خصوصية الجزاء الجنائي في الجرائم الماسة بالعلاقة الزوجية

مقدمة:

تعتبر الأسرة هي النواة الأولى للمجتمع، والخلية الأساس التي يقوم عليها، لذلك حظيت باهتمام خاص من طرف جل التشريعات السماوية والوضعية، حيث عملت على إرساء قواعد خاصة لتنظيم العلاقات بين أفراد الأسرة.

وهو نفس الموقف الذي تبناه المشرع المغربي، فقد أحاط الأسرة بشكل عام والرابطة الزوجية على وجه الخصوص، بتنظيم خاص من خلال مقتضيات مدونة الأسرة، ورتب على هذا الميثاق مجموعة من الحقوق والواجبات المتبادلة بين الزوجين في إطار العلاقة الزوجية، والتي من بينها الإخلاص والعفاف وإحصان كل من الزوجين للأخر، بلزوم العفة وصيانة العرض والنسل.

واهتمام المشرع المغربي بالعلاقة الزوجية لم يقف عند تقريره لهذه الحقوق والواجبات، بل أكد هذا الاهتمام بالتنصيص على مجوعة من القواعد الجنائية الزجرية، التي تطال كل من يتعدى على هذه الحقوق والواجبات، ومن بين الجرائم التي تستهدف العلاقة الزوجية، نجد جريمة إهمال الأسرة، وجريمة الخيانة الزوجية، وجريمة قتل أحد الزوجين للآخر إذا وجده متلبسا بجريمة الخيانة الزوجية، وجرائم العنف والضرب والجرح والإيذاء المتبادل بين الزوجين، وجريمة السرقة بين الأقارب، وجريمة إخفاء الجناة، ومعلوم أن خرق القاعدة الجنائية يترتب عليه أثر قانوني ألا وهو الجزاء.

والجزاء الجنائي كما عرفه الفقه هو عبارة عن إجراء يقرره القانون ويوقعه القاضي على شخص ثبتت مسؤوليته عن الجريمة، ويعتبر الجزاء الجنائي مهما من الناحية الاجتماعية والقانونية، ووجوده يحقق العدل، ويبعث على الاطمئنان.

والمشرع المغربي وهو بصدد النظر في الجرائم المرتكبة بين الزوجين أخذ بعين الاعتبار شخصية الأزواج، وقداسة هذا الميثاق الغليظ، وأحاطها بنوع من الخصوصية على مستوى تحديد الجزاء، فالعلاقة الزوجية قد تكون سببا في تخفيف الجزاء أو تشديده، كما يمكن أن تكون سببا في الإعفاء منه، فإلى أي حد استطاع المشرع المغربي توفير الحماية اللازمة للعلاقة الزوجية من خلال  خروجه عن القواعد العامة المقررة لهذا النوع من الجرائم؟؟

للإجابة على هذا الإشكال سأتبع الخطة التالية:

المطلب الأول: أثر الرابطة الزوجية في تخفيف الجزاء وتشديده

المطلب الثاني: أثر الرابطة الزوجية في الإعفاء من الجزاء

 

المطلب الأول: أثر الرابطة الزوجية في تخفيف الجزاء وتشديده

الحديث سيكون هنا عن أثر الرابطة الزوجية في تشديد الجزاء (فقرة أولى)، في حين سأخصص(الفقرة الثانية) للحديث عن أُثر الرابطة الزوجية في شديد الجزاء.

الفقرة الأولى: أثر الرابطة الزوجية في تخفيف الجزاء

إن العقوبة المقررة في جريمة القتل هي الإعدام أو المؤبد أو السجن، غير أنه إذا تعلق الأمر بالقتل في جريمة الخيانة الزوجية، فإن لأمر يتغير نظرا لطبيعة وأهمية هذه المؤسسة في المجتمع، ويستفيد الجاني من عذر التخفيف، حيث جاء في الفصل 418 من القانون الجنائي المغربي ” يتوفر عذر مخفض للعقوبة في جرائم القتل أو الجرح أو الضرب إذا ارتكبها أحد الزوجين ضد الزوج الآخر وشريكه عند مفاجأتهما متلبسين بجريمة الخيانة الزوجية ”

إذن، وحسب النص أعلاه فإن الزوج المرتكب لجناية القتل في حق زوجه المتلبس بالخيانة الزوجية  يستفيد من مبدأ تخفيف العقاب، وهذا التخفيف رهين بتوفر الشروط التالية: صفة الجاني، وعنصر المفاجئة، القتل في الحال

صفة الجاني: الاستفادة من مبدأ تخفيف العقاب مرتبط بصفة الجاني؛ وهذه الصفة هي عقد الزواج القانوني الذي يربط بين الجاني والمجني عليه والمبرم طبقا لأحكام مدونة الأسرة.

وفي حالة انحلال الرابطة الزوجية بأحد الطرق المقررة في مدونة الأسرة ـ بالطلاق البائن أو التطليق أو الخلع أو الفسخ ـ فإن الزوجين لا يستفيدان من عذر التخفيف؛ لأن انحلال الرابطة الزوجية ينهي صفة الزوجية والتي هي من شروط التخفيف، بحيث يلزم من وجودها وجود التخفيف ومن عدمها عدم التخفيف.

وأما في حالة الطلاق الرجعي فالعذر قائم للزوج دون الزوجة؛ فالزوجية قائمة حكما ما دامت العدة لم تنته، ومن حق الزوج مراجعة زوجته متى شاء داخل العدة كما هو مقرر فقها وقانونا.

أما إمكانية استفادت الخطيبين من هذا المبدأ من عدمه فقد أثارت جدلا واسعا لغموض النص القانوني ونخص بالذكر هنا المادة 156 من مدونة الأسرة ذات الصياغة المضطربة والغامضة، وعلى العموم فقد حاول الاجتهاد القضائي سد هذا الخلل التشريعي حينما اعتبر أن الخطبة مجرد تواعد بالزواج وليست بزواج، فقد جاء في قرار للمجلس الأعلى سابقا- محكمة النقض حاليا- :

” الخطبة تواعد بالزواج وليست بزواج، ورفع دعوى إثبات النسب طبقا للمادة 156 من مدونة الأسرة لا يعطي الحق للمحكمة في تكييف هذه العلاقة إلى اعتبارها زواجا صحيحا ورتبت عليه آثاره”[1]

وحسب التعديل الأخير للفصل 418 المشار إليه أعلاه فإن مبدأ تخفيف العقاب يستوي فيه الزوج الجاني والزوجة الجانية ومقتصر عليهما ولا يتعداهما إلى الغير، وعليه فإذا كان الجاني أحد أقارب الزوج أو الزوجة فـإنه لا يستفيد من عذر التخفيف، حيث جاء في الفصل 130 من ق ج ” المشارك في جناية أو جنحة يعاقب بالعقوبة المقررة لهذه الجناية أو الجنحة ولا تؤثر الظروف الشخصية التي ينتج عنها تشديد أو تخفيف أو إعفاء من العقوبة إلا بالنسبة لمن تتوفر فيه.”

وحصر المشرع الاستفادة من العذر بين الزوجين فقط، اعتبر مجانبا للصواب ؛ إذ كيف يصبر الأخ الذي يجد أخته متلبسة بجريمة الخيانة الزوجية، لذلك كان من الأليق تمديد هذا العذر ليستفيد منه أقارب الزوجين، وهذا ما نادى به مجموعة من الباحثين.

عنصر المفاجئة والتلبس: وعنصر المفاجئة يتحقق في الحالة التي يكون فيها أحد الأطراف واثقا من إخلاص الآخر وحسن سلوكه ثم شاهده متلبسا بالزنا.[2]

يفهم من هذا التعريف أن عنصر المفاجئة لا يتحقق إذا كان احد الزوجين يعلم بخيانة الطرف الآخر لانتفاء عنصر الاستفزاز، ولكن إذا شك أحد الزوجين في الآخر فترصد له وقتله هل يستفيد من عذر التخفيف؟؟

يجيب الأستاذ الخمليشي :” تتحقق المفاجأة إذا ضبط الزوج زوجته متلبسة بالخيانة الزوجية، ولم يكن متيقنا من قبل من هذه الخيانة، فتشمل إذن الحالة التي لم يسبق للزوج فيه أن ارتاب في سلوك زوجته، وكذلك الحالة التي تكون لديه فيها شبهات وشك ثم يضبطها صدفة أو نتيجة لرقابته إياها.[3]

فعنصر المفاجأة يكون متحققا  في الحالة التي يتتبع فيها أحدهما الأخر نتيجة شبهات أو شك.

وأما حالات التلبس فأشار إليها الفصل 56 من قانون المسطرة الجنائية، وهي:

أولا: إذا ضبط الفاعل أثناء ارتكابه الجريمة أو على إثر ارتكابها

ثانيا: إذا كان الفاعل مطاردا بصياح الجمهور على إثر ارتكاب الجريمة

ثالثا: إذا وجد الفاعل بعد مرور وقت قصير على ارتكاب الفعل، حاملا أسلحة أو أشياء يستدل معها أنه شارك في الفعل الإجرامي أوجد عليه أثار أو علامات تثبت هذه المشاركة.

والشرط الثالث هو القتل في الحال: إذ يجب أن يكون ارتكاب الفعل الجرمي ـ القتل أو الضرب أو الجرح  ـ متزامن مع شرط المفاجأة.

وهذا الشرط يصعب ضبطه وتحديده بالقواعد والنصوص، لذلك فالمشرع المغربي لم يحدد وسائل محددة لإثبات هذا العذر، وأخضع هذه المسألة للسلطة التقديرية للقاضي الجنائي الذي يستشف من القرائن الموجودة أمامه ومن وقائع القضية وملابستها مدى توفر عذر الاستفزاز من عدمه، لاسيما أن عامل المفاجأة عامل ذهني مرتبط بشخصية الجاني بحيث يصعب وضع ضوابط تثبته “[4]

وعند توفر الشروط السابقة فإن الزوج الجاني يستفيد من عذر التخفيف، وتطبق عليه العقوبة المقررة للجنحة بدل الجناية، حيث جاء في الفصل 432 من ق.ج:”عندما يثبت العذر القانوني، فإن العقوبة تخفض إلى:

  • الحبس من سنة إلى خمس في الجنايات المعاقب عليها قانونا بالإعدام أو السجن المؤبد…”

وعليه فإن الزوج الجاني يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات بدل الإعدام أو المؤبد، فالمشرع المغربي اعتبر الجاني المرتكب لجريمة القتل نتيجة الخيانة الزوجية مجني عليه في عرضه وشرفه، لذلك ارتأى تمتيعه بالعذر المخفف للعقوبة.[5]

ونشير في الأخير إلى أن عذر التخفيف لا يغير وصف الجريمة من جناية إلى جنحة، وذلك بنص الفصل 112 من ق.ج حيث جاء فيه:” لا يتغير نوع الجريمة إذا حكم بعقوبة متعلقة بنوع آخر من أنواع الجرائم لسبب تخفيف أو لحالة العود.”

الفقرة الثانية: أثر الربطة الزوجية في تشديد الجزاء

من الجرائم التي شدد فيه المشرع المغربي الجزاء بسبب الرابطة الزوجية؛ جرائم الضرب والجرح والإيذاء حيث جاء في الفصل 404 من ق. ج  كما تم تعديله وتتميمه[6] ” يعاقب كل من ارتكب عمدا ضربا أو جرحا أو أي نوع آخر من العنف أو الإيذاء ضد امرأة بسبب جنسها أو ضد امرأة حامل، إذا كان حملها معلوما أوبينا لدى الفاعل، أو في وضعية إعاقة أو معروفة بضعف قواها العقلية، أو ضد أحد الأصول أو ضد كافل أو ضد زوج أو خاطب، أو ضد شخص له ولاية أو سلطة عليه أو مكلف برعايته أو ضد طليق أو بحضور أحد البناء أو أحد الوالدين كما يلي: …”

فعبارة “ضد زوجه” التي أضافها المشرع المغربي في الفصل 404 أعلاه كم تم تعديله وتتميمه بالقانون 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء[7]، يستفاد منها أن العنف الذي يرتكبه الزوج ضد زوجته لم يعد يدخل في نطاق الحالات العادية، بل أصبح ظرفا من ظروف تشديد العقوبة، والعنف الزوجي كما عرفه القانون 103.13 في بابه الأول هو:” كل فعل مادي أو معنوي أو امتناع أساسه التمييز بسبب الجنس، يترتب عليه ضرر جسدي أو نفسي أو جنسي أو اقتصادي للمرأة ”

وعليه إذا نتج عن الضرب أو الجرح أو لإيذاء مرض لا يتجاوز مدة 20 يوما فالعقوبة هي الحبس من سنة إلى سنتين وغرامة من 400 إلى 1000 درهم، وفي حالة سبق الإصرار والترصد أو استعمال السلاح  العقوبة هي الحبس من سنة إلى أربع سنوات والغرامة من 400 درهم إلى ألف، وإذا نتج عن الضرب والجرح والإيذاء عجز تجاوزت مدته 20 يوما يعاقب الجاني بالحبس من سنة إلى ست سنوات وغرامة من 400 إلى 1000 درهم، وإذا نتج عن الضرب فقدان عضو أو بتره، أو الحرمان من منفعته أو عمى أو عور أو أي عاهة دائمة فان العقوبة هي السجن من 10 إلى 20 سنة، وتضاعف في حالة الإصرار والترصد من 20 إلى 30 سنة، وإذا أفضى الضرب والجرح إلى الموت فإن العقوبة تكون من عشرين إلى ثلاثين سنة، وفي حالة الإصرار والترصد أو حمل السلاح  تكون العقوبة هي السجن المؤبد، و أما إذا كان الضرب والجرح بين الأزواج المفضي إلى الموت دون نية إحداثه فان العقوبة هي السجن من 20 إلى 30 سنة، وهذا ما قضت به محكمة الاستئناف بوجدة في القرار التالي: ” حيث قام المتهم بضرب زوجته الهالكة بواسطة ساطور مرتين علو مستوى الرأس …، وبناء عليه قضت المحكمة بمؤاخذة المتهم من أجل جناية الضرب والجرح العمديين بواسطة السلاح الأبيض المفضي إلى الموت دون نية إحداثه، ومعاقبته بثلاثين عاما سجنا[8].”

ومن الحالات التي تشدد فيها العقوبة بسبب الرابطة الزوجية نجد جنحة  الإمساك عمدا عن عن تقديم المساعدة لشخص في حالة خطر والعقوبة المقررة هي الحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين وغرامة مالية من 2000 إلى 10000 درهم، وتضاعف العقوبة، إذا كان مرتكب الجريمة زوجا أو خاطبا أو طليقا… [9]

ففي هذه الحالات التي ذكرناها أعلاه أصبحت الرابطة الزوجية سببا من أسباب تشديد العقاب، وغاية المشرع من وراء التدخل بالتجريم وتشديد العقوبة هو زجر جميع التصرفات الشادة التي تزعزع قيم الوفاء والإخلاص التي تقوم عليها العلاقة الزوجية، وبالتالي تحصين الأسرة من التفكك واختلاط الأنساب[10]

المطلب الثاني: أثر الرابطة الزوجية في الإعفاء من الجزاء

الحديث هنا سيكون عن الحماية الجنائية للعلاقة الزوجية عن طريق الإعفاء من العقاب  في جريمة السرقة بين الأزواج (فقرة أولى)، وجريمة إخفاء الجناة (فقرة ثانية).

الفقرة الأولى: الإعفاء من الجزاء في جريمة السرقة بين الزوجين

فالرابطة الزوجية كما يمكن أن تكون سببا في تشديد العقاب وتخفيفه، يمكن أن تكون كذلك سببا في الإعفاء منه بالمرة، فالأصل أن جريمة السرقة عاقب عليها المشرع المغربي بعقوبات تختلف حسب صورة الجريمة[11]، وهذا الأصل استثنيت وخرجت منه السرقة بين الأزواج، لأن العلاقة الزوجية تبنى على المكارمة والمودة والتعاون بين الزوجين وليس على المشاحنة، فكان من المناسب حمل طرفي العلاقة الزوجية على الصلاح، وهذا هو الاتجاه الذي سار فيه المشرع المغربي حينما نص في الفصل 535 على أنه: ” إذا كان المال المسروق مملوكا لأحد أصول السارق أو أحد أقاربه أو أصهاره إلى الدرجة الرابعة، فلا يجوز متابعة الفاعل إلا بناء على شكوى من المجني عليه، وسحب الشكوى يضع حدا للمتابعة.”

غير أن الإعفاء يكون من المسؤولية الجنائية فقط، وأما المسؤولية المدنية فتبقى ثابتة بنص الفصل 534  الذي بنص على أنه :” يعفى من العقاب، مع التزامه بالتعويضات المدنية، السارق في الأحوال التالية:

  • إذا كان المال المسروق مملوكا لزوجه
  • ….”

الفقرة الثانية: الإعفاء من العقوبة في جريمة إخفاء الجناة

فقد جاء في الفصل 297 من ق. ج ما يلي:” يعاقب بالحبس من شهر إلى سنتين وغرامة من مائة وعشرين إلى ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، كل من يخفي عمدا أحد الأشخاص مع علمه بارتكابه جناية أو بأن العدالة تبحث عنه بسبب جناية، وكذلك من يقوم عن علم بتهريب مجرم أو محاولة تهريبه من الاعتقال أو البحث أو من يساعده على الاختفاء أو الهروب.

ولا تطبق مقتضيات الفقرة السابقة على أقارب أو أصهار المجرم إلى غاية الدرجة الرابعة.

كما جاء في الفصل 299 م ق ج:” يعاقب بالحبس من شهر إلى سنتين وغرامة من مائة وعشرين إلى ألف درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين وحدها، من علم بوقوع جناية أو شروع فيها ولم يشعر بها السلطات فورا.

تضاعف العقوبة إذا كان ضحية الجناية أو ضحية محاولة ارتكاب الجناية طفلا تقل سنه عن ثمان عشرة سنة.

يستثنى من تطبيق الفقرتين السابقتين أقارب الجاني وأصهاره إلى غاية الدرجة الرابعة.

ولا يسري هذا الاستثناء إذا كان ضحية الجناية أو محاولة ارتكاب الجناية طفلا تقل سنه عن ثمان عشرة سنة.”

من خلال الفصلين أعلاه يتبين أن المشرع المغربي استثنى أقارب وأصهار المجرم من العقاب على جريمة إخفاء المجرم، وكذلك جريمة التستر وعدم التبليغ؛ لاعتبارات نفسية وعاطفية لا يمكن التحكم فيها، وعلى هذا  الأساس لا يمكن تكييف هذا التستر ولإخفاء على أنه تواطؤ مع الجاني.

خاتمة:

إن الأسرة هي الركن الركين والأصل الأصيل في بناء المجتمع، فبقوة وصلابة الأسرة يقوى المجتمع، وبتسرب عوامل الانهيار والتصدع إليها ينهار المجتمع، ووعيا من المشرع المغربي بقيمة هذه المؤسسة حاول إحاطتها بمجموعة من المقتضيات والنصوص القانونية الجنائية من أجل ضمان الأمن والاستقرار الأسري.

ومن أجل المحافظة على مؤسسة الأسرة جرم المشرع المغربي مجموعة من الأفعال الماسة بالعلاقة الزوجية ـ الخيانة الزوجية، وإهمال الأسرة، وجرائم العنف والضرب والجرح والإيذاء المتبادل بين الزوجين والسرقة، وأحاطها بنوع من الخصوصية، وخرج عن القواعد العامة على مستوى المتابعة والجزاء.

وتدخل المشرع المغربي بالمقتضيات الجنائية كان من اجل تحصين الأسرة من الجرائم التي تهدد كيانها وقدسيتها، إلا أن هذه المقتضيات الزجرية لم تحقق الغاية المقصودة، ذلك أن جرائم الخيانة والإهمال والعنف والضرب والجرح بين الزوجين في ارتفاع مستمر، وحالات العود لا تحصى، وأمام هذا الوضع يبقى التفكير في العقوبات البديلة هو الحل، خصوصا على مستوى جرائم الإهمال، والطرد ولامتناع من إرجاع المطرد إلى بيت الزوجية، فالجزاء الجنائي في هذا النوع من الجرائم يعمق المشكلة.

الهوامش:

[1]  قرار صادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 01/01/2007، الملف الشرعي عدد 06/406، أورده رشيد براضة، المنازعات الأسرية ذات الصبغة الزجريةـ الرابطة الزوجية نموذجاـ

[2]  المنازعات الأسرية ذات الصبغة الزجريةـ الرابطة الزوجية نموذجاـ ، رشيد براضة، منشورات مجلة المنارة للدراسات والأبحاث القانونية والإدارية، ص 100

[3]  القانون الجنائي الخاص، أحمد الخمليشي، الطبعة الثانية،ج 2، ص88

[4]  المنازعات الأسرية ذات الصبغة الزجرية ـالرابطة الزوجية نموذجاـ ، م، س، ص 105

[5]  بشرى المعروفي، أساليب الحماية الجنائية للأسرة المغربية، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة محمد الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، ماستر قانون التجارة والأعمال، ص47

[6] تم تغييره وتتميمه بالظهير الشريف رقم 1.18.19 الصادر في 5 جمادى الآخرة 1439 (22 فبراير 2018) بتنفيذ القانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء.

[7]  ظهير الشريف رقم 1.18.19 الصادر في 5 جمادى الآخرة 1439 (22 فبراير 2018) بتنفيذ القانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، الجريدة الرسمية عدد 6655، 12 مارس 2018

[8]  “قرار عدد 198 ملف عدد 349\14، صادر عن محكمة الاستئناف بوجده، بتاريخ12/05/2015، أوردته بشرى المعروفي،م،س، ص43

[9] الفصل 431 كما تم تغييره وتتميمه بالظهير الشريف رقم 1.18.19 الصادر في 5 جمادى الآخرة 1439 (22 فبراير 2018) بتنفيذ القانون رقم 103.13 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء.

 بشرى المعروفي، أساليب الحماية الجنائية للأسرة المغربية، رسالة لنيل الماستر في القانون الخاص وجدة 2015ـ 2016، ص 35[10]

[11]  الفصلين 505 و506.

المعلومة القانونية

*بوبكر الصديق حمادي اليوسفي

طالب باحث بماستر قضاء الأسرة بكلية الشريعة والقانون، فاس

قد يعجبك ايضا