صلاحية المحكم في إعداد الحكم التحكيمي التصحيحي

كريم الرود“، متخصص في التقنيات البديلة لحل المنازعات.

الأصل أنه بمجرد صدور الحكم التحكيمي النهائي، تنتهي ولاية الهيئة التحكيمية على النزاع، إلا أن المشرع المغربي أعطى إستثناء على هذا الأصل، حيث سمح باستمرار ولاية الهيئة التحكيمية من أجل تصحيح الحكم أو تفسيره أو إصدار حكم إضافي فيما لم تقضي فيه من طلبات في حدود هذا الإستثناء القانوني.

وتعتبر من أهم صلاحيات للمحكمين بعد إصدارهم للحكم التحكيمي هي تصحيح الأخطاء المادية الواردة في الحكم التحكيمي سواء كانت في الكتابة أو في الحساب أو غيرها بل و أهم من ذلك، أنها تستطيع مباشرة هذه المسطرة من تلقاء نفسها دون التوقف على طلب أحد الأطراف.

إلا أن هذه الصلاحية تبقى مع ذلك مقيدة في الزمان إذ يجب مباشرتها داخل أجل ثلاثين يوما من تاريخ صدور المقرر التحكيمي (الفصل 28-327) و حتى تنعقد للهيئة التحكيمية هذه الصلاحية يشترط توافر الشروط التالية:

– يشترط لمباشرة إجراءات تصحيح الحكم التحكيمي تلقائيا من قبل الهيئة التحكيمية أن يتم داخل أجل ثلاثين يوما التالية للنطق به أو داخل أجل ثلاثين يوما لتبليغه إذا قدم طلب تصحيحه من قبل أحد الأطراف، كما يشترط لصحة هذا الإجراء أن يتعلق الأمر بخطأ مادي أو حسابي، فالخطأ الذي يجوز تصحيحه هو الخطأ في التعبير و ليس في التقدير أي أن المحكم في تعبيره عن تقديره قد استخدم ألفاظا أو أرقاما غير التي كان يجب أن يستخدمها للتعبير عما انتهى إليه التقدير و يستوي أن يقع الخطأ المادي في منطوق الحكم أو في جزء آخر من الحكم مكملا للمنطوق على أن هذا الخطأ يجب أن يكون واضحا، و من أمثلته أن يأتي في حيثيات الحكم حساب للمبالغ المستحقة للمدعي لكن تجمع هذه المبالغ خطأ في منطوق الحكم، أو أن يأتي الخطأ في المنطوق في تحديد العقار المحكوم باستحقاقه مع وضوح هذا الخطأ في سياق الحكم.

– أما بخصوص مسطرة تصحيح الحكم يمكن القول أن المشرع لم يشترط استدعاء الأطراف و فتح باب المرافعة حيث لا تلزم الهيئة التحكمية حسب ظاهر الفصل 28-327 من تحديد جلسة يحضرها أطراف النزاع، لكن في المقابل اشترط المشرع تبليغ المقال المقدم إليها بشأن طلب بتصحيح الحكم التحكيمي للطرف الآخر الذي يحدد له أجل خمسة عشر يوما للإدلاء باستنتاجاته إن اقتضى الحال.

– كما ينبغي أن تصدر الهيئة التحكيمية الحكم التحكيمي التصحيحي كتابة و ينبغي أن يكون مستوفي لجميع الشروط الموضوعية و الشكلية للحكم التحكيمي و أن تقتصر على تعديل الأخطاء المادية دون المساس بمنطوق الحكم أو باقي عناصره.

لائحة المراجع المعتمدة في البحث:

ينص الفصل 28- 327 من قانون 05-08 أنه : “ينهي الحكم مهمة الهيئة التحكيمية بشأن النزاع الذي تم الفصل فيه.
غير أن للهيئة التحكيمية :
1– أن تقوم تلقائيا، داخل أجل الثلاثين يوما التالية للنطق بالحكم التحكيمي، بإصلاح كل خطأ مادي أو خطأ في الحساب أو في الكتابة أو أي خطأ من نفس القبيل وارد في الحكم.
2– أن تقوم داخل أجل الثلاثين يوما التالية لتبليغ الحكم التحكيمي، بناء على طلب أحد الأطراف و دون فتح أي نقاش جديد، يما يلي :
أ- تصحيح كل خطأ مادي أو خطأ في الحساب أو في الكتابة أو أي خطا من نفس القبيل وارد في الحكم.
ب- تأويل جزء معين من الحكم.
ج- إصدار حكم تكميلي بشأن طلب وقع إغفال البت فيه ما لم يتفق الأطراف على خلاف ذلك.
يبلغ المقال إلى الطرف الآخر الذي يحدد له أجل خمسة عشر يوما للإدلاء باستنتاجاته إن اقتضى الحال.
تصدر الهيئة التحكيمية حكمها خلال الثلاثين يوما التالية لتقديم المقال إليها إذا تعلق الأمر بتصحيح أو تأويل حكم و خلال أجل ستين يوما إذا تعلق الأمر بحكم تكميلي”.
إلى جانب صلاحية المحكم في إصدار حكم تحكيمي تفسيري و إصدار حكم تحكيمي تكميلي.
أما إذا كان الحكم مشوبا بعيوب إجرائية سواء وردت هذه العيوب أو الأخطاء الإجرائية في ذات ورقة الحكم أو بعض الإجراءات المعمولة في الحكم، أو حصول أخطاء في التقدير الواقعي أو القانون فإن المراجعة تتم عن طريق استعمال طرق الطعن المحددة في القانون.
سليم بشير،”الحكم التحكيمي والرقابة القضائية”، أطروحة مقدمة لنيل دكتوراه العلوم في العلوم القانونية تخصص : القانون الخاص”، جامعة الحاج لخضر، كلية الحقوق قسم العلوم القانونية، باتنة، الجزائر، السنة الجامعية 2011- 2010، ص 197.

فتحي والي،”قانون التحكيم في النظرية و التطبيق”، منشأة المعارف، الإسكندرية، الطبعة الأولى، 2007، ص 470-471.
يعتبر الحكم التحكيمي التصحيحي نوع من الأحكام الصادرة عن الهيئة التحكيمية بعد النطق بالحكم النهائي، ويهدف إلى تصحيح الأخطاء المادية الموجودة في الحكم النهائي حسب نص الفصل 28-327 من قانون المسطرة المدنية، والخطأ المادي حسب بعض الباحثين هو:” الخطأ الذي لا يتعلق بفهم المحكم أو بتقديره، إنما هو خطأ في إثبات حقيقة ما أراده من قضاء، بحيث يمكن اعتباره من قبيل زلة القلم” ، أو هو:” كل خطأ لا يؤثر تصحيحه في تعديل ما قضي به في موضوع النزاع”. آمال بوسعدان : “أنواع الحكم التحكيمي الداخلي في التشريع المغربي”، مقال منشور بالموقع التالي :http://www.dirassat.com/ تاريخ حصر الموضوع30/04/2016.
لم يتعرض المشرع المغربي لحالة بطلان الحكم التحيكيمي التصحيحي في الفصل 36- 327 و لكن يستشف أنه يحل محل الحكم الأصلي و بالتالي جاز الطعن فيه بقيام أحد أسبابه، و سند هذا التحليل هو الفقرة الثانية من الفصل 30-327 التي جاء فيها أنه” .. يعتبر الحكم الصادر بهذا الخصوص جزءا لا يتجزأ من الحكم التحكيمي الأصلي. و تطبق عليه مقتضيات الفصل 23-327 أعلاه “.


منشورات موقع “المعلومة القانونية

شارك الموضوع للإفادة..

قد يعجبك ايضا