“طلبة الحقوق تطوان” يتألقون في المحاكمة الافتراضية الرقمية “عن بعد”

نظمت شعبة القانون الخاص بكلية العلوم القانونية الاقتصادية والاجتماعية بتطوان بتاريخ  17 ماي 2020 ، وبشراكة مع المنتدى العلمي المغربي لفن المرافعة، محاكمة افتراضية مباشرة عن بعد من تشخيص مجموعة من طلبة ماستر المهن القانونية والقضائية، أعقبتها مباشرة مناقشة من قبل ثلة من أكابر السادة الأساتذة والدكاترة وعدد من الممارسين والخبراء في المجال العملي.

وقد جاء تنظيم هذه المحاكمة الافتراضية المباشرة الأولى من نوعها باعتبارها نموذج تطبيقي للمحاكم الحقيقية، حيث يقوم الطلاب من خلالها بممارسة أدوار تمثيلية من قبل دور القاضي ومحامي الدفاع ومحامي الطرف المدني والنيابة العامة وكتابة الضبط، وذلك في ظل حضور جمهور من المهتمين بمتابعة المحاكمة الصورية عبر النقل المباشر لها بوسائل التواصل الإجتماعي ، الشيء الذي يؤدي إلى تكريس مفهوم العلانية بالمعنى الدقيق.

وتكتسي المحاكمة الافتراضية الرقمية المباشرة أهمية بالغة لكونها تمكن الطالب من ترسيخ المعلومة القانونية وحسن التعامل معها في حياته المهنية.

وقد ابتدأت هذه المحاكمة بكلمة من السيد نائب عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية والذي بعدما أن عبر عن سعادته وترحيبه بالضيوف، أكد أن كلية الحقوق بتطوان لا تذخر جهدا في تنظيم وإقامة أي حدث يخدم الطالب الباحث وبعدها أحال الكلمة مباشرة على منسق ماستر المهن القانونية والقضائية ومنسق المحاكمة الصورية وكاتب السيناريو و مخرجها، الذي بعدما أن حمد الله عز وجل وأثنى عليه، عمل على تبليغ تحيات كل من رئيس جامعة عبد المالك السعدي وعميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بتطوان ، بالإضافة إلى توجيهه تحية شكر وتقدير للجنة المناقشة العلمية كل بإسمه وصفته.

وقد أشار منسق ماستر المهن القانونية والقضائية في مداخلته إلى موضوع المحاكمة الافتراضية الرقمية والذي يتمحور حول جائحة كورونا بإعتباره من مواضع الساعة الذي اجتاح العالم بأسره، وقد لخص أسباب نزول هذا الموضوع في مايلي:

أولا: المساهمة في توعية المواطنين من خلال التمسك بمرسوم قانون حالة الطوارئ الصحية.

ثانيا: توجيه تحية شكر وعرفان للذين يوجدون في الخطوط الأمامية من رجال الأمن ورحال السلطة والأطقم الطبية وغيرهم.

ثالثا:تكوين الطالب تكوينا ميدانيا للترافع أمام القضاء.

رابعا: تنمية المهارات اللازمة لممارسة المهن المساعدة للقضاء.

وقد ختم مداخلته بتوجيه التحية للسلطة القضائية في تدبيرها لهذه الجائحة دون المساس بحقوق الدفاع.

بعد ذلك أعطيت الكلمة لكل أعضاء اللجنة التحكيمية الذين عبروا وبكل اختصار عن سعادتهم وفرحتهم لتواجدهم في هذا العرس العلمي والمعرفي الذي يشكل سابقة من نوعها امتدادا للمحاكمة الصورية السابقة مع تغيير طريقة الأداء تعايشا مع الوضعية الوبائية التي تعرفها المملكة و التي تفرض علينا التباعد الجسدي، كما عبرت ممثلة الطلبة المشاركين في المحاكمة الافتراضية عن شرف كل مكونات ماستر المهن القانونية و القضائية بهذه الفرصة القيمة التي منحت لهم من منسق الماستر الأستاذ أحمد أبو العلاء لتجسيد المحاكمة الصورية المباشرة الأولى من نوعها معتزين بعطائه و ثقته الكبيرة في طلبته.

وبالتماس من السيد نائب العميد أعطيت الكلمة للرئيس بغية افتتاح جلسة المحاكمة، وقد دارت أحداثها حول جنحتي خرق قواعد الحجر الصحي مع العنف و التعديد تفعيلا لمرسوم بقانون حالة الطوارئ الصحية2.20.292  والتجاهر بالإفطار في نهار رمضان بدون عذر مشروع استنادا للفصل 222 من القانون الجنائي، وقضت هيئة المحكمة بعد مرافعة هيئة الدفاع وبعد حجزها القضية للتأمل بالحكم على المتهم طبقا للنصوص القانونية في إطار السلطة التقديرية المخولة لها.

وبعد انتهاء المحاكمة الافتراضية الرقمية المباشرة عن بعد تم إعطاء الكلمة للسادة الأساتذة والدكاترة بهدف التعقيب والمناقشة.

وعلى هذا الأساس تدخل الدكتور أحمد أبو العلاء منسق ماستر المهن القانونية والقضائية الذي أبدى فرحته من خلال تنويهه بالأداء المتميز المقدم من الطلبة المشاركين في المحاكمة الافتراضية الرقمية المباشرة، كما أكد أن ماستر المهن القانونية والقضائية يسعى لتقديم خريجين متميزين للمجتمع من خلال مادة الترافع أمام القضاء.

لتنتقل الكلمة الأستاذ أحمد قيلش: فقد استهل مداخلته بتوجيه تحية الشكر والتقدير للأعضاء المشخصين للمحاكمة الافتراضية، معتبرا هذه المحاكمة الصورية نموذجا يمكن للقائمين على الشأن القضائي الاعتماد عليه في تقييم اجابيات و سلبيات المحاكمة  عن بعد، ثم انتقل بعدها إلى إبراز جملة من الأسباب التي يجب على العدالة أن تأخذها بعين الاعتبار أثناء خرق قواعد حالة الطوارئ من قبيل مثلا عدم اعتياد المواطنين على مثل هذه الإجراءات ، بالإضافة إلى الضغوطات النفسية التي لايمكن التحكم فيها، بعد ذلك لجأ إلى مناقشة الدفوع الشكلية من خلال سلطة الخيار التي يملكها المتهم في القبول أو الرفض بمحاكمته، بمعنى أن محاكمة المتهم راجع إلى توافر مجموعة من الشروط منها: حالة الضرورة، بالإضافة إلى قبولها من قبل المتهم استنادا للمادة الثالثة من قانون حالة الطوارئ الصحية، كما أبرز الأستاذ قيلش في مداخلته أهمية السياسة الجنائية في مشروع القانوني الجنائي الجديد مع تأكيده على أن العقوبة غير كافية للردع والزجر، ويستند في هذا إلى واقع ظاهرة الاكتظاظ من داخل المؤسسات السجنية، كما أشار إلى ضرورة إعطاء النيابة العامة في إطار السلطات المخولة لها قانونا بدائل أخرى في تحريك الدعوى العمومية كالمراقبة القضائية بدل اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي، والسجل الإلكتروني، هذا مع توسيع وعاء الغرامة المالية باعتبارها من البدائل أيضا، وقد ارتأى الاستاذ “قيلش” إلى طرح جملة من الأسئلة اللصيقة بالمحاكمة العادلة وهي :

-هل تم الإطلاع على نفسية المتهم من قبل للهيئة القضائية؟

– هل تم الاستماع إلى مشاكل ومعاناة المتهم؟

-هل فعلا اقتنعت الهيئة القضائية بغية الحكم على المتهم؟

-هل المحاكة عن بعد توفر الاحترام التام لمبدأي السرية والعلانية ؟

ليبقة الإشكال الجوهري : هل يمكن اعتبار المحاكمة عن بعد نظام قانوني مستقل أم حسن تدبير للعمل القضائي ؟

وختم مداخلته في الأخير بضرورة إعادة كتابة القواعد القانونية من جديد.

أما الأستاذ البكاي معزوز: والذي بعدما أن عبر عن تهنئته للطلبة المشاركين في المحاكمة، أبرز بدوره هو الآخر مجموعة من الأهداف المتوخاة من تنظيم هذه التظاهرة ولعلها العمل على خلق طالب عملي يملك إمكانية فن الترافع من خلال ضبط قواعد وأصول المحاكمة، الشيء الذي تم تجسيده من قبل الطلبة المشاركين في المحاكمة الافتراضية، كما عرج الأستاذ “معزوز” في مداخلته إلى التنويه بموضوع المحاكمة باعتباره من المواضيع الاجتماعية الراهنية، هذا بالإضافة إلى طرح جملة من الإشكالات العملية التي يطرحها الفصل 222 من القانون الجنائي، وكذا تطرقه إلى مختلف الإكراهات الواقعية اللصيقة بقواعد الحضر الصحي من خلال زيغ بعض المواطنين عن الاحترام التام لهذه القواعد، وخلص في النهاية إلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار قواعد التدابير الوقائية والتي هي من صميم أعمال الشرطة الإدارية ببلادنا.

أما الأستاذ أحمد العلالي: فقد أدلى بدلوه على نفس نهج الأساتذة السابقين، حيث استهل كلمته بتقديم الشكر الجزيل لمنسق ماستر المهن القانونية والقضائية باعتباره مشرفا على تنظيم هذه المحاكمة من جهة، ولحسن اختياره لموضوع المحاكمة من جهة أخرى، إذ يرتبط ارتباطا وثيقا بالحق في الحياة وخاصة ارتباطه بثقافة حقوق الإنسان المتعارف عليها كونيا والمنصوص عليها عالميا في مختلف التشريعات، كما انتقل الأستاذ ” العلالي” إلى إبراز أهمية الموضوع من زاوية التشريع والفقه على حد سواء، مع تمييزه في الأخير بين ماهو حق للمجتمع وماهو حق للفرد.

وانتهت مناقشة هذه المحاكمة الافتراضية الرقمية المباشرة بمداخلة فضيلة الأستاذ “البشير ازميزم” : استهلها بالتنويه بعمل طلبته في تنزيل أطوار المحاكمة و أكد على أهمية الإزدواجية والجمع بين التكوين القانوني والتكوين الشرعي لما في ذلك من أهمية قصوى بالنسبة للطالب الجامعي، بعد ذلك انتقل إلى ذكر راهنية موضوع المحاكمة في الشق المتعلق بالإفطار العلني خاصة وأن المجتمع الإسلامي يعيش ويتلذذ في شهر رمضاني تسوده خصائص ومميزات تجعله على قدر كبير من الأهمية، الأمر الذي دفع بالمشرع إلى توقيع  الجزاءات الخاصة بخرق قواعد شهر رمضان من قبيل التجاهر بالإفطار فيه في مكان عمومي تفعيلا للفصل 222 من القانون الحنائي، إلى جانب كل هذا أشار الأستاذ البشير إلى أن تشخيص المحاكمة من زاوية مرسوم قانون حالة الطوارئ الصحية كان على قدر كبير من الأهمية خاصة في ظل جائحة وباء كورونا المستجد، وقد خلص الاستاذ البشير في مداخلته إلى طرح توصية تتمحور حول إعادة تشخيص المحاكمة الافتراضية مع إمكانية اختيار كل طالب من جامعة يمثلها مادامت المصلحة هي مصلحة عامة، والجدير بالذكر أن هذه التوصية لقيت ترحابا ومشاركة من قبل الأساتذة أعضاء اللجنة التحكيمية، وكل هذا يدخل في إطار التجاريب بين الجامعات بغية تلاقح الأفكار وخدمة للطالب الجامعي  تعميما للفائدة ونشرا للمعرفة.

واختتمت مناقشة المحاكمة الافتراضية الرقمية عن بعد بخلاصة السيد نائب عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاحتماعية الذي جدد فرحته وسعادته على تسييره لهذه المحاكمة، كما وضع خيوط المساعدة رهن إشارة الطلبة الباحثين في إطار العزم على تنظيم مثل هذه الترافعات وكذا مختلف الندوات العلمية، وقد عرج بعد ذلك إلى قراءة الإحصائيات الخاصة بمتابعة المحاكمة الافتراضية والتي قدرت بأزيد من : 800 متتبع على المباشر من كل نواحي المدن المغربية ، وأكثر من : 290 مشاركة، وبهذا تكون هذه المحاكمة قد حققت نجاحا باهضا، وانتهى السيد نائب العميد شكر الضيوف أعضاء اللجنة التحكيمية كل بٱسمه وصفته.

وبدعاء الختم من الدكتور أحمد أبو العلاء رفعت الجلسة.

 

بقلم : محمد البوزرادي،  طالب باحث بماستر المهن القانونية و القضائية بكلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية بتطوان .

لمشاهدة أطوار المحاكمة الصورية الرقمية الإفتراضية المباشرة:

 

قد يعجبك ايضا