دور القانون والقضاء في الحد من تأثير فيروس كورونا على العلاقات التعاقدية

تميز المشهد القانوني المغربي في فترة نهاية التسعينيات إلى غاية 2011، بصدور ترسانة تشريعية مهمة شملت جميع التخصصات القانونية؛ كان الهدف منها هو تحقيق التوازن بين أطراف العلاقة التعاقدية وحماية الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية سواء خلال مرحلة التفاوض أو خلال مرحلة التنفيذ وهو أمر فرضه التطور الذي عرفه العالم عامة والمجتمع المغربي خاصة، ومن أجل تكريس الحماية التي يفرضها النص القانوني نحتاج بطبيعة الحال إلى السلطة القضائية لتكريس هذه الحماية على أرض الواقع.

يعتبر الحق في التقاضي من الحقوق الأساسية المخولة للأفراد بغاية حماية حقوقه المقررة قانونا، حيث إن اللجوء إلى القضاء من أجل ضمان حق ثابت أو حمايته متى تعرض لخطر من الحقوق التي يضمنها الدستور المغربي[1]، بصريح الفقرة الأولى من الفصل 118 الذي نص بأن: “حق التقاضي مضمون لكل شخص للدفاع عن حقوقه وعن مصالحه التي يحميها القانون”.

يعد القضاء تلك المؤسسة الموكول لها فض المنازعات بين المتقاضين، وإيجاد حلول لها بواسطة إعمال القاعدة القانونية التي تتسم بكونها في حالة ثبات وسكون، وهو من يتولى بث الروح والحركة فيها، وهو الذي يظهر حكم القانون مجسدا في الواقع بشكل يجعل من القانون مواكبا لحركية المجتمع[2]، وعملا بمفهوم الحق والقانون ودولة المؤسسات المصرح به في مضمون الدستور المغربي، فقد خول المشرع للسلطة القضائية حق التدخل في حماية حقوق ومصالح الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية المتأثرة بسبب وباء فيروس كورونا، ومن هنا إذن تكمن أهمية القضاء في التدخل لحماية مصالح متعارضة بين الأطراف في ظل الظرفية التي تعرفها البلاد التي تعرف انتشار وباء كورنا كوفيد-19 الذي تسبب في اتخاد مجموعة من التدابير العاجلة اللازم اتخاذها لمواجهة تبعات وباء فيروس كورونا، وكذا بالموازاة مع الإجراءات الاحترازية والوقائية التي اتخذتها المملكة للحفاظ على سلامة وأمن المواطنات والمواطنين.

ولعل ما يشهده العالم اليوم من اضطرابات اقتصادية ومالية همت كل الأسواق بسبب انتشار فيروس كورونا أكبر دليل على حجم الصعوبات التي تعاني منها اقتصاديات الدول الكبرى وذلك بفعل توقف عملية الانتاج بسبب حظر التجوال وكذا اعلان حالة الطوارئ الصحية للحد من انتشار فيروس كورونا وفي هذا الإطار أعطى صاحب الجلالة الملك محمد السادس تعليمات قصد احداث الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورنا[3] كوفيد-19 لمواجهة تداعيات هذا الفيروس بالمغرب.

إلى أي حد استطاع القانون والقضاء الحد من تأثير فيروس كورونا على العلاقات التعاقدية؟

وكيف تم التلطيف من القوة الملزمة للعقود في ظل هذه الظرفية الحالية؟

وكيف تعامل القضاء مع القضايا المعروضة عليه في ظل انتشار فيروس كرونا؟

للإحاطة بالموضوع، ورصد إشكالاته ارتأينا معالجة هذا الموضوع من خلال التصميم التالي:

  • أولا: دور القانون في حماية بعض الفئات المتضررة من الإجراءات الاحترازية وحالة الطوارئ الصحية
  • ثانيا: دور القضاء في تفعيل المقتضيات القانونية للحد من تأثير فيروس كورونا

أولا: دور القانون في حماية بعض الفئات المتضررة من الإجراءات الاحترازية وحالة الطوارئ الصحية

تسعى القواعد القانونية إلى تحقيق وتعميم العدالة في كافة المجالات والنواحي وعدم الانحراف نحو التعسف والشطط، والعدالة مفهوم نسبي يتغير بتغير الزمان والمكان وكذا الظروف المحيطة، واستنادا إلى ما سبق فإن المشرع المغربي توخى من خلال إحداث الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا كوفيد-19 بناء على تنفيذ التعليمات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس قصد مواكبة التحولات التي تعرفها البلاد في هذه الفترة وحماية جميع الفئات التي قد تتضرر بسبب الإجراءات الاحترازية واعلان حالة الطوارئ الصحية، وبادرت الحكومة المغربية بناء على هذه التعليمات المولوية السامية، وعملا بمقتضيات القانون التنظيمي رقم 130.13 لقانون المالية، والمادة 29 من قانون المالية لسنة المالية 2020، والمادة 25 من المرسوم 2.15.426 المتعلق بإعداد وتنفيذ قوانين المالية، بإحداث حساب مرصد لأمور خصوصية يحمل اسم ” الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا كوفيد-19″، وقد أحدث هذا الصندوق بموجب المرسوم رقم 2.20.269 الذي تم نشره بالجريدة الرسمية ليوم الثلاثاء في 22 رجب 1441 ( 17 مارس 2020)، بعد المصادقة عليه من لدن مجلس استثنائي للحكومة بتاريخ 16 مارس 2020، كما تم إخبار اللجنتين المكلفتين بالمالية وبالبرلمان بإحداث هذا الصندوق، وهما لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب، ولجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية بمجلس المستشارين، طبقا للمقتضيات القانونية[4].

وعملا بالتعليمات السامية الملكية، سيرصد لهذا الصندوق غلاف مالي يقدر بعشرة ملايير درهم، يخصص أساسا للتكفل بالنفقات المتعلقة بتأهيل الآليات والوسائل الصحية، سواء بتوفير البنيات التحتية الملائمة أو المعدات التي يتعين اقتناؤها باستعجال.

كما سيساهم في دعم الاقتصاد الوطني من خلال دعم القطاعات الأكثر تأثرا بتداعيات فيروس كرونا والحفاظ على مناصب الشغل والتخفيف من التداعيات الاجتماعية لهذه الجائحة، وذلك رغبة في سد الباب أمام الأضرار التي تصيب مجموعة من الفئات داخل المجتمع.

وانطلاقا مما سبق فإن إحداث هذا الصندوق هو بطبيعة الحال تفرضه ظروف طارئة بسبب فيروس كورونا مما يجعل مبدأ القوة الملزمة للعقد[5] المنصوص عليها ضمن الفصل 230[6] من ظهير الالتزامات والعقود[7] مهددة في ظل هذه الظرفية التي يعيشها العالم والمغرب والتي تحول دون تنفيذ واستمرار مفعول العقود بالطريقة المتفق عليها ووفق ما اتجهت إليه إرادة المتعاقدين، وتماشيا مع ما سبق فإن إحداث هذا الصندوق في الأصل ما هو الا تخفيف من حدة هذا المبدأ والتلطيف منه.

وفي نفس السياق صادقت  لجنة اليقظة الاقتصادية في اجتماع عملها الثاني على حزمة من الإجراءات لفائدة الأجراء الذين توقفوا عن العمل حيث سيتم صرف 2000 درهم صافية للعمال المستخدمين المسجلين ب CNSS مدفوعة من الصندوق الخاص بتدبير جائحة كورنا، وكذا دفع كل التعويضات العائلية، وتلك المتعلقة بالتأمين الإجباري عن المرض AMO، مع امكانية تأجيل سداد أقساط سلفات الاستهلاك والسكن لأشهر مارس، أبريل، ماي، ويونيو؛ وأن الأداء سيكون عند نهاية أخر قسط، وقد تقرر عقد الاجتماع المقبل للجنة اليقظة الاقتصادية يوم الاثنين 23 مارس 2020 لدراسة سلسلة الإجراءات التي سيتم اتخادها لفائدة المأجورين لغير المنخرطين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، ومن جهة أخرى لاتخاذ تدابير لفائدة المقاولات الأكثر تضررا من الأزمة وتعليق أداء المساهمات الاجتماعية إلى غاية 30 يونيو 2020، وتأجيل سداد القروض البنكية وتلك المتعلقة بقروض الايجار بدون أداء رسوم أو غرامات، وكذا التدابير الأخرى على مستوى الجبائي من خلال استفادة بعض المقاولات من تأجيل وضع التصريحات الضريبة حتى 30 يونيو 2020 إذا رغبت في ذلك.

وتأـسيسا على ذلك يشكل التمويل البنكي الوسيلة الأكثر انتشارا والتي يلجأ إليها المواطنون لتلبية حاجيتهم اليومية والاجتماعية، إلى حد أصبحت معه المؤسسات البنكية توفر الاقتراض لأبسط الحاجيات، حيث أصبحت أغلب الأسر اليوم تمول نفقاتها عبر الاقتراض، وهو الأمر الذي فرضه تحول نمط الاستهلاك خلال السنوات الأخيرة، ويعتبر القرض أو السلف العقاري من القروض البنكية الطويلة الأمد التي يعد الزمن عنصرا أساسيا في قيامها، غير أن تنفيذ أداء الأقساط التي يقع على المقترض كالتزام من التزامات العقد الذي يجب أدائه داخل الميعاد المحدد قد لا يتحقق بسبب احتمال تغير الظروف الاقتصادية والاجتماعية للمقترض بسبب انتشار فيروس كورونا وإعلان حالة الطوارئ الصحية، مما يؤدي إلى عجزه عن أداء أقساط القرض؛ وتماشيا مع الظرفية الحالية التي تعرف إنتشار فيروس كرونا فإن القوة الملزمة للعقد التي اكتسبها من إرادة المتعاقدين أي الحقوق والالتزامات المترتبة عن أداء أقساط الاستهلاك والسكن والكراء الواجبة التنفيذ في الحالة العادية، فإنها أصبحت مؤجلة  لمدة 3 أشهر بناء على صدور الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا كوفيد-19 وكذا مصادقة لجنة اليقظة الاقتصادية على مجموعة من الإجراءات حماية للأجراء وتخفيفا عنهم من تداعيات هذه الظرفية الحالية، والتقليل من القوة الملزمة للعقود من خلال تأجيل أداء الأقساط للمدة 3 أشهر.

ولا يفوتنا أن ننوه بالتدخل التشريعي في هذه الظرفية التي يعرفها المغرب   بناء على التعليمات السامية للملك بغية وضع تصورات جديدة تهدف بالأساس إلى تحقيق العدالة والتضامن والتعاون في انقاد بعض الفئات المتضررة.

ثانيا: دور القضاء في تفعيل المقتضيات القانونية للحد من تأثير فيروس كورونا

طبقا للفصل 110[8] من الدستور، يقوم القضاء الذي أصبح سلطة بتطبيق روح النصوص القانونية، وبحفظ حقوق الأطراف في كافة المجالات[9] بما فيها تلك المتعلقة بالعلاقات التعاقدية المتأثرة بتداعيات فيروس كورنا، بحيث يسهر على التدخل بعد رفع الدعوى على أنظاره من قبل أحد الأطراف المتنازعة بتحقيق الحماية المقررة بالنصوص القانونية من خلال تدخل القضاء الاستعجالي والقضاء الواقف والقضاء الجالس حماية لبعض الفئات كالمدين والمكتري والمحضون.

ومن بين الآليات التي خولها المشرع للقضاء هي تمتيع المدين في هذه الظرفية بمهلة الميسرة أي منحه أجل إضافي ومعقول لتنفيذ التزامه، وقد أطر المشرع المغربي هذا المقتضي بموجب الفقرة الثانية من الفصل 243 من ظهير الالتزامات والعقود التي تنص على ما يلي :”… ومع ذلك يسوغ للقضاء مراعاة منهم لمركز المدين، ومع استعمال هذه السلطة في نطاق ضيق، أن يمنحوه آجالا معتدلة للوفاء، وأن يوقفوا إجراءات المطالبة، مع ابقاء الأشياء على حالها.”

يعتبر هذا النص هو الأساس القانوني لتأجيل وايقاف إجراءات المطالبة، ومع ذلك فالمشرع منح للمحكمة السلطة التقديرية لمنح المدين المعسر آجالا حتى يتمكن من أداء ما بذمته، ويقصد بذلك أن المحكمة لا يمكنها أن تمنح مهلة الميسرة للمدين إلا إذا كانت ظروفه أو مركزه القانوني يستدعي ذلك كأن يتوقف عن أداء العمل بسبب انتشار فيروس كورونا.

ولابد من إشارة أن القانون رقم 31.08 المتعلق بحماية المستهلك[10] حدد بشكل صريح الظروف على سبيل المثال لا الحصر المتعلقة بالإمهال القضائي متجاوزا بذلك مقتضيات ظهير الالتزامات والعقود وهو الأمر الذي نصت عليه المادة 149 من قانون حماية المستهلك :” بالرغم من أحكام الفقرة 2 من الفصل 243 من الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331 ( 12 أغسطس 1913 ) بمثابة قانون الالتزامات والعقود، يمكن لاسيما في حالة الفصل عن العمل أو حالة اجتماعية غير متوقعة أن يوقف تنفيذ التزام المدين بأمر من رئيس المحكمة المختصة. ويمكن أن يقرر في الأمر على أـن المبالغ المستحقة لا تترتب عليها فائدة طيلة مدة المهلة القضائية.

يجوز للقاضي، علاوة على ذلك أن يحدد في الأمر الصادر عنه كيفيات أداء المبالغ المستحقة عند انتهاء أجل وقف التنفيذ، دون أن تتجاوز الدفعة الأخيرة الأجل الأصلي المقرر لتسديد القرض بأكثر من سنتين. غير أن له أن يؤجل البت في كيفيات التسديد المذكور إلى حين انتهاء أجل وقف التنفيذ.”

ومن خلال استقراء المادة أعلاه يتضح أن المشرع حدد الجهة المختصة لإصدار الأمر بتمكين المدين من الإمهال القضائي في قاضي المستعجلات وذلك لما يطبع القضاء العادي من بطء في إصدار الأحكام القضائية، فإن اتباع إجراءاته قد يكون غير منتج في بعض الحالات التي يخشى عليها فوات الوقت، على اعتبار أن الاهتداء إلى القضاء الاستعجالي  يمتاز بالمرونة في إجراءاته المسطرية وسرعة البت في أوامره، ودون ان ننسى انهاء المشرع  للجدال الذي كان حاصلا حول الجهة المختصة في منح الإمهال القضائي.

ويتضح أن المشرع المغربي من خلال السلطة التقديرية التي منحها للقضاء الاستعجالي والتي أحاطها بمجموعة من الظروف الصعبة والمؤقتة التي  تأثر على المركز القانوني للمدين لكي يستفيد من الإمهال القضائي في ظرفية انتشار فيروس كورونا، وعلى عكس مقتضيات المنصوص عليها في الفصل 243 من ظهير الالتزامات والعقود التي لم تحدد مدة الإمهال القضائي، فإن المادة 149 من قانون حماية المستهلك منحت القضاء الاستعجالي مدة الامهال القضائية على حسب الظرفية الاقتصادية والاجتماعية للمدين على ألا تتجاوز مدة الإمهال في جميع الحالات سنتين، وذلك فالقضاء الاستعجالي يعمل على حماية الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية والتلطيف من حدة مبدأ القوة الملزمة للعقد وإعادة التوزان العقدي في ظل صعوبات مؤقتة في التنفيذ.

وايمانا منا بمواكبة القضاء الاستعجالي للظرفية التي يعرفها المغرب حاليا بسبب انتشار فيروس كورونا من خلال ابتكار حلول سريعة تتلاءم مع الظرفية الحالية، وهو ما جسده أمر قاضي المستعجلات بالمحكمة الابتدائية بالرباط  من خلال قضية السفر بالمحضون للخارج الصادر بتاريخ 11 مارس 2020 تحت عدد 275 من خلال عدم السماح  للمحضون بالسفر للخارج في الظروف الحالية من المغرب قد يهدد صحته وحياته وينعكس سلبا على وضعيته وعلى حقه الأصيل في التمتع بكافة حقوقه بشكل عادي وسليم وحفاظا على الحياة الهادئة والقارة للمحضون التي لم يتبين لنا من تصفح ظاهر وثائق الملف قيام حالة الاستعجال القصوى التي تقتضي سفره للخارج على السرعة للعلاج أو غيره من حالات الضرورة التي ينجم عن عدم السفر به للخارج الحاق ضرر فادح بحياته أو صحته أو دراسته.

وقد أسس قاضي المستعجلات قراره على ما نصت عليه المادة 179 من مدونة الأسرة[11] التي تنص على ما يلي :”… يمكن اللجوء إلى قاضي المستعجلات لاستصدار إذن بذلك. لا يستجاب لهذا الطلب، إلا بعد التأكد من الصفة العرضية للسفر، ومن عودة المحضون.”،  وكذا المادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الذي صادق عليه المغرب بتاريخ 03/05/1979، وأيضا الفقرة الأولى من المادة 3 من الاتفاقية المتعلقة بحقوق الطفل المعتمدة من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة في 20/11/1989 المصادق عليها من طرف المغرب بتاريخ 21/06/1993.[12]

وتأسيسا على ذلك يعتبر أمر قاضي المستعجلات صائبا لكونه منع السفر بالمحضون في هذه الظرفية الحالية التي تعرف انتشارا واسعا لفيروس كورونا في باقي دول العالم مقارنة مع المغرب الذي  أخد بالإجراءات الاحترازية والوقائية للحد من انتشاره.

وفي إطار ملائمة القضاء للوضعية الحالية التي يعرفها المغرب بسبب انتشار فيروس كورنا ونظرا لخطورة الخروج في ظل هذه الظرفية بسبب الإجراءات الاحترازية والوقائية وحالة الطوارئ الصحية التي كان من المنتظر العمل بها في ظل ارتفاع عدد الإصابات بسبب فيروس كورونا، هو ما جسده الأمر رقم 318 تحت عدد بتاريخ 16 مارس 2020 الصادر عن نائب رئيس المحكمة الابتدائية بالخميسات بناء على الفصل 148 من قانون المسطرة المدنية[13] في قضية تنفيذ حكم إفراغ منزل والمطالبة بمهلة استرحامية، حيث قضى نائب رئيس المحكمة الابتدائية بالخميسات بمنح أجل شهر كمهلة استرحامية في إفراغ المنزل لأن المعنية بالأمر ستكون عرضة  للشارع هي وأبنائها الصغار على أن تستأنف عملية التنفيذ مباشرة مع انتهاء الأجل.

ومن هذا المنطلق فنائب رئيس المحكمة الابتدائية بالخميسات اعتمد على  الوضعية الاستثنائية التي تمر بها المملكة المغربية والمتمثلة في انتشار وباء كورونا المستجد وما يمكن أن ينتج عنه من مساس الوضعية الصحية للمواطنين خاصة أما قرار الدولة المتمثل في التزام المواطنين بمساكنهم وعدم الاختلاط فإن إفراغ المنفذ عليها من مسكنها هي وأبنائها الصغار في الوقت الراهن من شأنه الإضرار والمساس بالصحة العامة، مما يكون معه الطلب وجيها ومبررا ويتعين الاستجابة إليه وذلك بمنحها أجل شهر[14].

ختاما يمكن القول أن القضاء أصبح يلعب دور مهم في التدخل من أجل حماية بعض الفئات نظرا للظروف الطارئة والمحيطة بسبب انتشار فيروس كورونا  بالعالم والمغرب، مما يفسر أن الحديث عن جمود الروابط التعاقدية يشكل إنكارا للتطور في العلاقات التعاقدية، فأي تأثير يقتضي مراعاته من السلطة القضائية.

بيببليوغرافي

[1]  ظهير شريف رقم 1.11.91 صادر في 27 من شعبان 1432 ( 29 يوليوز 2011 ) بتنفيذ نص الدستور، الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر بتاريخ 28 شعبان 1432 (30 يوليوز 2011)، ص 3600.

[2] محمد الجزولي، العمل القضائي في مدونة الحقوق العينية، مجلة الحقوق، الجزء 4، السنة 2018، الصفحة 109.

[3]  مرسوم رقم 2.20.269 بإحداث حساب مرصد لأمور خصوصية يحمل اسم الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا كوفيد-19، صادر في 21 رجب 1441 ( 16 مارس 2020)، المنشور بالجريدة الرسمية بتاريخ 22 رجب 1441 ( 17 مارس 2020)، العدد 6865 مكرر، الصفحة 1540.

[4]  بلاغ الحكومة بإحداث الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا كوفيد-19.

[5]  يعد مبدأ القوة الملزمة للعقد من أهم نتائج مبدأ سلطان الإرادة، والذي مفادها أن طرفي العقد ملزمين بتنفيذ ما جاء فيه كما لو كان قانونا بالنسبة لهم، فالإلزامية المقترنة بهذا العقد تستمر مع إرادة المتعاقدين.

[6]  ينص الفصل 230 من ظهير الالتزامات والعقود على ما يلي:” الالتزامات التعاقدية المنشأة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة إلى منشئيها، ولا يجوز إلغاؤها إلا برضاهما معا أو في الحالات المنصوص عليها في القانون.”

[7]  ظهير 12 غشت 1913 الموافق ل 9 رمضان 1331 بمثابة قانون الالتزامات والعقود، منشور بالجريدة الرسمية عدد 46، الصادر بتاريخ 12 غشت 1913، الصفحة 78.

[8] ينص الفصل 110 من الدستور على مايلي: “لا يلزم قضاة الأحكام إلا بتطبيق القانون. ولا تصدر أحكام القضاء إلا على أساس التطبيق العادل للقانون.

يجب على قضاة النيابة العامة تطبيق القانون. كما يتعين عليهم الالتزام بالتعليمات الكتابية القانونية الصادرة عن السلطة التي يتبعون لها”.

[9]  عبد المغيث الحاكمي، حماية المراكز القانونية في دعوى القسمة العقارية للعقار المحفظ، مطبعة الوراقة الوطنية مراكش، الطبعة الأولى 2019، الصفحة 64.

[10]  ظهير شريف رقم 1.11.03 صادر في 14 من ربيع الأول 1432 (18 فبراير 2011)، بتنفيذ القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك، الجريدة الرسمية عدد 5932 بتاريخ 3 جمادى الأولى 1432 ( 7 أبريل 2011 )، الصفحة 1072.

[11]  ظهير شريف رقم 22-04-1 صادر في 12 من ذي الحجة 1424 (3 فبراير 2004) بتنفيذ القانون رقم 03-70 بمثابة مدونة الأسرة، منشورة بالجريدة الرسمية عدد 5184، بتاريخ 14 ذي الحجة 1424 (5 فبراير 2004)، الصفحة 418.

[12]  أمر صادر عن رئيس المحكمة الابتدائية بالرباط، تحت عدد 275، ملف رقم 223/1101/2020، بتاريخ 11/03/2020، غير منشور.

[13]  ظهير شريف بمثابة قانون رقم 1.74.447 بتاريخ 11 رمضان 1394 ( 28 شتنبر 1974 )، بالمصادقة على نص قانون المسطرة المدنية، الجريدة الرسمية عدد 3230 مكرر، بتاريخ 13 رمضان 1394 ( 30 شتنبر 1974 )، الصفحة 2741.

[14]  أمر صادر عن نائب رئيس المحكمة الابتدائية بالخميسات، تحت عدد 318، ملف رقم 318/1109/2020، بتاريخ 16/03/2020، غير منشور.

المعلومة القانونية – عبد المغيث الحاكمي

  • باحث بسلك الدكتوراه
قد يعجبك ايضا