محمد عطيف: فيروس كورونا وتحليل النظام الدولي
أصبح فيروس كورونا يغزوا كل أرجاء العالم، حيث تفشى بشكل سريع، مما دفع الدول إلى إغلاق حدودها البحرية والجوية والبرية من أجل تصدي هذا الوباء وإحتوائه، ومن خلال ما يعرفه المجتمع الدولي من تدعيات التدهورفي المجال الإقتصادي بسبب فيروس كورونا، وبعدما كان العالم خاصة بين دول الشمال له علاقات متكاملة وتحالفات ضد القوى المستضعفة، ولكن زمام الأمور خرجت من بين أيدي القوى الكبرى بسبب جائحة كورونا، التي غيرت ملامح العالم، فان كانت الولايات المتحدة الأمريكية تواجه تحديات إقتصادية من خلال التنين الأسيوي (الصين) الذي أصبح يلعب دورا رياديا في المجال الإقتصاد العالمي، ويشكل منافسا قويا لأمريكا، يعني كيف يمكن تصور العالم ما بعد جائحة كورونا؟ وهل سينقسم العالم حقيقة أم فقط مجرد أن تنتهي هذه الأزمة الصحية سترجع الأمور إلى ما كانت عليها؟ تبقى هذه الأسئلة بدون الأجوبة حتى يظهر الإنفراج.
كما نعلم أن العالم يعيش في الوقت الراهن أزمة خانقة بسبب جائحة الفيروس كورونا في كل أرجائه، والمثير للانتباه أن القوى الكبرى بما فيها الولايات المتحدة الأمريكية، والإتحاد الأوروبي انعدمت فيما بينها التعاون الدولي لمواجهة هذا الوباء، مما يعني أن هذا الأخير رفع الستار عن حقيقة أمريكا والدول الأوروبية بعدما تركوا إيطاليا لوحدها تعاني من جراء الفيروس كورونا، وإلى حد الآن تتصدر إيطاليا دول العالم من حيث عدد الوفيات وعدم سيطرتها على هذا الوباء، وكذلك إن بعض الدول تعيش نفس الأزمة التي تعاني منها إيطاليا، كإسبانيا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وإيران… الخ.
وإن ما يقع الآن في الساحة الدولية، يحتاج إلى منطلقات التي يمكن أن يتم التحليل بها أو ما يسمى بالنظريات، فالعلاقات الدولية بدون هذه النظريات تبقى بعيدة عن الفهم، اي يصعب التحسس لها، فالظاهرة الدولية التي نعيشها الآن من جراء هذه الجائحة، تعتبر من أعقد المنظومات إلى حد الآن ،يعني ان النظرية، التي يمكن أن يتم بها التحليل خالية من التقنيات التي يمكن ان تفسر لنا ما يقع الآن في العالم ، هناك من سيلجأ إلى النظريات التقليدية وبعض النظريات الحديثة على سبيل المثال كمنوذج المباريات والإتصال بالنسبة للنظرية السلوكية، ونموذج التحليل النظامي والتكامل بالنسبة للنظرية الوظيفية، ولكن سيبقى يسبح في نطاق الفلسفة السياسية وبالأحرى سيسقط في التناقضات، فكأن النظريات والممارسة ضدان لا يلتقيان أبدا، رغم أن هذه النظريات تساهم في فهم وتفسير العلاقات الدولية وكذلك محاولاتها التنبؤ بالمستقبل .
يعني لا بد ان توضع نظرية جديدة أو تطويرها وجعلها ملائمة للعصر الحالي، فمثلا أن العالم الآن قد يعرف تغييرات جذرية بسبب الفيروس كورونا، مما يستدعي تقديم نظريات جديدة تتلاءم مع الأحداث الراهنة.
والجدير بالذكر أن فيروس كورونا الذي أصاب العالم في جسده، يحتاج إلى علاج بإعتبار هذا الوباء من الأمراض التي استعصت كل من يريد أن يفسر الظاهرة الدولية التي يعيشها العالم الآن، حيث ان تفكيك هذه الأزمة صعبة جدا، لأننا نفتقر لأساليب التحليل والتفسير رغم أننا في صدد التقدم العلمي والمعرفي في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، مما يدفع ذلك الى التفكير في كيفية الوصول إلى طريقة معينة لفهم ما يجري الآن في الساحة الدولية، بالإضافة أن المنهجية في تشخيص هذه الظاهرة لا تختلف عن دور المتخصصين في العلاقات الدولية، حيث سيتم الدراسة لهذه الظاهرة الدولية بدقة وتقديم وصفة دواء لمعالجة هذه الأزمة التي أصابت العلاقات الدولية في المستقبل القريب.
المعلومة القانونية – عطيف محمد
باحث بسلك الدكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية