الآليات الجديدة للحد من الجرائم العبر وطنية -الاختراق نموذجا-

مما لا شك فيه أننا أصبحنا نعيش اليوم عالما مختلفا فرضت فيه ظاهرة العولمة نفسها على جميع مناحي الحياة الأمر الذي تلاشت معه المسافات و الحواجز الجغرافية و السياسية والاقتصادية والاجتماعية ،فأصبحنا نلاحظ بشكل واضح ملامح العالمية في كل شيء ،و لم تكن الجريمة بمنأى عن هذا التقدم المذهل[1] ،فلم نعد أمام تلك الجريمة التقليدية البسيطة التي عرفتها البشرية منذ الأزل ،حيث ظهرت أنماط جديدة من الجرائم تواكب هذا التطور الحاصل في العلاقات الاقتصادية و الاجتماعية المتشابكة و المعقدة ،فأصبحت الجريمة ذات بعد دولي يخطط لها في بلد ،أو مجموعة من البلدان ،و يقوم بتنفيذها أفراد من دولة واحدة أو من دول أخرى ،تبعد آلاف الأميال عن المكان الذي خطط فيه للجريمة ،ورسمت فيه ملامحها و أسلوبها ،فاكتسبت بذلك هذه المنظمات الإجرامية بعدا لم تعرفه البشرية من قبل مما جعلها ظاهرة تلفت الأنظار ، وأصبحت بذلك الجريمة المنظمة محل اهتمام كبير على المستوى الوطني و الدولي ،باعتبارها أحد أهم التحديات التي تواجه الدول كافة لكونها من أخطر أنماط الجرائم في العصر الحديث والتي لها آثار وخيمة سواء على المستوى الدولي حيث تهدد استقرار العلاقات الدولية و الأمن الداخلي للدول بما تمارسه عصابات الجريمة المنظمة من تأثير على الحياة السياسية و الإدارة الحكومية  و السلطات القضائية ووسائل الإعلام [2].

فالجريمة أصبحت تفرض نفسها في كل القطاعات و هذا عائد لتطور السلوك الإجرامي لدى الأشخاص و الجماعات نتيجة للنمو الحضاري و التطور التكنولوجي ،وما تبعه من تغيرات في أنماط الحياة و مستلزماتها ،و التي يبنى عليها هذا السلوك .

الذي بدوره اتخذ أبعادا خطيرة ،تعود بأضرار تكلف الدولة و المجتمع خسائر فادحة ،        و الممتدة إلى جميع القطاعات ،خاصة بالنسبة للقطاع الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي ،من جهة و الذي أدى إلى التطور الهائل و الخطير لظاهرة الإجرام ،التي أصبحت تكتسي طابع الاحترافية و التنظيم المحكم من جهة أخرى .الشيء الذي انعكس سلبا على إمكانية التحقيق فيها ، ومكافحتها كونها أحاطت نفسها بنظام حماية فائقة الفعالية .الذي يعتمد على أساليب تتماشى مع ضرورياته .

و بما أن مجرم اليوم ليس هو مجرم الأمس فقد ظهرت العديد من الجرائم المستحدثة التي باتت تخيف الدول و المجتمعات على حد سواء ،و خصوصا تلك الخطيرة على الأمن العام وعلى حياة الأفراد ،لذلك قامت الدول على اختلاف أنظمتها القانونية بمحاولة إيجاد حلول لمحاربة هذا النوع من الجرائم الخطيرة ،و بناء عليه قام المشرع الجنائي المغربي بتطوير آليات العدالة الجنائية وإحساسا منه بضرورة تعديل ترسانته الجنائية بما يتطلب ويتوافق و متطلبات العدل و حفظ الأمن والأمان للمواطنين[3].

و من أجل إظهار الحقيقة يجب استحداث وسائل جديدة حديثة لمكافحة الجريمة بعيدا عن الوسائل الكلاسيكية التي أظهرت عقما في مكافحة الجرائم التي تستخدم وسائل حديثة و تنظيم محكم لقيامها ،حيث تطورت ضمن أنماطها الجديدة للإجرام و التي تزايدت أضرارها و مخاطرها التي تحدثها بالمجتمع على الصعيد الوطني و الدولي ،حتى أصبحت الوسائل الكلاسيكية المعتادة غير كافية لمحاربتها ،مما أدى بمختلف الدول إلى البحث في سبل جديدة لمكافحتها ،فارتبط مفهوم جرائم الفساد بالجرائم الخطيرة بمفهوم و نشاط الجريمة المنظمة من حيث تطوره أو خطورتها و تعقيدها و التي تعبر الحدود الوطنية ،و من ثم قد تستدعي ملاحقتها على الصعيد الإقليمي و الدولي عن طريق استحداث وسائل بحث و تحري تتعدى فعاليتها الأساليب المعهودة في التشريع.

أمام تطور الجريمة و عبورها للحدود أصبحت وسائل البحث و التحري الكلاسيكية غير نافعة ودون جدوى ،مما دفع المشرع المغربي إلى الإتيان بمستجد ضمن مسودة مشروع قانون القاضي بتغيير و تتميم قانون المسطرة الجنائية و المتمثل في إجراء الاختراق الذي يعتبر من وسائل البحث الخاصة و المسموح باللجوء إليه عند الضرورة من طرف النيابة العامة و بخصوص الجرائم المنصوص عليها في المادة 108 من نفس المسودة[4].

إن هدف المشرع من التنصيص على هذا الإجراء هو الكشف على السلوك الإجرامي الذي لا يمكن الوصول إليه بواسطة البحث العادي ،ورغم أن هذا الإجراء قد يمس بعض الحقوق الفردية  و انتهاك الحياة الخاصة للمواطن إلا أن المشرع غلب مصلحة المجتمع و الحفاظ على الأمن الاجتماعي و تحصينه من جرائم تمسه في شخصه و ممتلكاته[5].

     تبرز أهمية الاختراق في كونه آلية ميدانية تمكن ضابط أو عون الشرطة القضائية القائم بالعملية من التوغل داخل جماعة إجرامية للوصول إلى الحقيقة التي تعد غاية العدالة الجنائية ومساهمته في مساعدة القضاء للقيام بمهامه عند إصدار الحكم ،كذلك يساهم الاختراق في مكافحة الجرائم المستحدثة و الحد منها من خلال تتبع المجرمين ،و تطبيق النصوص ذات الصلة        و ضبطهم ،و اتخاذ ما يلزم من إجراءات قانونية في الوقت المناسب بما تقتضيه مصلحة البحث والتحري في هذه الجرائم نظرا لطابعها الخاص.

و بناء عليه تطرح لنا مشروعية التساؤل حول:

كيف تعامل المشرع الجنائي المغربي من خلال مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية مع تقنية الاختراق للحد من الجريمة العبر وطنية.

للحديث على هذا الموضوع ،سيتم التطرق إليه من خلال محورين :

المحور الأول: الأحكام العامة للاختراق المحور

       إن انفتاح الجريمة على التطورات الحاصلة في مجال التكنولوجيات الحديثة ،و استفادة المجرمين من الثورة الرقمية و الإلكترونية ،أفرزا صورا إجرامية جديدة ،كما خلقا ثورة بنيوية في هيكلة الشبكات الإجرامية ،فضلا عن المساهمة في إبراز  مفاهيم جديدة ذات الصلة بالظاهرة الإجرامية.

فمع هذا التطور المفصلي ،ظهر مفهوم ” عولمة الجريمة ” على غرار العولمة الاقتصادية    و الثقافية ،بمعنى أن المجرم أصبح يعتبر العالم كله مرتعا أو حقلا لتنفيذ نشاطه المشبوه بعدم الشرعية .فهناك البلد الذي يقترف فيه فعله الاجرامي ،و هناك البلد الذي يخفي فيه متحصلات الجريمة  أو يخضعها لعملية غسل الأموال ،و هناك أيضا البلد الذي يلوذ إليه متخفيا أو فارا من آليات العدالة الجنائية .كما ظهرت مع هذا المفهوم الرئيسي مفاهيم فرعية من قبيل ” نسبية الحدود الوطنية  للدول ” التي ما عادت بتلك السمة الجامدة  التي كانت في السابق ،خاصة بعد إرساء جميع التشريعات المقارنة لتقنيات بحث و تحري جديدة تسمح بتمديد  الولاية القضائية لمحاكمها لتشمل أفعالا ارتكبت  بالخارج ( المادة 707 و ما يليها من قانون المسطرة الجنائية المغربي ) ، أو لملاحقة المجرمين الفارين خارج حدودها الداخلية ( مسطرة التسليم) أو  تنفيذ إجراءات قضائية  بالخارج في إطار ما يسمى بالإنابة القضائية الدولية ( المادتان 714 و 715 من قانون المسطرة الجنائية ).

كما برز أيضا مفهوم الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية ،بحيث لم تعد الجريمة مجرد نشاط مخالف للقانون يخضع لسلوكيات الفرد الجانح ،وإنما تطبعت بطابع التنظيم ،وأصبحت تخضع لتراتبية بنيوية ،فضلا عن امتداد مسرح الجريمة  فيها ليشمل أكثر من دولة و بلد ،لاسيما مع الحركية المضطردة للجناة و المشتبه فيهم عبر الحدود الوطنية للدول[6] .

و أصبح هذا النوع من الإجرام المنظم موسوما بطابع التعقيد ،و مطبوعا بالامتدادات الإقليمية و الدولية للشبكات الإجرامية ،و مرتبطا بشبكات أخرى ذات نشاط إجرامي مختلف تماما،  مثلما هو الحال بالنسبة لنظام الكارتيلات. فهذا التحول العميق في بنية الجريمة انعكس سلبا على مهام الرصد و المكافحة ،إذ لم تعد بتلك السهولة المألوفة عندما يتعلق  الأمر بالجرائم العادية أو التقليدية ، بحيث أصبحت تحتاج إلى وحدات أمنية عصرية و مؤهلة ،و إلى تقنيات بحث جنائي متطورة ،و إلى إطار تشريعي و تعاقدي يقنن التدخلات الأمنية المنجزة عبر الحدود الوطنية لأكثر من دولة ،وأحيانا في أكثر من قارة[7] .

و لمواكبة هذه التطورات  و هذه التحديات  في نفس الوقت ،اجتهد المشرع الدولي و الوطني على حد سواء ،في البحث عن آليات جديدة لتعزيز التعاون الأمني الدولي ، بشكل يسمح برصد  وزجر الجريمة المنظمة ،و مواكبة امتداداتها و ارتباطاتها الإقليمية و الدولية .وكتتويج لهذا الاجتهاد ،أوجدت الاتفاقيات الدولية و القوانين الوطنية ما يسمى بأساليب التحري الخاصة ،      و العمليات المستترة ،و التحقيقات المشتركة…وغيرها .

فقد جاءت ( المادة 20) من اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية[8]، و( المادة 50) من اتفاقية الأمم المتحدة لمحاربة الفساد[9] ،عند نصهما على أساليب التحري الخاصة .حيث جاء في مضمونهما التطرق صراحة إلى أساليب البحث و التحري الخاصة لمكافحة الجرائم المنصوص عليها في القانون الجنائي الداخلي للدول:”…استخدام أساليب التحري الخاصة…اشكال المراقبة و العمليات المستترة…” ،و منه نفهم ان عملية الاختراق اعتبرت كنوع من انواع المراقبة المستترة .

و هذا ما تبنته معظم التشريعات الداخلية للدول، للتصدي لأخطار هذه الجرائم، فالمشرع المغربي نص أول مرة في مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية على إمكانية اللجوء إلى إجراء الاختراق دون أن يعطي تعريفا له.

و للتعميق أكثر في هذا الموضوع، سيتم تقسيم هذا الفصل الى مبحثين:

المبحث الأول يتناول الاطار المفاهيم لآلية الاختراق و مشروعيته.

المبحث الثاني الأحكام الاجرائية لعملية الاختراق

 أولا: الإطار المفاهيم لآلية الاختراق و مشروعيته

مما لا شك فيه أن تطبيق ورش إصلاح منظومة العدالة قد أصبح يركز أخيرا  على تحقيق عدالة فعالة للمتقاضين بما يكرس تحقيق دولة القانون و المؤسسات و يعزز مبدأ عدم الإفلات من العقاب من خلال تطوير آلية العدالة الجنائية و ذلك بخلق صيغة توفيقية بين حماية النظام العام و ضمانات المحاكمة العادلة التي تعتبر أهم مكتسبات حقوق الإنسان ،سواء تعلق الأمر بالضحية أو بالذي  في وضعية نزاع مع القانون.

إن الإقدام على تعديل العديد من أحكام قانون المسطرة الجنائية في هذا الوقت بالضبط يطرح سؤال الهوية السياسية و الفلسفية للنظام الإجرائي الجنائي المغربي خاصة و أن قانون المسطرة الجنائية في صيغته الحالية كان أداة فعالة في إنجاح مرحلة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان ببلادنا و التي سعت هيئة الإنصاف و المصالحة إلى طيها مع التوصية بضرورة إقرار نظم بديل يتيح ضمانات وافرة لتفادي تكرار ما حدث[10].

و بما أن مجرم اليوم ليس هو مجرم الأمس فقد ظهرت العديد من الجرائم المستحدثة التي باتت تخيف الدول و المجتمعات على حد سواء ،و خصوصا تلك الخطيرة على الأمن العام      و على حياة الأفراد ،لذلك قامت الدول على اختلاف انظمتها القانونية بمحاولة إيجاد حلول لمحاربة هذا النوع من الجرائم الخطيرة ،و بناء عليه قام المشرع الجنائي المغربي إيمانا منه بتطوير آليات العدالة الجنائية  و إحساسا منه بضرورة تعديل ترسانته الجنائية بما يتوافق         و متطلبات العدل و حفظ الأمن و الآمان للمواطنين ،بالتنصيص أخيرا في مسودة  مشروع قانون المسطرة الجنائية الجديد على تقنيات البحث الخاصة ،و يتعلق الأمر و الحالة هذه بتقنية الاختراق التي تهدف إلى البحث و التحري عن بعض الجرائم الخطيرة و محاربتها قبل وقوعها ،و التصدي لها عبر سياسة وقائية استباقية، أو على الأقل الحد منها لتفادي الأضرار المادية و البشرية التي يمكن أن تخلفها عند ارتكابها ،و ذلك من خلال إمكانية الولوج و الدخول خفية إلى العالم  الإجرامي للمشتبه فيهم بإعداد مخططات و مشاريع إجرامية من شأنها أن تحدث اضطرابا اجتماعيا يوجب زجر و ردع مرتكبيها ،بعد مراقبتهم و تتبعهم  و التظاهر أمامهم  بأن المخترق فاعل أو مشارك أو مساهم أو مستفيد من الأفعال الإجرامية موضوع الاختراق[11] .

و بناء عليه تطرح لنا مشروعية التساؤل حول كيفية تعامل المشرع المغربي من خلال مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية مع تقنية الاختراق. و الاحاطة بمفهومه و كذا تبيان مشروعيته ، و مجالات عمليته ، من خلال مطلبين على النحو التالي:

1: مفهوم الاختراق و مشروعيته

أمام التطور المهول الذي يعرفه مجتمعنا في مجال الإجرام و تطور طرقه و أساليبه ،        و الذي مس جميع المجالات خاصة منها التكنولوجية و مجالات الاتصال ، و بما أن التشريعات تسعى دائما إلى إيجاد الحلول و القواعد القانونية التي تساعد على مكافحة و مجابهة التطور المتنامي في طرق ووسائل ارتكاب الجرائم ، نظم المشرع الجنائي المغربي من خلال  مسودة مشروع قانون يقضي بتغيير و تعديل قانون المسطرة الجنائية الجديدة في الفرع الثاني من الباب الثالث ،تقنية الاختراق كآلية من آليات البحث الخاصة عن الجرائم  وكشف مرتكبها في المواد من  1-3-82 إلى 6-3-82  كما تناوله من خلال المواد 1-713 إلى 4-713.

إن موضوع الاختراق يعتبر جديدا بالنسبة  للكثير ،فيتساءل العديد منهم عند تطرقهم لكلمة الاختراق لأول وهلة عن مدلول و معنى هاته الكلمة ،لهذا كان لزاما البدء بتعريف كلمة الاختراق بشيء من التدقيق ثم التعرض لمشروعيته التي يجب توفرها للقيام بعملية الاختراق.

2: تعريف الاختراق

     الاختراق من المصطلحات المستحدثة التي اعتمدها المشرع المغربي في المشروع الجديد لإصلاح قانون المسطرة الجنائية ،و في هذا الفرع نتناول تعريف الاختراق لغة ،قانونا و اصطلاحا ثم تحديد خصائصه و  مشروعيته.

– الاختراق لغة

الاختراق: اِخْتِراقْ: يَخْتَرِقُ، اِخْتِراَقاً، الناس، مشى وسطهم[12].                                     خَرَقَ، الخَرْقُ تعني الفرجة، و جمعه خُرُقٌ [13].                                                  أما الاختراق فتعني: الممر في الأرض عَرْضًا على غير الطريق. و اخْتَرَقَ الدار أو دار فلان : جعلها طريقا لحاجته[14] .                                                                          و لكلمة الاختراق كلمة مرادفة لها و هي التسرب ،و التسرب لغة مشتق من فعل تَسَرَبَ تَسَرُّباً أي دخل و انتقل خفية[15] و هي الولوج و الدخول بطريقة أو بأخرى إلى مكان أو جماعة .

-التعريف القانوني للاختراق

يعتبر أسلوب الاختراق تقنية من تقنيات التحري و التحقيق الخاصة تسمح لضباط أو أعوان الشرطة القضائية بالتوغل داخل جماعة إجرامية و ذلك تحت مسؤولية ضابط شرطة قضائية آخر مكلف بتنسيق عملية الاختراق ،بهدف مراقبة أشخاص مشتبه فيهم ،و كشف أنشطتهم الإجرامية ، وذلك بإخفاء الهوية الحقيقية، و يقدم المخترق نفسه على أنه فاعل أو شريك[16] .

الاختراق و إن لم يعرفه المشرع الجنائي المغربي صراحة فقد قدم له مفهوما من خلال  مقتضيات المادة 1-3-82  بأنه ” تتبع و مراقبة الأشخاص المشتبه فيهم من خلال التظاهر أمامهم بأن المخترق فاعل أو مشارك أو مساهم أو مستفيد من الأفعال الإجرامية موضوع البحث التي يقوم بارتكابها المشتبه فيهم “.

و قد نظم المشرع الجنائي المغربي الاختراق من خلال  مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية ، و اعتبره آلية من آليات البحث الخاصة عن الجرائم و كشف مرتكبيها في المواد من 1-3-82 إلى 6-3-82  كما تناوله في الفصول 1-713 إلى 4-713 .

كما عرفه المشرع الجزائري في المادة 65 مكرر 12 من قانون الإجراءات الجزائية في الفقرة الأولى منها كالأتي :” يقصد بالتسرب قيام ضابط أو عون الشرطة القضائية تحت مسؤولية ضابط الشرطة القضائية المكلف بتنسيق العملية ،بمراقبة الأشخاص المشتبه في ارتكابهم جناية أو جنحة بإيهامهم أنه فاعل معهم أو شريك لهم أو خاف “.

أما المشرع الفرنسي فقد عرف الاختراق في المادة 81-706 في فقرتها الثانية بأنه:

« L’infiltration consiste, pour un officier ou un agent de police judiciaire spécialement habilite dans des conditions fixées par décret et agissant sous la responsabilité d’un officier de police judiciaire chargé de coordonner l’opération, a surveiller des personnes suspectées de commettre un crime ou un délit en se faisant passer, auprès de ces -personnes comme un de leurs coauteurs, complices ou receleurs « .

     – التعريف الاصطلاحي للاختراق

     الاختراق هو التسلل و التوغل داخل مكان أو هدف أو تنظيم يصعب الدخول إليه، أو ما يسمى بالمكان المغلق لكشف نوايا الجماعات الإجرامية.

يعد التسرب أو الاختراق تقنية من تقنيات التحري و التحقيق الخاصة ،تسمح لضباط أو أعوان الشرطة القضائية ،بالتوغل داخل جماعة إجرامية ،وذلك تحت مسؤولية ضابط شرطة قضائية آخر مكلف بتنسيق عملية التسرب (الاختراق) ،بهدف مراقبة أشخاص مشتبه فيهم        و كشف أنشطتهم الإجرامية ،و ذلك بإخفاء الهوية الحقيقية و تقديم المتسرب (المخترق) لنفسه على أنه فاعل أو شريك[17] .

كما يسمى في بعض التشريعات بالعمل تحت ساتر ،وهو من أهم و أخطر طرق تحري المعلومات ،لا يقوم به إلا الضباط الأكفاء ذوو الخبرة و يستخدم فيها مختلف أساليب التنكر والانتحال لكسب ثقة المشتبه فيهم بقصد تحديد طبيعة و مدى النشاط الإجرامي ،حيث يزرع الضباط في موقع النشاط ليكون وجها لوجه مع الهدف يتعامل و يتجاوب معهم كأحد افراد العصابة [18].

كما عرفته إحدى الآراء بأنه :” عملية منظمة يحضر لها بدقة تامة تستهدف أوساطا معينة قائمة على دراسة مسبقة لها بحيث يتم الوقوف على أدق خصوصيتها و تفاصيلها بهدف معرفة طبيعة عملها و كيفية تحركها من الناحية البشرية و المادية و يقوم بها ضباط الشرطة القضائية أو أحد أعوانه تحت مسؤوليته بمراقبة الأشخاص المشتبه في ارتكابهم إحدى الجرائم المنصوص عليها حصرا في القانون و لا يتم اللجوء إلى هذا الأسلوب إلا عند الضرورة الملحة التي تقتضيها إجراءات التحري و البحث [19]“.

و في تعريف آخر هو : “قيام المأذون له بالتحقيق في الجريمة عن طريق مراقبة الأشخاص المشتبه في ارتكابهم جريمة ،أو التوغل داخل جماعة إجرامية بإيهامهم أنه فاعل أو شريك لهم ، ويسمح لضباط و أعوان الشرطة القضائية بأن يستعملوا لهذا الغرض هوية مستعارة و أن يرتكب عند الضرورة بعض الجرائم ،دون أن يكون مسئولا جزائيا .و ذلك بهدف مراقبة أشخاص مشتبه فيهم ،و كشف أنشطتهم الإجرامية ،و ذلك بإخفاء الهوية الحقيقية و يقدم المتسرب(المخترق)  نفسه على أنه فاعل أو شريك [20].

و يعتبر الاختراق كآلية استباقية لمواجهة الجرائم و التصدي لها قبل ارتكابها من خلال رصد كل تحركات المشتبه فيهم و إلقاء القبض عليهم إما بعد شروعهم في ارتكاب الجرائم أو على إثر ذلك .

كما عرف الاختراق أيضا بأنه ” عبارة عن عملية ميدانية تستخدم أسلوب التحري لجمع الوقائع المادية و الأدلة من داخل العملية الإجرامية و كذا الاحتكاك شخصيا بالمشتبه بهم و المتهمين و هذا ينطوي على خطورة بالغة تحتاج إلى دقة و تركيز و تخطيط سليم[21]“.

و كنقطة أساسية لنجاح عملية الاختراق يتعين في بعض الأحيان على رجال الشرطة القضائية القائمين بالعملية ،أن يخفوا هوياتهم قدر الإمكان مع اللجوء إلى بعض تقنيات التنكر ، سواء الظهور بمظهر الفرد العادي ،أو التنكر كأصحاب مهن مختلفة يتواجدون من خلالها في وسط المكان أو الأشخاص المتحرى عنهم دون أن يكشفوا حقيقتهم .

من ثم يمكن القول أن الاختراق هو أكثر الوسائل تعقيدا و خطورة ،لأنه يتطلب من ضابط الشرطة القضائية و أعوانه القيام بمناورات و تصرفات توحي بأن القائم بها مساهم في ارتكاب الجريمة مع بقية أفراد العصابة ،لكنه في حقيقة الأمر يخدعهم و يتحايل عليهم فقط ،حتى يطلع على أسرارهم من الداخل و يجمع ما يستطيع من أدلة إثبات ،و يبلغ السلطات بذلك فتتمكن من ضبط المجرمين و وضع حد للجريمة.

إذن ترتكز عملية الاختراق على ضرورة الحصول على صورة حقيقية على الوسط المراد استكشافه لمعرفة طبيعة سيره و أهدافه و كذا معرفة تاريخ هذه الجماعة و كيفية نشأتها واختصاصات كل فرد من عناصرها ،و أيضا الوسائل التي تعمل بها كوسائل النقل و الاتصال وتحديد نقاط قوة و ضعف هذه الجماعة ،و بعد دراسة الوسط المستهدف يتم اختيار الأشخاص المناسبين لتولي مهمة الاختراق.

3: خصائص الاختراق و مشروعيته

لعملية الاختراق خصائص تتماثل مع الغاية المرجوة منه، و هي متكافئة للخصائص المشكلة لنظام الحماية الخاص بالنشاط الإجرامي، مما يجعل من حظوظ التحقيق مساوية مع النشاط الإجرامي و أن دور الاختراق يتبين من مجرد مطابقة خصائصه بخصائص الجريمة المقصودة بها.و هي نفس الخصائص الضامنة لفعالية العملية.

إن للقيام بعملية الاختراق، يقتضي من القائم بها الدخول وسط العصابة الإجرامية، مما يعني التجسس عليهم و ترصدهم، و بذلك فقد اعتبرها بعض الجمعيات الحقوقية تقنية غير مشروعة تنتهك الخصوصية و القيم الأخلاقية و الدينية للمجتمع[22]. لذلك هناك عدة إجراءات تطلبها المشرع لصحة عمليات الاختراق ،و هذا لإضفاء الشرعية في الحصول على الدليل تطبيقا لمبدأ المشروعية الذي يمثل أساس لكل إجراء صحيح ، سواء من حيث الجهات صاحبة السلطة في الإذن بإجراء عملية الاختراق أو من حيث الجهات المختصة بمباشرة هذا الإجراء.

– خصائص عملية الاختراق

     من بين خصائص عملية الاختراق  نذكر:

  • السرية

يمكن تقديم الخاصية على أنها كتمان السر، فيما يخص كل ما له علاقة بالعملية، سواء كان ذلك الحد من تداول المعلومات المتعلقة به كعملية أو المتعلقة بالهدف أو النشاط الإجرامي.      و تكون السرية عاملا يضمن عدم الترصد بالنسبة للمخترق من جهة، و يضمن إبقاء النشاط الإجرامي للشبكة في سريان عادي، دون أن يشك المجرم بأنه تحت المراقبة[23].

كما أن للسرية دور فعال في ضمان أمن و سلامة المخترق ،و السير الحسن للعملية دون الوقوع في الكمائن ،بالإضافة إلى أن لها آثار عديدة منها إمكانية الحصول على الأدلة من طرف هيئات التحقيق ، دون التعرض إلى الضغوط و تلاعب أصحاب النفوذ ،التي تحول دون الوصول إلى الحقيقة .بمجرد علم الجاني بالتحقيق ،يكون همه الوحيد هو العيش و الاستمرار ،مما يدفع أعضاءها إلى حماية نشاطهم بكل الطرق .

  • الحيلة

تعتبر الحيلة من أهم خصائص الاختراق، فعلى القائم بإجراء الاختراق مراعاة هذا الأمر. وذلك بالقضاء على كل الشكوك التي تدور فى ذهن المشتبه فيه.

و مادام المخترق ذو هوية مستعارة ،فإنه يتعين عليه تفعيلها في العملية و استعمالها ،ثم العمل على تقبلها من حيث الهدف ،و من ثم تصديقها .مما يجعل منه أهلا للثقة ،ومتطلعا على المعلومات.و هذا من قبيل الأعمال التي تعتمد على الحيلة و الذكاء بدرجات متفاوتة[24].

كما أنه لا يمكن تسريب عميل في مجموعة تتميز بذكائها ،و أنه لا بد من دراسة قبلية للوسط الاجرامي .تكون الأعمال الهادفة لكسب الثقة متسلسلة ،و يعتمد في ذلك طرقا خاصة .

فالحيلة في ميدان الإجرام متبادلة، و تكون في هذا المجال خالية من الضوابط التي تحكمها ماعدا قاعدتي البقاء و النجاح، أما حيلة المخترق فتخضع للسؤال، هل قيام تلك الجريمة ممكن بدون الدور الذي لعبه المخترق ؟ كما أن للحيلة أن تخضع لمبدأ الإخلاص في ضبط الأدلة[25].

  • الخطورة

يعتبر إجراء الاختراق من أخطر إجراءات التحقيق القضائي ،و يعود ذلك إلى عدة عوامل منها: ما يتعلق بالإجرام ،فهي كل الأعمال التي يؤديها المخترق ،المتعلقة بتغطية صفته القضائية، وما يلزم عليه فعله من أعمال إجرامية يساهم بها في الشبكة ،و التي تخضع هي كذلك للقانون سواء كانت المأذون بها أو التي تتوفر على سبب من أسباب الإباحة ،و تعد هذه الأعمال الإجرامية مرتبطة لخطورة كونها اعتداء على حقوق الآخرين ،مما قد يعرض المخترق إلى الدفاع الشرعي من الضحايا مثلا [26].

أما الخطورة المتعلقة بمكان وجود المخترق، فالمقصود بها هو أن المخترق و هو بصدد التحقيق يكون خارج مجال الحماية المقررة لمصالح الأمن، بالمقارنة بإجراء الاستجواب الذي يجرى بمكتب قاضي التحقيق عموما يكون أكثر أمنا. على عكس المخترق فإن واجبه المهني يحتم عليه أن يتواجد بأماكن أكثر أمنا للمجرمين،  و أخطر على حياته، أيضا المتعلقة بجغرافيا المهمة. فيتعلق أمنه بالدرجة الأولى بهويته المستعارة و مصداقيتها و الثقة المكتسبة، ثم من السرية في العملية تحت إشراف القائمون بها و الحماية المقررة له، كما ألزمت التشريعات العملية بظرف الضرورة.

– مشروعية الاختراق

ضمانا لمشروعية الدليل المستمد من إجراء عملية الاختراق اشترط المشرع ضرورة حصول المخترق على إذن من وكيل الملك المختص و أن تتم عملية الاختراق تحت إشرافه و مراقبته، لوحده دون سواه و إن كان قاضي التحقيق فليس له حق مباشرة هذا الإجراء.

و السؤال المطروح هو مدى مشروعية عملية الاختراق، إن على مستوى القانون الدولي، أو على مستوى القانون الوطني ؟

* على مستوى الاتفاقيات الدولية :

عرف بعض فقهاء القانون المعاهدة بأنها اتفاق مكتوب بين شخصين أو أكثر من الأشخاص الدولية من شأنها أن تنشئ حقوقا و التزامات متبادلة في ظل القانون الدولي .

و حسب الفصل الثاني من اتفاقية فيينا المتعلقة بقانون المعاهدات فإن المقصود بعبارة معاهدة هو اتفاق دولي أبرم كتابة بين دول و ينطبق عليه القانون الدولي و ذلك سواء أكانت المعاهدة مضمنة في وثيقة واحدة أو في وثيقتين أو عدة وثائق مرتبطة و مهما كانت التسمية الخاصة المطلقة عليها [27].

و تحتل الاتفاقيات الدولية مكانة أساسية ضمن مصادر نظام إجراء الاختراق الذي يندرج ضمن أساليب التحري الخاصة ،التي نصت على استخدامها مجموعة من الاتفاقيات و المواثيق الدولية كالمادة 20 من اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة و المادة 50 من اتفاقية الامم المتحدة لمحاربة الفساد ،اللتان تضمنتا دعوة الدول الأعضاء في الاتفاقيتين إلى اتخاذ ما يلزم من تدابير وفق نظامها الداخلي لاستخدام ما تراه مناسبا من أساليب تحري خاصة ،و لم تتطرق هذه الاتفاقيتين إلى تعريف هذه الأساليب تاركتا أمر و تقدير هذه الأساليب إلى كل دولة وفقا للتشريع الجنائي و المبادئ الأساسية لنظامها الداخلي .

إن بتفحصنا للمادة 20 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة ،تسمح باستعمال تقنيات التحري الخاصة و التي من بينها العمليات المستترة ،مما يضفي شرعية على هذه العمليات  أما بالنسبة للمادة 50 من اتفاقية الأمم المتحدة لمحاربة الفساد فقد أكدت على مشروعية القيام بالعمليات المستترة من أجل مكافحة الفساد ،كما دعت المحاكم الوطنية بقبول ما يستمد منها من دليل.

*  على مستوى التشريع الوطني

عملت العديد من الدول على تنظيم إجراء الاختراق في قوانينها الإجرائية أو الإشارة إليه في الوثائق الدستورية من أجل تنظيم مساطر الاختراق سواء في ظل وجود اتفاقية دولية أو في غيابها.

ولقد قام المشرع المغربي اثناء تنظيمه لتقنيات التحري الخاصة لاسيما تقنية الاختراق ،بالسير على نهج التشريعات التي سبقته في ذلك لا سيما المشرع الفرنسي الذي مثل هذه التقنيات في صلب ترسانته التشريعية سنة 2004 .حيث وضع أحكاما عامة لهذه التقنية و بين شروطها و ضوابطها ، و اجراءاتها العملية ،كما نظم مجال تطبيقها سواء داخل التراب الوطني أو خارجه .

و كغيره من الدول ،نظم المشرع الجنائي المغربي أحكام الاختراق في مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية في الباب الثالث الفرع الثاني من  المواد 1-3-82 إلى 6-3-82 كما تناوله من خلال المواد 1-713 إلى 4-713 ، وقد نظمت هذه المواد أحكامه و إجراءاته و الحالات التي يتم اللجوء فيها للاختراق و موانع اعماله.و من الملاحظ أن المشرع الجنائي المغربي تأخر كثيرا بمقارنته مع بعض الدول الغربية و العربية لإخراج هذا الاجراء للوجود ، رغم أهميته        و خاصة في هذه الظروف التي يشهد فيها العالم تطورا كبيرا على مستوى الجريمة و الطرق التي ترتكب بها ،و التي يصعب إن لم نقل يستحيل في بعض الأحيان الاهتداء إلى مرتكبيها ، فإن إيجاد تقنيات جديدة للتحري و البحث ،  بات أمرا ضروريا لمسايرة الجريمة في تطورها .

كما قام المشرع الجزائري في هذا المجال عند تعديله لقانون الإجراءات الجزائرية في الأمر رقم 06/22 المؤرخ في 20/10/2006 ، إلى آليات جديدة للبحث و التحري عن الجرائم الخاصة في المواد 65 مكرر 11 إلى غاية 65 مكرر 18 بالتطرق إلى إجراءات التي تحكم عملية التسرب (الاختراق) .

فبمقارنته مع بعض الدول مثلا كفرنسا التي ادخلت مثل هذه التقنية في صلب ترسانتها القانونية سنة 2004 ، و المشرع الجزائري الذي استحدث أسلوب التسرب ( الاختراق )في قانونه الإجرائي سنة 2006 بينما المشرع المغربي لا يزال هذا التعديل في مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية لم يرى النور حتى كتابة هذه السطور.

و لعل التأخر في إصدار هذا الإجراء رغم أهميته، راجع إلى اعتباره من طرف بعض الجمعيات الحقوقية تقنية غير مشروعة تنتهك الخصوصية و القيم الحقوقية و الدينية للمجتمع، لذلك وجب معرفة أحكام شريعتنا الغراء إزاء هذا الإجراء.

فبالرجوع إلى أحكام التجسس في القرآن الكريم و السنة النبوية يتضح لنا ما يلي :

قال تعالى : يَا أَيُهَا الذِّينَ آمَنُواْ إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُواْ أَنْ تُصِيبُواْ قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُواْ عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ [28].

فبالنسبة لهذه الآية فهي تتحدث عن صفة من يأتي بالمعلومات ،و هو فاسق غير موثوق به ،لتصيب معلوماته الآخرين بالضرر ،فالله سبحانه و تعالى يأمر بالتثبت في خبر الفاسق ليحتاط له ،لئلا يحكم بقوله فيكون في نفس الأمر كاذبا أو مخطئا ،فيكون الحاكم بقوله قد اقتضى     وراءه [29].

و على مستوى السنة النبوية قال مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ” إياكم و الظن فإن الظن أكذب الحديث ولا تجسسوا ولا تنافسوا و لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا[30] “.

و الملاحظ من خلال الآيات و الأحاديث النبوية الشريفة السالف ذكرها، أن الشريعة الإسلامية لم تشر للاختراق و إلى مشروعيته بشكل مباشر، و إنما نصت على حرمة المسلم، وحريته الشخصية، و عدم التجسس عليه، و بذلك تكون أشارت إليه بصفة ضمنية و غير مباشرة.

المحور الثاني: نطاق عملية الاختراق

تعتبر تقنية الاختراق من بين الإجراءات الخاصة التي نص عليها المشرع الجنائي المغربي في  مسودة مشروع قانون المسطرة الجنائية . أما بخصوص حالات الاختراق و متى يتم اللجوء إليه فقد يخطأ كل الخطأ من يظن أن اللجوء إلى تنفيذ تقنية هذا الأخير تكون متاحة في جميع الجرائم ،الجنايات منها و الجنح و المخالفات ، و هذا غير صحيح بصريح المادة 1-3-82 التي تحدد على سبيل الحصر الجرائم التي يمكن استعمال تقنية الاختراق فيها و ذلك بقولها : ” إذا اقتضت ضرورة البحث القيام بمعاينة لواحد أو أكثر من الجرائم المنصوص عليها في المادة 108 الآتية  بعده فيجوز الإذن بالقيام بعملية الاختراق ” . و قد سمح بهذا الإجراء في أنواع محددة من الجرائم التي تعتبر خطيرة و حديثة العابرة للحدود سواء على الصعيد الدولي أو على الصعيد الوطني ، حيث عددها المشرع الجنائي المغربي في المادة 108 من مسودة قانون المسطرة الجنائية و هي كالتالي : ” الجرائم التي تمس بأمن الدولة أو جريمة إرهابية أو جريمة منظمة أو تتعلق بالعصابات الإجرامية أو بالقتل أو التسمم أو بالاختطاف أو أخذ الرهائن أو بتزييف أو تزوير النقود أو سندات القرض العام أو بالمخدرات و المؤثرات العقلية أو بالأسلحة و الذخيرة     و المتفجرات أو بحماية الصحة أو بغسل الأموال أو بالرشوة أو استغلال النفوذ أو الغدر أو اختلاس أو تبديد المال العام ،أو بالجريمة الماسة بنظام المعالجة الآلية للمعطيات أو جريمة الإبادة الجماعية أو الجرائم ضد الإنسانية أو جرائم الحرب و الاتجار بالبشر “.

و من خلال هذا سيتم التطرق إلى بعض هذه الجرائم بتقسيمها إلى قسمين على النحو التالي :

أولا: الجريمة المنظمة العبر وطنية

     إن الجريمة المنظمة العابرة للحدود تشكل تهديدا مباشرا للأمن و الاستقرار على الصعيدين الوطني و الدولي و تمثل هجوما مباشرا على السلطة السياسية و التشريعية ،بل تتحدى سلطة الدولة نفسها ،و هي تهدم المؤسسات الاجتماعية و الاقتصادية ،و تضعفها مسببة فقدانا للثقة في العمليات الديمقراطية ،و هي تخل بالتنمية ،و تحرف مكاسبها عن اتجاهها الصحيح وتلحق الضرر بمجموع العالم كله .و لقد ساعدت الظروف و التغيرات العالمية على زيادة حجم التنظيمات الإجرامية عبر الدول و خاصة في ظل العولمة الاقتصادية و ثورة الاتصالات        و المواصلات وانعكس ذلك على زيادة أنواع الأنشطة التي تمارسها العصابات الإجرامية عبر الدول وخاصة في ظل العولمة الاقتصادية و ثورة الاتصالات و المواصلات و انعكس ذلك على زيادة أنواع الأنشطة التي تمارسها العصابات الإجرامية عبر الدول .و لقد تداخلت مجموعة من الأسباب والبواعث ،التي استطاعت أن تجعل من الجريمة المنظمة تهديدا حقيقيا على الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و حتى السياسية للأفراد ،فكانت و مازالت حتى استقر المجتمع الدولي على حقيقة ، ضرورة الحد من هذه الظواهر الإجرامية و ذلك بابتكار إجراءات ووسائل فعالة لردع هذا النوع من الانحرافات قبل وقوعها .بحيث استحدثت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 08 يناير 2001 الإطار القانوني للعمل على مكافحة الجريمة المنظمة ،فبطبعها تستوجب جهودا أوسع نطاقا ومشاركة فعالة تتناسب مع خطر هذه الظاهرة و التي اخترقت حدود دول العالم المعاصر و ذلك للتطور المذهل الذي ساد العالم من طرق المواصلات و الاتصالات بحيث وصل الاختراق حتى مؤسسات المجتمع المدني و المنظمات غير الحكومية بعدما كان مقتصرا و مستهدفا للأجهزة الحكومية على المستويات الوطنية و الدولية .

-تعريف الجريمة المنظمة

لم تستطيع الدول حصر مفهوم الجريمة المنظمة في تعريف جامع و مانع ،كذلك فإن الدول من خلال تشريعاتها الوطنية لم تضع تعريفا لهذه الجريمة و إنما اقتصرت على بيان أركانها تاركة أمر تعريفها للفقه .

لقد توافقت مختلف آراء الفقهاء المتخصصين في الميدان القانوني على صعوبة إيجاد تعريف موحد للجريمة المنظمة و هذا راجع لعدة أسباب فالبعض يتناولها من عامل التنظيم و التنسيق الذي يهيكلها وآخرون يتناولونها من زاوية الاستمرارية التي تتميز بها و يراها البعض الآخر في تواطؤ مجموعات من الأفراد على الإعداد لها بطريقة تكفل لها النجاح و الاستمرارية .

و يعرف محمد فاروق النبهان الجريمة المنظمة :” بأنها تلك الجريمة التي أفرزتها الحضارة المادية لكي تمكن الإنسان المجرم من تحقيق أهدافه الإجرامية بطريقة متقدمة لا يتمكن القانون من ملاحقته بفضل ما أحاط نفسه من وسائل يخفي بها أغراضه الإجرامية ،و لا بد لتحقيق هذه الغاية من تعاون مجموعة من المجرمين “[31]. من جهة أخرى يعرفها أحمد جلال عز الدين كما يلي ” الجريمة المنظمة تقوم أساسا على تنظيم مؤسس ثابت و هذا التنظيم له بناء هرمي ،و مستويات للقيادة ،و قاعدة للتنفيذ و أدوار و مهام ثابتة و فرص للترقي في إطار التنظيم الوطني ،و دستور داخلي صارم يضمن الولاء و النظام داخل التنظيم ثم الأهم من ذلك الاستمرارية و عدم  التوقيت”[32].

و ما يلاحظ على هذا التعريف أنه يعرف الجريمة المنظمة بدلالة المنظمة الإجرامية بحيث ركز على ثلاث عناصر و هي: التنظيم، التدرج ثم الاستمرارية. لكنه أغفل عنصرا مهما في هذه الجريمة ألا و هو الربح المالي الكبير.

و قد عرفها جون بول برودور Jean-Paul BRODEUR)) ” إن الجريمة المنظمة مجرد التفكير بالقيام بها أو السعي إلى ارتكابها هي جريمة بحيث يمكننا ملاحظة الجريمة و ما تسببه ولو لم تكن مقترنة بالتنظيم اثارا كبيرة و المعادلة التي تجمعنا في هذا الموضوع هو التفرقة بين الجريمة بصورتها العادية و الجريمة بصورتها المنظمة ،فالفرق يكمن في أن الجريمة العادية لا نعرف على أنها كذلك إلا عن طريق الملاحظة فقط أي نلاحظ نوعا من السلوكيات الإجرامية إن استطعنا القول عادية تدل على بساطة الفعل المرتكب ،أما فيما يتعلق بالجريمة المنظمة فيتم التعرف عليها إلا بما لدينا من معلومات و معارف عنها أو عن طريق السبل المتبعة من طرف أعضاءها مما يضفي التنظيم عليها مما يخرجها عن حيز الجريمة العادية [33]

– بعض أشكال و صور الجريمة المنظمة

إن نشاطات الجريمة المنظمة لا تقتصر على نوع واحد أو أكثر من أنواع الإجرام ،و لكنها تتشعب و تتوزع على جرائم لا يربطها ببعض – غالبا – صلات مباشرة ،فمجالات الجريمة المنظمة متعددة ،منها جرائم و جرائم الشركات المتعددة الجنسيات ،و الاحتيال الدولي ،إلى مجالات الدعارة و القمار و الاتجار في الأطفال و النساء و الأعضاء البشرية ،و التهريب الدولي للسلاح و المواد المشعة ،و تزييف النقود و سرقة و تزوير اللوحات الفنية ،و تهريب الآثار وسرقة وتهريب السيارات ،و الاتجار في النفايات النووية و الكيماوية .

 – موقف المشرع المغربي

لم يعالج المشرع المغربي الجريمة المنظمة بموجب نصوص قانونية خاصة ،كما فعل بالنسبة لقانون مكافحة الارهاب ،و إن كان قد جرم أفعال تكوين العصابات الإجرامية و التعاون معها في الفصل 293 و ما يليه من القانون الجنائي ،و في إطار التعاون الدولي لمنع و مكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية ثم إبرام اتفاقية باليرمو في 12/12/2000 ،و إيمانا من المملكة المغربية بضرورة الانخراط في هذا التعاون الدولي فقد بادرت إلى إيداع وثائق المصادقة على هذه الاتفاقية بموجب المحضر الموقع بنيويورك في 20/09/2002 هذا و قد صدر ظهير شريف رقم 1.20.132 في 09 شوال 1426 (04/12/2003) بنشر هذه الاتفاقية بالجريدة الرسمية عدد 5186 بتاريخ 12/02/2004 مما يجعل المغرب بعد مصادقته عليها ملزم بتنفيذها [34].

لقد خطى المشرع المغربي خطوة إيجابية في مسودة مشروع القانون الجنائي الجديد [35]،و ذلك في سياق التفاعل الإيجابي للمملكة مع أجهزة الأمم المتحدة و خاصة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية لسنة 2000 و البروتوكولين الملحقين بها المتعلقين الأول بمنع و قمع الاتجار بالأشخاص خاصة النساء و الأطفال و الثاني بتهريب المهاجرين عن طريق البحر و البر.

و مراجعة الجديد في مشروع القانون هذا هو مراجعة مفهوم العصابات الاجرامية و تمييزها عن المنظمة الاجرامية في الفصلين 293-294[36] .

    1: جريمة غسل الأموال

    – تعريفها :

تعد ظاهرة غسيل الأموال من الظواهر الخطيرة التي تواجه الكثير من دول العالم ،لذلك أصبح التعاون الدولي إحدى الضرورات اللازمة لمواجهة هذه الظاهرة ،ذلك بعد إدراك كافة دول العالم بآثار السلبية لهذه الظاهرة على اقتصاديتها الوطنية بشكل خاص و على اقتصاد الدول بشكل عام و لهذا تضافرت الجهود وبدأ التفكير في وضع السياسات و التدابير اللازمة لمواجهتها

أما فيما يخص تعريف جريمة غسل الأموال فقد انقسم الحديث عنه على ثلاث مستويات ، بحيث نجد التعريف الفقهي و التعريف التشريعي و كذا تعريف الاتفاقيات الدولية لجريمة غسل الأموال .

فعلى مستوى التعريف الفقهي نجد أن الفقهاء اختلفوا في وضع تعريف لجريمة غسل الأموال و ذلك راجع بالأساس لاختلاف وجهات النظر فيما بينهم ،فمنهم من ركز على تضييق مجال غسل الأموال ، حسب هذا الاتجاه كل الأفعال الهادفة لإخفاء أو تمويه مصدر الأموال القذرة المتأتية من الاتجار في المخدرات نظرا لمتحصلاتها المرتفعة هذا من زاوية ،و من زاوية أخرى نجد معظم الفقهاء يتبنون التعريف الواسع لجريمة غسل الأموال و يعرفها خالد سليمان :” تلك الأموال التي يقوم من خلالها الأشخاص بإيداع أموال تم الحصول عليها بعمليات غير قانونية    و تحويلها و إخفائها و القيام بعمليات آلية حتما تهدف إبعادها من مصدرها لإعادة خالصها إلى السوق كأموال نظيفة “[37].

اما على المستوى التشريعي ،و نخص بالذكر هنا التشريع الوطني ،فالملاحظ أن المشرع المغربي قد أصدر القانون رقم 43.05 المتعلق بغسل الأموال و حدد الأفعال المكونة لهاته الجريمة في الفصل 2-574 و اعتبر الجريمة متحققة كلما حاول الجاني إخفاء المصدر الحقيقي للأموال المتحصلة من الجرائم المشار إليها في الفصل 2-574.

و تتسم جريمة غسل الأموال بخصائص محددة، تختلف عن الجرائم التقليدية، كما أنها تتشابه في بعض الخصائص مع الجريمة المنظمة كالاتجار بالأسلحة و تهريبها و الإرهاب و غيرها من الجرائم العابرة للحدود، و يمكن إجمال هذه الخصائص فيما يلي:

يعد التنظيم للنشاط الإجرامي من أهم خصائص جريمة غسل الأموال ،بالإضافة إلى ذلك فهي تتصف بالتكامل و الشمولية لاعتبارها ذات ارتباط وثيق بين كافة مراحل ارتكابها حيث يجب أن تتوفر كل عناصرها بدءا من مرحلة الإيداع مرورا بمرحلة التغطية انتهاء بمرحلة الاندماج ، بالإضافة إلى هاتين الخاصيتين فجريمة غسل الأموال تمتاز بخاصية السرية و كذلك المردود المالي أو الربح و أخيرا فهذه الجريمة تعتبر من الجرائم العابرة للحدود حيث أصبحت التنظيمات الإجرامية تمارس أعمالها عبر مختلف الدول .

   – أسباب التحقيق و التركيز في جريمة غسل الأموال

تعتمد على أساليب التحقيق الفنية و التقنية ذات الطابع المصرفي على العموم ،أما فيما يخص آلية الاختراق ،فهو الاسم الأجدر ضد هذه الجريمة فيقتصر دوره على شقين .شق أولي وهو التحقيق في مجال الجرائم مصدر الأموال ،أي المرحلة الأولية ،وأن المعاملات التجارية والمصرفية التابعة للجريمة ليست إلا امتدادا خطيرا لجرائم ارتكبت مسبقا مما يوضح أهمية المعلومات المتعلقة بالجرائم الأولية في مكافحتها .تمتاز هذه الجريمة بتخطيط محكم مبني على الثغرات القانونية ،بدون ذكر أنه يتم اللجوء إلى المختصين ذوي الخبرة في ذلك المجال ،فهي تتسم بالذكاء الشيطاني على حد قول (MADENGER ) و لا بد أن تتماشى خطط الشرطة مع ذلك وعلى جميع المراحل ، و شق آخر يتعلق بالتنسيق مع الهيئات المالية .

2: جرائم الفساد

     – تعريف الفساد

     تشكل مشكلة الفساد الإداري أو ما يطلق عليه البعض بالفساد البيروقراطي أو الحكومي ، عامل قلق جوهري دائم في الإدارات في شتى أنحاء العالم ،حيث لا يختلف أحد على أن المجتمعات كافة في الشرق و الغرب تحتوي على قدر من الفساد ،إذا لا يوجد على وجه البسيطة ذلك ” المجتمع الفاضل ” الذي يخلو تماما من الفساد و المفسدين ،وهذه حقيقة و ليست من باب تكريس أوضاع أو سلوكات معينة [38].

و الإدارة المغربية لا تشكل استثناء من هذه الظاهرة و لعل ما يجسد هذه الحقيقة سلسلة التقارير “الإنذارية” حول تردي المؤشرات الاقتصادية و الاجتماعية ،كان أهمها التقرير السلبي للبنك الدولي إزاء الإدارة المغربية الذي تم إنجازه في 15 شتنبر 1995 ،خاصة و أنه أحدث ضجة كبرى لدى الرأي العام المغربي ،و كان قد أثار انتباه العاهل المغربي المغفور له الحسن الثاني بحقائق حينما قال :” قرأت تقرير البنك الدولي فوجدت فيه أرقاما مفجعة تجعل كل ذي ضمير حي لا ينام ” [39].

و يمكن تعريف الفساد الإداري من الناحية القانونية بأنه :” خروج عن القوانين و الأنظمة أو استغلال غيابهما من أجل تحقيق مصالح سياسية أو اقتصادية أو مالية تجارية أو اجتماعية ، لصالح فرد أو جماعة معينة بهدف تحقيق مصالح شخصية ” [40].

و قد عرفته منظمة الشفافية الدولية :” بأن الفساد الإداري هو سوء استعمال الوظيفة في القطاع العام من أجل تحقيق مكاسب شخصية “.

و الواقع أن ظاهرة الفساد تعتبر ظاهرة متجذرة في التاريخ الإنساني بكليته ،و قد أفرزت على مدى العصور المتعاقبة أنماط سلوكات مشينة ،و تجليات أفعال منحرفة ،حاول التشريع في كل مرة أن يرصدها و يحيطها بسياج زجري مناسب لخطورتها [41].

– مظاهر الفساد

تتلخص أهم مظاهر الفساد الإداري في السلوكات المنحرفة المتفشية في الإدارة و التي نص التشريع على تجريمها بالإضافة إلى سلوكيات مستحدثة لم يؤطرها النص التشريعي .

سلوكيات نص التشريع على تجريمها و تتمثل في :

*الارتشاء ( الفصل 248 و 249 من ق.ج .و الفصل 35 من ق.م.ع.خ ).

*اختلاس الأموال ( الفصل 241 و 242 من ق ج و الفصل 32 من ق.م.ع.خ )

*استغلال النفوذ .

*الغدر .

*تحصيل منافع غير قانونية .

*المحسوبية .

*الشطط في استعمال السلطة و خيانة الأمانة .

*التزوير .

– سلوكيات مستحدثة لم يؤطرها النص التشريعي :

*التوظيف السلبي للسلطة التقديرية .

*الاستغلال اللامشروع للممتلكات العمومية .

*المعاملة التفضيلية إزاء المرتفقين.

*التماطل و التقاعس و اللامبالاة [42].

و نظرا لتعدد مظاهر الفساد أصبح من الضروري على المشرع الجنائي المغربي إدخال تقنيات رقابية حديثة على جرائم الفساد للحد من تطورها و استفحالها ،لذلك لم يستثنى هذا النوع من الجرائم في أساليب البحث و التحري الخاصة ،و نظرا للبيئة السياسية و الاجتماعية و الثقافية التي يتميز بها المغرب عن غيره من الدول ،فإن هذه الآليات وقصد تفعيلها لابد من توفير الشروط و الضمانات الكفيلة لإنجاحها و تحقيق الأهداف المتوخاة منه .

 3 :جريمة الإرهاب

     بسم الله الرحمان الرحيم ” و إذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إنِّي جَاعِلٌ فِي اُلأَرْضِ خَلِيفَةً ،قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يَفْسِدُ فِيهَا وَ يَسْفِكُ اُلدِّمَآءَ وَ نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَ نُقَدِّسُ لَكَ، قَالَ إِنِي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونْ[43]“. فالترهيب و الترويع و التخويف و سفك الدماء هي مصطلحات قديمة قدم الإنسان نفسه، عاصرته منذ ظهوره ،و استمرت معه كل الحقب التاريخية التي عمر فيها الأرض ،و حتى الآن لا تزال البشرية تعاني الويلات من مظاهر الترهيب و الترويع .

لقد أضحى مصطلح ” الإرهاب ” من أكثر الاصطلاحات شيوعا في العالم ،في وقت تزداد فيه نسبة الجريمة ارتفاعا و أشكالها تنوعا ،و أصبح الإرهاب واقعا مقلقا و مزعجا.و إذا كان الإرهاب قد اقتصر فيما مضى على اغتيال أو إحالة بعض الشخصيات العامة ،أو رموز الحكم أو الأحزاب أو المؤسسات أو ممثلي الدول من الأجانب ،فهو قد اتخذ في الوقت الحاضر أشكالا مختلفة و متنوعة كخطف الطائرات و احتجاز الرهائن ،و تفجير الأبنية السكنية و المراكز التجارية و غيرها من مظاهر الإرهاب التي تستهدف الأشخاص الآمنين من عموم الناس شيوخا وأطفالا و نساء و رجالا [44].

فقد كان الإرهاب مصدر قلق للمجتمع الدولي مند عام 1937 عندما وضعت عصبة الأمم اتفاقية منع الارهاب وقمعه ،و في سنة 1963 و 1999 أعد المجتمع نحو 12 صكا قانونيا عالميا لمكافحة الاعمال الارهابية و في 8 أيلول من عام 2006 تم اقرار استراتيجية الأمم المتحدة العالمية المشتركة لمكافحة الإرهاب من طرف الجمعية العامة ،بهدف معالجة الظروف التي تساعد على انتشار الارهاب و منعه و مكافحته[45] .

– تعريف الإرهاب

إن من أصعب جوانب دراسة الإرهاب بصفة عامة و الإرهاب الدولي بصفة خاصة هو محاولة الوصول إلى تعريف محدد للإرهاب[46] لذا سيتم الوقوف على بعض التعريفات للإرهاب .

– التعريف الفقهي للإرهاب

لقد بدلت محاولات فقهية عديدة للوصول إلى تعريف موحد للإرهاب يكون جامعا مانعا لكل عناصره و جوانبه .و هذه المحاولات وحدها غير كافية لفهم الظاهرة و تلمس طبيعتها و أبعادها ، بحيث غلبت النظرة القانونية على معظم هذه المحاولات من جهة ،و من جهة أخرى جاءت هذه المحاولات متباينة من حيث المعيار الذي ارتكزعليه لتمييز العمليات الإرهابية .

فهناك من اعتمد بالأساس على طبيعة الوسائل المستخدمة بأن تكون و سائل عنف من شأنها إثارة الرعب و إحداث خطر عام يهدد الحياة البشرية و الأمن العام و البعض يركز بالأساس على الأثر و النتائج المترتبة عن الفعل و هو التدمير[47] .

و في هذا الصدد عرف الدكتور محمد شريف بسيوني ” الإرهاب هو استراتيجية عنف مجرم دوليا تحفزها بواعث عقائدية ،و تتوخى احداث عنف مرعب داخل شريحة خاصة من مجتمع معين لتحقيق الوصول إلى السلطة ،أو القيام بدعاية لمطلب أو منظمة بغض النظر عما إذا كان مقترفو العنف يعملون من أجل أنفسهم و نيابة عن دولة من الدول[48] “.

و قد عرف الفقيه ( ليمكن Lemkin ) الإرهاب بنظرة عامة بأنه يقوم على تخويف الناس بمساهمة أعمال العنف ،و أما الفقيه ( جيفانوفيتش Givanovitch ) يرى أن الإرهاب هو عبارة عن أعمال من طبيعتها أن تثير لدى شخص ما الإحساس بالتهديد مما ينتج عنه الإحساس بالخوف من خطر بأي صورة ” .

و قد أشار الفقيه ( سالدانا Saldane ) أننا يمكن أن ننظر إلى الإرهاب وفقا للمفهوم الأول واسع و الثاني ضيق ،بالنسبة للمفهوم الواسع فهو عبارة عن كل جناية أو جنحة سياسية أو اجتماعية ينتج عن تنفيذها أو التعبير عنها ما يثير الفزع العام لما لها من طبيعة ينشأ عنها خطر عام .

أما بالنسبة للمفهوم الضيق فالإرهاب يعني الأعمال الإجرامية التي يكون هدفها الأساسي نشر الخوف و الرعب – كعنصر شخصي – و ذلك باستخدام و سائل تستطيع خلق حالة من الخطر العام كعنصر مادي [49]“.

– تعريف الاتفاقيات الدولية للإرهاب

لقد حاولت الاتفاقيات الدولية تعريف  الإرهاب و ذلك عبر اتفاقية جنيف الخاصة بمنع و قمع الإرهاب لعام 1937 ،و الاتفاقية الأوربية لمنع و قمع الإرهاب لعام 1977 ،ثم الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب لعام 1998 .

بالنسبة لاتفاقية جنيف و الخاصة بمنع و قمع الإرهاب لعام 1937 ، تعتبر أول عمل قانوني دولي يهدف إلى الحد من خطر العمليات الإرهابية عن طريق التعاون الدولي و الاتفاق بين الدول تمنع الجريمة و معاقبة مرتكبيها [50]،و قد عرفت المادة 4/2 من الاتفاقية بقولها ” في هذه الاتفاقية تمتد عبارة الارهابية لتشمل الأفعال الإجرامية الموجهة ضد دولة عندما يكون هدفها أو من طبيعتها إحداث رعب ضد أشخاص أو جماعات معينة ،أو عند الجمهور[51] “.

– أسباب التحقيق و التركيز في جريمة الإرهاب

في المغرب شكلت بداية الالفية الثالثة خلفية تاريخية غير مسبوقة بالنسبة إلى مسار تدبير حزمة السياسات لمواجهة اللإرهاب .حيث ساهمت أحداث 16 ماي 2003 في التسريع بشكل كبير في إخراج القانون 03.03 إلى حيز الوجود إذ عمد المشرع المغربي في هذا القانون إلى تبني سياسة جنائية جديدة لمواجهة الإرهاب حيث صاغ تسعة فصول ملحقة بالمادة 218 من مجموعة القانون الجنائي و ذلك رغبة منه في تفعيل التعاون الدولي و الإقليمي لمحاربة الارهاب .

و يعتبر المكتب الوطني للأبحاث القضائية من المراكز التي لها الدور الكبير في محاربة الإرهاب حيث يختص في القضايا الإرهابية و كذلك الجرائم الماسة بأمن الدولة الداخلي والخارجي. و بالرجوع إلى المادة 108 من ق.م.ج نجدها تنص على إمكانية التقاط المكالمات    و الاتصالات إذا كان الأمر يتعلق بجريمة إرهابية أو إذا كانت هذه الجريمة تمس بأمن الدولة ، ومن بين الإحصائيات التي أدلى بها عبد الحق الخيام مدير هذا المكتب أنه تم إفشال 109 عملية اغتيال لشخصيات مغربية و 119 تفجير في مرافق عمومية و إحباط 41 هجوم مسلح وإعتقال 2720 شخص متورطين في القضايا الإرهابية ،كما تم اعتقال 156 شخص عائدين من الخارج كانوا في جماعات متطرفة من مناطق سوريا و ليبيا [52].

و رغبة من المغرب في تعزيز التعاون الدولى خاصة على مستوى النيابة العامة ،في مجال الإرهاب فالنيابات العامة المكلفة بالإرهاب بمحكمة الاستئناف بالرباط و المحكمة الوطنية بمدريد و محكمة الاستئناف بمدريد ،والنيابة العامة الفدرالية ببروكسل ،وضعت منذ سنة 2007 ،اتفاقا رباعيا عمل على خلق خلية عمل مشتركة لتبادل المعلومات الميدانية  بشأن التحريات و الأبحاث القضائية المميزة في مجال مكافحة الإرهاب ،و من شأنها أن يكون لها امتداد في إحدى الدول الأعضاء [53].

إن الاختراق كتقنية من تقنيات البحث الخاصة عن الجرائم الخطيرة ،سيلعب دورا هاما في محاربة آفة الارهاب الذي لا زمان ولا مكان له ،و من شأن المخترق الولوج و التسلل إلى صفوف الإرهابيين ، من أجل تعقب و رصد الأشخاص المشتبه فيهم و كشف أسرارهم و معرفة المشاركين و المساهمين في ارتكاب أفعال إرهابية من شأنها أن تضر بالأمن و الاستقرار داخل الدولة ،وهي مما لا شك فيه تعتبر تقنية فعالة و استباقية لتجنب الأفعال الإرهابية و التصدي لها .

4: جرائم المخدرات

يشكل الاتجار غير المشروع في المخدرات مظهرا من مظاهر الجريمة العابرة للحدود وخصوصا تلك التي تتم على الصعيد الدولي .كما أن هذه الآفة تسبب الفساد في أجهزة الدولة من خلال ما تستعمله المنظمات الإجرامية من وسائل للتغلغل في أجهزة الدولة ولهذا فإن جميع الدول أحست بخطورة هذه الآفة ،مما جعلها  تلتقي لعقد الاجتماعات و الملتقيات الدولية لدراسة سبل مكافحتها و القضاء عليها بأي أسلوب و أي وسيلة متاحة[54] . لذلك كان لابد من تضافر الجهود العربية والإقليمية للحد من تداعيات هذه الجريمة ،إلى جانب الجهود المبذولة من طرف المغرب في هذا المجال .

و لعل ما يستدعي سرعة التحرك الدولي للتعامل مع ظاهرة الاتجار الدولي في المخدرات ارتباطها بالأشكال الأخرى للجريمة المنظمة بل و اعتماد كل منها على الأخرى مثل تجارة السلاح غير المشروعة ،و الاتجار في البشر و التي خلقت بدورها جريمة أخرى لا تقل خطورة هي جريمة غسل أو تبييض الأموال التي تعتبر منفذا للمنظمات و العصابات المتورطة في مثل هذه الجرائم من أجل استغلال و توظيف الأموال الناتجة من مثل هذه الأشكال من التجارة الغير مشروعة .

مظاهر مكافحة الاتجار الدولي في المخدرات

     عمل المجتمع الدولي على إبرام اتفاقيات تعنى بمكافحة الاتجار الدولي في المخدرات ،كما أنشأ لهذه الغاية عدة مؤسسات تسعى لنفس الغاية .و من بين هذه الاتفاقيات نجد :اتفاقية شنغهاي في الصين لسنة 1909 أول اتفاقية دولية لمحاربة المخدرات و كانت تتعلق أساسا بالأفيون و مشتقاته ،و توالت بعد ذلك اتفاقيات أخرى و هي الاتفاقيات الدولية لسنوات 1961 و 1971 و1988 م .

زيادة على ذلك فإن المجتمع الدولي كثف جهوده على المستوى الأمني و ذلك لتطويق هذه الجريمة العابرة للحدود ،فتم استحداث هيئات دولية ، مثل هيئات تابعة لمنظمة  الأمم المتحدة  تعمل في مجال مكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات و من أهمها : الهيئة الولية لمراقبة المخدرات ،و صندوق الأمم المتحدة لمكافحة إساءة استعمال المخدرات ،و برنامج الأمم المتحدة الدولي للرقابة على المخدرات .دون أن ننسى المنظمة الدولية للشرطة الجنائية و الدور الذي تلعبه في مكافحة هذه الآفة .

– مكافحة جرائم المخدرات على المستوى الوطني

     السياسة المتبعة على صعيد مؤسستنا الزجرية في ميدان مكافحة المخدرات ، مبنية أساسا على مواجهة تحديين رئيسيين :الأول يتسم بطابع تاريخي و هو مشكلة زراعة قنب الكيف ،و الثاني يتسم بطابع جغرافي و هو مجاورة المملكة المغربية للقارة الأوربية ،و تأثير ذلك على انعاش حركة التهريب [55].

لقد ورث المغرب كغيره من الدول الأمريكية و الأسيوية و الإفريقية زراعة نبات القنب ، ويمكن أن يرجع ذلك إلى أحقاب تاريخية غارقة في القدم باعتبار أن هذا النبات كان معدا أساسا لاستعمال أليافه في صناعة النسيج و الحبال ،و أكياس الخيش ،و يحتمل أن تكون طريقة تدخينه في صورته التقليدية مستوردة بدورها من الهند أو بعض دول أمريكا الجنوبية ،عن طريق البحارة الإسبان أو البرتغال ،و لم تعرف زراعة قنب الكيف انتعاشا و تأطيرا إلا في عهد الحماية الفرنسية بالجنوب ،و الإسبانية في الشمال ،و كانت الدول العظمى قد اشترطت في عقد الجزيرة بتاريخ 27 أبريل 1906 في الفصل 72 أن تكون زراعة و إنتاج مادة الكيف محتكرة من طرف الدولة ، وخلقت لهذا الغرض سنة 1910 شركة دولية ،استفادت من امتياز الاحتكار الذي كان ذا صبغة تجارية ،فإن القوانين التي تتعلق بمادة الكيف و التي صدرت منذ مايو 1915 إلى أبريل 1954 كانت أكثر تسامحا في اعتبار مادة الكيف مضرة بالصحة العالمية .و كان ينظر إلى مادة الكيف بوصفها منتوجا تجاريا يجب تسويقه و يخضع لحرية التجارة الدولية السائدة وقتئذ ،ولا يمكن حصره أو منعه بدعوى كونه من صنف المخدرات ،فهو مصدر مهم للمداخل التي تحصل عليها الدولة الأجنبية الحامية [56].

أما فيما يخص الموقع الجغرافي للمملكة فالمغرب متميزا بوصفه بابا رئيسية مفتوحة على القارة الأوروبية ،و يتوفر على شواطئ شاسعة ممتدة على كل من المحيط الأطلسي و البحر الأبيض المتوسط ،و هذه الوضعية تشجع بسهولة عمليات تهريب المخدرات ، فهي تشجع في آن واحد عملية العرض (الزراعة) ،و عملية الطلب على المخدرات من المهربين الأجانب ،و ذلك في غفلة من أجهزة الرقابة التي لا يمكن لها أن تشدد حراستها على طول الشواطئ الممتدة ،و هكذا أصبح بلدنا تهدده أنواع من عمليات التهريب ،و هي التهريب الدولي المباشر إلى الخارج ،      و التهريب الدولي بالعبور إلى الخارج ،و التهريب نحو المغرب [57].

إيمانا من المغرب بأهمية  التعاون الدولي في مكافحة الاتجار الدولي في المخدرات ،عمل على ملاءمة تشريعاته الوطنية مع مقتضيات الاتفاقيات الدولية و عمل على إحداث مؤسسات تهم مكافحة الاتجار الدولي في  المخدرات [58]،كما أن القضاء المغربي تصدى بدوره لظاهرة الاتجار الدولي في المخدرات .

و يلاحظ أن مشروع القانون الجنائي أفرد الفرع الرابع مكرر تحت عنوان المخدرات والمؤثرات العقلية كآلية زجرية جديدة لمكافحة جرائم المخدرات و المؤثرات العقلية انسجاما مع الاتفاقيات و الالتزامات الدولية للمغرب في مكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود ،هذا الفرع الذي خصص له المشرع مساحة شاسعة من النصوص من المادة 2-440  إلى 16-440 .

كما احدثت آليات مؤسساتية ،كمديرية الشرطة القضائية ،و المكتب المركزي الوطني ،و المركز الوطني للأبحاث القضائية .و المشرع المغربي وعيا منه بأن وسائل البحث و التحري الكلاسيكية اصبحت بدون جدوى ،مما دفعه بالإتيان بمستجد ضمن مسودة مشروع قانون القاضي بتغيير و تتميم قانون المسطرة الجنائية و المتمثل في إجراء الاختراق الذي يعتبر من و سائل البحث الخاصة و المسموح باللجوء إليه عند الضرورة من طرف النيابة العامة بخصوص هذه الجرائم الخطيرة .

5 :الجرائم الماسة بأنظمة المعالجة الآلية للمعطيات

     الأمن المعلوماتي هو حماية الفضاء الالكتروني و برمجيات المرفق العمومي وتعقب الشبكات الإجرامية التي تعمل على اختراق الأنظمة الالكترونية لتخريب سرية المعلومات المتعلقة بالأمن العام أو الخاص ،و تتعدد تعريفات الأمن المعلوماتي حسب زاوية الرؤية ،فمن زاوية أكاديمية يعتبر العلم الذي يبحث في نظريات و استراتيجيات توفير الحماية للمعلومات من المخاطر التي تهددها و من أنشطة الاعتداء عليها ،أما من زاوية تقنية فهو الوسائل و الأدوات و الإجراءات اللازمة توفيرها لضمان حماية المعلومات من الأخطار الداخلية و الخارجية ، و من زاوية قانونية فإن الأمن المعلوماتي هو محل دراسات و تدابير حماية سرية و سلامة المعلومات و مكافحة أنشطة الاعتداء عليها أو استغلال نظمها في ارتكاب الجرائم .

و الإشكال الرئيسي الذي يطرح نفسه يتجلى في:

مدى نجاعة المقاربة القانونية و الأمنية لضمان الأمن المعلوماتي بالمغرب ؟

– المقاربة القانونية لضمان الأمن المعلوماتي بالمغرب

إن ظهور المعلوماتية و تطبيقاتها المتعددة أدى إلى بروز مشاكل قانونية جديدة ،تمثلت في ظهور ما يسمى بأزمة القانون الجنائي في مواجهة واقع المعلوماتية ،و لما كان القاضي الجنائي مقيدا عند نظره في الدعوى الجنائية بمبدأ شرعية الجرائم ،فإنه لن يستطيع أن يجرم أفعالا لم ينص عليها المشرع حتى و لو كانت أفعالا مستهجنة و على مستوى عال من الخطورة الإجرامية ، خاصة في ظل غياب تعريفات دقيقة لهذه الجرائم ،و تحديد تام لمرتكبيها ،لذا كان لابد لنا هنا من إعطاء تعريفات دقيقة لكم ما يرتبط بجرائم الاختراق المعلوماتي سواء تعلق الأمر بالاختراق في حد ذاته أو بالمخترق المرتكب للفعل الإجرامي [59].

و لقد انخرطت المملكة المغربية  بشكل فعال في إطار التوجه الدولي لمكافحة الجريمة المعلوماتية ، لما لها من تداعيات خطيرة على المستوى الاقتصادي و الاجتماعي و السياسي للدول فصادقت المملكة على اتفاقية بودابست لمكافحة الجريمة المعلوماتية ،فضلا عن تحديث الترسانة القانونية وإصدار مجموعة من القوانين لعل أهمها القانون 07.03 المتعلق بالإخلال بسير نظم المعالجة الآلية للمعطيات .و يحتوي هذا القانون على تسعة فصول من 3-607 إلى الفصل 11-607 ،وأول ما يمكن ملاحظته هو عدم تعريف نظام المعالجة الآلية للمعطيات من لذن المشرع تاركا ذلك للفقه و القضاء على اعتبار أن البيئة الالكترونية و الوسط المعلوماتي هو متجدد و متحول ، وأي تعريف يتم وضعه قد يصبح متجاوزا فيما بعد و قد لا يتناسب و الخصوصية التي قد تصبح فيها الجريمة المعلوماتية فيما بعد .

يشق على أي باحث في مجال الحماية القانونية لبرامج الحاسب الآلي أن يعرف هذه البرامج دون تهيئة ذهن القارئ من الناحيتين العملية و المنطقية من خلال بيان العلاقة بين المعلوماتية وبرامج الحاسب الآلي .

بالنسبة للفقه فقد سار في تحديد مضمون البرامج في اتجاهين مفهوم ضيق :يقتصر المدلول الضيق للبرنامج على مجموعة التعليمات و الأوامر الصادرة من الإنسان إلى الكيان المادي للحاسب [60].

أما طبقا لمفهومه الواسع فيقصد به ليس فقط مجموعة الأوامر و التعليمات التي تصدر إلى الحاسب لتنفيذها و إنما يضم كافة البيانات الأخرى الملحقة بالبرنامج و التي تساعد على سهولة فهم تطبيقه ،و هذه البيانات عبارة عن تعليمات موجهة من المبرمج إلى العميل الذي يتعامل مع الحاسب [61].

و من جانبها عرفت المنظمة العالمية للملكية الفكرية بأنه ” عبارة عن مجموعة من التعليمات التي تسمح بعد نقلها على دعامة مقروءة من قبل الآلة بيان أو أداء أو إنجاز وضيفة أو مهمة أو نتيجة معينة عن طريق آلة قادرة على معالجة المعلومات ” .

و عموما يمكن القول أن غالبية التشريعات لم تتناول تعريفا محددا لبرامج الحاسوب بهدف تجنب التدخل المباشر في وضع عملية تكنولوجية يصعب السيطرة على مصطلحاتها و مضمونها في نصوص تشريعية محددة إضافة إلى أن هذه البرامج في تطور مستمر يستعصى معه وضع تعريف جامع لها كما أن هذا التطور يجعل من التعريف المحدد لبرامج الحاسوب قيدا على استيعاب التطورات الفنية المتلاحقة في ميدان برامج الحاسوب حيث سيجعل هذه الأخيرة غير معروفة وقت وضع النص التشريعي الخاص بالتعريف بعيدا عن الحماية القانونية نظرا لعدم تطابق المعايير الواردة في التعريف عليها و لهذا ترك المشرع في غالبية البلدان أمر تحديد المقصود ببرامج الحاسوب المحمية قانونا للفقه و للقضاء الذي يقدره على ضوء المعطيات الفنية وقت رفع الدعوى[62] .

– مواجهة الجريمة المعلوماتية في التشريع المغربي

     كما هو الحال في كل دول العالم ظهرت الجريمة المعلوماتية في المغرب ،و أصبح القضاء المغربي أمام اشكال حقيقي ،عندما وضعت أمامه قضايا تتعلق بالجرائم المعلوماتية[63] ،خاصة فيما يتعلق بتكييف هذه الجرائم على أساس النصوص الجنائية التقليدية مع ما قد يشكله ذلك من مساس بمبدأ الشرعية الجنائية و التفسير الضيق للنص الجنائي .

و أمام هذه الإشكالية التي يجدها القاضي المغربي في ظل وجود فراغ تشريعي في مجال مكافحة الجرائم المعلوماتية، عمل المشرع المغربي على مواجهة الجريمة المعلوماتية في القانون الجنائي عن طريق إضافة نصوص جديدة، و ذلك بمقتضى القانون 03.07 المتعلق بالإخلال بسير نظم المعالجة الآلية للمعطيات، و القانون رقم 03.03 المتعلق بمكافحة الإرهاب ثم القانون 24.03 المتعلق بتعزيز الحماية الجنائية للطفل و المرأة ،و قانون 53.05 المتعلق بتبادل البيانات و المعطيات إلكترونيا، و القانون 09.08 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين اتجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي.

و تفعيلا للحماية المذكورة ضمن المشرع المغربي العديد من المقتضيات الزجرية نذكر منها المادة 53 من قانون 09.08 ،كما جرمت المادة 63 عملية نقل معطيات ذات طابع شخصي نحو دولة أجنبية خرقا لأحكام المادتين 43 و 44 من نفس القانون و مواد اخرى تسير في هذا الاتجاه .

أما على المستوى الأمني ،تم إحداث وحدتي لمكافحة الجريمة المعلوماتية الأولى تم إحداثها من طرف المديرية العامة للأمن الوطني على الصعيد المركزي ،و تختص بتجميع و تحليل الجرائم المعلوماتية المرتكبة سواء على الصعيد الوطني أو الدولي و مساندة المصالح الخارجية في الأمور التقنية المرتبطة بالتحقيقات و تتبع ورصد مرتكبي الجرائم عبر الانترنيت ،كذلك تم إحداث  وحدة الجرائم المعلوماتية على صعيد الفرقة الوطنية للشرطة القضائية ،و ذلك بهدف مواكبة التطور الرقمي و الطفرة التكنولوجيا في مجال تقنيات الاتصال ،و ادراكا لحجم التحديات التي يطرحها هذا التطور على المستوى الأمني .

و بالتالي تكون نظرة مسودة المشروع الجديد لقانون المسطرة الجنائية في ما يتعلق بتقنية الاختراق نظرة صحيحة و مؤسسة على معايير سليمة من حيث الواقع في مواجهة هذا النوع من الجرائم ،و ذلك بطريقة إستباقية من أجل تفادي كل ما من شأنه الإضرار بالأمن العام عموما  وأمن الأفراد خصوصا ،ليكون زمن اللجوء إلى تقنية الاختراق هو لحظة الاشتباه بأشخاص بصدد الإعداد لمشاريع إجرامية لارتكاب هذا النوع من الجرائم ،مما يتعين معه القول أن تنفيذ تقنية الاختراق مرهون حصريا بهذه الجرائم الواردة في المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية ،و من ثمة لا يمكن اللجوء إلى هذه التقنية في جرائم أخرى .

ختاما

نخلص إلى القول أنه لا بد من إحداث التوازن بين حق المتهم في الدفاع و حق الدولة قي العقاب ،وهذا لا يتحقق إلا بإرساء مجموعة من الضمانات التي تحمي المتهم من أي تعسف أو إجحاف في جو من الكرامة تضمن فيها المشروعية ،و بالمقابل تمكين الجهات المختصة بالبحث و التحري و جمع الاستدلالات و التحقيق في الجرائم بمختلف الوسائل التي تواكب التطور العلمي والتكنولوجي ،من خلال استحداث طرق ووسائل جديدة في البحث دون الخروج عن مقتضيات احترام المشروعية ،و هذا لضمان الوصول إلى الهدف الأساسي الذي من أجله وجدت الدعوى ألا وهو مكافحة ظاهرة الجريمة و الحد منها قدر الإمكان .

و لقد ثبت لدى الدول التي سبقتنا في تنزيل هذا الإجراء ضمن منظومتها القانونية ،أن عملية الاختراق محصورة  على المستوى النظري أكثر منه على المستوى التطبيقي ،و يرجع ذلك إلى جملة من الاعتبارات التي ينبغي التركيز عليها لضمان فعالية هذا الإجراء باعتباره أسلوب من أساليب البحث و التحري الخاصة ،فإن الواقع لدى هذه البلدان يثبت أن استعمالها مازال محدودا وقد يرجعه في تردد القائمين على هذا الإجراء إما إلى المخاطر التي قد تترتب على عملية الاختراق نظرا لتعقيدها ،أو عدم تأهيل العناصر المنفذة لها .بحيث لا بد أن ينفذ مثل هذه العمليات مجموعة من الأشخاص الذين تلقوا تدريبا خاصا ،و أن يكون تعيين منفذوا عملية الاختراق بالتنسيق و التشاور مع السلطات المختصة و القائمين عليها ،ووضع تقارير عن المخاطر التي من شأنها أن تنتج عن العملية ،و أن تحدد أهداف العملية بوضوح .

إن هدف المشرع من التنصيص على هذا الإجراء هو الكشف على السلوك الإجرامي الذي لا يمكن الوصول إليه بواسطة البحث العادي ،و رغم أن هذا الإجراء قد يمس بعض الحقوق الفردية و انتهاك الحياة الخاصة للمواطنين إلا أن المشرع الجنائي المغربي غلب مصلحة المجتمع        و الحفاظ على الأمن الاجتماعي و تحصينه من جرائم تمسه في شخصه و ممتلكاته .

و لئن كانت البشرية قد ناضلت و ضحت بالكثير من أجل أن يستقر الأمن بين أبنائها ،ذلك أن الأمن أمر قديم و متجذر في الإنسان كالروح بالجسد ،صح لنا أن نعتبر تقنية اختراق العوالم الخفية للجريمة و مراقبة المجرمين الخطيرين من داخل تنظيماتهم السرية التي تهدد الأبرياء وسيلة فعالة للحد من مبدأ الإفلات من العقاب و تطبيق الردع الخاص منه و العام ،و تعزيز الشعور بالأمان .

و في نظرنا المتواضع يعتبر تقنية الاختراق تقنية فعالة للحصول على ثقة المشتبه فيهم الخطيرين على المجتمع و كشف مختلف تحركاتهم و أنشطتهم المشبوهة ،كما يشكل الاختراق تقنية استباقية لمحاربة الجريمة و في ذلك تفعيل جيد للشق الوقائي من السياسة الجنائية و الذي يهدف لا محالة إلى تجنب وقوع الأفعال اللامشروعة و التصدي لها قبل ارتكابها .من جهة أخرى يمكن القول بأن الاختراق يشكل في عمق طياته عملا استعلاميا جد مهم من خلاله يمكن تفادي كل ما من شأنه تهديد أمن الدولة و أمن المواطن.

 بيلبيوغرافي  

– محمد عياش باحث غي العلوم القانونية

– مصطفى العدوي :الاتجار بالبشر ماهية و آليات التعاون الدولي لمكافحته ، طبعة الأولى ،دون مطبعة ، 2014 ، ص 5.[1]

– جهاد محمد و البريزات :الجريمة المنظمة دراسة تحليلية ،الطبعة الأولى ،دار الثقافة للنشر و التوزيع ،عمان  الأردن2008  ، ص 15.[2]

– يونس الرحالي : تقنية الاختراق ، مجلة الشرطة  ، العدد 18 ،السنة 2016 ، ص 26 .[3]

2- هشام بنعلي : إجراء الاختراق كآلية للكشف على بعض الجرائم على ضوء مسودة مشروع ق م ج ،المجلة المغربية للقانون الجنائي و العلوم الجنائية ،العدد 2 سنة 2015 ، ص 51.

– نفسه .[5]

 – سكراتيرية التحرير لمجلة الشرطة ،فبراير- مارس 2016 العدد 14 ص 20[6]

 المرجع نفسه ، ص 20 .-[7]

2- نصت الفقرة الأولى من المادة 20 من اتفاقية الأمم المتحدة  المتعلقة بمكافحة الجريمة المنظمة على أساليب التحري  الخاصة بكلمة  “الأعمال المستترة” وذلك على الشكل التالي  “1 -تقوم كل دولة طرف ،ضمن حدود إمكانيتها ووفقا للشروط المنصوص عليها في قانونها  الداخلي ،إذا كانت المبادئ الأساسية لنظامها القانوني  الداخلي تسمح بذلك ،باتخاذ ما يلزم من تدابير لإتاحة الاستخدام المناسب لأسلوب التسليم المراقب ،و كذلك ما تراه مناسبا من استخدام أساليب تحري خاصة أخرى ،مثل المراقبة الإلكترونية أو غيرها من أشكال المراقبة ، و العمليات المستترة ،من جانب سلطتها المختصة……” صادق عليها المغرب بمقتضى ظهير شريف رقم 1.02.132 صادر في 9 شوال 1424 ( 4 ديسمبر 2003) بنشر اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة الموقعة بباليرمو في 12 دسمبر 2000 ،المنشور بالجريدة الرسمية رقم 5186 الصادر يوم الخميس 12 فبراير 2004.

3- و التي نصت فقرتها الأولى على أنه ” من أجل مكافحة الفساد مكافحة فعالة ،تقوم كل دولة طرف ،بقدر ما تسمح به المبادئ الأساسية لنظامها القانوني الداخلي ،و ضمن حدود إمكانياتها وفقا للشروط المنصوص عليها في قانون داخلي ،باتخاذ ما قد يلزم من تدابير لتمكين سلطاتها المختصة من استخدام أسلوب التسليم المراقب على النحو المناسب و كذلك حينما تراه مناسبا ،اتباع أساليب تحري خاصة كالترصد الإلكتروني و غيره من أشكال الترصد والعمليات السرية ،استخداما مناسبا داخل إقليمها ،و كذلك لقبول المحاكم ما يستمد من تلك الأساليب  من أدلة “.وقعت المملكة المغربية على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد  في 31 أكتوبر 2003 و صادقت عليها في 09 ماي 2007 بمقتضى ظهير شريف رقم 1.07.58 صادر في 19 من ذي القعدة 1428  الموافق ل 30 نوفمبر 2007 و نشرت بالجريدة الرسمية عدد 5596 بتاريخ 28 محرم 1429 الموافق ل 17 يناير 2008.

 – محمد أحداف : المجلة المغربية للقانون الجنائي و العلوم الجنائية ،العدد الثاني ،سنة 2015 ،ص 15.[10]

 -يونس الرحالي :مرجع سابق ، ص 26.[11]

 -علي بن هادية ،بلحسن البلمين ،الجلاني بن الحاج يحيى ،القاموس الجديد للطلاب ،بدون ذكر الطبعة ،المؤسسة الوطنية للكتاب ،الجزائر 1987 ،ص 20.[12]

 -إبن منضور الإفريقي المصري :لسان العرب ،المجلد العاشر ،ط1 ،دار صادر بيروت لبنان ، 1986،ص 73.[13]

 – نفسه ، ص 75 .[14]

 -المنجد الأبجدي ،دار المشرق للتوزيع ،الطبعة الثامنة ،لبنان 1980 ، ص 205.[15]

2 -القانون الجزائري 01/06 المؤرخ في 21 محرم 1427 الموافق ل 20 فبراير 2006 ،المتعلق بالوقاية من الفساد و مكافحته كما تم تتميمه و تعديله ، المنشور بالجريدة الرسمية عدد 14 بتاريخ 8 مارس 2006.

– عبد الرحمان خلفي : محاضرات في قانون الإجراءات الجزائرية ،دون ذكر الطبعة ،مطبعة دار الهدى ،بجاية 2010 ،ص[17]

 2- محمد عباس منصور :العمليات السرية في مكافحة المخدرات ،دون ذكر الطبعة ، دار النشر بالمركز العربي للدراسات الأمنية و التدريب ،الرياض 1993 ، ص110.

3- عبد المجيد العسال ، تقنيات التحري الخاصة في التشريع المغربي : التسليم المرافب و الاختراق نموذجا ، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص ، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية ،جامعة القاضي عياض ، مراكش ، السنة الجامعية 2014/2015 ، ص  104.

– نفسه .[20]

– زوزو هدى:التسرب كأسلوب من أساليب التحري في قانون الإجراءات الجزائية الجزائري ،مجلة دفاتير السياسة و القانون،العدد11 ،2014 ص 117.[21]

– عبد المجيد العسال :تقنيات التحري الخاصة في التشريعى الجنائي المغربي ،الطبعة الاولى ، مطبعة دار السلام ، الرباط 2017. ص 131.[22]

– عبد القادر مصطفاوي :اساليب البحث و التحري الخاصة و إجراءاتها ،مجلة المحكمة العليا ،العدد الثاني ،2009 ص 62.[23]

– عبد القادر مصطفاوي ، مرجع سابق ، ص 63 .[24]

2-Sébastien Fucini ,loyauté de la preuve : provocation par un particulier et constat par l’agent public,Editions Dalloz 2015 ,p2.

– عبد القادر مصطفاوي ، نفسه .[26]

– مصطفى صخري :الاتفاقيات الدولية أحكامها و نصوصها، دون طبعة ، المكتب الجامعي الحيث ،الاسكندرية 2005 ،ص 96.[27]

– سورة الحجرات الآية 6 .[28]

– عبد المجيد العسال ، م س ، ص 108[29]

– رواه البخاري .[30]

– محمد فاروق النبهان :مكافحة الإجرام في الوطن العربي ،دون ذكر الطبعة ،دار النشر المركز العربي للدراسات الأمنية 1989 ، ص 11.[31]

– احمد جلال عز الدين :الملامح العامة للجريمة المنظمة ،مجلة شرطة الإمارات ،سنة 1993 ،العدد 10 ،ص 273.[32]

[33] Jean-Paul Brodeur, le crime organisé ,Paul-email-boulet de l’université du Québec à Chicoutimi, 4eme édition,2001,p 5

2-مداخلة عبد الله العلوي البلغيتي:في الأعمال التحضيرية للمناظرة الوطنية للسياسة الجنائية بالمغرب ،واقع و آفاق ،المنظمة من طرف وزارة العدل بمكناس أيام 9 و 10 و 11 دجمبر 2004 ، المجلد الأول الطبعة الثالثة  ،مطبعة فضالة الرباط  2007 ، ص 219.

 -مشروع قانون رقم 16/10 القاضي بتغيير و تتميم مجموعة القانون الجنائي.[35]

– راجع الفصلين 293 و 294 في مشروع قانون 16/10.[36]

– عبد الرحيم القاضي ،جريمة غسل الأموال : ماهيتها و تطورها التاريخي ، مجلة المنبر القانوني ،اكتوبر 2011 ، العدد الأول ، ص : 112.[37]

– محمد حركات : الفساد الإداري ،المجلة المغربية للتدقيق و التنمية ،عدد 11 ،مطبعة المعارف الجديدة ،2000 ،ص 7 .[38]

– الخطاب الملكي ،وارد عند محمد بركات :التدبير الاستراتيجي و المنافسة ،ص 62 .[39]

– مجلة الفرقان ،الفساد بالمغرب ،عدد 55 سنة 2006 ،ص 10.[40]

– الغدارة المغربية و تحديات 2010 ،أرضية المناظرة الوطنية الأولى حول الإصلاح الإداري بالمغرب .[41]

-منشورات المجلة  المغربية للإدارة المحلية و التنمية ،الإدارة المغربية و تحديات 2010 ،المناظرة الوطنية الأولى للإصلاح الإداري ،ص 53. [42]

– القرآن الكريم ، سورة البقرة ، الآية 30.[43]

– عبد السلام بوهوش ،عبد المجيد الشفيق ،الجريمة الإرهابية في التشريع المغربي ،الطبعة الأولى ،مطبعة الكرامة الرباط 2004 ، ص 5.[44]

– عبد الله البلغيتي :الاجرام المعاصر أساليب مواجهته السياسية الجنائية بالمغرب ،واقع و افاق المجلد الأول ،مكناس 2004 ،ص 203.[45]

– حسنين المحمدي بوادي :الإرهاب الدولي بين التجريم و المكافحة ،دون طبعة ،مطبعة دار الفكر الجامعي الإسكندرية ،دون سنة ، ص 19.[46]

– جمال زايد هلال أبو عين ،الإرهاب و أحكام القانون الدولي ،الطبعة الأولى ،مطبعة عالم الكتاب الحديث عمان ، 2009 ، ص 24.[47]

– محمد عبد النباري :الجريمة الإرهابية في التشريع المغربي ،الطبعة الأولى ،مطبعة الكرامة ،الرباط 2004 ،ص 43-44.[48]

– نبيل أحمد حلمي :الإرهاب الدولي وفقا لقواعد القانون الدولي العام ،دون طبعة ،مطبعة دار النهضة ،القاهرة 2004 ص 24  و 25.[49]

– حسنين المحمدي بوادي:الإرهاب الدولي بين التجريم و المكافحة ،دون طبعة ،مطبعة دار الفكر الجامعي ، الإسكندرية ،2004 ،ص 29.[50]

– محمد عبد النبوي :الجريمة الإرهابية في التشريع المغربي ،مرجع سبق ،ص 58.[51]

– مقال منشور في جريدة الناظور 24 الموقع  المبين أوله تاريخ الإطلاع 25/04/ 2019 على س 12و07 د .tt//m.madroit.24.com [52]

– هشام بن علي :اجراء الاختراق كآلية للبحث عن بعض الجرائم ،المجلة المغربية للقانون الجنائي و العلوم الجنائية ، مرجع سبق ،ص 47.[53]

– شريف سيد كامل :الجريمة المنظمة في القانون المقارن ،الطبعة الأولى ،دار النهضة العربية ،القاهرة 2001 ،ص 134.[54]

– عمر دومو ،السياسة الجنائية في ميدان مكافحة المخدرات ،مجلة الملحة القضائي ،العدد 32 ، ابريل 1997 ،دار النشر المعرفة ،الرباط ص 21.[55]

– عمر دومو ، مرجع سابق ، ص 22.[56]

– عمر دومو ،مرجع سابق ، ص 25.[57]

3- عبد السلام بن سليمان ،السياسة الجنائية في مواجهة المخدرات على المستويين الدولي و الوطني ،دراسة تأصيلية مقارنة ،أطروحة لنيل الدكتراه في الحقوق ،شعبة القانون الخاص ، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية أكدال ،جامعة محمد الخامس ، الرباط 2000/2001 .

1- هشام اسواني :الاختراق المعلوماتي في ظل التشريع المغربي و القانون المقارن ،أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص ،كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية ،جامعة محمد الأول ،وجدة السنة الجامعية 2014/2015 ، ص 25.

– علي عبد القادر القهوجي ،الحماية الجنائية لبرامج الحاسب ،دون طبعة ،دار الجامعة الجديدة ،الإسكندرية 1997 ، ص 4 .[60]

– محمد شتا ، فكرة الحماية الجنائية لبرامج الحاسب الآلي ،الطبعة الأولى ،دار الجامعة الجديدة ،الإسكندرية 2007 ،ص 40.[61]

– محمد شتا ، مرجع سابق ، ص 62 .[62]

2- و تبقى قضية فيروس ” زوطوب ” من أشهر القضايا التي عرضت على القضاء المغربي ،نظرا لحجم الخسائر الناجمة عن الأفعال المجرمة ،وكذا لكون المواقع المعتدى عليها خاصة بالكونجرس الامريكي ، و كذا مواقع مؤسسات إعلامية ضخمة بالولايات المتحدة الأمريكية .

المعلومة القانونية – ذ/ محمد عياش

باحث في العلوم الجنائية

قد يعجبك ايضا