الدكتورة أمينة رضوان: حرية الإثبات في المادة الشغلية
المعلومة القانونية – أمينة رضوان
- باحثة في العلوم القانونية
- قاضية بالمحكمة المدنية بالدار البيضاء
يحتل الإثبات مكانة متميزة في النزاعات القضائية، بحيث لا يكفي للشخص أن يدعي حقا حتى يستفيد منه، بل يجب أن يكون قادرا على إثبات وجود هذا الحق، سواء كان ناتجا عن عقد أو واقعة قانونية[1].
والإثبات بمعناه العام هو: إقامة الدليل على حق أو واقعة من الوقائع. وبمعناه الخاص هو: إقامة الدليل أمام القضاء بالطرق التي حددها القانون على حق أو على واقعة معينة تترتب عليها آثار[2].
وإذا كان المشرع قد حدد وسائل الإثبات في أغلب القوانين، حيث لا يجوز
الإثبات بغيرها، فإنه في بعض القوانين كالقانونين التجاري والاجتماعي جعل الأصل
هو حرية الإثبات. وهذا يستشف من خلال المادة 18 من مدونة الشغل، التي نصت على أنه : «يمكن إثبات عقد الشغل بجميع وسائل الإثبات»[3] [4] وهو ما اعتمدته محكمة النقض كذلك[5] في قرارها الصادر بتاريخ 02 دجنبر 2009 الذي جاء فيه: «… حيث تبين صحة ما نعته الوسيلة على القرار ذلك أن إثبات عقد الشغل متيسر بكافة وسائل الإثبات طبقا لأحكام المادة 18 من مدونة الشغل ….»[6] وما ينطبق على عقد الشغل بخصوص إثباته ينطبق على أي مقتضى في المادة الشغلية يحتاج إلى إثبات، كإثبات الخطأ الجسيم وأداء الأجر وغير ذلك[7].
والمشرع بعدم حصره لوسائل الإثبات في هذه المادة، يكون قد سخّر جميع وسائل الإثبات المتاحة عندما يتعلق الأمر بقانون الشغل، وبذلك يمكن اعتماد جميع وسائل الإثبات المنصوص عليها في القانون المدني باعتباره الأصل الذي تفرع منه قانون الشغل (فقرة أولى) وهذا لا ينفي أن هناك وسائل إثبات خاصة ينفرد بها هذا الفرع من فروع القانون الخاص (فقرة ثانية).
الفقرة الأولى : وسائل الإثبات المنصوص عليها في المادة المدنية[8]
إن وسائل الإثبات التي يقررها المشرع في القانون المدني هي : إقرار الخصم، الحجة الكتابية، شهادة الشهود، القرينة، اليمين والنكول عنها[9]. ونعالجها اتباعا :
أولا- إقرار الخصم:
الإقرار[10] هو اعتراف شخص بحق عليه، سواء قصد ترتيب هذا الحق في ذمته أو لم يقصد، فلا يكون إقرارا إنشاء الشخص الحق في ذمته بتصرف قانوني أو بواقعة قانونية، كالمشتري يلتزم بدفع الثمن وكالمشغل يتعهد بأداء الأجر في مقابل تعهد الأجير بأداء العمل، فإنشاء الحق غير الاعتراف به، ولما كان إنشاء الحق بتصرف قانوني يحتاج في إثباته إلى ورقة مكتوبة إذا كانت قيمة هذا الحق تزيد عن عشرة آلاف درهم[11]، فهذه الورقة تكون دليل إثبات لا إقرارا، لأنها أعدت من مبدإ الأمر لتثبت التصرف القانوني، وتكون في الغالب معاصرة لنشوئه أوبعد ذلك بوقت قليل. أما إذا كتب المدين إقرارا على نفسه بذات الحق، فإنه لا ينشئ بذلك حقا في ذمته، ولكن يقر بوجود هذا الحق بعد أن ينشأ، ويكتب المقر إقراره عادة بعد نشوء الحق الذي يقر به بوقت غير قصير، كالمشغل الذي يكتب إقرارا على نفسه بأنه مدين بأجور مجموعة أشهر من الشغل لأجرائه.
وإذا كانت الواقعة المسلم بها ليست محل إدعاء من جانب الخصم ولا محل إنكار من جانب المقر، فليس هناك إقرار كتصريح المشغل بوقوع حادثة شغل لأحد أجرائه وفقا لقانون حوادث الشغل[12]، فهذا لا يعد إقرارا من جانبه لتحمل مسؤولية هذا الحادث، ولا يعتد بالنية في الإقرار لأنه قد يقر شخص بواقعة معينة وهو بصدد الدفاع عن حقه، كإقرار المشغل بأنه يؤدي لأجرائه أجرا يقل عن الحد الأدنى للأجور عند نفي الأجير أنه لم يقبض منه الأجر بالمرة، وذلك بالنسبة للأجور التي تؤدى مشاهرة.
و عموما فإن الإقرار ليس له شكل محدد، فقد يكون صريحا أو ضمنيا، كعدم منازعة المشغل في علاقة الشغل التي تربطه بأجيره والجواب مباشرة بأنه غادر العمل من تلقاء نفسه. والإقرار الصريح قد يكون مكتوبا أوشفويا، وفي جميع الأحوال يكون الإقرار قضائيا أو غير قضائي .
والإقرار القضائي هو الاعتراف الذي يقوم به أمام المحكمة الخصم أو نائبه المأذون له في ذلك إذنا خاصا، والإقرار الحاصل أمام قاض غير مختص أو الصادر في دعوى أخرى، يكون له نفس أثر الإقرار القضائي[13] ويمكن أن ينتج الإقرار القضائي عن سكوت الخصم عندما يدعوه القاضي صراحة إلى الإجابة عن الدعوى الموجهة إليه فيلوذ بالصمت ولا يطلب أجلا للإجابة عنها، وهذا النوع يمكن أن يكون شفويا أو كتابيا، وهو ما أكدته محكمة النقض المصرية في قرار[14] لها جاء فيه : «… الإقرار القضائي يمكن أن يكون شفويا يبديه الخصم من نفسه أمام القضاء أو يكون كتابة ضمن مذكرة مقدمة أثناء سير الدعوى وهو بمثابة حجة قاطعة على الخصم» وعندما يكون مكتوبا أي واردا في مذكرات الدعوى فيشترط فيه أن يدرك المقر مرمى إقراره وأن يقصد به إلزام نفسه وأن يكون مدركا لعواقبه، وهذا ما تضمنه قرار محكمة النقض[15] بتاريخ 23/01/2008 الذي ورد فيه: «…فلا يمكن تفسير ما ورد بالمذكرة أعلاه إقرارا من المطلوب بالتعويض لفائدة الطالب، ذلك لأن الإقرار القضائي الذي يرد في مذكرات الدعوى التي يرفعها المقر يشترط فيه أن يدرك المقر مرمى إقراره وأن يقصد به إلزام نفسه بمقتضاه وأن يكون مبصرا أنه سيؤخذ حجة عليه، وأن خصمه سيعفى بموجبه من تقديم أي دليل، فلا يعد من قبيل الإقرار الملزم ما يرد على لسان الشخص تأييدا لإدعائه بهذه الأقوال أن يتخذها خصمه دليلا عليه… وعليه فإن ما بالوسيلة في جزئه غير مقبول وفي جزئه الآخر غير ذي أساس» والإقرار يكون نافذا ولو لم يذكر سببه[16].
أما الإقرار غير القضائي فهو الذي لا يقوم به الخصم أمام القاضي، ويمكن أن ينتج من كل فعل يحصل منه وهو مناف لما يدعيه[17]، وهو ليس حجة قاطعة ولا هو غير قابل للتجزئة أو الرجوع فيه دون إثبات غلط وقع فيه المقر، بل هو موكول للقاضي يقدر قوته في الإثبات وفقا لظروف الدعوى وملابساتها، حيث له أن يجعله حجة قاطعة أو يجرده من هذه الحجية، وله أن يرفض تجزئته أو أن يجزئه، وله أن يقبل الرجوع فيه أو أن يجيز فيه الرجوع، ولا يخضع في شيء من ذلك لرقابة محكمة النقض[18].
وعموما وكيفما كان نوع الإقرار فإن هذا الأخير يرفع النزاع بشأن إثبات مقتضى شغلي معين، وهو ما أكده القضاء المغربي من خلال محكمة النقض في قرار لها[19] جاء فيه: «… حيث إن محكمة الاستئناف تكون بسبب نفيها الشهادة التي لم يطعن فيها المشغل مع تضمنها اعترافه بالعلاقة، وعدم التفاتها إلى أن المشغل نفسه بعدما دفع بنفي العلاقة الشغلية أدلى المدعي بالشهادة عاد ودفع بأنه أكرى له ضيعته، ولم ينف صدور الاعتراف منه مع أنه يفيد الإثبات، تكون بذلك حملت الشهادة أي شهادة العمل محملا غير قانوني ينشأ عنه نقصان في التعليل المساوي لانعدامه حيث قصرت الإثبات على العقد وبطاقة العمل دون ما عداها، مما يستنتج منه الاعتراف صراحة دون أن تستند في ذلك إلى سند قانون». وإذا كان الإقرار البسيط لا يطرح أية صعوبة في العمل ما دام أن هناك اعترافا – بغض النظر عن طبيعة[20] – بوجود علاقة شغلية بين طرفي عقد الشغل أو عدم أداء الأجر من طرف المشغل، فإن الإقرار المركب[21] يثير صعوبة في الواقع العملي، ففي هذه الحالة يمكن للقضاء الشغلي انتداب خبير حيسوبي للإطلاع على دفاتر الأداء الممسوكة من طرف المشغل عندما يقر هذا الأخير بتوافر العلاقة الشغلية بينه وبين أجيره وينازعه في مدتها[22].
بقي أن نشير إلى أن الإقرار كيفما كان نوعه وطبيعته فإنه يخضع للسلطة التقديرية لقضاة الموضوع، وهذا ما يستشف من قرار محكمة النقض الفرنسية بتاريخ 13/06/2001، حيث تتلخص وقائع النازلة في أن أجيرا بعث إلى مشغله برسالة يعترف له من خلالها بارتكابه أخطاء وصفها بالفادحة، وقد ذهبت المحكمة أعلاه بنقض القرار الاستئنافي الذي اعتمد على هذا الإقرار فقط دون إعمال السلطة التقديرية للقضاة. جاء في القرار: «ذلك أن الأجير إذا اعترف بحصول هذه الوقائع فإن ذلك لا يؤكد سوى حدوثها بينما يبقى وصفها بالفادحة غير ملزم للقضاة، بل على العكس من ذلك فإن للقضاة أن يتحققوا من إمكانية اعتبار هذه الوقائع أخطاء فإن كانت كذلك فهل هي أخطاء يمكن وصفها بالفادحة».
وفي تعليقها على هذا القرار اعتبرت Magdalena Tekely[23] بأن الحل الذي ذهبت إليه هذه المحكمة في غاية المنطقية، إذ يحترم الميزة الأولى للإقرار، وكذلك مضمون القاعدة التي تنص على أن إثبات صفة الأخطاء الفادحة للأجير تقع على عاتق المشغل.
ثانيا – الحجة الكتابية :
تحظى الكتابة بمكانة متميزة ضمن وسائل الإثبات وخاصة بالنسبة للتصرفات القانونية دون الوقائع المادية التي يجوز إثباتها بكافة الوسائل. والدليل الكتابي ينتج من ورقة رسمية أو عرفية، ويمكن أن ينتج أيضا من المراسلات والبرقيات ودفاتر الطرفين وكذلك قوائم السماسرة الموقع عليها من الطرفين على الوجه المطلوب والفواتير المقبولة والمذكرات والوثائق الخاصة أو عن أي إشارات أو رموز أخرى ذات دلالة واضحة كيفما كانت دعامتها وطريق إرسالها[24].
وبذلك فإن المشغل يمكنه إثبات جميع الأفعال التي يقوم بها أجراؤه بواسطة الدليل الكتابي، كتقديمه للمحكمة مجموعة من الإنذارات التي سبق أن بعث بها إلى أحد أجرائه من أجل حمله على العودة إلى عمله والتي بقيت بدون جدوى، وهو في ذلك يثبت أنه غـادر عمله من تلقاء نفسه وبدون مبرر، وهو ما يعتبر خطأ حسب ما يبرر فصله من العمل بدون تعويضات طبقا للفقرة الثانية عشر من المادة 39 من مدونة الشغل التي ورد فيها: «تعتبر بمثابة أخطاء جسيمة يمكن أن تؤدي إلى الفصل الأخطاء التالية المرتكبة من طرف الأجير: التغيب بدون مبرر لأكثر من أربعة أيام أو ثمانية أنصاف يوم خلال الإثنى عشر شهرا ،…» وإذا كان المشرع المصري قد ألزم المشغل بتحرير عقد الشغل كتابة باللغة العربية من ثلاث نسخ، يحتفظ بنسخة ويسلم نسخة للأجير وتودع الثالثة لدى مكتب التأمينات الاجتماعية المختص، مع ما يجب أن يتضمنه العقد من بيانات[25]. فإن المشرع المغربي كان رحيما بالأجير عندما اعتبر أن الأصل في عقد الشغل هو أنه شفوي[26] حيث تتوقف صحته على الشروط المتعلقة بتراضي الطرفين وبأهليتهما للتعاقد وبمحل العقد وبسببه كما حددها قانون الالتزامات والعقود[27]، ومع ذلك ففي حالة إبرام العقد كتابة، أوجب تحريره في نظيرين موقع عليهما من قبل طرفي العلاقة الشغلية ومصادق على صحة إمضائهما من طرف الجهة المختصة مع إلزامه باحتفاظ الأجير بأحد النظيرين[28].
لكن الإشكال الذي يطرح هو التالي: ما هي القيمة القانونية لعقد الشغل في حالة عدم المصادقة على توقيعي الأجير والمشغل لدى السلطة المحلية، هل يعتبر عقدا باطلا ولا تترتب عليه أية آثار لانعدام شكلية المصادقة التي تم التنصيص عليها بصيغة الوجوب ؟
للجواب عن هذا التساؤل فإن الأمر لا يخلو من فرضيتين:
الفرضية الأولى : إن العقد في هذه الحالة يعتبر باطلا لأنه على الرغم من كون أن الأصل فيه أنه شفوي والكتابة لا تكون إلا استثناء، فإنه طبقا للفصل 402 من قانون الالتزامات والعقود: «إذا لم يكن العقد خاضعا لشكل خاص واتفق عاقداه صراحة على أنهما لا يعتبرانه تاما إلا إذا وقع في شكل معين، فإن الالتزام لا يكون موجودا إلا إذا حصل في الشكل الذي اتفق عليه العاقدان» وهو ما ينطبق على عقد الشغل غير الخاضع للكتابة ومع ذلك اتفق عاقداه على أن يكون على هذه الشكلية، ولم يتمما ذلك بالمصادقة عليه، فإنه يعتبر والعدم سواء لعدم استيفائه للشكلية المذكورة. إلا أن هذه الفرضية لا تنسجم والطبيعة الخاصة لقانون الشغل، مما يستوجب تحريف قواعد القانون المدني لتنسجم مع هذه الطبيعة.
الفرضية الثانية : إن المبدأ الذي يسود الإثبات في المادة الشغلية هو حرية الإثبات فيها، أي أن عقد الشغل شأنه شأن أي مقتضى في قانون الشغل يمكن إثباته بجميع وسائل الإثبات المتاحة سواء تلك المقررة في المادة المدنية أوالمضمنة في مدونة الشغل ذاتها.
وعليه فعند إغفال العاقدين المصادقة عليه فيمكن إثباته بشهادة الشهود أو إقرار المشغل أو الاعتماد على القرائن أو اليمين.
ونرى أن هذا الحل أقرب إلى الصواب باعتباره يتلاءم وخصوصية الإثبات في قانون الشغل، لأنه لا يعقل أن يكلف الأجير بمستحيل، وذلك بحمل مشغله على إتمام شكلية الكتابة في عقد الشغل والمتجلية في المصادقة عليه. وهو فعلا ما استجاب إليه القضاء المغربي في قرار صادر عنه لما اعتبر أن عقد الشغل غير المصادق عليه يعتبر باطلا. وأن المحكمة كان يجب عليها فسح المجال للأطراف للإدلاء بما لديهم من حجج ودفوع خلال جلسة البحث[29].
ثالثا – الشهادة[30]:
تعتبر الشهادة هي الوسيلة الأكثر استعمالا في مجال نزاعات الشغل الفردية، والسبب في ذلك يرجع إلى أن معظم المقاولات والمؤسسات التي تشغل أجراء هي ذات طابع غير مهيكل، أي أنها لا تتوفر على سجلات خاصة بالأجراء، مما يصعب معه حصول هؤلاء على وثائق كتابية تحدد وضعيتهم المهنية وتضبط علاقتهم بمشغلهم، مما يجعل أغلب عقود الشغل شفوية، وفي هذا الإطار فإن أول صعوبة تواجه الأجير عندما يفصل من الشغل هي إثبات العلاقة الشغلية[31].
ولا يمكن للمحكمة استبعاد شهادة الشهود ولو كانت تربطهم علاقة تبعية مع المشغل[32] وإلا عرضت قرارها للنقض، وهذا ما أوضحته محكمة النقض المغربية[33] في قرار لها جاء فيه :
«…حيث تبين صحة ما عابه السبب على القرار ذلك أنه اعتمد فيما انتهى من كون الأجير يعتبر عاملا موسميا على تقرير الخبير المعين من طرف المحكمة، والذي بني على ما ضمنه بسجلات المشغل الذي نفى الطاعن أن يكون قد وقع عليه، والحال أن الحكم الابتدائي اعتمد في ثبوت علاقة العمل واستمرارها على ما صرح به الشهود المستمع إليهم، وهو ما يتفق ووسائل الإثبات المحددة طبقا لأحكام الفصل 404 من قانون الالتزامات والعقود، والخبرة في هذا المجال اعتمدت على سجلات المشغل، والتي لم يثبت أنها منظمة ومضبوطة، والقرار وقد بت على النحو المذكور فقد كان فاسد التعليل المنزل منزلة انعدامه المؤدي للنقض».
وبهذا فإن المحكمة تكون مجبرة على سماع شهادة الشهود، سواء كان الشهود تربطهم علاقة تبعية مع المشغل أو كانوا من الأغيار[34]. ما لم يكن الإثبات لا يقبله المنطق السليم، كالتماس المشغل إثبات أن الأجير لم يكن يشتغل عنده، لأن هذه الواقعة تعتبر «سلبية» ولا يمكن بالتالي إثباتها. ولكن ما هي الشهادة التي يمكن اعتبارها قانونا ؟.
إن الشهادة التي يمكن الاعتداد بها هي التي تؤدى من الشاهد في مجلس القضاء فقط[35] وأن تكون بمنأى عن أسباب التجريح، كأن تكون بين الشاهد وأحد طرفي الدعوى عداوة
أو قرابة أو مصاهرة، وأما شهادة السماع وهي التي يستند فيها الشاهد إلى ما سمعه من المشهود له أو غيره فلا يعتد بها، ونفس الشيء يصدق على اللفيف العدلي المعمول به في قضايا الأحوال الشخصية والعقار غير المحفظ، لأن العمل القضائي استقر على أنه بمثابة لائحة الشهود، لهذا فإنه للاعتداد به يجب على المحكمة استدعاء شهود اللفيف وإعادة الاستماع إليهم حتى تكون قناعتها بخصوص واقعة معينة ومواجهتهم بما سبق أن صرحوا به أمام العدلين بالرسم العدلي، ويشترط في شهادة الشهود أن تكون متطابقة فيما بينها وأن لا يشوبها أي تناقض وأن تكون منسجمة مع ما ورد بالمقال وأن يكون مستند علم الشهود قويا، وهو في الغالب المعاينة، كأن يكون الشاهد يعمل مع المدعي بنفس المؤسسة، أو أنه يسكن بجوار المحل من أجل إثبات علاقة الشغل أو مدتها أو استمراريتها. أما إذا كان مستند علمه السماع فإن شهادته تخضع للسلطة التقديرية لقاضي الشغل[36]. ويعمل بشهادة الشاهد الواحد متى كانت شاملة لكل العناصر المسطرة في الحكم التمهيدي وإلا استبعدتها المحكمة، وعند توافر شهود الإثبات والنفي في نازلة واحدة فإن القضاء دأب على الأخذ بشهادة الإثبات على شهادة النفي.
وهذا ما قضت به محكمة النقض في قرار[37] لها جاء فيه: «لكن الطالبة إنما تجادل في وقائع وأدلة يخضع تقديرها لقضاة الموضوع لما لهم من سلطة في ذلك. فمحكمة الاستئناف عندما نصت على ما يلي :… وحيث إنه بالرجوع إلى تصريحات الشاهدين وهما : بنعيسى الغيبي وعبد العالي الزوينات المستمع إليهما ابـتدائـيا، يتبين أن تصريحاتهما جاءت واضحة إذ صرحا أن المدعي كان يعمل لدى المدعى عليها طيلة المدة الواردة بالمقال بصفة رسمية، وأن مستند علمهما أنهما كانا يعملان إلى جانبه لدى نفس المشغلة، بينما صرح شهودهما بأن المدعي كان يعمل في موسم الأرز فقط، بينما نفى أحد شهودها وهو السيد عبد العزيز سويفي الذي كان يقوم بتنقيط العمال الرسميين والمؤقتين، عمل المدعي بالمؤسسة لا بصفته عاملا رسميا
أو مؤقتا، وبذلك يكون شهود المدعي أكثر علما من شهود المستأنفة، وأن المحكمة لما أخذت بشهادتهما لوضوحها وقوة سندها وهو المعاينة، ورتبت عن ذلك النتائج القانونية، تكون قد صادفت الصواب فيما قضت به ويتعين بالتالي التصريح بتأييد حكمها… ويكون قرارها المطعون فيه معللا تعليلا كافيا وسليما، وتبقى الوسيلتين المذكورتين على غير أساس». وهو أيضا ما جاء في حكم المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء[38] الآتي نصه: «… وحيث إنه فيما يخص إثبات العلاقة الشغلية فإنها ثابتة بمقتضى شهادة شهود المدعي المستمع إليهم بإجراء بحث… وذلك لكون شهادة المدعى عليه مثبتة والأخرى نافية والقاعدة أن المثبتة مقدمة على النافية»[39].
ورغم ذلك فإن الإثبات بواسطة الشهادة قد يثير بعض الإشكالات في الواقع العملي، كشهادة مستشار[40] الأجير لصالح هذا الأخير، هل يمكن اعتبارها أم لا؟
في هذا الصدد صدر قرار الغرفة الاجتماعية بمحكمة النقض الفرنسية بتاريخ 27/03/2001 التي ردت فيه دفع شركة sencomatic المستأنفة المتمثل في أن محكمة الاستئناف باعتمادها فقط على شهادة مستشار الأجير من أجل منح تعويضات للأجير عن الساعات الإضافية يكون خرقا لمقتضيات الفصل 1315 من القانون المدني الفرنسي وأن مستشار الأجراء هو وكيله وبالتالي فشهادته هي بمثابة شهادة الأجير لنفسه وقضت بتأييد قرار محكمة الاستئناف معللة موقفها أن الإثبات في نزاعات الشغل يبقى حرا وأنه لا يوجد أي تعارض مع قبول القاضي لشهادة مستشاره الذي ساعده في التحقيق الأولي. وفي هذا الإطار أشار
j savatier إلى أن الاعتراف بالقوة الإثباتية لهذه الشهادة يعد رهانا هاما، فبالنسبة له فهذه الشهادة في غياب أي وسيلة للإثبات تبقى هي المصدر الوحيد المتوفر لمعرفة ما جرى أثناء التحقيق الأولي. أما p. lyon-caen فاعتبر أن اختيار حل آخر بمثابة انتقاص كبير من المهمة التي أنشىء من أجلها مستشار الأجير، وهذا الحل الذي تم تبنيه يسهل على الأجير الذي تم فصله إثبات ما وقع أثناء التحقيق الأولي. واعتبرت Magdalena Tekelyأن مستشار الأجير الذي يساند الأجير أثناء مسطرة الفصل يمارس وظيفة مزدوجة، فهو في نفس الوقت محام وشاهد، وهاتان الوظيفتان هما في الأصل غير منسجمتين، لهذا لا يمكن اعتبار المستشار المذكور مجرد محايد بل هو طرف فاعل في هذه الحالة، وأن القرار الصادر عن محكمة الاستئناف قد سلط الضوء على الإشكالية المتعلقة بوظائف هذا المستشار بقوله إن شهادة مستشار الأجير الذي اختاره الأجير لمساندته والتشاور معه لا تعتبر ذات طابع حيادي لأنها تخدم فقط الأجير، ورغم ذلك فإن قرار محكمة النقض لا يخفي هذه الإشكالية فهو وإن كان يتبنى حلا لفائدة الأجير بقبوله لشهادة مستشاره إلا أنه في الوقت نفسه يترك للقاضي سلطة تقدير قيمة هذه الشهادة، كما أن الجانب الإيجابي لهذا القرار يكمن في أنه لا يسمح بالرفض التلقائي للشهادة بناء على صفة الشاهد كمستشار للأجير[41].
ونرى أنه وإن كانت الشهادة هي الغالبة في ميدان نزاعات الشغل باعتبارها الوسيلة المتاحة للأجير في ظل انعدام أية وثيقة تثبت اشتغاله عند مشغله. فإنه يجب على القاضي احترام مسطرتها حتى تكون ناجعة وفعالة في الدعوى[42].
رابعا – القرائن:
القرائن هي دلائل يستخلص منها القانون أو القاضي وجود وقائع مجهولة[43]، وعرفها الفصل 1349 من القانون المدني الفرنسي بأنها: «استنتاج واقعة مجهولة من واقعة معلومة»، فهي تعتبر بذلك وسيلة إثبات غير مباشرة طالما يتم استخلاصها من واقعة أخرى تكون معلومة من أجل الوصول إلى الحقيقة، ولها قوتان مطلقة ومحدودة: فالقوة المحدودة لها تكون في ميدان التصرفات القانونية المدنية، والقوة المطلقة لها تكون في الوقائع المادية والتصرفات القانونية التجارية[44].
والقرائن على نوعين قانونية وغير قانونية، فالقرائن القانونية هي التي يربطها القانون بأفعال أو وقائع معينة وهي على العموم :
– التصرفات التي يقضي القانون ببطلانها بالنظر إلى مجرد صفاتها لافتراض وقوعها مخالفة لأحكامه،
– الحالات التي ينص القانون فيها على أن الالتزام أو التحلل منه ينتج من ظروف معينة كالتقادم،
– الحجة التي يمنحها القانون للشيء المقضي به[45] متى توفرت شروطه[46]، ولأهمية هذا النوع من القرائن فإنه لا يقبل أي إثبات يخالفها[47].
أما القرائن التي لم يقررها القانون فهي موكولة لحكمة القاضي، وهذا الأخير لكي يقبل هذا النوع من القرائن فإنه يشترط فيها أن تكون خالية من اللبس أو أن تكون متعددة ومتوافقة فيما بينها. وعليه فإن القاضي يجب أن يعتمد على القرائن الواقعية الخالية من كل لبس لإثبات العلاقة الشغلية بين الأجير والمشغل.
وفي هذا الصدد قررت محكمة النقض في قرار لها[48] أن اشتغال المصاب لحسابه الخاص وبأدوات تعود إليه قرينة على أنه يعد مقاولا وليس أجيرا، وبالتالي لا تعتبر الحادثة التي تعرض لها أثناء أداء العمل حادثة شغل، نظرا لغياب أهم عناصر عقد الشغل المتمثل في عنصر التبعية، وما ترتب عنه من إشراف وتوجيه ورقابة.
جاء في القرار: «.. لكن حيث إنه لاعتبار الحادثة حادثة شغل يجب قيام علاقة شغل بين المصاب ومشغله، والطالب وإن تعرض لحادثة أثناء قيامه بصباغة المحل الذي كان يشتغل به فإنه لم يثبت ارتباطه بعلاقة شغل بالمطلوب إذ أن إقرار هذا الأخير بإحضاره للقيام بصباغة المحل لا يعني بالضرورة أنه مشغله لانعدام أهم عناصر هذه العلاقة وهي التبعية وما يترتب عنها من إشراف وتوجيه ورقابة، إذ أن الطاعن بصفته صباغا يشتغل لحسابه الخاص وبأدوات تعود إليه مما يجعله مقاولا لا أجيرا، وهو ما حدا بالمحكمة إلى اعتبار العلاقة الشغلية بين الطرفين غير قائمة مستبعدة صراحة، وخلافا لما جاء بالوسيلة ما اعتبره الطاعن إقرارا من المطلوب حينما صرح بجلسة البحث بأنه هو من أحضره لصباغة المحل، وما تمسك به الطالب من إقرار ضمني مستخلص من مطالبة المطلوب في النقض بمقتضى مذكرته المؤرخة في 24/10/2003 بإجراء خبرة لأن نتائج الخبرة المنجزة لم تكن موضوعية هو خلاف للواقع، لكون المذكرة المذكورة إنما تضمنت ملتمسا بإخراج القضية من المداولة لا طلبا بإجراء خبرة، فيكون القرار بما انتهى إليه معللا بما فيه الكفاية والوسيلة لا سند لها». وزيادة في الحذر بالنسبة لهذا النوع من القرائن فقد خول القانون للقاضي حتى ولو كانت هذه القرائن قوية وخالية من اللبس ومتوافقة أن يزكيها بيمين من يتمسك بها[49].
خامسا – اليمين[50] :
اليمين هي استشهاد الله عز وجل على قول الحق مع الشعور بهيبة المحلوف به وجلاله والخوف من بطشه وعقابه[51].
واليمين أنواع قضائية وغير قضائية. وهذه الأخيرة هي التي تؤدى أو يتفق على تأديتها في غير مجلس القضاء، وليس لها أحكام تنفرد بها وإنما يتبع بشأنها القواعد العامة، واليمين القضائية تنقسم إلى يمين متممة وأخرى حاسمة، واليمين الأولى هي التي يوجهها القاضي إلى أي من طرفي الدعوى ليستكمل بها الأدلة التي قدمها هذا الخصم، فهي كما عرفتها محكمة النقض في قرار[52] لها : «اليمين المتممة كما تدل تسميتها تكمل أدلة الإثبات وليس بديلا لها فلا توجه إلا إذا أقام المدعي دليلا اعتبرته المحكمة غير كامل فلا يمكن أن تكون وحدها أساسا للقضاء بحق وقع إنكاره» فإذا كانت حجة المدعي ناقصة شرعا وجب استبعادها، ولا تزكى باليمين المتممة، لأنها توجه في الحالات التي تكون فيه الحجة شهادة ينقصها النصاب القانوني[53]. لهذا يعد توجيه اليمين المتممة من طرف القاضي للخصم الذي لم يدل بالحجة الكافية لإثبات دعواه، إجراء من إجراءات التحقيق المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية يتوقف البت في النازلة عليها إعدادا للدليل فلا يمكن الفصل في النزاع قبل إثبات هذا الدليل[54]. فهي تعد قرينة قوية تجعل الواقعة المدعى بها ممكنة ومحتملة الوقوع، فالأجير الذي يطالب مشغله بأداء أجرة مجموعة من الشهور ويأتي المشغل ويستدل من خلال بطاقة أداء الشهر الأخير، يعتبر دليلا مقبولا يعتد به كقرينة على أن المشغل أدى الأجور السابقة عن هذا الشهر، حيث يمكن للقاضي حتى يكوّن قناعته أن يوجه اليمين المتممة للمشغل.
وإذا كانت اليمين المتممة إجراء يتخذه القاضي من تلقاء نفسه وقوفا على الحقيقة، إلا أن له السلطة التامة في تقرير نتيجته، إذ أن هذه اليمين تعتبر دليلا تكميليا ذو قوة محدودة تساعد القاضي على الاطمئنان بصحة الواقعة محل النزاع في مجموعها[55].
أما اليمين الحاسمة فهي وسيلة من وسائل الإثبات غير العادية يلجأ إليها أطراف النزاع إذا تعذر على أحدهم الدليل أيا كانت قيمة النزاع حيادا على مقتضيات الفصل 443 من قانون الالتزامات والعقود، وهي إمكانية خولها الفصل 85 من قانون المسطرة المدنية لأطراف النزاع بدون تحديد، لا للمحكمة، التي تستجيب إلى الطرف الذي وجه اليمين إلى خصمه متى توافرت شروطها، ولا يحكم بها تلقائيا. جاء في قرار محكمة النقض[56]: «اليمين الحاسمة بمقتضى الفصل 85 من قانون المسطرة المدنية من وسائل الإثبات يوجهها الطرف الذي يعوزه الدليل لإثبات حقه ولا تملك المحكمة رفضها متى تأكدت من توفر شروطها… المحكمة التي رفضت توجيه اليمين الحاسمة إلى الخصم بعلة أن الفصل 443 من قانون الالتزامات والعقود يمنع إثبات ما جاوز مبلغ 250 درهما بشهادة الشهود وأن توجيه اليمين بمقتضى وجود بداية حجة غير كافية تكون قد خرقت الفصل 85 المستدل به وعللت قرارها تعليلا فاسدا».
وهذا النوع الأخير من اليمين هو الذي يدخل في نطاق وسائل الإثبات، لأنه يعفي الطرف المتمسك بها من الإثبات عندما يعوزه الدليل[57] كما يكون حاسما للنزاع[58]، ولما كان الأمر كذلك فلا يجوز للقاضي أن يأمر بها من تلقاء نفسه كما هو الشأن بالنسبة لليمين المتممة، وإنما بناء على طلب الخصم، فهي ملك للخصم الذي يريد منها إثبات دفوعه في مواجهة خصمه.
وهو ما أكدته محكمة النقض في قرار[59] لها ورد فيه : «اليمين الحاسمة ملك للخصم الذي يبغي منها إثبات دفوعه في مواجهة خصمه، فيجوز له توجيهها ولو لتقويض ما ورد في العقد المبرم بين الطرفين»[60] وهي توجه من الخصم إلى خصمه بمقتضى وكالة خاصة ولا يجوز توجيهها إلى الوكيل أو من ينوب عن فاقد الأهلية[61].
وإذا وجه أحد الأطراف اليمين إلى خصمه لإثبات ادعاء أو ردها هذا الأخير حسما للنزاع بصفة نهائية، فإن الخصم يؤدي اليمين في الجلسة بحضور الطرف الأخير أو بعد استدعائه بصفة قانونية، وصيغتها تتمثل في «أقسم بالله العظيم»[62] غير أنه إذا كانت هناك أوضاع مقررة في دين من يحلفها، جاز له أن يطلب تأدية اليمين وفقا لتلك الأوضاع. وبخلاف ذلك إذا كان دين من يحلف بها يفرض عليه أن لا يقسم بالله، وإنما يقتصر على مجرد التأكيد، فإنه يجوز له أن يكتفي بذلك ما دام التأكيد يعتبر يمينا في دينه[63]، فاليمين يجب أن تؤدى طبقا للشروط التي تلزم دينيا ضمير من يؤديها[64]. وهذا النوع من اليمين لا تمتلك المحكمة أن تردها إذا ما استوفت شروطها وإلا عرضت قضاءها للنقض. وهذا فعلا ما قضت به محكمة النقض في قرارها المؤرخ في 12/03/2003[65] الذي جاء فيه : «القرار الذي استبعد المطالبة بتوجيه اليمين الحاسمة لعدم إدلاء الطالب بدليل كتابي لدحض الإعتراف بالدين يكون مخالفا لأحكام الفصل 85 من قانون المسطرة المدنية» وهذا هو ما معمول به أيضا في القضاء المقارن[66].
بقي أن نشير أن حجية اليمين الحاسمة قاصرة على من وجهها ومن وجهت إليه، ولا يتعدى أثرها إلى غيرهما من الخصوم، وينبني على ذلك أنه إذا شاب اليمين الموجهة إلى أحد الخصوم بطلان فلا يمتد أثر هذا البطلان إلى غيره ممن وجهت إليه اليمين صحيحة، كما أنه ليس لغير من وجهت إليه أن ينازع فيها، أو يتعرض على توجيهها، وكل ما للغير ألا يحاجّ بأثرها[67].
وعلى العموم فكيفما كان نوع اليمين فهي تقرر من طرف القاضي بمقتضى حكم تمهيدي[68] والحكم الصادر بناء على النكول عن اليمين له قوة الشيء المقضي به، ولا يقبل الطعن فيه كذلك بأي طريق من طرق الطعن في الأحكام، ما لم يكن الطعن مبنيا على مدى جواز اليمين أو تعلقها بالدعوى أو بطلانا في الإجراءات الخاصة بتوجيهها أو حلفها[69].
وقد اعتبرت محكمة التعقيب التونسية في قرار لها[70] أن توجيه اليمين الحاسمة بشأن الأجرة غير المؤداة لا يعد خرقا لأحكام الفصل 497 من مجلة الإلتزامات والعقود، ما دام القانون يوجب على المشغل تسليم بطاقات للأجراء في أجورهم تطبيقا للفصل 143 من مجلة الشغل .
وإذا كانت اليمين تعتبر إحدى وسائل الإثبات المنصوص عليها في الفصل 404 من قانون الإلتزامات والعقود وأيضا إجراء من إجراءات التحقيق المنصوص عليها في الفرع الخامس من الباب الثالث من القسم الثالث من قانون المسطرة المدنية والمؤطرة بالفصول من 85 إلى 88 منه، فإنه يجوز اعتماد كذلك سائر وسائل إجراءات التحقيق المتاحة في قانون المسطرة المدنية من خبرة[71] ومعاينة[72] الأماكن والأبحاث وتحقيق الخطوط والزور الفرعي، لإثبات وقائع أو تصرفات في المادة الشغلية.
الفقرة الثانية : وسائل الإثبات المنصوص عليها في المادة الاجتماعية
إن قانون الشغل ينفرد بمميزات خاصة به يتميز بها عن باقي القوانين، ومنها وسائل الإثبات التي سنعمل على معالجتها إتباعا:
- أولا – بطاقة الشغل:
تنص الفقرة الثالثة من المادة 23 من مدونة الشغل على أنه: «يجب على المشغل أن يسلم الأجير بطاقة شغل» وأضافت الفقرة الرابعة منها على أنه: «يجب أن تتضمن بطاقة الشغل البيانات التي تحدد بنص تنظيمي[73]. وهذه البيانات تتمثل في :
- الاسم الاجتماعي للمؤسسة أو الاسم الكامل للمشغل ،
- رقم الانخراط في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي،
- المقر الاجتماعي للمقاولة أو عنوان المشغل ،
- الاسم الشخصي والعائلي للأجير وتاريخ ازدياده وتاريخ دخوله إلى العمل ووظيفته ومبلغ أجرته،
- اسم شركة التأمين»[74].
ويلاحظ أن المشرع عمل على تضمين بطاقة الشغل مجموعة من البيانات التي تسهل على القاضي أخد جميع العناصر منها، من علاقة الشغل ومدتها وطبيعتها وغيرها، مما يجعل منها وسيلة إثبات كافية تغني عن بقية الوسائل[75] وتدعيما لمد المشغل أجراءه بهذه البطاقة مستوفية لكل بياناتها فإنه كفل ذلك بمقتضيات قانونية زجرية[76].
- ثانيا – ورقة الأداء[77] :
تنص الفقرة الأولى من المادة 370 من مدونة الشغل على أنه : «يجب على كل مشغل أن يسلم أجراءه عند أداء أجورهم، وثيقة إثبات تسمى ورقة الأداء[78]، وأن يضمنها وجوبا البيانات التي تحددها السلطة الحكومية المكلفة بالشغل[79]، وتتجلى هذه البيانات في :
- اسم المقاولة ومقرها الاجتماعي أو الاسم الشخصي والعائلي للمشغل ومقر عمله ومهنته وعنوانه وكذا رقم الانخراط في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ،
- الاسم الشخصي والعائلي للأجير ورقم تسجيله بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي،
- الصنف المهني،
- تاريخ التشغيل،
- مدة الشغل المدفوعة الأجر مع بيان ساعات الشغل المؤدى أجرها بالسعر العادي وعند الاقتضاء الساعات الإضافية ونسبة الزيادة المطبقة وكذا عدد الساعات التي تطابق الأجر المؤدى،
- عدد أيام العمل المطابق للأجر المدفوع،
- نوعية ومبلغ مختلف العلاوات المضافة إلى الأجر الأساسي،
- قيمة المنافع العينية عند الاقتضاء،
- مبلغ الأجر الإجمالي للأجير،
- نوعية ومبلغ مختلف الاقتطاعات ،
- مبلغ الأجر الصافي،
- تاريخ تسليم ورقة الأداء،
وإذا كان الأجير يتقاضى أجره بالقطعة فيجب علاوة على ما ذكر تضمين ورقة الأداء كل البيانات التي تمكن من احتساب مختلف العناصر المكونة للأجر الصافي[80]، وهذا مقرر لمصلحة الأجير بإتاحة الفرصة له لمراقبة ما ضمن بالورقة المذكورة من مبالغ حتى يتمكن من المطالبة بالفرق بين ما يستحقه فعلا وما أداه له المشغل، وهذه الإمكانية تساعد أيضا مفتش الشغل على مراقبة أجور الأجراء والمنافع المترتبة عنها[81].
وهذه الورقة تثبت أداء الأجر المسجل فيها، ومع ذلك لا يعتبر تنازلا من الأجير عن حقه في الأجر وتوابعه القبول الصادر منه لورقة الأداء المتضمنة للوفاء بالأجر دون احتجاج أو تحفظ، ويسري هذا الحكم ولو ذكر الأجير في ذيل الوثيقة عبارة «قرئ وصودق عليه» متبوعة بإمضائه[82]، وفي المقابل فإن عدم توفر الأجير على هذه الورقة يفيد عدم توصله بالأجرة. وتزكية لهذا المقتضى فقد عاقب المشرع المشغل بغرامة من 300 إلى 500 درهم عن عدم تسليمه لأجرائه هذه الورقة، أو عدم تضمينها البيانات المحددة من لدن السلطة الحكومية المكلفة بالشغل[83].
وتعتبر هذه الورقة حجة كتابية كافية لإثبات علاقة الشغل أو غيرها إذا ما أدلى بها الأجير إلى المحكمة. وكل استبعاد لها من طرف هذه الأخيرة يجعل قضاءها مجانبا للصواب. وهذا ما قررته محكمة النقض في قرارها الصادر بتاريخ 02 دجنبر 2009[84] الذي جاء فيه: «.. حيث تبين صحة ما نعته الوسيلة على القرار ذلك أن إثبات عقد الشغل متيسر بكافة وسائل الإثبات طبقا لأحكام المادة 18 من مدونة الشغل، والثابت من وثائق الملف إدلاء الطاعنة بأوراق أداء الأجر عن أشهر أكتوبر ونونبر ودجنبر 2006 ويناير 2007 تحمل اسم شركة الإتحاد الصناعي التجاري والبحري المعروفة اختصارا (C.I.C.M) كما أدلت بأوراق استشفاء صادرة عن شركة التأمين السعادة تسوية لمصاريف علاج أنفقتها خلال سنة 2006 وبداية سنة 2007 ثم بمراسلة صادرة عن وكالة تأمين الثقة بتاريخ 22/12/2005، تشير جميعها إلى المتعاقد شركة الإتحاد الصناعي التجاري والبحري وإلى الطاعنة بصفتها مستفيدة من التأمين، وهي وثائق لم تكن محل أي طعن وتعود لآخر فترة عمل قبل انتهاء العلاقة، والـــقرار باستبعاده أوراق أداء الأجر بعلة أنها مجرد مطبوع لا يحمل توقيع المشغلة وبعدم أخذه بأوراق العلاج بدعوى أنها لا تفيد التزامها بالتأمين ورغم عدم منازعة المعنية بالأمر يكون قد خرق مقتضيات المادة 370 من المدونة التي لم تحدد لأوراق أداء الأجر شكلا معينا ولم تجعل من توقيعها شرطا لصحتها كما لم يطبق ما نص عليه الفصل 400 من قانون الالتزامات والعقود الذي جاء فيه : (إذا أثبت المدعي وجود الالتزام، كان على من يدعي انقضاءه أو عدم نفاذه تجاهه أن يثبت ادعاءه) وأنه – القرار- باستناده للقول بعدم قيام أية علاقة شغل بين الطاعنة والمطلوبة الأولى شركة الاتحاد الصناعي التجاري والبحري إلى التصريح بالأجور لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من طرف المطلوبة الثانية شركة الرباط النهائي رغم أن هذا التصريح يحمل نفس رقم الانخراط المضمن بأوراق أداء الأجر وصادر عن فرع الصندوق بمدينة القنيطرة حيث المقر الأساسي لشركة الإتحاد الصناعي وليس بمدينة سلا حيث توجد المصرحة، وهو ما يعد قرينة على تبعية الثانية للأولى فضلا عن اشتغال الطاعنة بمقر عمل بسلا يعود أساسا لشركة الإتحاد الصناعي التجاري والبحري التي تستغل به رخصة تعشير تحمل نفس المراجع المضمنة ببطاقة دخول الطاعنة إلى منطقة العبور بالموانئ والمطارات حسب الثابت من هذه البطاقة وبنفيه – القرار- لأية علاقة شغل بين الطالبة وشركة الإتحاد الصناعي التجاري والبحري ورفضه كافة طلباتها لم يجعل لما انتهى إليه سندا قانونيا وخرق المقتضيات القانونية أعلاه فوجب نقضه وإبطاله»[85] وهو ما معمول به في القضاء التونسي كذلك[86].
ثالثا – دفتر الأداء :
تنص المادة 371 من مدونة الشغل على أنه : «يجب على كل مشغل أو من ينوب عنه أن يمسك في كل مؤسسة أو جزء منها أو في كل ورشة دفترا يسمى دفتر الأداء تحدد نموذجه السلطة الحكومية المكلفة بالشغل[87]. بحيث يجب أن يشتمل دفتر الأداء على صفحات مرقمة ومؤرخة وخالية من كل فراغ أو تشطيب ومؤشر عليه من قبل العون المكلف بتفتيش الشغل، كما يجب أن تكون كل صفحات الدفتر مختومة بخاتم المندوبية المكلفة بالشغل»[88] [89] وهذا جاء استجابة لنص المادة 15 من الاتفاقية الدولية للشغل رقم 95 الخاصة بحماية الأجور، والتي تنص على أن القوانين واللوائح المنفذة لأحكام هذه الاتفاقية يجب أن تنص على إمساك سجلات ملائمة وبطريقة مناسبة.
وبخلاف ورقة الأداء التي تظل بحوزة الأجير، فإن دفتر الأداء يعتبر وثيقة تبقى في حوزة المشغل. وفي هذا الصدد يرى بعض الفقه[90] عن حق أن البيانات المضمنة في دفتر وورقة الأداء يجب أن تكون متطابقة حتى لا يكون هناك أي تضارب أو إشكال، وهو ما انتبه إليه المشرع التونسي حينما أوجب ترسيم البيانات المنصوص عليها ببطاقة الأداء بكتاب يعبر عنه بكتاب الدفع[91].
ولأهمية هذا الدفتر وكثرة استعماله في الواقع العملي خاصة فيما يتعلق بإثبات أداء الأجور، فقد أوجب المشرع على المشغل أن يحتفظ به لمدة لا تقل عن سنتين من تاريخ إقفاله[92]، ونظرا لما يعرفه العصر من تطور وسائل التكنولوجيا الحديثة فإن المشغل يمكنه الاستعاضة عنه باعتماد أساليب المحاسبة الميكانوغرافيا أو المعلوماتية أو أية وسيلة أخرى من وسائل المراقبة، شرط أن يراها العون المكلف بتفتيش الشغل كفيلة بأن تقوم مقام ذلك الدفتر، وكيفما كانت الوسيلة التي يستخدمها المشغل لإثبات أداء أجور أجرائه فيجب وضعها رهن إشارة الأعوان المكلفين بتفتيش الشغل، ومفتشي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الذين يمكنهم طلب الإطلاع عليها في أي وقت[93]، لكونها تشكل وسيلة إثبات خاصة فيما يتعلق بأداء الأجور. وهو ما زكاه القضاء الليبي حينما اعتبر أنه: «لا تبرأ ذمة صاحب العمل من أجر العامل إلا إذا وقع العامل بما يفيد استلامه في السجل المعد لذلك، أو في كشوف الأجور أو على إيصال خالص معد لهذا الغرض، وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه على أنه لم يثبت في الدعوى بأي طريقة قيام العامل باستلام أجره طبقا لهذا النص فإنه يكون قد التزم صحيح القانون»[94].
وبخلاف التشريع المغربي الذي لم يلزم الأجير على الإمضاء أمام اسمه بدفتر الأداء، فإن المشرع التونسي جعله إجراء ضروريا بالنسبة للأجير، وإذا كان عاجزا عن الإمضاء أو لا يحسنه يجب أن يثبت الدفع بشهادة شاهدين من اختياره[95].
وهذا يقودنا إلى الإقرار بأن وسائل إثبات الأجر لا تقتصر على ورقة الأداء ودفتر الأداء وإنما يجوز إثبات واقعة الوفاء بالأجر – ما دامت واقعة مادية – بكل وسائل الإثبات المتاحة، كنسخة الشيك والتوصيل الذي يسلمه البنك للمشغل والوثيقة التي تسلمها مصلحة البريد عند بعث أو إرسال حوالة بريدية، على أن مدونة الشغل تطرقت لوسيلة أخرى لإثبات الأجر تتمثل في توصيل تصفية كل حساب، الذي سوف نعمل على معالجته في النقطة الموالية.
وإن عدم مسك دفتر الأداء أو أية وسيلة من وسائل المراقبة المقامة مقامه والمجازة من لدن العون المكلف بتفتيش الشغل، أو مسك دفتر الأداء أو وسيلة المراقبة المذكورة على نحو لا يطابق الأحكام التي حددتها السلطة الحكومية المكلفة بالشغل، أو عدم الاحتفاظ بدفتر الأداء أو بالوثائق التي تقوم مقامه خلال المدة المحددة، أو عدم وضع دفتر الأداء أو ما يقوم مقامه رهن إشارة الأعوان المكلفين بتفتيش الشغل ومفتشي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، يجعل المشغل يتلقى غرامة من 300 إلى 500 درهم مع تكرار عقوبات الغرامة بتعدد الأجراء الذين لم تراع في حقهم احترام هذا المقتضى على ألا يتجاوز مجموع الغرامات 20000 درهم[96].
رابعا – توصيل تصفية الحساب:
إذا كانت مسألة إعطاء التعريفات هي مسألة من اختصاص الفقه فإنه في بعض الأحيان يخرج المشرع عن المألوف ويتصدى لبعضها كما هو الشأن بالنسبة ل : «توصيل تصفية كل حساب» الذي عرفه في الفقرة الأولى من المادة 73 من مدونة الشغل بأنه هو: «التوصيل الذي يسلمه الأجير للمشغل، عند إنهاء العقد لأي سبب كان وذلك قصد تصفية كل الأداءات اتجاهه»[97] بحيث يتضمن جميع المبالغ التي صرفت للأجير مثل الأجر وتوابعه وكذا التعويضات المرتبطة بعقد الشغل كالتعويض عن الأقدمية والعطلة السنوية، وهو دليل على ما يتضمنه من أداء الأجر أو عدمه[98]، ونظرا لنجاعته في إثبات أداء الأجور فقد حرص المشرع على أن يتضمن تحت طائلة البطلان مجموعة من البيانات هي التالية :
- المبلغ المدفوع بكامله قصد التصفية النهائية للحساب، مع بيان مفصل للأداءات،
- أجل سقوط الحق المحدد في ستين يوما، مكتوب بخط واضح تسهل قراءته،
- الإشارة إلى كون التوصيل محرر في نظيرين يسلم أحدهما للأجير،
يجب أن يكون توقيع الأجير على التوقيع مسبوقا بعبارة (قرأت ووافقت) .
يجب إذا كان الأجير أميا أن يكون توصيل تصفية كل حساب موقعا بالعطف من قبل العون المكلف بتفتيش الشغل، في إطار الصلح المنصوص عليه في المادة 532 أدناه»[99].
وفي هذا الصدد صدر قرار محكمة النقض المغربية الآتي نصه: «لكن لا يكفي القول بأن المادة 74 من المدونة تنص على البيانات التي يجب توفرها في وصل تصفية الحساب لترتيب عليه أجل 60 يوما لإقامة الدعوى بل يتعين ذكر البيانات التي يجب أن تتوفر في الوصل المذكور المعتمد من طرف المحكمة حتى يمكن للمجلس الأعلى من ممارسة رقابته بشأن التطبيق السليم للقانون مما تكون معه الوسائل المستدل بها غامضة فهي غير مقبولة»[100].
وفي الواقع فإن الأجير على الرغم من كونه لم يعد تحت سلطة المشغل، فإنه يوقع بسهولة على التوصيل[101] السابق الذكر من أجل الإسراع في الحصول على التعويضات المستحقة له أو لضمان حصوله على شهادة عمل خاصة إذا كان الشغل الجديد يحقق له مزايا أكثر. وهو ما انتبه إليه المشرع المغربي عندما أعطى للأجير إمكانية التراجع عن التوصيل خلال الستين يوما التالية لتوقيعه، وهي المدة التي منحها المشرع للأجير لكي يفكر في هدوء[102] لأنه قد تكون له مستحقات أخرى مازالت عالقة بذمه المشغل، وإثبات التراجع عن التوصيل يجب أن يكون إما بإبلاغ المشغل بواسطة رسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل أو برفع دعوى إلى المحكمة، ولا يعتد بالوسيلة المثبتة للتراجع، إلا إذا حدد فيها الأجير مختلف الحقوق التي مازال متمسكا بها[103]، وحتى يكون التراجع عن التوصيل صحيحا فإنه يجب على الأجير أن يبين فيه مختلف الحقوق التي يطالب بها[104]. ولما سمح المشرع للأجير بالتراجع عن التوصيل الذي سبق أن أبرأ من خلاله ذمة مشغله فمن الأولى اعتبار كل إبراء أو صلح طبق للفصل 1098 من قانون الالتزامات والعقود يتنازل فيه الأجير عن أي أداء وجب لفائدته بفعل تنفيذ العقد أو بفعل انتهائه باطلا[105]. لهذا فكل ما يوقع عليه الأجير من تنازل أو يتراجع عنه بخصوص التوصيل المذكور يحوله من توصيل بتصفية كل الحساب إلى مجرد وثيقة بالمبالغ المبينة فيه[106].
خامسا- شهادة الشغل[107] :
تعتبر شهادة الشغل من الوثائق التي يجب على المشغل أن يسلمها للأجير عند انتهاء عقد الشغل تحت طائلة أداء تعويض، باعتبارها حجة كتابية يستعيض بها الأجير عن كل إثبات. وهذا ما قضت به محكمة النقض في قرارها المؤرخ في 23/01/2008[108] الذي جاء فيه : «… شهادة العمل التي تحمل عبارة بطاقة الشغل المستمرة الصادرة عن المشغلة تعتبر حجة كتابية تغني الأجير عن كل إثبات ولا يمكن معارضتها بشهادة الشهود كما لا يمكن دحضها إلا بحجة مماثلة لها وهي تفيد استمرارية العمل».
ونظرا للأهمية التي تحظى بها هذه الشهادة لدى الأجير فقد أوجب على المشغل أن يسلمها داخل أجل أقصاه ثمانية أيام[109]. وبالنسبة للبيانات التي يجب أن تتضمنها، فهي تقتصر على ذكر تاريخ التحاق الأجير بالمقاولة أوالمؤسسة الشغلية، وتاريخ مغادرته لها، ومناصب الشغل التي شغلها، وهذا لا يمنع اتفاق الطرفين على تضمينها بيانات أخرى تتعلق بالمؤهلات المهنية للأجير، وبما أسدى من خدمات للمؤسسة[110]. وهذه البيانات المشار إليها أعلاه لها أهمية كبيرة عند وقوع نزاع شغلي بين طرفي العلاقة الشغلية تجعل القاضي وهو بصدد البت في النزاع يضبط ظروف النزاع ويتوفر بالتالي على معلومات كافية تؤهله للبت في القضية الشغلية المعروضة عليه[111].
وللخصوصية التي تتميز بها هذه الشهادة ضمن وسائل الإثبات المتاحة في المادة الشغلية، فإن المشرع حرص على جعلها غير خاضعة لرسوم التسجيل ولو اشتملت على بيانات أخرى غير تلك المحددة بالفقرة الثانية من المادة 72 من مدونة الشغل، ويشمل الإعفاء الشهادة التي تتضمن عبارة «حر من كل التزام» وأية صياغة أخرى تثبت إنهاء عقد الشغل بصفة طبيعية[112].
وتجدر الإشارة إلى أن هذه الشهادة تحمل ولا تطلب، ومتى طلبها الأجير فإن المشغل يلتزم بمنحها له داخل الأجل المحدد سالفا، كيفما كانت الطريقة التي انتهى بها عقد الشغل وكيفما كان نوع العقد المذكور.
وإذا رفض المشغل منحها للأجير فإن هذا الأخير يستحق تعويضا[113] عن التماطل تقدره المحكمة بما لها من سلطة تقديرية، وفي هذا صدر حكم المحكمة الابتدائية بأكادير بتاريخ 14/03/2011 الذي جاء فيه : «وحيث إن تسليم شهادة العمل لفائدة المدعي يقتضي من المدعى عليها القيام بعمل، مما يكون طلبه الرامي إلى إجباره على تنفيذ ذلك بواسطة غرامة تهديدية له ما يبرره وتحددها المحكمة تبعا لذلك في إطار سلطتها التقديرية في مبلغ 100.00 درهم عن كل يوم تأخير عن التنفيذ تحتسب من تاريخ ثبوت امتناع المدعى عليها عن التنفيذ»[114].
وتجدر الإشارة إلى أن التماطل يثبت بجميع وسائل الإثبات مادام يشكل في حد ذاته واقعة مادية، وبالإضافة إلى هذا التعويض المدني فإن المشرع أبى إلا أن يكفل أداء هذه الشهادة بمقتضيات زجرية متمثلة في معاقبة المشغل المتقاعس عن أدائها بغرامة من 300 إلى 500 درهم، وذلك عند عدم وضعه هذه الشهادة رهن إشارة الأجير أو عدم تضمينها بيانا من البيانات المنصوص عليها في الفقرة الثانية من المادة 72 من مدونة الشغل، أو عن عدم تسليمها له داخل الأجل المحدد في نفس المادة، ويتكرر تطبيق الغرامة بحسب عدد الأجراء الذين لم تراع في حقهم أحكام المادة أعلاه على ألا يتجاوز مجموع الغرامات مبلغ 20.000 درهم[115].
سادسا – مقرر الفصل:
والمقصود به الرسالة الموجهة إلى الأجير من طرف مشغله يخبره فيها بفصله عن الشغل[116] [117]، وهذا المقرر بالإضافة إلى كونه يعد وسيلة لإثبات العلاقة الشغلية، فإنه يتيح للقضاء عند عرض النزاع عليه مراقبة مدى احترام مسطرة الفصل، حيث يجب قبل التجاء المشغل لفصل أجيره من الشغل أن يتيح له فرصة الدفاع عن نفسه بالاستماع إليه من طرفه
أو من ينوب عنه وبحضور مندوب الأجراء أو الممثل النقابي بالمقاولة الذي يختاره الأجير بنفسه، وفي هذا الصدد اعتبر القضاء المغربي ممثلا في محكمة النقض أن عدم تقيد المشغل بمسطرة تبليغ مقرر الفصل التأديبي يجعله مسؤولا عن فسخ عقد الشغل بصفة تعسفية، ولا حاجة لإجراء بحث من طرف محكمة الموضوع للتأكد من حصول الخطأ الجسيم من عدمه[118]، وذلك داخل أجل لا يتعدى ثمانية أيام من التاريخ الذي تبين فيه ارتكاب الفعل المنسوب إليه، ويعتبر هذا الأجل من النظام العام الاجتماعي الذي يترتب عنه البطلان – لكونه مقرر لصالح الأجير- على اعتبار أن عقد الشغل قد أنهي من طرف المشغل بصفة تعسفية – وليس أجلا تنظيميا – وهو ما سارت عليه محكمة النقض في كثير من قراراتها نذكر منها القرار[119] الآتي نصه:
«… حيث تبين صحة ما عابه الطاعن على القرار ذلك أنه من الثابت من وثائق الملف أن المطلوبة وبعدما رفض الطالب القيام بالمنصبين المسندين إليه وجهت له بتاريخ 26/12/2006 وفي إطار المادة 62 من مدونة الشغل استدعاء قصد الاستماع إليه على أساس أن امتناعه عن القيام بالمنصبين المذكورين يشكل خطأ جسيما ،علما بأن قرار تعيينه بالمنصب الثاني قد توصل به بتاريخ 30/11/2006 حيث وقع على توصله به كما سجل تحفظه حول ذلك عند توقيعه، وبذلك تكون المشغلة ملزمة بتطبيق المسطرة من تاريخ الرفض وهو ما يفيد أن المطلوبة كانت على علم بهذا الرفض منذ هذا التاريخ، إلا أن المطلوبة لم توجه للطالب الاستدعاء قصد الاستماع إليه إلا بتاريخ 26/12/2006، أي بعد أكثر من ثمانية أيام مع أن المادة 62 من مدونة الشغل قد نصت على أنه : (يجب قبل فصل الأجير أن تتاح له فرصة الدفاع عن نفسه بالاستماع إليه من طرف المشغل، وذلك خلال أجل لا يتعدى ثمانية أيام ابتداء من التاريخ الذي تبين فيه ارتكاب الفعل المنسوب إليه …) مما تكون معه وبعدم احترامها لهذا الأجل قد خرقت مقتضيات المادة المذكورة التي وردت بصيغة الوجوب، وما ترتب عن ذلك من اعتبار الطرد الذي تعرض له الطالب طردا تعسفيا، غير أن المحكمة المطعون في قرارها اعتبرت هذا الأجل هو تنظيمي فقط مع أن المادة 62 صريحة في وجوب احترامه، كما خلصت إلى أن الطالب لم يعبر عن رفضه للمنصبين إلا بتاريخ 20/12/2006، ورغم تحفظه السابق وعدم التحاقه بأخذ المنصبين المذكورين، مما تكون معه قد بنت قرارها على تعليل ناقص وعرضته للنقض».
ويحرر محضر في الموضوع من قبل إدارة المقاولة أو المؤسسة يوقعه الطرفان وتسلم نسخة منه إلى الأجير[120] ولا ينتهي هذا الإجراء إلا بتوجيه نسخة منه إلى العون المكلف بتفتيش الشغل[121]، وإثبات توصله به تحت طائلة اعتبار الفصل تعسفيا من جانب المشغل. وهذا ما اعتمدته محكمة النقض في قرارها بتاريخ 02 شتنبر 2009[122].
سابعا – المراسلات الجارية بين طرفي عقد الشغل:
هذه المراسلات قد تكون بواسطة الرسائل والبرقيات والإنذارات، وقد تكون بواسطة وسائل الاتصال الحديثة كالتلكس[123] والفاكس، فمثلا قد يؤدي المشغل أجور الأجراء عن طريق التحويلات البنكية أو البريدية، وقد يصدر أوامرا لأجرائه بأداء أشغال معينة بواسطة الهاتف أو الفاكس أو البريد، وقد يوجه إنذارا لأحد أجرائه لحمله على الرجوع إلى العمل. وقد اعتبرت محكمة النقض أن بقاء الإنذار الموجه من طرف المشغل إلى الأجير بالرجوع إلى الشغل بدون جدوى يثبت واقعة المغادرة التلقائية للأجير من عمله، ورتبت على ذلك اعتبار فسخ العقد قد أتى من جانبه وأنه لا يمكن للأجير الذي توصل بالإنذار نفي المغادرة التلقائية عن طريق الدفع بأنه التجأ إلى القضاء للفصل في النزاع، باعتبار أن رفع الدعوى من عدمه لا يؤثر في شيء على نتيجة الإنذار بالرجوع، والتي تتحقق منها محكمة الموضوع[124].
وصفوة القول فكل هذه المراسلات تصلح أن تكون وسائل لإثبات علاقة الشغل
أو أداء الأجر، وهي متاحة للطرفين معا سواء المشغل أو الأجير .
ثامنا – بطاقة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي:
إن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يسلم المشغل الذي يقوم بعملية تسجيل أجيره بطاقة تحمل الاسم الكامل للأجير المسجل وعنوانه وتاريخ انخراطه وبيانات أخرى، يجعل من البطاقة المذكورة وسيلة إثبات كتابية خاصة فيما يتعلق بإثبات العلاقة الشغلية[125]، وهي ما اعتمدته الغرفة الاجتماعية بمحكمة الاستئناف بالرباط في قرارها المؤرخ في 08 يونيو 2010[126] لإثبات هذه العلاقة حينما اعتبرت العلاقة الشغلية ثابتة بين الطرفين بمقتضى شهادة أداء المشغلة للواجبات الدورية لانخراط الأجير لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. وهو ما أيدته محكمة النقض في قرارها بتاريخ 26 يناير 2012 جاء في القرار[127] : «… وحيث إنه خلافا لما تمسكت به المستأنفة فإن العلاقة الشغلية ثابتة بين الطرفين طيلة المدة المشار إليها في المقال الافتتاحي بمقتضى شهادة أداء المستأنفة للواجبات الدورية لانخراط المستأنف عليه لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والتي تبرز بشكل واضح أداء المستأنفة لواجبات الانخراط بشكل منتظم ابتداء من مارس 1989 إلى غاية 31/12/2003، وأن هذه وثيقة رسمية لا يطعن فيها إلا بالزور، وعلى ذلك تكون ما عابته المستأنفة على الشهادة أعلاه غير مبنية على أساس قانوني سليم ويتعين بالتالي اعتمادها في إثبات العلاقة الشغلية مادام أن المشرع قد ترك إثبات هذه العلاقة بجميع وسائل الإثبات… وحيث تبعا لما هو مفصل يبقى الحكم المستأنف واجب التأييد في جميع ما قضى به» .
تاسعا – الشواهد الطبية:
إن الشهادة الطبية المعتبرة قانونا هي التي تكون عبارة عن تقرير بسيط يعطى من طرف الطبيب المختص إلى المريض بناء على طلبه أو طلب مخدومه أو طلب المصلحة الموظف فيها، يذكر فيه نوع المرض أو العاهة التي أصابته ومدة المعالجة اللازمة والإجازة المرضية أو الإعفاء من الحضور أمام المحكمة أو من الأعمال العامة، أو يذكر بها أنه تخلفت عنه عاهة مستديمة نتيجة إصابة، ولا حاجة لحلف اليمين بالنسبة لهذه الشهادة، ويجب أن تكون حقيقية غير مبالغ فيها وبريئة من الغرض أو التحيز أو الفائدة الشخصية، ومحتوية على اسم ومحل إقامة الطبيب والمريض وتاريخ الفحص وتاريخ تحريرها، مع وصف موجز للمرض والمدة التي تقدر للتغيب من الشغل بسبب عدم القدرة على العمل. وهذا لا يعني أن المشغل يمكنه الطعن فيها أمام المحكمة لكونها لا تعدو أن تكون إلا شهادة مجاملة، فتكون المحكمة ملزمة بعرض الأجير على خبرة طبية مضادة للتأكد من صحتها، بل إن المحكمة بما لها من سلطة تقديرية في هذا المجال يمكنها أن تأمر بخبرة ثانية إذا شكت في صحتها. ويترتب على إيداع الأجير شهادة طبية لدى إدارة المؤسسة أو المقاولة المشغلة له غل يد هذه الأخيرة عن اتخاذ أي إجراء في حقه كالفصل من العمل، وكل إجراء من هذا النوع يجعل الفصل مشوبا بالتعسف لكون التغيب عن الشغل في هذه الحالة جاء مبررا بشهادة طبية. وهو ما جاء به قرار محكمة النقض بتاريخ 14/01/2009[128] عنـدما اعتبر أن الأجير تقيد بما يوجبه الفصل 114 من مرسوم 24/02/1998 حينما سلم لمشغله شهادة طبية لمدة ستة أشهر التي أكد صحتها المجلس الصحي وجعل عزله من الشغل قبل انتهاء الرخصة المرضية متصفا بالطابع التعسفي. وبالتالي أيد القرار الذي قضى بإرجاعه إلى الشغل. وهو أيضا ما قضت به محكمة النقض الجزائرية لما أيدت الحكم القاضي بعدم ارتكاب الأجيرة لأي خطأ لأن سبب غيابها كان للعلاج الطبي المثبت بشهادات طبية[129].
عاشرا – شهادة مفتش الشغل:
عمل المشرع المغربي إسوة بالتشريع المقارن على خلق هيئتين مختلفتين في علاقات الشغل هيئة قضائية وأخرى إدارية[130] متمثلة في مفتشية الشغل الذي أناط بها مجموعة من الاختصاصات[131]. وفي المقابل خولها عدة سلطات[132] من أجل كفالة قيامها بواجباتها على الوجه الأكمل. ومن بين مهام هؤلاء المفتشين نجد إجراء محاولات التصالح في مجال نزاعات الشغل الفردية[133]، مما يخولهم صلاحية الإطلاع على سجلات المشغلين، وقد يحدث أن تكون المندوبية التي يشتغلون فيها هي التي قامت بتشغيل أحد الأجراء عند مشغل ما، وهو يساعدهم على تسليم شواهد موقعة من قبلهم يشهدون فيها على قيام علاقة الشغل.
وقد اعتد القضاء المغربي بشهادة مفتش الشغل، وهذا ما قضت به محكمة النقض في قرار لها جاء فيه: «…إن محكمة الموضوع كانت على صواب حين أسست حكمها على الشهادة الصادرة عن مفتشية الشغل، تلك الشهادة التي تثبت بصورة واضحة ظروف استقالة المدعي بمحض إرادته…»[134]
وهذا النوع من الشواهد يدخل في إطار الأوراق الرسمية مادام ينطبق عليها التعريف الذي أضفاه المشرع على الورقة الرسمية في الفقرة الأولى من الفصل 418[135] من قانون الالتزامات والعقود.
وإذا كانت الورقة الرسمية حجة قاطعة حتى على الغير في الوقائع والاتفاقات التي يشهد الموظف العمومي الذي حررها بحصولها في محضره، وذلك إلى أن يطعن فيها بالزور[136]، فإن هذه الشواهد وإن كانت تعتبر أوراقا رسمية فإنها مع ذلك لا يمنحها القضاء هذه الصفة حينما اعتبرها في أحد قراراته خاضعة لتقييم السلطة التقديرية لقضاة الموضوع[137].
بقي أن نورد تمييزا بين هذه الشواهد وأوراق المعلومات المسلمة من قبل مفتشية الشغل، فالشواهد الأولى تشهد بالقطع على قيام علاقة الشغل وتكون موقعة من لدن مفتشية الشغل بخلاف الأوراق الثانية التي تتضمن فقط بعض المعلومات وطلبات الأجير حيث يسلمها مفتش الشغل عقب فشل محاولة الصلح، وعلى العموم فهي عبارة عن مطبوع يتضمن في ديباجته عبارة «سلمت للأجير بطلب منه وتحت عهدته ومسؤوليته» وهي عبارة تنم بالقطع على أن مفتش الشغل نفسه لا يسلم بها، مما يجعلها غير كافية في إثبات عقد الشغل.
بقي أن نشير إلى أنه عند تعدد وسائل الإثبات في واقعة معينة فإن إبعاد أحدها من طرف المحكمة لا يؤدي بالضرورة إلى إبعاد وسيلة الإثبات الأخرى، وبعبارة أخرى أكثر دقة فإن عدم شرعية دليل ما لا يؤدي إلى عدم شرعية دليل آخر. وهذا ما يستشف من القرار الصادر عن الغرفة الاجتماعية بمحكمة النقض الصادر بتاريخ 08/12/1999، ففي هذا القرار عاب مجموعة من الأجراء على قرار محكمة الاستئناف عدم وجود سبب حقيقي وجدي لفصلهم من الشغل بناء على ما جاء به نظام المراقبة عن بعد، الذي تم وضعه من قبل المشغل بدون علمهم، إلا أن محكمة النقض أيدت القرار الاستئنافي على أساس أن الدليل على التصرفات الخاطئة للأجراء لم يتم إثباته فقط عبر نظام المراقبة عن بعد بل أيضا بواسطة ثلاثة من أعوان الأمن الذين كانوا شهودا مباشرين على هذه التصرفات. ففي هذه الحالة كانت شهادة الشهود باعتبارها وسيلة إثبات كافية بالنسبة للقضاة من أجل بيان حقيقة التصرفات الخاطئة للأجراء[138].
وخلاصة القول، فإن المشرع المغربي أبان بحق عن تشبعه بفلسفة قانون الشغل واستيعاب روح مبادئه، حينما أطلق العنان لطرفي العلاقة الشغلية لإثبات المقتضيات التي تهم كلا منهما، بشتى وسائل الإثبات المتاحة في القانون بمفهومه الشامل، شعاره في ذلك «مبدأ حرية الإثبات» المقنن في المادة 18 من مدونة الشغل. وهذا الموقف التشريعي هو بالفعل ما زكاه القضاء المغربي على اختلاف مستوياته، مما ساعد على الارتقاء بعلاقات الشغل نحو التطور الإيجابي.
[1] – Magdalena Tekely. Le particularisme des modes de preuve en droit du travail. diplôme d’Etudes Approfondies de droit privé. université de Nancy 2. faculté de Droit, Sciences Economiques et Gestion. Année universitaire 2001-2002, p 1.
[2] – الإثبات يوحي بروح الحقيقة كما قال الفقيه دوما domat الذي سلط الضوء على العلاقة بين مفهوم البينة ومعنى الحقيقة، ذلك أن فكرة الإثبات ترتبط بفكرة الحقيقة، وعليه فإن الإثبات هو حق يتم تقديمه من أجل الوصول إلى الحقيقة، وفي الواقع فإن المسألة ليست بهذه البساطة لأن العلاقة بين حق الإثبات ومفهوم الحقيقة تبقى علاقات أكثر غموضا وتعقيدا، وحق الإثبات ليس مقصودا به البحث عن الحقيقة بل هو موضوع لفائدة السلطات القضائية لشرعنة قراراتها في شكل قواعد تميل إلى البحث الموضوعي عن الحقيقة. وإثبات حق ما يعني إظهاره ليس كحق قطعي الثبوت ولكن كحق محتمل الوجود، والحقيقة القضائية تكون بذلك حقيقة من الدرجة الثانية، حيث إنها يمكن أن تكون مختلفة عن الحقيقة الموضوعية والواقعية.
Magdalena Tekely. OP. CIT. P 2
[3] – وهو ما نص عليه في المادة L121-1 من قانون العمل الفرنسي التي تنص على ما يلي:
«Le contrat de travail est soumis aux règles du droit commun .il doit être constaté dans les formes qu’il convient aux parties contractantes d’adopter… »
وهو ما نص عليه في الفقرة الثانية من الفصل السادس من مجلة الشغل التونسية الذي تنص على أنه:»يثبت وجود عقد الشغل بجميع وسائل الإثبات»، وهو أيضا ما نص عليه في المادة 10 من قانون العمل الجزائري رقم 90/11 المؤرخ في 21/04/90 والمتعلق بعلاقات العمل التي تنص على أنه : «يمكن إثبات عقد العمل أو علاقته بأية وسيلة كانت» وهذا بخلاف المادة 32 من قانون العمل المصري رقم 12 لسنة 2003 التي تنص على أنه : «يلتزم صاحب العمل بتحرير عقد العمل كتابة باللغة العربية من ثلاث نسخ يحتفظ صاحب العمل بواحدة ويسلم نسخة للعامل وتودع الثالثة بمكتب التأمينات الإجتماعية…» أي أنه في هذا القانون لا يكون إثبات عقد الشغل إلا كتابة.
[4] – إلا أن هناك حالات لا يجوز فيها إثبات عقد الشغل إلا كتابة، منها ما ضمن بمدونة الشغل كعقد الشغل المبرم مع وكيل متجول أو ممثل أووسيط في التجارة والصناعة (المادة 79 من م. ش) وعقد شغل أجير مغربي سيعمل بالخارج (المادة 512 من م. ش) وعقد شغل أجير أجنبي سيعمل بالمغرب (المادة 516 وما يليها من م. ش) أما الحالات المنصوص عليها خارج مدونة الشغل فنذكر منها عقد الشغل المبرم بين المقاول الفني والفنان طبقا للقانون رقم 99-71 المتعلق بالفنان الذي دخل حيز التنفيذ بواسطة الظهير الشريف رقم 1.03.113 بتاريخ 19 يونيو 2003 (المادة 6 من القانون رقم 71-99) وعقد الشغل المبرم بين البحار والمجهز (الفصل 167 من الظهير الشريف المؤرخ في 19 مارس 1919 المتعلق بالتجارة البحرية) وعقد الشغل المبرم بين مالك العمارة والبواب (الفصل 8 من المرسوم رقم 1-76-069 الصادر بتاريخ 08 أكتوبر 1977 بشأن تطبيق الظهير الشريف رقم 1-7-258 بمثابة قانون يتعلق بتعهد البنايات وتخصيص مساكن للبوابين في البنايات المعدة للسكنى).
[5] – قرار ع 1336 في الملف الاجتماعي ع 1501/5/1/2008. منشور بنشرة قرارات المجلس الأعلى المتخصصة. الغرفة الاجتماعية. م.س. ص 9.
[6] – الملاحظ أن توجه محكمة النقض السابق كان يخضع عقد الشغل لحرية الإثبات بالنسبة للأجير فقط دون المشغل، وهذا ما يتبين من القرار الاجتماعي رقم 10 في الملف ع 46332 بتاريخ 27/01/1975 (غير منشور) الذي جاء فيه: «لكن حيث إنه بمقتضى الفصل 723 من قانون الالتزامات والعقود، فإن عقود العمل يمكن إثباتها من طرف العامل وحده بجميع وسائل الإثبات بما في ذلك شهادة الشهود… وحيث إن الحكم المطعون فيه، عندما اعتمد شهادة الشهود كحجة لإثبات علاقة العامل برب العمل، قد طبق مقتضيات الفصل المشار إليه أعلاه تطبيقا سليما مما تكون معه وسيلة الطاعن غير مرتكزة على أساس…»
قرار أورده محمد الكشبور. إنهاء عقد الشغل. م.س. ص227.
[7] – وهذا ما أقره القضاء التونسي جاء في قرار لمحكمة التعقيب التونسية ع10246 بتاريخ 14/05/1984( نشرية القسم المدني لسنة 1984 ج.1 ص 30) الآتي نصه: «يجوز إثبات الوقائع المادية الناشئة عن عقد الشغل بجميع وسائل الإثبات» وفي قرار ع 44315 بتاريخ 10نونبر 1994(نشرية محكمة التعقيب لسنة 1994 القسم المدني ص 123) جاء
فيه : «و لئن نص الفصل 6 من مجلة الشغل على أن عقد الشغل يثبت بجميع وسائل الإثبات دون تحديدها فإن الفصل 427 من مجلة الالتزامات والعقود تكفل بذلك وتنص على أن البيانات المقبولة قانونا خمسة ومن بينها القرينة وتأسيسا على ذلك فإن عقد الشغل يمكن إثباته حتى بالقرائن على معنى الفصل 479 من نفس المجلة» وهو أيضا ما معمول به في القضاء المصري جاء في قرار محكمة النقض المصرية ع 7537 بتاريخ 14/02/1973: «إذا نتجت دعوى مدنية شغلية عن دعوى جزائية جاز للمحكمة أن تثبتها بكل الوسائل تطبيقا للفقرة الأخيرة من الفصل 6 من قانون الشغل وخاصة بالقرائن القانونية ومنها شهادة الشهود الواقع سماعها على غير طريقة الفصل 92 م.م.ت» .
أشار إلى ذلك محمد الهادي بن عبد الله. مجلة الشغل. م.س.ص30-31.
أنظر في نفس الاتجاه موقف محكمة النقض الجزائرية الذي جاء فيه:«حيث ينعى الطاعن على القرار المطعون فيه أن قضاة الموضوع قد أخطأوا وخالفوا أحكام المادة 61 من ق. إ. م كونهم رفضوا الأمر بإجراء تحقيق لإثبات الواقعة المدعى عليها بسماع شهادة الشهود مادام أن التحقيق منتجا في الدعوى ومادام أن علاقة العمل يجوز إثباتها بأية وسيلة وأنه قدم محضر إثبات حالة محرر يوم 20/10/92 يفيد سكنه في المزرعة المطعون ضدها وإقامته هناك ومباشرته للحراسة كما قدم تصريحات شرفية للأشخاص ليتم سماعهم حول واقعة إثبات علاقة العمل وقدم أيضا محضر معاينة محرر بتاريخ 19/12/95 يفيد استمرار علاقة العمل… وحيث من الثابت قانونا أن علاقة العمل يجوز إثباتها بأية وسيلة طبقا للمادة 10 من قانون 90/11 المؤرخ في 21/04/90 والمتعلق بعلاقات العمل… وحيث إن قضاة الموضوع استبعدوا الحجج المقدمة لهم دون استناد لأي أساس قانوني إذ أن المادة 61 من قانون الإجراءات المدنية تسمح لهم بإجراء تحقيق لإثبات علاقة العمل وبذلك يكونون أخطئوا في تطبيق القانون مما يجعل هذا الوجه مؤسس ويتعين نقض القرار المطعون فيه» قرار رقم 197381 بتاريخ 06/06/2000.
فراح محمد الصالح/نبيل صقر. تشريعات العمل نصا وتطبيقا (النصوص التشريعية والتنظيمية الخاصة بالعدل/اجتهاد المحكمة العليا) مكتبة ووراقة الهدى الجزائر. ط2009. ص 318-319.
[8] – إن الإثبات في قانون الشغل يبقى محكوما بالقواعد المنصوص عليها في القانون المدني، إلا أن هذا القانون الأخير يرتكز على المساواة الشكلية بين الأطراف بينما هذه المساواة لا تتوفر في قانون الشغل لأن علاقة الشغل هي سلطة ترتكز على التفاوت بين أطراف عقد الشغل، وهذا التفاوت بين الأطراف يعود في أصله إلى التبعية القانونية التي يخضع لها الأجير. وعليه فإن نظام الإثبات كما أقره القانون المدني يبقى غير ملائم لمتطلبات قانون الشغل، لأنه لا يمكن لقانون الشغل أن يفترض فيه التساوي بين طرفي العلاقة الشغلية وإنما طبيعة هذا القانون جعلت المشرع يكيف نظام الإثبات المعمول به في القانون المدني وفقا لطبيعته.
Magdalena Tekely. OP. CIT. P 2-8
[9] – الفصل 404 من ق.ل.ع والذي يقابله الفصل 1376 من القانون المدني الفرنسي، وعموما فإن هذه الوسائل ليست لها نفس المكانة في نزاعات الشغل، حيث إذا كانت القرائن وشهادة الشهود كثيرة الاستعمال في منازعات الشغل فإن اليمين والإقرار يكادان يكونان منعدمين في هذا المجال.
[10] – عرف Aubry وRau الإقرار في شكله التقليدي كتصريح بمقتضاه يعترف طرف بصحة واقعة تترتب عنها نتائج قانونية ضده، وفي نفس السياق يمكن تعريفه بأنه قبول شخص بواقعة من شأنها أن تنتج ضده آثارا.
Aubry,Rau.droit civil. tome XII,ss751.p 91
[11] – ينص الفصل 443 من ق.ل.ع المعدل والمتمم بالقانون رقم 53.05 على ما يلي : «الاتفاقات وغيرها من الأفعال القانونية التي يكون من شأنها أن تنشئ أوتنقل أو تعدل أو تنهي الالتزامات أو الحقوق، والتي يتجاوز مبلغها
أو قيمتها عشرة آلاف درهم لا يجوز إثباتها بشهادة الشهود. ويلزم أن تحرر بها حجة رسمية أو عرفية، وإذا اقتضى الحال ذلك أن تعد بشكل إلكتروني أو توجه بطريقة إلكترونية».
[12] – الفصل 405 من ق.ل.ع.
[13] – الفصل 406 من ق.ل.ع.
[14] – نقض مصري بتاريخ 1/5/1990. طعن ع 509. س. 55 ق. على الموقع www.f-law.net. أطلع عليه بتاريخ 03/06/2012
[15] – قرار ع 243. ملف ع 2409/1/4/2006. منشور بنشرة قرارات المجلس الأعلى. نشرة متخصصة. الغرفة المدنية .ج 1. سل1. مطبعة الأمنية الرباط 2009. ص 29 وما يليها.
[16] – عبد الرزاق أحمد السنهوري (تنقيح المستشار أحمد مدحت المراغى ) الوسيط في شرح القانون المدني. ج2 : إثبات آثار الالتزام. منشأة المعارف بالإسكندرية للنشر. ط 2004. ص 432 وما يليها.
[17] – الفقرة الأولى من المادة 407 من ق.ل.ع.
[18] – عبد الرزاق أحمد السنهوري. م.س. ص 439.
[19] – قرار صادر عن الغرفة الاجتماعية بمحكمة النقض المغربية ع 34 بتاريخ 23 أبريل 1973 في الملف ع 38028. قرار غير منشور.
[20] – سواء كان صريحا أو ضمنيا، كتابيا أو شفويا، في مجلس القضاء أو غيره.
[21] – كأن يقر المشغل بوجود علاقة شغل بينه وبين أجيره ويختلف معه في الأجرة المحددة له.
[22] – خالد لشهب / خديجة زاهر. الإثبات في نزاعات الشغل الفردية. رسالة نهاية التمرين بالمعهد العالي للقضاء. الفترة التدريبية 2000-2002. ص 13- 14 .
[23]– Magdalena Tekely. OP. CIT. P 25 et suiv
[24] – الفصل 417 من ق.ل.ع المعدل والمتمم بالقانون رقم 05-53.
[25] – المادة 32 من قانون العمل المصري رقم 12 لسنة 2003.
[26] – طبقا للمادة1-121L من مدونة الشغل الفرنسية فإن عقد الشغل يمكن إثباته وفق الشكل الذي يحدده طرفا العلاقة الشغلية، وقد سمح الاجتهاد القضائي هناك بإنشاء عقد الشغل شفويا، إلا أنه رغم هذه الحرية الكبيرة التي يتمتع بها الأطراف فيجب على المشغل طبقا للقرار الأوربي الصادر بتاريخ 19/10/1990 والذي دخل حيز التنفيذ بتاريخ فاتح يوليوز 1993 أن يخبر الأجير كتابة بالعناصر الأساسية للعقد، وهذه الوثيقة المتضمنة لعناصر العقد يجب تسليمها للأجير في ظرف لا يتعدى شهرين من بداية التشغيل، إلا أن العقد ليس مرتبطا بتسليم هذه الوثيقة، والاجتهاد القضائي يقبل إثبات عقد الشغل بحجج جزئية غير كاملة، إذ يعتبر حالة التبعية التي يكون فيها الأجير تجعل من المستحيل عليه الإثبات بحجة كتابية على غرار ما أقره الفصل 1348 من القانون المدني الفرنسي، ويمكن تعضيد هذا الإثبات الجزئي بشهادة الشهود أو بأدلة أخرى، كرسالة الفصل التي تتضمن التزامات الأطراف، وهكذا تم دحض الحكم الإستئنافي القاضي بأن رسالة الفصل تدل على وجود علاقة شغل دون التحقق من وجود علاقة تبعية بين المدعي والمشغل.
Magdalena Tekely. OP. CIT. P 8-9-10
[27] – الفقرة الأولى من المادة 15 من م.ش.
[28] – الفقرة الثانية من المادة 15 من م.ش.
[29] – قرار ع 523 بتاريخ 21/05/2008 في الملف الاجتماعي ع 737/5/1/2007. منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى. ع 72. مطبعة الأمنية الرباط س 2009. ص 369 وما يليها. جاء في القرار: «… فطالب النقض التمس في مقاله = =
= = الإستئنافي إجراء بحث وأدلى بلائحة الشهود لكي يثبت ما تمسك به من كونه يعمل لدى مشغلته (المطلوبة في النقض) بصفة مستمرة ودون انقطاع. إلا أن محكمة الإستئناف عندما نصت بأنه: (لا داعي لإجراء بحث عن طبيعة العمل لكون عقد العمل المدلى به عقد موسمي ومؤقت ومبصم عليه من طرف الأجير الذي لم يطعن بصفة جدية في البصمة، وأن ورقة الأداء تحمل صفة مؤقتة …) مع أنه من جهة فإن التوقيع بالبصمة لا يشكل إمضاء يلزم صاحبه وكان على المحكمة أن تستبعد التوقيع الذي تحمله. ومن جهة أخرى فإن إبرام عقد الشغل كتابة، غير منتج لأثره القانوني، مادام لم يتم المصادقة على صحة إمضائه من قبل الجهة المختصة عملا بالمادة 15 من مدونة الشغل. ولما كانت المنازعة انصبت أساسا على الصفة التي يعمل بها الأجير، لدى مشغلته (عامل قار أو مؤقت) فإنه باستبعادة ذلك العقد – بناء على التعليل المذكور – في إثبات الصفة التي يعمل بها طالب النقض لدى مشغلته تكون كذلك ورقة الأداء المترتبة عنه غير عاملة في إثبات تلك الصفة. وبالتالي فإن المحكمة لما ردت إجراء البحث، اعتمدت في الإثبات على عقد باطل غير منتج لأثره القانوني، يكون قرارها المطعون فيه غير مرتكز على أساس قانوني سليم، وناقص التعليل المنزل منزلة انعدامه مما يعرضه للنقص».
[30] – الشهادة هي تقرير حقيقة أمر توصل الشاهد إلى معرفته بعينه أو بإذنه، ويطلق عليها في بعض التشريعات كالتشريعين اللبناني والسوري«البينة»، ومن تم أصبح للفظة البينة معنيان : أولهما يفيد الدليل بوجه عام كما في القول إن البينة على من ادعى، والثاني هو الذي يدل على الشهادة كوسيلة من وسائل الإثبات، فالشهادة إذن تقرير للواقع ودحض للافتراء وإنارة لسبيل العدالة، فهي بذلك ذات أثر بالغ في تحسين الحياة وتقرير الصلات القويمة بين الأفراد.
إدريس العلوي العبدلاوي. وسائل الإثبات في التشريع المدني المغربي .المطابع الفرنسية والمغربية. الرباط .س 1410-1990. ص 96.
[31] – محمد سعد جرندي. الإثبات في قضايا نزاعات الشغل بين التشريع والقضاء بالمغرب. التقرير السنوي للمجلس الأعلى. محكمة النقض. م.س. ص99.
[32] – وهذا النوع من الشهادة يكون لصالح المشغل. وفي المقابل فإن الكثير من الأجراء يكتمون الشهادة إذا كانت لصالح الأجير خوفا من انتقام المشغل، مما دفع بعض الفقه الفرنسي إلى اقتراح تعزيز إجراءات حماية الشهود. وفي الواقع العملي فإن هذا الإجراء يستفيد منه الأجراء الذين يدلون بشهادتهم فقط في إطار التحـرش الجنسـي = =
= = أو التمييز، إلا أن هذا الإجراء يتعارض مع مبدإ أساسي من مبادئ المحاكمة ألا وهو مبدأ الوجاهية الذي لا يضمن فقط محاكمة عادلة بل يوفرالضمانات على جدية ومصداقية الإثبات.
Magdalena Tekely. op. cit .p 25
[33] – القرار ع. 186 بتاريخ 11 فبراير 2009 في الملف ع. 619/5/1/2008. قرار غير منشور.
[34] – المقصود هنا بالأغيار هم الشهود الذين لا تربطهم بطرفي الدعوى أية عداوة أو قرابة أو مصاهرة أو علاقة تبعية، وشهادتهم ليست محط أي انتقاد أو إبعاد من طرف المحكمة أو ذوي المصلحة في النزاع متى توفرت فيهم شروط الشهادة المعتبرة قانونا. وهذا ما تضمنه قرار محكمة الاستئناف بمكناس ع 3752 الصادر بتاريخ 26 نونبر 1996 في الملف ع 2902 /96 الذي ورد فيه مايلي: «حيث ركز المستأنف استئنافه على الدفع بكون شهادة الشهود متضاربة فيما يخص تحديد مكان العمل ومدته وبدايته ونهايته وإن شهادتهم مبنية على السماع ولا تقوم حجة على إثبات علاقة الشغل لأنهم لم يعاينوا المدعية وهي تشتغل بمحل الطاعن…و حيث إنه بالرجوع إلى تصريحات الشهود نجد أنهم أكدوا جميعا معاينتهم للمدعية المستأنف عليها وهي تدخل إلى مقر عملها لدى المستأنف باستمرار ولمدة طويلة حددها الشاهد الأول في 14 سنة والثاني في 15 سنة والثالثة في 13 سنة، وهذا يشكل تعارضا باعتبار أن كل واحد من الشهود حدد المدة التي عاين خلالها المدعية وهي تعمل لدى المستأنف وذلك بحسب معرفته لها… وحيث أثبت الشهود بما لا يدع مجالا للشك عمل المستأنف عليها لدى المستأنف لمدة تفوق 12 شهرا بصفة دائمة ومستمرة، وبذلك تبقى علاقة الشغل ثابتة بين الطرفين ويكون فصل الأجيرة من عملها بدون مبرر طردا تعسفيا».
[35] – وليس في غيره كالشهادة التي يتلقاها المفوض القضائي ويضمنها في محضر الإستجواب، فهذه لا يعتد بها لكونها لا تعدو أن تكون مجرد تصريحات مستجوبين فضلا عن أن المفوض القضائي غير مخول لتلقي الشهادة (قرار محكمة النقض المغربية ع 1008 بتاريخ 29/10/2008 في الملف الاجتماعي ع 1092/2007. منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى. ع71. مطبعة الأمنية الرباط. س2009. ص 384).
[36] – محمد سعد جرندي. الإثبات في قضايا نزاعات الشغل بين التشريع والقضايا بالمغرب. م.س. ص 101 ومايليها.
[37] – قرار منشور بمجلة المحاكم المغربية .ع مزدوج 137/138. مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء. شتنبر/ دجنبر 2012. ص261.
[38] – حكم المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء. ع 236 بتاريخ 29 أكتوبر 1984 في الملف الاجتماعي ع 2447/82.غير منشور.
[39] – جاء في قرار محكمة الاستئناف بمكناس ع 813 بتاريخ 24/03/1996 في الملف ع 6166/05/91 الآتي نصه:«….
وحيث إن محكمة الدرجة الأولى اعتمدت في إثبات علاقة الشغل على شهادة الشاهد الذي شهد بأن المدعي كان يعمل مع المدعى عليه منذ سنة 1987 ولمدة سنة ونصف حيث كان يعمل في الحفر غير أنه لا يعرف سبب توقفه عن العمل كما أنه يجهل طبيعة العمل. وحيث إن طبيعة العمل هي التي ينازع بشأنها المدعى عليه المستأنف وأنه أمام نفي هذا الأخير لعلاقة التبعية فإنه لا يوجد من بين وثائق الملف وعناصره ما يحمل على القول بقيام علاقة الشغل بين الطرفين مادام الشاهد المذكور قد شهد بجهله بطبيعة العلاقة التي كانت تربط المدعي بالمدعى عليه، والحكم الابتدائي الذي اعتمد شهادة الشاهد في إثبات علاقة الشغل على علتها وقضى لفائدة المدعي بالتعويضات المترتبة عن علاقة شغل بإرادة منفردة من جانب المشغل يكون قد جانب الصواب مما يتعين معه إلغاؤه». حكم غير منشور.
[40] – هذا المصطلح يستعمل في التشريع الفرنسي للتعبير عن الشخص الذي يؤازر الأجير، كإجراء جوهري في مسطرة الإستماع إلى هذا الأخير عندما يدعي مشغله أنه ارتكب خطأ جسيما.
[41] – راجع بخصوص هذه الآراء الفقهية : Magdalena Tekely. OP. CIT. P 22
للتوسع في هذا الموضوع أنظر كذلك:
– سامي العش. الاثبات في مادة عقد الشغل حسب فقه قضاء محكمة التعقيب. مجلة القضاء والتشريع. ع 6. س 2009. ص 120 ومايليها.
– لمياء الزرقوني.عبء الاثبات في المادة الشغلية. مجلة القضاء والتشريع. ع 4.س 2007. ص 29 ومايليها.
[42] – وهذا النوع من الإثبات في حقيقة الأمر يبقى ضعيفا، ويستدعي الحيطة والحذر في التعامل معه، وعلى سبيل المثال قرر القضاء الفرنسي عدم إضفاء القوة الثبوتية على شهادة إحدى الأجيرات التي ثبت أنها كانت بإيعاز من نائب المشغل، حيث ذهبت محكمة الاستئناف بنانسي أن هذا الطلب يمثل ظرفا خاصا يشكل ضغطا على الأجيرة.
أشارت إلى ذلك :
Magdalena Tekely. OP. CIT. P 21
[43] – الفصل 449 من ق.ل.ع
[44] – أحمد عبد الرزاق السنهوري. الوسيط في شرح القانون المدني. ج2. م.س. ص 313.
[45] – الفصل 450 من ق.ل.ع.
[46] – هذه الشروط هي المنصوص عليها في الفصل 451 من ق.ل.ع الذي ينص على ما يلي : « قوة الشيء المقضي لا تثبت إلا لمنطوق الحكم، ولا تقوم إلا بالنسبة إلى ما جاء فيه أو ما يعتبر نتيجة حتمية ومباشرة له. ويلزم :
1 – أن يكون الشيء المطلوب هو نفس ما سبق طلبه،
2 – أن تؤسس الدعوى على نفس السبب ،
3 – أن تكون الدعوى قائمة بين نفس الخصوم ومرفوعة منهم وعليهم بنفس الصفة.
ويعتبر في حكم الخصوم الذين كانوا أطرافا في الدعوى ورثتهم وخلفاؤهم حين يباشرون حقوق من انتقلت إليهم منهم باستثناء حالة التدليس والتواطؤ»
[47] – الفصل 453 من ق.ل.ع.
[48] – القرار ع 709 الصادر بتاريخ 26 غشت 2010 في الملف الاجتماعي ع1064/05/01/2009. منشور بمحلة قضاء المجلس الأعلى. ع 73. مطبعة الأمنية الرباط. س 2011. ص 268 وما يليها.
[49] – الفصل 455 من ق.ل.ع.
[50] – اليمين هي تصريح صادر عن الأطراف أنفسهم، ويمكن تعريفها بأنها تصريح رسمي يؤكد من خلالها كل طرف صحة واقعة لصالحه.
أشارت إلى ذلك : Magdalena Tekely. OP. CIT. P 28
[51] – أحمد نشأت. رسالة الاثبات.ج الثاني: الاقرار. اليمين.القرائن بما في ذلك قوة الشيء المحكوم به. المعاينة. ط السابعة. دار الفكر العربي القاهرة.1972. ص 69.
[52] – قرار رقم 1726 بتاريخ 23/11/1983 م.ق.ع .ج 2. ص 124.
أشار إليه: عبد العزيز توفيق. موسوعة قانون المسطرة المدنية والتنظيم القضائي. ج2: قواعد المسطرة في الدعاوى المدنية والتجارية والأسرية والإدارية (دراسة مقارنة ) ط 3. مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء. س 1432ﻫ/2011 م. ص 273 .
[53] – قرار شرعي ع 85 بتاريخ 17/02/1981 م.ق.م.ع (1966 -1989 ) ص 31. نفس المرجع أعلاه. نفس الصفحة .
أنظر في نفس الصدد قرار محكمة النقض المصرية. طعن مصري رقم 7 لسنة 38 بتاريخ 27/02/1973 ص 276-277. نفس المرجع أعلاه: «اليمين المتممة إجراء يتخذه القاضي من تلقاء نفسه رغبة منه في تحري الحقيقة ليستكمل به دليلا ناقصا في دعوى، وهذه اليمين إذا كانت لا تحسم النزاع، إلا أن للقاضي بعد حلفها أن يقضي على أساسها باعتبارها مكملة لعناصر الإثبات الأخرى القائمة في الدعوى ليبني على ذلك حكمه في موضوعها أو في قيمة ما يحكم به».
[54] – قرار ع 205 بتاريخ 30/10/1990 م.ق.م.ع المدني. ص 785. ط 1985. نفس المرجع أعلاه. ص 276 .
[55] – قرار محكمة النقض المصرية. طعن مصري رقم 429 بتاريخ 22/03/1973. عبد العزيز توفيق. موسوعة قانون المسطرة المدنية والتنظيم القضائي .ج2. م.س.ص 278.
[56] – قرار ع 2932 بتاريخ 25/09/2002 في الملف المدني ع 120/1/02. نفس المرجع أعلاه. ص 276.
[57] – عبد الرزاق أحمد السنهوري. الوسيط في شرح القانون المدني. ج2.م.س.ص 476-477.
[58] – جاء في قرار محكمة الاستئناف بالرباط بتاريخ 08/07/1999 ما يلي: «توجيه اليمين الحاسمة بخصوص نقطة نزاع والاحتكام إليها -اليمين- لا يبقى أي مجال لطرح وسائل بديلة عنها ويفقد المحكمة صلاحية اعتماد أي مبدأ قانوني غيرها أو مناقشة وسائل إثبات أخرى»
أنظر في نفس الصدد حكم المحكمة الابتدائية بمكناس بتاريخ 04/12/2006 تحت ع 2752 في الملف المدني ع 237/2006 : «اليمين الحاسمة تنهي النزاع ولو كيف على أساس قانوني مخالف».
محمد بفقير. قانون المسطرة المدنية والعمل القضائي المغربي (قانون المسطرة المدنية مع آخر التعديلات). ع. الخامس. ط الثانية. منشورات دراسات قضائية. مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء 2009. ص 153.
[59] – قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ 01/03/2000 تحت ع 330 في الملف التجاري 4154/92. نفس المرجع أعلاه. ص 151.
[60] – أنظر في نفس الصدد قرار محكمة النقض المصرية بتاريخ 07/04/1949. طعن مصري رقم 200 : «اليمين الحاسمة ملك الخصوم، للخصم أن يوجهها متى توافرت شروطها مهما كانت قيمة النزاع. ولو كان الغرض منها إثبات ما يخالف عقدا مكتوبا ولو رسميا إلا فيما يجوز الطعن فيه إلا بالتزوير، ومن تم يكون متعينا على القاضي أن يجيب طلب توجيهها، إلا إذا ظهر له أن طالبها متعسفا في طلبه»
عبد العزيز توفيق. موسوعة قانون المسطرة المدنية والتنظيم القضائي.م.س. ص 276 .
[61] – جاء في قرار محكمة التمييز الأردنية ( تمييز أردني رقم 798 بتاريخ 23/07/1987 م .ع .ف. ق. ع 10 ) : «تتعلق اليمين بضمير الحالف ووجدانه فلا يجوز توجيهها إلا للخصم الأصلي في الدعوى الذي يتمتع بالأهلية اللازمة لحلفها، وعليه فلا يجوز توجيهها للوكيل أو من ينوب عن فاقد الأهلية … إلا مما صدر عنه من أفعال»
عبد العزيز توفيق. موسوعة قانون المسطرة المدنية والتنظيم القضائي.ج 2.م.س. ص 278.
[62] – الفصل 58 من ق.م.م .
[63] – عبد الرزاق أحمد السنهوري. الوسيط في شرح القانون المدني.ج 2.م.س.ص 476 .
[64] – الفقرة الأولى من الفصل 88 من ق.م.م (الذي غير بمقتضى الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.93.206 بتاريخ 22 ربيع الأول 1414 الموافق ل 10 شتنبر 1993).
[65] – قرار ع 271. ملف ع 2001/2/3/1240. منشور على الموقع adala.justice.gov.ma.. أطلع عليه بتاريخ 03/07/2012.
[66] – جاء في قرار محكمة التعقيب التونسية الآتي نصه: « اعتبار توجيه اليمين الحاسمة بشأن الأجرة غير الخالصة ليس من طرف الحكم المطعون فيه ولا يعد خرقا لأحكام الفصل 497 من مجلة الالتزامات والعقود ما دام القانـون = =
== يوجب على المؤجر تسليم بطاقات للعملة في أجورهم ( الفصل 143 من مجلة الشغل ) » قرار تعقيبي مدني ع 1448 مؤرخ في 17 يناير 1994 نشرية محكمة التعقيب لعام 1994 -القسم المدني- ص 162 .
منشور في: محمد الهادي بن عبد الله. مجلة الشغل .م.س. ص 206.
[67] – قرار محكمة النقض المصرية .طعن رقم423 بتاريخ 12/04/1962. وارد في مؤلف عبد العزيز توفيق. موسوعة قانون المسطرة المدنية والتنظيم القضائي.ج2 .م س .ص 277.
[68] – أنظر في هذا الصدد قرار محكمة النقض الصادر بتاريخ 30/10/1980 تحت ع 205 في الملف المدني ع 65682 الذي جاء فيه :
«كان على المحكمة وقد رأت أن توجه هذه اليمين بحكم تمهيدي أن تبين فيه الوقائع التي ستلقى اليمين بشأنها وتسجل بعد ذلك تأدية هذه اليمين قبل الفصل في النزاع».
محمد بفقير. قانون المسطرة المدنية والعمل القضائي المغربي .م س. ص 154.
أنظر كذلك القرار الصادر عن محكمة النقض المغربية بتاريخ 07/01/1997 تحت ع 92 في الملف المدني ع 1502/97 الذي ورد فيه: «تعتبر اليمين إجراء من إجراءات التحقيق ويعتبر الحكم الصادر بشأنها حكما تمهيديا لا يقبل الطعن إلا مع الحكم في الموضوع» نفس المرجع أعلاه. ص155.
[69] – قرار محكمة النقض المصرية. طعن رقم 340 جلسة 25/03/1980 .نفس المرجع أعلاه .ص 279.
[70] – قرار تعقيبي مدني ع 1448 مؤرخ في 17 يناير 1994 نشرية محكمة التعقيب لعام 1994. القسم المدني ص 162.
منشور في مؤلف محمد الهادي بن عبد الله .مجلة الشغل .م.س.ص 206.
[71] – و في هذا الصدد قضت محكمة النقض في قرارها ع 565 بتاريخ 13 ماي 2009 في الملف ع 942/5/1/2008 أنه عند اختلاف الطرفين المتنازعين في مقدار الأجر السنوي الذي تقاضاه المصاب عن السنة السابقة للحادثة يجوز اللجوء إلى خبرة حسابية، جاء في القرار:
«… لكن حيث إن المحكمة وعن صواب وبعد اختلاف الطرفين في مقدار الأجر السنوي الذي تقاضاه المطلوب عن السنة السابقة للحادثة قررت إجراء خبرة حسابية لتحديد الأجر السنوي، وبالفعل أنجز الخبير المعين تقريره بالإعتماد على سجلات المشغلة وعلى كافة الوثائق وانتهى في تقريره إلى تحديد الأجر الذي تقاضاه المصاب عن السنة السابقة للحادثة وجاء تقريره جامعا مانعا مستوفيا للشروط الشكلية والموضوعية مما حدا بالمحكمة بالمصادقة عليه والأخذ به، وهو ما يدخل في إطار السلطة المخولة لقضاة الموضوع في الأخذ بوسائل الإثبات وعلى هذا الأساس ردت لائحة الأجور المقدمة من طرف الطاعنين لمخالفتها لواقع الحال، والمحكمة لم تخرق أي مقتضي قانوني وجاء قرارها مطابقا لما ينص عليه الفصل 120 من ظهير 6-2-1963 والوسيلة لا سند لها»
قرار منشور بنشرة قرارات المجلس الأعلى المتخصصة. الغرفة الاجتماعية .ج7. م.س. ص 128.
[72] – جاء في قرار لمحكمة النقض ع 136 بتاريخ 12/02/2006 الآتي نصه : «… اعتماد محكمة الموضوع في ثبوت مادية حادثة الشغل على المعاينة الودية التي لم تنازع فيها المشغلة، وعلى توصل الضحية بالتعويضات اليومية من شركة التأمين وهي من الأمور التي تدخل في إطار سلطتها التقديرية…الأمر بإجراء خبرة طبية يدخل في إجراءات تحقيق الدعوى والمحكمة تملك حق اتخاذه متى رأت ذلك لازما من أجل معرفة حقيقة الأضرار اللاحقة بالضحية»
قرار منشور بأعمال المائدة المستديرة الرابعة حول مدونة الشغل وتطبيقاتها العملية. م س.ص 132.
[73] – مرسوم رقم 2.04.422 صادر في 16 من ذي القعدة 1425 (29 دجنبر 2004) بتحديد البيانات التي يجب أن تتضمنها بطاقة الشغل. والمنشور بالجريدة الرسمية ع 5279 بتاريخ 3 يناير 2005. ص 15.
[74] – المادة الأولى من المرسوم أعلاه
[75] – بشرى العلوي. الفصل التعسفي للأجير على ضوء العمل القضائي. (دراسة ميدانية ودليل للعمل معزز بأحدث الإجتهادات القضائية) دار النشر المغربية. الدار البيضاء. 2007. ص 289 .
أنظر في هذا الصدد قرار محكمة النقض ع. 741 المؤرخ في 10/06/2009 في الملف الاجتماعي ع. 1068/5/1/2008. الذي جاء فيه:
«ومن جهة ثانية، فإن الثابت من مقال استئناف المطلوبة نعيها على الحكم الإبتدائي عدم أخذه بشهادة شهودها لإثبات مغادرة المطلوب عمله تلقائيا وكذا استبعاده بطاقات الشغل المثبتة للطبيعة الوقتية للعمل بعلة أنها من صنعها وأنها هي من أدلت بها مما يجعل الاستئناف منصبا على الأمرين معا لا على المغادرة وحدها خلافا لما جاء بالوسيلة، ومحكمة الاستئناف بما لها من سلطة في تقدير شهادة الشهود المدعمة ببطاقات شغل تحمل الصفة المؤقتة للطاعن والتي لم تكن محل أي طعن جدي بما يحدده القانون اعتبرته عاملا غير رسمي وهو ما لا يستحق معه ما حكم به ابتدائيا من تعويض عن الإخطار والفصل وكذا شهادة العمل فقضت برفض الطلب بشأنها مما يجعل قرارها بما انتهى إليه معللا بما فيه الكفاية والوسيلتان لا سند لهما»
قرار منشور بمجلة المحاكم المغربية.ع. مزدوج 137/138.شتنبر/دجنبر2012. مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء.ص235- 236-237.
[76] – تنص المادة 25 من م. ش على أنه: «يعاقب بغرامة من 300 إلى 500 درهم عن الأفعال التالية :
– عدم تسليم بطاقة الشغل أو عدم تجديدها وفق الشروط المنصوص عليها في المادة 23،
– عدم تضمين بطاقة الشغل أي بيان من البيانات المحددة بنص تنظيمي،
يتكرر تطبيق الغرامة بحسب عدد الأجراء الذين لم تراع في حقهم أحكام المادة 23، على ألا يتجاوز مجموع مبلغ الغرامات 20000 درهم . = =
= = يعاقب بغرامة من 2000 إلى 5000 درهم عن عدم اطلاع الأجراء لدى تشغيلهم على البيانات المنصوص عليها في المادة 24 أعلاه وعلى كل تغيير يطرأ عليها .
تضاعف الغرامة المترتبة على مخالفة مقتضيات المادة 324 في حالة العود، إذا تم ارتكاب الفعل داخل السنة الموالية لصدور حكم نهائي».
[77] – جعل قانون 04/03/1981 الفرنسي تسليم هذه الورقة إلى الأجير من طرف المشغل إجراء إلزاميا من أجل تفادي النزاعات المتعلقة بتسديد الأجور، وهذه الورقة لا تكون إثباتا على تسديد الأجر في جميع الأحوال، لهذا أوجب على المشغل بصفته مدينا بأجر أجرائه أن يثبت الأداء الفعلي للمبالغ الواردة في هذه الورقة التي تشكل فقط قرينة بسيطة على واقعة الأداء، وقد أعطى الإجتهاد القضائي الفرنسي لهذه الوثيقة قوة إثباتيه لصالح الأجير، وذلك باعتبارها كبداية حجة كتابية صادرة عن المشغل أو كقرينة بسيطة تشير أن الأجير اشتغل في مؤسسة معينة في وقت محدد. كما كان نفس الإجتهاد يعتبر تسليم هذه الورقة إلى الأجير من قبل المشغل وقبولها من طرف الأول بدون اعتراض بمثابة الأداء الفعلي للمبالغ الواردة في هذه الوثيقة وتشكل قرينة بسيطة على الأداء، إلا أنه تراجع عن موقفه هذا وقرر أنه ولو تم تسليم هذه الورقة إلى الأجير وفق الشكل والضوابط المعمول بها وقبولها من طرف هذا الأخير، فعلى المشغل أن يبين أنه نفذ فعلا التزامه المتمثل في أداء الأجر
Magdalena Tekely. OP. CIT. P 12
[78] – تنص الفقرة الأولى من الفصل 143 من مجلة الشغل التونسية (المنقحة بالقانون ع 62 لسنة 1996 المؤرخ في 15 يوليوز 1996) على أنه : «يجب على المؤجر أن يسلم لعملته بمناسبة دفع أجورهم حجة تسمى بطاقة الخلاص».
[79] – قرار وزير الشغل والتكوين المهني رقم 346.05 الصادر في 29 من ذي الحجة 1425 ( 9 فبراير 2005) بتحديد البيانات التي يجب أن تتضمنها ورقة الأداء. منشور بالجريدة الرسمية ع 5300 بتاريخ 17 مارس 2005 ص 990.
[80] – المادة الأولى من القرار أعلاه، وهذه المادة تتقاطع فيما يخص البيانات التي تضمنتها مع الفقرة الثانية من الفصل 143 من مجلة الشغل التونسية.
[81] – محمد غزيول برادة .إشكالية الأجر وتوابعه في النزاعات العمالية. الندوة الثانية للقضاء الاجتماعي. فبراير 1992. منشورات المعهد الوطني للدراسات القضائية. س 1993. ص 108
[82] – الفقرة الثانية من المادة 37 من م.ش. أنظر في هذا المعنى الفصل 145 من مجلة الشغل التونسية (المنقح بالقانون ع 62 لسنة 1996 والمؤرخ في 15 يوليوز 1996) الذي جاء فيه : « تسلم العامل بطاقة خلاصه بدون احتجاج وتحفظ منه، لا يعتبر تخليا من طرفه عن خلاص كامل الأجر أو جزء منه وعن الغرامات وما يضاف للأجر من منح استحقها عملا بالأحكام القانونية أو الترتيبية أو التعاقدية أو الأحكام الناشئة عن الإتفاقيات المشتركة أو القرارات التحكيمية أو قرارات اللجان الجهورية للشغل الفلاحي. كما لا يجوز اعتبار هذا القبول كحساب موقوف وخالص».
[83] – الفقرة السادسة من المادة 375 من م.ش .
[84] – قرار ع 1336 ملف ع 1501/5/1/2008. منشور بنشرة قرارات المجلس الأعلى المتخصصة. الغرفة الاجتماعية. م.س. ص 9 وما يليها.
[85] – أنظر في نفس الصدد قرار محكمة النقض ع. 595 المؤرخ في 06/06/2007 في الملف الاجتماعي ع. 13214/5/1/2006:
«لكن حيث إنه فضلا عن أن الإثبات حر في مجال نزاعات الشغل كما أقرت ذلك المادة 18 من مدونة الشغل والتي جاء فيها أنه (يمكن إثبات عقد الشغل بجميع وسائل الإثبات) فإن ورقة أداء الأجر التي أدلى بها المطلوب تعتبر بداية حجة يمكن تعزيزها بشهادة الشهود خاصة وأن المهم في الإثبات هو ثبوت علاقة العمل ومدته بين الطرفين، وأن طبيعته لا تأثير لها على هذه العلاقة فالقيام بعمل السخرة أو بيع الأدوية أو تنظيف الصيدلية كلها أعمال متداخلة على فرض اجتماعها، كما أن قيام المطلوب بأخذها يجعل هذه العلاقة قائمة وقد أكد بعض الشهود قيام المطلوب ببيع الأدوية بينما صرح البعض الآخر بأنه كان يقوم أيضا بالتنظيف، كما أن وثيقة التأمين المتعلقة بالدراجة النارية لا يمكن أن تكون حجة على عدم وجود علاقة الشغل، وأن المحكمة بعدم الجواب عنها تكون قد استبعدتها ضمنيا مما كان قرارها معللا ويبقى ما بالفرع من الوسيلة لا سند له». قرار منشور بمجلة المحاكم المغربية .ع .مزدوج 137/138. م س. ص 288.
[86] – ونورد في هذا الشأن قرارين لمحكمة التعقيب التونسية :
– قرار تعقيبي مدني ع 5943 بتاريخ 14 فبراير 1983 نشرية القسم المدني لسنة 1985 .ج 1. ص 33 : «عامل البناء الذي بيده عدة بطاقات خلاص تفيد عمله الدائم من حظيرة إلى أخرى دون واحدة معينة ولا مدة محدودة فإن الحكم الذي اعتمد في شأن حظيرة معينة وقضى بعدم سماع دعواه يكون قاصر التعليل و مستوجبا للنقض ». أشار إلى ذلك محمد الهادي بن عبد الله.مجلة الشغل .م س. ص 206.
– قرار تعقيبي مدني ع 6214 بتاريخ 13 أبريل 2001 نشرية محكمة التعقيب لسنة 2001 القسم المدني. ج2 .ص 199 : «يكون وجيها الحكم الذي اعتمد الأجر المضمن ببطاقة الخلاص الصادرة لفائدة المعقب ضدها من طرف المعقبة طبق القانون مستبعدة بذلك التصريح الصادر عن هذه الأخيرة لفائدة الصندوق القومي للضمان الاجتماعي المخالف لتلك الحجة والذي لم تطلع عليه المعقبة ولم تصادق عليه صراحة أو ضمنيا ولا يحمل إمضائها وبالتالي لا يمكن محاجتها به طبق الفصل 452 من م.إ.ع».نفس المرجع أعلاه. نفس الصفحة.
[87] – قرار وزير التشغيل والتكوين المهني رقم 347.05 الصادر في 29 من ذي الحجة 1425 (9 فبراير 2005) بتحديد نموذج دفتر الأداء. والمنشور بالجريدة الرسمية ع 5300 بتاريخ 17 مارس2005. ص990. وقد كان هذا الدفتر في ظل المقتضيات السابقة عن مدونة الشغل منظم بالفصل 11 من ظهير 24 يناير 1953 (الفقرتان5 و6 المضافتان بمقتضى ظهير 31 يناير 1961)
[88] – المادة الثانية من القرار أعلاه .
[89] – قد تظهر بعض العناصر الأخرى في ورقة الأداء نتيجة تطور الأعراف، مثل المجموع السنوي للأجور المحصل عليها، العطل المؤدى عنها والساعات الاضافية.
M’hamed EL FEKKAK .Pratique du droit du travail. Imprimerie Najah al Jadida. Casablanca..Ed 2007.P.171.
[90] – الحاج الكوري. مدونة الشغل الجديدة (القانون رقم 99/65-أحكام عقد الشغل ) م ط غ م. م م غ م. س 2004- ص 54.
[91] – الفقرة الأولى من الفصل 144 من مجلة الشغل التونسية .
[92] – المادة 373 من م.ش
[93] – المادة 374 من م.ش
[94] – طعن ليبي رقم 42-21 بتاريخ 18 يناير 1986. وارد في مؤلف محمد الهادي بن عبد الله. مجلة الشغل .م.س -ص 207.
[95] – الفقرة الثانية من الفصل 144 من مجلة الشغل التونسية.
[96] – الفقرتين السادسة والأخيرة من المادة 375 من م.ش.
[97] – وقد كان منظما سابقا بمقتضى الفصل 745 مكرر مرتين من ق.ل.ع المضاف بظهير 6 يوليوز 1945.
[98] – الحاج الكوري. مدونة الشغل الجديدة. م.س. ص 59.
[99] – المادة 74 من م.ش.وتنص المادة 532 من نفس المدونة على الآتي نصه: « تناط بالأعوان المكلفين بتفتيش الشغل المهام التالية :
1/ السهر على تطبيق الأحكام التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالشغل ،
2/ إعطاء المشغلين والأجراء معلومات ونصائح تقنية حول أنجع الوسائل لمراعاة الأحكام القانونية، = =
= = 3/ إحاطة السلطة الحكومية المكلفة بالشغل علما بكل نقص أو تجاوز في المقتضيات التشريعية أو التنظيمية المعمول بها،
4/ إجراء محاولات التصالح في مجال نزاعات الشغل الفردية.
يحرر في شأن هذه المحاولات محضر يمضيه طرفا النزاع، ويوقعه بالعطف العون المكلف بتفتيش الشغل. ويكون لهذا المحضر قوة الإبراء في حدود المبالغ المبنية فيه»
[100] – القرار ع. 49 المؤرخ في 16/01/2008 في الملف الاجتماعي ع. 572/5/1/2007. ص 435. قرار غير منشور.
أنظر في نفس الصدد القرار الآتي الصادر عن نفس المحكمة:
– القرار ع 27 المؤرخ في 09/01/2008 في الملف الاجتماعي ع518/5/1/2007 : «لكن وخلافا لما ورد بالسبب المستدل به للنقض فإن محضر الاتفاق على الصلح النهائي بين الطالبين والمطلوب لا يتضمن توقيع هذا الأخير وبالتالي لم يكن طرفا فيه ومن تم فلا يترتب عليه أثر في مواجهته كما أن وصل تصفية الحساب المستدل به لم تحترم فيه الشكليات اللازمة والمنصوص عليها في الفصل 745 مكرر ثالثا من قانون الالتزامات وخاصة أن يكون مكتوبا بخط يد الأجير وأن يتضمن عبارة “قرئ وصودق عليه” وإن كان أميا استبدل توقيعه بتوقيع شاهدين وميعاد سقوط الدعوى مما يتعين اعتماده مجرد وصل بسيط بما تضمنه من مبلغ وهو ما قررته المحكمة وعن صواب وخصمت المبلغ المضمن بالوصل من مجموع المبالغ المحكوم بها وعلى هذا الأساس جاء القرار معللا والسبب لا سند له».
قرار منشور بمجلة المحاكم المغربية. ع مزدوج 137-138. م س. ص 406.
[101] – موسى عبود .دروس في القانون الاجتماعي .م.س.ص 150 .
[102] – عبد اللطيف خالفي. الوسيط في مدونة الشغل. ج 1. م.س. ص 344 .
[103] – المادة 75 من م.ش.
[104] – موسى عبود. دروس في القانون الاجتماعي .م. س.ص 150.
[105] – الفقرة الثانية من المادة 73 من م.ش.
[106] – الفقرتين الأولى والثانية من المادة 76 من م.ش.
[107] – عرف القرار ع 338036 الصادر عن محكمة النقض الجزائرية بتاريخ 07/06/2006 شهادة الشغل بأنها:« الوثيقة التي تسلم أو تعطى للعامل لكي يثبت النشاط المهني له وذلك بذكر طبيعة العمل أو الوظيفة والمدة التي اشتغل فيها العامل لدى المستخدم فعليا من يوم توظيفه أو تشغيله إلى يوم نهاية علاقة العمل مهما كان سببها».
نبيل صقر/ فراح محمد الصالح. تشريعات العمل نصا وتطبيقا. م. س. ص 368/369.
[108] – قرار ع 90. منشور بأعمال المائدة المستديرة الرابعة حول مدونة الشغل وتطبيقاتها العملية. م.س. ص 138.
[109] – الفقرة الأولى من المادة 72 من م.ش . وتجدر الإشارة إلى أن هذا المقتضى كان منظما بالفصل 745 مكرر والمضاف بظهير 8 أبريل 1938.
[110] – الفقرة الثانية من المادة 72 من م.ش.
[111] – بشرى العلوي. الفصل التعسفي للأجير على ضوء العمل القضائي. م.س. ص 289.
[112] – الفقرة الأخيرة من المادة 72 من م. ش.
[113] – فلئن كانت المادة 72 من م.ش توجب على المشغل تسليم شهادة الشغل للأجير عند انتهاء عقد الشغل لأي سبب من الأسباب تحت طائلة حصول هذا الأجير على تعويض فإن القضاء المغربي اشترط شرطين للحصول
على التعويض هما : 1 – مطالبة الأجير لها 2 – إثبات امتناع المشغل تسليمها له خلال الأجل المحدد في النص القانوني. وهذا ما أكدته محكمة الاستئناف بالدار البيضاء في قرار لها تحت ع 5052 بتاريخ 02 يوليوز 2008 في الملف الاجتماعي رقم 5759/07 الذي ورد فيه : «.. وحيث إن الحكم الابتدائي صادف الصواب فيما قضى به من رفض طلب التعويض عن شهادة العمل لعدم إثبات الأجير مطالبة المشغلة بها وامتناع هذه الأخيرة من تسليمها له مما يتعين معه تأكيده فيما قضى به في هذا الشق» قرار غير منشور. وهو القرار الذي أيدته محكمة النقض المغربية في قرارها ع 892 بتاريخ 21/10/2010 في الملف الاجتماعي ع 1396/5/2009. قرار غير منشور.
[114] – حكم رقم 104 في الملف رقم 712/08. حكم غير منشور.
[115] – الفقرتين السابعة والثامنة من المادة 78 من م.ش.
[116] – بشرى العلوي. الفصل التعسفي للأجير على ضوء العمل القضائي. م.س. ص 290.
[117] – ويجب أن يتضمن مقرر فصل الأجير الأسباب المبررة لاتخاذه، وتاريخ الاستماع إليه، مرفقا بالمحضر المحرر من قبل إدارة المقاولة والموقع من لدن الأجير والمشغل (الفقرة الثانية من المادة 64 من م.ش).
[118] – قرار ع 426 بتاريخ 15 أبريل 2009 في الملف ع 822/5/1/2008: «… لكن لئن كانت الطالبة قد استمعت للمطلوب قصد مواجهته بالخطأ المنسوب إليه طبقا لمقتضيات المادة 62 وما يليها من مدونة الشغل، فإنه وكما = =
= =جاء في تعليل القرار المطعون فيه، مادام هذا الاستماع لم يتم بمحضر ممثل نقابي أو مندوب للعمال يختاره الأجير بنفسه، وكما تنص على ذلك المادة المذكورة أن ما ورد بالوسيلة من أن كلا من بوخنيف حفيظ وعبد الواحد خبوش اللذين حضرا جلسة الاستماع لهما بهذه الصفة إذ لا يشير هذا المحضر إلى أن أحدهما كان يشغل مهمة ممثل نقابي أومندوب للعمال، خلافا لما ورد بالوسيلة، كما أن تعذر تبليغ المطلوب بمقرر الفصل بالبريد المضمون، فإنه كان على الطالبة تبليغه به يدا بيد، مادامت المادة 63 من المدونة تعطيها حق الاختيار بين إحدى هاتين الطريقتين، كما لا يمكن اعتبار حضور المطلوب لجلسة الاستماع بمثابة تبليغ، وأنه في ظل عدم احترام هذه المسطرة بجميع مقتضياتها، فإن المحكمة تكون في غنى عن إجراء بحث للتأكد من الخطأ الجسيم المنسوب للأجير (المطلوب) الذي أكد بأن ما أخبره به المجلس التأديبي هو أنه سيبلغ بالعقوبة التأديبية ولم يتم تحديد نوعها مما يعد مخالفة لصريح المادة 62 من المدونة وهو ما انتهى إليه القرار المطعون فيه وعن صواب ويبقى ما بالوسيلة لا سند له»
– قرار منشور بنشرة قرارات المجلس الأعلى المتخصصة. الغرفة الاجتماعية. م.س. ص 89 .
[119] – القرار ع 1143 الصادر بتاريخ 21 أكتوبر 2009 في الملف ع 1471/5/1/2008. منشور بنفس المرجع أعلاه.
ص 85-86 .
[120] – المادة 62 من م.ش.
[121] – الفقرة الأولى من المادة 64 من م.ش.
[122] – قرار ع 918.ملف ع 1178/5/1/2008. جاء في القرار أعلاه: «… لكن حيث إن إنهاء العلاقة الشغلية بين الطالبة والمطلوب تم خلال سنة 2005 أي بعد دخول مدونة الشغل حيز التنفيذ منذ 08/06/2004 فإن النزاع يخضع لمقتضياتها وقد أوجبت هذه المقتضيات على المشغل عند فصله أجيره لاقتراف أخطاء يعتبرها جسيمة احترام جملة إجراءات حددتها المادتان 62 و63 من المدونة المذكورة بدءا بالاستماع إلى الأجير من طرف المشغل أو من ينوب عنه بحضور مندوب الأجراء أو الممثل النقابي وذلك داخل أجل ثمانية أيام من تاريخ التبين من الأخطاء مع تحرير محضر في الموضوع يوقعه الطرفين وانتهاء باتخاذ مقرر بالفصل يسلم للأجير كما توجه نسخة منه إلى العون المكلف بتفتيش الشغل وفق ما تنص على ذلك المادة 64 من ذات المدونة، والثابت من وثائق الملف أن الطاعنة وإن كانت قد احترمت ما أوجبته المادتان 62/63 أعلاه إلا أنها لم توجه نسخة من مقرر الفصل إلى الجهة المعينة قانونا لتلقي المقرر بدليل عدم إدلائها بما يفيد التوصل بصرف النظر عن كون هذه الجهة هي العون المكلف بتفتيش الشغل
أو مندوب الشغل ما دام التوصل غير ثابت حسب مشتملات الملف خلافا لما جاء بالوسيلة، والقرار لما اعتبر عدم توجيه مقرر الفصل لمن يجب يكون قد طبق مقتضيات المادة 64 المذكورة تطبيقا سليما، ولا تأثير لما جاء بالقرار من كون الطاعنة لم تراع التدرج في العقوبة والذي يعتبر زائدا يستقيم القرار بدونه، مما يجعله سليما فيما انتهى إليه والوسيلتان لا سند لهما».
منشور بنفس المرجع أعلاه. ص 96/97
[123] – أنظر في هذا الصدد قرار محكمة النقض ع. 466 المؤرخ في 30/4/2000 في الملف الاجتماعي ع.1388/5/1/2007، الذي جاء فيه: = =
= = «لكن، من جهة أولى، وخلافا لما نعته الوسائل على القرار فقد ثبت لقضاة الموضوع عدم التحاق الطاعن بعمله بعد قضاء فترة رخصة المرض رغم دعوته للالتحاق بثلاث دعوات – تليكسات – وتوصله بها كما تؤكد ذلك شهادة المكتب الوطني للبريد والمواصلات خلافا لما يدعيه الطاعن الذي كان عليه الاستجابة رغم مرور المدة بين التاريخ المفترض لاستئناف العمل وتاريخ التوصل بالمراسلات، وهو الملزم بإثبات استئناف العمل أو منعه منه لكون وقفه عنه كان بسبب المرض، ومحكمة الاستئناف لما ثبت لديها مغادرة الطاعن لعمله تلقائيا بل والتحاقه بمشغل آخر لم تكن في حاجة لإجراء بحث لإثبات محاولة تخلف المطلوبة في النقض من إجرائها كما طالب بذلك الطاعن ما دامت المشغلة لا يد لها في إنهاء عقد العمل».
قرار منشور بمجلة المحاكم المغربية .ع .مزدوج 137/138.م س.ص272-273-274.
[124] – قرار ع271 بتاريخ 04 مارس2009 في الملف ع 764/5/1/2008. منشور بنشرة قرارات المجلس الأعلى المتخصصة. الغرفة الاجتماعية .م.س.ص 74.
[125] – خالد لشهب/ زاهر خديجة. الإثبات في نزاعات الشغل الفردية. رسالة نهاية التمرين بالمعهد العالي للقضاء. الفترة التدريبية 2000-2002. ص 22.
[126] – قرار ع 514. ملف ع 439/2009. منشور بمجلة القضاء والقانون. ع160. مطبعة الأمنية الرباط. س 2012.
ص 221.
[127] – قرار ع 125 الصادر عن الغرفة الاجتماعية / القسم الأول. ملف ع 141/5/1/2011. قرار منشور بمجلة القضاء والقانون. ع. 160. م.س. ص 212.
[128] – قرار ع 45. ملف ع 237/5/1/2008. قرار غير منشور.
[129] – قرار منشور بالتقرير السنوي للمجلس الأعلى لسنة 2009 (الحماية القانونية والقضائية للبيئة) مركز النشر والتوثيق القضائي بالمجلس الأعلى. مطبعة الأمنية الرباط. س 2010. ص26.
[130] – خصص لها المشرع الكتاب الخامس من مدونة الشغل، وهي مؤطرة بالمواد من 530 إلى 548 من القانون رقم 99/65 بمثابة مدونة الشغل المغربية.
[131] – هذه الاختصاصات هي المنصوص عليها في المادة 532 من م.ش.
[132] – تسهيلا من المشرع على مفتشي الشغل بالاضطلاع بمهامهم على أحسن وجه ممكن خولهم جملة من السلطات هي المنصوص عليها في المادة 533 من م.ش.
[133] – الفقرة الخامسة من المادة 532 من م.ش.
[134] – قرار صادر بتاريخ 10/03/1975 في الملف الاجتماعي ع48997. ورد في مؤلف محمد سعيد بناني. قانون الشغل بالمغرب في ضوء مدونة الشغل .علاقات الشغل الفردية. ج الثاني/ المجلد الثاني. مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء 2007. ص 1096 الهامش رقم 1092.
[135] – عرفت الفقرة الأولى من الفصل 418 من ق.ل.ع الورقة الرسمية بأنها :«الورقة التي يتلقاها الموظفون العموميون الذين لهم صلاحية التوثيق في مكان تحرير العقد، وذلك في الشكل الذي يحدده القانون».
للتوسع في هذا الموضوع أنظر:
– عبد الرزاق أحمد السنهوري (تنقيح المستشار أحمد مدحت المراغى) الوسيط في شرح القانون المدني. ج2 : نظرية الالتزام بوجه عام ( الاثبات/ آثار الالتزام) منشأة المعارف بالإسكندرية للنشر 2004. ص 93 وما يليها.
– إدريس العلوي العبدلاوي. وسائل الإثبات في التشريع المدني المغربي. المطابع الفرنسية والمغربية الرباط. 1410-1990. ص 67 وما يليها.
[136] – الفقرة الأولى من الفصل 419 من ق.ل.ع.
[137] – خالد لشهب / زاهر خديجة .م.س.ص 20-21.
[138] – Magdalena Tekely. OP .CIT. P 20.