مصطفى الهايج: التدبير الميزانياتي ورهان الحكامة

شهد المغرب في الآونة الأخيرة مجموعة من  الإصلاحات همت مجالات مختلفة من بينها المجال  المالي عموما، و بشكل خاص الميزانية التي تعد أهم أداة بيد الحكومة لبلوغ أهدافها التنموية، فليس هناك أكثر من الجانب المالي إثارة للانتباه، فالعمليات المالية تستجيب لحاجات وتخضع لقواعد وتستعمل لبلوغ أهداف، فأي نشاط مرفق أو جهاز عمومي يتوقف وجوده أو استمراره على الجانب المالي، وهكذا، وأمام تعدد الاكراهات التي تواجه المالية العمومية، وعدم قدرة المقاربة التقليدية للتدبير المالي على مواكبة التحولات المتلاحقة التي يشهدها المغرب المعاصر، فقد تعززت حتمية الاصلاح على إثر إصدار القانون التنظيمي للمالية رقم 130.13، يتمحور حول تحديث التدبير الميزانياتي من خلال تكريس مبادئ الحكامة في تدبير الميزانية.

ورغم التطور العميق الذي يشهده العمل المالي للدولة، فإن تعريف الميزانية العامة يكاد لا يختلف في مضمونه كثيرا على التعاريف التي أعطيت للميزانية العامة و الدولة على الخصوص منذ القرن 19.

وهكذا، يعرفها الفقهاء و المهتمون بالعلم المالي: “بيان تقديري ترخص بمقتضاه السلطة التشريعية للسلطة التنفيذية بتحصيل الموارد العامة و صرف النفقات العامة خلال سنة مقبلة تنفيذا للسياسة الاقتصادية والاجتماعية“.

لقد ظهر هذا المفهوم لأول مرة في إنجلترا ابتداء من عام 1688م. أما في فرنسا لم تعرف الميزانية العامة طريقها إلى التطبيق إلا ابتداء من عام 1817.

و في المغرب لم يتم العمل بالميزانية إلا سنة 1913م. و لم يترسخ الإطار الدستوري لها إلا بعد إصدار أول دستور سنة 1960، ثم بعده دستور 1972م، و كذا الدستور المراجع لسنة 2011. و طبقا لأحكام الدساتير المذكورة، صدرت قوانين للمالية كان آخرها القانون التنظيمي الصادر سنة 1998 والقانون التنظيمي الجديد رقم 130.13 لسنة 2015  المتعلق  بالقانون المالي. هذا الأخير حمل مستجدات على مستوى مبادئ ميزانية الدولة لعلها تشكل تحولا جوهريا و مقاربة جديدة لتدبير الميزانية العمومية.

وفي هذا الإطار وإدراكا من المشرع المغربي بضعف تدخل البرلمان في مجال تدبير المال العام سواء تعلق الأمر بمرحلة إعداد قوانين المالية والتصويت عليها، أو من خلال تتبع وتنفيذ الميزانية والرقابة عليها، قام من خلال الدستور الجديد لسنة 2011، والقانون التنظيمي للمالية، بتوسيع نسبي لصلاحيات هذه المؤسسة  في المجال المالي إلى جانب السلطة التنفيذية.  وعليه سيتم من خلال  (المبحث الأول)، الحديث عن دور السلطة التنفيذية في تدبير ميزانية الدولة، والحكامة الميزاناتية ومتطلبات الجودة التشريعية، (المبحث الثاني).

المبحث الأول: دور السلطة التنفيذية في تدبير ميزانية الدولة.

تعتبر ميزانية الدولة بالنسبة للسلطة التنفيذية من أهم أدوات التخطيط المالي لديها، باعتبارها الأداة الأساسية التي تحدد أهداف الحكومة وسياستها وبرامجها وكيفية استغلال الموارد وعملية توزيعها، ومن العلوم أنه ليس هناك دولة تمتلك القدرة للحصول على موارد غير محدودة بصرف النظر عن مدى ثرائها، لذلك فإن أسس إعداد قانون المالية يرتكز في عملية المفاضلة بين البدائل المتاحة، وبمعنى آخر الكيفية التي يتم من خلالها تحقيق أكبر قدر ممكن من المنافع باستخدام موارد محدودة، كما أن تحضير وإعداد قانون المالية يؤثر في عملية تنفيذ البرامج والمشروعات لأنه يتولى عملية تخطيطها وتوزيعها، كما يمثل الوسيلة التي تتجسد من خلالها الخطط على الواقع الفعلي.

وهكذا ونظرا للأهمية التي تحتلها ميزانية الدولة يتطلب الأمر إعدادها من طرف الحكومة بشفافية وفعالية (المطلب الأول) وكذا نحو تقوية الرقابة الإدارية (المطلب الثاني).

المطلب الأول: إعداد ميزانية الدولة ومطلب الشفافية والفعالية

عند تقديم الحكومة لمشروع قانون المالية السنوي، الذي يعتبر مناسبة لاقتراح برنامجها السنوي لسياستها المالية، تعمل على عرض توقعاتها لصرف النفقات، واستخلاص الموارد، مع إبراز توضيحات عن كيفية مساهمة مقترحاتها في تحقيق أهدافها، لقياس مدى شفافية خطاب وأهداف الحكومة، وفي هذا الإطار وتنزيلا لمبدأ الشفافية عهد دستور 2011 للقانون التنظيمي للمالية تحديد طبيعة المعلومات والوثائق والمعطيات الضرورية لتعزيز المناقشة البرلمانية حول مشروع قانون المالية.

كما أنه من الأفق التي ينبغي أن يستشرف بلوغها القانون التنظيمي للمالية الجديد هو أفق الفعالية. وهو ما يعني أن القانون المالي السنوي سيقوم بضخ الوسائل الموضوعة رهن إشارته وصياغة البرامج التي تسعى إلى إنجازها الدولة ضمن أهداف واضحة ونتائج قابلة للقياس، فكل قطاع وزاري عليه أن يعلن عن الأهداف والنتائج التي يرمي تحقيقها ويقرنها بمجموعة من المؤشرات التي تسمح بقياس النتائج المحققة بالنسبة للأهداف المتوخى بلوغها.

ومن الملاحظ أن هذا المسار قد سارت في اتجاهه الحكومة المغربية من خلال اعتماد مجموعة من الآليات المالية الجديدة والتي طالت تحديدا إصلاح الرقابة على تنفيذ الميزانية وشمولية الاعتمادات وتقييم النتائج واعتماد إطار للنفقات على المدى المتوسط، وهي كلها إجراءات خاصة بتدبير الميزانية العامة للدولة .

ويقصد بالشفافية وضوح موضوع النفقة وسلامة أهدافها وطرق إنجازها، فشفافية التدبير العمومي تنطوي على تفادي العمليات الضبابية والحيلولة دون ما يسمى النفقات السوداء. فهي تساهم في تحكم الإدارة في النفقة العامة بكيفية تراعي مردوديتها وفعاليتها حيث تكون الإدارة على بينة بأن جميع هفواتها وأخطائها ستكشف بسهولة، وستتمكن من تصحيحها وتجنب كل ما يعرض تدبيرها للمساءلة، وتقوية علاقة الثقة بين الإدارة والمجتمع باعتبارها تسمح للرأي العام بالوقوف على تفاصيل عمليات الإنفاق من خلال التقارير لتقييم مدى فعالية النفقات العامة وتقييم مردودية المرفق العام.

المطلب الثاني: نحو تقوية الرقابة الإدارية

فالرقابة الإدارية رقابة ذاتية تتولى في إطارها الإدارة بنفسها مراقبة مدى شرعية تنفيذها للعمليات المالية بواسطة أجهزة وهيآت متخصصة يخولها القانون سلطة التحقق من احترام الشرعية في تنفيذ العمليات المالية قبل تنفيذ هذه العمليات أو بعد تنفيذها.

كما نجد من بين أهم أجهزة الرقابة الإدارية، المفتشية العامة للمالية، التي تأسست بموجب ظهير 14 أبريل 1960، وتتميز هذه الأخيرة بشمولية رقابتها من حيث الاختصاص وكذا من حيث المجال، إذ يعهد إليها بمهمة الرقابة والتفتيش المالي.

إلا أنه ونظرا لكثرة هذه المهام أمام قلة الموارد البشرية، ترتب عنها محدودية في مراقبتها للمال العام.

وأخيرا إن معالجة مختلف الاختلالات التي يعرفها أداء المفتشية العامة  للمالية، يتطلب بالضرورة الدخول في مبادرات إصلاحية وتعديلات تشريعية، تهم بالأساس تجاوز المقاربة التقليدية لمراقبة التصرف في الأموال العمومية، بحيث أصبح من اللازم اعتماد منهجية شاملة تتحول بمقتضاها المفتشية العامة للمالية إلى هيئة عليا مناسبة لمراقبة الاستخدام الأمثل والأنسب للموارد العمومية، عوض الاقتصار على مراقبة السلامة القانونية الشكلية للتصرف في المال العام.

كما يتعين تأمين كل الشروط والضمانات الكفيلة لرد الاعتبار لتقارير الرقابة والتفتيش، وذلك بتفعيل الجزاءات، بصيغة أخرى فإن توقيع التقارير الموثقة من مفتشي المالية رهين بمدى توقيع الجزاءات من طرف متخذي القرار لإعطاء العمل الرقابي مصداقيته وأهليته ومكانته.

 

 

 

 

المبحث الثاني: الحكامة الميزاناتية ومتطلبات الجودة التشريعية.

إن السلطة المالية للبرلمان هي محور التفكير حول المؤسسات والعلاقات بين الجهازين التنفيذي والتشريعي، وتظهر هذه السلطة على مستويات عديدة باعتبارها الجزء الأكثر حركية وأكثر ثورية في السلطة التشريعية .

من هنا تبرز أهمية موضوع الاختصاصات المالية للبرلمان، على اعتبار أن مبدأ الفصل بين السلطات يقتضي أن تلعب كل مؤسسة دورها كاملا في إطار الدولة(1).

هكذا فإن إصلاح الدور المالي للبرلمان يمر عبر إشراكه في إعداد قانون المالية، ومنحه آليات تمكنه من معرفة دقيقة بفعالية النفقة العمومية، وتحسين شفافية المعلومات المقدمة إليه من خلال ترشيد الجدولة الزمنية للإعداد والدراسة والمصادقة على قانون المالية. (المطلب الأول)، وتأهيل آليات الرقابة المالية للبرلمان (المطلب الثاني).

المطلب الأول: ترشيد الجدولة الزمنية للإعداد والدراسة والمصادقة على قانون المالية.

لازالت الحكومة تستأثر بمرحلة إعداد مشروع قانون المالية وذلك في غياب البرلمان ممثل الشعب، إلا أنه ومن أجل تكريس قيم التشاور والقطع مع ثقافة إقصاء البرلمان في المرحلة الإعدادية، يقترح القانون التنظيمي للمالية التأسيس لمرحلة تشاورية جديدة بين الحكومة والبرلمان، وإخباره- أي البرلمان- حول تطور الاقتصاد الوطني وحالة تقدم تنفيذ قانون المالية الراهن وتوجهات المالية العمومية والأهداف الإستراتيجية وبرامج العمل الأساسية وتطور المتحملات والموارد على مدى 3 سنوات وذلك قبل متم شهر يوليوز من كل سنة كما يقترح إدراج مراحل جديدة تخص إعداد الإطار المرجعي متعدد السنوات الذي يندرج في إطاره مشروع قانون المالية(2).

لهذا وفي إطار ترسيخ مبدأ الحكامة في إعداد مشروع ميزانية الدولة، يجب إشراك البرلمانيين في هذا الإعداد، وأخذ اقتراحاتهم بعين الاعتبار متى كانت مناسبة للتوجهات الحكومية، وتراعي الاعتبارات الماكرو- اقتصادية(3) .

ففي فرنسا مثلا نجد فيما يخص إمكانية التعديلات البرلمانية، في ظل القانون التنظيمي لسنة 1959 كان لا يسمح للبرلمان بتخفيض أو رفض الاعتمادات ذات التدابير الجيدة والتي تتطلب التصويت السريع، لكن مع (LOLF) لسنة 2001 عدم إمكانية رفع النفقات من طرف البرلمانيين تظل قائمة، ولكن تقدر بمستوى النشاط (المادة 47 من LOLF )، كما يسمح للبرلمانيين من أخذ المبادرة لزيادة اعتمادات برنامج، وكذلك إحداث وحذف أي برنامج(4).

المطلب الثاني: تأهيل آليات الرقابة المالية للبرلمان

تعد الرقابة المالية على السلطة التنفيذية من أن أنجع الوسائل الوقائية في المجتمع لخدمة قطاع ما، وأحسن جهاز مؤهل للقيام بذلك هو البرلمان، ويقوم بهذه المراقبة  عبر مجموعة من الآليات.

فإذا كانت مراقبة الملائمة هي مهمة السياسي ومراقبة المشروعية هي مهمة المحاسب، فإن مراقبة الأداء تجد مكانها ما بين المفهومين السابقين، وتقتضي تقريب النتائج والأهداف المحددة(5).

هكذا نجد من بين آليات الرقابة المالية التي بيد البرلمان، قانون التصفية الذي يعتبر كآلية لشفافية النفقة العمومية، كما أنه يعمل على تحليل فعالية النفقة العمومية وشفافيتها، ويتيح إمكانية الثقة في الآمرين بالصرف، كما أن هذا القانون يعتبر من بين أهم الوسائل التي من شأنها إعادة الاعتبار للرقابة البرلمانية(6).  وهو بذلك –قانون التصفية- يكون الأداة التي تمكن من تحديد الفرق بين المداخيل برسم التوقعات، وبين النتائج الفعلية للقانون المالي، كما يتمكن نواب الأمة من خلاله من التعرف على أوجه الاستعمال الحقيقي للتراخيص التي منحوها للحكومة، ومن الإطلاع على الحسابات النهائية للخزينة(7).

غير أنه وبالرغم من أهمية هذه الآلية في مراقبة النشاط المالي للحكومة، فإنها تفقد فعاليتها بسبب التأخير في إيداع قانون التصفية لدى البرلمان مما يؤدي إلى إفراغه من محتواه.

كما تبقى من أهم الآليات التي بيد البرلمان لمراقبة الحكومة في المجال المالي اللجان البرلمانية، فهي كالقلب النابض للبرلمان، وبها يتم تحديد دور البرلمان الحقيقي ومدى فعاليته وقدرته على تأكيد استقلاليته ودوره الرقابي، وهي الأكثر قدرة على مراقبة مشروعية الموازنة في جميع مراحلها من الإعداد إلى التنفيذ، ومن بين هذه اللجان، نجد لجنتي المالية (مجلس النواب، مجلس المستشارين). التي تعتبر بمثابة برلمانات مصغرة إذ تلعب دورا كبيرا في مراقبة المال العام، وذلك من خلال الوسائل والآليات التي تخولها لها النصوص التشريعية والتنظيمية.

إلا أنه وبالرغم من الأهمية التي تحتلها لجنتي المالية فإنها تواجه جملة من الإكراهات والعوارض التي تحول دون القيام بأدوارها الرقابية، لدى يبقى من الضروري أن تتعزز مكانتها في الرقابة على تنفيذ قوانين المالية، وتمتيعها بالحق في الحصول على المعلومات التي يمكن أن تساعدها في تأدية مهامها الرقابية بالفعالية الضرورية(8).

إضافة إلى دور كل من قانون التصفية واللجان المالية في مجال الرقابة، نجد آلية طرح الأسئلة الشفوية والكتابية التي لا تقل أهمية عنها، إذ تمثل هذه الأخيرة، الإجراء الأمثل لأداء رقابة وازنة بحيث تكفل لأعضاء البرلمان متابعة أعمال الحكومة في تنفيذ السياسة المالية العامة للدولة من خلال مطالبة السلطة التنفيذية بتقديم الأجوبة عن الأسئلة المطروحة، كما تمكن البرلمانيين أيضا من طلب استدعاء رؤساء أو مديري بعض المؤسسات العمومية للمساءلة بشأن الأجهزة التي يشرفون عليها(9).

غير أن ما يلاحظ على جلسة الأسئلة وخاصة الأسبوعية، هو تكرار نفس الأسئلة تقريبا في كلا المجلسين(10)، بالإضافة إلى المغالاة في توظيف البعد المحلي في الأسئلة البرلمانية بنوعيها.

وأخيرا ليفوتنا ما للجان تقصي الحقائق من أهمية، إذ يبقى تكوينها من أهم آليات الرقابة البرلمانية على العمل الحكومي في المجال المالي ولقد أصبح للجان التقصي أهمية كبيرة في ملامستها للوقائع والتدخل من أجل التقصي، عن طريق جمع المعلومات واستدعاء الشهود، ثم رفع تقرير إلى المجلس الذي شكلها، وهذه الأهمية تجلت أكثر بتزامنها مع الثورة الإعلامية حيث أصبح تبني وسائل الإعلام لبعض القضايا والأحداث يفرض على البرلمان –باعتباره مرآة الانشغالات الكبرى للرأي العام-، أن يعمل كل ما في وسعه للتحقيق بشأنها، وتنوير المواطنين لانعكاساتها وتفاعلاتها .

إلا أنه بالرجوع إلى الفصل 67 أعلاه يتضح جليا بأن تكوين لجان لتقصي الحقائق من قبل أحد مجلسي البرلمان، تعد مبادرة محدودة الوقع وقليلة الأثر، ويرجع السبب في ذلك لرفع النسبة الواجب توفرها لتشكيل هذه اللجان رغم التعديل الذي طرأ عليها بموجب الفصل 67 أعلاه.

كما أن الدستور الجديد جاء بمستجد مهم يتعلق الأمر بتقييم السياسات العمومية. حيث لا تنتهي مهمة البرلمان بمجرد منح الثقة للحكومة، وإنما يستمر عمله من خلال الرقابة على مدى التزام الحكومة بما سبق أن تقدم به رئيسها أمامه في أول جلسة عمومية يعقدها البرلمان مباشرة بعد تعيين رئيس وأعضاء الحكومة.

كما أصبح البرلمان بإمكانه اللجوء إلى مساعدة المجلس الأعلى للحسابات في مجالات مراقبة المالية العامة ولتقديم الأجوبة والاستشارات المرتبطة بوظائف التشريع والمراقبة والتقييم المتعلقة بالمالية العامة.

وفي هذا الإطار يبقى من الضروري الاستعانة بما هو معمول به في النماذج المقارنة، خاصة النموذج الفرنسي الذي قطع أشواطا كبيرة في هذا الصدد، بما أدى إلى إضفاء نوع من المأسسة على الرقابة البرلمانية للجان  المالية وبنوع من الانتظامية والمهنية والاحترافية.

خاتمة:

  يتضح من خلال موضوع التدبير الميزانياتي ورهان الحكامة أن الإصلاح جاء نتيجة مجموعة من الأسباب منها ما هو داخلي، يتجلى في هيمنة السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية في المجال المالي، قدم بعض المساطر، محدودية المداخيل أمام تزايد وثيرة الإنفاق، ومنها ما هو خارجي يتمثل في العولمة وما أسفرت عنه من نتائج، وتمثلت هذه الإصلاحات أيضا في اعتماد المقاربة الجديدة التي تنبني على النتائج بدل الوسائل، وشمولية الاعتمادات وكذا التعاقد، بالإضافة إلى الشراكة  وتحسين البرمجة متعددة السنوات، وقد كان الهدف من كل هذه الإصلاحات هو تحقيق الحكامة المالية، فكان الأمر على خلاف ذلك للاعتبارات التالية:

  • مازالت هناك هيمنة الحكومة في المجال المالي على حساب السلطة التشريعية، وغياب النظرة التشاركية.
  • وجود بعض الإكراهات التي تحد من دور المجلس الأعلى في تدبير ميزانية الدولة.
  • ضعف دور كل من المجتمع المدني وكذا الصحافة في تحقيق الحكامة الميزانياتية.
  • ومن مظاهر سوء التدبير على الشأن العام ما يلي :

–  فقدان الدولة لحرمتها ومصداقيتها مما يتسبب في فقدان ثقة المواطنين بسبب انحرافها عن تأدية وظيفتها التي وجدت من أجلها.

– الرفع من تكلفة الخدمات المقدمة.

– عدم تكافؤ الفرص بين الجميع والشعور باللامساواة.

– الإغتناء الغير المشروع المؤدي إلى حدوث اختلال اجتماعي وواقع متردي ينتج عنه الفقر المدقع.

  • وعليه ولتجاوز هذه الإكراهات وغيرها فإن الأمر يتطلب:
  • إعادة التوازن المالي بين البرلمان والحكومة.
  • التنصيص على إلزامية إصدار القرارات من طرف المجلس الأعلى وضمان استقلالية قضاته.
  • إشراك المجتمع المدني في عملية تدبير ميزانية الدولة وذلك راجع لقربه من المواطنين ولعلمه بحاجياتهم اليومية.
  • مراجعة المنظومة القانونية المنظمة لمجال الإعلام في اتجاه منحه الإستقلالية حتى يتمكن من نقل الخبر وإشاعة الشفافية المالية.
  • تحسين بنية الميزانية عن طريق ترشيد النفقات وعقلنة الإيرادات.
  • مراجعة سياسة الإنفتاح وتحرير الأسواق مراجعة جوهرية.

المراجع المعتمدة

الهبري الهبري، الإختصاصات المالية للبرلمان المغربي، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية – وجدة، السنة الجامعية 2005-2006، ص 11. (1)

– محمد نجيب كومينة: “مقاربة لتعديل بنية القانون المالي ومراقبة تنفيذه”، مجلة الباب، عدد 1 – 2008. (2)

عثمان الزياني: “الرقابة المالية للبرلمان المغربي. بحث في سبيل التطوير والتفعيل في أفق إصلاح القانون التنظيمي للمالية “،منشورات مجلة الحقوق سلسلة الاعداد الخاصة 6-2013، ص 21-22، ص: 3. (3)

– منير العسري، ترشيد النفقات العمومية ، بحث لنيل شهادة الماستر في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ظهر المهراز- فاس، السنة الجامعية 2010-2011، ص 84. (4)

المنتصر السويتي: “البرلمان المغربي والرقابة على المال العام” مجلة وجهة نظر، عدد مزدوج 25-6-26/2005، ص 46. (5)

سعيد أصيل: ” الحكامة الجيدة بين المتغيرات والمتطلبات الوطنية”، منشورات سلسلة اللامركزية والإدارة الترابية، العدد 20، 2012، 84. (6)

عبد الرفيع بوداز: “السلطات الجبائية للبرلمان في ظل هاجس الحفاظ على التوازنات المالية”، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 101، نونبر- دجنبر، 2011، ص 184.(7)

أحمد مفيد.: “الرقابة البرلمانية على العمل الحكومي في الدستور المغربي الجديد” ، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 102 يناير- فبراير 2012، ص:13. (8)

المصطفى معمر، مدخل لدراسة المالية العامة (قانون الميزانية – القانون الضريبي)، مطبعة الوراقة-سجلماسة، طبعة 2012. ص:119. (9)

جميلة دليمي، “إصلاح القانون التنظيمي للمالية مدخل لترسيخ الحكامة الجيدة”، منشورات مجلة الحقوق سلسلة الأعداد 6-2013 ص 121 – 122. (10

ميمون خراط، “قراءة في مشروع القانون التنظيمي للمالية” منشورات مجلة الحقوق، سلسلة الأعداد الخاصة، العدد 6-2013، ص 90-91. (11)

دستور المملكة المغربية 2011 المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر الصادر بتاريخ 29 يوليوز 2011 . (12)

حسن طارق: السياسات العمومية في الدستور المغربي الجديد منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية سلسلة مؤلفات وأعمال جامعية، عدد 92 /2012. (13)

– كريم لحرش، “مغرب الحكامة التطورات ،المقاربات والرهانات”، سلسلة اللامركزية والإدارة المحلية، الطبعة الثانية 2011.

فريزة اشهبار، آليات تدبير القانون المالي ومتطلبات التنمية ، أطروحة لنيل الدكتورة في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، أكدال- الرباط، السنة الجامعية 2009-2010.

جميلة دليمي، “إصلاح القانون التنظيمي للمالية مدخل لترسيخ الحكامة الجيدة”، منشورات مجلة الحقوق سلسلة الأعداد 6 – 2013 .

فاطمة الزهراء هيرات، “من أجل مقاربة تشاركية في إعداد الميزانية السنوية: المجتمع المدني نموذجا”، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 104، ماي – يونيو 2012.

المعلومة القانونية

*مصطفى الهايج

باحث في سلك الدكتوراه القانون العام والعلوم السياسية بكلية الحقوق أكدال الرباط

قد يعجبك ايضا