إشكالية حكم العلاقات الشخصية في القانون الدولي الخاص المغربي

إعداد “إكرام كنان” طالبة باحثة في مجال العلاقات الدولية الخاصة كلية الحقوق السويسي الرباط.

مقدمة:

يشهد عالمنا اليوم تطورا ملحوظا في العلاقات الدولية الخاصة، إذ يعتبر موضوع تنازع القوانين من أهم الموضوعات القانون الدولي الخاص ، بحيث لم تظهر مشكلة تنازع القوانين إلا بسبب النمو الحاصل في العلاقات والمبادلات الدولية . ذلك أنه طيلة فترة ليست بالقصيرة كانت فكرة تنازع القوانين مجهولة أو شبه معدومة ، لأن العلاقات الاجتماعية والاقتصادية بين أفراد المجتمع الدولي لم تكن قد نمت بشكل كاف مما ساعد على طغيان مبدأ إقليمية القوانين في حقل العلاقات الدولية الخاصة.

والجدير بالذكر أن المجال الخصب لتنازع القوانين يكون خاصة في مسائل الأحوال الشخصية نظرا لاختلاف عقائد وخصوصيات الأفراد ، و مهما يكن فإن نطاق الأحوال الشخصية في التشريع المغربي على غرار مختلف التشريعات العربية يشمل ثلاث أمور أساسية تتمثل في : الحالة و الأهلية، التصرفات المضافة إلى ما بعد الموت ،العلاقات الشخصية ويقصد العلاقات الشخصية هي كل مسألة متعلقة بشخصية الفرد وعلاقته بأسرته وهذه المسائل عند المشرع المغربي تشمل ما يلي الحالة والأهلية ، النفقه ، الحضانة ، أهلية المرأة المتزوجة وغيرها…

إلا أن المحاولات التي بذلت لتعريف العلاقات الشخصية لم تصل لتعريف جامع لهذا المصطلح. ذلك راج إلى كون أن تعريف الأحوال الشخصية ليس بالأمر السهل باعتباره لا توجد معالم وحدود واضحة بين المعاملات الشخصية والمعاملات المالية، فبعض المعاملات لها طبيعة مزدوجة كالنفقة والميراث والوصية .

وأمام هذا الوضع كانت الحاجة ملحة إلى وضع نصوص قانونية لحكم العلاقات والروابط القانونية التي يمكن أن تنشأ بين الأفراد سواء المالية أو الشخصية على وجه التحديد، فالروابط الشخصية تشمل المنازعات والمسائل المتعلقة بحالة وأهلية الأشخاص وكذا روابطهم
العائلية من زواج وطلاق وآثارهما، ونفقة ونسب إلى غير ذلك. فضلا عن الآثار المالية المترتبة عن الزواج والتصرفات المضافة بعد الموت، كالإرث والوصايا .

وبناء عليه، تتجلى أهمية الموضوع ” إشكالية العلاقات الشخصية في القانون الدولي الخاص” باعتباره من أهم المواضيع المثارة في مجال تنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي الدولي على حد السواء ، حيث يشكل حقلا جامعا لمجموعة من الفروع القانونية المرتبطة بالأحوال الشخصية -كالقانون التجاري، والقانون المدني ، مدونة الأسرة- ، علاوة على ذلك فإن طبيعة هذا الموضوع لم يحظ بدراسات مهمة في القانون الدولي الخاص المغربي ، لاسيما إذا علمنا أن التشريع المغربي المتعلق بتنازع القوانين والمتمثل في ظهير الوضعية المدنية للأجانب لسنة 1913، لم يشمل الروابط الشخصية بين الزوجين والأبناء بما يستحق من الدقة والتركيز والعناية.

ومن الناحية العملية تبرز أهمية هذا الموضوع في صعوبة تكييف القاضي المغربي لطبيعة العلاقة الشخصية، ولاسيما إذا علمنا أن هذا الأخير هو مفهوم يختلف من مجتمع لآخر، ومن نظام قانوني لآخر، وكذلك في صعوبة تذييل وتنفيذ الأحكام الصادرة في هذا المجال في المغرب الأمر الذي يطرح لنا مجموعة من الإشكالات على مستوى المحاكم.

ومنه، فالإشكال الذي يطرح نفسه : إلى أي حد استطاع المشرع المغربي التوفق في تنظيم العلاقات الشخصية في مجال القانون الدولي الخاص المغربي ؟
هذا الإشكال تتفرع عنه مجموعة من التساؤلات :
ما هو القانون الذي يحكم العلاقات الشخصية بين الزوجين والأبناء؟وما القيود الواردة على هذا القانون ؟ وما المحكمة المختصة دوليا بالنظر في المنازعات المتصلة بها و ما هي الآثار الدولية للأحكام القضائية في هذا مجال ؟

لدراسة هذا الإشكال نبسط التصميم التالي :
في الشق الأول سنتناول القانون المختص بحكم العلاقات الشخصية في القانون الدولي الخاص المغربي. في حين اننا سنعرج في الشق الثاني لتناول الاختصاص القضائي الدولي والآثار الدولية للأحكام الأجنبية في مجال العلاقات الشخصية .

المبحث الأول : القانون المختص بحكم العلاقات الشخصية في القانون الدولي الخاص المغربي

تعتبر العلاقات الشخصية هي الحقوق و الواجبات المتبادلة بين الزوجين. ولقد تباينت التشريعات في تحديد القانون الذي يحكم الآثار الشخصية للزواج فبعض الدول أسندته لقانون الإقامة وهو عادة قانون القاضي وهذا ما أخد به القانون الأمريكي و القانون الإنجليزي،بينما تري دول أخرى بإخضاعها لقانون الجنسية المشتركة للزوجين كاليوناني، أما القانون الفرنسي فلم يتضمن أي نص قانوني يحكم آثار الشخصية للزواج ، بحيث كان القضاء الفرنسي يخضع الآثار الشخصية للزواج لقانون جنسية الزوج وبما في ذلك النسب .أما بالنسبة للمغرب فإن ظهير الوضعية المدنية للفرنسيين و الأجانب الصادر في 12 غشت 1913، لم يعر أي اهتمام فيما يخص الآثار الشخصية للزواج وبذلك يمكن الحديث عن تقصير المشرع في هذا الباب،إلا أن هذا الإشكال يمكن تجاوزه من خلال تطبيق المقتضى الوارد في الفصل 14 من ظهير الوضعية المدنية للأجانب، بحيث أن آثار الزواج تسري عليها جنسية الزوج أثناء انعقاد الزواج.

المطلب الأول: القانون الواجب التطبيق في شأن الروابط الشخصية بين الزوجين والأبناء

خلافا للروابط المالية بين الزوجين في القانون الدولي الخاص، التي خصص لها ظهير الوضعية المدنية للأجانب المواد خاصة بها فإن الروابط الشخصية الناشئة عن الزواج لم تحظ بأي قاعدة تشريعية،صريحة و مباشرة ،لمعالجة التنازع بين القوانين الناجم عن هذه الروابط وبيان القانون الواجب التطبيق بشأنها ،ومن ثم،كان من الواجب أن يضطلع الفقه و القضاء بهذه المهمة، لمواجهة الصعوبات التي تنبثق عن الروابط الشخصية التي تتولد عن الزواج .

وبالفعل، استقرت التحليلات الفقهية و التطبيقات القضائية ، خلال عهد الحماية الفرنسية بالمغرب على أن العلاقات الشخصية للزواج تسري عليها المادة الثالثة المتعلقة بالحالة والأهلية و المادة الثامنة الخاصة بالشروط الجوهرية للزواج والمادة التاسعة المتعلقة بانحلال الرابطة الزوجية. وبعبارة أدق ،فإن هذه الروابط أو العلاقات الشخصية تسري عليها قاعدة التنازع العامة القاضية بالرجوع إلى القانون الشخصي أي القانون الوطني للزوجين.

ويقصد بالعلاقات الشخصية يبن الزوجين مجموع الآثار والنتائج وتتمثل هذه الآثار في مجموعة من الحقوق والواجبات الملقاة على عاتق الزوجين إما لفائدتهما أو بالنسبة لهما معا تجاه أبنائهما أو أقاربهما ، وهذه الحقوق والواجبات قد تكون ذات صبغة شخصية بحتة، ومثال ما تقرره الشريعة الإسلامية حق الزوجة على زوجها في العدل وحسن المعاشرة والإخلاص وثبوت النسب. وآثار شخصية ذات طابع مالي كالحق في الصداق، وحق الزوجة والأبناء في النفقة والحضانة وحق الزيارة ….
وإذا كانت بعض المسائل لا تطرح إشكالا في تكييفها، إن تدخل في نطاق الآثار الشخصية، وتدرج ضمن الحقوق والواجبات المتبادلة بين الزوجين ،ففي المقابل هناك مسألة بالغة الأهمية تطرح صعوبة في تكييفها وهي – مسألة النفقة- أهلية المرأة المتزوجة .

أولا : النفقة

إن المقصود هنا بالنفقة تلك التي تنشأ مباشرة نتيجة لعقد الزواج، فهي من آثار الزواج الشخصية ، ولا تدخل ضمن الآثار المالية، ولو أنها ذات طابع مالي، و لهذا يذهب الفقه والرأي الراجح في تكييف النفقة على أساس أنها من آثار الزواج الشخصية ولا تدخل ضمن الآثار المالية ولو ذات طابع مالي، لان هذه الأخيرة تعتبر نظير حق الاحتباس الذي يمارسه الزوج على زوجته، كما لا تعد من النفقة بين الأقارب التي تخضع لقانون

المدين ، بل هي من الآثار الشخصية للزواج في ذاته، وهذا الرأي أخذ به القضاء الفرنسي في قضية شموني ، كما نصت المادة 37 من القانون الكويتي رقم 05 لسنة 1961 الخاص بتنظيم العلاقات القانونية ذات العنصر الأجنبي بصريح العبارة على أن النفقة من الآثار الشخصية للزواج.

ولقد قضت محكمة النقض الفرنسية في قضية “شموني” بتاريخ 19/02/ 1963 ، المتعلقة بمسألة النفقة بتطبيق القانون الفرنسي على النفقة باعتبارها من أثار الزواج بين زوجين تونسيين متوطّنان بفرنسا، أحدهما تجنس بالجنسية الفرنسية والآخر بقي محتفظا بجنسيته السابقة. وعلّل القضاء الفرنسي ذلك بأنّه لا يجوز تطبيق قانون الجنسية المشتركة السابقة على أثار الزواج المستقبلية، على أساس أنّ لهما موطن مشترك بفرنسا وغير متحدي الجنسية، فطبق القضاء القانون الفرنسي في هذه الحالة. ومن خلال الاطلاع على النازلة “شموني” يتبن أن القضاء الفرنسي قد اتخد فيها موقفا واضحا و محددا، اعتبرت فيه النفقة الواجبة للزوجة أثر من الآثار التي تتمخض عن الزواج ،وبهذه الصفة يسري عليها القانون الذي يسري على الزوج، وهو القانون الوطني للزوجين ، أي القانون الذي يحكم الشروط الجوهرية للزواج، وفقا لقاعدة الإسناد العامة المقررة بالنسبة للحالة و الأهلية بشكل عام.

وذلك ما نص عليه في الفصل 47 من مجلة القانون الدولي الخاص التونسي، إذ نصّت على ما يلي:”تخضع واجبات الزوجين للقانون الشخصي المشترك.

ثانيا : أهلية الزوجة

ما تجب الإشارة إليه ،أن أهلية المرأة المتزوجة لتعاطي التجارة وإجراء التصرفات القانونية ما تزال محل أخد ورد إلى يومنا هذا . فهناك من الدول ما يؤثر فيها الزواج على أهلية المرأة المتزوجة سواء بإبقائها لها كاملة أو جزئيا . وانه لتحديد القانون الواجب التطبيق على المرأة المتزوجة يميز الفقهاء بين ¬إذا كان في تقرير هذا النقص في أهلية الزوجة هدف للمحافظة على سلطة الزوج في أسرته لكونه ربا لها ، و بالتالي

فإنه يخضع للقانون الذي يحكم أثار الزواج . ¬وما إذا كان تقرير هذا النقص هو حماية للمرأة من ضعفها بالنظر إلى جنسها فإن قانونها الشخصي هو المحتضن.
أما الشريعة الإسلامية فهي تسوي بين المرأة و الرجل فيما يتعلق بالأهلية سواء المرأة المتزوجة أم لا، غير أن بعض التشريعات اللاتينية لا تجيز للمرأة المتزوجة ممارسة التجارة و إن كانت بالغة درجة من الرشد لمزاولتها إلا بعد الحصول على إذن زوجها و لهذا وجب الرجوع لقانون الأحوال الشخصية لمعرفة ما إن كان يسمح لها بالتجارة أو لا على خلاف التشريع المغربي .

وبناءا عليه ،يتعين الانتباه إلى التفرقة بين ما إذا كان تقييد الأهلية بالنسبة للمرأة المتزوجة ، تقييدا عاما ، و بالتالي قصورا أو فقدا للأهلية ، أم إذا كان تقييدا خاصا روعيت فيه مصلحة الأسرة، وفي هذا الصدد يرى الأستاذ أحمد عوبيد “أن التفرقة المذكورة ما هي إلا مسألة تكييف ،أولا وأخيرا ، بمعنى أن القاضي هو المطلوب منه النظر في طبيعة التقييد المفروض في هذا المجال وإعطاؤه الوصف المناسب له :هل هو تقييد تقرر لمصلحة المرأة نفسها ،أم أن التقييد المذكور إنما هو فرض لدرء الأخطار التي قد تتعرض لها الأسرة من جراء مبادرة المرأة منفردة و دون دعم من معين لها ؟ “.

وهكذا يؤدي اعتبار التقييد على أهلية المرأة المتزوجة مع تقرر الحماية لها ولمصلحتها إلى جعله خاضعا للقانون الوطني للزوجة ،باعتباره القانون الشخصي ، الذي يتعين تطبيقه لحماية الطرف المعني بالأمر ، وهو التصور الذي أخذت به محكمة الموضوع ، وأيدتها فيه محكمة النقض الفرنسية في الحكم الصادر 25 يونيو 1957 عندما اعتبرت الخلل العقلي ظربا من ظروب فقد الأهلية .

وبناء عن ماسبق فأن التقييد المذكور إنما هو أثر من الآثار الشخصية للزواج بالنسبة للقانون الدولي الخاص المغربي، في القانون الوطني للزوجين ، إذا اتحدا الجنسية، وإلا وجب الرجوع إلى القانون الوطني للزوجة باعتباره القانون الذي يرجع إليه في كل ما يدخل في نطاق الحالة والأهلية، واعتبارا كذلك بأن الأمر يتعلق بحق من الحقوق المعترف به للكافة، مواطنين وأجانب بمقتضى المادة 17 من القانون رقم 15 لسنة 1996 المتعلق بمدونة التجارة التي نصت على أنه :”يحق للمرأة المتزوجة أن تمارس التجارة ،دون أن يتوقف ذلك على إذن من زوجها. وكل اتفاق مخالف يعتبر لاغيا” .

وهي قاعدة من القواعد القانونية ذات التطبيق الفوري تدخل في نطاق قواعد الأمن والبوليس التي يتعين ترجيحها وإعمالها بغض النظر عما إذا كانت الرابطة القانونية رابطة وطنية صرفة أو تتضمن عنصرا أجنبيا شأنها في ذلك شأن الدفع بالنظام العام الذي استند إليه القضاء الفرنسي، أقامها لديه زوج أجنبي، للمطالبة بإلغاء تصرف عقدته زوجته ،يتعلق بتقديم عروض فنية مباشرة أمام الجمهور ،بحيث أعلن القضاء المذكور أن النظام العام الفرنسي يتعارض مع تقديم تلك العروض دون موافقة الزوج

ثالثا : في العلاقة بين الأبناء” تنازع القوانين في الحضانة والحق الزيارة.

تعد الحضانة وحق الزيارة من أهم الآثار التي تترتب على الزواج المختلط و التي من الممكن أن تمتد إلى ما بعد الزواج في حالة الانفصال بين الزوجين أذا حصل نزاع على حضانة الأطفال .

فتداخل مسالة الحضانة ضمن أفكار متعددة ، تارةً ضمن فكره الزواج باعتبارها أثرا من آثاره. ومرةً أخرى ضمن فكرة الطلاق، وتارةً أخرى ضمن علاقة الأولاد بالأباء، لذا نجد أن التشريعات المختلفة للدول قد تباينت فيما بينهما من تبني موقف موحد إزاء ذلك.
الأمر الذي يعكس على مسألة تحديد القانون لواجب التطبيق على مسالة الحضانة فبدلاً من أن يكون هناك قانون واحد واضح ينعقد له الاختصاص في مسائل الحضانة , نجد أن هناك عدة قوانين قد تتزاحم فيما بينها. ويعد تحديد القانون الواجب التطبيق على الحضانة أهمية كبيرة نظرا لعدم النص عليه في جل القوانين العربية، وعند العودة إلى القانون الفرنسي نجده لم يحدد قاعدة إسناد صريحة بهذا الشأن مما أوجد انقساما في آراء الفقهاء وأحكام القضاء في تحديد القانون الواجب التطبيق .

ويمكن رد هذه الاختلافات إلى مجموعة من الاتجاهات فهناك اتجاه يخضع الحضانة للقانون الذي يحكم آثار الزواج وهو قانون جنسية الزوج (الأب) وقت إبرام عقد زواجه سواء كان هذا الطفل شرعيا أم كان طفلا طبيعيا .
وبما أن الحضانة أثر من الآثار الناتجة عن النسب فإن القانون الواجب التطبيق عليها هو القانون الذي أبرم في ظله عقد الزواج، ويدخل هذا الاتجاه تحت لواء الاتجاه القائل بأن الحضانة من آثار الزواج.

إلا أن هناك اتجاه يرى بأن الحضانة لا يمكن أن تخضع إلى أحكام القانون الذي نشأ في ظله عقد الزواج ذلك أن هذه الأسرة أصبحت غير قائمة بعد انتهاء هذا العقد، ومنه فإن القانون الواجب التطبيق هو قانون

الزوج والذي هو في نفس الوقت قانون جنسية الطفل ، وهو الاتجاه التي تبنته مدونة الأسرة لسنة 2004، في الفقرة الأولى من مادتها الثانية التي نصت على أنه:
“تسري أحكام هذه المدونة على:

1- جميع المغاربة ولو كانوا حاملين لجنسية أخرى
ولكن رغم ذلك فقد استطاع القضاء الأوربي أن يستبعد قانون الجنسية بإعماله لقاعدة الإسناد التي تقضي بتطبيق القانون الأصلح للطفل أو ما يعبر عنه في القانون الدولي الخاص بضابط المصلحة الفضلى للطفل.
ومن اجل تحقيق نوع من التلاؤم بين هذه التشريعات ، نتيجة لسكوت معظمها عن معالجة الحضانة، يقترح العمل على توحيد القانون الواجب التطبيق عليها عن طريق اتفاقية تجمع الدول العربية على غرار اتفاقية الرياض للتعاون القضائي لعام 1982 .واتفاقية لاهاي لعام 1996 المتعلقة بالاختصاص والقانون الواجب التطبيق والاعتراف والتنفيذ والتعاون في مادة المسؤولية الأبوية والإجراءات الحمائية للأطفال وسنخص بالذكر اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989 واتفاقية لاهاي لعام 1996.
أ:- اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989 . نصت الفقرة الأولى من المادة الثالثة من هذه الاتفاقية على انه “في جميع الإجراءات التي تتعلق بالأطفال سواء قامت بها مؤسسات الرعاية الاجتماعية العامة أو الخاصة أو المحاكم أو السلطات الإدارية أو الهيئات التشريعية يولى الاعتبار الأول لمصالح الطفل الفضلى ” . كما نصت الفقرة الثانية من نفس المادة على أن ” تتعهد الدول الأطراف بأن تضمن للطفل الحماية والرعاية اللازمتين لرفاهة ، مراعية حقوق وواجبات والديه أو أوصيائه أو غيرهم من الأفراد المسئولين قانوناً عنه، وتتخذ تحقيقاً لهذا الغرض ، جميع التدابير التشريعية والإدارية الملائمة”

ب:- اتفاقية لاهاي لعام 1996 المتعلقة بالاختصاص والقانون المطبق والاعتراف والتنفيذ والتعاون في مادة المسؤولية الأبوية والإجراءات الحماية للأطفال

تختص هذه الاتفاقية التي تم إقرارها في 19/11/1996 بنطاق واسع من قضايا الحماية الدولية للطفل ، بدأ من النزاعات الأبوية حول حضانة للطفل أو الاتصال بها ، حسب نص المادة (3) من هذه المعاهدة ، حيث جاء في الفقرة (ب) من هذه المادة ، حق الحضانة الذي يشمل حق العناية بشخص الطفل ، وخاصة فيما يتعلق بتجديد مكان إقامته، وحق الزيارة الذي يشمل نقله خلال فتره معينة إلى مكان غير مكان إقامته الاعتيادية . وبذلك تعكس هذه الاتفاقية مبدأ “بمصلحة الطفل الفضلى” الذي نصت عليه اتفاقية حقوق الطفل في مادتها الثالثة .

وفي ما سبق فإن من له الحق بالحضانة ، هناك ثلاثة اتجاهات :

1. الرأي الأول : إنها حق للام لها التنازل عنها وإسقاطها ، وهذا ما ذهب إليه البعض من الفقه والقانون التونسي

2. الرأي الثاني : إنها حق للصغير وعلى هذا فلا يجوز إسقاطه، والى هذا ذهب بعض الفقه ، والقانون اليمني
الرأي الراجح : انه حق للام والصغير معاً ، فلو وجد من يقوم بها غير الأم فلها إسقاطها والتنازل عنها ، والامتناع عن القيام بها ، وإذا تعينت فلا حق لها في تركها وإسقاطها لان حق الصغير اقوي من حقها، وهذا رأي البعض من الفقه ، ومعظم قوانين الأحوال الشخصية العربية ، كالقانون العراقي والمصري والأردني والكويتي
أما فيما يتعلق بتحديد القانون الواجب التطبيق على حق الحضانة يعد تنظيمها من المشاكل التي أثارت العديد من المشاكل على المستوى الدولي حول تحديد القانون الواجب التطبيق خاصة و أن هذا الحق يدخل في نطاق المسائل المتعلقة بالأحوال الشخصية، التي لم تعد فكرة تطبيق القانون الوطني قادرة على تنظيمها خاصة أمام تعقد الحياة الدولية وتطور قواعد التنازع في القانون الدولي الخاص المعاصر ، التي أصبحت تعتمد معايير جديدة في إطار حماية حقوق الطفل ومصالحه، كما أن اختلاف الجنسيات يثير العديد من المشاكل الناتجة عن اختيار الطرف الوطني تطبيق قانونه على حساب قانون الطرف الآخر، خاصة وأن الاستناد لقانون الأب باعتباره رب الأسرة يعد مخالفا لمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة كما هو سائد في المجتمع الدولي .

وبالنظر إلى كل هذه الصعوبات فإنه صار من اللازم بيان قواعد الإسناد التي تقوم بإرشاد القاضي للقانون الواجب التطبيق لتنظيم حق الزيارة ذو العنصر الأجنبي.

وإذا كان المشرع المغربي قد اعتمد كل من ضابطي الجنسية والديانة من أجل تحديد نطاق تطبيق قانونه الوطني للأسرة ، وهذا ما كانت جل الدول الأوروبية تحرص عليه لما في ذلك من تكريس لارتباط المهاجرين بقوانينهم الوطنية في مجال قضايا الأسرة، فإنه أمام تزايد تدفق الهجرة المغربية على الدول الأوروبية خاصة منذ عقد السبعينات بحكم الالتحاق المكثف للأسر العمال في إطار ممارسة حق التجمع العائلي، الشيء الذي اضطرت معه هذه الدول إلى تبني قواعد تهدف التقليص من الجانب المشمول بقانون الجنسية لصالح قانون الموطن.
وهكذا فقد اتجه القضاء الفرنسي إلى الأخذ بضابط الموطن كحل لتجاوز أزمة قواعد الإسناد في الروابط الدولية، ففي قرار صادر عن محكمة النقض الفرنسية قضت فيه بإخضاع طلاق الزوجين مختلفي الجنسية لقانون موطنهما المشترك، ومن ذلك الحين أصبح قانون الموطن المشترك هو المعتمد لحكم النزاعات المثارة بين الزوجين ومنها تنظيم حق الزيارة. كما كرست ذلك الفقرة الثانية من المادة 310 من القانون المدني الفرنسي التي تنص على:” خضوع الطلاق أو الانفصال الجسماني للقانون الفرنسي عندما يكون موطن الزوجين داخل التراب الفرنسي بغض النظر عن جنسيتهما”.
وأهم ما يمكن استخلاصه من المادة السالفة الذكر ، أنها تشكل مصادرة صريحة لإمكانية تطبيق القانون الوطني للزوجين المغربيين المقيمين بفرنسا عند طلاقهما وما يترتب عن ذلك من آثار ومنها تنظيم

حق الزيارة والهدف الأساسي من هذا التوجه الذي أخذت به جل تشريعات الدول الأوربية المستقبلة للمهاجرين هو العمل على إقصاء القوانين الأجنبية وتطبيق قوانينها الداخلية على الأجانب الموجودين فوق ترابها، قصد إدماجهم داخل هذه البلاد وقطع صلاتهم مع بلدانهم الأصلية، وتجنب عناء البحث عن مضمون القوانين الأجنبية نظرا لما يتطلبه ذلك من جهد ووقت كبير .

ومن أجل إيجاد حل توفيقي بين تطبيق القانون الوطني المحافظ على ثقافة البلد الأصلي للمهاجر، الذي قد يتناقض مع النظام العام الأوروبي وبين قانون بلد الإقامة الإعتيادية ذهب بعض الفقه ، إلى ابتكار ضابط الإرادة كحل للمشاكل المتعلقة بالأحوال الشخصية للجالية المسلمة بأوربا باعتبار هذا الضابط يراعي مصالح هذه الجالية، عن طريق تخويل الأطراف المعنية إمكانية الاختيار بين قانونهم الوطني، أو قانون محل إقامتهم الاعتيادية كقانون واجب التطبيق على منازعاتهم الأسرية بما فيها ضمان حق زيارة المحضون.

وهذا ما كان له انعكاس على معظم القوانين الأوروبية حيث سارعت معظمها إلى الأخذ بهذا الضابط في مجال الروابط الأسرية ومنها القانون الهولندي الصادر بتاريخ 25 ماي 1981 الذي نص في الفصل الأول منه على أن القانون الهولندي يطبق في مادة الطلاق والانفصال الجسماني في حالة اتفاق الأطراف على اختياره، أو في حالة المطالبة بتطبيقه من قبل أحد الأطراف وعدم معارضة الآخر على ذلك .

هذا الاتجاه الذي تبناه القضاء الهولندي باعتماد ضابط الإدارة في مجال تنظيم حق الزيارة، وذلك من خلال إعطاء الأطراف حق اختيار القانون الذي يتولى حكم النزاع كان الهدف الأساسي منه هو تحقيق سياسة الإدماج التي تنهجها أغلب الدول الأوروبية في مقاربتها لظاهرة الهجرة، ذلك أنه إذا كان ضابط الإدارة يسعى إلى إعطاء الأفراد حرية الإختيار بين القانون الوطني وقانون دولة الإقامة الاعتيادية فإن الاختيار يسير في الواقع في اتجاه واحد هو قانون هذه الأخيرة، ذلك أن القضاء الأوروبي وبعد اختيار الأطراف لمدونة الآسرة كقانون مطبق على النزاع، يعود ليتدخل بحجة معارضة مقتضياته للنظام العام الأوروبي ويطبق قانون القاضي بصفة احتياطية .

وبذلك فأن ضابط الإدارة لا يمكنه أن يحقق الأهداف المتوخاة منه لاسيما ما يتعلق بتحقيق نوع من المساواة بين القوانين الأصلية للمهاجرين وقوانين بلدان إقامتهم، إلا من خلال التقليص من اعتماد ضابط الإقامة الاعتيادية وإعطاء الأفراد إمكانية المفاضلة بين القانون الوطني وقانون الإقامة الاعتيادية وذلك عن طريق التخفيف من حدة الدفع بالنظام العام عندما يقع الاختيار على القانون الوطني .

إضافة إلى هذا فإن القضاء الأوروبي استطاع أن يجعل من المصلحة الفضلى للطفل ضابطا يقفز على مختلف الاعتبارات القانونية الوطنية، خاصة عندما يتعلق الأمر بنزاع يهم الطفل كما هو الشأن بالنسبة لتنظيم حق الزيارة، حيث يقوم بسحب الاختصاص من قانونه الوطني ليعطي لقانون القاضي إذا كان هذا القانون هو الأصلح للطفل ، ومعنى هذا أنه كلما كان القانون الوطني للطفل يوفر له حماية وضمان أكبر لتنظيم حق الزيارة أمكن تطبيقه، وإذا تبين أن هذا القانون يخل بهذه المصلحة فإنه يتم تعويضه تلقائيا بقانون موطن الطفل أو قانون القاضي الذي يوفر له الرعاية اللازمة .

وبناءا عن ما تقدم يتضح أن القاضي يلعب دورا محوريا في تحديد القانون الذي يحقق أكبر مصلحة للطفل وهذا التحديد متوقف على إثبات كل القوانين التي تعينها قاعدة الإسناد ثم القيام باختيار أنسبها لتحقيق مصالح الطفل على اعتبار أن هذه المصلحة هي خيار جوهري يمس النظام العام، فلا يمكن تركه لغير القاضي لأن ترك ذلك للأبوين اللذين يوجدان في حالة نزاع يخشى منه أن يلجأ كل واحد منهما إلى اختيار القانون الذي يحقق مصالحه على حساب مصلحة المحضون، كما أن ترك ذلك للطفل الذي يعد قاصرا أمرا غير مستساغ لكون الطفل غير آهل لكي يحدد القانون الذي يضمن له حماية أوفر .

وانطلاقا من هذا فإن المصلحة الفضلى للطفل تجيز للقاضي غض الطرف عن القانون الوطني للطفل ما دام أنه لا يوفر له الرعاية والحماية اللازمة ، لكنه في الحالة التي تعين قاعدة التنازع قوانين ذات قيمة متساوية لتحقيق مصلحة الطفل، فإن القضاء التونسي ذهب في حكم له إلى أنه:” بعد الاطلاع على الفصل 54 وما بعده من مدونة الأسرة والفصول 203و208و286 وما بعده من المجلة المدنية الفرنسية يتضح أن هناك تكافؤا في وضع مصلحة الطفل فوق كل اعتبار كمبدأ أساسي وعام، فلا يمكن تفصيل أحدهما على الآخر مما يتعين معه التصريح بتطبيق القانون التونسي بوصفه قانون المحكمة والقانون الذي أسس عليه الأطراف مستنداتهما”.

المطلب الثاني: حالات تغير واستبعاد ضابط الإسناد المختص لحكم العلاقات الشخصية

أولا : التنازع المتحرك في مجال الروابط الشخصية بين الزوجين

يقصد بالتنازع المتحرك بأنه التنازع الذي ينشأ نتيجة تغيير يلحق ضابط الإسناد ، بالنسبة لرابطة قانونية تخضع على وجه التتابع ،لنظامين قانونيين مختلفين ومن المتفق عليه أن التنازع المتحرك الناشئ بصدد الروابط الشخصية بين الزوجين يعتمد في معالجته على المبدأ الفوري للقانون الجديد، المشهور في حقل التنازع الانتقالي، بوجه عام، الآمر الذي يعني أن تغيير ضابط الإسناد المعمول به لبيان القانون المختص بالنسبة للروابط الشخصية هو ضابط الجنسية الآمر الذي يؤدي بنا إلى القول أن الروابط الشخصية التي نشأت قبل تغيير ضابط الإسناد، تضل خاضعة للقانون القديم الذي نشأت في ظله، بحيث يرجع بالحكم عليها إلى القانون القديم أي القانون السابق لحصول التغيير ،ولا شأن للقانون الجديد بها ( للقانون اللاحق لتغيير الجنسية)،أي ضابط الإسناد. وفي المقابل يسري القانون الجديد وهو الذي أصبح الزوجان خاضعين له بعد تغيير ضابط الإسناد على الروابط الشخصية التي ستنشأ بين الزوجين ابتداء من تاريخ حدوث التغيير على ضابط الإسناد .

بالرجوع البند 18من القانون النمساوي المتعلق بالقانون الدولي الخاص الصادر يوم 15 يونيو 1978 على أن الروابط الشخصية بين الزوجين تخضع لآخر قانون شخصي مشترك بينهما ،بشرط أن يظل أحد الزوجين على الأقل خاضعا للقانون النمساوي. الأمر الذي يؤكد ما سبق الإشارة إليه من إعمال القاعدة.

الأثر الفوري للقانون الجديد بالنسبة للروابط الشخصية التي ستقوم بين الزوجين ابتداء من تاريخ المعتبر للتغيير الطارئ على ضابط الإسناد . نفس الاتجاه ذهب فيه المرسوم رقم 13 لسنة 1979 المتعلق بالقانون الدولي الخاص المجرى الذي قضى في البند39منه، بأن الروابط الشخصية بين الزوجين تخضع للقانون الشخصي المشترك بينهما.

وأن تغيير القانون الشخصي لا يترتب عليه أي أثر بالنسبة للروابط التي نشأت من قبل على وجه الصحيح.
وكنتيجة لذلك فرضنا مثلا:

 أن القانون الوطني هو الذي يحكم الروابط الشخصية بين الزوجين وهذا القانون يفرض على الزوجة استئذان زوجها للخروج إلى سوق العمل لممارسة التجارة و إجراء التصرفات القانونية مثلا.وحدث واكتسبا الزوج وحده أو هما معا جنسية دولة أخرى يعتبر قانونها أن ممارسة التجارة ….نشاطا من الأنشطة المفتوحة في وجه الجميع دون اختلاف في الجنس ،دون أن يتطلب ذلك من المرأة ترخيصا من زوجها. هنا فإن هذا القانون الأخير هو الذي يسري بأثر فوري ومباشر على الروابط بين الزوجين (القانون المختص في حالة تغيير ضابط الإسناد) وكنتيجة لهذا التغيير في ضابط الإسناد تتحرر المرأة المتزوجة من القيود التي كانت خاضعة لها في ظل القانون القديم أي قبل تغيير الجنسية .

 إن القانون الذي نشأ الزواج في ضله لم يكن يفرض أي تعويض على الزوج في حالة الانحلال الميثاق الزوجية، ثم اكتسب الزوجان جنسية دولة أخرى تقر هذا التعويض فتحكم عليه بتعويض باهظ التكلفة والتحمل. ففي هذه الحالة لا يسوغ الاحتجاج بالقانون القديم لان المبدأ هو الأثر الفوري وبالتالي القانون الجديد هو المختص بعد تغيير ضابط الإسناد .

وبناء عن ما تقدم فإن التغيير الحاصل على ضابط الإسناد يمكن أن يطال أي رابطة من روابط القانون الدولي الخاص بصرف النظر عما إذا كانت تندرج في نطاق الأحوال الشخصية أو المعاملات المالية …..وهكذا يثور التنازع المتحرك ،إذا تحقق شرطان اثنان يتمثل أحدهما في مرونة ضابط الإسناد أي قابلية للتغيير أي عنصر من عناصر الرابطة القانونية كما هو الشأن لضابط الجنسية والموطن الديانة ،أما الشرط الثاني فيكمن في الامتداد الزمني لعمر الرابطة القانونية كما هو الخال بالنسبة للزواج والروابط الشخصية و المالية و النسب و الولاية و الوصية ….أو ما يعرف بالتصرفات أو الروابط الجارية أو المستمرة تمييزا لها عن الروابط الفورية أو اللحظية .

ثانيا: النظام العام والغش والتحايل على القانون

يعتبر الدفع بالنظام العام من المبادئ المكرسة في جميع التشريعات الوطنية، بحيث لا يجوز تطبيق القانون الأجنبي إذا كانت أحكامه تتعارض والأسس التي يقوم عليها النظام في دولة القاضي، فالمشرع الوطني عندما يسمح بتطبيق نصوص أجنبية داخل بلده، فهو لا يمنح توقيعا على بياض لمشرعي دول العالم، مما يمكن معه القول بأن النظام العام هو صمام الأمان الذي يعتمد عليه لحماية الأسس الجوهرية في دولة القاضي .

وتقوم فكرة النظام العام في القانون الدولي الخاص المغربي بنفس الدور الذي تؤديه في البلدان الأخرى من حيث استبعاد تطبيق القانون الأجنبي المخالف للمبادئ الأساسية التي يقوم عليها مجتمع القاضي الوطني، ولكن ليس في الاجتهاد القضائي الصادر عن المحاكم المغربية ما يساعدنا على تحديد معالم هذه الفكرة وكذا نطاق تطبيقها وآثارها، بل إن الأحكام القليلة المنشورة التي تعرضت لهذه المسألة قد تصل إلى حد التناقض في ما بينها، والواقع أنه يصعب الاقتصار على معيار واحد لضبط فكرة النظام العام في القانون الدولي الخاص المغربي، فما لا جدال فيه أن القوانين الأجنبية المتعلقة بالأحوال الشخصية لا يمكن تطبيقها في المغرب إذا كانت مخالفة لقواعد الشريعة الإسلامية، وإذا حكم باستبعاد قانون أجنبي في هذه الحالة جاز إخضاع الرابطة الأجنبية إما لمدونة الأسرة، أو لقانون الأحوال الشخصية المتعلق بالمغاربة العبريين حسب الأحوال .

-في عهد الحماية- لم يعترف محرروا النصوص الثلاثة، المتعلقة بالوضعية المدنية للأجانب، وكذا الفقهاء الفرنسيون، بأي دور للنظام العام في مجال تنازع القوانين وخاصة في مادة الأحوال الشخصية، وقد برروا هذا الموقف بالاستناد إلى اعتبارات لا تختلف عن تلك التي برروا بها إقصاء الآليات الأخرى في إعمال تنازع القوانين، و تتمثل تلك الاعتبارات في ضرورة احترام مبدأ شخصية القوانين وفي عدم وجود قانون مغربي موحد ومقنن يمكن الاعتماد عليه ليحل محل القانون الأجنبي المستبعد، هذا فضلا عن طابعه العقائدي.

فالأستاذ L.RENAULT، باعتباره رئيسا للجنة التي تكلفت بإعداد النصوص الثلاثة، كتب في المقدمة التي وضعها لها : “إن هيمنة قوانين الأحوال الشخصية و سيادتها هي أمر مسلم به دون أية حدود أو قيود تتعلق بالنظام العام، إذ ليس له أي تدخل في هذا الإطار…”.
وفضلا عن محرري التشريعات الثلاثة، المتعلقة بالوضعية المدنية للأجانب، تمسك فقهاء عهد الحماية، كذلك، بمبدأ عدم تدخل النظام العام المغربي في إعمال قواعد تنازع القوانين .

واتجه بعض الفقهاء بعد الاستقلال إلى تبرير فكرة وجود النظام العام الدولي في المغرب بالاستناد إلى حجج تهدف، في الواقع، إلى الإبقاء على المفهوم التقليدي الضيق والمحترم لشخصية القوانين، غير أن الفقه المغربي أجمع على ضرورة تدخل النظام العام لاستبعاد القوانين والأحكام الأجنبية المخالفة للنظام العام المحلي المؤسس على الشريعة الإسلامية، غير أن الأستاذ مولاي ارشيد عبد الرزاق ذهب إلى أنه بالإمكان تعديل نصوص تنازع القوانين بوضع نص خاص بالنظام العام يأتي مضمونه على النحو الآتي : يستبعد القانون الأجنبي المخالف للنظام العام المغربي و يحل محله القانون المغربي على سبيل الاحتياط .

وتجدر الإشارة -حاليا- إلى أن الاعتراف للقاضي بالسلطة التقديرية المطلقة في هذا المجال لا يعني بالضرورة عدم ترك الأمر لتقديره الشخصي ومعتقداته الخاصة، وإنما يتعين على القاضي أن يستلهم المبادئ الجوهرية السائدة في دولته، وبمعنى آخر يجب أن يكون تقدير القاضي موضوعيا، لهذا فإن القاضي يخضع في هذا الصدد لرقابة المجلس الأعلى لتوحيد الحلول القضائية في هذه المسائل الجوهرية. ويتمثل أثر النظام العام سلبا أو إيجابا إما في الاقتصار على استبعاد القانون الوطني فيكون الأثر سلبيا، وإما ما يترتب عن إعمال فكرة النظام العام استبعاد القانون الأجنبي وإحلال محله قانون القاضي .
ولقد أصبحت الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحماية حقوق الإنسان وخاصة اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لسنة 1979، واتفاقية 10 غشت 1981 المتعلقة بحالة الأشخاص والأسرة وبالتعاون القضائي بين المغرب و فرنسا، ثم اتفاقية حقوق الطفل لسنة 1989، تشكل نظاما عاما دوليا في مجال الروابط الأسرية لا يمكن للدول الأطراف تجاهله، الأمر الذي كان له انعكاس على المفهوم القانوني والاجتماعي للأسرة، حيث توالت التعديلات المنظمة للأسرة بمعظم الدول في اتجاه مسايرة الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي لا تؤمن إلا باحترام الحرية والحياة الخاصة وتحقيق المساواة المطلقة بين الجنسين بدءا من إبرام عقد الزواج الذي أصبح عقدا رضائيا بالمعنى الكامل للكلمة سواء بالنسبة للرجل أو بالنسبة للمرأة . ومن المبادئ القانونية أن الاتفاقيات الدولية تقدم على القوانين الداخلية، وأن المغرب لا يصادق على الاتفاقيات إلا إذا كانت مسايرة للنظام العام، وأن الاتفاقية بمجرد المصادقة عليها أصبحت من القانون الداخلي المغربي.

وغني عن البيان، أن الالتزام بالنفقة، في القانون الدولي الخاص المغربي، المتعلق بالنظام العام، فلا يجوز الاتفاق على الإعفاء منها، كما يتعين استبعاد أي قانون أجنبي أو حكم قضائي صادر في الخارج يغير من قواعد النفقة أو يجعلها قابلة للانقضاء عن طريق التقادم أو السقوط.
وما عدا ذلك مما يقضي به القانون الوطني المختص، مما لا يتعارض مع النظام العام المغربي، يرجع فيه إلى القانون المذكور، كما لو كان هذا الأخير يلزم الزوجة بالمساهمة في الإنفاق على الأسرة، إذا كان لها دخل أو مصدر مالي خاص بها، لاسيما إذا كان هناك أبناء، ولم تكن المؤهلات المادية للأب كافية للوفاء بحاجيات الأسرة، أو كما لو كان القانون الوطني للزوجين يحدد النفقة الواجبة للزوجة، بمعنى أن هذه الأخيرة لا تستطيع إجبار الزوج على أن يبذل في الإنفاق عليها فوق إمكانياته وطاقته أو زيادة على ما ينفق على أمثالها مما يعتمد فيه على الأعراف وعلى الوسط الاجتماعي للزوجين .

أما إذا نظرنا إلى النظام العام على أنه مسألة إجراء كما هو الحال في الدول الأنكلوساكسونية، فإن المحكمة تكتفي باستبعاد أحكام القانون الأجنبي المخالف للنظام العام وتحيل الخصوم على محكمة أخرى للنظر في النزاع ، غير أن الاستبعاد الكلي للقانون يفرض على القاضي الوطني البحث عن القاعدة القانونية التي تستلزم تطبيقها في الحالة المعروضة عليه لأنه في الأخير من المفروض عليه البحث في النزاع وإلا اعتبر منكرا للعدالة.

من خلال الحكم الصادر عدد 42 من ملف عدد 958/90 الصادر بتاريخ 20 يناير 1994 للمحكمة الابتدائية بالدار البيضاء-آنفا، تبين الأمر باستبعاد تطبيق اتفاقية 10 غشت 1981 بين زوجين مسلمين من جنسيتين مختلفتين، لما من شأنها المساس بالنظام العام المغربي، وتطبيق فصول قانون المسطرة المدنية ومدونة الأحوال الشخصية، وظهير الجنسية المغربية قبل التعديل.
أما فيما يخص التحايل والغش نحو القانون، والذي يتم تعريفه في القانون الدولي الخاص بصفة خاصة، على أنه التعديل الإرادي النظامي للعنصر الواقعي في ضابط الإسناد المتغير ومن تم تحويل الإسناد إلى قانون معين، وذلك بنية التهرب من القانون واجب التطبيق أصلا، سواء كان قانون القاضي أم قانون أجنبي . ويتم هذا الأخير في واقعة استغلال قاعدة الإسناد بقصد إعطاء الإختصاص لقانون معين، والتهرب من أحكام القانون المختص بحسب الأصل، فالشخص الذي يرغب في الوصول إلى نتيجة معينة، في ظل قانون لا يسمح له بالحصول على هذه النتيجة، قد يجري تغييرا في ضابط الإسناد بقصد الخضوع لقانون يحقق له الهدف الذي يبتغيه، كأن يغير جنسيته لممارسة تعدد الزوجات أو ممارسة الحق في إنهاء رابطة الزواج بإرادته المنفردة مثلا، فالتحايل على القانون لا يتيسر إذن إلا إذا كان ضابط الإسناد مما يمكن تغييره بإرادة الأفراد، كما هو الشأن بالنسبة للجنسية أو الموطن أو محل الإقامة أو موقع المنقول .
بما أن فكرة الغش نحو القانون الدولي الخاص حديثة ونادرة الحدوث نسبيا، فإن أغلب ما كتب في الفقه العربي لم يتناول بالتحليل الطبيعة القانونية للغش نحو القانون،
ما خلا إشارات إلى تكييفات معينة، فمن الفقهاء من أنكر وجود فكرة الغش نحو القانون أصلا معللين رأيهم بأن سلوك الشخص في تغيير ضابط الإسناد هو من الحقوق التي يمنحها إياه التشريع، وعليه فكيف يتم ترتيب جزاء على فعل ليس ممنوعاً أصلاً بالقانون ما دام أن الشخص “المحتال على القانون” لم يضر بأحد، فتغيير الجنسية أو الموطن على سبيل المثال هو من حق كل إنسان، وبالتالي فإن اكتساب هذه الجنسية صحيح ومنتج لآثاره حتى لو قصد من ورائه نقل الاختصاص القضائي من قانون دولة إلى قانون دولة أخرى . وقد أشار بعض الفقه إلى أنه يمكن اعتبار الغش نحو القانون من تطبيقات النظام العام، ويرى الباحثون أنه وعلى الرغم من أن كلا من النظام العام والغش نحو القانون هما من موانع تطبيق القانون الأجنبي إلا أن للغش نحو القانون الدولي الخاص طبيعة قانونية مغايرة للنظام العام .

أما البعض الآخر من الفقهاء، فيرى أن استبعاد تطبيق القانون الأجنبي الذي تم التوصل إليه بالتحايل على ضابط الإسناد يشمل النتيجة والوسيلة معا، وهذا هو الاتجاه الغالب في الفقه الفرنسي حيث يرى أن جزاء الغش يشمل الغاية والوسيلة، ففي قضية “بوفرمون” مثلا، يجب أن يمتد أثر الغش أيضا إلى الوسيلة التي استعملتها وهي تجنسها بالجنسية الألمانية فتبقى بذلك فرنسية ليس فقط بالنسبة لتنازع القوانين وإنما أيضا بالنسبة لجميع المجالات الأخرى، فإذا تم التحايل على ضابط الإسناد من خلال تغيير الجنسية مثلا وحتى لو كان هذا التغيير مشروعا من حيث الأصل، إلا أنه يحكم ببطلانه لأن القصد من وراءه غير مشروع وهو التحايل على القانون، فلا يعترف القانون وفقا لهذا الرأي بالجنسية الجديدة، والانتقاد الذي يوجه إلى هذا الرأي أن الحكم في صحة هذه الوسيلة من عدمها هو للقانون الذي رتب هذا المركز القانوني وليس لقانون القاضي .

وليس من الصعب إثبات سوء النية في حالة الغش نحو القانون، إذ يمكن الاعتماد على جميع الظروف الموضوعية التي تكشف عن ذلك. وهكذا فإن ممارسة الحق في الطلاق مباشرة بعد اكتساب جنسية جديدة من قبل شخص لا يسمح له قانون جنسيته الأولى بالطلاق يكشف بوضوح عن النية المبيتة في ارتكاب الغش بصورة تامة. فإذا ثبتت واقعة التحايل أمام القاضي وجب عليه أن يعمل مبدأ ’’الغش يفسد كل شيء’’، ويدفع بوجود تحايل على القانون، بمعنى أن القاضي هنا يستبعد تطبيق القانون الذي أريد بالتحايل منحه الاختصاص، ويعيد الاختصاص إلى القانون الأصلي الذي أراد الشخص التهرب من أحكامه سواء كان هذا القانون وطنيا أو أجنبيا. ولا يعترض القاضي على ضابط الإسناد الجديد كالجنسية مثلا، كما لا ينكره، وإنما لا يقبل النتيجة التي أريد الوصول إليها عن طريق الغش .

المبحث الثاني: تنازع الاختصاص القضائي الدولي للمحاكم المغربية في مجال العلاقات الشخصية

عندما تكون العلاقة محل النزاع علاقة وطنية بأطرافها و موضوعها و سببها، فإن الأمر لا يطرح أي إشكال في تحديد المحكمة المختصة نوعيا و محليا من بين المحاكم المغربية، لكن عندما تكون العلاقة المتنازع بشأنها ذات طبيعة دولية خاصة أي مرتبطة بدولتين أو أكثر ، فإنه يتعين على القاضي أولا التأكد من أن النزاع يدخل ضمن دائرة ولاية القضاء المغربي ككل .فما هي إذن قواعد الاختصاص القضائي الدولي المعمول بها في النزاعات الدولية الخاصة في مجال النفقة الحضانة وحق الزيارة (المطلب الاول)، اختصاص المحاكم المغربية في النزاعات الدولية في مجال (المطلب الثاني).

المطلب الأول: اختصاص المحاكم المغربية في النزاعات الدولية في مجال النفقة والحضانة وحق الزيارة

لم يجلب الاختصاص القضائي الدولي اهتمام الشراح في المغرب ومنه في ظل غياب نصوص و قواعد خاصة تنظم الاختصاص القضائي الدولي للمحاكم المغربية سواء في مجال النفقة والحضانة أو في باقي المجالات العلاقات الشخصية ، دفع بالمغرب إلى تمديد قواعد قانون المسطرة المدنية على صعيد الاختصاص الدولي وذلك راجع إلى تقاطع قواعد الاختصاص القضائي الوطني مع قواعد الاختصاص القضائي الدولي وبعض الاتفاقيات الدولية.التي بدورها تتضمن ضوابط للاختصاص القضائي الدولي سير في نهج ركب الدول التي قامت بالعودة إلى المبادئ العامة المعمول بها في القوانين المقارنة ، وذلك من خلال اعتماد المعيار الإقليمي.

فبناء على هذا المعيار تستمد المحاكم المغربية اختصاصها بخصوص النزاعات المتعلقة بالعلاقات الشخصية ، كلما كان موضوع النزاع مرتبطا بالمغرب، كأن ينشأ في إقليمه الالتزام أو محل تنفيذه، بناء على موطن المدعى عليه أو محل إقامته.

إلا أن هذا المعيار لوحده غير كاف، الشيء الذي يحتم على المشرع أن يأخذ بالمعيار الشخصي، الذي بناء عليه يتم قيام ولاية المحاكم المغربية بخصوص هذه النزاعات الدولية ، كلما كان أطراف العلاقة تربطهم علاقة بالمغرب .
في ما يتعلق بحق الزيارة وإذا كان التشريع المغربي يفتقر إلى أحكام تتعلق بالاختصاص القضائي الدولي للمحاكم المغربية في هذا مجال ، فإن من المتفق عليه تمديد قواعد الاختصاص الداخلي لهذه المحاكم والمنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية،على الصعيد الدولي ومن بينها:

– اختصاص المحاكم المغربية بالفصل في الدعاوى الموجهة ضد المواطنين والأجانب الذين لديهم موطن أو مقر إقامة فوق التراب المغربي، وذلك تطبيقا للمبدأ القائل أن المدعي ملزم بمقاضاة المدعى عليه أمام محكمة هذا الأخير لما في ذلك من افتراض لبراءة المدعى عليه وتسهيل تنفيذ الحكم الذي قد يصدر ضده .

– كما يمتد اختصاص المحاكم المغربية إلى جميع الدعاوى التي يرتضي الخصوم فيها الخضوع لولاية المحاكم المغربية . وفي هذا الإطار يمكن الاستئناس بقواعد الاختصاص القضائي التي حددتها اتفاقية لاهاي لسنة 1996، والتي صادق عليها المغرب على اعتبار أنها أولت عناية فائقة لكل الإجراءات المتعلقة بحماية الطفل ومنها بالأساس ضمان حقه في الزيارة، حيث أعطت اختصاص النظر في مثل هذه القضايا لمحكمة الدولة التي يوجد بها مقر الإقامة الاعتيادية للطفل لما في ذلك من حماية له وحفاظ على حقوقه.

كما أن الاتفاقية المغربية الفرنسية لسنة 1981 قد اعتمدت على قاعدة الموطن المشترك أو آخر موطن مشترك للزوجين كمعيار لتحديد المحكمة المختصة وفقا للفصل 11 من هذه الاتفاقية، وبما أن المواطنين المغاربة هم في الغالب الذين يتوجهون إلى الديار الفرنسية من أجل الإقامة والاستقرار هناك، فإن أغلب النزاعات المتعلقة بحق الزيارة ستكون المحاكم الفرنسية هي المختصة بالنظر والفصل فيها.

وبالإضافة إلى هذا فإن المحاكم المغربية تختص بإتخاذ جميع الإجراءات الوقتية والتحفظية التي تقتضيها المنازعات ذات العنصر الأجنبي ، والتي يقوم القضاء الاستعجالي باتخاذها من أجل حماية حق أو مركز قانوني مهدد بالزوال، كما هو الشأن بالنسبة لضمان حق الزيارة إلى حين الحصول على الحماية الموضوعية لهذا الحق، ويمثل الاعتراف بولاية قضائية للدولة المعنية بالقضاء الاستعجالي، حماية للأمن العام الاجتماعي، إذ لا بد من تكريس حق التقاضي والحصول على حماية مؤقتة كلما دعت الحاجة إلى ذلك .

وهكذا فإنه عندما يتم إسناد الاختصاص القضائي الدولي للجهاز القضائي المغربي فإن إجراءات رفع الدعوى وسيرها تبقى خاضعة للقانون المغربي، انطلاقا من مبدأ أن الأمور الإجرائية تخضع لقانون القاضي وحده، باعتبار أن الإجراءات لا تقرر حقوق خاصة ولا تسقط أخرى وإنما تتعلق بتنظيم سير القضاء، لذلك لا يجوز اعتماد أو إعمال قانون أجنبي بشأنها .

إذ من الممكن أن يعرض نزاع بشأن حق الزيارة أمام محكمة مغربية وفي نفس الوقت تكون ذات القضية تنظرها محكمة أجنبية، هنا يمكن القول أن قبول الإحالة يحقق التناسق بين أنظمة التنازع من الدول المختلفة وعن طريق ذلك يتم تحديد الجهاز القضائي الأصلح لحل العلاقات الخاصة الدولية.

وذلك بالرغم من أن المشرع المغربي لم يتعرض لتنظيم الدفع بالإحالة لقيام نفس الدعوى أمام القضاء الأجنبي، وهنا لا مناص من الرجوع إلى التشريع الداخلي وخاصة المادة 109 من قانون المسطرة المدنية التي تنص على أنه:” إذا سبق أن قدمت دعوى لمحكمة أخرى في نفس الموضوع أو إذا كان النزاع مرتبطا بدعوى جارية أمام محكمة أخرى أمكن تأخير القضية بطلب من الخصوم أو أحدهم”.

وتجدر الإشارة أيضا إلى أن السلطات المغربية ضمنت في إطار الاتفاقيات الثنائية المبرمة مع بعض الدول في موضوع التعاون القضائي حلولا لمسألة الدفع بالإحالة، كما هو الشأن بالنسبة للاتفاقية المغربية الفرنسية لسنة 1981 التي نصت في الفقرة الأخيرة من الفصل الحادي عشر منها على أنه:” إذا قدمت دعوى أمام محكمة إحدى الدولتين وقدمت ثانية بين نفس الأطراف وفي نفس الموضوع أمام محكمة الدولة الأخرى فيجب على المحكمة المحالة إليها الدعوى الثانية أن ترجئ البت فيها”.

وبهذا تكون الاتفاقية المغربية الفرنسية قد اعتمدت نصا صريحا في مجال الدفع بالإحالة تجنبا لكل إشكال قد يقع أثناء تطبيقها. اذ عملت مدونة الأسرة على تنظيم حق الزيارة وفق ضوابط محددة فقد أوكلت للأبوين بصفة مبدئية فسحة واسعة للاتفاق حول تنظيم الزيارة بكل جوانبها تراعى فيها مصالح جميع الأطراف دون تدخل من القضاء أما في حالة عدم الاتفاق يتدخل القضاء لتنظيم عملية الزيارة بشكل لا يخلق مجالا للشك أو التحايل مراعيا في ذلك مصالح جميع الأطراف وفي المقام الأول مصلحة الفضلى للطفل عملا بمقتضيات المادة 186 .

غير أن امتناع الحاضنة في بعض الأحيان تمكين الأب من حق زيارة المحضون وفقا لما هو مقرر قضاء أو اتفاقا، يخول للأب الحق في إلزامها عن طريق سلوك إجراءات التنفيذ أو بتحرير محضر الامتناع والذي يرجع إليه عند الحاجة.

ويبقى الجانب التنفيذي هو الأصعب لكوننا نجد أن المشرع نص على مجموعة من الجزاءات كما هو موضح بمقتضى المادة 184 والتي نصت على أنه “تتخذ المحكمة ما تراه مناسبا من إجراءات بما في ذلك تعديل نظام الزيارة أو إسقاط حق الحضانة في حالة الإخلال أو التحايل في تنفيذ الاتفاق أو المقرر المنظم للزيارة. ليقرر هذا الفصل وجوب تنفيذ الاتفاق أو الحكم المتعلق بوقت ومكان الزيارة كما تم تحديده بمقتضى المقرر الاتفاقي أو القضائي وأن الإعراض عن ذلك وعدم تنفيذه بسوء نية له آثار قد تصل على حد إسقاط الحضانة كجزاء .

ومن خلال ملاحظة سير العمل القضائي ،فإنه تم تسجيل انه قلما يتم اللجوء إلى إسقاط الحضانة نتيجة الامتناع عن تنفيذ حكم الزيارة المقرر قضاء، وهو ما يمكن أن يعزى إلى السلطة التقديرية الواسعة الممنوحة للقضاء بالإضافة إلى تقييم مدى مشروعية السبب الكامن وراء المنع، والذي قد لا يرقى في نظر القضاء إلى حد إسقاط الحضانة، وهذه الإمكانية تنحصر بالنسبة للمقررات المحددة قضاء.

وتأكيدا على أهمية التنفيذ فقد ذهب حكم قضائي إلى تحديد” زيارة المدعى عليه للإبن بعد الطلاق في يوم واحد من كل أحد أسبوعيا، مع إشراف المحكمة على عملية تنفيذ الزيارة .

وتجدر الإشارة إلى أن الحكم القاضي بالزيارة لا يمكن تنفيذه جبرا أي عن طريق تدخل القوة العمومية لما في ذلك من آثار سلبية على نفسية المحضون وتعريضه لكوارث نفسية تكون لها آثار السلبية على المجتمع برمته، فهذا الخيار في إطار التشريع المغربي لا نجد له سبيلا ليبقى متعذر التطبيق، وبدوره سلك المشرع المصري نفس المنحى عندما نص بمقتضى المادة 20 من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 المضاف بالقانون رقم 100 لسنة 1985 على أنه لا ينفد حكم الرؤية قهرا، ولم يتضمن القانون رقم 1 لسنة 2000 نصا يتعارض مع الفقرة المذكورة لتظل سارية المفعول.

وبناءا عليه نخلص أن من بين ضوابط الاختصاص القضائي الدولي المعتمدة في الاتفاقيات والمعاهدات الدولية ضابط الإقامة الاعتيادية وضابط الجنسية ، وقد جاء في الفصل الأول من الاتفاقية المتعلقة بحالة الأشخاص والأسرى وبالتعاون القضائي بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية في 10أغسطس 1981.
“تطبق على حالة الأشخاص الذاتيين وأهليتهم مقتضيات قانون إحدى الدولتين التي ينتمون إليها، وجاء الفصل الثاني يحدد موطن الشخص لمحل سكناه العادي والفعلي.”

يلاحظ أن هذه الاتفاقية أخذت بالإقامة الاعتيادية للشخص ومدى المعاهدة تحدد الإقامة الاعتيادية، وذلك بإقامة منظمة وفعلية كما جاء في الفصل العشرون، “تتعاون السلطات المركزية على البحث فوق ترابها وتحديد مكان إقامة الأطفال الذين وقع نقلهم إليها بسبب النزاع في حق الحضانة أو جحدها وتستجيب لطلب المعلومات المتعلقة بالحالة المادية والمعنوية لهؤلاء الأطفال “.

تقوم السلطات المركزية باتخاذ كل تدبير من شأنه أن يساعد على التسليم الإرادي للأطفال أو على إيجاد حل حبي لمشاكلهم أو تأمر باتخاذ هذه التدابير. وتأمر في حالة الاستعجال باتخاذ كل تدبير مؤقت يظهر مفيدا لحماية الطفل من أخطار جديدة أو الأطراف المعنية من أضرار أخرى. وتعطى معلومات عامة عن محتوى قانونها لتطبيق هذه المقتضيات وتحرر عند الاقتضاء شهادات تتضمن المقتضيات التشريعية لدولتها فيما يخص حق الحضانة وحق الزيارة. ”

إذن فهذه الاتفاقية تأخذ بالإقامة الفعلية والمنظمة.

وبخصوص الحضانة فجاء في الفقرة الأخيرة من الفصل الخامس والعشرون” بأن السلطات القضائية تأخذ بعين الاعتبار المعلومات المدلى بها من طرف السلطة المركزية لدولة الإقامة (الاعتيادية) العادية للطفل وخاصة ما يتعلق بحالته الاجتماعية والمقتضيات التشريعية المتعلقة بحق الحضانة في هذه الدولة وذلك عند تقديرها للحالتين المشار إليهما أعلاه.

وفيما يتعلق بالإقامة العادية لمستحق النفقة فإنه لا يحق لإحدى الدولتين في مادة النفقة ضمن مقتضيات الفصلين السادس عشر والسابع عشر، من اتفاقية خامس أكتوبر 1957 أن ترفض إقرار أو تنفيذ حكم صادر عن الدولة الأخرى في الحالتين التاليتين:

إذا عللت محكمة الدولة التي صدر عنها الحكم اختصاصها بكون الإقامة العادية لمستحق النفقة كانت فوق ترابها.
إذا طبقت محكمة الدولة التي صدر الحكم عنها قانون محل الإقامة العادية لمستحق النفقة.

وذاك بعكس اتفاقية التعاون القضائي في المواد المدنية 22 مارس 1989 من المغرب وجمهورية مصر العربية[9]، الني تضمنت مجال الاختصاص القضائي الدولي.
أما اتفاقية المملكة المغربية والمملكة البلجيكية بشأن التعاون القضائي والاعتراف بالمقررات القضائية وتنفيذها في مادة الحضانة وحق الزيارة فاخذت بضابط محل الإقامة الاعتيادي والفعلي للطفل ويتبين ذلك من خلال المادة 1 تهدف هذه الاتفاقية إلى:

1- تأمين الرجوع الفوري للأطفال الذين تم نقلهم أو الاحتفاظ بهم بصفة غير قانونية في إحدى الدولتين المتعاقدتين.

2- العمل على الاعتراف بالمقررات القضائية المتعلقة بالحضانة وحق الزيارة الصادرة بإحدى الدولتين المتعاقدتين، وتنفيذها في الدولة الأخرى.

3- تسهيل ممارسة حق الزيادة بكل حرية فوق تراب الدولتين المتعاقدتين.

تعمل الدولتان المتعاقدتان على اتخاذ كافة الإجراءات الملائمة من أجل تحقيق الأهداف المتوخاة من هذه الاتفاقية، ولهذه الغاية تلجآن إلى المساطر المستعجلة المنصوص عليها في قوانينهما الداخلية.
المادة 2
تطبق هذه الاتفاقية على كل طفل له محل الإقامة الاعتيادي والفعلي في إحدى الدولتين المتعاقدين، عند تقديم الدعوى المتعلقة بالاعتراف والتنفيذ المشار إليها في المادتين 12 و14، أو كان يتوفر عليه قبيل نقله غير القانوني، وذلك من أجل ممارسة دعوى الإرجاع المنصوص عليها في المادة 4 أو دعوى الاعتراف بالمقرر القضائي وتنفيذه المنصوص عليها في المادة 13.
يتوقف تطبيق هذه الاتفاقية عند بلوغ الطفل سن 18 سنة”

أما معاهدة 1996 التي تحدد المسؤولية الأبوية عن أبنائهما القاصرين أي النقل غير المشروع للأطفال، فإن الاختصاص يعود إلى محل الإقامة الاعتيادية للطفل،”
إذ تأخذ في الاعتبار أن هدف المجلس الأوروبي هو تحقيق وحدة أكبر بين أعضائه، وإذ تراعي اتفاقية الأمم المتحدة بشأن حقوق الطفل، وبوجه خاص المادة (4) التي تطالب الدول الأطراف أن تتعهد باتخاذ كافة الإجراءات التشريعية والإدارية والإجراءات الأخرى من أجل إقرار الحقوق المعترف بها في الاتفاقية المذكورة، وإذ تشير إلى محتوى التوصية 1121 (1990) للجمعية البرلمانية بشأن حقوق الطفل،واقتناعاً بأنه يجب تشجيع حقوق مصالح الأطفال المثلى، ومن أجل الهدف يجب أن يكون لدى الأطفال لممارسة حقوقهم، وعلى وجه الخصوص في الأحداث التي تمر بالأسرة والتي تؤثر عليهم،واعترافاً أنه يجب تزويد الأطفال بالمعلومات ذات الصلة للتمكين من تشجيع مثل هذه الحقوق والمصالح، وأن تعطي الأهمية الواجبة لآراء الأطفال، واعترافاً بأهمية دور الوالدين في حماية وتشجيع حقوق ومصالح الأطفال المثلى، وإذ تأخذ في الاعتبار – متى كان ضروريا – أن على الدول كذلك أن تشارك في مثل هذه الحماية والتشجيع، وإذ تأخذ في الاعتبار – مع ذلك – أنه في حالة النزاع يكون من الأفضل بالنسبة للأسرة محاولة التوصل إلى اتفاق قبل رفع المسألة إلى السلطة القضائية[11]”
وهذه المعاهدة تنافي مع معاهدة الأسرة في المادة 231 صاحب النيابة الشرعية :” الأب الراشد، الأم الراشدة عند عدم وجود الأب أو فقد أهليته.”

وموضوع الاتفاقية يتعلق بحماية أفضل للأطفال وكل طفل قاصر يقل عمره عن ستة عشرة سنة لم يتم ترشيده ويحمل جنسية أحد البلدين.
ومن المعلوم أن المشرع أخذ في قانون المسطرة المدنية بمحل السكنى العادي ومركز أعماله ومصالحه المادة 519 “يكون موطن كل شخص ذاتي هو محل سكناه العادي ومركز أعماله ومصالحه.

إذا كان للشخص موطن بمحل ومركز أعماله بمحل آخر اعتبر مستوطنا بالنسبة لحقوقه العائلية وأمواله الشخصية بمحل سكناه العادي وبالنسبة لحقوقه الراجعة لنشاطه المهني بالمحل الذي يوجد به مركز أعماله ومصالحه دون أن يتعرض للبطلان أي إجراء سلم لهذا العنوان أو ذلك”

إذن في ظل فراغ تشريعي بالنسبة للاختصاص القضائي الدولي هذا الوضع ما هي القاعدة لاختصاص المحاكم المغربية؟

فالحل هو تمديد قواعد الاختصاص الداخلي حالات تنازع الاختصاص للمحاكم المغربية طبقا للفصل 27 إلى 30. وهذه القواعد اها طابع إقليمي محض.وفي حالة إعتماد هذه القواعد فان الدعوى ولو كانت تتضمن عنصرا أجنبيا تخضع إجراءاتها إلى قانون القاضي وحده .

المطلب الثاني: الآثار الدولية للأحكام المتعلقة بالعلاقات الشخصية

إن إشكالية الاختصاص القضائي الدولي لا يقف عند تحديد قواعد المنضمة للمحاكم المغربية فقط سواء تعلق الامر بمجال الحضانة و النفقة وحق الزيارة وغيرها من المجالات أخرى، بل إن الأمر يتجاوز ذلك ليشمل أيضا الحكم الصادر بخصوص العلاقات الشخصية الذي قد لا يحمل الصفة الوطنية، إذ من الممكن أن يكون أجنبيا، و بالتالي ترتيبه مجموعة من الآثار ، كما أن هناك العديد من الأحكام التي تصدر عن المحاكم الأجنبية ويراد تنفيذها بالمغرب ، ومنها الأحكام المتعلقة بالعلاقات الشخصية بوجه عام وبالتحديد النفقة و الحضانة وحق الزيارة ….
وعليه فإننا سنتناول مسألة تنفيذ القرارات الأجنبية المتصلة بالعلاقات الشخصية في المغرب و الآثار الدولية لبعض للأحكام المغربية المتعلقة بالعلاقات الشخصية في بعض الدول الأجنبية.

لقد استقر التشريع المغربي على شروط معينة لتنفيذ الأحكام الأجنبية، و من بينها تلك المتعلقة بالعلاقات الشخصية ،هذه الشروط منصوص عليها في الفصل 430 من قانون المسطرة المدنية ، و المتمثلة في أن تكون صادرة عن محكمة مختصة، و أن تكون صحيحة، ثم أن لا تخالف النظام العام المغربي، هذا بالإضافة إلى الشروط الشكلية المنصوص عليها في الفصل 431 من نفس القانون.

و تجدر الإشارة إلى أن مفهوم النظام العام في نطاق تنفيذ الأحكام الأجنبية يضطلع بوظيفة أساسية تتمثل في منع تخويل الصيغة التنفيذية، إذا لاحظ القاضي الوطني أن الحكم الأجنبي المطلوب تنفيذه يتعارض مع المقومات الأساسية التي يقوم عليها مجتمعه.
و بما أن العلاقات الشخصية تعتبر من موضوعات الأحوال الشخصية، فلأحكام الأجنبية المتعلقة بها، يمكن الاعتراف بها في بعض الحالات دون الحاجة إلى استصدار أمر بمنحها الصيغة التنفيذية، و هذا التوجه هو الذي كرسته الاتفاقية الفرنسية المغربية لسنة 1981 في الفصل 14 ، الذي جاء بإمكانية تنفيذ بعض الأحكام الأجنبية الفرنسية المتعلقة بالحالة و الأهلية بالمغرب دون ضرورة اللجوء إلى مسطرة التذييل بالصيغة التنفيذية، وذلك من أجل تبسيط النظام القانوني للتنفيذ بين المغرب و فرنسا.
و تعد الأحكام المتصلة بالحضانة والنفقة من أهم ما قد يثار أمام القضاء المحاكم المغربية اذ قد يصدر حكم لأحد الأبوين في بلده، ويتعذر تذييله بالصيغة التنفيذ في بلد الثاني لتعارضه مع قواعد الاختصاص المحاكم ذلك البلد أو لمخالفة مضمونه للنظام العام المحلي .

من هذا المنطلق فقد أتيحت للقضاء الهولندي فرصة تطبيق القانون الهولندي بالاعتماد على معيار الموطن الاعتيادي للقاصرين الذي اعتبرته المحكمة متوافقا مع مصلحة هؤلاء وذلك من خلال حكم ابتدائية أمستردام بتاريخ 1982 الذي أعطيت فيه الحضانة للأم .

وهو نفس الاتجاه الذي سلكه القضاء البلجيكي من خلال القرار الاستعجالي رقم 102/50 الصادر عن المحكمة الابتدائية ببروكسيل بتاريخ 15 فبراير 1991 والذي قض لفائدة المدعى عليها بحضانة ولديها بناء على القانون البلجيكي .

والإشكال الذي يثار هنا عندما تريد هذه الزوجة التي حصلت على مثل هذا الحكم أن تطلب تنفيذه في المغرب بعد عودة الأب المغربي وبحوزته الأبناء ، فلا شك أن حظوظ مثل هذا الحكم تبقى جد نادرة إن لم نقل منعدمة، والسبب في ذلك لا يرجع إلى أن إسناد الحضانة للأم يخالف مقتضيات المدونة، وإنما السبب يكمن في أن القانون المغربي يعمل على ضمان ممارسة الأب سلطته الأبوية بدون عراقيل، وتفادي تربية المحضون على غير ديانة أبيه وذلك حماية لمصلحته ، وهكذا فإن القاضي المغربي قد لا يتردد في رفض تنفيذ هذا الحكم بعلة التخوف من نشأة الطفل على غير الديانة الإسلامية، ومن القرارات التي ذهبت في هذا الاتجاه:

– حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بالعرائش بتاريخ 18-07-2006، قضى بعدم الصيغة التنفيذية لحكم المحكمة الابتدائية الكبرى بأورليان بفرنسا في القضية عدد 01033/03 الصادرة سنة 12/05/2005 والذي قضى بمنح الحضانة للزوجة الفرنسية المطلقة من مغربي، وقد عللت المحكمة رفضها هذا بمخافة الحكم أعلاه لمقتضيات المادة 430 من ق.م.م.ومخالفة النظام العام المغربي .

– قرار محكمة الاستئناف بوجدة الصادرة بتاريخ 17 نونبر 1993، والذي ألقى حكم المحكمة الابتدائية ببركان التي منحت الصيغة التنفيذية لحكم صادر عن المحكمة الابتدائية ببروكسيل يقضي بحضانة الأم البلجيكية لابنيها من مغربي .

وفي المقابل نجد أن القضاء الأجنبي الأوربي يمتنع عن منح الصيغة التنفيذية للأحكام الصادرة في المغرب لصالح الأب، مثلا لو كان هؤلاء الأبناء بحوزة الأم بهولندا، وأراد الأب التمسك بالحكم الصادر لصالحه أمام محاكم هذه الأخيرة، فإن القاضي الهولندي لن يتردد في إعلان رفضه لتنفيذ هذا الحكم، بل قد يقوم بإصدار حكم معاكس يخول الحضانة للأم .

وقد يعلل القاضي الهولندي موقفه هذا، بكون الحكم الصادر عن القاضي المغربي يقوم على مفهوم سيطرة الزوج، ويستند إلى معيار غير موضوعي يعطي الامتياز للزوج ولا يولي أي اعتبار لقانون الزوجة، وبالتالي لا يأخذ بالاعتبار مصلحة الابن، أو يكون تخويل الحضانة للأب وإن كان في مصلحة الابن، فإنه في الواقع يهدف إلى حماية امتيازات الأب وتقويتها .

وفي نفس السياق فإن الأب المغربي لا يمكنه أن يطالب بإسقاط الحضانة عن الأم لمعاشرتها رجلا غريبا في نفس البيت الذي يقيم فيه الأبناء، على أساس أن قوانين الدول الغربية تعترف بالمعاشرة الحرة، ومن ثم لا يمكن للأب المتضرر أن يدفع بعدم قيام الحاضنة بتربية أبنائه تربية إسلامية، لتعارض ذلك مع أحد المبادئ الدستورية الأساسية التي تقوم عليها أغلبية الأنظمة الغربية، والتي تقضي بمنع أي تمييز بين الناس على أساس الدين.

خاتمة :

من خلال ما سبق، تم التطرق لموضوع العلاقات بين الأشخاص في ظل القانون الدولي الخاص المغربي، بناء على محاور أساسية وهي النفقة وأهلية الزوجة في ممارسة التجارة، أو ما كان يعرف سابقا بالطاعة، والحضانة وحق الزيارة وكانت المهمة الرئيسية ترمي إلى تحديد القانون المختص لحككم هذه الروابط، ومن خلال الدراسة لاحظنا كيف أن تحديد القانون المذكور كان يقتضي التمييز والدقة . وإن كانت إشكالية تنازع القوانين تثير إشكالا تفرض به البحث عن القانون المختص، إلا أنها تنطوي على وجود طرف وطني في الرابطة القانونية يفرض الانتباه إلى إمكانية صرف النظر عن وجود العنصر الأجنبي يثير التنازع المذكور، أو يؤدي إلى التخفيف من حدته، أو يتطلب مراعاة وجود العنصر الأجنبي مع احترام قانونه الوطني المتعلق بالأحوال الشخصية.

ولهذا السبب لم يبرز التمييز بشكل كامل بين الروابط الشخصية، من جهة، وبين الروابط المالية، من جهة ثانية، إذ كان الأمر أكبر بكثير من التمييز المشار إليه، نظرا لطبيعة البحث ونوعية المشاكل التي تثيرها العلاقات بين الزوجين في دائرة القانون الدولي الخاص.

والآن قد برزت بشكل جلي معالم القانون المختص بالنسبة للروابط الشخصية بين الزوجين، فماذا عن الروابط المالية؟ وكيف يتم تحديدها؟


الإحالات ولائحة المراجع:

1_ مقال بعنوان ‘’تنازع القوانين بشأن روابط الأحوال الشخصية’’، أنظر الموقع الالكتروني le 19/04/2017 : vue a 20:10. http://mdroit.com/210.html

2_ الجدير بالذكر أن الحالة و الأهلية يحكمها في إطار القانون الدولي الخاص يحكمها ضابط اسناد خاص بها و هو الوارد في المادة الثالثة من ظهير الوضعية المدنية للأجانب والفرنسيين .

3- فاطمة الزهراء زاير : “النظام العام في النزاعات الدولية الخاصة المتعلقة بالأحوال الشخصية مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون الخاص، جامعة ابوبكر بلقا يد ، تلمسان، الجزائر ، السنة 2010 \2011 ص43

4- أمين دربة : ‘’دفاتر السياسة والقانون’’، العدد الرابع ، يناير 2011، ص 237 .

5_ أي التعاون على مصلحة الأسرة ورعاية الأبناء كالإنفاق و الإقامة الزوجية المشتركة و التعاون في تحمل أعباء الأسرة وكذا الإخلاص المتبادل. وقد حث المشرع الفرنسي الزوجين على التعاون معا من اجل إدارة و تسيير الأسرة في المادة 213 من القانون المدني الفرنسي

6- سعيد يوسف البستاني، الجامع في القانون الدولي الخاص، منشورات الحلبي الحقوقية، لبنان، ط 1 ، 2009، ص 216.

7_مجلة السياسية و القانون ، العدد الرابع،يناير 2011، مقال بعنوان : تنازع القوانين في مجال الزواج وانحلاله
بين القانون الجزائري والقوانين المقارنة ، دربة أمين،مرجع سابق.

8_ ومن هذه الحقوق والواجبات المتبادلة بين الزوجين المنصوص عليها في القانون المدني الفرنسي حسب المواد من 212 إلى 226 منه، المادة 213 التي تحث الزوجين على العمل معا من أجل إدارة وتسيير شؤون الأسرة “على الزوجين معا الاتجاه المعنوي والمادي للأسرة، وتوفير تعليم الأطفال وإعداد مستقبلهم”
راجع:
– Art. 213 du C.Civ.Fr. (L.N°70-459 du 04 Juin 1970) :” Les époux assurent ensemble la direction morale et matérielle de la famille, ils pourvoient à l’éducation des enfants et préparent leur avenir “.

9- أمين دربة : قواعد التنازع المتعلقة بالزواج و انحلاله –دراسة مقارنة – مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون الخاص، جامعة ابوبكر بلقا يد ، تلمسان، الجزائر ، السنة 2008 \2009 ص30

10_ للمزيد من التفاصيل في أنواع النفقة راجع : السيد خليل إبراهيم محمد :”تنازع القوانين في مسألة النفقة” مجلة الرافدین للحقوق ، المجلد1 1 ، العدد40 ، السنة 2009 ص 73 وما بعدها .

11_ حسن الهداوي : ” القانون الدولي الخاص ،تنازع القوانين، المبادئ العامة و الحلول الوضعية في القانون الاردني –دراسة مقارنة -“مكتبة الثقافة للنشر و التوزيع ،عمان الطبعة الثانية ،السنة 1997 ص 119 .

12_ لا تكاد التشريعات تجمع في تحديد القانون الذي يحكم الآثار الشخصية للزواج. فبعض الدول أسندتها لقانون الإقامة، وأخذت بذلك الولايات المتحدة الأمريكية. بينما يرى اتجاه آخر، بإخضاعها لقانون الجنسية المشتركة للزوجين كاليونان، ومن جهة أخرى نادى اتجاه ثالث بإخضاعها لقانون آخر جنسية مشتركة للزوجين. أما القانون الفرنسي، فلم يتضمن نص قانوني يحكم الآثار الشخصية للزواج بحيث كان القضاء الفرنسي ، يخضع الآثار الشخصية لقانون جنسية الزوج و بما في ذلك النسب. ونادى الفقه والقضاء الفرنسي، فيما بعد بإخضاع هذه الآثار إلى قانون جنسية الزوجين على أساس المادة 03 /03من القانون المدني الفرنسي، ، وبالتالي إخضاع الآثار الشخصية للزواج لجنسية الزوجين المشتركة. وعليه تدخل المشرع الفرنسي بنص المادة 310 من القانون المدني الفرنسي،الخاصة بالقانون الواجب التطبيق على الطلاق والإنفصال وعممه على القانون الذي يحكم آثار الزواج، والتي أصبحت المادة 309 بمقتضى التعديل الجديد للقانون المدني الفرنسي.

13- أمين دربة : ‘’دفاتر السياسة والقانون’’، مرجع سابق ص240

14_ نقض مدني فرنسي في 19 فبراير 1963 ، المجلة الانتقادية 1963 ، ص 559 ، فقد طبقت محكمة النقض الفرنسية القانون الفرنسي على النفقة باعتبارها من آثار الزواج الشخصية بين زوجين تونسيين متوطنان بفرنسا، أحدهما تجنس بالجنسية الفرنسية، والآخر بقي محتفظا بجنسيته السابقة، راجع في ذلك رحاوي امينة :”الزواج المختلط في القانون الدولي الخاص، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في القانون الخاص، جامعة ابوبكر بلقا يد ، تلمسان، الجزائر ، السنة 2010 \2011 ص37

15_لاطلاع على قضية شموني بتفصيل راجع : احمد عوبيد: “الروابط الشخصية والمالية بين الزوجين في القانون الدولي الخاص المغربي،رسالة لنيل دكتوراه في الحقوق ،جامعة محمد الخامس اكدال- الرباط ،السنة الجامعية 2010\2011،ص 67 -68 -69.

16_ راجع مجلة القانون الدولي الخاص التونسية بالموقع التالي :

http://www.e-justice.tn/fileadmin/fichiers_site_arabe/codes_juridiques/code_droit_intern_prive.pdf
vu : 12/5/2017 à 10:00min

17_ احمد عوبيد: مرجع سابق ،ص 79-78

18 _ لتفصيل في هذه المسألة راجع: احمد عوبيد: مرجع سابق ،ص 77- 78

18_ راجع احمد عوبيد : مرجع سابق ، ،ص 79

19- فارسي يعيش : ” الآثار القانونية للزواج المختلط في ضوء القانون المغربي والمقارن ” أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة القاضي عياض مراكش، السنة الجامعية 2005-2006، ص 190

20_ صلاح الدين جمال الدين : “مشكلات حضانة الأطفال في زواج الأجانب دراسة مقارنة ” ، دار الفكر الجامعي الإسكندرية 2004، ص 94.

21_ هشام علي صادق : “مركز القانون الأجنبي أمام القضاء الوطني، دراسة مقارنة في تطبيق القانون الأجنبي أمام محكمة الموضوع رقابة المحكمة العليا على تفسيره ونسخه ” منشأة المعارف بالإسكندرية 1968، ص 565

22_ محمد التغدويني :” تنازع القوانين” ، مطبعة فاس ، بريس الطبعة1 السنة 2004، ص 253

23_ راجع ببهذا الخصوص “فراس كريم شيعان : ” تنازع القوانين في الحضانة(دراسة تشريعية فقهية قضائية مقارنة)” ، مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية ، العدد الأول / السنة الخامسة ص 157 ما بعدها .

صدرت هذه الاتفاقية بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (44/25) بتاريخ 20/11/1989 ، ودخلت حيز النفاذ اعتباراً من 2/6/1990 ، او تضمنت ديباجه و(54) مادة ، وقد صادق عليها جميع الدول الاعضاء بالأمم المتحدة ، ومنها العراق بالقانون رقم (3) لسنة 1994 باستثناء الولايات المتحدة والصومال .

24_ تطبيقاً لنص هذه المادة ، قضى مجلس الدولة الفرنسي في حكمه الصادر في 22/9/1997 بتطبيق هذا النص تطبيق مباشر نص وتغليبه على القانون الداخلي الذي يمنع الطلب المتعلق بحق التجمع العائلي. – راجع فراس كريم شيعان : ” تنازع القوانين في الحضانة(دراسة تشريعية فقهية قضائية مقارنة)” ، مرجع سابق ص 175

25 _ لأكثر من مائه وعشرة أعوام ، دأب مؤتمر لاهاي للقانون الدولي الخاص ، وهو منظمة دولية حكومية يبلغ عدد الدول الأعضاء فيها نحو سبعين دولة من مختلف القارات ، على توفير الأمن والحماية للإفراد الذين تتخطى حركتهم وأنشطتهم حدودهم الوطنية . وتقع على عاتق هذا المؤتمر مسؤولية المواءمة بين قواعد القانون الدولي الخاص على المستوى العالمي ، وذلك من خلال إعداد ودراسة وتبني اتفاقية لاهاي متعددة الأطراف يبلغ عدد الدول الأطراف بها حالياً أكثر من (120) دولة من مختلف أنحاء العالم ،وقد تم منذ الحرب العالمية الثانية إقرار 37 اتفاقية . لمزيد المعلومات حول هذه الاتفاقيات نظرا الموقع الالكتروني لمؤتمر لاهاي www.hcch.net
Vu: 12/5/2017 à 17:05min

26_ انظر الموقع الالكتروني للاتفاقية على شبكة المعلومات الدولية
http://www.hcch,net/vpload/arab.html vu 5 /5/2017 à 8h

27_ غزلاي الجاي: الروابط بين الآباء والأبناء في القانون الدولي الخاص المغربي (اتفاقية لاهاي لسنة 1996 الخاصة بحماية القاصرين) رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث في القانون المدني المعمق، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الخامس، أكذال الرباط،السنة للجامعية 2006-2007، ص 1 .

28- Souhamya Ben Achour : enfance disputée, les problèmes juridiques relatifs aux droits de garde et de visite après divorce dans les relations franco- maghrébines, 2004, centre de publication universitaire Tunis, p 118

29_ أحمد زوكاغي: أحكام التنازع بين القوانين في التشريع المغربي، الطبعة الثانية 2002، مطبعة الكرامة، الرباط، ص 27.

30_ تنص المادة الثانية من مدونة الأسرة على أنه:” تسري أحكام هذه المدونة على:
1- جميع المغاربة ولو كانوا حاملين لجنسية أخرى،
2- اللاجئين بمن فيهم عديموا الجنسية طبقا لاتفاقية جنيف ب 28 يوليوز لسنة 1951 المتعلقة بوضعية اللاجئين،
3- العلاقات التي يكون فيها أحد الطرفين مغربيا،
4- العلاقات التي تكون بين مغربيين أحدهما مسلم،
أما اليهود المغاربة فتسري عليهم قواعد الأحوال الشخصية العبرية.”

31- موحى ولحسن ميموني، وضعية الأسرة المغربية في ضوء تطورات ضوابط الإسناد، مجلة الملف،ـ العدد 4، شتنبر 2004، ص 103.

32_ قرار محكمة النقض الفرنسية بتاريخ 17 أبريل 1957 دون ذكر باقي البيانات، أوردته عزلان الجاي،المرجع السابق ، ص 15.
انظر في النقد الموجه لهذه المادة كل من
– Henri batifole and Paul Lagarde ,droit international privé , septième édition ,tome II , Paris ,1983 , P.75
– Bernard audit , droit international privé ,3éd.,économica ,paris , 2000,P.583-584

33_ جميلة أوحيدة: نظام الأحوال الشخصية للجالية المغربية بالأراضي المنخفضة، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الخامس، أكدال الرباط، السنة الجامعية 1994، 1995، ص 39.

34_ Jean Yves Carliers : autonomie de la volonté de la statut personnel, cahiers des droits maghrébines, V. 1 ; janvier- juin 1995, p;27

35- راجع موحى ولحسن ميموني : المرجع السابق ، ص 110.

36- منير الشعيبي : قانون الأسرة المغربي أمام القضاء الأوروبي أية إمكانية للتطبيق؟ رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث في قانون الأسرة والطفولة، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد بن عبد الله، فاس،السنة الجامعية 2005-2006،ص:107.

37- عليوش قريوح كمال : القانون الدولي الخاص الجزائري، تنازع القوانين، الجزء الأول ،الطبعة الأولى 2006، مطبعة دار هومة، ص 227.

38_ موحى ولحسن ميموني : مرجع السابق، ص 108.

39_ فارسي يعيش : الآثار القانونية للزواج المختلط في وضوء القانون المغربي والمقارن، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة القاضي عياض، السنة الجامعية 2005-2006، ص 198.

40_ غزلان الجاي : مرجع سا بق ، ص 57.

41_ مالك العزواني : القانون المطبق على حقوق العائلة، دورة دراسية حول المجلة التونسية للقانون الدولي الخاص، يومي 4 و 5 ماي 2001، المنظم من طرف مركز الدراسات القانونية والقضائية، منشورات مركز الدراسات القانونية والقضائية، تونس، ص 165.

42_ موحى ولحسن ميموني : م س ، ص 112

43_ حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بتونس تحت رقم 35551 بتاريخ 27 يونيو 2000، أورده مالك الغز واني، المرجع السابق،ص 166.

44_ قاعدة التنازع المتحرك : هو التغيير في ضابط الإسناد والذي يؤدي إلى التغيير في القانون الواجب التطبيق .
شروط التنازع المتحرك : وجود شرط المدة : فلا بد من وجود حالة قانونية مستمرة ذات عنصر أجنبي أي يوجد فاصل زمني بين نشأة العلاقة والنزاع .
وجود ضابط الإسناد: يشترط أن يوجد ضابط إسناد قابل للتغيير مثل الجنسية والموطن والمال المنقول وإرادة المتعاقدين وهناك ضوابط إسناد ثابتة غير قابلة للتغيير ولا تثير بالضرورة مشكلة تنازع القوانين سواء بطبيعتها كما في موقع المال العقاري أو نتيجة لتحديد المشرع ضابط زمنياً لها كما في جنسية المتوفي في المواريث . وتعاقب قانونيين لحكم ذات المسألة نتيجة لتغير ضابط الإسناد .نقلا عن محاضرات كلية دجلة قسم القانون الدولي الخاص : https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=862164263840294&id=47390613599944 4

45_ احمد عوبيد : مرجع سابق ،ص83 .

46_ جاء في البند السابع من القانون الاتحادي النمساوي المتعلق بالقانون الدولي الخاص الصادر يوم 15 يونيو 1978تقرير للمبدأ العام “مبدأ الاثر الفوري للقانون الجديد:” إن التغيير اللاحق للشروط التي تحكم الاسناد إلى نظام قانوني معين ليس له أي تأثير على الوقائع التي تحققت قبل حصول التغيير”.
للمزيد من المعلومات في هذه المسألة راجع : احمد عوبيد، مرجع سابق ، ص85 مابعدها

47_احمد عوبيد ، مرجع سابق ، ص89-

في حالة اختلاف الجنسية بين الزوجين يتم اعتماد فكرة الموطن المشترك :
• وذلك حسب ما قضت به الغرفة المدنية لمحكمة النقض الفرنسية في قضية السيدة فيراري Ferrar والّتي كانت متزوجة بإيطالي، حصل بينهما وبين زوجها تفريق جسماني رضائي ثمّ ذهبت إلى فرنسا وطلبت تحويل الانفصال الجسماني إلى طلاق طبقا للقانون الفرنسي، فرفضت محكمة النقض طلبها، فأستردّت جنسيتها الفرنسية وطلبت الطلاق مباشرة طبقا للقانون الفرنسي فقُضي لها بالطلاق تطبيقا لفكرة التطبيق الموزع، وإخضاع التطليق لقانون جنسية الزوجة أو الزوج وقت رفع الدعوى .وإذا كان الزوجان من جنسية مختلفة وأدّى انفصالهما إلى رجوع المدعي إلى الإقامة بفرنسا، وكان للزوجين موطنا مشتركا بفرنسا.وذلك حسب ما جاءت به محكمة النقض الفرنسية بتاريخ 17 أبريل 1953 في قضية ريفير Rivièreوالذّي رأى فيها القضاء الفرنسي، بتطبيق قانون الموطن المشترك على طلاق زوجين مختلفي الجنسية.
• وقررت محكمة النقض الفرنسية، بقرارها في 15 /05 5 196 بأنّه في حالة عدم اشتراك في الموطن والجنسية يخضع الطلاق لقانون القاضي المرفوع أمامه النزاع أيضا . وقد استقر القضاء الفرنسي على هذا الرأي، إلى أن تدخل المشرع الفرنسي فعدل المادة 310 من القانون المدني الفرنسي، مكرسا الاجتهادات والحلول الّتي أتت محكمة النقض الفرنسية الصادر ب 11 يوليوز1975 والّتي مفادها:”يطبق القانون – بمقتضى قانون الفرنسي رقم 75 فيما يتعلّق بالطلاق والتطليق والانفصال الجثماني في الحالات التالية:
– إذا كان كل من أحد الزوجين يتمتعان بالجنسية الفرنسية.
-إذا كان موطن كل من الزوجين بفرنسا.
راجع للتفصيل في المسألة ، امين دربة :”تنازع القوانين في مجال الزواج و انحلاله “مرجع سابق ص 50

48- محمد الوهابي، ‘’ طلاق المغاربة أمام القضاء الأوربي ‘’ إشكالات التطبيق وآفاق التنفيذ، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، السنة الجامعية 2006-2007، ص : 20 و 21.

49- محمد الوكيلي، ‘’ دروس في القانون الدولي الخاص المغربي ‘’، جامعة محمد الخامس بالرباط كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أكدال، السنة الجامعية : 2007-2008، ص : 61 و 62.

50- جميلة أوحيدة : “آليات تنازع القوانين في القانون الدولي الخاص المغربي” أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في الحقوق، جامعة محمد الخامس الرباط-السويسي، السنة 2004-2005، ص 302-303.

51- جميلة أوحيدة : المرجع السابق، ص 307-316.

52-http://rabitasouissi.blogspot.com/2014/05/s6.html vue le 5/05/2017 a 17 :30

 

53- http://www.marocdroit.com 29/11/2016 22.22.

54- أحمد عوبيد، مرجع سابق، ص : 184 و 185.

55- حفيظة السيد الحداد، الموجز في القانون الدولي الخاص، الكتاب الأول للمبادئ العامة في تنازع القوانين، الطبعة الأولى، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، عدم ذكر السنة، ص : 305.

56- ظهير 6 شتنبر لسنة 1958 .

57- صلاح الدين جمال الدين، تنازع القوانين-دراسة مقارنة بين الشريعة والقانون، دار الفكر الجامعي الاسكندرية، الطبعة الثانية، سنة 2007، ص145.

58- محمد الوكيلي، مرجع سابق، ص :63.

59- للمزيد حول تفاصيل هذه الآاراء أنظر: الدكتور مرتضى نصر الله ،مباديء القانون الدولي الخاص التجاري، مطبعة النعمان، سنة 1962، ص62.

60- فاطمة الزهراء زاير، النظام العام في النزاعات الدولية الخاصة المتعلقة بالأحوال الشخصية، رسالة ماجستير في القانون الدولي الخاص، جامعة أبي بكر بلقايد، الجزائر، سنة 2010، ص8.

61- محمد عبدالعال عكاشة، تنازع القوانين، الطبعة الأولى، منشورات الحلبي الحقوقية بيروت، السنة 2004، ص 462.

62- محمد الوكيلي، مرجع سابق، ص 63 و 64.
محمد تكمنت:”الوجيز في القانون الدولي الخاص”، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية سلا، طبعة 2005، ص 95.
الحسن لحلو الملوخي:”القانون الدولي الخاص المغربي والمسطرة المدنية”، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الدولي الخاص،1997¬¬¬-1998، جامعة محمد الخامس-أكدال، ص17.

63- موسى عبود: الوجيز في القانون الدولي الخاص المغربي، الطبعة الأولى 1994 ،المركز الثقافي العربي،الدار البيضاء، ص 329.

64- المجلة التونسية للقانون الدولي الخاص لسنة 2004

65- ظهير شريف رقم 136-02-1 صادر في 12 ذي القعدة1423 الموافق 22 يناير 2003، القاضي بنشر الاتفاقية المتعلقة بالاختصاص والقانون المطبق ،الاعتراف ، التنفيذ والتعاون في مجال السلطة الأبوية وإجراءات حماية الأطفال، الموقعة بلاهاي 19 أكتوبر 1996، الجريدة الرسمية عدد 5108 بتاريخ 15 ماي 2003،ص 375.

66- تنص الفقرة الأولى من المادة الخامسة من اتفاقية لاهاي لسنة 1996 على أنه:” تختص كل من السلطات القضائية أو الإدارية للدولة المتعاقدة التي يوجد بها الإقامة الاعتيادية للطفل باتخاد الإجراءات الرامية إلى حماية شخصه أو أمواله”.

67- ظهير شريف رقم 1.83.197 صادر من ربيع الأول 1407 الموافق 14 نونبر 1986 القاضي بنشر الاتفاقية المتعلقة بحالة الأشخاص والأسرة وبالتعاون القضائي بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية، الموقعة بالرباط في 10 غشت 1981، الجريدة الرسمية عدد 93 بتاريخ 7 أكتوبر 1987، ص 931-934.

68- الحسين بلحساني : مرجع سابق،ص 156.

69- نبيل بن عائشة: منطق القضاء الاستعجالي في القانون الدولي الخاص، المجلة القانونية التونسية، لسنة 2005، ص 28.

70- عبد الله مخلص: نظام التوارث في القانون الدولي الخاص المغربي، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث في القانون المدني المعمق، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الخامس، أكدال، الرباط،السنة الجامعية ،2006-2007 ،ص 48.

71-jean DEPREZ :bilan de vingt cinq années de droit privé au maroc.(R .J.P.E.M ) numéro 10 -2éme semestre1981 .

72- ظهير شريف رقم 1.83.197 صادر في 11 من ربيع الأول 1407 (14 نوفمبر 1986) بنشر الاتفاقية المتعلقة بحالة الأشخاص والأسرة وبالتعاون القضائي بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية الموقعة بالرباط في 10 أغسطس 1981

73__ ج.ر.: عدد 3910 الصادرة بتاريخ 7 أكتوبر 1987 الموافق ل 7 اكتوبر 1981

74_ ظهير شريف رقم 1.83.197 صادر في 11 من ربيع الأول 1407 (14 نوفمبر 1986) بنشر الاتفاقية المتعلقة بحالة الأشخاص والأسرة وبالتعاون القضائي بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية الموقعة بالرباط في 10 أغسطس 1981

 

الحضانة وحق الزيارة
محمد الوكيلي : ” دروس في القانون الدولي الخاص المغربي ” جامعة محمد الخامس اكدال، سنة 2007- 2008، ص:91
محمد الوكيلي:”مرجع سابق ، ص 86.
مدونة الاسرة لسنة 2004
ينص الفصل 14 من الاتفاقية الفرنسية المغربية لسنة 1981 على ما يلي:”يمكن خلافا لمقتضيات الفصل 17 من اتفاقية التعاون القضائي و تنفيذ الأحكام المؤرخة في 5 أكتوبر 1957 نشر الأحكام المتمتعة بقوة الشيء المقضي به المتعلقة بحالة الأشخاص و تسجيلها في سجلات الحالة المدنية دون حاجة إلى تذييلها بالصيغة التنفيذية”.
– انظر حكم المحكمة الابتدائية بواد زم، ملف رقم 652/03 ، صادر بتاريخ15/01/2004، منشور بمجلة الملف، العدد 3 أبريل 2004 ص 164
– حكم محكمة الابتدائية أمستردام بتاريخ فاتح دجنبر 1982.رقم القضية 7521/81 حكم غير منشور. أوردته جميلة أوحيدة في رسالتها. نظام الأحوال الشخصية للجالية المغربية بالأراضي المنخفضة. مرجع سابق. ص46
– قرار استعجالي رقم 102/50 الصادر عن المحكمة الابتدائية ببروكسيل بتاريخ 15 فبراير 1991. أورده الحسين والقيد. مجموعة الاجتهادات القضائية في المادة القانون الدولي الخاص. الجزء.1. الطبعة الثالثة. السنة 1994. مطبعة المعارف الجديدة.الرباط.ص 122
– جمال العبودي. الحقوق المعنوية للأطفال الناتجين عن الزواج المختلط. مرجع سابق. ص25
– جاء في قرار المجلس الأعلى الجزائري:”إن قضاة الاستئناف بتأييدهم الحكم المستأنف لديهم القاضي برفض طلب الطاعنة الرامي إلى وضع الصيغة التنفيذية للحكم والقرار الأجنبيين لكون بقاء البنتين بفرنسا يغير من اعتقادهما ويبعدهما عن دينهما وعادات قومهما، فضلا عن أن الأب له الحق في الرقابة، وبعدهما عنه يحرمه من هذا الحق، فإنهم بقضائهم كما فعلوا، طبقوا صحيح القانون”. قرار مجلس الأعلى الصادر بتاريخ 02-01-1989- ملف رقم 52207. أوردته حميد وزكية. حماية الطفل عبر مكان ممارسة الحضانة. مرجع سابق. ص 55.
– جاء في قرار تعقيبي صادر عن المحكمة التونسية. عدد 69523 مؤرخ في 12 يونيو 2000 أنه “إذا كان لا يشترط لصحة حضانة الأم اتحادها في الدين مع أب المحضون باعتبار الأم أحق بالحضانة، إلا انه متى تبين أن في حضانتها خطرا على المحضون من حيث تنشئته في محيط غير محيطه العربي الإسلامي فإن حق الحضانة يصبح متعارضا مع حق الصغير، وحق الصغير مقدم على حق والديه لأن المعتبر في الحضانة هو مصلحة الصغير”. قرار أورده. احمد الورفلي. مرجع سابق. ص 105.
– حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بالعرائش. رقم 337. ملف عدد 265-06/5، بتاريخ 18/07/2006. حكم غير منشور
– قرار محكمة الاستئناف بوجدة. الصادر بتاريخ 17 نونبر 1993. رقم 498. ملف عدد 524/92. قرار غير منشور. أورده الحسين والقيد. مجموعة الاجتهادات في مادة.ق.د.خ. سلسلة قضائية توثيقية رقم6. الطبعة السادسة.2001. مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء. ص 137.
– جميلة أوحيدة. تنازع قوانين الطلاق بين المغرب وهولندا.مرجع سابق. ص :132.
– جميلة أوحيدة. نظام الأحوال الشخصية للجالية المغربية بالأراضي المنخفضة. مرجع سابق. ص 85.

قد يعجبك ايضا