الخدمة الالكترونية بالمغرب، أية بديل في ظل حالة الطوارئ الصحية؟

أثارت مخاطر الأوبئة والأمراض عبر العصور، الكثير من الأسئلة والاشكاليات الاقتصادية والاجتماعية والقانونية كذلك، ليتجدد النقاش اليوم على المستوى الدولي بخصوص آثار فيروس كورونا (covid 19) باعتباره وباء صحي عالمي، أضحى معه لزاما على كل شخص أن يتحرى بأقصى درجات الوقاية الصحية، حتى لا يعرض نفسه ومعه الاخرين لخطر الإصابة بهذا الوباء.

حيث اتخذت معه كافة بلدان المعمور، إجراءات حالة طوارئ  صحية[1] شبه موحدة، تجلت في إغلاق الحدود والحجر الصحي لمواطنيها، مخافة من انتشار العدوى التي حصدت أرواحا بشرية عديدة بالكثير من الدول، وهو ما وجد معه العالم اليوم نفسه أمام تحديات جسيمة، أجبرته على اتخاد قرارات مهمة بغية منع التجمعات البشرية، والتي من ضمنها تجمعات أماكن العمل التي تضم العديد من الأشخاص، مما أصبح معه لزاما اتباع إجراءات وقائية صارمة في ظل الأوضاع الصعبة، التي تحتاج لتدابير استثنائية توفق بين متغيرين أساسين، وهما استمرار الإدارة في تقديم خدماتها ما أمكن من جهة، ومنع التجمعات البشرية من جهة أخرى.

هذا، ونتج عن التقدم العلمي والتقني وانتشار شبكة الإنترنت، بروز تأثيرات عديدة على طبيعة وشكل عمل النظم الإدارية، التي تراجعت معها أشكال الخدمة العامة التقليدية إلى نمط جديد، يرتكز على البعد التكنولوجي والمعلوماتي لإعادة صياغة الخدمات العمومية، وجعلها قائمة على الإمكانات المتميزة للإنترنت وشبكات الاتصال، وبالتالي التحول نحو الإدارة الالكترونية[2] كمفهوم يعبر عن السرعة، والتفاعل الآلي، واختراق الحدود.

كما أفرز التحول نحو الإدارة الالكترونية جملة من التغييرات على مفهوم الخدمة العمومية، تؤسس في النهاية إلي مقولة نهاية الإدارة التقليدية، فهي نموذج يوفر الكثير من فرص النجاح، والوضوح والدقة، في تقديم الخدمات، وإنجاز المعاملات، وبالتالي أصبح التحول نحو الإدارة الالكترونية يمثل توجها عالميا، يشجع على تبني نظم الخدمات الالكترونية بامتياز.

وفي هذا السياق، وأمام هذا الظرف الاستثنائي، وأمام سياسة الحجر الصحي، أضحت الخدمات الرقمية مطلبا أساسيا في الحياة اليومية للأفراد، باعتبارها الخيار الأول لاستمرار العديد من الخدمات في ظل الانعزال المادي للمواطنين والحد من وتيرة تنقلهم.

الأمر الذي ناقشه العديد الباحثين القانونيين كل من مجال تخصصه، فأبينا معه إلا أن ندلي بدلونا في هذا الموضوع، ونحن ملتزمين بالحجر الصحي في منازلنا، من خلال إثارة تساؤلا محوريا ينساق حول حدود مساهمة الخدمة الالكترونية في الحد من انتشار فايروس كورونا بين المواطنين المغاربة؟

ولمقاربة الاشكال أعلاه، ارتأينا أن نتطرق (أولا) الى إلقاء نظرة حول واقع الخدمة الالكترونية بالمغرب، ثم ننتقل بعدها للحديث عن خدمة التعليم عن بعد، كأحد تجليات الرقمنة في هذه الظرفية الاستثنائية (ثانيا).

أولا: واقع جاهزية الخدمة الالكترونية بالمغرب

تنطلق خطوات التطوير الأولى في التأسيس لمشروع الإدارة الالكترونية، نحو إيجاد واقع وبيئة مناسبة لإحداث تحول ناجح، يمثل توجه المغرب نحو تطبيق تكنولوجيا المعلومات والاتصال كمدخل يعبر عن تغيير رئيسي في ثقافة وممارسة الأعمال الحكومية، وكوسيلة لتمكين الحكومة من تأمين إدارة أكثر كفاءة لمواردها، وبالتالي تمكينها من تنفيذ سياساتها وخططها بكفاءة وجودة عالية. حيث إن انتشار الأنترنت كتقنية محورية في استراتيجية التحول الإلكتروني يمثل مرحلة هامة في إرهاصات الانتقال نحو الخدمات الإلكترونية في المؤسسات الحكومية، واعتماد مفهوم الإدارة الالكترونية، كأداة لتطوير وإصلاح منظومات الخدمة العمومية.

وشكل تطوير الإدارة الإلكترونية أحد الأولويات الحكومية، منذ أواخر العقد الأول من الألفية الثالثة، غير أن هذا الورش لم يكن منظما بشكل كاف ولم يتم تدبيره عبر خطط عمل متناسقة، حيث أدى غياب استراتيجية موحدة تشمل كل الوزارات إلى تكون إدارة متعددة السرعات. إضافة إلى ذلك، لم تقم وزارة إصلاح الإدارة والوظيفة العمومية بدورها في دعم الإدارات وتشجيع التعاون وتبادل الخبرات الناجحة، وظلت على هامش المشاريع التي باشرتها بعض الإدارات، مما أدى إلى تقدم متباين لكل إدارة حسب الوسائل المتوفرة لديها.

هذا، وحقق المغرب سنة 2014، أفضل رتبة له في تصنيف الأمم المتحدة المتعلق بالخدمات الرقمية، وذلك خلال الفترة الممتدة ما بين 2008 / 2018. ومن بين 193 دولة التي شملها التصنيف، ارتقى المغرب من الرتبة 115 سنة 2008، إلى الرتبة 30 سنة 2014، كما تطور مؤشر الحكومة الالكترونية من الرتبة 140 سنة 2008، إلى الرتبة 82 في سنة 2014. لكن هذا التطور الإيجابي لم يستمر خلال السنوات الموالية، حيث تقهقر تصنيف المغرب بشكل ملحوظ سنة 2018، واحتل المرتبة 78 في مؤشر الخدمات عبر الإنترنت، والمرتبة 110 في مؤشر الحكومة الإلكترونية.

أما فيما يخص عاملي الرأسمال البشري والبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات، اللذين يشكلان المكونين الآخرين لمؤشر برنامج الحكومة الالكترونية الذي تضعه الأمم المتحدة، فإن تصنيف المغرب لم يعرف أي تقدم ملموس، وبقي في أسفل الترتيب الدولي في الرتبة 148 على مستوى الرأسمال البشري، والرتبة 104 على مستوي تطور البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات، مما يشكل عائقا أمام استعمال واسع للخدمات الرقمية المقدمة من طرف المرافق العمومية[3].

ويرتقب أن يعرف الطلب على الخدمات عن بعد تطورا ملحوظا في ظل الارتفاع المتواصل لمستوى ولوج المواطن للأنترنت، إذ أن نسبة ولوج الأسر لهذه الشبكة قد ارتفعت في الفترة ما بين 2014 و2018، حسب إحصائيات الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات، من (25 بالمائة) إلى (70 بالمائة). كما تم خلال نفس هذه الفترة تحقيق تقدم ملموس في الخدمات عبر الإنترنت في عدد من المجالات[4].

كل هذا يجعلنا نقر بأن تعميم الإدارة الرقمية ـ وبالتبع الخدمة الالكترونية[5] ـ كما يرى جانب من الباحثين، أضحت ضرورة ملحة في الحياة اليومية للأفراد، وتزداد إلحاحا في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر منها بلادنا، وذلك لما تتيحه ـ الإدارة الرقمية ـ من مرونة في التعامل من خلال توفير عنصري الزمان والمكان، اللذان يحققان السرعة والفعالية في تقديم الخدمات، بشكل يقضي على العراقيل البيروقراطية والتقيدات الإدارية، كما أنها إدارة بدون ورق، حيث يستبدل التعامل الورقي والتبادل المادي للمستندات بكل الطرق التي تدخل في إطار نظم المتابعة الآلية، مستخدمة في ذلك وسائل الاتصال عن بعد. مما يجعل منها البديل الأساسي في حالة الطوارئ الصحية التي تمر منها بلادنا.

وفي هذا الإطار، بادرت العديد من المؤسسات إلى تمكين مرتفقيها بالاستفادة من خدماتها عن بعد وبطريقة إلكترونية، بحكم الاقبال الكبير الذي تعرفه، وما يرافق ذلك من ازدحام أحيانا، كما أن التعاملات والتبادلات الورقية تمثل عامل خطر لانتشار عدوى الوباء، ومن منطلق حرصها ومسؤوليتها لضمان الأمن الصحي للمواطنين داخل رحابها، أصبح اعتماد الحلول الرقمية من الوسائل التي لا محيد عنها لضمان استمرارية العمل الإداري وتقليص تبادل المراسلات والوثائق الورقية، وذلك من خلال وضع منصات الكترونية تقدم خدمات في وقت وجيز وعن بعد.

من هذه المؤسسات، نجد ما سارت عليه المحاكم المغربية بعد تعليقها انعقاد الجلسات، حيث عمدت الى وضع بوابة الكترونية (www.mahakim.ma)، وكذلك صفحة الموقع الالكتروني الخاص بالنيابة العامة (www.pmp.ma)، من أجل تتبع الملفات والشكايات، كما عملت وكالة التنمية الرقمية [6]على الانخراط والتفاعل الإيجابي بغية دعم الإدارات العمومية في ورش الإدارة الرقمية من خلال الاتصال والتواصل عبر المنصة الرقمية (assistance.egov@add.gov.ma).

بعدما تطرقنا في هذا الجانب إلى إعطاء نظرة موجزة حول تقوقع المغرب في توفير واستغلال الخدمات الرقمية، ومدى تجاوب المواطن المغربي مع الخدمات الالكترونية في ظل الظروف العادية والاستثنائية، سوف ننتقل الى الحديث عن التعليم الالكتروني كأحد تجليات الخدمة الالكترونية في ظل الظرفية الراهنة.

ثانيا: التعليم عن بعد كإحدى تجليات الخدمة الالكترونية في ظل حالة الطوارئ الصحية

تغيّرت أنماط التعليم تغيرا جذريا خلال العقدين الأخيرين، وأصبح التعليم عن طريق الدوائر المغلقة حقيقة واقعة في كثير من الأماكن على مستوى العالم، وأصبحت المناهج الخاصة بالحاسوب وتكنولوجيا المعلومات تدرس ليس فقط في مدارس وجامعات الدول المتقدمة بل حتى في الكثير من الدول النامية.

ونظرا لحداثة هذه المصطلحات فقد تباينت الآراء حول التعريفات الإجرائية شأنها شأن الكثير من المصطلحات التربوية المعاصرة، فالتعليم الإلكتروني، والتعليم عن بعد، والأقسام الذكية، والجامعات الافتراضية، وغيرها من المصطلحات التقنية الحديثة التي تطبق بشكل عام في مسار واحد، هي توظيف شبكة الإنترنت بشكل رئيسي في عمليتي التعليم والتعلم، بغية تحقيق مستوى عال وفعال من الاتصال والتفاعل بين مصدر المعلومة والمتعامل معها.

وبالأمس القريب، توجهت المنظومة التعليمية بالمغرب نحو النهوض بقطاع التعليم والبحث العلمي ورقمنته، من خلال قانون الإطار رقم 51.17[7] المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، إذ نصت المادة الثالثة منه على: “ضرورة تحسين جودة التعلمات والتكوين وتطوير الوسائل اللازمة لتحقيق ذلك، ولا سيما من خلال تكثيف التعليم عبر التكنولوجيات التربوية الحديثة، والرفع من أداء الفاعلين التربويين…”.

أما اليوم، وبعد قرار إغلاق جميع المدارس والمعاهد والكليات، حرص المغرب على ضمان استمرار التعليم عن بعد، الأمر الذي شجعته الوزارة الوصية بدعوة هيئة التدريس إلى الانخراط في تسجيل وبث الدروس عن بعد، حيث تم إنشاء منصة إلكترونية من أجل استكمال الطالب دروسه ومناهجه التعليمية عبر الإنترنت بعد إصدار قرار بتعطيل الدراسة رسميا في جميع مدن المغرب، وإغلاق كافة التجمعات والحرص الشديد على عدم انتشار الفيروس بين الطلاب. فكان الحل هو استكمال الدراسة عبر المواقع الالكترونية التي وضعتها الوزارة الوصية عن قطاع التعليم.

ويأتي إطلاق المنصة تفعيلا لتوجيهات الرؤية الاستراتيجية للإصلاح التربوي 2015-2030، الرامية إلى الارتقاء بجودة التعليم، وتتضمن المنصة الإلكترونية (http://soutiensco.men.gov.ma)، دروسا في شكل فيديوهات، وملخصات، بالإضافة إلى تمارين في شكل ملفات، وأخرى تفاعلية، من أجل دعم التعلم عن بعد في مختلف المواد، والمؤسسات التعليمية.

كما إنه من حسنات التعليم عن بعد ـ ليس فقط تجاوز الظرفية العصيبة التي تمر منها بلادنا ـ تجاوز مشاكل الاكتظاظ التي تعرفها المؤسسة التعليمية بالمغرب نظرا لضعف الطاقة الاستيعابية للمدرجات، بالمقارنة بعدد المقاعد البيداغوجية التي تستقبلها المؤسسات التعليمية سنويا، بالإضافة الى نقص التجهيزات. فبإلقاء نظرة عن الجامعة نلاحظ بوضوح المشاكل التي تعاني منها، هذا، بالإضافة الى الظرفية الاستثنائية، تبين لنا نجاعة تعميم استعمال التكنولوجيات الحديثة للإعلام والاتصال في المؤسسات التربوية والمعاهد وبشكل أكبر في التعليم العالي، هذه التكنولوجيات هي قبل كل شيء سند قوي لتبادل المعلومات بين المعلم والمتعلم، مع العلم أن الحكم على تجربة التعليم عن بعد أمر صعب للغاية في ظل عدم وجود مؤشرات إحصائية،

بيد أن نجاعة هذه العملية يكمن أساسا في توفير بنية تحتية تقنية، تمكن ربط جميع المناطق النائية داخل المملكة بشبكة الاتصال التي تعتبر الركيزة الاساسية في انجاح التعلم عن بعد، إلا أن اعتماد سياسة التعلم عن بعد من قبل وزارة التربية الوطنية، سيمكن من بناء تجارب تكون ناجحة في المستقبل، باعتبارها مرحلة هامة جدا يمكن أن تستكمل بإنشاء جامعات افتراضية تؤسس لخدمات عن بعد بجودة عالية.

وبعيدا عن التفاؤل الذي ينتابنا عندما نقرأ الأسطر السابقة، سواء في الجامعات أو بمراكز التكوين، نجد أن هذه الأفكار قليلا ما تجتاز مرحلة الورق، أو المناقشة أو المحاولة، وحتى إن حدث وتجسدت تبقى بعيدة عن التعميم، وحكرا على فئة خاصة ومحدودة، بينما الهدف هو العكس، أي جعل تكنولوجيات الاتصال في متناول أكبر عدد ممكن من مستفيدي الخدمات التعليمية. كما أن هذه التجارب في ظل الظروف القاهرة الاستثنائية تبقى مجرد حلقات مفككة ومبعثرة، عوض أن تشكل سلسلة متكاملة ترسخ مبدأ الاستمرارية المطلوبة عند تطبيق أية خطة ينتظر منها نتائج عمليّة، كما إننا مازلنا بعيدين عن ثقافة تكنولوجيات الاتصال الحديثة لتصبح لغة يتواصل بها الطلبة والأساتذة والباحثين على اختلاف تخصصاتهم.

فالظرفية التي تمر منها بلادنا اليوم، فرضت على المؤسسات في مختلف القطاعات اتباع سياسة ترقيعية، بالجنوح نحو الخدمة الالكترونية لاستمرار الخدمات وضمان الاستفادة منها عبر البيئة الافتراضية، هذه الأخيرة تشكل مرتعا خصب للاعتداء على الحياة الخاصة للأفراد بمختلف تجلياتها، إذ أن ولوج المواطن لمواقع وتطبيقات الكترونية معينة والادلاء بمعطياته ذات الطابع الشخصي، يشكل مجازفة في ظل انعدام الأمن المعلوماتي من جهة، ووفرة أساليب الاختراق الذي تحدث عبر هذه التطبيقات من جهة ثانية، ونزكي قولنا هذا بالتحذير الصادر عن المديرية العامة لأمن نظم المعلومات التابعة لإدارة الدفاع الوطني، من استعمال التطبيق الشهير “زووم” الذي لجأت إليه العديد من المعاهد والمدارس والشركات من أجل الاعتماد عليه في التدريس عن بعد أو عقد اجتماعات افتراضية للاستمرارية ما أمكن[8].

خاتمة

وختاما، نقر، بأن الإدارة الإلكترونية تمثل مرحلة حاسمة في الانتقال نحو الخدمة الإلكترونية، والتحول من الاتصال المباشر للمواطنين مع مؤسسات الخدمة العامة، إلى التواصل الافتراضي عبر الشبكات الإلكترونية المختلفة، وتنطلق من الاستخدام الأمثل لمختلف الأجهزة، والمعدات، وبرامج تكنولوجيا المعلومات والاتصال، لتقدم حلولا للتعقيدات والمشاكل البيروقراطية التي تعترض الإدارة العمومية في شكلها التقليدي.

حيث أصبح من الضروري على كل الادارات، الدخول في مرحلة تطبيق الخدمة الإلكترونية، والانطلاق مما تتيحه تكنولوجيا الاتصال والمعلومات كأداة لترقية أنشطة ومهام مؤسسات الخدمة العمومية، وتساهم بصورة واضحة في تجسيد إصلاحات الخدمات المقدمة للمواطنين، وترفع من مستوى رقابة الفرد على كل ما تؤديه المنظمات العامة من خدمات، بما يتيح درجة عالية من الجودة على وظائفها.

فبذلك مثلت الإدارة الالكترونية مطلبا هاما تفرضه التحولات الالكترونية، وتنتهجه برامج الإصلاح الإداري، كمرحلة ضرورية في ظل العصر الرقمي، والانفتاح على المجتمعات العالمية والتفاعل الإنساني، وهو ما يقتضيه التطوير الحقيقي لمؤسسات الخدمة العمومية، الرامي إلى القضاء على التحديات البيروقراطية، وتسهيل مهمة طالبي الخدمات الالكترونية، التي تكرس الرقابة والشفافية، وتمنع المحاباة، والرشوة والمحسوبية، خاصة اذا كان التعامل يتم بشكل افتراضي وفق مقولة اتصل ولا تتنقل، وهو ما جعل الإدارة الالكترونية تمثل الخيار التنظيمي الأول لجميع مؤسسات الخدمات العمومية، ولا سبيل لترشيد الخدمات إلا بالتحول للنموذج الالكتروني، لما يمنحه من امتيازات و تسهيلات وما يضفيه من قيم المواطنة الرقمية.

الى هنا تظل ـ كما أشرنا الى ذلك ـ مجرد مبادرات، لا ترقى لمستوى الإدارة الرقمية القادرة على تحقيق أهدافها وضمان استمرارية خدماتها بالجودة المطلوبة، حتى في ظل الظروف العادية والمعتادة، دون استحضار الظروف الطارئة والاستثنائية التي تعيشها بلادنا هذه الأيام.

ولا يسعنا في الأخير إلا أن نرجو من “الله العلي القدير، أن يحفظ بلدنا وبلاد جميع المسلمين، وأن يرفع عنا البلاء والوباء، وأن يعجل بالشفاء رحمة لعباده الصالحين”.

بيبليوغرافي

[1]  والمغرب بدوره اهتدى الى ذلك بإعلانه حالة الطوارئ الصحية، بالبلاد بتاريخ 20 مارس 2020، والذي وضع مجموعة من القيود على حرية تنقل الأفراد وحدد الحالات التي يمكن فيها للفرد الخروج من بيته وهي: العمل واقتناء المشتريات الضرورية للعيش أو التنقل لشراء الأدوية من الصيدليات أو تلقي العلاجات، واشترطت للقيام بهذه التنقلات باستصدار وثيقة رسمية لدى رجال وأعوان السلطة. وتجد حالة الطوارئ أساسها القانوني في المرسوم المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ، المنشور بالجريدة الرسمية تحت رقم 2.20.292 الصادر في 28 من رجب 1441، الموافق 23 مارس 2020، عدد 6867. وكذا المرسوم المتعلق بإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر التراب الوطني، المنشور بالجريدة الرسمية تحت رقم 2.20.293، الصادر في 29 من رجب 1441، الموافق 24 مارس 2020، عدد 6867 مكرر.

[2]  أدى التطور السريع لتقنية المعلومات والاتصالات إلى بروز نموذج ونمط جديد من الإدارة في ظل التنافس والتحدي المتزايد أمام الإدارات البيروقراطية، كي تحسن من مستوى أعمالها، وجودة خدماتها، وهو ما اصطلح على تسميته بالإدارة الرقمية، أو إدارة الحكومة الالكترونية، أو الإدارة الالكترونية. بذلك فإن ظهور الإدارة الالكترونية جاء بعد التطور النوعي السريع للتجارة الالكترونية، والأعمال الالكترونية وانتشار شبكة الانترنت. سعد غالب، الإدارة الالكترونية وأفاق تطبيقاتنا العربية، المملكة العربية السعودية، معهد الإدارة العامة، 2005، الصفحة:3.

[3]  تقرير المجلس الأعلى للحسابات حول الخدمات على الأنترنت الموجهة للمتعاملين مع الإدارة، الصادر سنة 2019، http://www.courdescomptes.ma/ar/Page

[4] www.anrt.ma

[5]  تعتبر الخدمات الإلكترونية خدمات تستند إلى استخدام التكنولوجيا وتطبيقات الإنترنت المبنية على شبكات المواقع الإلكترونية لدعم وتعزيز الحصول على المعلومات وتوصيلها بكفاءة وفاعلية بالإضافة إلى أنها خدمات يمكن تلقيها او التفاعل معها عبر الوسائل الإلكترونية، للمزيد المرجو الاطلاع على، إيمان محمود محمد حسين، قياس جودة الخدمات الالكترونية باستخدام مدخل الفجوات دراسة تطبيقية في قطاع الاتصالات الأردنية،

قدمت هذه الدراسة استكمالا لمتطلبات الحصول على درجة الماجيستر في الأعمال الالكترونية قسم الأعمال الإلكترونية، كلية الأعمال، الشرق الأوسط، السنة الجامعية: 2011، الصفحة: 21.

[6]  ظهير شريف رقم 1.17.27 الصادر في 8 ذي الحجة 1438 / 30 غشت 2017، بتنفيذ القانون رقم 61.16 المحدثة بموجبه الوكالة التنمية الرقمية. المسند لها مهمة تفعيل استراتيجية المغرب الرقمي 2020.

[7]  ظهير شريف رقم 1.19.113 الصادر في ذي الحجة 1440 /9 غشت 2019 بتنفيذ القانون الإطار رقم 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، الجريدة الرسمية عدد 6805.

 [8] حيث أوضحت المديرية بأن التطبيق يحتوي على ثغرات تسمح باختراق البيانات الخاصة بالهواتف، وذلك عبر إرسال رابط للمستخدمين، يخول للمتسلل العبث بالبيانات والتحكم في الميكروفون والكاميرا. www.dgssi.gov.ma

المعلومة القانونية – عبدالإله معداد

طالب باحث بسلك ماستر المعاملات الالكترونية

جامعة الحسن الأول ـ السطات.

قد يعجبك ايضا