انخراط الشباب في الحياة العامة من المنظور التشريعي و المؤسساتي

المعلومة القانونية

*محمد الحاجي صدوق

باحث بسلك الدكتوراه قانون الأعمال

حاصل على شهادة الأهلية لمزاولة المحاماة

تقديم:

لا يماري أحد أن الشباب محور السياسات العمومية و ليس فقط فاعل في خضمها. كما أن الحديث عن مكانة هذه الفئة خاصة في ظل الدول التي تبحث عن حجز مقصورة في قطار التنمية ، أمر جاد و شرط لازم لتقدمها. ذالك أن المعلوم بالضرورة يقتضي أن نضع نصب أعيننا أن شباب اليوم هو عماد المستقبل.ففي سنة 1995 قدر عدد شباب في العالم( وهم الذين عرفتهم الأمم المتحدة بأنهم الفئة التي تتراوح أعمارهم بين 15 و 24 سنة)  ب 103 بليون نسمة، أي %18 من مجموع سكان العالم، حيث تعيش غالبية شباب العالم المقدرة نسبتهم ب %84 في المائة سنة 1995 في البلدان النامية[1]  ومن المتوقع أن تصل هذه  النسبة  إلى %89 سنة 2025.

أما على مستوى المغرب، فقد كشفت إحصائيات حديثة أن نسبة الشباب (الفئة العمرية ما بين 15 و34 سنة) تمثل أزيد من 34 % من البينة الديموغرافية، أي ما يعادل 11.7 مليون شاب[2]

فهذه النسب تعبر عن  معطى أساسي هو الثروة اللامادية التي يتوفر  عليها المغرب ، و من تم يتعين إقحامهم في صلب التخطيط مدامت هذه الشريحة هي ماهية القرار و إن تغير القرار نفسه.

فموضوع” انخراط الشباب في الحياة العامة”، من المواضيع التي تكتسي أهمية بالغة، سواء على المستوى النظري حيث تتجسد في الكشف الترسانة التشريعية التي سنها المشرع كمرجع لتيسير انخراط الشباب في الحياة العمومية و صون حقوققهم، أما على المستوى العملي فتتمثل أهميته  في الوقوف عن مدى قدرة هذه القوانين في تحسين أوضاع الشباب اقتصاديا و إجتماعيا و ثقافيا و سياسيا.

إن الموضوع الذي بين أيدينا لا يخلو من تعقيدات يمكن   بلورتها من خلال الإشكال الآتي:

مدى توفق المشرع في وضع ترسانة تشريعية كفيلة بضمان انخراط الشباب في الإنخراط في الحياة العامة؟

و لمحاولة الإجابة عن هذه الإشكالية،  سنعمد إلى توظيف المنهج الوصفي نرمي من  خلاله إلى جرد النصوص القانونية المؤطرة لمكانة الشباب سواء على مستوى الدستور أو القوانين التنظيمي، ثم نركن للمنهج التحليلي لمحاولة تفكيك هذه النصوص و الكشف عن قدرتها في صيانة حقوق الشباب في مختلف السياسات العمومية، و بين الفينة و الأخرى سنلقي بومضات تتبنى المنهج النقدي في توضيب الأفكار و طرح البدائل.

و لمناقشة هذا الموضوع سنعنمد إلى تقسيم الموضوع على النحو الآتي:

المطلب الأول: انخراط الشباب في الحياة العامة من المنظور التشريعي

المطلب الثاني: انخراط الشباب في الحياة العامة بين الإكراهات و سبل التذليل

 

المطلب الأول: انخراط الشباب في الحياة العامة من المنظور التشريعي

إن الأهمية التي  يوليها بلد معين لأمر ما – انخراط الشباب في الحياة العامة مثلا- يتوقف ابتداء على تأطيره قانونيا، حتى يتسنى الحديث عنه في إطار تشريعي سواء على المستوى الدستوري(الفقرة الأولى)ـ أو على المستوى التنظيمي (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: انخراط الشباب من المنظور الدستوري

من الحكمة بما كان أن يخصص المشرع في القانوني الأسمى للمملكة مقتضيات خاصة بالشباب، و يتمثل ذلك في الفصل 33 من دستور 2011[3] على السلطات العمومية اتخاذ التدابير الملائمة لتحقيق ما يلي:

–        توسيع وتعميم مشاركة الشباب في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية   والسياسية للبلاد.
–       مساعدة الشباب على الاندماج في الحياة النشيطة والجمعوية،  المساعدة لأولئك الذين تعترضهم صعوبة في التكيف المدرسي أو  الاجتماعي أو المهني.
–        تيسير ولوج الشباب للثقافة والعلم والتكنولوجيا، والفن والرياضة والأنشطة  الترفيهية، مع توفير الظروف المواتية لتفتق طاقاتهم الخلاقة والإبداعية في   كل هذه المجالات
يحدث مجلس استشاري للشباب والعمل الجمعوي، من أجل تحقيق هذه الأهداف ”
بذلك فالشباب المغربي فاعلا اجتماعيا وسياسيا، يساهم بشكل دستوري في التأثير على مسار التحولات والتغييرات التي يعرفها المجتمع المغربي، بالتالي بات من الضروري رسم سياسة عمومية شبابية برؤية شمولية ومتكاملة، يكون للشباب الحضور المركزي والقوي فيها، وتفرض على السلطات العمومية اتخاذ التدابير والإجراءات الملائمة لتحقيق مجموعة من الغابات[4]، تهدف إلى :
توسيع وتعميم مشاركة الشباب في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية للبلاد و مساعدة الشباب على الاندماج في الحياة النشيطة والجمعوية، وتقديم المساعدة لأولئك الذين تعترضهم صعوبة في التكيف المدرسي أو الاجتماعي أو المهني،و تيسير ولوج الشباب للثقافة والعلم والتكنولوجيا، والفن والرياضة والأنشطة الترفيهية، مع توفير الظروف المواتية لتفتق طاقاتهم الخلاقة والإبداعية في كل هذه المجالات، ومن تم تمكين الشباب من فضاء مؤسسي للتعبير ونقاش القضايا الشبابية.
فقد نص الدستور المغربي الجديد على إحداث المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، الذي يعتبر بوابة لإشراك الشباب في تدبير شؤون البلاد، ومن ضمن ذلك القضايا المتعلقة بالشباب والعمل الجمعوي، أي أنه هيئة استشارية في ميادين حماية الشباب والنهوض بتطوير الحياة الجمعوية وهو مكلف بدراسة وتتبع المسائل التي تهم هذه المسائل وتقديم اقتراحات حول كل موضوع اقتصادی و اجتماعي وثقافي بهم مباشرة النهوض بأوضاع الشباب والعمل الجمعوي وتنمية طاقاتهم الإبداعية وتحفيزهم على الانخراط في الحياة الوطنية[5].

و هو مانص عليه الفصل 170 من الدستور أيضا ”  يعتبر المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، المحدث بموجب الفصل 33 من هذا الدستور، هيئة استشارية في ميادين حماية الشباب والنهوض بتطوير الحياة الجمعوية. وهو مكلف بدراسة وتتبع المسائل التي تهم هذه الميادين، وتقديم اقتراحات حول كل موضوع اقتصادي واجتماعي وثقافي يهم مباشرة النهوض بأوضاع الشباب والعمل الجمعوي، وتنمية طاقاتهم الإبداعية، وتحفيزهم على الانخراط في الحياة الوطنية، بروح المواطنة المسؤولة”
فإذا كان هذا عن ماهية المجلس الإستشاري للشباب و العمل الجمعوي فماذا عن اختصاصاته هذا ما سنتعرف عليه في الفقرة الثانية.الفقرة الثانية: انخراط الشباب من منظور قانون المتعلق المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعويوفاءا من لدن المشرع بما سطره في دستور 2011 بخصوص تأسيس المجلس الإستشاري للشباب و العمل الجمعوي فقد سن قانون 89.15 لهذا الغرض بعد سبع سنوات من التنصيص على ذلك، و قد حرص  على تخصيص  الباب الثاني من نفس القانون[6] لتحديد صلاحيات ومهام المجلس حيث نص في  المادة  الثانية  ” يمارس المجلس بصفته هيئة دستورية استشارية، مع مراعاة الاختصاصات الموكولة إلى السلطات العمومية والهيئات والمؤسسات الأخرى بموجب النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل الصلاحيات التالية:

– إبداء الرأي في كل القضايا المحالة إليه من لدن جلالة الملك في مجال اختصاصاته ؛
– تقديم كل اقتراح إلى السلطات العمومية قصد اتخاذ التدابير التي تراها ملائمة من أجل تحقيق الأهداف المنصوص عليها في الفصل 1 من الدستور.
– إبداء الرأي بطلب من الحكومة في مشاريع الاستراتيجيات التي تعدها في مجال النهوض بأوضاع الشباب وتطوير العمل الجمعوي تمهيدا لعرضها على مسطرة المصادقة طبقا لأحكام الفصل 49 من الدستور .
– إبداء الرأي، بطلب من الحكومة، في جميع القضايا ومشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية والبرامج المتعلقة والشهامه والعمل الجمعوي
– إبداء الرأي، بطلب من أحد مجلسيي البرلمان، في مشاريع ومقترحات القوانين ذات الصلة بمجال اختصاصا.
– إنجاز الدراسات أو الأبحاث التي تهم ميادين الشباب والقضايا المتصلة بها، واقتراح سبل حمايتهم والنهوض بأوضاعهم، وتنمية طاقاتهم الإبداعية، تحفيزهم على الانخراط في الحياة العامة،  وكذا إنجاز الدراسات أو الأبحاث التي تهم تشخيص وضعية العمل الجمعوي، وإعداد المؤشرات المتعلقة بهذه الوضعية و  اقتراح الوسائل الكفيلة والنهوض بالحياة الجمعوية وتطويرها، وذلك بمبادرة منه أو يطلب من الحكومة.
– الإسهام في وضع منظومة مرجعية متكاملة لحكامة العمل الجمعوي، وتحسين أدائه   وتقوية قدرات العاملين به.
–  إعداد ميثاق الأخلاقيات العمل الجمعوي، بما في ذلك المبادئ والقواعد المتعلقة بشفاقية تمويله وتدبيره، والعمل على نشر هذا الميثاق والتعريف بمضامينه، وذلك بالتشاور مع الجهات المعنية.
–   إصدار كل توصية إلى الجهات المختصة من أجل النهوض بأوضاع الشباب والعمل الجمعوي على الصعيد الوطني أو الجهوي أو المحلي .
– المساهمة في إثراء النقاش العمومي حول السياسات العمومية في ميادين الشباب والعمل الجمعوي.
–  التنسيق مع الهيئات الاستشارية المحدثة لدى مجالس الجهات من أجل توسيع مشاركة الشباب وفعاليات المجتمع المدني في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية للبلاد.
– إقامة علاقات التعاون والشراكة مع الهيئات والمنظمات الوطنية  والدولية ذات الأهداف المماثلة  المساهمة في إثراء النقاش العمومي حول السياسات العمومية في ميادين الشباب والعمل الجمعوي.
– التنسيق مع الهيئات الاستشارية المحدثة لدى مجالس الجهات من أجل توسيع مشاركة الشباب وفعاليات المجتمع المدني في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية للبلاد.
– إقامة علاقات التعاون والشراكة مع الهيئات والمنظمات الوطنية  والدولية ذات الأهداف المماثلة.

من خلال ما سبق يظهر جليا  أن الاختصاصات المخول لهذا المجلس هي اختصاصات جما، بالتالي لايزال أمر التعقيب على مردوديته موقوف التنفيذ من جهة و الجزم بنجاعة أدواره من جهة ثانية.

فبعدما ناقشنا الإطار النظري لمكانة الشباب في الحياة العامة حيث رصدنا من خلال المبحث الأول الإطار القانوني المؤطر لها ننتقل إلى الشق العملي و الذي بالكاد نتطرق فيه للإكراهات التي تعترض انخراط الشباب في الحياة العامة على أن تطرق لأهم الإقترحات لتجاوز هذه المعيقات.المطلب الثاني: انخراط الشباب في الحياة العامة بين الإكراهات و سبل التذليلإن مهمة تشخيص وضعية الشباب و الإكراهات التي تواجه انخراطهم في الحياة العامة، في الحقيقة ليس بالأمر السهل و هو ما سنبينه في هذه المحطة بالدات، حيث ستركز على أهم الإكراهات التي تحول دون الإندماج الميسر معززين ذلك بأرقام تدق ناقوس الخطر، و تاكد على وجود قصور ملحوظ في تدبير الشأن الأمن العام و المتصل بالشباب بوجه خاص (الفقرة الأولى)، و للخروج من نفق التشخيص حولنا طرح أهم الإقتراحات التي تساعد تجاوز هذه الإكراهات (المطلب الثاني).الفقرة الأولى: الإشكالات التي تعترض اخراط الشباب في الحياة العامة.ففضلا عن الإكراهات التي تعترض الشباب في مجال التشغل و التعليم و التكوين و غيرها من المجلات التي سبق و أن أشرنا إليها في مقالنا[7] – النموذج التنوي الجديد بين إكراهات التطبيق سبل استشراف المستقبل- و الذي لا يمكن قراءة هذا المطلب بمعزل عنه. يمكن عرض أبرز الإشكالات التي تعترض انخراط الشباب في أهم المجالات:

–  هجرة الأدمغة:  حيث اَشار موقع «روكريت»، المتخصص في مجال التوظيف، إلى أن أكثر من 90% من المتخرجين المغاربة يحلمون بمغادرة البلاد بعد التخرج والحصول على فرصة عمل في الخارج، و هو ما يستعصي عليهم في وطنهم،  فهذه الظاهرة أثارها الملك محمد السادس في خطاباته الاخيرة، حيث أَشار الى أن ما يدفع المغاربة الى الهجرة والطلبة المغاربة في الخارج إلى عدم العودة إلى وطنهم، لا يتعلق فقط بالاِمتيازات والاِغراءات والحقوق التي سيحصلون عليها خارج وطنهم، ولكن يتعلق اَيضا باِفتقار المغرب اِلى مناخ ملائم للحياة العملية والاِبتكار والبحث والتقدم الوظيفي[8].

و في نفس السياق نستحضر دراسة نشرتها جامعة الدول العربية العام الماضي، كشفت أن هناك حوالي 50 ألف طالب مغربي يدرسون في الخارج، وق اختار حوالي 200 ألف خبير مغربي في مجالات مختلفة العمل خارج بلدهم. و هو مالم تنكره فدرالية التكنولوجيات والاتصال والأوفشورينغ التابعة للاتحاد العام لمقولات المغرب[9]   التي سبق أن نبهت لارتفاع وتيرة مغادرة الكفاءات المغربية المتخصصة إلى خارج الوطن، و ما يعزز هذا القول هو البيانات الصادرة عنها التي تفيذ أن المعاهد المغربية بمختلف أنواعها تُخرج ما بين 7 و8 آلاف كفاءة سنوياً، غالباً ما تدرس 12 سنة بعد الباكلوريا، بخبرة مرتبطة بالهندسة وتكنولوجيا المعلومات، يفقد منها المغرب حوالي 20 ٪ والتي تختار الهجرة إلى الخارج مباشرة بعد التخرج، ودون تردد، رغم أن هناك حاجة شديدة لهم في سوق الشغل المغربي.

– على مستوى  طبيعة  مناخ العمل الجمعوي:  حيث يتجسد الإشكال في مجال إهتمام الجمعيات بالمغرب إذ تهتم 15741 جمعية من أصل 44771 جمعية أي ما يعادل35.2% بالمجالات ذات الصلة بالتنمية والسكن، وتشتغل 12134 جمعية أي ما يعادل 27.1%  على المواضيع المرتبطة بالثقافة والرياضة والهويات، أما الباقي فتظل مجالات اهتماماتها متصلة بمواضيع مختلفة مثل البيئة، التعليم، الأنشطة الخيرية … وهذه الحصيلة تعكس شبه غياب للتنظيمات الجمعوية التي تعنى بشكل مباشر بالشباب[10]. فضلا عن الإحتكار على مستوى القيادات الجمعوية التي تحول دون إضفاء طابع التميز و تكبل الإدارة التشاركية حيث كشفت الدراسة الميدانية[11] المنجزة أنّ 13 جمعية من بين 20 جمعية يترأسها الشخص نفسه منذ فترة التأسيس، كما أنّ معدل سنّ الرئيس سنة 24، إضافة إلى ذلك، لا يمثل معدل تواجد الشباب في المكتب المنتخب لكل جمعية سوى 2.9 % من التركيبة البشرية له.العزوف السياسي للشباب : إلا أن ذلك لا يعني أن الشباب لم يشارك بصورة قطعية و مطلقة في الانتخابات فتجدهم في توزيع المناشير و المطبوعات و طرق الأبواب الاستمالة الناخبين واقناعهم بالتصويت لصالح هذا المرشح أو ذاك، و بالرجوع للتشكيلة الحكومية الجديدة اي بعد التعديل نجد وزبرا واحد شاب –محمد أمكراز تم تعينه أمس الأربعاء 9 أكتوبرن وزيرا للتشغيل و الإدماج مهني عن عمر لا يتجاوز 41، في الوقت الذي حتلت مارين التي كانت تشغل منصب وزيرة النقل مكان رئيسة وزراء نيوزيلندا جاسيندا أرديرن التي كانت تصنف كأصغر رئيسة للحكومة وقد تولت منصبها الحالي منذ عامين عندما كانت تبلغ 37 سنة و يرجع افول الحضور الوازن للشباب في الحكومات المغربية إلى الإحتكار الذي يطال الحقائب من قبل قيادات حزبية تتقلد أكثر من حقيبة و في أقل من عقد من الزمن، فضلا عن فقدان الثقة في المؤسسات الحزبية التي تفتقر جلها للضمير المسؤول.أما على مستوى الإجتماعي :  فحسب دراسة حديثة تم  إجراؤها مطلع سنة 2018 أنجزتها مؤسسة “فاميلي أوبتيميز” المتخصصة في بحوث الأسرة والحياة الزوجية، تم الكشف عن نسبة العنوسة في البلدان العربية عموما والمغرب خصوصا الذي تصل نسبتها فيه إلى 60 %. وأوضحت الدراسة ذاتها، أن أزيد من 8 ملايين امرأة مغربية هن في حالة عنوسة، وهذا ما جعل هذه الظاهرة تتضاعف بنسبة 2.6 في المائة لدى الرجال مقابل 4.6 في المائة لدى النساء. وأشارت الدراسة إلى أن نسبة العنوسة لدى الفئات العمرية التي تترواح بين 18 و24 سنة من الفتيات أصبحت مرتفعة بشكل كبير، وانتقل سن الزواج في المغرب إلى 28 سنة فما فوق لدى الفتيات و27 سنة فما فوق لدى الرجال، 12 نتيجة البطالة والفقر ومحدودية الدخل وضعف القدرة الشرائية والارتفاع المهول للأسعار والعقار[12].

لقد كان تركيزنا مقتضب متجنبين ماذكرناه في مقالنا -النموذج التنموي بين إكراهات التطبيق و سبل استشراف المستقبل- و الذي بحق يجسد نسبة كبيرة من المشاكل التي حالة دون نجاح البرامج السالفة،  هي ذاتها التي تجسد معاناة الشباب على جميع الأصعدة، و حصرنا النقاش عن هجرة الأدمغة و مكانة الشباب في العمل الجمعوي و فقدان الشباب الرغبة في الإنخراط في الأجزاب السياسية،  و الأوضاع الغجتماعية للشباب و على وجه الخصوص تكوين أسرة، و تمثيلية الشباب في لجنة النموذج التنموي الجديد، و أمام هذا الوضع لا يسعنا إلا نقترح أهم السبل لذليل هذه الصعوبات حتى لا نظل مكتوفي الأيدي مجتهيدين  في التشخيص فحسب.

أي حلول مقترحة لتمكين الشباب من الإنخراط في الحياة العامة؟الفقرة الثانية: سبل تذليل الصعوبات التي تعترض انخراط الشباب في الحياة العامةلعل أهم التدابير و الآليات[14] التي يتعين استحضارها اليوم  أكثر من الغد يمكن إجمالها في مايلي:

– توفير مناخ عادل أكثر مما هو ديمقراطي : من خلال كفالته للحق في المشاركة في إدارة و تدبير الشأن المحلي ابتداء ثم الشأن العام انتهاء، و العمل على تكريس آليات الحوار الحقيقي بين الإدارة المركزية و الشباب.

– تتمين جهود المبادرة الوطنية للتنمية البشرية: من خلال ضخ ميزانية أكثر و تبني مساطر رقابية على مستوى تتبع نتائج الدعم المقرر من لدنها و بالتالي ربط الإستفادة بالمحاسبة.

– اعتماد مقررات تعليمية تتبنى رصيد معرفي مهم يحت على تسبيق المبادارات الفردية على الوظيفة كشكل من أشكال ضمان المستقبل.

-إشراك المؤسسات الشبابية في عملية التنمية: أن يتسم عمل المؤسسات حكومية و غير الحكومية بالشفافية والمساءلة[15] و أن تسهر هذه الأخيرة على وضع برامج وخطط تنموية واقعية ، قادرة على تنفيذها، تستهدف من خلالها أيضا الربط بين سياسات الطفولة ، الشباب ، و كبار السن لتحقيق التوازن والانسجام في السياسات و بالتالي تحقيق مبدأ تضامن الأجيال.

– ضرورة متابعة تنفيذ السياسات الشبابية وتقويمها لضمان تحقيقها الأهدافه المسطرة حيز زمني معقول. و هو ما سيخول لها الوقوف عمليا على المعطيات و البيانات التي قدمنها في محطة التشخيص.

–  ينبغي دمج السياسة الوطنية للشباب في صلب السياسات العامة، و اعتمادها في صيغتها الرسمية من طرف جميع مؤسسات الدولة وخاصة الحكومة والبرلمان في إطار  خطة وطنية مندمجة[16] حيث تكون احتياجات الشباب ومطامحهم جزءا لا يتجزأ من التخطيط الوطني وصنع السياسة، تحت مسؤولية قطاع الشباب بشكل مستقل .يمكن ترجمتها على المستوى المحلي في اطار الجهوية الموسعة.

– العمل على ربط منظومة التربية والتكوين ومحو الأمية بالتشغيل بسوق الشغل هذا الأخير يفتقر بشكل ملحوظ لتخصصات مهمة على وجه الخصوص التقنين في مجال الطيران و الخبراء في المادة المعلوماتية و غيرها.

– تعزيز برامج التشغيل الذاتي و هو ما حاول العاهل المغربي الملك محمد السادس تفعيله من خلال مبادرة – المندمجة- القروض بنسب فائدة منخفضة و إن كنت أفضل تمويل المشاريع بدون فوائد تحت إشراف أجهزة تؤطر و تواكب المشاريع من خلال خبراء منتدبين لدى المراكز الجهوية للإستثمار، لضمان نجاح المشاريع بدل التسيير العشوائي الذي سيؤدي بنسبة كبيرة إلى هضر القروض من لدن الشباب لإفتقادهم الخبرة في مجال الإستثمار سواء تم .

– إطلاق برنامج لتطوير التشغيل الذاتي للشباب في المناطق القروية عبر إصدار طلب مشاريع موجه لحاملي المشاريع في المناطق القروية ، وتقديم دعم مالي للمشاريع المختارة ومواكبة حامليها بتكوين إلزامي  سواء في إطار تعاونيات أو شركات فردية.خاتمة:إن المؤسسات الدستورية بكل مكوناتها معنية اليوم أكثر من أي وقت مضى، بالإنخراط الفعلي في القضايا وبتوفير كل السبل والإمكانات لنجاح السياسات العامة  المتصلة بالشباب، مع تجاوز النظرة الضيقة لإختزال الشباب في قطاع دون الأخر كما هو الشأن بالنسبة لقطاع الشباب والرياضة لأن الشباب هو معني بالضرورة بكل القطاعات، لكن منطق العمل يقتضي أن يكون وفق مقاربة  قطاعية تترجم في إطار سياسة وطنية للشباب.

صفوة القول  إن البلدان العربية بشكل عام و المغرب بشكل خاص يتمتع بقدرات شبابية بشرية كبيرة و لها من الكفاءات والمعارف والخبرات ما تفتقر إليه معظم دول العال تنتظر الفرصة في الإسهام في تدبير الشأن العام و على وجه الخصوص تدبير الشأن المحلي.

الإحالات:

[1] مع التحفظ على هذا الوصم و إن لم نجد له بديل

[2] مؤشرات مأخوذة من عرض وزير الشباب والرياضة المغربي حول متابعة مشروع السياسة المندمجة للشباب 2017.

[3] ظهير شريف رقم 1.11.91 صادر في 27 من شعبان 1432 (29 يوليو 2011) بتنفيذ نص الدستور،- الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر بتاريخ 28 شعبان 1432 (30 يوليو 2011)، ص 3600.

[4]

[5] كريم لحرش دكتور في الحقوق ا لدستور الجديد للمملكة المغربية – شرح وتحليل – ص33، سلسلة العمل التشريعي والاجتهادات القضائية، العدد ، 2012

[6] ظهير شريف رقم 112. 1.17 صادر في 14 من ربيع الآخر 1439 | (2 يناير 2018) بتنفيذ القانون رقم 89.15المتعلق بالمجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي.

[7] https://alkanounia.info/2019/12/03/8231/ منشور بجريدة القانونية ليومه 3دجنبر 2019

[8] جرة الأدمغة من المغرب.. أرقام مخيفة وحلول منعدمة،معاد الغريبhttps://www.sasapost.com/opinion/brain-drain-morocco/ تاريخ الزيارة 23 فبراير2020 على الساعة 10.14.

[9] تأسست 1989 للمساهمة في تطوير تكنولوجيا المعلومات والاتصال بالمغرب، إضافة إلى دمج الجيل الجديد من المقاولات، ودعم الإبداع والبحث والتطوير، والسهر على مسايرة تكنولوجيات المعلومات وتطورها على الصعيد الدولي.

[11] هناء شريكي، الشباب المغربي والعمل الجمعوي: تحديث البنيات وتقليدية العلاقات والقيما،إنسانيات عدد 68، أفريل – جوان 2015 ، ص7049.

[12] عبد الغني الخنوسي، الوضع الشبابي بالمغرب .. أرقام صادمة ومستقبل مقلق، منشور بموقع العدل و الإحسان بتايرخ 21 أبريل 2018 و تم الإطلاع على المقال بتاريخ 1 مارس2020 على الساعة 12.11.

[14] .عمر رحال قراءات شبابية :التنمية المجتمعية والحكم الصالح مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية – شمس : شركة الحسن للطباعة الطبعة الأولى شباط 2010.

[15] إدريس عبادي،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام ماستر،الحكامة المحلية تحت عنوان، الشباب في السياسات العمومية،كلية العلوم القانونية و الإقتصادية و الإجتماعية بالمحمدية، السنة الجامعية 2011/2012.

[16] الأمم المتحدة المجلس الاقتصادي والاجتماعي اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا الإسكوا E / ESCWA / 26 / 4 ( Part 1 ) 4 March2010 الدورة السادسة والعشرون 20 مايو 2010

قد يعجبك ايضا