الابتزاز الالكتروني عبر مواقع التواصل الاجتماعي، قضية “حمزة مون يييي” نموذجا

لا يخفى على أحد أن التطور الذي عرفه العالم، في ميدان تقنيات التواصل الفوري الاجتماعي ،أو الوسائط الالكترونية  ووسائلها،  بدءا من الهواتف الذكية المزودة بكاميرات رقمية دقيقة و حواسيب متطورة و انفتاح المجتمعات العربية على بعضها وعلى العالم الغربي بفضل المنصات الرقمية للتواصل الاجتماعي كان له أثرا بليغا على هاته المجتمعات من خلال عملية التأثير والتأثر . لكن يبقى الاشكال المطروح هو ,ما مدى التأثير الإيجابي وحسناته   لهذا الانفتاح وهاته الوسائل التقنية  و الجانب المظلم والسلبي لها .

في اعتقادي الشخصي ان استغلال هاته الوسائل الالكترونية في التوثيق السمعي البصري أو أحدهما دون الآخر قد مر من مرحلتين .

الأولى  : ( مرحلة بدائية) في بدايتها اقتصرت على بعض الأشخاص  من الفئة الاجتماعية الأقل وعيا و موردا للعيش دات ميولات منحرفة اذ استغلت هواتفها وكاميراتها للتربص,ببعض الأشخاص بصفة عشوائية و توثيق خطاباتهم الصوتية أو التقاط صور أو مقاطع فيديوهات لهم في غفلة منهم قصد ابتزازهم ، ومنهم من تعمد توثيق وقائع عادية قد تصادف حياتنا اليومية ونشرها عبر نطاق أوسع اعتقادا منه أنها أنجع وسيلة للتعبير عن حيف أو تجاوز تم رصده من قبله .

المرحلة الثانية: (مرحلة التطور)؛ وهي الانتقال من  الأسلوب الإعلامي  البدائي وتطويره ليصل إلى حد لجوء أناس من نخبة معينة يمكن تصنيفهم ضمن الفئة الأكثر وعيا وثقافة  بل حتى وضعها المادي لا يمكن مقارنته مع النخبة الأولى لكن الأهداف تختلف بينهما فالأولى ظروف استعمالها لهذا التصرف المجرم قانونا أسبابه لم تتعدى حدود المصلحة المادية الملحة أو تظلم معين في  حين أن النخبة الثانية طورت من أساليبها وتقنياتها في خرق نظم معالجة المعطيات الالكترونية وانتهاك حرمة البيانات الشخصية للأشخاص بهدف الكسب المادي على أوسع نطاق  أو بغية التشهير والانتقام من اشخاص آخرين  إما منافسين لهم او لأغراض ومنافع عينية تحت التهديد .

الفئة الموالية: وهي الأخطر   فهي فئة اهدافها مغايرة ومختلفة عن السالفة الذكر  حيث أن اهدافها تختلف عن سابقاتها على اعتبار أنها مسخرة من قبل جهات عدائية تخدم أجنداتها السياسية و الاقتصادية  وذلك باستغلال منصات التواصل لنشر الفتنة و زعزعة استقرار بعض البلدان من خلال نشر إما  أخبار زائفة أو مقاطع فيديوهات تتضمن وقائع تم توثيقها في بلدان أخرى تعيش ظروفا استثنائية ونسبها لبلد معين بهدف زعزعة استقراره  ،وأمنه الداخلي  وهاته الفئة أخطر من السابقات .

 

ووعيا من المشرع المغربي أننا أصبحنا أمام حرب خطيرة أسلحتها منتشرة بكثرة وفي متناول الجميع و جنودها يعملون خلف شاشات اسلحتهم  و بحسابات مقرصنة ووسائل تقنية معقدة ومتطورة  فقد عزم على أن يحارب هاته الجرائم الدخيلة على أوطاننا من خلال سن  قوانين تجرم التقاط صور لأي  شخص أو توثيق أي حدث دون إذن مسبق من صاحبه أو ترخيص وفق قانون الحريات العامة و قانون للنشر  الخاص بالصحافة  انطلاقا من قدسية خصوصيات الأفراد وحياتهم الشخصية علما أن هاته المسألة منصوص عليها بقانون المسطرة الجنائية المغربية  و معاقب عليها بمقتضى القانون الجنائي المغربي في بابه المتعلق بسرية الاتصالات والبريد  وما تلاها من نصوص قانونية بالقانون الجنائي المغربي وظروف تشديد عقوبة  ارتكابها اذا ارتبطت بجنح أو جنايات من قبيل التشهير  أو النصب أو الابتزاز إلى غاية المساس  بالأمن الداخلي للبلاد. وحيث أن خصوصية الأشخاص لا يمكن بأي حال من الأحوال انتهاكها إلا بنص وفي حالات محدودة و باذن مسبق من النيابة العامة فقد أضحى  ومع هذا المستجد لزاما على المشرع المغربي مواكبة هاته الآفة الخطيرة وملاحقة  مقترفيها نظرا لخطورة الجرائم التي أصبحت تنتج عن هاته الأسلحة المعلوماتية كما دأبت المديرية العامة للأمن الوطني على إحداث فرق مؤهلة تقنيا ومجهزة بوسائل متطورة لرصد محترفي هاته الجرائم المعلوماتية وتتبع خيوطهم والجهات التي تسخرهم  وارتباطا تهم  بجهات معادية لوحدة الوطن  أو ذات خلفيات متطرفة تنشط وفق أجندات معينة ولها  أهداف محددة .

ومن هنا يجب التعامل مع هاته الآليات المعلوماتية  من الزاوية الإيجابية لها في ما يعود بالنفع على  بلداننا ومجتمعاتنا و اقتصادنا دون أن نكون لقمة سائغة وسهلة في أفواه  بعض  الأشخاص الذين يسخرون هاته الآليات لتدمير ثقافتنا و اعرافنا و الخوض في عورات إخواننا وإنما استغلالها لتنمية بلداننا.

والله الموفق

المعلومة القانونية

*محمد نجمي

باحث في العلوم الجنائية والامنية

قد يعجبك ايضا