ذ. حسن رقيق: الوساطة آلية ناجعة لتسوية المنازعات بطريقة ودية وسريعة

المعلومة القانونية – ذ. حسن رقيق

  • كاتب وباحث في مجال الإرشاد والوساطة الأسرية

تعتبر الوساطة آلية لتدبير النزاع وتسوية العلاقة البينية بين أطرافه برعاية وسيط محايد ومستقل عنهم،  بهدف نقلهم من حالة الخصام إلى التفات كل منهم نحو الآخر للتحادث والتفاوض المباشر عن طريق الحوار الهادئ الواعي ، في إطار اجتماع سري ، لردم هوة الخلاف بينهم وصولا بهم ومعهم إلى حل رضائي توافقي، طوعي مؤقت أو دائم، بما لا يتعارض مع القانون والنظام العام ، ناهيك عن الأرباح التي تتحقق نتيجة اللجوء إليها ، من ذلك الاقتصاد في الوقت وترشيد التكاليف المادية وتوفير الجهد النفسي والمعنوي ، كما لا يقتصر دورها على تسوية النزاعات فحسب ، بل هي كذلك أداة فعالة تجعل الإنسان قادرا على مواجهة صعاب الحياة ومشاكلها بعد تمكنه من مهارات التعامل مع الآخر  بطرق ووسائل سلمية تتحقق من خلالها القيم الإنسانية الكونية في بعدها الأخلاقي والتصالحي. وكل هذه المعاني تشير إلى صفة الخيرية والمكانة والفعل المتمثل في الوصل والتقريب بين أطراف النزاع، مما يبين بجلاء الحمولة الإيجابية التي تحملها عبارة الوساطة .

أما عن أنواع الوساطة فبالرجوع إلى القانون المقارن في الموضوع يمكن تصنيف الوساطة بحسب طبيعة الشخص الوسيط وطريقة تعيينه إلى نوعين:

وساطة اتفاقية:

يتم اللجوء إليها باتفاق أطراف النزاع على وسيط  يأنسون فيه الكفاءة والمقدرة والثقة، يكلَّف بموجب اتفاق يمكن تضمينه في وثيقة الاتفاق أو بملحق له يسمى شرط الوساطة، يتفقون من خلاله مقدما وقبل قيامه على عرضه في المستقبل على الوساطة، كما يمكن إبرامه بعد حدوث النزاع ويسمى حينئذ عقد الوساطة، يلتزم فيه الوسيط ببذل المساعي الحميدة لردم هوة الخلاف بينهم والتوصل إلى تسوية تحظى برضاهم من خلال عقد جلسات الحوار والتفاوض المباشر. [1]

وساطة قضائية:

تمارس بإشراف من القضاء وتوجيهه، وتتطلب بالضرورة وجود نزاع معروض أمامه،فتقوم المحكمة بدعوة الأطراف المتنازعة اختيارا أو إجبارا إلى عرض النزاع على الوساطة قبل النظر فيه من خلال انتداب وسيط محترف مسجَّل ضمن قائمة الوسطاء المؤهلين والمعتمدين لديها، إما شخصا طبيعيا من ذوي الخبرة والمراس في الميدان القانوني، قاضيا أو محاميا، أو خبيرا لديه تكوين خاص في تدبير النزاع، أو شخصا معنويا، مؤسسة أو جمعية متخصصة في الوساطة، أو مكتب للدراسات والاستشارات القانونية، أو كل مؤهل مشهود له بالكفاءة في مجاله لإجراء الصلح.

وساطة إلكترونية:

تتم عبر وسيلة من وسائل التواصل الإلكتروني بشكل فوري ومباشر على الأنترنيت، هي وساطة عابرة للحدود ، حيث يحضر الأطراف في الزمان ويغيبون في المكان، يتفاوضون فيما بينهم عبر هذه الوسيلة للوصول إلى حل عادل توافقي بينهم ،وغالبا ما تتم عبر مراكز الوساطة التي تتوفر على مواقع إلكترونية على شبكة الأنترنيت متخصصة في تقديم خدمات من هذا النوع  .

وساطة تحكيمية:

يتفق الأطراف على عرض نزاع قائم أو يتوقعان قيامه على الوساطة في مرحلة أولى، وحال الفشل يتحول الوسيط إلى محكَّم، ومن ثم يربطون مسار التسوية بين الحل التوافقي والقرار التحكيمي .

وأما مجالاتها فمتعددة بحسب نوعية النزاع، فنجد مثلا :

  • الوساطة السياسية بين الدول أو الشعوب أو الأمم أو الهيآت والأحزاب السياسية.
  • الوساطة المدنية والعقارية.
  • الوساطة الاجتماعية التي تتدخل في نزاع العمال وأرباب العمل.
  • الوساطة الأسرية ومجالها الخلافات الزوجية والنزاع بين مكونات الأسرة.

كما ولجت الوساطة في بعض الدول المدارسَ والمستشفيات وشملت مواضيع الهجرة والبيئة والرياضة والجوار ونزاعات المستهلك مع المنتج والملكية الفكرية.. وهلم جرا .

[1]  – التشريع المغربي يعتبر من بين التشريعات التي أخذت بالوساطة الاتفاقية من خلال القانون رقم 05-08.

  • للتواصل مع الكاتب:
  • h.raquiq@gmail.com
قد يعجبك ايضا