فاعلون يرصدون أبرز تحولات السياسات العمومية الأمنية في المغرب

المعلومة القانونية – مصطفى شاكري

“قدّم الإصلاح الدستوري لسنة 2011 الكثير من الأجوبة عن تحولات إنتاج السياسات العمومية الأمنية في المغرب، في محاولة بناء نموذج لهذه السياسات”، هي إحدى خلاصات الندوة الوطنية التي نظمت يوم الخميس بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية، تحت عنوان “الحكامة الأمنية بالمغرب.. الواقع والآفاق”.

جمال حطابي، عميد الكلية سالفة الذكر، قال إن “الندوة الوطنية تسعى إلى إعداد أرضية لتقديم دليل حول الحكامة الأمنية، ثم مواكبة التحولات التي يعرفها المغرب على المستوى السياسي والاجتماعي، فضلا عن رصد وتشخيص واقع حضور مبادئ الحكامة الأمنية بالمغرب”.

وأضاف حطابي، في معرض حديثه عن سياق الندوة، أن “الكلية تسعى إلى رصد أغلب المخاطر المجتمعية التي يعرفها المغرب، ثم محاولة إعداد مقاربة شمولية الحكامة الأمنية وفق نظرية الأمن الشامل، وكذلك إبراز دور التعاون الأمني المغربي في تعزيز وحماية الاستثمار وضمان السلم الاجتماعي، فضلا عن التطرق إلى دور الحكامة الأمنية في تعزيز العلاقات المغربية الإفريقية والأوروبية”.

من جهته، اعتبر سعيد خمري، رئيس شعبة القانون العام بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالمحمدية، أنه “عكس العديد من الدول العربية التي لم يكن بالإمكان أن تطرح فيها إشكاليات الحكامة الأمنية إلا بعد بروز ما يسمى بالربيع العربي، فإن المغرب يكاد من الأمثلة القليلة جدا الذي كانت له الجرأة في إشراك الفاعلين السياسيين والمدنيين في مسألة الحكامة”.

ويرى خمري بأن “الحكامة الأمنية من شأنها تدعيم دولة الحق والقانون، ثم ضمان الحريات والحقوق، حيث دشن هذا المنحى أول خطاب للملك في ثلاثين يونيو سنة 2000، فضلا عن تنصيب هيئة الإنصاف والمصالحة التي أدخلت المغرب في مصاف التجارب الانتقالية الدولية الناجحة”.

ويؤكد أستاذ العلوم السياسية والتواصل السياسي بالكلية ذاتها أن “خطاب الملك يوم تاسع مارس من سنة 2011، في سياق ما يسمى بالربيع العربي، قد تجاوب مع الشارع المغربي، معلنا بذلك عن إصلاحات دستورية هيكلية تهم بنية توزيع السلطة في النظام السياسي المغربي، وتأخذ بعين الاعتبار توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، الأمر الذي تمت ترجمته في الدستور الحالي”.

وشدد المتحدث على أن المغرب “قام بإحداث المجلس الأعلى للأمن، بصفته هيئة للتشاور بخصوص إستراتيجيات الأمن الداخلي والخارجي للبلاد، وكذلك من أجل تدبير الأزمات؛ لأن مسألة الحكامة مرتبطة أساسا بحقوق الإنسان ولا يمكن فصلها عن مسلسل البناء الديمقراطي، والحال أن المغرب أرسى دعائم الحكامة الأمنية، إذ لا يمكن أن تخرج عن هذا السياق، على اعتبار أن الدولة عازمة بعد مرور ثماني سنوات على ترسيخ مبادئ الحكامة الأمنية الجيدة بدون تردد، على الأقل في معالجة ثلاث قضايا كبرى -لا الحصر-، هي مكافحة الإرهاب ومواجهة الهجرة والتجاوب مع الاحتجاجات الاجتماعية”.

في المقابل، أوضح أحمد آيت الطالب، المراقب العام بالمديرية العامة للأمن الوطني، أن “المؤسسة الأمنية تجاوبت بشكل إيجابي مع مبادئ الحكامة الأمنية، التي رسمت في بلادنا بوصفها أحد الأوجه المشرقة للتطور الحقوقي، حيث كانت منعطفا أساسيا تجاوبت معه المؤسسة الأمنية، نزولا عند معطى أنه لا يمكن تطوير حقوق الإنسان وتجسيد قواعد الحكامة بعيدا عن مؤسسات الدولة القوية، التي أناط بها الدستور ضمان سلامة السكان والتراب الوطني في إطار احترام الحقوق والحريات الأساسية للجميع”.

وأبرز آيت الطالب أن “المجال الأمني دعامة أساسية للحقوق والحريات خلافا للمفاهيم التقليدية، التي كانت تعتبر المؤسسة الأمنية كمشتبه فيه بخرق الحقوق والحريات الأساسية، استنادا إلى المبادئ التي رسمها المفهوم الملكي المتجدد للسلطة، موازاة مع المبادئ الأساسية للدستور والتوصيات الختامية لهيئة الإنصاف والمصالحة”.

وأشار المسؤول نفسه إلى أن “المديرية العامة للأمن الوطني قد عملت بتجاوب وتعاون وثيق مع القطاعات الحكومية والمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، من خلال وضع مخطط عمل لإنزال وتجسيد قواعد الحكامة في مختلف جوانبها، لكي تكون قاعدة مؤطرة لهيكلة وتأطير المؤسسة الأمنية، ووضع قواعد ومساطر عمل مصالح الأمنية”.

فاعلون يرصدون أبرز تحولات السياسات العمومية الأمنية في المغرب

واعتبر المتحدث أن “المؤسسة الأمنية تعمل على ضمان تكوين موظفي الأمن على الحقوق، ودعم احترافية ومهنية العمل الأمني، وإشراك المحيط المهني في مسار اتخاذ القرار الأمني، ونشر الإطار القانوني للتنظيم وممارسة العمل الأمني، ثم ضمان عدم الإفلات من العقاب”.

أما محمد الصبار، الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، فقد تحدث أساسا عن الحكامة الأمنية على ضوء توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، وزاد: “إن توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة قد خلصت في تحليلها لانتهاكات حقوق الإنسان، خلال أربعة عقود من الزمن، إلى كونها ترجع إلى عدم احترام القواعد القانونية”.

ويضيف الصبار، في سياق حديثه عن دوافع استمرار وتواتر حالات انتهاك حقوق الإنسان في سنوات الرصاص، بأن “انفلات الأجهزة الأمنية من رقابة البرلمان وعدم إخضاعها لسلطة سياسية واضحة ترتبط أساسا بالحكومة جعلها ترتكب ما ارتكبته خلال سنوات الرصاص”، معتبرا أن “المؤسسة الأمنية، منذ عشر سنوات، صارت ضمن أجندات الجمعيات المدنية، فضلا عن انفتاح مختلف المؤسسات الضبطية على الفاعلين المجتمعيين، إلى جانب تأصيل الوثيقة الدستورية لمفهوم الحكامة الأمنية وإحداث آلية عليا، دون إغفال العديد من المقتضيات الأخرى التي تنص على ربط المسؤولية بالمحاسبة”.

المصدر: موقع هسبريس

قد يعجبك ايضا