أي تفعيل لقانون حرية الأسعار والمنافسة في ظل وباء كورونا؟

عرف العالم في بداية القرن العشرين تحولات اجتماعية و اقتصادية ،حيت جعلت هذه الأخيرة ظروف التعاقد و شروطه عملية معقدة متعلقة بسلع وخدمات تتسم بقدر كبير من الفنية لا تسمح لشخص العادي بالتعرف عليها و اختيارها  بمحض إرادته , وذلك نتيجة الافتراض حرية الارادة و اعتبارها أساسا للقوة الملزمة للعقد إن فتح المجال للطرف الاكثر خبرة قد ابرزت العلاقة بين المحترف و المستهلك بشكل لا يدع أي مجال للشك.

و تعتبر حماية المستهلكين في الدول النامية و أيضا المتقدمة من المشاكل التي فرضت نفسها في العصر الحالي ،رغم وجود ملامحها في العصور القديمة .سيرا على نهج مجموعة من التشريعات تدخل المشرع المغربي و خص المستهلك  بعدد من المقتضيات حماية و منها ما تضمنه قانون حماية المستهلك و قانون حرية الاسعار و المنافسة و ايضا ما تضمنه قانون الالتزامات و العقود و قوانين اخرى .

و عليه و بالاستقراء القانون حماية المستهلك و قانون حرية الاسعار و المنافسة نجد أن المشرع المغربي قد نص على مجموعة من حقوق منها الالتزام التبصر و الاعلام و تحرير الاسعار و المنافسة الشريفة المبنية على احترام المقتضيات القانونية .

في ظل الوضع الراهن الذي تمر منه المملكة المغربية و  التي تعرف انتشار فيروس كورونا كوفيد 19 .الذي دفع الجهات المعنية الى اعلان حالة الطوارئ بتاريخ 23 مارس 2020  و اغلاق الحدود البرية و البحرية و الجوية و حظر التجول الغير المأذون به ، و الالتزام بقواعد الحجر الصحي لحماية الانفس  و الاخرين ،هذا الوضع خلق هلعا واسعا في صفوف بعض المواطنين مما دفعهم للتوجه  نحو الاسواق التجارية و المحلات من اجل اقتناء المنتوجات و السلع  الكافية طيلة الحجر الصحي ،لكن في مقابل نجد العديد من التجار لرفع تمن المنتوجات و السلع بل و الاكتر من ذلك احتكارها .هذا الوضع خلق نوعا من الخوف لدى المواطنين من نفاد السلع و المنتوجات

من هذا المنطلق يطرح تساؤل، الى اي حد تم تفعيل قانون حرية الاسعار و المنافسة في ظل جائحة كورونا؟

يعتبر الثمن أو السعر المنتوج أو الخدمة الشغل الشاغل بالنسبة للمستهلك فعند الاقدام على اقتناء سلعة معينة ، فضلا عن وجودتها ، فهو يأخذ بعين الاعتبار مقابل تلك السلعة (الثمن ) و الذي يجب أن يتلاءم مع قدرته الشرائية.

اثر انتشار فيروس كورونا كوفيد  19 على أثمنة العديد من منتوجات و السلع مما ادى الى رفع تمنها من طرف التجار و بالتالي نلاحظ خرق واضح لمقتضيات المادة 2  من قانون حرية الاسعار و منافسة التي تنص على أن اسعار المنتوجات و السلع تحدد بقرار لرئيس الحكومة او السلطة الحكومية المفوضة من لدنه .،منه فليس من المعقول أن يتم رفع الاثمنة دون وجه الحق من طرف الاشخاص غير مرخص لهم و استغلال أزمة الوطنية لتحقيق الربح في وقت يتطلب الامر تعبئة واسعة من طرف جميع فئات المجتمع للحيلولة دون انتشار فيروس كورونا.

اضافة الى بعض الافعال  الاخرى التي تخرق قواعد المنافسة حرة  و لا تحترم المقتضيات القانونية  والمتمثلة في احتكار السلع و حظر رفع الاسعار و عرقلة السير العادي للأسواق و منع من السوق و غيرها من ممارسات التي تزايدت في ظل الوضع الحالي طبقا لمقتضيات المواد الرابعة و السادسة و السابعة .

ولقضاء على هذه الافعال تم التنصيص على المجموعة من العقوبات الجنائية في الباب الثاني من القسم الثامن من قانون حرية الاسعار و المنافسة وسنقتصر في هذا الاطار على التطرق الى المادتين اساسيتين و اللتان تعاقبان على بعض الافعال(هذه الافعال سبق التطرق لها اعلاه)  التي انتشرت بشكل كبير في ظل جائحة كورونا و هما المادتان 75 و 76 .

تنص مادة 75 من قانون حرية الاسعار و المنافسة ، على انه يعاقب بالحبس من شهر الى سنة و بغرامة من عشرة ألاف 10.000   الى خمسمائة الف  500.000 درهم او احدى هاتين العقوبتين فقد ،كل شخص ذاتي شارك على سبيل التدليس او عدم العلم مشاركة شخصية و حاسمة في تخطيط لممارسات المشار اليها في المادتين 6 و 7 و او تنظيمها او تنفيذها او مراقبتها  .،و يمكن للمحكمة أن تأمر بنشر القرار في الجرائد التي يؤدي المحكوم عليه نفقتها .

اما المادة 76 تنص على انه يعاقب  بالحبس من شهرين الى سنتين و بغرامة من عشرة من عشرة الالف  10.000 الى خمسمائة الف 500.000  درهم او بإحدى هاتين العقوبتين فقط ، كل من افتعل أو حاول افتعال رفع و تخفيض سعر سلع او خدمات او سندات عامة أو خاصة ،باستعمال أية وسيلة كانت لنشر معلومات كاذبة أو افتراءات أو بتقديم عروض في السوق قصد الاخلال بسير الاسعار التي طلبها الباعة أو باستخدام أية وسيلة أخرى من وسائل التدليس . و عندما يتعلق رفع او تخفيض الأسعار المفتعل بالمواد الغدائية أو الحبوب  أو الدقيق أو المواد الطحينية أو المشروبات أو العقاقير الطبية أو الوقود أو السماد التجاري يعاقب بالحبس من سنة الى ثلاث سنوات و بغرامة لا يزيد مبلغها عن ثمانمائة ألف درهم .

و اشار ت المادة المذكورة اعلاه في فقرتها الاخيرة الى انه يمكن أن ترفع مدة الحبس الى خمس سنوات و الغرامة  الى مليون درهم إذا تعلقت المضاربة بمواد غذائية أو بضائع لا تدخل في الممارسة الاعتيادية.

نستخلص من خلال المادتين أعلاه و باقي مواد الباب الثاني من القسم الثامن من قانون حرية الاسعار و المنافسة أن المشرع المغربي قد اتى بعقوبات جنائية صارمة تطبق في حق كل من أخل بحرية الأسعار  و خرق حقوق التي اقرها قانون للمستهلك. و منه نلمس أن فيروس كورونا أثر بشكل واضح في قانون حرية الاسعار و المنافسة ،حيت نعايش بشكل واضح في الواقع المعاش حاليا احتكارا و رفع الاثمنة بشكل خيالي و اضافة الى نقص في بعض المواد او على الاغلب ندرتها. اذن كيف يمكن تفعيل هذه المقتضيات القانونية في ظل جانحة كرونا .

تم تفعيل قانون حرية الاسعار والمنافسة لخلق التوازن في الاسعار في ظل جائحة كورونا من خلال المجهودات التي قامت بها وزارة الوصية على قطاع الاستهلاك و طمئة المستهلك انها توفر  جميع المنتوجات و السلع التي يحتاجها المواطنين طيلة فترة الحجز الصحي ،كما أنها احدت خط الهاتفي  و وضعت رقمه في متناول جميع افراد المجتمع 5757 لتبليغ عن أي احتكار أو زيادة و زيادة في الأثمان ، بموازاة مع ذلك تم تكوين لجن لتنقل الى محلات و معاينة جودة  المنتوجات و اتمنتها ذلك لزجر كل المخالفات المنافية لقانون حرية الاسعار و المنافسة  و معاقبة كل من سولت له نفسه الاستغلال  حالة الطوارئ الصحية التي تعرفها البلاد و رفع الاسعار. بالإضافة الى أنه تم الابقاء جميع المحلات التجارية التي تعنى بيع المواد الغدائية المنتوجات الضرورية مفتوحة الى غاية الساعة السادسة مساءا مع ضمان شروط السلامة و وقاية من الفيروس .

ختاما يمكن القول أن فيروس كوونا كوفيد 19 اثر بشكل كبير على المستهلك لم يبقي التوازن الذي كان قائما بين العرض و الطلب قبل تفشي فيروس كورونا مما ادى الى مخالفة بعض التجار للمقتضيات القانونية المنصوص عليها في قانون حرية الاسعار و المنافسة.

المعلومة القانونية – آسية اللطيفي

طالبة بماستر المنازعات القانونية و القضائية بسلا

قد يعجبك ايضا