تقرير حول أشغال الندوة الدولية: “الإعلام والقضاء نحو علاقة أوضح”

شهد مقر جهة طنجة تطوان الحسيمة، بمدينة طنجة ندوة علمية دولية متميزة بتنظيم مشترك بين “نادي قضاة  المغرب” من جهة “والمركز الإعلامي المتوسطي” من جهة أخرى وذلك يوم الجمعة 24 نونبر 2017 حول موضوع ” الإعلام والقضاء، نحو علاقة أوضح “.

وقد استهلت الندوة بكلمتين افتتاحيتين لكل من “رئيس المركز الإعلامي المتوسطي” رد”ولممثل عن المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب بالدائرة الاستئنافية بطنجة” اللذين أكدى على أهمية الموضوع وتجدده عبر الزمن، ومرحبين بالحضور الكريم الوازن من أساتذة وقضاة وإعلاميين وطلبة ومهتمين.

أعقبه تسليم الكلمة لرئيس الجلسة ” الدكتور محمد الإدريسي علمي المشيشي، وزير العدل السابق” الذي أكد قبل تحويل الكلمة إلى السادة المشاركين على أن العلاقة بين الاعلام والقضاء موضوع ليس خاص بالمغرب فقط، بل هو موضوع دولي تشترك فيه كل الدول، وأن العلاقة التي تربط بين السلطتين علاقة واضحة لكنها معقدة، وتعرف مدا وزجرا مرة نحو التفاهم والتجانس ومرة نحو النفور، وأكد الفقيه أن مفهوم علنية الجلسات تغير بدخلول التكنولوجية حيث أصبح من السهل اطلاع المجتمع على ما يروج في الجلسات بكبسة زر فقط، وبالتالي لا بد من تكريس علاقة وطيدة بين الطرفين خدمة للصالح العام.

بعدها تسلم الكلمة ” الأستاذ يونس مجاهد الرئيس الأسبق للنقابة الوطنية للصحافة المغربية ” حيث أبرز في مداخلته مجهودات نقابة الصحافة في ضبط المهنة ، وشدد على ضرورة معالجة المشاكل الداخلية التي تعاني منها السلطة الرابعة بأن تكون قضاء على نفسها أي أن تعالج داخليا ذاتيا قبل الوصول إلى ساحة القضاء، وأكد على الحاجة الملحة في تنظيم المهنة بعدما برزت الصحافة الإلكترونية في الساحة بإشكالاتها المتعددة، في أفق أن تكون هناك مقاولة صحفية حقيقية تخلق أرضية اشتغال فعالة بعيدا عن الهشاشة التي تؤدي حتما إلى المشاكل، كما أبرز في هذا الإطار لضرورة التفرقة بين الصحفي المهني الذي يخضع لقانون ينظمه ويحاسبه وله إكراهاته، وبين المواطن الصحفي الذي يتخبط في غالب الأحيان في العشوائية وغياب الموضوعية ونقل الخبر دون ضوابط. كما أشار إلى الدور الذي يجب أن يلعبه القضاة في خلق اجتهاد قضائي فعال في هذا المجال الإعلامي، وأيضا تطرق إلى دور الأساسي للسياسات العمومية التي يجب أن تدعم المقاولة المهنية المواطنة، وتنبيهه أن للمجتمع ككل دور في محاربة الأمية الإعلامية عن طريق التربية على الإعلام التي تحتاج مواكبة حكومية لتحقيقها وترسيخ قيمها لدى المواطن.

وكانت المداخلة الثانية “للأستاذ ياسين مخلي، بصفته عضوا في نادي قضاة المغرب، الذي قدم عرضا معنون ب” نحو علاقة جديدة بين القضاء والإعلام” وانتقل في عرضه من المقاربة التقليدية لعلاقة الإعلام بالقضاء التي اتسمت عموما بالتحفظ من جانب القضاء وعدم الفهم المتبادل لكثير الأسباب أهمها غياب إطار قانوني مؤسساتي منظم لهذه العلاقة، واختلاف الزمن القضائي الذي يتسم بنوع من الطول بفعل تعدد الإجراءات والزمن الإعلامي الذي يقوم بالأساس على السبق الصحفي أي السرعة، إلى علاقة القضاء بالإعلام على ضوء التوصيات والمبادئ الدولية التي أكدت في جملها على ضرورة وجود علاقة متينة بين السلطتين في احترام متبادل لطبيعة عمل كل سلطة، ثم أبرز مسار هذه العلاقة في المغرب التي انتقلت من الجمود وعدم المأسسة إلى التوجه الجديد نحو تأسيس علاقة جديدة بين القضاء والإعلام بعد استقلال النيابة العامة عن وزارة العدل، ليتساءل بعد ذلك عن القيود الواردة على حرية الإعلام، هل تحقق بين حق الحصول على المعلومات وقواعد المحاكمة العادلة ؟

ليختم مداخلته بخلاصات تتمثل في الحاجة لتحسين العلاقة بين القضاء والإعلام، وضرورة وضع مبادئ توجيهية تنظم هذه العلاقة وتسهل ولوج الإعلام للمعلومة القضائية سواء قبل انعقاد الجلسات أو خلالها أو بعد صدور الأحكام والقرارات القضائية، كذلك أهمية توحيد مناهج التواصل بين القضاء والإعلام، وأخيرا جدوى انفتاح القضاة مع الإعلام في إطار التوازن بين ضمان حق المواطنين في المعلومات وصيانة قواعد المحاكمة العادلة.

وتلتها مداخلة “الأستاذ خوسي لويس مارتنيز، منسق المجلس الأعلى للسلطة القضائية المكلف بالتكوين المستمر للقضاة، الذي طر التجربة الرائدة في خلق التواصل بين القضاء والإعلام في إسبانيا وذلك بوضع مكاتب متخصصة لهذا الغرض.

ثم أعقبتها مداخلة “الأستاذ محمد أحمد عدة رئيس تحرير الأخبار بقناة ” ميدي 1 تيفي” الذي أبرز فيها أن الصحافة وعبر التاريخ في المغرب تنقسم في علاقتها مع القضاء إلى ثلاث اتجاهات، صحافة ذات إدانة مسبقة للقضاة وصحافة ترى القضاء منزه ومبجل وصحافة تتعامل مع القضاء بتوجهات سياسية إلى ما غير ذلك. كما أبرز المشتركات بين السلطتين كتقنية التحقيق وفي اشتراط التخليق والنزاهة والشفافية، ليأكد في الأخير على ضرورة وجود صحافيون يحسنون التعامل مع المعلومة القضائية خاصة في شقها الإجرائي باعتبار أن جهلهم التعامل مع هذه المعلومات له تأثير وخيم على الرأي العام، وبالتالي وجب على الإعلاميين المتعاملين مع السلطة القضائية التكوين في المجال القانوني.

وكانت آخر مداخلة “للأستاذ محمد المنصوري، رئيس المكتب الجهوي لنادي قضاة المغرب بتطوان، الذي نوه بالدور الذي لعبه الإعلام بإبراز المشاكل والظروف التي مر ويمر منها القاضي وفي وضعية العدالة بشكل عام، وأشار إلى ضرورة وجود تكوين للقاضي في مجال الإعلام والتواصل وعلى الإعلامي كما أكد على ضرورة تقريب الحقيقة الواقعية التي يصل إليها الإعلام إلى الحقيقة القانونية التي يصل إليها القضاء.

وفي الأخير اتفق المتدخلون بعد فتح باب المناقشة وطرح الأسئلة على استمرارية تنظيم لقاءات دورية في هذا الموضوع باعتباره موضوعا متجددا يحتج مزيدا من التواصل لتجنب الإختلاف في العلاقة بين السلطتين والسبب في ذلك عدم التناغم بين القضاء والإعلام، وضرورة تظافر جهود الأطراف الثلاثة في العلاقة (السلطة التشريعية والسلطة القضائية وسلطة الإعلام) فرغم وجود علاقة بين القاضي والإعلامي في إطار الاجتهاد بينهما إلا أنه ليس هناك علاقة بين المؤسستين بشكل قانوني منظم ، لكن مع الدستور الجديد ومع إعطاء حق التعبير للقضاة، هناك ثورة، هناك تحول.

بقلم: “بلال بنسرغين” طالب في ماستر المهن القانونية والقضائية، بطنجة، توضيب فريق عمل موقع “المعلومة القانونية”


ونترككم مع هاته الصور التذكارية التي توثق المشهد:

شارك الموضوع للإفادة..

قد يعجبك ايضا