تقرير حول أشغال الندوة الوطنية “ستون سنة من الحريات العامة بالمغرب: 1958 – 2018” المنظمة بكلية الحقوق أكدال

 

 

المعلومة القانونية – منصف الكردي.

طالب باحث بماستر حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، بكلية الحقوق أكدال بالرباط 2018.

 

نظمت كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية –أكدال- يوم الخميس 20 دجنبر 2018 على الساعة التاسعة صباحا، ندوة وطنية حول موضوع الحقوق و الحريات العامة تحت عنوان :” ستون سنة من الحريات العامة بالمغرب   2018- 1958“، و ذلك بشراكة مع وزارة العدل و المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية.

و تأتي هذه الندوة الوطنية تخليدا لستون سنة من الحريات العامة بالمغرب و تزامنا مع الذكرى السبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، و كذا من أجل رصد تطور المسار التاريخي للحريات العامة بالمغرب و الوقوف عند أهم المحطات التاريخية في هذا المجال من خلال ثلاث محاور و هي كالتالي:

  • المحور الأول : الحريات العامة بالمغرب: السياقات التاريخية و الدستورية.
  • المحور الثاني : تطبيقات الحريات العامة في ضوء السياسات العمومية بالمغرب.
  • المحور الثالث : دور القضاء في ترسيخ و تطوير الحريات العامة.

قبل الخوض في مناقشة المحاور تم افتتاح هذه الندوة الوطنية بكلمات افتتاحية كانت أولها كلمة الأستاذ محمد زكرياء أبو الذهب عميد كلية  العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية –أكدال- بالنيابة حيث ألقى كلمة شكر للحضور على اهتمامهم بموضوع الندوة مبرزا أهمية هذه المحطة في مسار الحريات العامة بالمغرب و كذا أهداف هذه الندوة على اعتبار أنها ندوة علمية بامتياز حيث اجتمع فيها ثلة من الفقهاء و الأساتذة و الباحثين في مجال حقوق الإنسان و الحريات العامة.

بعد ذلك تلتها كلمة الأستاذ أحمد حرزني السفير المتجول المكلف بحقوق الإنسان عبر فيها عن مفخرة المغرب بظهير الحريات العامة لسنة 1958 و ما تلاه من محطات مماثلة، لنصل إلى التتويج ب الدستور الجديد للمملكة ل سنة 2011 ، مشيرا إلى أن هذا لا يعني عدم و جود إشكالات عالقة لكنها سترى النور عما قريب نظرا لوجود إرادة و بوادر، مؤكدا على أن الجامعة كذلك مدعوة بدورها للمساهمة في ذلك.

لتأتي بعد ذلك كلمة الأستاذ محمد الغاشي رئيس جامعة محمد الخامس بالرباط ألقتها      السيدة حكيمة الخمار نيابة عنه حيث عبر فيها عن شكره لكلية الحقوق أكدال على تنظيمها لهذه الندوة الوطنية  مبرزا أنا مكاسب الحقوق و الحريات خاضت معارك لتنزيل هذه الحقوق و لازالت المطالب كائنة، مشيرا إلى أن المغرب من بين الدول الإفريقية التي إنخرطت في هذا الإتجاه مما انعكس على عدة جوانب مختلفة، و الانفتاح على  العديد من المؤسسات، و تعزيز المقاربة التشاركية، كما أكد على الدور الكبير الذي تلعبه الجامعة إما عبر التكوين في إطار أكاديمي أو من خلال دراسة الثوابت و المتغيرات أو المساهمة في فك اللبس عن مجموعة من الإشكالات العالقة.

بعد ذلك جاءت كلمة السيد وزير العدل محمد اوجار التي ألقاها مستشاره عبر فيه عن أنه في إطار تعزيز الحريات العامة و الوقوف عند ذكرى المحطات التاريخية قصد إبراز أهم المتغيرات و المستجدات و المشاكل في إطار الحكامة الجيدة و على مستوى مجموعة من المؤسسات، مشيرا إلى أهمية التعددية الحزبية و ما تلاها من البوادر  التشريعية و التتويج بدستور 2011، مبرزا أنه مع مرور 60 سنة يزداد الإهتمام بثقافة الحقوق و الحريات و جدية تطوير هذا المجال، و كذا مواكبة التطورات السياسية و الثقافية و التربية و التكنولوجيا، و قد أكد الظهير على جدية الإنخراط إنطلاقا من تكريس المادة الثامنة من العهد الدولي للحقوق المدنية و السياسية، مؤكدا على أن التنمية رهينة بضمان المشاركة المدنية و الإنفتاح على جميع المقاربات و ضمان حقوق الإنسان، مشيرا إلى أن دستور 2011 تضمن الحق في ممارسة الحقوق و الحريات و الحق في تأسيس الجمعيات و التجمهر، أيضا استقلال السلطة القضائية والنيابة العامة لضمان قضاء ناجع و فعال يسهم في حماية حقوق الإنسان و تعزيز الثقة لدى المواطن، و كذا التفاعل مع توصيات هيئة الإنصاف و المصالحة و التوصيات الدولية التي إنعكست على إنشاء عدد كبير من الجمعيات؛ كل هذه المكاسب جاءت من أجل الخروج عن النسق التقليدي.

و في الأخير تناول الأستاذ محمد بنيحي مدير المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية الكلمة عبر فيها عن شكره و امتنانه للكلية و الحضور ليتحدث عن إشكالية التوازن بين الحريات العامة و الحفاظ على النظام العام مستشهدا بما تعيشه فرنسا بما يسمى بمظاهرات حركة السفراء، و أشار الأستاذ في تدخله إلى تزامن هذا النشاط مع الذكرى السبعين للإعلان العالمي لحقوق  الإنسان و كذا الميثاق الدولي للهجرة المنعقد بمراكش، مؤكدا أن الحريات العامة بالمغرب تتطور يوما بعد يوم مما يجعلها مادة حية يجب مواكبتها، لتختتم هذه الكلمات و تعطى الانطلاقة للجلسة العلمية الأولى على الساعة الحادية عشرة صباحا.

انطلقت الجلسة العلمية الأولى على الساعة الحادية عشر تحت عنوان: “ الحريات العامة بالمغرب: السياقات التاريخية و الدستورية” ترأسها الأستاذ محمد أمين بن عبد الله.

و جاءت كلمة المتدخل الأول الأستاذ الحبيب الدقاق تناول فيها موضوع : ” رهانات و تحديات ملاءمة التشريع المغربي في مجال حقوق الإنسان: أية مكانة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في السياسات المالية والميزانياتية ؟ “، مشيرا إلى أن هذه المبادرة تزامنت مع الذكرى السبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان و كذا الميثاق العالمي للهجرة الذي انعقد بمراكش، و أشار إلى أهميت البرمجة المالية التي تكرس للدور التشريعي للبرلمان خاصة على مستوى المجالات الإجتماعية، مشيرا كذلك إلى أنه مع الدستور الجديد للمملكة 2011أصبحت الحقوق مجمعة و غير مفككة و أن هناك تطور على مستوى المعيشة منذ 2006،  مبرزا على أن البرمجة تتأثر بالأزمات العالمية مما يؤثر على الحقوق الإجتماعية مثل الحق في الشعل و الحق في الصحة و الحق في التعليم… وضرب الأستاذ المثال بما يقع في فرنسا تحت ما يسمى (السترات الصفراء)، وتحدث الأستاذ عن المقاربة المحاسبية الشمولية في قوانين المالية و مدى تخصيص هذه المقاربة ل :

  1. الجندرة في قانون المالية أي بما يسمى مقاربة النوع الإجتماعي حيث خصصت 148 صفحة في قانون المالية الجديد.
  2. البرمجة على مستوى المؤسسات العمومية و ليس على مستوى الميزانية العامة للدولة.
  3. إجبارية المشرع للإستجابة لحاجيات المواطنين من خلال ميزانية الجماعات مراعيا في ذلك النوع الإجتماعي (لجنة المناصفة).

و أكد الأستاذ على أنه ليس بالضرورة توفير جميع الحقوق و إنما التخصيص الأنسب و الحكيم كما نص على ذلك العهد الدولي.

و فيما يتعلق بدور القضاء أشار الأستاذ إلى أنه قبل دستور 2011 كان القضاء يقضي بسمو الإتفاقيات الدولية حتى في غياب نص قانوني صريح و مع مجيء الدستور الجديد تم التنصيص على ذلك صراحة و لو أنه مقيد بشروط، و أن هناك قابلية للتقاضي استنادا  إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق أو قابلية إثارتها من قبل القاضي من تلقاء نفسه، وأحال الأستاذ على حكم صادر عن المحكمة الإدارية بالرباط أعطى فيه القاضي الحق للزوجة إمكانية الإطلاع على الحساب البنكي لزوجها، و في حالات أخرى يثير القاضي ذلك من تلقاء نفسه كما هو الشأن بالنسبة لنفقة الأبناء لأنها من النظام العام.

وفي مداخلة الأستاذ على كريمي التي عنونها ب: “الحريات العامة على امتداد ستون سنة من التاريخ السياسي للمغرب” أشار إلى أنه عند صدور ظهير 1958 المتعلق بالحريات العامة لم تكن هناك أي مرجعية دولية سوى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و هذا ما يعطي تضارب داخل ظهير 1958، مشيرا كذلك إلى أن هذا الظهير وضع في حكومة إستقلالية و طبق في حكومة إستقلالية، وأنه صمم و كأنه سيطبق على دولة لبرالية متقدمة حيث توسع كثيرا في الحقوق  الحريات لكنه سرعان ما تم تقيده بالتعديلات التي لحقته من خلا إعطاء الحق لوزير الداخلية في توقيف الجريدة لمدة ثلاثة أشهر…، و بالتعديلات التي أقحمت بتاريخ  10 أبريل 1973 أصبح الظهير “قانون جنائي للحريات العامة” كما أسماه الأستاذ نظرا لازدياد العقوبات الحبسية و الغرامات، لكن الانفتاح على قضية الصحراء لعب دور في فتح المجال أمام أحزاب أخرى إلى الساحة السياسية و كذا انضمام المغرب إلى  منظمة الأمن والتعاون الأوروبي فرض عليه إحترام حقوق الإنسان، و أشار الأستاذ أن النظام العالمي و كذا انهيار جدار برلين و بمجيء دستور 1992 الذي إعترف ب حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا و مصادقة المغرب على العديد من الإتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان و تعديل مدونة الأحوال الشخصية سنة 1993 و أول مناظرة للإعلام و الإتصال و إعلان الرباط سنة 2000 و إعلان عمان؛ كل هذه التأثيرات سواء العالمية أو الإقليمية أدت إلى توسع هامش الديموقراطية و الإنتقال إلى التضمين التشريعي للحقوق.

وفي مداخلة الأستاذ عبد العزيز العروسي حول “من الحريات العامة إلى حقوق الإنسان: قراءة في الممارسة الاتفاقية المغربية ”  أشار الأستاذ إلى أن المغرب خرج من خندق التضيق على الحريات إلى خندق التوسيع على الحريات و يرجع دلك إلى مصادقته على مجموعة من الإتفاقيات الدولية ، مؤكدا على أنه يجب على الدول المصادقة إتخاد الإجراءات و التدابير لإعمال مقتضيات الإتفاقيات التي صادقت عليها الدول.

و حدد الأستاذ منطلقا لمداخلته و هو إلى أي حد ساهمت هذه الإتفاقيات في تطوير الحقوق و الحريات؟ ليتفرع عن هذا السؤال المنطلقي أسئلة فرعية و هي كالأتي:

  • ما هي حدود العلاقة التفاعلية بين الممارسة الإتفاقية و المنظومة التشريعية؟
  • تقييم و قياس أثر هذه الممارسة الإتفاقية؟

و أبرز الأستاذ أن المصادقة على العهدين و الإتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان انعكس على ذات المجال في المغرب و ضرب الأستاذ المثال على ذلك بمصادقة المغرب على البرتوكول الإختياري المتعلق بمناهضة جميع أشكال التميز سنة 2012 و تشكيل ألية وطنية لمناهضة التعذيب.

كما أشار الأستاذ إلى قضية “أمينة الفيلالي” و كيف أدت إلى تعديل الفصل 475       من مدونة القانون الجنائي المغربي حيث تبنت جمعية بسيطة قضية أمينة ليتم اعتمادها     على الصعيد الوطني ليتطور الأمر و يتم اعتمادها على الصعيد الدولي نتج عن ذلك     إصدار توصية إلى المملكة المغربية في شخص وزارة العدل و على إثر ذلك تم التعديل التشريعي للفصل 475.

و أكد الأستاذ على أن المغرب ضمن في دستوره لسنة 2011 في الفصل 175 على حصانة الحقوق و الحريات الأساسية و أنه لا ينبغي المساس بها، لكن تبقى إشكالية سمو الإتفاقيات المشروطة أو النسبية حيث أن إلتزام المغرب بالمرجعية الدولية مرتبط بإشكالية السمو.

و اختتمت هذه الجلسة بمناقشة مع الحضور على الساعة الواحدة و النصف زوالا.

تم الشروع في الجلسة العلمية الثانية (الجلسة المسائية) على الساعة الثالثة زوالا برئاسة الأستاذة فاطمة الحمدان بحير أعطت الكلمة للمتدخلين بعد ترحيبها بالحضور و التنويه بالقائمين على هذه الندوة الوطنية.

كانت المداخلة الأولى للأستاذ عبد الحفيظ أدمينو تحت عنوان : ” التأطير المعياري للحريات العامة من خلال حرية تأسيس الجمعيات والأحزاب السياسية ”  انطلق فيها ب السؤال الآتي: هل الحريات المضمنة في الدستور حصرية؟، مشيرا إلى أن تأطير الحريات العامة يحكمه نمطيين التخصيص و التصريح، كما أشار إلى أن المقتضيات الدستورية ما هي إلا مقتضيات ظهير 1958، مشيرا إلى إدماج و تضمين المعايير الدولية في النصوص التشريعية، و أنه أصبح هناك صياغة قوية لهذه المقتضيات على مستوى القوانين في البرلمان، مؤكدا في السياق ذاته على تعزيز دور الجمعيات من خلال الألية الديموقراطية التشاركية، و ضرورة تفعيل ألية الدفع بعدم دستورية القوانين، كل هذه الأليات أعطت الإمكانية للطعن في القانون أمام القضاء مؤكدا أن كل هذا لن يتأتى إلا بتعزيز القانون و تعزيز الديموقراطية.

كما ألقى الأستاذ أحمد البوز مداخلة حول الحريات العامة بالمغرب في ضوء مستجدات قانون الصحافة والنشرمبرزا أن ظهير 1958 كان ثوريا نظرا للسياق الذي جاء فيه أو على إثره حيث كان لبراليا، مشيرا أيضا إلى أن الظهير عرف أكبر تعديل سنة 2002 كذلك بالنسبة للدستور الجديد للمملكة الذي جاء بحريات عديدة صدر على إثره مدونة الصحافة و النشر سنة 2016 هذا الأخير الذي تضمن عدة مستجدات :

  • قوانين الصحافة مجمعة في مدونة خاصة.
  • ضبط ولوج المهنة.
  • تعزيز ضمانات الممارسة.
  • الحدم من العقوبات السالبة للحرية.
  • تعزيز اختصاصات السلطة القضائية في هذا المجال.
  • ارساء أسس المجلس الوطني للصحافة.
  • ربط الحرية بالمسؤولية.
  • تقييد الصحافة الإلكترونية.
  • إقرار حق قطاعات الطباعة و النشر في التمويل.

كما أبدى الأستاذ عدة ملاحظات في هذا المجال:

  • أن المدونة لازالت تحمل عبئ (تعقيدات) اجراءات إنشاء الصحف.
  • تكريس نظام الترخيص عوض نظام التصريح (مع العلم أن الأصل في ظهير 1958 هو الترخيص).
  • إحداث الصحف الاجتماعية.
  • التضمن على الخطوط الحمراء (الثوابت) هذا يعطي إشكال في تأويل معنى الثوابت.
  • قانون الصحافة لم يحل بشكل مباشر على القانون الجنائي في حالة مخالفة المسؤولية المهنية.
  • جاء خاليا من العقوبات السالبة للحرية لكن عندما يحيل على القانون الجنائي فإنه بالضرورة سيتم تطبيقها.
  • إلزامية الكشف عن المصادر.
  • الحق في الحصول على المعلومات بالنسبة للصحفي أصبح مقيد بإضفاء طابع السرية و في هذا تقييد لحرية الصحافة.

من جهته أدلى بدلوه الأستاذ عبد العزيز القراقي في هذه الجلسة العلمية من خلال   مداخلته التي عنونها ب  “إشكالية الاتقائية في السياسات العمومية الحقوقية بالمغرب منطلقا من أن كل سياسية سواء كانت عمومية أو قطاعية لا تصلح إلا لزمن معين و لفترة محددة، بحيث أن السياسات العمومية هي ألية جديدة لسياسة عمومية لم تصبح تفي بالغرض؛ مشيرا إلى السياسات في مجال المرأة (إكرام 1 و إكرام 2) و السياسات في مجال الطفولة و الإعاقة…، و في نفس السياق أكد المتدخل أنه من المفرض أن تكون هناك خطة عمومية في مجال  حقوق الإنسان و تتفرع عنها أليات عمومية عوض العكس لذلك “السياسة العمومية لا تصلح إلا لفترة معينة “.

و تناول الأستاذ ميلود بلقاضي في مداخلته المعنونة ب “الحريات العامة في ضوء   السياسية الإعلامية بالمغرب”  و التي ركز فيها على الصحافة الإلكترونية ؛ بحيث أشار إلى أنها تستعمل أليات تتجاوز قدرة الدولة على تقييدها، لذلك فرضت الدولة مجموعة من الشروط لإحداث هذا النوع من الصحف أهمها أن يكون مدير الشر حاصل على الإجازة، مشيرا في السياق ذاته إلى أبرز التحديات التي تصادف الصحافة الإلكترونية:

  • التحدي الأخلاقي.
  • التحدي المهني.
  • تكوين الصحفي الإلكتروني.

و في إطار المداخلة الأخيرة في هذه الجلسة التي أدلى بها الأستاذ جواد النوحي تناول فيها “الإطار القانوني للحريات النقابية بالمغرب من خلال الحق في الإضراب ” مشيرا إلى أن الإضرابات لها علاقة بالواقع الإقتصادي و السياسي و أنه تم الإعتراف بهذا الحق على مستوى جميع دساتير المملكة الخمسة إنطلاقا من دستور 1962 و صولا إلى دستور 2011 في فصله 29، مشيرا في السياق ذاته إلى أن الحق في الإضراب يدخل ضمن الحرية النقابية و هو منصوص عليه في المرجعية الدولية من خلال  المادة 8 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية و في المرجعية الوطنية في الفصل 14 من ظهير الوظيفة العمومية و المادة 9 من مدونة الشغل و الفصل 288 من مدونة القانون الجنائي، لكن ما يعاب على المشرع أنه لحد الساعة لم يتم إصدار القانون التنظيمي المنظم لحق الإضراب و قام الأستاذ بقراءة سطحية و موجزة لمشروع القانون التنظيمي المنظم للحق في الإضراب لأنه فقط مشروع و لم يصبح قانون بعد ، و في الأخير ختم لأستاذ مداخلته بطرح إشكالية تتمثل في مدى أفاق حق الإضراب في ظل تراجع الدولة؟.

بعد الانتهاء من مداخلات السادة الأساتذة فتحت الأستاذة فاطمة حمدان بصفتها رئيسة الجلسة باب المناقشة لتعلن بعدها اختتام هذه الجلسة العلمية الثانية.

و في إطار هذه الندوة الوطنية عقدت جلسة علمية ثالثة تمحورت حول “ دور القضاء في ترسيخ وتطوير الحريات العامة ” تحت رئاسة الأستاذ عبد الإلاه العبدي الذي أعطى إنطلاقتها

جاء في مداخلة الأستاذ بوجمعة بوعزاوي التي عنونها ب ” حماية الحريات العامة في ضوء اجتهادات القضاء الإداري ”  أن الحرية هي من مشمولات الحقوق و أنه لابد من تحقيق نوع من التوازن بين طرفي العلاقة الإدارية بحيث أن الإدارة تتميز بالقوة في مقابل حقوق الأفراد، مشيرا إلى ضرورة تبسيط  إجراءات دعاوى الإلغاء، مؤكدا على الدور المهم الذي يلعبه القضاء الإستعجالي في حماية حقوق الأفراد خاصة مع إعتماد الإدارة  قرارات مستعجلة و يصعب إستدراكها، مبرزا أنه يجب تجاوز مفهوم مدى مشروعية القرار إلى مدى إعمال الملائمة مع المرجعية الدولية، كما أشار إلى أن الخطأ القضائي أصبح يدخل في الإختصاص النوعي للمحكمة الإدارية.

و في إطار مداخلة الأستاذ أحمد مفيد التي تمحورت حول : “دور القضاء الدستوري         في حماية الحقوق والحريات الأساسية” أكد أن دستور المملكة المغربية لسنة 2011 أحدث نقلة نوعية في تاريخ الحقوق و الحريات بحيث يعتبر دستور الحريات، ويعتبر الأستاذ أن ألية الدفع بعدم دستورية القوانين هي ألية جد مهمة في تعزيز الحقوق و الحيات الأساسية لكن سرعان ما تصطدم أحكام المحكمة الدستورية المتعلقة بالدفع بعدم دستورية القوانين ب النسخ أي يكون مصيرها الإلغاء، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن القاضي الدستوري يعتبر قاضيا للحقوق و الحريات و يتبين ذلك من خلال عدة قرارات صادرة عن المجلس الدستوري يكرس فيها القاضي الدستوري و يعزز الحقوق و الحريات الأساسية.

وفي إطار المداخلة الأخيرة التي أدلى بها الأستاذ رضوان اعميمي و التي خصصت ل : “العمل القضائي الإداري في تفعيل الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان“، أشار فيها إلى أن إحداث المجلس الإستشاري سنة (1996) كان له تأثير للسير في اتجاه الدفع بمجال حقوق الإنسان، وأبرز أن القضاء الإداري يشكل ضمانة أساسية للحقوق و الحريات خاصة بتكريسه لمبدأ سمو الإتفاقيات الدولية، و قد قسم الأستاذ مدخلته إلى محورين الأول خصصه لمنهجية القاضي الإداري في إعمال الإتفاقيات الدولية في حين خصص المحور الثاني ل مظاهر إعمال القاضي الإداري لهذه الإتفاقيات .

و اعتبر المتدخل أن القضاء الإداري ليست له منهجية محددة و يظهر ذلك من خلال الإجتهادات و الأحكام القضائية وفي نظره يرجع  ذلك إلى عدة أسباب أهمها إستحضار المرجعية الدينية و الدستورية و القانونية بصفة عامة.

و في السياق ذاته أشار إلى أن القضاء الإداري مر ب ثلاثة مراحل :

  • المرحلة الأولى: كان فيها القضاء يلجأ إلى المرجعية الدولية بصفة علمة و لا يتفصل
    في مقتضياتها.
  • المرحلة الثانية: أصبح فيها القضاء يفصل في المقتضيات الدولية و يستند إلى مبدأ
    سمو الإتفاقيات الدولية.
  • المرحلة الثالثة: أصبح فيها القضاء الإداري يرجع إلى المرجعية الدولية بشكل أكبر و
    يظهر ذلك من خلال مجموعة من الأحكام و بدأ بإثارتها من تلقاء نفسه
    دون الحاجة لإثارتها من قبل المتقاضين.

وأشار الأستاذ إلى أن مظاهر إعمال القاضي الإداري للإتفاقيات الدولية تكمن في التمكين من الحقوق و الحريات عبر أليات تضمن ذلك؛ على سبيل المثال فيما يتعلق بالحقوق المدنية و السياسية من خلال تأسيس الجمعيات وذلك اعتمادا على الترخيص عوض التصريح، و في ختام مداخلته طرح الأستاذ التساؤل التالي: هل السمو بالحقوق و الحريات هو إلتزام بتحقيق نتيجة أم إلتزام ببدل عناية؟.

بعد الانتهاء من مداخلات السادة الأساتذة فتح باب النقاش تفاعلا مع الحضور ليعلن بعدها رئيس الجلسة اختتام هذه الجلسة العلمية الثالثة و اعطاء الكلمة لكل من الأستاذ محمد بنيحي و الأستاذ عبد العزيز العروسي اللذان جددوا شكرهم للحضور و نوها بهذه الندوة العلمية الوطنية التي شارك فيها ثلة من الفقهاء و الأساتذة و الباحثين كما نوها بدور اللجنة التنظيمية  التي سهرت على انجاح هذه الندوة ليعلن عن اختتام هذه الندوة على الساعة الثامنة مساءا .

قد يعجبك ايضا