كورونا فيروس.. وسؤال الرعاية الصحية للاجئين والمهاجرين غير النظاميين

لا حديث اليوم يعلوا فوق وباء كورونا أو ما يسميه ذوي الاختصاص ب “Covid-19″، “هذ الفيروس” الذي وصمته منظمة الصحة العالمية بأنه جائحة دولية ستهدد العالم بأسره، كما أضافت بأنه لا يمكن أن نجد أي دولة إلا ولحقتها آثاره، واستغاثت طوارئها، ومستشفياتها، هذا ناهيك عن حالة الاستنفار والذهول العارم في أوساط المجتمع المدني الدولي من هول تزايد أعداد المصابين ومنهم الوفيات بشكل متصاعد.

ولئن بدأت الأزمة الصحية في الصين بعدما أعلنت عن حالة استنفار قصوى جراء فيروس كورونا الذي ألم بفئة عريضة في المجتمع، ولعل الفئة المستهدفة خاصة فئة الشيوخ والأشخاص الذين يعانون من اضطرابات في الجهاز التنفسي، وبعض الأمراض المزمنة، لكن سرعان ما انتقل الفيروس عبر المسافرين والمهاجرين لكل أقطار العالم بنسب متفاوتة، فمباشرة بعد الصين أعلنت إيطاليا عن خروج الوضع عن السيطرة وسلوك الأطقم الطبية تقنية la dernière  chance ، والذي تعني انتقاء الأشخاص المتوقع شفائهم والأصغر سنا بين المصابين، كما أقرت سلطاتها بإجراءات الحجر الصحي الإلزامي، وتتوالى الإصابات بالفيروس من الدول الأوروبية كألمانيا وفرنسا وبلجيكا ودول من الخليج والسعودية والإمارات وبعض دول المغرب العربي كتونس والجزائر، وخاصة المغرب الذي كان سباقا لإنشاء صندوق خاص لمواجهة الجائحة برصد ميزانية مهمة، بعد إيقاف جميع رحلاته الجوية والبحرية المدنية، إضافة إلى فرض الحجر الصحي الإلزامي، وذلك ابتداءا من يوم أمس الجمعة مساءا.

إذن، لا يخفى على أحد أن العالم أمام تحدي حقيقي إنساني واجتماعي أكثر مما هو سياسي وايديولوجي، وإن اختلفت التأويلات حول انتشار الفيروس في الأصل، ولعل ما يستدعي التتبع والتساؤل هو كيفية انتشار الفيروس بشكل مهول بين دول متباعدة جغرافيا، مع استحضار عامل السياحة في استفحال الظاهرة، وارتفاع عدد الأجانب والوافدين إلى الدول التي تعاني من انتشار الفيروس، لكن لا استبعاد لتدفقات المهاجرين لا سيما غير النظاميين واللاجئين في انتشار الفيروس علما أنهم الأكثر تنقلا بين الحدود الدولية، والأقل حظا في الولوج إلى المرافق الصحية، سواء الطبية منها أو الذاتية، وإن كانت الفرضية كذلك فما وضع اللاجئين، وخاصة ملتمسي اللجوء والمهاجرين غير النظاميين في وضع الوباء القاتل؟ وما هي الإجراءات الدولية المتخدة لوقاية الدول من الحالات المصابة بينهم والحيلولة دون دخول أقاليمها؟ وهل سيغلب البعد الإنساني في التعاطي مع الأشخاص المصابين منهم والمتواجدين سلفا بمراكز الاحتجاز؟ وهل ستظل المساعدة المقدمة من الجهات المختصة لهذه الفئة متاحة في هذه الفترة؟

أسئلة تظل عالقة ويصعب التنبؤ بمآل الأوضاع للإجابة عنها في ظل غياب تشخيص واضح للفيروس يسهم في صناعة ترياق يخلص البشرية من شر بأسه، لكن بتصفحنا لبعض أوضاع المهاجرين واللاجئين في الظرف الراهن يلاحظ أن هناك غض طرف وتجاوز عن وضعية هذه الفئة، ففي فرنسا مثلا تم إقفال جميع المراكز التي تقدم مساعدات للمهاجرين واللاجئين، مما جعل عشرات الجمعيات الحقوقية تتوجه يوم الاثنين الماضي للسلطة العمومية المكلفة لدراسة الوضع الصحي الخطير الذي يعيشه الأشخاص المهاجرون في مأوى لا بل قفص الموت، ووضع آليات وقائية لاسيما في ظل الأزمة الصحية الحالية حسب الباحثة في مجال الهجرة Julia Pascul، ولن تكون وضعية ملتمسي اللجوء أو المهاجر غير النظامي أجود في باقي دول أوروبا لانشغالها سلفا بالإجراءات التقييدية للتنقل، ولان من أولوياتها الآن وقاية مجتمعاتها من الوباء، والمزعوم انه يستهدف الفئات العمرية التي تتجاوز 50 سنة، ولا يخفى على المتتبع عامة، والباحثين خصوصا اهتراء المجتمع الأوروبي، وارتفاع عامل الشيخوخة، ولعل الجاليات المقيمة بها بشكل منتظم دليل قاطع على ذلك.

لعل ما تم ذكره هو استقراء سريع يساير ما أفرزته آثار الوباء القاتل على وضعية بعض الفئات الهشة، في انتظار باقي الإجراءات التي ستكون وقائية لا محالة للمهاجرين واللاجئين من جهة باتخاذ تدابير عاجلة بخصوص توفير المرافق الصحية، والطبية خاصة في وضعيتهم غير القانونية، ومن جهة أخرى ضمان الأمن الصحي داخل أقاليمها في انتظار الجهود الكبرى التي تقوم بها كل المختبرات الطبية الدولية والإقليمية في سبيل الكشف عن مصل فعال دون آثار عكسية قد تضر مستقبلا بصحة وسلامة الإنسانية.

المعلومة القانونية – سعيد شرو

خريج ماستر القانون الدولي الخاص والهجرة بكلية الحقوق مكناس

قد يعجبك ايضا