مبارك الهرد: حقوق الإنسان بين الأديان والمواثيق الدولية

المعلومة القانونية

*مبارك الهرد

باحث في العلوم القانونية

يعتبر القانون الدولي مجموعة من القواعد القانونية التي تنظم العلاقات بين أشخاص القانون الدولي العام، في فترة السلم والحرب؛ فبعدما كان سابقا هذا القانون ينظم العلاقات الدولية، أصبح اليوم الإنسان من الأشخاص المعنيين بهذا القانون نظرا لما شاهده العالم من انتهاكات، وخروقات لحقوق الإنسان، بمختلف أنواعها وتجلياتها بسبب تصادم المصالح، وعدم قيامها على أسس إنسانية مما يطرح نوعا من التعقيد يحول دون احترام لهذه الحقوق.

فإذا كان القانون الدولي يفرض الزاميته على الفاعلين الدوليين، فهذا يعنى سيادته وقدرته على حماية حقوق الإنسان المنصوص عليها في مجموعة من المواثيق الدولية، والتي يتغن بها العالم في منابره، ويبحث عن توسيع لهذه الحقوق، والدفاع عنها بغية الوصول إلى مرحلة مثالية يحس فيها بني الإنسان أنه يتمتع بمجمل حقوقه، وبالتالي تحقق إنسانية عادلة.

فإذا كانت المواثيق الدولية هي المصدر الأساسي للقانون الدولي باعتبارها تجسد إرادة الدول التي قامت بإنشائها عن طريق التفاوض المفضي إلى المعاهدات، والاتفاقيات التي تلتزم بها بعد انشائها، أو انظمت إليها في مرحلة سريانها، هذا لا يعنى كون حقوق الإنسان غير موجودة قبل هذه المواثيق، بل جاءت بها الأديان السماوية، وحتى الوضعية. لكن هناك اختلافات في كيفية النظر إلى هذه الحقوق بين من وسع فيها وجعلها كونية من جهة،  وبين من ضيق في مفهومها، وجعلها معدومة من جهة أخرى.

فعموما المواثيق الدولية مصدرها إرادة الدول، وبالتالي لابد أن تجسد العدالة بين أشخاص القانون الدولي- علما أن الإرادة الجماعية لا يمكن أن تتناقض مع الإرادة الفردية- لأن مجموع هذه الأخيرة هو الذي يحقق لنا الأولى رغم الانفصال التام بينهما.

لكن السؤال المطروح في هذا الإطار، ما هو دور الأديان في التأسيس لحقوق الإنسان؟ وإلى أي حد ساهمت في بلورة هذه الحقوق؟ وماهي أهم المواثيق الدولية لحقوق الإنسان؟ وما مدى احترام مقتضياتها من طرف المجتمع الدولي؟

 

مشكلة الدراسة :

 

شهد المجتمع الدولي مؤخرا مجموعة من الخروقات للقانون الدولي، خصوصا من طرف الدول القوية التي طالما سعت إلى فرض هيمنتها وتفسير قراراتها الانفرادية بالمشروعية، وذلك بالاتكاء على النصوص الغامضة من الميثاق الأممي، وكدا عدم تحرك الدول والمنظمات الدولية في ظل تزايد هذه الخروقات، خصوصا ما نلاحظه الآن في فلسطين من انتهاك لحقوق الإنسان من طرف الكيان الصهيوني، وبالتالي وجود مفارقة بين النظرية والتطبيق، مما يثير إشكالات عدة مرتبطة بمدى إلزامية القانون الدولي ومدى فعالية المؤسسات الدولية، ونزيد إلى هذا أن هناك إغفال لدور الأديان  في النهوض بحقوق الإنسان، خصوصا الدين الإسلامي الذي طالما حاول الغرب القضاء عليه خوفا من ما قد يترتب عن زيادة انتشاره على الغرب، في إطار ما يمكن أن نسميه حرب القيم والثقافات.

 

أهمية الدراسة :

 

تتجلى أهمية هذه الدراسة في كونها ترجع بنا إلى المراحل الحقيقية لظهور حقوق الإنسان والنهوض، بها وأعني هنا قبل ظهور المواثيق الدولية التي تعتبر الآن المرجعية الأساسية لهذه الحقوق بعدما تبتثها الأديان السماوية، والوضعية على حد سواء في الماضي، ووضعت أسسها، فجعلت الإنسان ينتقل من تصورات عقلية ضيقة إلى أخرى واسعة وشمولية- رغم ان هناك أديان وضعية ضيقت من مفهوم حقوق الإنسان، وانطلقت من مقاربات فلسفية غير عقلانية خصوصا في القارة الآسيوية- .

فبما أن حقوق الإنسان تتكئ اليوم على المواثيق الدولية كما ذكرنا أعلاه، فإنها مازالت لا تتصف بالكونية، والشمولية العادلة. ولعل الدليل على ذلك وجود انتهاكات لهذه الحقوق، في مختلف الأقطار العالمية خصوصا في البلدان الإسلامية التي شهدت مجموعة من انتهاكات لهذه الحقوق على يد الغرب الذي يبحث عن مصالحه، ويفسر تدخلاته اللاإنسانية بالمشروعة، وكدا لا ننسى أن العقوبات الدولية التي يفرضها مجلس الأمن على الدول المنتهكة للقانون الدولي تمس بحقوق الإنسان خصوصا العقوبات الاقتصادية منها.

 

ونتيجة لما يكتسيه الموضوع من أهمية بالغة سوف نتناوله عبر مطلبين، نتناول في الأول علاقة الأديان بحقوق الإنسان، ونتناول في الثاني العلاقة التي تربط بهذه الحقوق والمواثيق الدولية، مع الإشارة إلى العقوبات الاقتصادية الدولية كآلية فعلية بيد مجلس الأمن لتحقيق الردع وتأثيرها على حقوق الإنسان، ثم البدائل التي تعوض تلك العقوبات ومدى فعاليتها،- ونتحدث هنا عن العقوبات الدولية الذكية-.

 

المطلب الاول : الأديان وحقوق الإنسان

 

ربما يصح القول أن الجوهر العميق للسعي الإنساني في هذه الحياة منذ البدايات الأولى الى إلعهد الحالي، هو الوصول إلى الاقتناع التام بأنه يتمتع بجميع حقوقه، لكن هذه الحقوق تتطور بتطور الزمن، وتغير المجتمعات، والتصورات الإنسانية، وبالتالي تظهر أهداف ومساعي جديدة لبني الإنسان، ولذلك كلما تزايدت نسبة التطور الاجتماعي والانساني كلما أحس الإنسان بالحاجة إلى حقوق جديدة تتلاءم مع حاضره ومستقبله. وفي هذه المرحلة يخرج المجتمع باحثا عن حقوقه مما يؤدي عادة إلى نشوب الثورات، ففي هذه الثورات ضحى المجتمع بدماء أبنائه دون توقف ولا خوف من المعارضين لها، وذلك راجع لروح الجماعة التي تختلف كثيرا عن روح الفرد والتي تعتبر جزءا من روح هذه الجماعة، فبسبب هذه الثورات استطاع الإنسان الحصول في أخر المطاف على حقوقه، وانتقاله من مجتمع تسوده حقوق تقليدية غير كافية، إلى مجتمع حضاري يضمن له احتياجات زمانه.

فلا يجب أن ننسى دور الديان سواء السماوية منها أو الوضعية في تنوير العقل البشري   وتطوير أفكاره، وتصوراته لتجعله يغير مساره الذي رسمه لنفسه إلى مسار رسمه خالقه، أو قد يكون هذا المسار صاغه أحد من فصيلته من دوي العقل الفلسفي القادر على التأثير في الجماعة لدرجة تتخذه هذه الجماعة إله لها، وهنا نتحدث عن الاديان الوضعية التي صاغها العقل البشري، هذا البشر الذي بحكم تغليبه لآرائه ومساعيه الكثيرة، لم يستطع الوقوف مكفوف الأيدي أمام التشريعات السماوية التي كبلت طموحاته الدنيوية. ولذلك لم تسلم هذه التشريعات من أيديه التي حرفت كلام الله لتجعله ينتقل من مسار الرب إلى مسار الجماعة عوض العكس.

فهذا التأثير المباشر للأديان على المجتمعات هو الذي جعلنا اليوم نقول هذا مجتمع إسلامي، وهذا هندوسي، وهذا مسيحي.

 

الفقرة الاولى : الشرائع السماوية  وحقوق الإنسان

 

لقد لعبت الأديان السماوية دورا هاما في التأسيس لمبادئ حقوق الإنسان رغم الاختلافات الحاصلة بينها، نظرا لتدخل اليد البشرية في تحريف الكلام عن موضعه لاعتبارات عديدة ومتباينة؛ فنظرا لإيماننا القوي بالدين الإسلامي، وتأكدنا الجازم بأصالة هذا الدين الذي حفظه الله تعالى، سوف نتطرق إلى دوره في النهوض بحقوق الإنسان، وفي نفس الوقت لن نغفل دور اليهودية، والمسيحية في النهوض بهذه الحقوق؛ ففي إطار الموضوعية والحيادية التي يقوم عليها البحث العلمي، ونظرا لوجود نسبة كبيرة من الناس في العالم يؤمنون بأصالة هذه الأديان، يتحتم علينا أن نعاملها بموضوعية، لكن في نفس الوقت سوف نقف على إسهاماتها في بلورة حقوق الانسان.

فالدين الإسلامي-سواء من خلال القرآن الكريم او السنة النبوية- يتجلى لنا أنه اهتم بشكل كبير جدا بمختلف حقوق الإنسان بكلياتها وجزئياتها، وذلك بنهوضه بهذه الحقوق في زمن انتهكت فيه لحد زوالها؛ فتأملنا الشمولي والعميق لحقوق الإنسان التي تطرق لها الإسلام، يجعلنا ندرك أن مختلف التطورات الدولية لحقوق الإنسان منذ الإعلان عنها إلى حدود اليوم، لم تصل بعد إلى ذلك الكمال والشمولية اللذين نراهما في نظرة الإسلام لهذه الحقوق، ولعل ذلك راجع الى عجز العقل البشري عن الوصول إلى الكمال الإلهي.

فنظرا لعدم قدرتنا على الوقوف على جميع الحقوق التي تطرق إليها الإسلام سوف، نكتفي بالإشارة إلى بعضها التي تتسم بسموها على الباقية.

وبالرجوع إلى القرآن الكريم كمصدر أساسي للشريعة الإسلامية والسنة النبوية،  نلاحظ أنهما يعالجان منظومة حقوق الإنسان، التي سطرت اليوم في مواثيقنا الدولية ودساتيرنا الوطنية.

على سبيل المثال نجد القرآن الكريم ينص على الحق في الحياة من خلال تحريم قتل النفس في قوله تعالى -وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ۗ وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ ۖ إِنَّهُ كَانَ مَنصُورًا-1 وكدا فرض جزاء على كل من قتلها.

أما بخصوص حقوق الأطفال فنستشف أن القرآن الكريم قد حرم قتل الأطفال من خلال قوله تعالى -وَ لَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ۖ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَ إِيَّاكُمْ ۚ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا-2 وبالرجوع إلى السنة النبوية نلاحظ كيف كان النبي ﷺ يتعامل مع الأطفال نظرا لكون السيرة النبوية هي التي تعطينا النهج الحقيقي لما جاء في القرآن الكريم.

دعونا نرى الآن المساواة التي تعتبر من أهم الحقوق الإنسانية التي شهدت إنتهاكا من طرف الشعوب على مر التاريخ نظرا للأنظمة السائدة في ذلك الزمان، ونظرا كذلك  للاصطدام بين مصالح الأفراد أو الجماعات فيما بينها، فقد أشار اليها الإسلام ونظمها من خلال تحريمه الرق، وإقراره المساواة بين الأفراد في حقوقهم، وواجباتهم داخل الدولة الإسلامية، بحيث لا يخاطب الإسلام أمته فقط، بل حتى الأغيار الذين يقطنون داخل الدولة الإسلامية، لذلك نجد السور المدنية يأتي فيها -يا أيها الناس – عوض- يا أيها الذين آمنو- مما يجعلنا نعي بمدى اهتمام الإسلام بالدولة الإسلامية من خلال الإشارة إلى مجموعة من الأمور المرتبطة بحقوق الفرد داخل الدولة، سواء كان هذا الفرد مسلما أو غير مسلم.

وسنستحضر في هذا الصدد الخطبة الشهيرة المسماة حجة الوداع التي ألقاها الرسول ﷺ يوم عرفة 10 هجرية على الناس3، هذه الخطبة أعتبرها مرجعا أساسيا لحقوق الإنسان، فقد تم نشرها بتصريح من العهد الدولي لحقوق الإنسان بجامعة دي-بول شيكاغو، لأنها ليست خطبة موجهة للأمة الإسلامية فحسب، بل للبشرية جمعاء. وهذا يمكن أن نعرفه من خلال دراسة عمق هذه الخطبة لنرى مدى اهتمام الإسلام بمنظومة حقوق الإنسان ومبادئها، بحيث سوت بين المسلم والغير المسلم في حقوقهم وواجباتهم داخل الدولة الإسلامية، وكدا تكريم المرأة وإنصافها مع الرجل، واعطائها الحرية في حدود مبادئ الشريعة الإسلامية، بعدما كانت هذه المرأة ينظر اليها بصورة أخرى تنقص من كرامتها، ونلاحظ هذه النظرة المحتقرة غير العادلة مع الأديان السماوية الأخرى كاليهودية التي احتقرت  المرأة كما سنرى فيما بعد.

عموما، فالشريعة الإسلامية نقلت الإنسان من مرحلة الجهل بحقوقه والاقتصار على التفكير الضيق القائم على الاهتمام بأمور ضيقة كالمصالح القبيلة، إلى مرحلة الرقي المتسمة بكونها أولت الاهتمام للقضايا الكبرى ذات الطابع الشمولي، وذلك راجع إلى أن هذا الدين هو دين للعالمين وليس لجماعة معينة، فما أشرنا إليه من بعض الحقوق ليست إلا تلميحات من القرآن الكريم والسنة النبوية، علما ان هذا الدين أشار إلى جميع حقوق الإنسان. ولعل ما أشرنا إليه لحد الآن لا يعتبر إلا استفزازا للقارئ لتوليد رغبة البحث والتقصي، لمعرفة الكم الهائل الذي قدمه هذا الدين الجليل للإنسانية من خلال خلقه منظومة حقوقية شاملة.

أما بالنسبة لليهودية فلا تختلف كثيرا على ما جاء في القرآن الكريمإلاا في بعض الأمور، فلا عجب أن نقول أن هذا الاختلاف راجع إلى كون الثوراة حرفت من لدن الأيدي البشرية، على غرار ما جاء في القرآن الكريم من آيات تبين بعض الاختلافات بين اليهودية والإسلام من حيث التشريع، لكن لا يهمنا نحن هذا الأمر بقدر ما يهمنا الوقوف عند نظرة هذا الدين إلى حقوق الإنسان وإسهاماته في بلورتها والنهوض بها. وكما رأينا سابقا أن الدين الإسلامي حرم قتل النفس وأمر بالحفاظ عليها وفرض جزاء على من قتلها، فحتى اليهودية حرمت قتلها ويتضح لنا ذلك في ما جاء في التوراة – وإذا أمات أحد إنسانا فإنه يقتل ومن أمات بهيمة يعوض عنها نفسا بنفس-4 فهذه  الآية تبين لنا أن الثوراة تدعو إلى حفظ النفس من جهة، وتحقيق العدل بين اليهوديين من جهة ثانية. صحيح أن اليهودية نادت بالعدل وحفظ الملكية والمساواة وجل الحقوق الأخرى، لكن المشكلة أن اليهودي ينظر إلى الغير على أنه حيوان يسير على الأرض لا يحق له أن يتساوى مع اليهودي في الحقوق، وهذا ما جعل اليهودي الصهيوني لا يبالي إن قتل مسلما بغير حق، لأنه يرى فيه مجرد حيوان لا أكثر من ذلك، وهذا ما جاء في التلمود، وقد جاء في هذا الكتاب-أي التلمود- كذلك أن الله أمر بنهب أموال المسيحية وبالتالي فإن اليهودية لا تحترم ملكية الغير ولا تبالي إن نهبتها، بل ترى في ذلك حقا لها و ضرورة دينية، ولهذا تكون قد أغفلت حقا أخر من الحقوق السامية من حقوق الإنسان.

أما بالنسبة للمرأة فقد حكمت عليها الثوراة في سفر الجامعة التي جاء فيها ما يلي –المرأة التي هي شباك، وقلبها اشراك، ويدها قيود.-5

لكن رغم هذا الحكم الذي احتقر المرأة ومختلف الأحكام الأخرى التي نقصت من قيمتها كإنسان وجعلتها في خدمة الرجل، إلا أن الإجتهادات المعاصرة حاولت تصحيح بعض الأخطاء التي كانت في العصور الوسطى وجعلت المرأة تتمتع ببعض حقوقها التي لم تكن تتمتع بها من قبل في ظل العقيدة الثوراتية، والمسيحية على حد سواء، لكن هذا لا يعني رقي هذه المرأة وجعلها في مستوى نكون قانعين فيه بأنها تتمتع بحقوقها الجوهرية والحقيقية بمنأى عن كل الاعتبارات، فمازال المجتمع المعاصر-الأمريكي والأوربي مثلا-ينظر إلى المرأة على أنها مجرد بضاعة تستهلك لأغراض جنسية أو لحملات إعلامية وإشهارية دون رد أدنى اعتبار لروح هذه المرأة وعقلها و كرامتها، بل العكس من ذلك ينظر إليها الغرب كجسد وليس كروح وكعقل.

فالمسيحية رغم افتقار إنجيلها للتشريع نوعا ما إلا أن موقف الكنيسة عن المرأة يعد أفضل من موقف اليهودية ويتضح لنا ذلك في قول بعض القديسين أن الرب أوصى بحب المرأة كما يحب المسيحي الكنيسة، وهذا يبين أن كلما اشتدت عقيدة المسيحية في نفوس المسيحيين كلما سيكون ذلك سبب في تلاحم العلاقة بين المرأة والرجل.

أما بخصوص الرق الذي قلنا فيه أن الإسلام حرمه وأقر المساواة بين الناس، فمع المسيحية نرى أن القديس “توما الأكويني” حبذه ولم يعترضه وذهب إلى ما ذهب إليه أرسطو الذي اعتبر الرق حالة من الحالات التي يخلق عليها البشر6، وهذا غير صحيح، ولا يقبله العقل المنطقي في عصرنا الحالي. فعموما رغم تطور المسيحية وظهور رؤيا جديدة مناقضة للرؤيا التقليدية،إلا أنه مع ما شهده تاريخها من توترات لم تعد المسيحية تفرض عقيدتها بقوة خصوصا أمام الفصل بينها وبين السلطة الزمنية مما يفتح المجال للفلسفات الوضعية لحلول محل العقيدة الدينية في مجال تحديد القيم والأخلاق.

أخيرا يمكن القول أن الأديان السماوية ساهمت بشكل أو بآخر في النهوض بحقوق الإنسان، وتغيير النظرة إلى هذه الحقوق على الشكل الذي كانت عليه سابقا قبل ظهور هذه الديانات، فرغم الاختلافات التي توجد بينها إلا أنها تتشارك في مجموعة من الأمور المتعلقة بالمجتمع عامة، فما تطرقنا اليه ليس الى تلميح الى ما كانت عليه هذه الاديان في ظل ما كان سائدا في وقت من الأوقات، أما في العصر الحالي، فقد ساهمت العلاقات الدولية التي تطورت بشكل كبير جدا، وكدا تطور حقوق الإنسان إلى خلق نوع من التسامح بين هذه الأديان بل أكثر من ذلك تعاونها للنهوض بحقوق الإنسان، وهذا يطرح لنا اشكالات أخرى تحول بين التحفظ والانفتاح، واشكالات أخرى مرتبطة بتباين القيم والثقافات.

 

الفقرة الثانية : الفلسفة البوذية والهندوسية

 

 

كلنا نعرف أن هناك الكثير من الأديان الوضعية التي يؤمن بها العديد من البشر خصوصا في القارة الأسيوية، فعندما نرجع إلى أصل هذه الأديان نجدها عبارة عن مذاهب فلسفية صاغها أناس قادرين على صياغة قوانين وعقائد تتصف بطابعها الكلي الذي يغطي مختلف مناحي الحياة الاجتماعية، فهذه القدرة اكتسبوها عن طريق خيالهم الواسع الذي حاولوا اخراجه من الحلم إلى الواقع، فكما تخيل أفلاطون المدينة الفاضلة باستطاعة هؤلاء ان يتخيلوا الدين الفاضل، فكلاهما يشتركان في الخيال الواسع والقدرة على صياغة هذا الخيال وجعله واقعي عن طريق ابتكار قواعد تسمح بذلك، لكن الغريب في الأمر أن هذه الأديان لا تمت لحقوق الانسان بصلة ورغم ذلك يؤمن بها عدد هائل من البشرية، ويخضعون لقوانينها التي تكون عادة غير عادلة ، فربما السبب في ذلك كون فطرتهم انسجمت مع المحيط الديني الذي يعيشون فيه، او بالأحرى راضين بأخلاق هذا الدين ولو اننا نحن لا نعتبر قواعد هذا الدين اخلاقية، وهذا بدوره امر عادي، لان المنظومة الاخلاقية تختلف من ثقافة الى اخرى ومن مجتمع الى آخر.

فيجب أن نشير في معرض حديثنا أن الأديان الوضعية كثيرة ومتنوعة ونحن سوف نرى في هذا البحث “الدين البوذي”و” الدين الهندوسي” فقط، لأن هذان الدينان هما من أشهر الأديان الوضعية، وهما مثالان نموذجيان لمن أراد أن يدرس فلسفة الأديان الوضعية التي شهدت انتشار واسعا خصوصا في الدول الآسيوية.

تقسم الفلسفة الهندوسية المجتمع إلى طبقات:

-طبقة الشودا : وهي الطبقة السفلية والتي تتكون غالبا من الفقراء.

-طبقة الويشا : وهي الطبقة الأعلى منها ولا يجوز للطبقة الشودا أن تنتمي إليها كما لا يجوز لطبقة الأدنى أن تنتمي إلى الطبقة الأعلى منها.

-طبقة الكر اشتريا : وهي الملك وجنوده الذين يقومون بحماية المجتمع الهندوسي.

-طبقة البراهمة : وهم الذين يحتلون قمة الهرم ويكَملون جسد الاله الراهمي.

يرى الفكر الهندوسي أنه لا يمكن للشخص أن يتزوج من الطبقة الأعلى منه، لكن يمكن له ان يتزوج من الطبقة الأدنى  شريطة أن لا تكون من طبقة(الشودا)التي ليست إلا الخادمة ولا تسموا لان يتزوج منها أحد. 7

كما يرون أنه لا يمكن لأي كان أن يحاسب طبقة البراهمة لأنها ترقى إلى طبقة الآلهة ويجب أن تحترم بقدر احترام الآلهة، ويمكن لهذه الطبقة أن تكتسب المال بطرق شرعية أو غير شرعية دون معارضة أحد، وباختصار شديد لا يمكن أن نصنفها ضمن “طبقة مستبدة”.

تبادر إلى ذهني رأي “فريديريك نيتشه” وأنا أبحث في قيم هذا الدين الذي قسم المجتمع إلى طبقات، ف نيتشه يرى أن الدين صنعه الضعفاء ليستولوا على الأقوياء، فهذا الطرح الفلسفي ل نيتشه لا يسعنا القول إلا أنه ينطبق على هذا الدين. فلكي يجعل الدين الهندوسي الناس راضين بهذا الاستبداد اخترع حيلة وهي أن كل فرد من أفراد الطبقة السفلى أطاع القيم والقواعد الخاصة بطبقته، عندما يموت تنتقل روحة إلى طفل يلد في الطبقة الأعلى منه، وهكذا حتى يصل إلى الطبقة الأسمى، وعندما يموت شخص في طبقة البراهمة وهي التي توجد في قمة الهرم فإن روحه تتحد مع روح الإله البراهمي.

أما بالنسبة للبوذية فهي تنتسب إلى بوذا، فالبوذية جاءت بتعاليم كثيرة خاصة بالمساواة والحرية، وكانت بذلك بمتابه رد على الهندوسية التي قسمت المجتمع إلى طبقات؛ فبوذا سوى بين جسد الفقير وجسد الأمير، كما يرى أنه لا فرق بين روح كل منهما، وبهذا لا يسعنا القول إلا أن بوذا انطلق من فطرته السليمة التي يتفق عليها الناس جميعا، وبهذا يمكن اعتبار البوذية ساهمت في بلورة حقوق الإنسان بالقدر الذي لم تساهم به الهندوسية، لأن البوذية سوت بين المرأة و الرجل في التمتع بالعديد من الحقوق، كممارسة الشعائر الدينية كما حرمت القتل، والكذب، وشرب الخمر، والزنا، ونستشف ذلك في الوصايا العشر التي نسبت الى بوذا8.

نخلص من هذا كله أن التشابه بين القيم الدينية التي جاءت بها الأديان الوضعية هو الذي يدفعنا  للقول أن هذه القيم ليست إلا حقوق إنسانية يتفق عليها العامة ولما كان الدين يحمي هذه الحقوق هذا يعني أنه يساهم في النهوض بها والحفاظ عليها وبهذا يكون له تأثير بطريقة أو بأخرى في المساهمة في الحفاظ على حقوق الإنسان ومنع المساس بها.

 

المطلب الثاني: المواثيق الدولية بين النظرية والتطبيق

 

 

عرفت حقوق الإنسان تطورا كبيرا بالمقارنة مع بدايات نشأتها وهذا التطور كان سببه تطور الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للمجتمعات وكدى تطور التكنولوجيا العسكرية، فبعد الحروب العالمية التي شهدها العالم عرفت حقوق الانسان انتهاكا واسعا مما ادى الى إعادة النظر في هذه الحقوق نظرا لفظاعة الانتهاكات في ظل الحروب الطاحنة التي اثارت على النفس والعقل البشري، وهذا بالأساس هو الذي جعل الإنسان ينهض للبحث عن مجتمع يتمتع فيه بحقوقه، وبالتالي اصبحنا نتحدث عن نشأة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وجل المواثيق الدولية التي جاءت لمناهضة الانتهاكات وكبح التصرفات اللاإنسانية.

 

الفقرة الاول : حقوق الإنسان والمواثيق الدولية

 

يعتبر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948 من بين المواثيق الدولية الرئيسية التي تعتبر مرجع هام في القانون الدولي.9

فقد الزمت الامم المتحدة التي أقرت هذا الميثاق جميع دول الحلفاء على احترام حقوق الأنسان والإيمان بها وتطبيقها، ومن أبرز الحقوق التي جاءت في هذا الإعلان هي : الحق في التعبير وحرية التجمع والتحرر من الخوف وغيرها من الحقوق الأساسية التي نصت عليها مختلف الوثائق الدولية الأخرى وحتى ميثاق الأمم المتحدة بنفسه.

فالميثاق الأممي الذي يعتبر أسمى مرجعية قانونية في القانون الدولي والذي نشأ بعد الحرب العالمية الثانية  26/06/1945 والذي تم العمل به في 10/24 من نفس السنة 10 لم يغفل هذه الحقوق بل جاء تكريسا لها، اضافة الى ذلك العهدين الدوليين لحقوق الانسان: العهد  الدولي للحقوق السياسية والمدنية الذي دخل حيز التنفيذ سنة 1976 11 والذي يلزم اطرافه باحترام الحقوق السياسية، كالحق في الانتخاب الذي جاء في المادة 25، و الحقوق المدنية، كالحق في الحياة الذي جاء في المادة السادسة من هذا العهد.

أما العهد الثاني فهو العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الذي بدأ النفاذ في سنة 1976، بعد إقراره من طرف الجمعية العامة لأمم المتحدة 12. هذا العهد أتى بمجموعة من الحقوق التي تنبثق من كرامة الإنسان الأصيلة، والتي تحترم مبادئ الأمم المتحدة كحقوق العمال ،13 والحق في الضمان الاجتماعي 14، وغيرها من الحقوق.

يمكن التماس الحقوق التي تنتهك بكثرة من خلال معيار التأكيد، حيث أن هناك حقوق إنسانية منصوص عليها في معظم الاتفاقيات الدولية، ومثال على ذلك عندما نتحدث عن مبدأ المساواة في الحقوق فنحن لسنا بصدد حق واحد، وإنما حقوق عديدة يمكن تجسدها في ميثاق آخر، وهذا ما يفتح المجال للتوسيع في المنظومة الحقوقية، فمبدأ المساواة في السيادة وتساوي الدول في التمتع بالحقوق والواجبات وكدى حل النزاعات الدولية بطرق سلمية 15  وغير ذلك من مقاصد ومبادئ الامم المتحدة التي تخاطب الدول واشخاص القانون الدولي، لا تخاطب في الأصل إلا الإنسان علما أنه هو المتأثر الأول بأي إنتهاك، فمثلا منع إستعمال القوة في العلاقات الدولية او التهديد باستعمالها المنصوص عليه في الفقر الرابعة من المادة الثانية من الميثاق الأممي ليس إلا آلية للدفاع عن حقوق الإنسان من خلال منحه حق الحياة الذي رأيناه سابقا، وحق الملكية المنصوص عليه في المادة 17 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والحقوق الأخرى التي تنتهك عندما يكون التدخل العسكري وسيلة لحل النزاعات الدولية عوض الآليات الدبلوماسية السليمة، فمبدأ المساواة هذا يمكن أن نربطه كذلك بمختلف أشكال التميز العنصري التي نصت عليها العديد من المواثيق الدولية، فضد المساواة هو التميز بين الاشخاص من حيث الجنس واللون واللغة والدين، فمثلا المساواة بين المرأة والرجل نصت عليها المواثيق الدولية في العديد من المواد، بل اكثر من ذلك هناك اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري ضد المرأة والذي بدأ العمل به في 3 شتنبر 1981 16، وكذلك الأمر ينطبق على التمييز العنصري الذي يرجع سببه إلى عوامل عرقية ودينية التي توجد اتفاقية مستقلة خاصة به بعدما أكدت عليه معظم الاتفاقيات الدولية الإنسانية، وهذه المعاهدة هي: الاتفاق الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري التي بدأت النفاذ في 4 يناير 1969 وفقا لأحكام المادة 19، فهذه المعاهدة حاولت التطرق إلى جميع أشكال التمييز العنصري ساعية إلى الحد منها و تمديدا للرقي بحقوق الإنسان.

وأخيرا تجدر الإشارة في معرض الحديث إلى أن المواثيق الدولية تعتبر منظومة حقوقية متكاملة وشمولية يكمل بعضها الآخر، ويحاول بعضها توسيع نطاق النظر لسد النواقص وتماشيا مع التطورات التي يشهدها المجتمع الدولي، تلك التطورات التي تساهم في تغير هذه الحقوق بظهور حقوق جديدة، وتجديد الموجودة لتلائم الحاضر، فمن هذه النقطة لابد من الإشارة إلى أن ما ذكرناه آنفا ليس إلا نظرة لحقوق الإنسان من الجانب النظري وليس التطبيقي، مما يجعلنا نتسأل إلى أي حد تم تطبيق المعاهدات الدولية؟ وهل فعلا هناك واقع يقنعنا بأننا نعيش في عالم تسوده المساواة متمتعين فيه بحقوقنا؟

فهذا السؤال الذي يطرح نفسه في هذه النقطة بالضبط اعتبره أنا شخصيا من أصعب الأسئلة وأكثرها تعقيدا، وهذا الأمر راجع إلى وجود خروقات دولية لحقوق الإنسان يصعب تحليلها، كما يصعب وصفها أحيانا بالمشروعة أو غير المشروعة خصوصا أمام وجود نصوص غامضة في المواثيق الدولية كل يفسرها بشكل الذي يراه  متماشيا مع مصالحه الاستراتيجية والجيوسياسية.

 

الفقرة الثانية : الخروقات الدولية في مجال حقوق الإنسان

 

رأينا سابقا أن هناك العديد من الاتفاقيات الدولية الحامية لحقوق الإنسان المختلفة، لكن رغم هذه الاتفاقيات هناك العديد من الخروقات للقانون الدولي، والتي تؤدي إلى انتهاكات جسيمة مما يهدد السلم والأمن الدوليين. وعندما نبسط عين المجهر على الساحة الدولية نكتشف أن الدول القوية عادة هي التي تقوم باختراق الأعراف والقوانين الحامية لحقوق الإنسان، فإذا كانت هذه الدول المنتهكة لهذه الحقوق ضعيفة فإنها تجد يد العون من الكيانات القوية لتستطيع بذلك التحايل على المواثيق الدولية من خلال تبرير أفعالها بآليات ذكية تستطيع بها إضفاء صبغة المشروعية على تصرفاتها كما سنرى لاحقا .

و غني عن التعريف أن هناك خروقات لحقوق الإنسان بوجه مباشر أو غير مباشر في المجتمع الدولي، ولكثرتها سوف نركز على أهمها، ولا يعدو أن يكون هناك مثال أفضل من الأمثلة التي سوف نتطرق إليها وهي كالتالي :

– القضية الفلسطينية التي أحدثت نكسة في النفوس العربية والعالمية بعد احتلال 1967 عندما احتلت إسرائيل الاراضي الفلسطينية دون رد أدنى اعتبار للقانون الدولي وكدا المواثيق الدولية الحامية لحقوق الإنسان، والأخرى المتعلقة بحالة الحرب والتي تسري على المنطقة كاتفاقية جنيف واتفاقية لاهاي.

– العقوبات الاقتصادية الدولية السارية على الدول المنتهكة للقانون الدولي وآثارها على حقوق الإنسان خصوصا أن هذه العقوبات رغم أنها تقع على عاتق الدول باعتبارها شخص معنوي دو سيادة، فإن الانسان هو المتضرر الأول  من هذه العقوبات خصوصا أنها تمس بالاقتصاد الوطني، ولهذا الأخير أثار على ما هو إجتماعي نظرا للارتباط الوثيق بين الاقتصاد والمجتمع.

 

  1- الاحتلال الفلسطيني وموقف الكيان الصهيوني :

 

احتل قطاع غزة والضفة الغربية من لدن الكيان الصهيوني سنة 1967، وأثر هذا الاحتلال تم خرق حقوق الإنسان في هذه المنطقة، ونستشف ذلك في مجموعة من الأعمال الا مشروعة؛ كقتل الأبرياء وترهيبهم من طرق القوات العسكرية الصهيونية والتنظيمات التي وضعتها في المنطقة لترهيب الناس وخلق الرعب في نفوسهم لكي يغادروا أراضيهم.

فلا غرو أن نقول أن الكيان  الصهيوني لقى دعما خارجيا من طرف الدول القوية التي تدعم هذه الحركة، ولتي ساعدت على نقل اليهود إلى المنطقة مع بدء مشروع الاستيطان بعد سنة 1948. وهذا الذي ساهم في حرمان الفلسطينيين من حق السكن وذلك بتردهم من مساكنهم بطرق إرهابية.

فرغم هذا وذاك كافح الشعب الفلسطيني نتيجة العزيمة التي يتمتع بها، وحاول استرجاع أراضيه المغتصبة،18 لكن كيف سيكون هذا الكفاح والكيان الصهيوني يملك أسلحة متطورة ويلقى تأييدا ومساندة من طرف الولايات المتحدة الأمريكية التي بدورها ساهمت بسياساتها الخارجية وآلياتها الدبلوماسية لتبرير الموقف من جهة، ومن جهة ثانية استعمالها لتفعيل الصلح بين الكيان الجديد والدول العربية المناقضة للوضع، فما يهمنا نحن في هذا الإطار هو الجانب القانوني المتعلق بموقف القانون الدولي من هذا الاحتلال الذي يمكن أن نصفه دون عجب على أنه أكبر مثال لخرق حقوق الإنسان في العالم.

فمن حيث الجانب القانوني ففلسطين المحتلة تسري عليها استناد للقانون الدولي اتفاقيات دولية مختلفة وأهمها : اتفاقية لاهاي الخاصة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية 1907، واتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب. 19

فعندما نعود إلى اللائحة المرفقة باتفاقية لاهاي  خصوصا المادة 42 من الفصل الثالث نجدها تعرف الاحتلال على الشكل التالي – تعتبر أرض الدولة محتلة حين تكون السلطة الفعلية لجيش العدو ولا يشمل الاحتلال سوى الأراضي التي يمكن أن تمارس فيها هذه السلطة بعد قيامها – وبالتالي هذا يعني أن المنطقة التي توجد فيها السلطة الصهيونية هي مناطق محتلة، فقد عبرت محكمة العدل الدولية من خلال آرائها الاستشارية ومنظمة الأمم المتحدة وكدا فقهاء القانون الدولي عن هذا، معترفين أن فلسطين محتلة من طرف الكيان الصهيوني الذي أقدم على خرق قواعد القانون الدولي الإنساني من خلال أفعاله.

لكن من جهة الكيان الإسرائيلي نلاحظ أنه لا يعتبر الوضع الذي أقدم عليه احتلالا، والمشكلة التي تثار هنا هي أن أي دولة تسعى لتبرير موقفها اللامشروع في ظل القانون الدولي تبحث في النصوص القانونية لإيجاد نص قادر على إسعافها، وإن لم تجد تقوم بالتوسيع في تفسير نص معيين إلى أبعد حدود التفسير لكي يكون ملائما لموقفها اللامشروع لكسب رضى الرأي العام الدولي، ونجد إسرائيل في هذا الصدد تقوم بهذه العملية، وذلك بالتوسيع في تفسير النصوص لجعلها ملائمة لعملها الغير المشروع.

وليس هذا فحسب بل هناك طرق أخرى للتحايل على القواعد القانونية كالموافقة او الاعتراف الغير المحدد كما فعلت إسرائيل التي وافقت على تطبيق “الاحكام الانسانية” الواردة في اتفاقية جنيف، لكن هذا الاعتراف لم يحدد لنا ماهي الاحكام التي تعتبرها اسرائيل انسانية من الاتفاقية التي تحمل 159 مادة. 20

وبالتالي لما كان القانون الدولي قد أتى بنصوص قانونية حامية لحقوق الإنسان بكلياتها وجزئياتها ،إلا اننا نلاحظ أنه مازالت خروقات عديدة لهذا القانون تستمد مشروعيتها بالتحايل على النصوص أو بطرق وآليات الأخرى العديدة والمتنوعة، وكل هذا يجعلنا نتأكد مما يلي:

أولا : عدم وجود قانون دولي يفرض الزاميته الكاملة على الدول وذلك لوجود نصوص غامضة كثيرة تفسرها الدول المنتهكة لحقوق الإنسان بما يلائم مبتغياتها ومصالحها.

ثانيا : التأكد من وجود مفارقة بين النظرية القانون الدولي وتطبيقه مما يطرح لنا اشكالات متعددة تجعلنا نبحث عن أسباب هذه المفارقة والحلول التي تبدو عادة صعبة التحقق.

فإذا كانت هذه صورة من صور ما يحدث في المجتمع الدولي من خروقات، سوف نرى الآن الجانب التطبيقي للعقوبات الاقتصادية الدولية لما لها من أثآر وخيمة على حقوق الإنسان مما يجعلها تحلق بين الشرعية والاعتبارات الإنسانية.

 

2 – العقوبات الاقتصادية الدولية وتأثيرها على حقوق الإنسان   

 

تباينت التعاريف المعطاة للعقوبات الاقتصادية الدولية باختلاف الفقهاء والباحثين في القانون الدولي، فهناك من يراها وسيلة ضغط اقتصادية لتحقيق السياسة الخارجية أو الداخلية، وآخرون يربطونها بالمقاطعة الاقتصادية بمعناها العام.

فعموما العقوبات الاقتصادية الدولية في الوقت الراهن هي تلك الآليات والوسائل التي يتخذها مجلس الأمن لردع الدول التي قامت بانتهاك القانون الدولي، وذلك بموجب الفصل السابع من الميثاق الأممي الذي حدد اختصاصات مجلس الأمن في هذا الصدد.

إن العقوبات الاقتصادية الدولية ليست وليدة الحاضر، بل لها جدور تاريخية عميقة، فيكفي أن نعود الى العصور الوسطى لنرى بعض صورها، والتي تتمثل في إحراق محاصيل العدو تارة وحرمانه من الماء أو تلويثه تارة أخرى.21 غير أنه في هذه العصور الدول هي التي تقوم بتطبيق هذه العقوبات مما يحول دون وجود حيادية ودون وجود قانون دولي جزائي منفصل عن كل الاعتبارات التي تدخل في الاختصاص الداخلي للدول، وهذا ما دفع بعض المفكرين مثل “بينتام” إلى التفكير في إنشاء جهاز دولي تحكيمي يتولى هذه المهمة.

لكن هذا ما تحقق في ما بعد خصوصا بعد إنشاء عصبة الأمم مع نهاية الحرب العالمية اأولى، لكن سرعان ما فشلت هذه المنظمة في تحقيق الردع العام من جهة وتحقيق السلم والأمن الدوليين من جهة ثانية، لتحل محلها الأمم المتحدة بُعَيد انتهاء الحرب العالمية الثانية لتستدرك ما لم تستدركه سابقتها، فمجلس الأمن الذي أشرنا اليها سابقا كآلية دولية من مهماته تطبيق العقوبات الدولية، ليس إلا فرع من فروع هذه المنظمة.

وفي الوقت الراهن تكتسي العقوبات الدولية أهمية بالغة بعدما كانت في السابق آلية مكملة للعقوبات العسكرية، فالذي يهمنا نحن في هذا الصدد هو انعكاسات هذه العقوبات الاقتصادية على حقوق الإنسان علما أن المساس بالاقتصادات الوطنية يكون له تأثير كبير على المجتمع، وبالتالي تعتبر هذه العقوبات الية للمساس بحقوق الإنسان أكثر منها آلية لتحقيق الردع والجزاء، وهذا ما يفتح المجال للبحث عن بدائل استراتيجية تحاول تنفيد الجزاءات الدولية دون المساس بالشرائح الاجتماعية الغير المستهدفة، لكن هذه الاستراتيجيات تواجه بعض التحديات التي تحول دون نجاح تطبيقها على أحسن وجه.

إن العقوبات الدولية لها إنعكاسات كبيرة على الاقتصادات الوطنية، فهي تؤثر على مختلف القطاعات كالقطاع الصحي والتجارة والاقتصاد، وكدا القطاع الزراعي والفلاحي ، فتأثر هذه القطاعات يؤدي إلى انعكاسات جد وخيمة على الإنسانية.

فمثلا القراران الصدران عن مجلس الأمن 847/92 و93/883 لهما آثار سلبية على القطاع الزراعي بليبيا، مما أدى إلى خسائر تقدر ب 1419950913 دولار ما بين سنتي 1997-1992. 22

وقد أدى قرار مجلس الأمن رقم 92/748 و93/883 إلى إلحاق الضرر بمختلف الأوجه الإنسانية بالعراق كالصحة والضمان الاجتماعي وكدا خسائر مالية تقدر بحوالي 1286923077 دولار. 23

إن هذه الخسائر أدت إلى عرقلة الاقتصاد العراقي في مختلف أوجهه، ويعتبر القطاع الصحي الذي تربطه صلة مباشرة بالإنسانية من أهم القطاعات المتضررة، ويعزى هذا الضرر إلى العقوبات الاقتصادية المطبقة على العراق، فيمكن أن نلتمس بعض أوجه تضرر القطاع الصحي بسبب هذه العقوبات فيما يلي :

تدهور المستشفيات الحكومية لتصبح عاجزة على تقديم الخدمات الصحية على أحسن وجه، وبالتالي انتشار الأمراض والأوبئة في العراق.

ارتفاع معدلات الوفيات خصوصا في صنف الأطفال الرضع، حيث انتقلت نسبة الوفيات من 47 حالة من كل ألف إلى نسبة 1.7 في المئة بين عام 1994 و1999 طبقا لما جاء في تقرير منظمة الصحة العالمية يوليوز 1999، وقد لقى 50 ألف طفل حتفهم في مدة لا تتجاوز ثمانية أشهر في سنة 1991. 24

منع الجمعيات الأسرية العراقية من الاستفادة من المنح الخارجية والمعدات الطبية، وذلك إعمالا بقرارات مجلس الأمن وبالتالي تضرر الأسر العراقية.

إن هذه الصور ليست إلا القليل من الكثير، فقد انعكست هذه العقوبات على مختلق القطاعات الاقتصادية بالعراق، وليست ليبيا وغيرها من الدول التي طبقت عليها هذه العقوبات بمنأى عن مثل هذه الانعكاسات التي تثير الرتاء، خصوصا دول العالم الثالث التي مازالت تواجه تحديات التنمية. فالسؤال الذي يحيرنا هو : ما فائدة التغني بحقوق الإنسان على المستوى الدولي، وما فائدة المواثيق الدولية إذ إن القانون الدولي نفسه ساهم في خرق حقوق الإنسان؟ فمجلس الأمن الذي يصدر هذه القرارات ليس إلا ألية لتطبيق القانون الدولي، فإذا كان الجانب الإيجابي لهذه العقوبات هو ردع الدول فإن جانبه السلبي أعظم من أن تطبق، ولذلك ظهر نوع أخر من العقوبات التي يمكن أن نسميها العقوبات الاستراتيجية أو الذكية  نظرا لأنها تستهدف فقط فئات معينة وتحاول أن لا تمس بحقوق الإنسان.

تعرف العقوبات الدولية الذكية بأنها الإجراءات التي تأثر مباشرة على القادة أو المسؤولين عن خرق الأمن والسلم الدوليين مع مراعات السكان والابرياء. 25

وبالتالي لما كانت هذه العقوبات لا تتسم بالشمولية، إذن هذا يعني أنها تحترم حقوق الإنسان وتستهدف فقط الأشخاص الذين قاموا بخرق القانون الدولي، ويمكن اعتبار هذه الميزة من الخصائص الأساسية لهذا النوع من العقوبات.

فإذا نظرنا إلى مدى مساهمة أشخاص القانون الدولي والمؤسسات الدولية في تطور هذه العقوبات نلاحظ أن الدول والمنظمات الدولية وكدا أجهزة الأمم المتحدة ساهموا في إرساء نظام العقوبات الدولية، ويتضح لنا ذلك مثلا في مجموعة من القرارات التي اتخذها مجلس الأمن لمواجهة انتهاكات السلم والأمن الدوليين في مجموعة من أنحاء العالم كالعراق سنة 2003، وليبيا من نفس السنة، وكذلك لا ننسى القرارات التي اتخذت لمواجهة مثل هذه الانتهاكات في كل من الكونغو الديمقراطية، وضد البرنامج النووي الإيراني. 26

أما بخصوص أنواع هذه العقوبات فهي تختلف بحيث قد تكون عبارة عن عقوبات مالية التي ترتكز أساسا على تجميد الأصول المالية للمستهدفين سواء كانوا أشخاصا طبيعيين أو معنويين، أو قد يتم منع هؤلاء الأشخاص من الحصول على قروض خارجية. وفي أحيان أخرى تتمثل في الحظر التجاري التقني أو حظر الأسلحة، كما هناك أشكال أخر تتسم بميزة العقوبات الذكية، فمميزات هذه العقوبات يمكن إجمالها فيما يلي:

أولا: استهداف العقوبات الدولية الذكية الأشخاص الذين قاموا بخرق القانون الدولي.

ثانيا: مراعات الاشخاص الأبرياء ومحاولة تجنب أي شكل من أشكال تنفيد هذه العقوبات من شأنه أن يمس بحقوق الإنسان.

أما الجانب السلبي لهذه العقوبات فيتمثل فيما يلي:

التأخر في اتخاد الاجراءات اللازمة لتنفيذ هذه العقوبات خصوصا العقوبات الاقتصادية الذكية مما يفسح المجال للأشخاص المعنيين بهذه العقوبات للقيام ببعض الاجراءات الاحتيالية لمنع تأثر ذمتهم المالية بهذه العقوبات.

منع السفر يحول دون استقبال أفراد العائلات من الخرج في حالة وجود ضرورة ملحة لعودة العائلات إلى موطنهم الأصلي أو موطن الإقامة

مشكلة عدم خبرة الأمم المتحدة في تطبيق العقوبات المالية.

إن هذه الاشكالات وأخرى تحول دون تطبيق العقوبات الدولية الذكية على أحسن وجه، ولا يخفى أن في بعض الأحيان تمس هذه العقوبات بحقوق الانسان خصوصا عندما لا يتم إنتقاء حقيقي للفئات المستهدفة، وترجع هذه المشكلة إلى عدم الخبرة في التطبيق وهذا ما يؤدي إلى خرق حقوق الانسان من جهة، وعدم نجاعة العقوبات الدولية الذكية من جهة ثانية.

خاتمة :

من هنا نخلص أن الأديان السماوية لها صدى كبير في إرساء منظومة حقوق الإنسان والنهوض بها، بل أكثر من ذلك وقفت ضد بعض محاولات إقرار الأفعال اللاإنسانية واللأخلاقية، التي نادى بها البعض في المؤتمرات الدولية، ونتحدث ههنا عن الدين الإسلامي، ويرجع هذا إلى أن الدين الإسلامي مازال حاضرا بقوة في الجانب المعاملاتي والاخلاقي، عكس المسيحية التي تم اقصاؤها في هذا الميدان. أما اليهودية فرغم قوة إيمان معتنقيها وتحفظهم إلى حد يمكن مقارنته مع قوة إيمان المسلمين، إلا أن اليهوديين لديهم إهتمامات مادية أكثر منها معنوية أخلاقية.

أما بالنسبة للأديان الوضعية فإشعاعها لا يكاد يتجاوز القارة الأسيوية بحيث أن المنظومة الاخلاقية والثقافية في آسيا تختلف كثيرا عن نظيرتها الغربية والاسلامية بقدر يصعب معه الحديث عن تأثير القيم الهندوسية مثلا على القيم الإسلامية أو المسيحية، لكن هذا لا يمنع من القول أن هذه الثقافة ساهمت في إرساء منظومة حقوقية خصوصا أمام وجود نسبة كبيرة من السكان يؤمنون بقيم هذه الديان، ففي أخر المطاف يلتقي هؤلاء بمرجعياتهم القيمية لمناقشة هذه الحقوق لوضعها في وثيقة دولية قانونية.

فالمواثيق الدولية لا يعدو أن تكون إلا آلية لحماية الحقوق التي كرستها الأديان والمنظومات الأخلاقية بشقيها الفطري والخارجي، والدليل على ذلك أن هذه المواثيق لا تجسد إلا إرادة الدول التي تفضي إلى قانون عام مقبول لديها.

لكن رغم ذلك لا يمكن أن نقول بشكل مطلق أن هذا القانون يفرض الزاميته بقوة لأن المجتمع الدولي مازال يعرف خروقات قانونية تستند إلى تحايلات على نصوص غامضة من جهة، وتوسيع تفسيرها من جهة أخرى.

وإذا أردنا أن نزعم بالقول أن القانون الدولي قانون إلزامي هذا يعني وجود مؤسسات دولية قادرة على فرض الالزامية عن طريق ردع الدول دون المساس بحقوق الإنسان، لكن هذه غاية لم تتحقق. فالعقوبات الدولية الشاملة التي فرضها مجلس الأمن من خلال قراراته تجاه العديد من الدول كالعراق وليبيا ساهمت في خرق حقوق الإنسان. فرغم الجهود المبذولة لتحديث هذه العقوبات لكي تكون استراتيجية لا تستهدف الأبرياء إلا أنه في حقيقة الأمر لم ترقى بعد إلى المستوى المنشود نتيجة العديد من الأسباب وهذا ما يجعلنا نوصي بما يلي :

ضرورة رد الاعتبار لدور الأديان في إرساء منظومة حقوق الإنسان، وكدا دراسة هذه الأديان ليعرف العالم الكم الهائل من القيم والحقوق التي جاءت بها، وكدا هذا سوف يساهم في تفعيل الصلح بين الأمم المختلفة عندما يتوصلوا إلى أن غاية الأديان واحدة، وإن ما يقال على بعضها من إشاعات ليست إلا دعاية لتشويه صورتها.

إعادة الاعتبار للثقافة الدينية خصوصا في جانبها المتعلق بحقوق الإنسان، مع تشجيع البحث العلمي الذي يهدف إلى دراسة الأديان، لأن هذا من شأنه أن يساهم في إعادة إحياء الدين في الجانب الأكاديمي، وخلق نوع من الجدب للباحثين ليهتموا بهذا الميدان، لأن بهذا سوف نتوصل الى دراسات حول الرؤيا المستقبلية لمصير الدين ومدى قدرته على ملاءمة التغيرات السريعة للمجتمعات والثقافات.

ضرورة إعادة النظر في بعض المواد القانونية في المواثيق الدولية التي يكتسيها غموض، وهذا لحسم في مشكلة هذا الغموض،  ثم الاتفاق على معنى واحد لهذه المواد وهذا من شأنه أن يحد من تباين التفسيرات.

تكريس جهود جبارة من طرف الأمم المتحدة لتطوير العقوبات الذكية لكي تكون رادعة ولا تمس بحقوق الإنسان لأن هذه العقوبات مازالت لم تبلغ المستوى المنشود.

 

 

 

 

 

 

 

هوامش

 

 

1-   القرآن الكريم سورة الاسراء الآية 33

2-    القرآن الكريم سورة الاسراء الآية 31

3-    -بسيوني-محمد شريف الوثائق الدولية المعنية بحقوق الانسان-المجلد الثاني-دار الشرق-القاهرة-2003 وقد نشرت هذه الوثيقة بتصريح من العهد الدولي لحقوق الانسان بجامعة دي بول شيكاغو

4 – التوراة-للأوليين الاصحاح 24 من الآية 17 الى 21

5 -التوراة-سفر الجامعة الاصحاح،26,25:7

6 – كتاب حقوق الانسان بين الفلسفة والاديان – حسن مصطفى الباش – الطبعة الاولى 1426 – دار الكتب الوطنية بنغازي -ص 56

7 – نفس المرجع ص 19

8 – نفس المرجع ص 20-21

9 – ذ. سميرة إبن خليفة – مجلة القانون الدولي للدراسات البحثية – العدد الاول-2019 – ص74.

10 – نفس المرجع ص73

11- نفس المرجع ص 75

12 – وثيقة العهد الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 1976 ص 1

13 – نفس المرجع المادة 7

14 – نفس المرجع المادة 9

15- ميثاق الامم المتحد – الفصل الاول

16 – المعاهدات الدولية الاساسية -منشورات الامم المتحدة – نيو يورك، جنيف 2006 ص73.

17 – نفس المرجع ص 57

18 – مجلة الفيصل العددان 497-598/مارس- ابريل 2018 -المقاومة الفلسطينية و تغيير المعادلة -نجيب الخنيزي ص31

19 – موقف المحكمة العليا الاسرائيلية من تطبيق اتفاقية لاهاي و جنيف على الاراضي الفلسطينية المحتلة-غياث يوسف ناصر – كلية الحقوق جامعة بيروت 2010 ص 1

20 – نفس المرجع – ص 31

21- العقوبات الاقتصادية الدولية بين الشرعية والاعتبارات الانسانية- تبينة عادل- جامعة محمد خيضر بسكرة كلية الحقوق والعلوم السياسية 2011/2012 ص22.

22-المرجع السابق ص 183

23-المرجع السابق ص  176

24 – المرجع السابق ص 194

25 -نورة السعدي- مجلة القانون الدولي للدراسات البحثية – العدد الاول-2019 – ص11

26- نورة السعدي- المرجع السابق- ص17

قد يعجبك ايضا