الدعوى العمومية والدعوى المدنية

إن العدل هو أساس الملك وبه تستقر المجتمعات الإنسانية في حياتها، وعند فقده تصبح حياة الناس مثل الغاب لا يأمن الإنسان فيها على شيء في حياته وممتلكاته، فالإنسان اجتماعي بطبعه، لذلك كان لابد من علاقات تربطه بغيره، يترتب عليها معاملات وخصومات وتظالم في بعض الأحيان[1]، وكان للشرع الإسلامي دور كبير في ترسيخ العدل وذلك بالعناية بوسائل تحقيقه، ومنها القضاء، فأفسح للقضاء وأحكامه مجالا رحبا في الفقه الإسلامي وحرص أشد الحرص على نزاهته[2].

والدعوى حلقة وصل بين قانون الموضوع المنشئ للحقوق والقانون الإجرائي المنظم لإجراءات حمايتها.

ورغم أهمية الدعوى العملية والعلمية، فإن المشرع لم يضع لها تعريفا مما فسح المجال لاختلاف الفقه والقضاء بشأنها، ووسع المشرع هذا الخلاف بما أورده من شروط قبول الدعوة المتصفة بالإجمال مما أدى إلى غموض مضمونها وقصد المشرع منها، ما يدفعنا للتساؤل حول مفهوم الدعوى، والعلاقة بين الدعوى العمومية والدعوى المدنية؟

إن خطة البحث جاءت كما هو مبين أسفله، مقدمة، وفصلين وخاتمة، وذلك على النحو التالي:

مقدمة:

الفصل الأول: قراءة في مفهوم الدعوى

الفصل الثاني: المجال المشترك بين الدعوى العمومية والدعوى المدنية

الفصل الأول: قراءة في مفهوم الدعوى

تعتبر الدعوى وسيلة من الوسائل القانونية لحماية الحق، بالإضافة إلى وسائل أخرى وضعها المشرع تحت تصرف الناس لحماية حقوقهم[3].

وإن تناول مفهوم الدعوى، أصبح مجالا لاختلاف الفقه والقضاء، ووسع هذا الخلاف ما جاء به المشرع من شروط قبول الدعوى، إذ جاءت هذه الشروط في صورة مجملة مما أدى للخلاف حول مفهومها وقصد المشرع منها[4] قراءة في الدعوى العمومية (مطلب أول)، وقراءة في الدعوى المدنية (مطلب ثاني).

المطلب الأول: قراءة في الدعوى العمومية

الدعوى العمومية هي الطلب الموجه ممن له حق في إقامتها إلى قضاء التحقيق أو الحكم لإقرار حق الدولة في العقاب عن طريق إثبات وقوع الجريمة ونسبتها إلى متهم معين.

وسبب الدعوى العمومية هو الجريمة، وموضوع هذه الدعوى هو تطبيق العقوبات، وطرفاها هما النيابة العامة والمتهم.

فيترتب على كل جريمة الحق في إقامة دعوى عمومية لتطبيق العقوبات.

ويقيم الدعوى العمومية النيابة العامة، ويمكن أن يقيمها الموظفون المكلفون بذلك قانونا، كما يمكن أن يقيمها الطرف المتضرر، أو الهيئة القضائية إذا ارتكبت أثناء الجلسة جريمة لها وصف مخالفة، أو جهات أخرى كما هو الشأن بالنسبة للجرائم المنسوبة لبعض أصناف القضاة والموظفين.

ويمارس الدعوى العمومية قضاة النيابة العامة ضد الفاعل الأصلي للجريمة والمساهمين والمشاركين في ارتكابها[5].

أولا: أهم المحطات التي تمر منها الدعوى العمومية

1-إقامة الدعوى العمومية

جاء في المادة الثانية من قانون المسطرة الجنائية “يترتب عن كل جريمة الحق في إقامة دعوى عمومية لتطبيق القانون”، فالوسيلة المخولة في اقتضاء حق المجتمع في توقيع الجزاء على المجرم هي الدعوى العمومية، بحيث لا يمكن توقيع ذلك الجزاء على أي شخص مهما كان فعله خطيرا وثبت إجرامه إلا بإتباع مجموعة من الإجراءات الدقيقة والمعلومة والمتمثلة في إقامة الدعوى العمومية[6] أو ما يعرف بنشر الخصومة الجنائية أمام القضاء.

دور النص على الأحكام المتعلقة بإقامة الدعوى العمومية في المواد 3 و38 و51 و266 و267 و268 و359 و383 من قانون المسطرة الجنائية[7].

وإقامة الدعوى العمومية هي إثارتها أو تحريكها أمام هيئة التحقيق أو الحكم باتخاذ أول إجراء من إجراءاتها، سواء كان هذا الإجراء هو التماس إجراء التحقيق الإعدادي أو رفع للدعوى إلى المحكمة المختصة، أما إجراءات البحث ولو في حالة التلبس فإنها تخرج عن نطاق الدعوى العمومية ولا تترك بها[8].

2-أطراف الدعوى العمومية

إن الدعوى العمومية تمارس من طرف قضاة النيابة العامة ضد الفاعل الأصلي للجريمة والمساهمين والمشاركين في ارتكابها[9].

وبذلك نستشف أن المدعي في الدعوى العمومية “النيابة العامة”، والمدعى عليه في الدعوى العمومية للمتهم

ثانيا: قيود الدعوى العمومية وسقوطها

1-قيد الشكوى، قيد الأمر، الطلب، الإذن[10].

2-تسقط الدعوى العمومية بما يلي: صوت المتهم، العفو الشامل، إلغاء القانون الجنائي سواء بالنسبة للجرائم المكتشفة أو التي ظلت مجهولة، إبرام الصلح، سحب الشكاية، عدم تلقي الشكاية…إلخ[11].

المطلب الثاني: قراءة في مفهوم الدعوى المدنية

اعتبر البعض أن قانون الإجراءات المدنية جزء من القانون الخاص إذ يهدف في الأصل إلى حماية الحقوق الفردية التي تقررها القوانين الخاصة الأخرى وإلى تكريس تلك الحقوق بأحكام قابلة للتنفيذ[12]، ولكن ذلك هذا الرأي لا يبدو صحيحا على وجه مطلق، ذلك أن القانون المذكور يشتمل على أحكام عديدة تدخل في نطاق القانون العام، كالأحكام المتعلقة بالتنظيم القضائي، ويفرض الأحكام المتعلقة بالاختصاص، والأحكام المتعلقة بإجراءات الإثبات وبإصدار القرارات والتي تهدف جميعا إلى ضمان حسن سير العدالة وانتظام أعمال القضاء كمرفق من المرافق العامة[13].

أما الفقه المغربي فقد اعتبر أن مفهوم الدعوى يؤخذ بمعان مختلفة، بحسب الأحوال، فهي قد تفيد التجاء الفرد إلى القضاء ليعرض عليه دعواه محقا كان أو مبطلا، وهي تقترن بالحق على اعتبار أنه مصلحة يحميها القانون وهي وسيلته في ذلك، وهذا يثير الكثير من النقاش، مما يحول دون إعطائها تعريف موحد[14].

وقد عرفها الفقه الفرنسي “بأنها السلطة المقررة لصاحب الحق في المطالب قضائيا بحماية حقه، إزاء أي شخص يعتدي على هذا الحق أو ينازعه فيه: فهي إذن الحق المقرر لكل إنسان بمراجعة السلطة القضائية للحصول على حق مجحودا ومغتصب.

وقد تبنى مفهوم الدعوى عدة نظريات من أهمها:

-نظرية الارتباط[15].

-النظرية الحديثة[16].

-النظرية المختلطة[17].

فالنظرية الأولى تقول أن الدعوى تقترن بالحق اقترانا متينا، حتى قبل أن الدعوى هي الحق نفسه.

أما النظرية الثانية، فيكاد فقهاءها يجمعون على أن الدعوى مستقلة عن الحق الموضوعي وليست عنصرا من عناصره.

والنظرية الأخيرة، تقول هذه النظرية أن الدعوى ليست هي ذات الحق الذي تحميه، وليست مستقلة عنه، بحيث توجد بغيه أو يوجد بغيرها، بل هما منصهران في بعضها، ولا يكتمل الحق إلا بوجود الدعوى…إلخ.

 

الفصل الثاني: المجال المشترك بين الدعوى العمومية والدعوى المدنية

الأصل أن دعوى الحق العام يختص فيها القضاء الجزائي، ودعوى الحق الشخصي يختص بالنظر فيها القضاء المدني، إلا أنه لكل أصل استثناء، فإنه يمكن للمدعى المدني أن يرفع الدعوى المدنية أمام المحاكم الجزائية وهو ما يسمى بالدعوى المدنية التابعة (المطلب الأول)، وممارسة الدعوى المدنية التبعية (المطلب الثاني).

المطلب الأول: الدعوى المدنية التابعة 

1-تعريفها

تعرف الدعوى المدنية التابعة بأنها مطالبة من لحقه في الجريمة، وهو المدعي المدني من المتهم أو المسؤول المدني من الحقوق المدنية أمام القضاء الجنائي، بجبر الضرر الذي أصابه نتيجة الجريمة التي ارتكبها قاصر بالمدعي المدني[18].

كما تعرف أيضا بأنها دعوى الحق الشخصي التي يرفعها المدعى المدني الناتجة عن ذات الجريمة والموجهة إلى نفس المتهم أو المسؤول عن الحقوق المدنية أمام القضاء الجنائي للتعويض عن الضرر الذي لحقه جراء الجريمة التي ارتكبها المتهم وأضرت به، والتبعية هنا يقصد بها التبعية الإجرائية، وليس التبعية الموضوعية، بحيث أطلق عليها هذا الوصف بأنها ترفع أمام قضاء غير قضائها الأصيل، ويفصل فيها قاضي غير مدني.

2-مدى تبعية الدعوى المدنية للدعوى العمومية

ينبع على وقوع الجريمة ضرر عام، وضرر خاص، فالضرر العام يصيب المجتمع، وينشأ عنه المطالبة بمعاقبة مرتكب الجريمة، ووسيلته في ذلك هي رفع دعوى عمومية أمام القضاء الجزائي، وهذه الأخيرة من النظام العام، أما الضرر الخاص فيصيب المصلحة الشخصية للفرد، وينشأ عنه الحق في إلزام الجاني بدفع التعويض عن الضرر الذي أصابه، ووسيلته  في ذلك رفع الدعوى المدنية أمام القضاء المدني، وهذه الدعوى ليست من النظام العام.

والأصل أن دعوى الحق العام يختص فيها القضاء الجزائي، ودعوى الحق الشخصي يختص بالنظر فيها القضاء المدني، إلا أنه لكل أصل استثناء، بما أن موضوع الدعوى واحد وهو الجريمة، فإنه يمكن للمضرور أو المدعي المدني أن يرفع الدعوى المدنية أمام المحاكم الجزائية، لتنظر فيها مع الدعوى العمومية، وهو ما يسمى بالدعوى المدنية التابعة، والهدف من ذلك تسهيل الإجراءات، وسرعة الفصل في القضايا، وتوحيد الحكم في الدعويين لتفادي تناقض الأحكام[19].

أما بالنسبة لقاعدة الجاني يوقف المدني، فإنه ونظرا لاتحاد مصدر الدعوى المدنية بالدعوى العمومية، والمتمثل في الجريمة، فإنه يجب على المحكمة المدنية أن توقف الفصل في الدعوى المدنية إلى حين صدور حكم في الدعوى العمومية.

وتعتبر قاعدة الجنائي يوقف المدني من أولويات حجية الحكم الجنائي على الحكم المدني، بما أن الحكم الذي تصدره المحكمة الجزائية يقيد القاضي المدني، فمن المنطقي أن يرجئ الفصل في الدعوى المدنية لحين الفصل في الدعوى العمومية بحكم نهائي[20].

المطلب الثاني: ممارسة الدعوى العمومية

كأصل عام ترفع الدعوى المدنية أمام المحاكم المدنية، ونظرا لأن لكل أصل استثناء، فقد أوجد المشرع المغربي استثناءا مهما من هذا الباب، وذلك عندما تكون الدعوى المدنية ناتجة ومؤسسة عن فعل يعد جريمة، حيث يصبح للمتضرر من الجريمة الحق في أن يقيم دعواه المدنية بحسب اختياره أمام القضاء المدني أو أمام القضاء الجنائي موازاة مع الدعوى العمومية، وهذا ما يسمى بحق الخيار المنصوص عليه في المادتين 9 و10 من قانون المسطرة الجنائية.

1- يعتبر حق الخيار من الأمور الثابتة ويمارس من خلال سلوك احد الطريقين الجنائي أو المدني ، مع امكانية الرجوع الى الطريق الآخر اذا توافرت  شروط هذا الرجوع ، وتجذر الإشارة هنا انه في حالة سلوك الطريق المدني فإن ذلك يضعنا أمام قاعدة قانونية أساسية تتمثل في كون ممارسة الدعوى  أمام القضاء الجنائي يعقل ممارستها أمام القضاء المدني

2-يتحقق الخيار بسلوك المتضرر أحد الطريقين الجنائي أو المدني، ولإعمال الخيار آثار قانونية مهمة، فإذا قام المتضرر باللجوء إلى الطريق المدني خلف آثار قانونية تختلف بحسب الحالة التي تتولى فيها الدعوى المدنية والجنائية، أو تتزامنان..

ومنه فإنه يجوز رفع الدعوى المدنية أمام المحاكم الجنائية المختصة، وذلك نظرا لتبعية الدعوى العمومية، وإلى ذلك أشارت المادة 10 من قانون المسطرة الجنائية، أما إذا اختبار المتضرر إقامة دعوى المطالبة المدنية بصورة مستقلة أمام القضاء المدني، فإنه يتعين على هذه المحكمة ألا تفصل في هذه المطالب حتى يتم الفصل في الدعوى العمومية، وذلك إعمالا للقاعدة المشهورة التي تقضي بأن الجنائي يعقل المدني.

خاتمة:

إذا كان الفقه الفرنسي عرف الدعوى، بأنها السلطة المقررة لصاحب الحق في المطالبة قضائيا بحماية حقه…، فإنه لا يمكن حصر مفهوم الدعوى، بل إنها تؤخذ بمعان مختلفة بحسب الأحوال، فهي قد تفيد التجاء الفرد إلى القضاء ليعرض عليه دعواه محقا كان أو مبطلا، كما يذهب الفقه إلى اعتبارها وسيلة لتحريك القضاء…

لائحة المراجع:

القرآن الكريم.

-محمد إبراهيم البدارين: “الدعوى بين الفقه والقانون” عمان دار الثقافة، 2010.

-عبد الواحد العلمي: “شرح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية” الجزء الأول.

-أحمد أبو الوفا: “المرافعات المدنية والتجارية”.

-رمزي سيف: “الوسيط في شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية”.

-عبد الحكيم فودة: “وقف الدعوى المدنية لحين الفصل في الدعوى الجنائية” مكتبة الإشعاع القانونية.

-عبد الواحد العلمي: “شرح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية” 2014.

-عبده جميل غصوب: “الوجيز في قانون الإجراءات المدنية”.

-محامدي لمعكشاوي: “الوجيز في الدعوى وإجراءاتها القضائية في ضوء قانون المسطرة المدنية.

-محمد الأزهر: “الدعوى المدنية” مطبعة دار النشر المغربي 2010.

-محمد عبد الحميد الألفي: “قانون المسطرة الجنائية المغربي لدراسة مقارنة”.

-محمد عبد الغريب: “طبيعة الدعوى المدنية” مجلة إدارة قضايا الحكومة، العدد الأول، 1995.

الإحالات

[1]  محمد إبراهيم البدارين: “الدعوى بين الفقه والقانون” عمان دار الثقافة، 2010، ص: 15.

[2]يمكن العودة إلى سورة ، ص: 26.

-سورة النساء، آية 58.

[3]الدفاع الشرعي:

-حق حسب الدائن الأشياء المملوكة لمدينة إلى أن يوفي بما هو مدين به له.

-حق منح المالك المكتري من إخراج أمتعته من العين المكتراة إلا إذا أدى جميع ما في ذمته من أجرة الكراء.

[4]محامدي لمعكشاوي: “الوجيز في الدعوى وإجراءاتها القضائية في ضوء قانون المسطرة المدنية، ص: 11.

[5]محمد عبد الحميد الألفي: “قانون المسطرة الجنائية المغربي لدراسة مقارنة” ص: 69.

[6]عبد الواحد العلمي: “شرح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية” 2014، ص: 81.

[7]قانون المسطرة الجنائية، كما تم تعديله وتتميمه بمقتضى القانون رقم 23.05 والقانون رقم 24.05 الجريدة الرسمية عدد 5374 بتاريخ 28 شوال 1426 (فاتح ديسمبر 2005).

[8] محمد عبد الحميد الألفي، مرجع سابق، ص: 73.

[9]المادة 3 (الفقرتان 1 و2) من قانون المسطرة الجنائية.

[10]يمكن العود إلى المواد 278، 279، 280، 463 قانون المسطرة الجنائية، الفصل 39 من الدستور

[11]الرجوع إلى المواد 4 و5 و6 من قانون المسطرة الجنائية فضلا عن ظهير 6/2/1958 المعدل بظهير 8/10/1977 بخصوص العفو.

[12]من بين الآراء الفقهية المعتمدة، يمكن العودة إلى مرجع غراسونية وسيزار بروفي أصول المحاكمات المدنية والتجارية. سوليس وبروا في القانون القضائي الخاص.

[13]عبده جميل غصوب: “الوجيز في قانون الإجراءات المدنية” ص: 22.

[14]محمد الأزهر: “الدعوى المدنية” مطبعة دار النشر المغربي 2010، ص: 17.

[15]انظر رمزي سيف: “الوسيط في شرح قانون المرافعات المدنية والتجارية” ص: 103.

[16]نفس المرجع أعلاه.

[17]أحمد أبو الوفا: “المرافعات المدنية والتجارية” ص: 101.

[18] عبد الواحد العلمي: “شرح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية” الجزء الأول، ص: 213.

[19]محمد عبد الغريب: “طبيعة الدعوى المدنية” مجلة إدارة قضايا الحكومة، العدد الأول، 995، ص: 7.

[20]عبد الحكيم فودة: “وقف الدعوى المدنية لحين الفصل في الدعوى الجنائية” مكتبة الإشعاع القانونية، ص: 96.

المعلومة القانونية

*ذ/ امحمد العزوزي

طالب باحث بماستر المهن القانونية والقضائية

بكلية الحقوق جامعة عبد المالك السعدي – طنجة

قد يعجبك ايضا