق المؤلفين من رعايا هذه الدول.  ويقوم المدير العام بابلاغ هذا الإعلان في الحال إلى جميع دول الاتحاد[56].

ثالثا: الصفة

إذا كان للمؤلف وحده وفقا لأحكام اتفاقية برن الحق في أن ينسب إليه مصنفه وله حق استغلاله ماليه، فلا يجوز للغير مباشرة هذا الحق دون إذن مسبق منه أو ممن يخلفه، وله أن يتنازل عن حق الاستغلال لصالح المتنازل إليه فتنتقل الحماية إلى هذا الغير الذي أصبح مالكا للحقوق، ويمارس الدعوى المدنية بدلا من المؤلف بمقتضى عقد أو اتفاق التنازل بخصوص الجانب المالي، أما الحقوق المعنوية فلا يمكن مباشرتها من مالك الحقوق لأنها غير قابلة للتنازل، وتظل تمارس من طرف المؤلف أو من يخلفه باعتباره بحقوق لصيقة بالشخصية.

والواقع أن إثبات الصفة إجرائيا أمر ميسور في مجال الحقوق الأدبية والفنية، بحيث يكفي لإثبات صفة المؤلف، وهذا ما أكدته اتفاقية برن من خلال مقتضيات الفقرة الأولى من المادة15 منها:”لكي يعتبر أن لمؤلفي المصنفات الأدبية أو الفنية التي تحميها الاتفاقية الحالية هذه الصفة ويكون لهم بالتالي حق المثول أمام محاكم دول الاتحاد ومقاضاة من يمس بحقوقهم، يكفي أن يظهر اسم المؤلف على المصنف بالطريقة المعتادة، هذا ما لم يقم الدليل على عكس ذلك.  وتطبق هذه الفقرة حتى إذا كان الاسم مستعارا، متى كان الاسم المستعار الذي يتخذه المؤلف لا يدع مجالا لأي شك في تحديد شخصيته.

أما فيما يتعلق بالمصنفات السينمائية فيفترض أن الشخص الطبيعي أو الاعتباري الذي يظهر اسمه بالطريقة المعتادة على مصنف سينمائي هو المنتج لهذا المصنف، هذا ما لم يقم الدليل على عكس ذلك.

وفي حالة المصنفات التي لا تحمل اسم المؤلف أو التي تحمل اسما مستعارا، يفترض أن الناشر الذي يظهر اسمه على المصنف، وما لم يثبت عكس ذلك، بمثابة ممثل للمؤلف، وبهذه الصفة فإن له حق المحافظة على حقوق المؤلف والدفاع عنها.  ويوقف سريان حكم هذه الفقرة عندما يكشف المؤلف عن شخصيته وثبت صفته.

وأخيرا فبالنسبة للمصنفات غير المنشورة والتي تكون شخصية مؤلفها مجهولة، مع وجود كل ما يدعو إلى الاعتقاد بأنه من مواطني إحدى دول الاتحاد، فإن تشريع هذه الدولة يختص بحق تعيين السلطة المختصة التي تقوم بتمثيل المؤلف ويكون لها حق المحافظة على حقوقه والدفاع عنها في دول الاتحاد[57].

الفقرة الثانية: الحماية الجنائية

تتخذ صور التعدي أشكالا متعددة  ويأتي على رأسها جريمة التزوير واستيراد أو تصدير نسخ من دولة لا يتمتع فيها المصنف بالحماية أو تكون قد توقفت فيها حمايته، هاتين الصورتين اللتين تناولتهما اتفاقية برن في المادة 16 المعنونة بالمصنفات المزورة،

وتعتبر جريمة التقليد من أبرز الاعتداءات التي تشكل اعتداء على حقوق المؤلف، أما بالنسبة لتعريف هذه الجريمة فلم تضع هذه الاتفاقية تعريفا لجريمة التقليد لذلك اجتهد الفقه في تعريف هذه الأخيرة،حيث عرفها البعض بأنها:” كل اعتداء مباشر أو غير مباشر على حقوق التأليف في مصنفات الغير واجبة الحماية”[58]، في حين عرفها بعض الفقه الفرنسي بأنها كل اعتداء يقع على الملكية الأدبية والفنية، أو “هي كل تزييف يستهدف منه الفاعل إحلال نموذج مفتعل محل النسخة الأصلية، أو تقديم إنتاج الغير كما إنتاجا خاصا من غير إذن مؤلفه”[59]. وهناك أيضا من يعرفها بأنها:” نقل مصنف لم يسقط في الملك العام من غير إذن مؤلفه.”

وعليه ولقيام جريمة التقليد إذن يجب توافر ركنيين أساسيين هما:

  • الركن المادي

وهو الذي ينصب على تقليد وتزوير العمل الإبداعي ذاته، من خلال عمل نسخ من المصنف الإبداعي  الأصلي بدون وجه حق، وبدون خروج النسخة الأصلية من حيازة صاحب الحق عليها، فالركن المادي إذن لهذه الجريمة يتجلى في طبع او صنع الشيء المقلد، حتى وإن لم يتم تداوله، أي محاكاة الأصل، وضابط ذلك هو مدى التشابه بين النسخة الأصلية والنسخة المقلدة، وللسلطة المختصة السلطة التقديرية في في تقدير وجود هذا التشابه من عدمه، مع الأخذ بعين الاعتبار أن هناك شرطا ضمنيا لتحقق جريمة التقليد هو عدم موافقة صاحب الحق على هذا النسخ[60]

 

  • الركن المعنوي

يمتثل في القصد[61] العام يتضمن العلم بجانب الإرادة، والعلم هنا ينصرف إلى عناصر الواقعة المادية، أي يعلم الجاني بما يقوم به من فعل تقليد، أو أن يتعامل فيه هو أو تسجيل صوتي أو برنامج إذاعي مقلد.

من خلال استقراء مقتضيات الفقرة الأولى من المادة16 يتضح أن يتضح أن جميع النسخ التي تم نشرها بطرق غير قانونية كما في المادة3 من نفس الاتفاقية، يعتبر مساسا واعتداء على حق المؤلف، وأوكلت إلى الجهة المختصة بمصادرة جميع النسخ المتأتية من التقليد أو الاستغلال غير المشروع للمصنف المشمول بالحماية، وذلك بصريح المادة المشار إليها أعلاه والتي جاء فيها ما يلي :” تكون جميع النسخ غير المشروعة لمصنف محلا للمصادرة في دول الاتحاد التي يتمتع فيها المصنف الأصلي بالحماية القانونية”.

والمصادرة باعتبارها من العقوبات التكميلية أو الإضافية، تعني نزع ملكية الأشياء التي حصلت نتيجة لجنحة و جناية والغرض منها هو منع تداول الأشياء غير المشروعة[62]،تطبق هذه العقوبة أيضا على النسخ الواردة من دولة لا يتمتع فيها المصنف بالحماية أو تكون قد توقفت فيها حمايته،تجري المصادرة وفقا لتشريع كل دولة[63].

 

لائحة المراجع

 

إدريس الفاخوري، حقوق الملكية الفكرية في التشريع المغربي، طبعة2020.

بلال محمود عبد الله، حق المؤلف في القوانين العربية، المركز العربي للبحوث القانونية والثقافية بيروت، الطبعة الأولى2018.

سلوى جميل أحمد حسن، الحماية الجنائية للملكية الفكرية، مركز الدراسات العربية، الطبعة الأولى2016.

محمد سامي عبد الصادق، الوجيز في الملكية الفكرية، الطبعة الأولى2002.

محمد محبوبي، مظاهر حماية الملكية الفكرية في ضوء التشريع المغربي، مطبعة المعارف، الطبعة الأولى2015.

وداد العيدوني، الحماية القانونية للملكية الأدبية والفنية في التشريع المغربي والاتفاقيات الدولية، مطبعة سيلكي أخوين طنجة، الطبعة الثانية2019.

الأطاريح  والرسائل:

أحمد بوراوي، الحماية القانونية لحق المؤلف والحقوق المجاورة في التشريع الجزائري والاتفاقيات الدولية، أطروحة لنيل دكتوراه في القانون الخاص، كلية العلوم الحقوق والعلوم السياسية باتنة الجزائر،2014/2015.

عز الدين سليمان عبد الله، الحماية المدنية من الاعتداء على الحقوق المجاورة لحق المؤلف-دراسة مقارنة- رسالة الحصول على الماجستير في القانون الخاص، جامعة الشرق الأوسط عمان،2018/2019.

زايد صليحة زادية وردية، الحق الأدبي للمؤلف، مذكرة لنيل شهادة الماستر في الحقوق شعبة القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والعلوم السياسية عبد الرحمان ميرة بجاية الجزائر،2015/2016.

عبد الله بن مهيدي، الحماية الجزائية للمصنفات الرقمية، مذكرة تكميلية لنيل شهادة الماستر شعبة القانون الخاص، تخصص القانون الجنائي للأعمال، كلية العلوم القانونية والسياسية  أم البواقي ا[أبلأ][،2014/2015.

بوزيد صدام، حماية حقوق المؤلف على شبكة الانترنت، مذكرة لنيل شهادة الماستر في قانون الأعمال، كلية الحقوق والعلوم السياسية المسيلة الجزائر،2015/2016.

مقالات

سامر محمود الدلالعة، الإرهاصات القانونية لتداعيات تأقيت الحماية القانونية لحق المؤلف وفق أحكام اتفاقية برن لحماية المصنفات الأدبية والفنية- دراسة مقارنة- ، منشور على مكتبة اتحاد الإمارات.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

خاتمة

 

ختاما يمكن القول أن اتفاقية برن شكلت بحق المرجعية القانونية التي ساهمت في بسط الحماية الدولية لحقوق الملكية الفكرية من خلال اعترافها للحقوق الأدبية والفنية بالطبيعة الخاصة، ورغبة في صيانة حقوق المبدعين من كافة أنواع التعدي، لذلك تبوأت السبق التاريخي والموضوعي في تأصيل الحماية القانونية للحقوق على الأعمال الأدبية والفنية، وتأثيرها على البلدان الأعضاء، سيما حين انضمت هذه البلدان إلى اتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية تريبس ، وذلك من أجل استيفاء هذه البلدان متطلبات انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية، والتي أحالت بموجبها على اتفاقية برن باعتبار المواد من1 إلى21 جزء لا يتجزأ من اتفاقية تريبس.

وبالرغم من الدور البارز لهذه الاتفاقية ذات الطابع الدولي التي ساهمت في تكريس الحماية القانونية للمصنفات الأدبية والفنية، إلا أنه بدا مستنكرا مخالفتها للقواعد الأصولية لدى مختلف فقه القانون حين اتجهت إلى تأقيت الحماية القانونية للحقوق الأدبية على الأعمال المحمية سيما وان تأقيت الحماية القانونية في حد ذاته يتعارض مع مع الخصوصية التي سعت اتفاقية برن إلى اضفائها على الحقوق الأدبية التي تعتبر أحد جوانب الملكية الفكرية.

وهو ما يجعلنا نتساءل عن موقف اتفاقية تريبس من مسألة تأقيت الحماية القانونية للحق الأدبي؟

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الفهرس

 

ire

مقدمة 3

المبحث الأول: مظاهر حماية المصنفات الأدبية والفنية في اتفاقية برن. 5

المطلب الأول: الاعتراف للحقوق الأدبية والفنية بالطبيعة القانونية الخاصة 5

الفقرة الأولى: سياق إبرام اتفاقية برن لحماية المصنفات الأدبية والفنية 5

الفقرة الثانية: المبادئ الأساسية لاتفاقية برن. 6

المطلب الثاني: الأحكام الخاصة بحماية المصنفات الأدبية والفنية 8

الفقرة الأولى: المصنفات المشمولة بالحماية 8

الفقرة الثالثة: مضمون حق المؤلف.. 11

المبحث الثاني: التدابير القانونية لحماية المصنفات الأدبية والفنية في ضوء اتفاقية برن. 15

المطلب الأول: نطاق تطبيق اتفاقية برن. 15

الفقرة الأولى: من حيث الأشخاص… 16

الفقرة الثانية:  من حيث الزمان. 18

الفقرة الثالثة: مدة الحماية للحقوق. 18

المطلب الثاني: الحماية القضائية 20

الفقرة الأولى: شروط المطالبة بالحماية القضائية 20

الفقرة الثانية: الحماية الجنائية 22

لائحة المراجع. 24

خاتمة 26

الفهرس.. 28

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

[1]وداد العيدوني، الحماية القانونية للملكية الأدبية والفنية، مطبعة سيليكي الأخوين طنجة، الطبعة الثانية2019، ص28.

[2]وداد العيدوني،الحماية القانونية للملكية الأدبية والفنية في التشريع المغربي والاتفاقيات الدولية، مطبعة سيلكي أخوين طنجة، طبعة2019، ص28.

[3]أحمد بوراري، الحماية القانونية لحق المؤلف والحقوق المجاورة في التشريع الجزائري والاتفاقيات الدولية، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، كلية الحقوق والعلوم السياسية باتنة، ص311.

[4]أحمد بوراوي، الحماية القانونية لحق المؤلف والحقوق المجاورة في التشريع الجزائري والاتفاقيات الدولية، أطروحة مقدمة لنيل درجة دكتوراه في العلوم القانونية ،سنة2014/2015،ص315.

[5]أحمد بوراوي، الحماية القانونية لحق المؤلف والحقوق المجاورة في التشريع الجزائري والاتفاقيات الدولية، أطروحة مقدمة لنيل درجة دكتوراه في العلوم القانونية ،سنة2014/2015،ص316.ذ

 

[6]محمد محبوبي، مظاهر حماية الملكية الفكرية في ضوء التشريع المغربي،مطبعة المعارف الجديدة، الطبعة الأولى2015،ص44.

[7]محمد محبوبي، مرجع سابق، ص44

[8]وداد العيدوني، مرجع سابق، ص28.

[9]أحمد بوراوي، الحماية القانونية لحق المؤلف والحقوق المجاورة في التشريع الجزائري والاتفاقيات الدولية، أطروحة مقدمة لنيل درجة دكتوراه في العلوم القانونية ،سنة2014/2015،ص316.

 

[10]وداد العيدوني، مرجع سابق، ص29.

[11]اتفاقية برن لحماية المصنفات الأدبية والفنية، وثيقة باريس للمنظمة العالمية للملكية الفكرية، نص رسمي باللغة العربية(ويبو) جنيف1996-1998.

[12]محمود عبد الله، حق المؤلف في القوانين العربية، المركز العربي للبحوث القانونية والثقافية بيروت، الطبعة الأولى2018، ص60.

[13]وداد العيدوني، مرجع سابق، 29.

[14]محمد سامي عبد الصادق، الوجيز في حقوق الملكية الفكرية، بدون ذكر المطبعة القاهرة، طبعة2002، ص56.

[15]وداد العيدوني، مرجع سابق، ص91.

[16]محمد سامي عبد الصادق،مرجع سابق،  ص56.

[17]المحاضرات هي الأحاديث التي تلقى على مجموعة من الطلاب أو الأشخاص في فرع معين من فروع العلم أو المعرفة.

[18]الخطابات هي تلك الكلمات الملقاة علنا على جمع من الأفراد كخطب رجال السياسة.

[19]المواعظ فهي الأدعية والخطب الدينية التي تهدف إلى الارتقاء بالنفس البشرية والوصول بها إلى درجة الرفعة والكمال.

[20]وداد العيدوني، مرجع سابق، ص96.

[21]محمد سامي عبد الصادق، مرجع سابق، ص59.

[22]بلال محمود عبد الله، حق المؤلف في القوانين العربية، ص95.

[23]محمد سامي عبد الصادق، مرجع سابق، ص61.

[24]مرجع سابق، ص62.

[25]عرف المشرع المغربي المصنف المشتق بموجب الفقرة الخامسة من المادة الأولى من القانون رقم2.00 كما عدل وتمم بأنه:”هو كل إبداع جديد تم تصوره وإنتاجه انطلاقا من مصنف موجود من قبل أو مصنفات موجودة من قبل.”

[26]بلال محمود عبد الله، حق المؤلف في القوانين العربية، مرجع سابق، ص72.

[27]بلال محمود عبد الله، مرجع سابق،، ص75.

[28]

 

[29]بلال محمود عبد الله، مرجع سابق،ص164.

[30]سامر محمود الدلالعة، الإرهاصات القانونية لتداعيات تأقيت الحماية القانونية للحق الأدبي للمؤلف وفق أحكام اتفاقية برن لحماية المصنفات الأدبية-دراسة مقارنة-، بحث ص5.

[31] من ذلك المشرع المغربي الذي أكد في المادة التاسعة من قانون حق المؤلف والحقوق المجاورة رقم2.00 كما عدل وتمم على أنه:” إن مؤلف المصنف، بصرف النظر عن حقوقه المادية وحتى في حالة تخليه عنها، يمتلك الحق فيما يلي:

  • أن يطالب بانتساب مصنفه له، وبالخصوص أن يوضع اسمه على جميع نسخ هذا المصنف في حدود الإمكان وبالطريقة المألوفة ارتباطا مع كل استعمال عمومي لهذا المصنف؛
  • أن يبقى اسمه مجهولا أو أن يستعمل اسما مستعارا؛
  • أن يعترض على كل تحريف أو بتر أو أي تغيير لمصنفه أوكل مس به من شأنه أن يلحق ضررا بشرفه أو بسمعته.

 

[32]سامر محمود الدلالعة، مرجع سابق،  ص6.

[33]زايدي صليحة-زادية وردية، الحق الأدبي للمؤلف، مذكرة تخرج لنيل شهادة الماستر في الحقوق فرع القانون الخاص، كلية الحقوق والعلوم السياسية عبد الرحمان ميرة بجاية، السنة2015-2016، ص3ç

[34]بلال محمود عبد الله، مرجع سابق، ص176.

[35]عبدالله بن مهيدي، الحماية الجزائية للمصنفات الرقمية، مذكرة تكميلية لنيل شهادة الماستر شعبة الحقوق تخصص القانون الجنائي للأعمال، كلية العلوم القانونية والسياسية العربي بن مهيدي أم البواقي، ص22.

[36]محمد محبوبي، مظاهر حماية حقوق الملكية الفكرية في ضوء التشريع المغربي، مطبعة المعارف الجديدة، الطبعة الأولى2015، ص23.

[37]النسخ هو صنع نسخة أو أكثر من أي مصنف بأي طريقة أو بأي شكل كان بما في ذلك التسجيل الدائم أو المؤقت على أسطوانات او أشرطة أو أقراص أو ذاكرة إلكترونية.

[38]النقل المباشرcommunication direct هو الذي يتم في مواجهة الجمهور، فلا يوجد وسيط بينهما، كما هو حال الجمهور في مسرح لحضور عمل فني أو موسيقي أو مسرح، إذ يكون الجمهور في هذه الحالة على تماس وتفاعل مع الفنان المؤدي أو الفنانين المؤدي الموجودين على خشبة المسرح، فالنقل المباشر أو أداء العمل علنيا هو تنفيذ العمل عن طريق العرض أو العزف…

[39]أما النقل غير المباشر communication indirect فيتم من خلال وضع المصنف في متناول الجمهور بواسطة أجهزة الاتصال التي من شأنها أن تشكل وسيطا بينهم، وسواء كان ذلك من خلال الإرسال السلكي أو اللاسلكي وسواء كان ذلك عن طريق الموجات الهرتزية او ما شابها.

[40]وداد العيدوني، مرجع سابق، ص157.

[41]عرف المشرع المغربي المؤلف بمقتضى الفقرة الأولى من المادة الأولى:” هو الشخص الذاتي الذي أبدع المصنف ؛ وكل إشارة إلى الحقوق المادية للمؤلفين في هذا القانون حينما يكون المالك الأصلي لهذه الحقوق شخصا ذاتيا أو معنويا آخر غير المؤلف ، فهي تعني حقوق المالك الأصلي للحقوق.

[42]عز الدين خضير سلمان عبد الله، الحماية المدنية من الاعتداء على الحقوق المجاورة لحق المؤلف-دراسة مقارنة-، رسالة للحصول على الماجستير في القانون الخاص، جامعة الشرق الأوسط عمان2019، ص58.

[43]إدريس الفاخوري، حقوق الملكية الفكرية في التشريع المغربي، طبعة2020، ص37.

[44]عرف المشرع المغربي المصنف المشترك بمقتضى الفقرة الرابعة من المادة الأولى من القانون رقم2.00 كما عدل وتمم بأنه:” كل مصنف أسهم في إبداعه مؤلفان أو عدة مؤلفين.”

[45]بلال محمود عبد الله، مرجع سابق، ص142.

[46]بلال محمود عبد الله، مرجع سابق، ص145.

[47]عرف المشرع المغربي المصنف الجماعي بمقتض الفقرة السادسة من المادة الأولى:” كل مصنف جديد يدمج فيه مصنف موجود من قبل ، دون تعاون مع مؤلفه.”

 

[48]وداد العيدوني، مرجع سابق، ص83.

 

[49]الفقرة الأولى من المادة الخامسة من اتفاقية برن:” 1- يتمع المؤلفون، في دول الاتحاد غير دولة منشأ المصنف، بالحقوق التي تخولها قوانين تلك الدول حاليا أو قد تخولها مستقبلا لرعاياها بالإضافة إلى الحقوق المقررة بصفة خاصة في هذه الاتفاقية، وذلك بالنسبة للمصنفات التي يتمتعون على أساسها بالحماية بمقتضى هذه الاتفاقية.
2- لا يخضع التمتع أو ممارسة هذه الحقوق لأي إجراء شكلي، فهذا التمتع وهذه الممارسة مستقلان عن وجود الحماية في دولة منشأ المصنف.  تبعا لذلك، فإن نطاق الحماية وكذلك وسائل الطعن المقررة للمؤلف لحماية حقوقه يحكمها تشريع الدولة المطلوب توفير الحماية فيها دون سواه، وذلك بصرف النظر عن أحكام هذه  الاتفاقية..

[50]وداد العيدوني، مرجع سابق، ص184.

[51]أحمد بوواري، مرجع سابق، ص154.

[52]أحمد بورارري، مرجع سابق، ص193-194.

[53]بلال محمود عبد الله، مرجع سابق ،ص 183.

[54]محمود عبد الله، مرجع سابق، ص39.

[55]الفقرة من المادة العاشرة من اتفاقية برن:”يجب عند استعمال المصنفات طبقا للفقرتين السابقتين من هذه المادة ذكر المصدر واسم المؤلف إذا كان واردا به.”

[56]الفقرة الثالثة من المادة السادسة مكررة من اتفاقية برن.

[57] الفقرة الرابعة من المادة15 من  اتفاقية برن.

[58]بلال محمود عبد الله، مرجع سابق ، ص267.

[59]سلوى جميل أحمد حسن، الحماية الجنائية للملكية الفكرية،مركز الدراسات العربية، الطبعة الأولى2016، ص170.

[60]سلوى جميل أحمد حسن، مرجع سابق، ص171

[61]ذهبت محكمة النقض المصرية في قرارها الصادر1985/3/4، طعن رقم487 لسنة55 ق، مجموعة أحكام نقض الجنائية سنة36،مشار أوردته سلوى جميل أحمد حسن، مرجع سابق، ص1&8.

[62]بوزيد صدام،  حماية حقوق المؤلف على شبكة الانترنت، مذكرة لنيل شهادة الماستر في قانون الأعمال، كلية الحقوق والعلوم السياسية المسيلة، ص61.

[63]الفقرة الثالثة من المادة16 من اتفاقية برن..

قد يعجبك ايضا