منهجية التعليق على قرار قضائي

المعلومة القانونية – موزريك الحسين

طالب جامعي باحث.

يواجه الطالب في دراسته الاكاديمية بعض التطبيقات الواقعية للقرارات القضائية ، أو الأحكام ، حيث يعرض أمامه مجموعة من وقائع عملية ؛ صدور حكم أو قرار بشأنها، ويطلب منه التعليق على تلك القرارات.
و يمثل التعليق على الاحكام و القرارات القضائية أهم أنواع الدراسات التطبيقية، لأن التعليق على حكم أو قرار قضائي يقتضي الجمع ما بين المعارف النظرية التي تعلمها الطالب من مادة قانونية ما، و طرق و أساليب المنهجية القانونية التي تسمح بتقييم الحكم أو القرار.

فالتعليق هو تلخيص للتحليل الدقيق لقرار قضائي ، انطلاقا من المعلومات الشخصية التي تلقاها الطالب في الدراسة النظرية حول الموضوع ، ومقارنة مع اهمية القرار وما سيكون له من أثر أو إنعكاس على الفقه و الأجتهاد القضائي وعلى التشريع في بعض الأحيان.

وينصب التعليق عادة على القرارات الصادرة عن محكمة النقض ، بإعتبارها مرجعا قضائيا لباقي المحاكم ؛ إلا أن التعليق يمكنه أن يتناول أحيانا قرارات محاكم الاستيناف أو محاكم الدرجة الاولى ،ادارية كانت او تجارية أو عادية… الخ.

و المطلوب من الطالب أثناء التعليق على قرار ، ليس العمل على إيجاد أو إستخراج حل قانوني ، كما في النازلة أو الإستشارة، لكنه مناسبة لدراسة وفهم الإتجاه الذي سلكه القضاء دون تجاهل موضوع النزاع المعروض، وهو ليس عملية إجراء بحث قانوني في موضوع معين بالرغم من أنه يتناول مسألة قانونية معينة مما يعني أن منهجية التعليق على قرار قضائي أو حكم هي دراسة نظرية وتطبيقية في آن واحد لمسألة قانونية معينة، تهذف إلى تطبيق المعلومات النظرية التي تلقاها الطالب من أجل ترسيخها في ذمته.

ولكي يكون التعليق صحيحا فعلى الطالب أو الاكاديمي أو الفقيه الذي سيقوم بالتعليق ان يكون ملما كفاية بالنصوص القانونية التي تحكم الاجتهاد حول هذه المسألة وتطوره وصولا إلى أحداث الاجتهادات، لكي يأتي التعليق شاملا لكل النواحي و ياتي كحكم تقييمي للقرار في كافة النقاط القانونية التي عالجها “إنه الحكم على الحكم”.

ولإصدار هذا الحكم هناك مرحلتان واحدة تحضيرية ، و الثانية تنفيذية ، وسنتناول في مبحث أولا و مبحث ثاني،

المبحث الاول : المرحلة التحضيرية 

يعرف القرار القضائي، أنه الحكم الذي تصدره المحكمة بشأن خصومة ما وفقا للشكل الذي يحدده القانون للأحكام ، سواء في نهاية الدعوى أو في سيرها ، و سواء كان الحكم صادرا في نزاع بين الأفراد أنفسهم ، أو بين الأفراد و الإدارة.

ويسمى حكما قضائيا أو الحكم القضائي ما يصدر عن محاكم الدرجة الاولى ، بينما يسنى قرارا قضائيا ما يصدر عن محاكم الظرجة الثانية ( محاكم الاستيناف) . وما يصدر عن محكمة النقض كونها محمكمة قانون.

أما الفرق بين النازلة القانونية و القرار فيتمثل بان النازلة هي مجموعة وقائع عملية يطلب من الطالب إيجاد حل قانوني لها، بينما القرار هو مجموعة وقائع عملية أعطت لها آحدى المحاكم الحل، و يطلب من الطالب تحليل هذا الحل أو الحكم ونقاطع القانونية ، و النظر فيما اذا كان يتعارض مع النصوص القانونية ، ومدى توافقه مع إجتهادات المحاكم وتماشيا مع رأي الفقه السائد.

وبما أن الدراسة ستتناول الإطار أو المنهج الذي يتم إتباعه للتعليق على قرار ما ، فيستحسن إعطاء فكرة تمهيدية عن القرار القضائي من حيث كيفية إصداره، والأقسام التي يتألف منها :

المطلب الأول : التعرف إلى القرار القضائي

تعرض أمام المحكمةعناصر واقعية لنزاع ما من أحد الأطراف أو أكثر للفصل فيه ، و المحكمة ملزمة بمراعات قواعد قانونية في عملها مثل، قواعد قوانون أصول المحاكمات الجنائية او قواعد قانون المسطرة المدنية مثلا، والتي تتعلق بإصدار الاحكام الجزائية أو المدنية ، إضافة إلى مراعاتها لهذه القواعد ، فإن المحاكم تراعي منهجية معينة من حيث الشكل و الوضوح.

ولو القينى نظرة على أي حكم صادر من أحد المحاكم المغربية وخاصة المحاكم الأبندائية لوجدناه يتألف من ثلاثة أقسام أساسية :

الفرع الأول : الديباجة أو التقديم 

وكما في كل بحث ، كذلك في القرارات القضائية ،هناك مقدمة ، وإن اختلفت العناصر التي تتألف منها القرار عن مقدمة البحث القانوني ،ومثلما تسمح لنا مقدمة البحث بالتعرف العام عليه ،مذلك فان مقدمة القرار القضائي أو ديباجته تقدم لنا لناعرف في معظم القرارات على مختلف أنواعها على الأسماء التالية :

1- إسم المحكمة التي أصدرت الحكم.
2- أسم القاضي الفرد او القضاة الذين بتوا في النزاع .
3- رقم الدعوى التي تفصل فيها المحكمة (رقم الحكم) وتاريخ صدور الحكم.
4- أسماء أطراف النزاع المتخاصمين.
5- باسم من صدر الحكم و طبقا لماذا ( باسم الملك وكبقا للقانون).

الفرع الثاني : التعليل أو التسبيب

يتصمن هذا القسم في معظم الأحوال عرضا للعناصر الواقعية و القانونية للنزاع، دون أن يكون فصلها تاما بالضرورة، إذا أنه عند تعدد وتعقد العناصر الواقعية للنزاع تبدأ المحكمة بعرض وقائع النزاع ثم تذكر العنصر القانوني المقابل له، وتقوم بتفسيره.

بمعنى آخر تقوم المحكنة بتحديد النقطة أو المعضلة القانونية وتذكر القاعدة ابقانونية المقابلة لها، أو تحديد القواعد القانونية الواجب تطبيقها على الواقعة القانونية ، ثم تتتاول النقطة الثانية ثم همذا دواليك ، وبالإجمال فإن الأحكام تتألف من فقرتين :

أولا: حيث تستعرض المحكمة للعناصر الواقعية للنزاع وتعنونها بعبارة (خيث، بعد التدقيق.. ) ، أي قراءةتها وفهمعا و استعراضها للوقائع من خلال تلخيصها للنزاع ، حيث تصف هذا النزاع قبل وصوله الى القضاء والإجراءات في مراحل التقاضي السابقة (إن وجدت) ،ثم طلبات دفاع ودفوع الخصوم ، ومن قراءتها وفهمها هذا نصل الى تحديد المعضلة أو النقاط القانونية.
ثانيا: تقوم المحكمة بتحديد القواعد القانونية الواجبة التطبيق على وقائع النزاع حيث تقوم بتطبيق القواعد على الوقائع و الربط بينها وتأويلها أو تعليلها ، وهو ما يسمى بالتكييف ، والتعليل ويسمي البعض هذه الفقرة “بالحيثيات و الاسباب” لانها تبدأ بصيغة وحيث إن ولانها تتكون:

1- من الأسباب الموضوعية ( الوقعية) التي دفعت المحكمة الى اختيار الحل الوارد في منطوق الحكم دون سواه.

2- بيان الأسانيد القانونية ( القاعدة القانونية . المبدأ القانوني ) الذي يصدره الحكم تطبيقا له.
وبجمع هذه الفقرة التكييف و التعليل تكون قد جمعت بين القاعدة و التطبيق

الفرع الثالث : الفقرة الحكمية

تتضمن الفقرة الحكمية أو منطوق الحكم الحل ابذي تفصل فيه المحكمة بالنزاع المعروض عليها، ويعتبر بالكبع الجزء الاهم في القرار كونه نتيجة الحكم، ويتضمن ما قضت به المحكمة من الطلبات المعروضة أمامها، وهو الجزء الذي يهتم به أطراف النزاع في الدعوى لأن فيه تعلن المحكمة رفض الدعوى أو رفض الطعن أو قبول طلبات المدعي وغير ذلك.

وعادة ما يبدأ منطوق الحكم بعبارة (ولذلك(؟أو ( بعد الإطلاع ) ،أو ( بعد سماع )، أو (كما تقدم( ، أو ( لهذه الأسباب ) (حيث) .. وتسرد المحكمة العديد من اشباه الجمل و الجمل الكاملة الماعلقة بها ثم تنتهي بالجملة الرئسية (قررت المحكمة).

بعد التعرف على شكل القرار القضائي و أقسامه يصبح بالامكان الإنتقال إلى المنهجية التي يمكن للطالب الإعتماد عليها للتعليق على قرار قضائي ، آنما لابد من التذكير هنا أن المنهجية تتغير وفقا لأسلوب الأستلذ المحاضر أو الجامعات التي تعلم فيها ، كما قد تختلف جزئيا بتنوع مواد القانون مثلا: التعليق على قرارت المحاكم الإدارية قد تختلف عن التعليق عن القرارات المدنية أو الجنائية.
لذلك فإن تركيزنا سينصب نوعا ما على منهجية مشتركة يمكن إعتمادها كإطار للعمل في كافة أنواع القرارات.

المطلب الثاني : التعرف إلى جوهر القرار

قبل البدء بالتعليق ، وكما هو الحال في النوازل ، أو عند الإسنعداد لأي عمل نود القيام به ، هناك مرحلة تحضيرية لابد من القيام بها كي لا يأتي العمل مترجلا ومشوبا بالأخطاء و العيوب ، لذلك لابد لنا من فهم القرار أولا، ثم القيام بتحليله ذهنيا ثانيا ، للتمكن من وضع خطة للتعليق عليه ثالثا.

الفرع الأول : فهم وتحديد الموضوع

كما هي القاعدة في النوازل كذلك فإن أول شيء نقوم به هو قراءة القرار أو الحكم عدة مرات ،دون تدوين أي شيء ، مع دراسة كل كلمة وردت فيه ، لأنه لا يمكننا التعليق على قرار غير مفهوم ، ففي القراءة الاولى يتم التعرف على القرار و تكوين فكرة أولية أو رؤية شاملة له تشبه عملية التعرف على شخص لأول مرة “الإسم و الشهرة و الملامح الخارجية و الهندام وما شابه” ، ونبدأ في القراءة الثانية باستخراج البنية النحوية للقرار حيث نقوم باستخراج الجمل الرئيسية و عزلها عن بعضها البعض ، بوضع خط تحت ادوات الربط بينها ، وذلك للبدء بتحديد العناصر الفعلية للقرار أي الأصول و القانون ، وهي تلك العناصر التي تقود عملية التحليل لدى القاضي وتوصله الى الحل المكتوب في منطوق نص القرار، وفي هذه القراءة نقوم عادة بالكتابة على هامش القرار وشرحه للتمكن من إستخراج الأسباب الكامنة ، وراء اتخاذ هذا القرار.

الفرع الثاني : التحليل الذهني للحكم 

تسمح هذه القراءة المتأنية و المعمقة و المتكررة بإستنتاج النقاط القانونية (نقطة أو نقطتين أو أكثر) والتي يجب أن نركز عليها وندرسها دراسة معمقة.
وعادة ما نبدأ الإشارة الى تلك النقاط بعبارة (حيث إن ) ، أو (من حيث إن).

مثال 1 : وحيث أنه أولى بعدم جواز السير بالدعوى الحاضرة … . 2- وحيث إنه إذا كانت ملاحقته أمام القضاء العسكري قد تمت ضمن الحالة المشهودة بالجرم .3- حيث أجابت الإدارة بأنها لها سلطة تسلسلية ….؛
وبعد إستنتاج أو تحديد النقاط أو المشاكل القانونية التي تتعلق بالقضية محل الحكم ، ( دعوى ملكية مثلا..) ،نبدأ بالتفكير أو التحليل الذهني للمبادئ القانونية التي تحكم هذه المشكلة مثل عناصر دعوى الملكية ، وما هي الوسائل القانونية التي إستخدمها الحكم (نصوص تشريعية ، قرارات ادارية ، مبادئ عرفية … الخ) ، ثم القواعد أو المبادئ و كيفية تطبيقها مقارنة مع الفقه و الإجتهاد ، لأن هذه القواعد هي التي ستكون محل التعليق أو الشرح الأساسي وهي محور المعالجة القانونية ، ولا يكفي معرفة القاعدة القانونية المطبقة ، بل علينا الوقوف على الأبعاد التي أملت تطبيق هذه القاعدة ، القانونية ، السياسية، الإجتماعية ، الإقتصادية ، و الإنسانية وحتى الأخلاقية التي أملت على المحكمة إختيار القرار الذي أصدرته،
لهذا علينا أثناء التحضير للتعليق العودة للفقه و الاجتهاد حول الموضوع المثار لجمع المعلومات اللازمة التي تساعدنا على تقدير النتائج التي سيتركها القرار على تطوير الإجتهاد و تحديث القانون الوضعي.

كما علينا أن نجيب عما آذا كان التفسير الذي عرضه القاضي مطابقا للحالة القانونية بتاريخ صدور القرار أم لا … الخ. أو يالأحرر علينا أن نقارن ما بين التفسير المعطى للقاعدة القانونية من قبل القاضي ، وما مدى تطابقه مع الفقه و الإجتهاد السائد.

وكل تحليلنا يهدف للتوصل إلى نتيجة ، إما مؤيدة أو مدافعة عن قرار القاضي و إما معارضة ، وهذا ما نتبثهوفي تعليقنا على القرار.

الفرع الثالث: وضع مخطط التعليق 

بعد الفهم الكامل، وتحديد النقاط القانونية ، والقواعد التي طبقتها المحكمة وكيفية تطبيقها و نبدأ بوضع مخطط التعليق، الذي يشبه الدراسة أو البحث ، حيث يتألف من مقدمة ومن أقسام وخاتمة.

لكن تحكنا هنا قاعدة عدد النقاط القانونية أو المسانيد ، الأساسية فإذا كان هناك كسألتان نعتمد التقسيم إلى قشكين ، أمت إذا كان هناك ثلاثة نقاط فنعمد الى تقسيم التعليق إلى ثلاثة أقسام متوازية نوعا ما و مهما كان عدد الأقسام فيجب أن نضع عنوانا مختصرا ووافيا لكل منها مراعين مبدأ تفرع العناوين من البحث، حيث يجب أن يكون هناك تسلل منطقي يربط سائر الأقسام ، لأن هذه العناوين يجي أن تشكل الخيط الرفيع الذي يربط يين سائر مواضيع القرار.

المبحث الثاني : المرحلة التنفيذية 

ونعني يها كيغية تنفيذ التعليق أو المنهجية التي نعتمدها في قيامنا بالتعليق على القرار بشكل بحث أو مقالة، والتي ينصح بأن تتألف من مقدمة و أقسام و خاتمة، وهذا البحث أو المقالة (التعليق) هو ماسيتم قراءته من قبل الاستاذ أو القراء ، ومحاسبتنا عليه وليس على ما يدور أو دار في اذهاننا من خلال المرحلة التحضيرية.

المقدمة : كما في البحث ، كذلك في التعليق نيدأ بتقديم القرار أو تعريفه إبتداءا من إسم المحكمة التي أصدرت القرار و درجتها، هل صدر عن غ فة أوو غرفتين أو الغرف مجتمعة، في محكمة النقض أو عن محكمة درجة أولى ؟ إجمالانذكر بمراجع القرار إبتداءا من رقمه وتاريخ صدوره ورقم الملف.

والمقدمة هي الاداة التي ترشد القارى إلى مختلف المسائل التي ستعالج ، ففيها يتم التعريف بالموضوع ، وفائدة التعليق عليه ، وفيها تظهر الاشكالية التي سيجاب عليها و الخطة المعتمدة في هذه الاجابة ، وتؤخذ هذه المعلومات اجمالا(باستثناء الخطة) من مقدمة القرار القضائي ، ويجب وضعها في التعليق ابتداءا باسم المحكمة التي اصدرته ، اما لماذا نضعها؟ فالجواب وبكل بساطة هو لان التعليق يعتبر دراسة مستقلة يفترض ان تكون متكاملة ، وذكر المحكمة التي اصدرت الحكم له اهمية قصوى ، كونه يتيح لنا المقارنة في التحليل بين قضاء عدة محاكنم لمعرفة الاتجاه الغالب في الاجتهاد القضائي فاذا كان القرار الصادر عن محكمة النقض فيمكن مقارناته مع القرارات الصادرة عن المحاكم العليا الاجنبية المماثلة، او حتى احيانا مع قرارات الغرف المختلفة لنفس المحكمة.

أما تاريخ صدور القرار فله أهميته أما تاريخ صدور القرار فله أهميته البالغة لمعرفة هل حصل تحول في الاجتهادات السابقة ؟ أو هل حصل تفسير جديد لقاعدة قانونية معينة؟ أو هل تم اللجوء الى قاعدة قانونية أخرى؟ .. الخ

ومن الطبيعي معرفة الأطراف في النزاع ، وذكر المدعى عليه أو المدعى عليهم ، والمدعي ؛ والمستأنف و المستأنف ضده، وما هو موضوع النزاع، كل ذلك لتمكين القارئ من التعرف على الأشخاص مةضوع التزاع ، واسهيلا لفهم عنلصره، لذلك ينصح بما يلي :
1- وضع تصميم أو خطة مفصلة قبل البدء بالكتابة .
2-تحضير المقدنة على المسودة أولا، واختيار كلماتها بعناية.

3- التدقيق بالعناوين المختارة و الترابط بينها.
4- إكمال صياغة المقدمة و نسخها ثم الإنتقال مباشرة الى الشرح الموسع في المطلب الاول.

المطلب الأول : تحليل الحكم

يخصص هذا القسم لعرض عناصر القرار بوضوح، أما المناقشة و ابداء الاراء القانونية فتترك للقسم الثاني، ويهذف التحليل إلى تمكين الطالب من فهم النزاع والإحاطة بعناصره، و بالتالي فهم الحل القانوني حيث تقوم بتشريح الحكم أو القرار إلى عناصره الأولية.
ويتم ذلك بالقيام بوصف عناصر النزاع بلغتنا الخاصة مع إبقاء عناصر النزاع كما وردت في القرار دون اضافة أو حذف.

الفرع الاول : إستعراض وقائع النزاع (وصف الوقائع بإختصار)

كما في حل النوازل ، كذلك في التعليق على القرار، فأول ما نبدأ به هو عرض عناصر النزاع أو استعراض الوقائع بالتسلسل الزمني بلغتنا وأسلوبنا ، وليس بلغة المحكمو.
هنا نطبق نفس القواعد التي تعلمنها في النوازل، وللتذكير: نستعرض العناصر المنتجة أو ذات الأثر القانوني، لا تكهن و لا افتراض ولا تحميل للوقائع ما لا تختمل.

بل نكتفي بذكر الأحداث التي أدت إلى نشوء النزاع : تصرفات قانونية “بيع” أو ” وعد بالبيع ” أو “إيجار” ؛ أو افعال مادية منتجة لآثار قانونية مثل ” إيداء أو صدم “.
فمثلا إذا اشترى موزريك من بوربوح وحصل بينهما نزاع حول تنفيذ العقد، وقام بربوح بضرب موزريك دون إحداث ضرر جسدي؛ هوا لا حاجة لذكر ابضرب لأن القرار يعالج المسؤولية العقدية نتيجة عدم تنفيذ الإلتزام .
وينصح بما يلي :

1- الانتباه عند القراءة المتأنية لأي واقعة قد تكون جوهرية ومن شأنها أن تؤثر في الحل ابذي وضعه القاضي سليا أو إيجابا.

2- إستعراض الوقائع بالتسلسل الزمني حسب وقوعها ومرتبة بشكل نقاط.

3- عدم افتراض وقائع لم تذكر في القرار، وعدم تحميلها أكثر مما تختمل.

4- واذا كان هناك أكثر من مرحلة من مراحل النزاع القضائي ، فعلينا تبيان ذلك وعرض مختلف المراحل القضائية التي مر بها النزاع، عبر درجات التقاضي وصولا إلى صدور القرار محل التعليق وبإيجاز (أسباب واقعية وقانونية ) طلبات الخصوم ، ثم الحل القانوني الذي أعطته المحكمةللمستأنف أو المنقوض ضدها.

ملاحظة : نعتمد في هذه المراحل السابقة الإيجاز ، لأن المطلوب هو التعليق على القرار الصادر عن محكمة النقض ، وغير مطلوب منا العودة الى المراحل الاولى للمحاكمة، ةطوتذكرها فقط لفهم القضية ككل وعلى الشكل النالي:
أ_ سير الدعوى:
– محكمةالدرجة الأولى
-محكمة الاستيناف
ب_الطعن بالنقض
ج_تسبيب منطوق الحكم أمامحكمة النقض.

الفرع الثاني : الخصوم الققانونية

يلزم الخصوم في نزاع ما بالادلاء بالعناصر الواقعية التي ولدت النزاع وهي نزاعم وطلبات أطراف النزاع التي استندوا إليها للمطالبة بحقوقهم ويجب أن تكون الإدعاءات نرتبة مع شرح السند القانوني لكل منها ، أي ذكر النص القانوني الذي اعتمدوا عليه ولا يجوز الاكتفاء بذكر سوء تطبيق القانون أو مخالفة القانون، لأن الأحكام و القرارات تستند إلى ادعاءات الخصوم .
ومن الممكن أم يدلوا بعناصر قانونية يعتقدون انهاتبرر الحكم لصالحهم ، لذلك نستعرض هذه الإدلاءات و نحصرها بتلك ابتي تطرقت اليها المحكمة مصدرة القرار فقط(موضوع النعليق) ، ومن المستحسن أن تعؤض الإدلاءات القانونية بشكل يبرز النقطة ابقانونية المطروحة على المحكمة.

الفرع الثالث : المسائل وحل التعليق 

نعني بها النقطة أو النقاط القانونية التي أثيرت أمام المحكمة و التي طرحها الخصوم ووجب على المحكمة حلها، ولكن تحديد النقاط القانونية لا يتوقف على ما ادلى به الخصوم بل على المحكمة البحث عنها من خلال العناصر الواقعية ذاتها، اضافة الى ادلاءات الخصوم و طلباتهم . و البحث عن النقاط القانونية يتطلب منا البحث عن الوصف القانوني لعناصر النزاع ، تمهيدا للوصول الى القاعدة القانونية الواجب تطبيقها.

فالنقطة القانونية هي السؤال الذي تبادر الى ذهن القاضي عند الفصل في النزاع لأن تناقض الادلاءات و تضارب الادعاءات يقير اشكالا قانونيا ويقوم القاضي بحله في اواخر حيثيات القرار قبل وضعه في منطوق الحكم . اذا الاشكال القانوني ( النقطة القانونية) لا يظهر في القرار و إنما يستنبط من الادعاءات ومن الحل القانوني الذي توصل اليه الثاضي.

ومن شروط طرح النقطة القانونية :

اولا : طرحها في شكل يؤال أو عدة اسئلة ، أي سؤال رئيسي او اسئلة فرعية.

ثانيا : أن يتم طرحها باسلوب قانوني ، فبدلا من : هل يحق لموزريك أن يبيع عقغره بموجب وكالة؟ يطرح السؤال على الشكل التالي : هل القيد في السجل العقاري ركنا أساسيا في إنعقاد البيع ؟

ثالثا : أن يتم طرح النقطة طرحا تطبيقيا ، فمثلا : هل يشكل الغش عيبا في العقد ؟ ، تطؤح بشكل تطبيقي على الشكل التالي : هل تعتبر المعلومات الخاطئة التي ادلى بها موزريك لبوربوح بخصوص جودة المبيع تمثل غشا يؤدي لقابلية العقد للإبطال ؟

رابعا : لا تطرح نقطة لم يظهر أنه دار حولها نزاع بين الأطراف ، فمثلا اذا تبين أن موزريك باع عقاره دون ان يذكر شيئا حول تسجيله في السجل العقاري ، ودار نزاع بينهما جول تسديد الثمن ، فلا داع لطرح اشكالية التسجيل.

خامسا : يقتصر التعليق على النقاط الهامة (فقط نقطتين او ثلاثة) ، ومع وصف موجز للحلول المستبعدة من التعليق ، ثم تحرير الموضوع الثانوني وفقا للاطار الاكاديمي.

وبقدر ما توضع الاشكالية أو نحدد النقطة القانونية بطريقة صحيحة بقدر ما يوفق المعلق في تحليل المسألة المعروضة أمامه من خلال الحكم أو القرار القضائي ، وبالنتيجة فإن المرحلة التحضيرية هي عبارة عن عمل وصفي بلغة المعلق الشخصية ، وعليه أن يتوخى الدقة في الوصف لأن تحليلاته في المرحلة الثانية ستبنيى على ما استخلصه في هذه المرحلة.

نصائح مختصرة للمطلب الاول ( القسم الاول من التعليق:

1_ عرض موجز وواضح لكل واقعة من وقائع القضية.
2_ يجب ان تتم صياغة النقاط القانونية المثارة بشكل واضح.
3_ يجب عرض النقاط بشكل متسلسل.
4_ عرض واضح بلحلول التي وضعت للنقاط المثارة.
5_ تطرح كل نقطة بشكل استفهامي.

المطلب الثاني : تقييم الحكم أو القرار (مناقشة الحل القانوني

تقييم الحكم هو ابداء الرأي القانوني الذي اعتمدته المحكمة بتوافق مع الحل المعتمد في القانون الوضعي وعلى ضوء الارلء الفقهية و الاجتهادية للموضوع المطروح.

وتقتضي هذه المرحلة وشع خطة لدراسة المسألة القانونية و الاجابة على النقاط أو الاشكاليات القانونية التي يطرحها القرار قبل مناقشتها ويشترط في هذه الخطة :

1_ وضع تصميم لها وكأنه تصميم لبحث : مقدمة وعرض و خاتمة.
2_ أن تكون خطة تطبيقية ، أي تتعلق بالقضية المثارة واطراف النزاع من خلال العناوين ، وعلى الطالب تجنب الخطة النظرية و الاكتفاء بالخطة التطبيقية كي لا تتكرر المعلومات.
3_ ان تكون خطة دقيقة ومحددة نبتعد فيها عن العناوين العامة.
4_ أن تكون الخطة متوازنة ومتسلسلة منطقيا بحيث تكون العناوين تمن حيث مضمونها متتابعة وفقا لتتابع وقائع القضية ، فنظهر بذلك بداية النزاع في بداية الخطة كما ننهي النزاع بنهاية الخطة .
5_ أن توضع خطة تجيب عن النقاط القانونية ، فإذا كان ممكنا يتم استخراج نفطتين قانونيتين وتعالج كل واحدة منهنا في مبحث مستقل.

وبعد ان يضع المعلق الخطة بكل عناوينها ، يبدأ من خلالها بمناقشة المسألة القانونية التي يتعلق بها الحكم أو القرار القضائس محل التعليق؛ إبتداءا بالمقدمة مرورا بصلب الموضوع وصولا إلى الخاتمة ، كما يلي :

الفرع الاول : المقدمة 

يبدأ المغلق بعرض موضوع المسأرة القانونية محل التعليق في جملة موجزى ، ثم يعمد بعدها الى تلخيص قضية الحكم أو القرار في فقرة متماسكة ، يسرد فيها بإيجاز كل الوقائع و إدلاءات الخصوم الثانونية منتهيا بطرح النقطة القانونية بشكل مختصر.
وينتقل بعد هذه الفقرة الى صلب الموضوع الذي نقسمه إلى مباحث أو إلى فقرات أو نبذات.

الفرع الثاني : المناقشة 

يقسم عرض الموضوع حسب عدد النقاط القانونية المثارة -وفقا بعناوين الخطة- وتشكل هذه النقطة عنوانا مستقلا للبحث، والذي يعتبر مناقشة نظرية و تطبيقية ، مع اعطاء الرأي الشخصي في الحل القانوني الذي اعطته المحكمة ، ويتم معالجة كل اشكالية أو نقطة على الشكل التالي :

الفقرة الاولى : مناقشة مدى انطباق القاعدة القانونية على الوقائع بطريقة مناسبة 

أ- مدى تقييم التكييف القانوني للوقائع.
ب-مدى انطبتق القاعدة القانونية على الوقائع ، موقف هذا الحل بالنسبة للنصوص القانونية، هل إستند إلى نص قانوني ؟ هل هذا النص واضح أم غامض ؟ كيف تم تفسيره؟ ووفق اي اتاجاه؟

الفقرة الثانية : مدى تفسير القاعدة القانونية على الوجه الصحيح

أ-موقف الفقه من الحل ، وماهي الاراء الفقصدهية بالنسبة لهذه المسألة ؟ وما هو الرأي الذي إعتمده القرار؟ ومدى توافق التفسير مع روح النص وفقا لرأي الفقه السائد ؟

ب- موقف الاجتهاد من هذا الحل، هل يتوافق مع الإجتهاد السابق، أم يطوره ، أم أنه يشكل نفطة تحول بالنسبة له؟ هل يتوافق هذا التفسير مع اجتهاد تابث أو متغير ؟ وماهي المراحل ابتي مر بها الإجتهاد؟

ج- هل هناك توافق أو إنسجام حول الأمر المطروح ؟ ماهو رأينا الشخصي وبالتالي يحب على المعلق الاستعانة بالمعلومات النظرية المتعلقة بالمسألة القانونية محل التعليق ، ثم الرجوع في كل مرة إلى حيث الحكم أو القرار محل النعليق لتطبيق تلك المعلومات على القضية المطروحة.

د- هل هناك من جدة أو ابتكار ؟ وإذا ما وجدت ، فهل تمسجم مع رأي الفقه و الإجتهاد؟

الفقرة الثالثة : أوجد القوة الضعف 

أ- أوجه القوة : الصحة في الحكم (مع الاستشهاد بالآراء الفقهية السائدة).
ب- أوجه الضعف : النقد مع الإستشهاد بالآراء الفقهية السائدة.
ج- إعطاء حكم تقييمي : دراسة شخصية -للحل الذي جاء به القرار- وهل يرى المعلق بأن هناك حكم أفضل ، له إيجابيات الحل المهطى دون أن تكون له سلبياته؟

الفرع الثالث : الإستنتاج 

أ-إستخراج قيمة الحل من النواحي الإجتماعية و الإقتصادية (المصالج التي يحميها القانون) وهنا على الباحث تقييم القانون الوضعي ذاته أو القاعدة القانونية ابتي طبقتها المحكمة.
ب-الإضافة التي يقدمها الحكم الى العلم القانوني :
وهنا علينا إظهار النتائج التي يمكن أن تترتب على الحل الذي إعتمدته المحكمة على صعيد تطور ابقانون الوضعي (مدى أبعاد الحل المعتمد في القرار).
ونختم بخلاصة إحتمالية -للنقطة أو النقاط المطروحة – مفادها أن الأشكال القانوني ، الذي يطرحه الحكم أو القرار القضائي محل التعليق تتعلق بمسألة قانونية معينة من اصل قانوني معين يذكره المعلق معالجا بذلك الحل الذي توصل إليه القضاء ، إما الإبجاب أي بموافقته أو بمعارضته مع عرض البديل ، وبهذا يختتم المعلق تعليقه على القرار.

نصائح القسم الثاني من التعليق :

1- مناقشة المسائل أو النطاق بشكل متسلسل وفقا لأهميتها في القرار.
2- الإنطلاق من المبدأ القانوني العام إلى تفرعاتها، أو من القاعدة القانونية الواقعة التي ستطبق عليها.
3- مراعاة الوضوح في إستعمال التعايير القانونية.
4- عدم إستعمال سوى الكلمة اللازمة ، و الإبتعاد عن الكلمات الطنانة؛ والإقتصار على الكلمات القانونية .
5- تخصيص كل فكرة مستقلة في فقرة واحدة إذا أمكن .

الخاتمة : إن هذه المنهجية هي مجرد إطار أو نطاق إرتكاز و يعود إليها الطالب ليتذكر ما يجب معالجته أثناء التعليق على قرار قضائي ، وقد لا تكون الإطار الأفضل أو المثالي ، لأن القرارات تختلف بتعدد فروع القانون ودور الإجتهاد ومناقشته، فيزداد مثلا في القرارات الإدارية، بينما يكون أقل في القرارات الجنائية.

شارك الموضوع للإفادة..

قد يعجبك ايضا