مدى إنطباق مرسوم القانون المتعلق بالطوارئ على أجل التقادم

وأنا أطلع على تدوينتين تطرقتا للموضوع، لم أجد بدا من عدم التعقيب على ما دون فيهما، وهما لأستاذين جليلين تعلمت منهما الكثير.
فأقول لهما شكرا لكم على هذا الطرح، الذي يحتاج توضيحا وبيانا، وعلى ذلك، رفعا للبس واجلاء للغموض وتقريبا للمعنى، أقول وبالله التوفيق:

من جهة أولى، إن تمييزكم بين الأجل والتقادم هو تمييز تعوزه الدقه ويفتقر إلى الأساس القانوني، على اعتبار إن الأول يجب الثاني. ذلك إن الأجل هو ” الفترة الزمنية التي حددها القانون او الاتفاق أو القاضي للقيام بإجراء ما، وأوجب ممارسته خلال هذه المدة أو بعد نهايتها أو قبل بدايتها تحت طائلة عدم القبول أوالسقوط بحسب طبيعة هذا الأجل”، والأجل وفق هذه الشاكلة على نوعين : أجل سقوط وأجل تقادم، فآجال السقوط هي الاجال التي بانصرامها يسقط حق ممارسة الحقوق المربوط بتلك الآجال كما هو الحال في آجال الطعون وفق ما نص عليه الفصل 511 من قانون المسطرة المدنية.

أما آجال التقادم فهو الاجال التي بانصرامها، لا يسقط الحق، وإنما تنقضي بها التزامات كانت مترتبة في ذمة أحدهم، وفق ما نص عليه المشرع في الفصل 372 من ظهير العقود والالتزامات، فتحقق التقادم لا يؤدي الى سقوط الحق من أصله، وإنما فقط سقوط حق المطالبة به، نتيجة سقوط عنصر المسؤولية في الالتزام، مع بقاء عنصر المديونية قائما، ولذلك وجد الفصل 73 من ظهير العقود والالتزامات ليعالج مسألة الوفاء بالتزام طبيعي نتيجة التقادم.

– ومن جهة ثانية، إن لفظ الآجال المنصوص عليه في المادة السادسة من المرسوم بقانون المشار له صدره، هو من العموم الذي يجعله يجب ويحوي كلا الأجلين، سقوطا كان أم تقادما، فهو- أي اللفظ- مسبوق بلفظين يفيدان العموم، وهما جميع و ال، ولعلكم أدرى بما يراد بهما عند الأصوليين.

لذلك، وترتيبا على ما سيق أعلاه، إن الأجل على نوعين، أجل سقوط وأجل تقادم، مع وجوب التمييز بينهما بكثير من الدقة و البيان، وليس هنا محل هذا التمييز.

ومن جهة ثالثة، لعل البعض سيقول: إن التقادم ليس أجلا بمفهوم القوانين الإجرائية، لأجيبه جوابا استباقيا بالقول : إن الاجال التي توقفت، ليست فقط الاجال منصوص عليها في القوانين الاجرائية، فالمادة السادسة نصت على توقف جميع الاجال المنصوص عليها في النصوص التشريعية والتنظيمية، والنصوص التشريعية اما اجرائية أو موضوعية أو مختلطة، كما هو الحال بالنسبة لظهير العقود، والذي نظم التقادم كسبب من اسباب انقضاء الالتزامات بصفة عامة بالاضافة الى بعض النصوص الخاصة التي نظمته بدورها.

– ومن جهة خامسة، يطالعني نص الفصل 380 من ظهير العقود والالتزامات، الذي نص على وجوب توقف أجل التقادم إذا وجد الدائن بالفعل في ظروف تجعل من المستحيل عليه المطالبة بحقوق خلال #الأجل المقرر للتقادم، فكما ظهر لكم، إن المشرع وصف التقادم بالأجل، وليس فقط في هذا النص، بل في العديد من النصوص المنظمة للتقادم سواء في ظهير العقود والالتزامات، او في نصوص خاصة، وإنه كذلك تعتبر حالة الطوارئ ظرفا من شأنه أن يجعل مطالبة الدائن بحقوق أمرا مستحيلا، لذلك، فأجل التقادم سيتوقف لسببين، كونه مشمول بالمادة السادسة من المرسوم بقانون؛ بالاضافة الى ما نص عليه الفصل 380 من هذا الظهير.

– وأخيرا، إن مؤسسة الأجل لا يجب حصرها فيما نطقتم به، وخالفتم إرادة المشرع المطلقة، وكذاك لا يجب أن ينظر إلى هذه المؤسسة- الأجل- من حيث كونها وصف او حالة من اوصاف أو حالات الالتزام، وفق ما تم التنصيص عليه في الفصول من 127 الى 139 من ظهير العقود والالتزامات.

أما في تقسيمات الأجل من حيث كونه يجب السقوط والتقادم، فيمكن الرجوع لأمهات الكتب في ذلك، ومن بينها :
-ذ عبد الرزاق أحمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، انقضاء الالتزام، دار النهضة العربية، القاهرة، ص 870 وما بعدها.

– ذ مأمون الكزبري، نظرية الالتزامات في ضوء قانون الالتزامات والعقود المغربي، الجزء الثاني، أوصاف الالتزام وانتقاله وانقضاؤه، دار الفكر العربي للنشر والتوزيع، ص 593.

– عبدالعزيز توفيق، آجال الاجراءات في التشريع المغربي، مطبعة النجاح الجديدة، الدارالبيضاء 1990، ص 26.
والله هو العليم الحكيم.

المعلومة القانونية – عبدالرحمان الباقوري

باحث في العلوم القانونية

قد يعجبك ايضا