دور النيابة العامة في مسطرة تسليم المجرمين وفق المادتين “40و49″من ق.م.ج المغربي

مما لاشك فيه أصبح تسليم المجرمين وسيلة من وسائل التعاون القضائي فيما بين الدول، وذلك من أجل مكافحة الجريمة وتعقب المجرمين، لمنع افلاتهم من العقاب.

بطبيعة الحال يعد التسليم: ” هو ذلك العمل الذي تقوم به سلطات دولة ما، بناء على طلب رسمي من دولة أخرى، تضع بموجبه شخصا معينا في يد سلطات هذه الدولة الأخيرة التي تطالب بتسليمه إليها لمحاكمته عن جريمة جنائية ارتكبها فوق إقليمها، أو ينعقد الاختصاص بنظرها لقضائها”.[1]

وعليه فإنه من المبادئ المسلم بها في القوانين الوضعية (القانون الجنائي المغربي)، تضع مبدأ إقليمية النص الجنائي في المرتبة الأولى على غيره من المبادئ الأخرى، وهو ما نص عليه الفصل [2]10 من القانون الجنائي المغربي، ويتضح من مقتضياته أنه يطبق التشريع الوطني على جميع الجرائم المرتكبة على أراضيها بغض النظر عن شخص الجاني والمجني عليه، وهو ما يتمثل في فكرة سيادة الدولة على إقليمها، إلا أن إكراهات وعوائق التعاون الدولي في مكافحة الجريمة، دفع الدول إلى التدخل من أجل ابرام اتفاقيات دولية فيما بينها، من غرض تسليم المجرمين، التابعين لها رغم ارتكاب الجريمة خارج أراضيها.

وكما هو معلوم لدى الجميع أنه أصبحت تعرف الجريمة امتدادا واسعا وذلك من خلال شبكاتها المنظمة العابرة لحدود الدول، وما تستعمله من وسائل تكنولوجية حديثة، في ارتكاب جرائمها، ومن هذا فالمشرع المغربي أحسن فعلا عندما منح للنيابة العامة وسائل حديثة من أجل البحث عن أدلة لإثبات هذا النوع من الجرائم، وأيضا ضبط مرتكبيها من أجل متابعتهم ومحاكمتهم.

وبالتالي فهناك مجموعة من الوسائل لكن سنتطرق بالتوضيح إلى الوسيلة المتعلقة “بإصدار أوامر دولية بإلقاء القبض”، وهو من بين المستجدات التي جاء بها قانون المسطرة الجنائية المغربي. وهو منح وكيل الملك والوكيل العام للملك حق اصدار أوامر دولية للبحث وإلقاء القبض على المجرمين.

إن منح المشرع الجنائي من خلال قانون المسطرة الجنائي الحق للنيابة العامة بإصدار أوامر دولية بإلقاء القبض لتطبيق مسطرة تسليم المجرمين، لأن هذه الأخيرة كانت تشكل عائق أماما النيابة العامة في أدائها الكامل في التصدي للجريمة، التي غادر مرتكبها التراب الوطني، بحيث كان يتبين ذلك من خلال القضايا الجنحية التي لا يمكن عرضها أمام قاضي التحقيق من أجل إصدار هذا الأمر، بحيث يضل المشتبه فيهم بمعزل عن القضاء المغربي بسبب عدم إمكانية نشر الأوامر بإلقاء القبض التي تصدرها النيابة العامة في حق الجناة، وذلك لعدم توفر نص صريح يخولها حق إصدار هذه الأوامر.

  • وفضلا عن ذلك لقد تم التنصيص في الفقرة الثالثة من المادة 40 من ق.م.ج[3] أنه ” يحق لوكيل الملك لضرورة تطبيق مسطرة تسليم المجرمين، إصدار أوامر دولية بالبحث وإلقاء القبض”
  • وأيضا تم التنصيص في الفقرة الثامنة من المادة 49 من ق. م. ج [4]أنه ” يحق للوكيل العام للملك لضرورة تطبيق مسطرة تسليم المجرمين، إصدار أوامر دولية بالبحث وإلقاء القبض”.

وبالتالي هذا الإجراء الذي تضمنه قانون المسطرة الجنائية من شأنه  أن يواجه عدة أنواع من الجرائم، باعتبار مسطرة تسليم المجرمين تدخل ضمن التعاون القضائي مع الدول الأجنبية، في وقت انتشرت فيه الجريمة المنظمة والجرائم التي تتجاوز الحدود وتعدد مرتكبيها واختلاف جنسيتهم.

وفي حالة إصدار أوامر دولية بإلقاء القبض لا بد من تقدير شرط ضروري وهو” ازدواجية التجريم”، وهو يجب أن يكون الفعل مجرما في كلتا الدولتين، وذلك لارتباطه بالنظام العام، والتقيد بمبدأ الشرعية.

بحيث أوردت مسطرة التسليم اشتراط ازدواجية التجريم لكي يكون الفعل قابلا للتسليم[5]،    والمغزى من هذا الشرط هو عدم إفلات الشخص من العقاب، بحيث إذا كان العكس سوف يفلت الفاعل من العقاب حين لجوئه إلى دولة لا تجرم الفعل الذي ارتكبه في بلاده أو دولة أخرى، بالرغم من إذا كان فعله من أشد الجرائم وأخطرها.

 

 

 محمد عبد النباوي، ” تسليم المجرمين بين القانون الداخلي المغربي والاتفاقيات الدولية “، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، جامعة القاضي عياض، مراكش 2014/2015، ص (23).[1]

 الفصل 110 من القانون الجنائي المغربي( ظهير شريف رقم 1.59.413 صادر في 28 جمادى الثانية 1382 الموافق ل26 نونبر 1962)، منشور بالجريدة الرسمية عدد 2640 مكرر بتاريخ 12 محرم 1383 (5 نونبر 1963). [2]

  المادة 40 من ظهير شريف رقم 1.02.255 صادر في 25 من رجب 1423 (03 أكتوبر 2002) بتنفيذ القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية.   [3]

  المادة 49 من ظهير شريف رقم 1.02.255 صادر في 25 من رجب 1423 (03 أكتوبر 2002) بتنفيذ القانون رقم 22.01 المتعلق بالمسطرة الجنائية.    [4]

ومعناه لكي يكون الفعل قابلا للتسليم أن يعتبر الفعل جريمة ليس في نظر قانون الدولة الطالبة فحسب، ولكن يجب أن يكون جريمة في الدولة المطلوبة كذلك. [5]

المعلومة القانونية

*محمد الموعلي

باحث في العلوم الجنائية

قد يعجبك ايضا