الوجيز في القضاء الإداري، للدكتور علي عبد الفتاح

يمكن القول أن القضاء الإداري يقدم خدمات جليلة للوطن والمواطنين، وإن كان العديد منا يجهل هذه الخدمات لكونها  لا تهتم بالقضاء الجنحي والجنائي بل تنصب على قضايا ذات صبغة اجتماعية محضة، و  الحقيقة أن ما يتعرض له القضاء الإداري من الأهمية بمكان.

فبعد الحرب العالمية الثانية شهدت علاقة الدولة بالفرد ظاهرة تتمثل في كون الإدارة أصبحت أكثر ارتباطا بالأفراد وأكتر احتكاكا بهم، بعدما تخلفت عن الدور التقليدي أو ما يعرف بالوظائف السيادية المتمثلة في الحفاظ على النظام العام.

كما نجد أن سلطات واختصاصات الإدارة قد توسعت في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية، مما نجم عنه في الكثير من الأوقات التعسف في استعمالها في اتخاذ بعض القرارات سواء كانت هذه الأخيرة خاطئة أو لأسباب أخرى.

وفي مقابل سلطات الإدارة هناك حقوق للإفراد تقرها القوانين و التنظيمات، وأحيانا تتعرض هذه الحقوق للانتهاك والخرق، وأمام هذه العلاقة الجدلية نشأ ما يسميه علم القانون الإداري بالمنازعات الإدارية التي تعتبر الرقابة القضائية أهم وسائله.

ويسمى القضاء الذي يختص بحل المنازعات الإدارية بالقضاء الإداري وهو ينقسم إلى شقين:

  • قضاء التعويض ( يطالب فيه الأفراد بتعويض الضرر الذي لحقهم من جراء عمل إداري)
  • قضاء الإلغاء ( يطالب فيه الأفراد بإلغاء قرار إداري مشوب بأحد عيوب عدم الشرعية)

فالرقابة الإدارية على أعمال الإدارة تختلف من بلد لآخر، فهناك النمط الأنجلوسكسوني وهو يمسى بالقضاء الموحد، ثم هناك النمط الفرانكفوني أو القضاء المزدوج[1].

بالنسبة للنظام القضاء المزدوج، فقد يوجد نوعان من القضاء، القضاء الإداري الذي يبث في المنازعات الإدارية، ويتكون منتشرة في أنحاء البلاد على رأسها نجد مجلس الدولة الفرنسي والقانون المطبق القانون الإداري أو القانون العام، كما يوجد القضاء العادي الذي يتكون من عدة محاكم منتشرة في أرجاء البلاد و هي متدرجة وفي قمتها توجد محكمة النقض، ويختص بجل المنازعات العادية ويطبق بشأنها القضاء الخاص.

وفي حالة حصول نزاع بين هاتين الجهتين من القضاء يتم اللجوء إلى محكمة التنازع وهي موجودة بباريس.

أما بالنسبة للتنظيم القضائي المغربي، فبعد صدور قانون 90 ـ 41 في 3/11/193 والذي دخلت أحكامه حيز التطبيق في 1/03/1994 (المادة 51) أصبح المغرب يتوفر على جهتين قضائيتين، الأولى جهة القضاء العادي يتكون من محاكم الجماعات والمقاطعات التي يحدد تنظيمها واختصاصها بمقتضى ظهير بمثابة قانون إضافة إلى المحاكم الابتدائية التي تعين مقراتها ودوائر نفودها وعدد موظفيها  بمرسوم، إضافة إلى المجلس الأعلى ومقره بالعاصمة.

والثانية جهة القضاء الإداري وهي تتكون من المحاكم الإدارية التي يحدد تنظيمها وتأليفها واختصاصها بقانون، أما مقراتها ودوائر اختصاصها فتحدد بمقتضى مرسوم إضافة إلى الغرفة الإداري بالمجلس الأعلى، وهي تعتبر محكمة استئناف بالنسبة لأحكام المحاكم الإدارية.

وعموما،ففي ظل نظام وحدة القضاء  ببلادنا لم يكن للدفع بعدم الاختصاص النوعي سوى وظيفة ثانوية أو احتياطية، ومع إحداث المحاكم الإدارية أصبح الدفع بعدم الاختصاص النوعي متبوئ لموقع مركزي باعتباره وسيلة لازمة لتفعيل ضوابط توزيع الاختصاص بين المحاكم العادية والإدارية[2].

[1]  د. عبد الله حداد: القضاء الإداري على ضوء القانون المحدث للمحاكم الإدارية” صفحة 4.

[2]   د.الجيلالي أمزيد: ” مباحث في مستجدات القضاء الإداري “منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية الطبعة الأولى 2003.

للاطلاع على مؤلف: “الوجيز في القضاء الإداري” للدكتور علي عبد الفتاح،  اضغط هنا

قد يعجبك ايضا