الأجل القانوني الذي يجب أن يحترم من أجل رفع دعوى التعويض عن الضرر ضد الأخطاء المرتكبة في مجال الصحافة والنشر

 

إنجاز “قاديري المكي”، وتوضيب فريق عمل موقع “المعلومة القانونية”

لكي تقبل دعوى المطالبة بالتعويض عن الخطأ الصحفي من جراء العمل غير المشروع، لا يكفي فقط رفع الدعوى أمام الجهة القضائية المختصة من أجل قبول الطلب قانونيا، والذي سبق شرحه في مقال سابق على الموقع، بل يجب أن ترفع الدعوى كذلك داخل أجل التقادم المحدد قانونيا، والخاص بتقادم دعاوى التعويض في إطار أحكام المسؤولية التقصيرية من خلال قانون الإلتزامات والعقود المغربي.

إذ حسب الفصل 106 من نفس القانون، الذي نص بأن دعوى المطالبة بالتعويض من جراء جريمة أو شبه جريمة عامة، تنقضي بانصرام مدة خمس سنوات، تبتدئ من الوقت الذي بلغ فيه إلى علم المتضرر وقوع الضرر، سواء كان فردا أو جماعة، وكذا من هو المسؤول عن الضرر.
وفي كافة الأحوال تتقادم الدعوى بمرور عشرون سنة من وقت وقوع الضرر. على أن يتم العمل بأقصر الأجلين من الوقت الذي بلغ فيه إلى علم المتضرر وقوع الضرر وكذا من هو المسؤول عنه.
ولكي نفهم ذلك نضرب مثلا، إذا قام كاتب صحفي بأفعال القذف أو السب أو التشهير ضد شخص معين، فإن من حق هذا المتضرر إقامة دعوى قضائية ضد الجريدة الصحفية التي نشرت المقال المسيء إليه، من أجل إثارة مسؤوليتها المدنية في التعويض عن ذلك الخطأ، الذي بناءا على طلبه سبب له ضررا ماديا أو معنويا، والذي تتحمل فيه تلك الجريدة مسؤولية تبعية. بحيث إنه في هاته الحالة يتقادم أمد رفع دعوى التعويض بعد مرور 20 سنة من وقت وقوع الضرر، لكن إذا انصرمت مثلا مدة 19 سنة على وقوع الضرر دون أن يتم علم المتضرر بالواقعة، فتبقى لهدا الأخير في ظل الإحتمال الأول تطبيقا لمقتضيات الفصل 106 من ق.ل.ع سنة واحدة كأجل لرفع دعوى التعويض، بالتالي يكون أجل التقادم الأقصى هو 20 سنه. أما إذا انصرمت مثلا مدة 10 سنوات على علم المتضرر بالمسؤول عن الضرر فإن المدة القانونية لرفع دعوة التعويض هي 5 سنوات، لأن الأجل الأقصر تطبيقا لمقتضيات الفصل 106 من ق.ل.ع.
وتجدر الإشارة إلى انه لا بد حتى تتقادم الدعوى بخمس سنوات بحق المتضرر من عمل غير مشروع لصحفي، يجب أن يعلم صاحب المصلحة المحمية في التعويض بوقوع الضرر من جهة وبالشخص المسؤول عنه من جهة ثانية، بحيث لا تبدأ مدة التقادم إلا من الوقت الذي يتوفر فيه العلم بهذين الأمرين معا وفق ما أيده اجتهاد قضائي لمحكمة النقض، المجلس الأعلى سابقا.
وحري بالتنبيه أن تقادم الدعوى لا يسقط بقوة القانون بل لا بد لمن له مصلحة فيه أن يحتج به وليس للقاضي أن يستند إلى التقادم من تلقاء نفسه حسب المادة 372 ق.ل.ع.

المراجع المعتمدة:
قانون الإلتزامات والعقود المغربي ظهير9 رمضان1331(12 اغسطس1913) صيغة محينة بتاريخ 22سبتمبر2011.
قرار المجلس الأعلى الغرفة المدنية- رقم 5464 صادر بتاريخ 28 ماي 1963 منشور في مجموعة قرارات المحاكم الإستئنافية في المغرب، العدد 169-170 ، ص 10 .
– إشارة : كانت مدة التقادم في الأصل 3 سنوات بدلا من 5 سنوات و 15 سنة بدلا عشرين سنة ثم عدلت على النحو الوارد في النص الحالي الموجب الظهير رقم 196- 1-60 المؤرخ في 27 جمادى الأولى 1380 الموافق ل 17 نوفمبر 1960.

نأمل بأن يكون الموضوع واضح، ونرحب بكل إضافاتكم وملاحظاتكم، من أجل فتح أفق النظر في هذا المجال بشكل واسع، ولذلك سوف نحاول الإجابة على مجموعة من الإشكالات المرتبطة بنفس الموضوع في مواضيع لاحقة، ولعل من أهمها، السؤال التالي:

ما هي الأدوات الممكن استعمالها من أجل رفع دعوى التعويض عن الضرر الناتج عن الأخطاء المرتكبة في مجال الصحافة والنشر بشكل سليم قانونيا؟
وفي صدد الإجابة عن هذا السؤال العريض سوف نخصص مواضيع ثلاثة، سنتحدث من خلالها على:

الدعوى المدنية كأساس لإثارة المسؤولية عن الخطأ الصحفي.
الدعوى المدنية التابعة للدعوى الجنائية في حالات معينة مع أبرز إيجابياتها وسلبياتها.
الصلح كوسيلة لفض النزاع الناشئ في هذا الإطار.

 

قد يعجبك ايضا