بلال بوزرادي: الرقابة الأبوية تحت المجهر

تلعب الرقابة الأبوية دورا مهما داخل الأسرة، في قيادتها قيادة صحيحة والحفاظ عليها وعدم تفككها، فكل هذا يدور حول ما يسمى بالرقابة الأبوية؛ وعندما نتحدث عن هذه الأخيرة فنحن نقصد تلقائيا دورالأم والأب وصلاحياتهما في تربية أبنائهم .
كما أن دور الأبوين لا ينحصر في أمر معين لأن لديهم (أي الأبوين ) السلطة المطلقة في تدبير أسرتهم ، وتسيرها لما يرضي الله أولا ولما يرضيهما ثانيا.

لكن في غياب طرف ما  -هل سيحدث خلل بهاته الأسرة؟ -وكيف يمكن إصلاحه والسيطرة عليه دون المس بكيان الأسرة وتدميرها؟

هي أسئلة كثيرة و إشكالات متعددة يفرزها لنا موضوع الرقابة الأبوية  ، وكذا من خلال تسليط الضوء على المشاكل والأزمات التي تعاني منها الأسرة المغربية عموما ، مما يخلف نتائج كارثية؛ حيث نسمع في  الآونة الأخيرة ارتفاع نسبة الطلاق مما يشرد ويدفع بذلك الأطفال إلى الهاوية ومما لا شك فيه سيكون لدينا مجتمع يقوم نشاطه الرئيسي على الكريساج ، والعديد من الظواهر الغير مسؤولة  والتي تجرد من المجتمع ثقافته وعاداته المعروفة وهنا يتم الحديث عن الثقافة المغربية بطبيعة الحال .
فلهذا تكتسي الرقابة الأبوية أهمية بالغة في الإرتقاء بالأسرة  مما يحفظ حرمتها من التحلل و الخروج عن القيم، و الأخلاق الحميدة  ويضمن تلاحمها.

ولكي لا تنحرف مكونات هاته الأسرة يجب وضع استراتيجية ترعى  جميع خصوصيات العائلة مما يحفظ أعمدتها من الزوال…

وكذا يجب تحديد الأدوار التي يجب أن يقوم بها الأب كأب  ، والأم كأم ، باعتبارهما أساس وجود الأسرة. .
فتنحصر المسؤولية الأولى لللأم فقط في التربية، لإعداد جيل يكون من أولوياته  الإحترام و الأخلاق وكذا المبادئ والقيم ،أما دور الأب يتجلى في جلب المال والعمل من أجل عائلته ، ولكي لا نقصي دوره من الجانب التربوي هو أيضا يساهم بشكل مباشروغير مباشر في تربية أبنائه …

التفكك الأسري:

غالبا ما يرتبط التشتت الأسري بسوء الرقابة،  وغالبا ما يكون  السبب الرئيسي وراء هذا التفكك هو عدم مواكبة التطورات التي تطرأ على الأسرة من قبل الأبوين،  فيمكن اعتبار على أن الأم والأب هما الأساس   لنجاح هاته الأسرة ورقيها،  وترجع لهم المسؤولية أيضا في خراب هاته الأسرة واندثارها.

حاول المشرع المغربي بدوره إصدار قوانين وتشريعات تضمن ديمومة الأسرة وتراعي خصوصياتها، كما أن المجتمع المدني بدوره يحارب في صمت وعلانية  من خلال مجموعة من المؤسسات والجمعيات،  كي تبقى هاته الأسر محافظة على سمعتها ومبادئها الفضيلة.

والتفكك الأسري من العوامل المؤدية إلى الانحراف الاجتماعي، وبالتالي الخروج عن ماهو متداول داخل المجتمع ، فبالرغم من القوانين الموجودة التي سنها المشرع المغربي ،لازلنا في دائرة الانحلال، *الانحلال الأسري* ،فهنا نجد العديد من الإشكالات التي تطرح نفسها حول كيفية إسقاط هاته القوانين وهاته التشريعات على المجال المدني بصفة عامة ، والمجال الأسري بصفة خاصة ؟؟!! ، وهل يكمن الخلل الأسري بالمغرب في طريقة سن وإصدار القوانين؟ ،أم في طريقة تطبيق وتفعيل هاته القوانين وملائمتها مع الواقع المعاش ؟

ففي الآونة الأخيرة، عرف المجتمع نوعا من التطور والتغير على مستوى البنية، البنية الأسرية والمجتمعية تغيرت، وبالتالي سيتغير أيضا ما يوجد فوق هاته البنية، لهذا نجد مجموعة من القوانين الحديثة التي لم تكن من قبل نظرا لسرعة تغير المجتمعات.

فالإشكال الموجود بالمغرب هو كون هاته السهولة التي تجدها السلطة التشريعية  في سن  وتشريع القوانين، لاتجدها السلطة التنفيذية في التطبيق والتنفيذ.

وهنا يظهر عجز الحكومات المغربية المتتالية في إتمام عملها على أحسن     وجه ، فمن العار أن نقوم بإصدار ونشر مجموعة من القوانين بالجريدة الرسمية ، ويكون تفعيلها فقط على الأوراق، فإلى أين بهذه العقليات؟  إلى أين بهاته الأفكار؟ إلى أين بهاته السياسات الفاسدة والغير هادفة ؟.

يتم تخريب المجتمع بهذه الطريقة، فالتشتت الأسري هو جزء من الكل ، وظاهرة بسيطة من بين مجموعة من الظواهر ، وخطورة الموضوع تكمن عندما تتفكك الأسرة،  ويبدأ الأبوين حياة جديدة منفصلين عن بعضهما ، فأين سيكون ملجأ ذلك الأطفال الذي لا ذنب لهما ؟.

هل هناك جمعيات بالقدر الكافي لمناهضة جميع أنواع المشاكل الاجتماعية؟

ومن المسؤول عن إيجاد الحلول ؟ هل الدولة ؟ أم المجتمع بذاته؟

هو موضوع مليء بالإشكالات والأسئلة ، نظرا لعدم سهولته وبساطته.

ومن الملاحظ أن المجتمع قد اعتاد على مشاهدة مثل هاته الظواهر ،والتأقلم معها لدرجة أنها صارت كشيء عادي، اعتاد الطفل على تعنيف الأب لأمه، وإعتاد المجتمع على اغتصاب الأب لإبنته، كما اعتاد الشاب على قتل أمه من أجل خمسة دراهم كونه يتعاطى للمخدرات، أما السرقة وسط النهار فحدث ولا حرج.

من هنا تظهر أسئلة أخرى، هل المغرب يفتقر حتى المثقفين؟ أين الأساتذة الجامعيين؟ وأين هو دور الأساتذة الباحثين؟

على مايبدو أن كل شيء في المغرب أصبح معطلا لأسباب نجهلها ولا يعلمها أحد.

يجب أن يكون هناك بحث علمي خالص من طرف الأساتذة الباحثين  في جميع القضايا والظواهر الخارقة التي صار المغرب يتخبط بها ، خصوصا الظواهر الاجتماعية الحديثة الظهور. ، فإن كان بالمغرب من يدعي فعلا أنه مثقف وأنه باحث فليبرهن عن ثقافته وعلمه الخام الذي لا ينفع به مجتمعه وأبناء بلاده ، وإلا عليهم أن يصمتوا في قولهم أنهم باحثون مثقفون.

المعلومة القانونية

*بلال بوزرادي

طالب باحث بجامعة عبد المالك السعدي، شعبة القانون، تطوان

قد يعجبك ايضا