“المحكمة الجنائية الدولية واختصاصاتها” موضوع ندوة منظمة بمقر رئاسة النيابة العامة

المعلومة القانونية – قديري المكي الخلافة

  • صحفي بموقع “صوت العدالة”
  • طالب باحث بماستر حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، بكلية الحقوق أكدال – الرباط

تنزيلا للتوجهات العامة للسياسة الجنائية للمملكة المغربية، وحرصا منها على تجويد الرؤية التنظيمية التي تنهجها رئاسة النيابة العامة في تطوير عمل السادة والسيدات القضاة بالمحاكم الوطنية، وخاصة منهم وكلاء الملك بالمحاكم الإبتدائية، والوكلاء العامون بمحاكم الإستئناف، نظمت رئاسة النيابة العامة، بتعاون مع مكتب المدعي العام بالمحكمة الجنائية الدولية، يوم الإثنين 10 يونيو 2019، ندوة وطنية حول موضوع: “المحكمة الجنائية الدولية واختصاصاتها”، ستمتد أشغالها على يومين، على شرف حضور ومشاركة وزراء، قضاة، رؤساء لمؤسسات دستورية ووطنية، أساتذة جامعيين، وخبراء وطنيين ودوليين.

وقد افتتحت أشغال هاته الندوة عبر كلمة شكر وتقدير تلاها رئيس محكمة النقض “الأستاذ مصطفى فارس” عرض خلالها لأسباب ظهور المحكمة الجنائية الدولية، موازاتا والجهود الدولية الرامية لتأسيس قواعد القانون الدولي الإنساني، وذلك أمام حدة الحروب والصراعات الدولية والأهلية التي أصبحت تهدد السلم والأمن الدوليين.

من جهة أخرى، تطرق “فارس” لمجموعة من المعيقات التي تحول دون الوصول للعدالة المنشودة، منبها في صدده إلى ضرورة اعتماد الآليات والإجراءات الكفيلة بتحقيق هاته الغاية.

أما فيما يتعلق بواقع وجهود المملكة، فقد أحال “ذات المتحدث” على مجموعة من الإجراءات التشريعية والمؤسساتية التي أقدمت عليها بلادنا، تنزيلا لمضامين القانون الدولي الإنساني، وتماشيا مع روح وأحكام النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

من جهته، أعرب وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان “الأستاذ المصطفى الرميد”، خلال افتتاحيته، أن نظام روما الأساسي، المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية يحتل مكانة هامة في إطار قواعد القانون الدولي الإنساني، وذلك بغرض محاربة ظاهرة إفلات مجرمي الحرب والإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية من “العقاب والمساءلة الجنائية” الوطنية لاو الدولية.

معتبرا في السياق ذاته، أن “هاته الحماية” تحققت نسبيا مع إحداث آليات المحاكم الجنائية الدولية، سواء المؤقتة منها، أو المختلطة، فضلا عن تجربة المحكمة الجنائية الدولية الدائمة، كتجربة أممية حديثة حظيت باهتمام بالغ.

وفي صدده، صرح “وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان” أن المملكة المغربية، تعتبر من الدول التي لها السبق في التوقيع على معاهدة روما المنشئة للمحكمة الجنائية الدولية، فضلا عما قامت به من إجراءات جدية، نحو دسترة جرائم الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وخاصة منها جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الإبادة الجماعية.

أعقبت ذلك مداخلة أخرى، للمدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية “الأستاذة فاتو بنسودة”، التي كانت مناسبة للتذكير بما يحتله الوضع المتقدم للمملكة، سواء في التوقيع على معاهدة روما منذ 8 شتنبر 2000، كما لم تفوت القول أن “المملكة” وإن وقعت على المعاهدة، فإنها لم تصادق على نظام المحكمة الأساسي لحد الساعة، غير أنها من جهة أخرى عملت على ملائمة تشريعاتها الوطنية، وفقا لما هو منصوص عليه في مقتضيات الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالقانون الدولي الإنساني، انسجاما و”مبدأ التكامل” الذي ينص عليه نظام المحكمة الجنائية الدولية، معتبرة إياه ذات المسعى الذي تنهله مجموعة من الدول في حماية حقوق الإنسان، من قبيل الولايات المتحدة الأمريكية، الصين، روسيا، الهند، وغيرها من الدول المتقدمة سياسيا واقتصاديا وحقوقيا، في إشارة ضمنية قوية إلى أن نشر ثقافة القانون الدولي الإنساني لا تقف عند حد التوقيع والمصادقة على اتفاقيات القانون الدولي الإنساني، وإنما “الهدف الحقيقي” يتعداه بالأساس نحو ضرورة العمل على ملائمة التشريع الوطني مع المثل الفضلى “الكونية”، وفقا لمبدأ “التكامل”، المنصوص عليه في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

وفي مداخلة “للأستاذ عبد النباوي”، رئيس النيابة العامة، محتضنة هاته الندوة، فقد حاول وضع تصور شامل للغاية من تنظيم هذا الملتقى العلمي لفائدة السادة والسيدات القضاة، عامة، وقضاة النيابة العامة على وجه التحديد، مذكرا بالمكتسبات الدستورية، في هذا الإطار، إن ما تحقق منها خلال الارتقاء بالقضاء إلى سلطة دستورية مستقلة، وانسجاما وتوجهات الدولة في رسم سياسة حقوقية متطورة، أو ما تجلى منها في طل الحياة الدستورية “سابقا” من خلال تأسيس مؤسسة وسيط المملكة، التي حلت محل ديوان المظالم، والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي حل محل المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان، واللجنة الوطنية للوقاية من التعذيب، التي تأسست قبل ايام فقط.

في حين كان ختامه، مداخلة لوزير العدل “الأستاذ محمد أوجار”، الذي أعرب خلالها عن جزيل امتنانه لرئاسة النيابة العامة عن تنظيم أشغال هاته الندوة، وخص بالذكر السيدة المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، وذلك لتبيتها دعوة حضور هاته الندوة العلمية، مشيرا أن إقامة هذا الملتقى العلمي يأتي في ظل التوجهات السامية لجلالة الملك في نشر السلم والأمن الدولي، بالمملكة المغربية والقارة الإفريقية.

من جهة أخرى، قال وزير العدل “بالمناسبة” أن تأسيس المحكمة الجنائية، يأتي تلبية للمساعي الدولية لمحاكمة مرتكبي الأفعال الجرمية الأكثر بشاعة، وهو ما برز بشكل جلي خلال سبعينيات القرن الماضي، بهدف ردع الجرائم الفضيعة التي ارتكبت أثناء الحربين العالمية الأولى والثانية، مشيرا أن دور المملكة في صدده هو نهج رائد في “الملائمة الاستباقية”، حماية لحقوق الإنسان، وحماية لحقوق المرأة، وحقوق الطفل وغيرها من الفئات المشمولة بالحماية، طبقا لما تنص عليه اتفاقيات جنيف.

المصدر: موقع “صوت العدالة”

قد يعجبك ايضا