مراقبة عمل الموثق العصري ومسؤولياته في ضوء القانون المغربي

إعداد ذة.حسناء زيو طالبة بسلك ماستر القضاء والتوثيق، جامعة إبن زهر كلية الشريعة والقانون، وتوضيب من فريق عمل موقع “المعلومة القانونية

مـــقــدمــــة:

سادت نظم التوثيق في الحضارات القديمة كمصر القديمة، وفارس واليونان وعند الرومان وما تلاهم من حضارات، بغية توثيق المعاملات التي تنشأ بين الأفراد، قطعا وحسما للنزاع.

وبتطور الحياة الإقتصادية والإجتماعية للمجتمع، تطورت أنظمة التوثيق من زمن إلى آخر، ففي فرنسا مثلا تطور نظام التوثيق فيها من مرحلة الاختلاط بالكتابة العمومية الى مرحلة اعتباره مؤسسة فرنسية مستقلة، ونظرا لفعالية هذه المؤسسة أخدت بها بعض الدول الأخرى كالمغرب فتبنى هذا التوثيق العصري من خلال قانون 4 مايو 1925 والذي نسخ بقانون 09.32 المنظم للتوثيق العصري

وفي هذا الصدد سنتناول مراقبة الموثق العصري ومسؤولياته المدنية والجنائية والتأديبية وذلك وقف التصميم الآتي:

المطلب الأول: مراقبة الموثق العصري
الفرع الأول: رقابة الوكيل العام للملك
الفرع الثاني: رقابة وزارة المالية
المطلب الثاني: مسؤولية الموثق العصري
الفرع الأول: مسؤولية الموثق المدنية
أولا: مسؤوليته العقدية
ثانيا: مسؤوليته التقصيرية
الفرع الثاني: مسؤولية الموثق الجنائية
الفرع الثالث: مسؤولية الموثق التأديبية

المطلب الأول: مراقبة الموثق العصري

أكد القانون رقم 09.32 في المادة 65 بما يلي: “يخضع الموثقون سواء فيما يخص عملياتهم الحسابية أو الأموال والقيم المودعة لديهم أو التي يتولون حساباتها أو فيما يخص صحة عقودهم وعملياتهم واحترامهم للقانون المنم للمهنة لمراقبة مزدوجة يتولاها الوكيل العام للملك أو من ينوب عنه التي يوجد بدائرة نفوذها مكتب الموثق، والوزارة المكلفة بالمالية طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل، وتتم هذه المراقبة بحضور رئيس المجلس الجهوي للموثقين أو من ينوب عنه.

إذا اشعر رئيس المجلس الجهوي ولم يحضر أو ينتدب من ينوب عنه تجري المراقبة في غيبته.

حسب هاته المادة يخضع الموثق في عمله لمراقبة مزدوجة يتولاها كل من الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف التي يوجد بدائرة نفوذها مكتب الموثق، (الفرع الأول) وكذا وزارة المالية( الفرع الثاني) وتتم هذه المراقبة بحضور رئيس المجلس الجهوي للموثقين.

الفرع الأول: رقابة الوكيل العام للملك

نصت مجموعة من المواد من قانون 09.32 على إختصاصات الوكيل العام للملك تجاه الموثق، بينت المادة 67 أن للوكيل العام للملك لدى محكمة الإستئناف أو من ينوب عنه حق مراقبة المحفوظات والسجلات النظامية وسجلات المحاسبة والتأشير عليها، مع بيان تاريخ إجراء المراقبة “.

وجاءت المواد بعدها للتفصيل أكثر في كيف تجري هاته المراقبة، فالمادة 68 نصت على أنه :” يراجع الوكيل العام للملك لدى محكمة الإستئناف مرة في السنة على الأقل صناديق الموثقين وحالة الإيداعات لديهم، ويضع تأشيرته على السجلات الخاصة بذلك مع الإشارة إلى التاريخ الذي قام فيه بالمراجعة “.

كما أن للوكيل العام للملك أن يكون بهاته المراقبة ولو بكيفية مفاجئة، على أن هذا التفتيش يشمل مجموع نشاط الموثق أو موضوع معين، حسب ما وضحت المادتين 69 و70، وله أن يختار من يساعده في ذلك، فينجز تقريرا في الموضوع ويشير هذا النائب إلى وجود مخالفات خطيرة أو وضعيات من شأنها المس بأمن المحفوظات والودائع، فيتوجب عليه حينئذ إشعار الوكيل العام للملك) ما لم يكن هو الذي قام بالعملية (ورئيس المجلس الجهوي وعند الإقتضاء رئيس المجلس الوطني، وذلك حسب ما أكدت عليه المادة 71.

دون أن ننسى حق الوكيل العام للملك في تحريك الدعوى العمومية زجرا للأفعال التي تكون جنحا أو جنايات، حسب المادة 73 من القانون المتعلق بهاته المهنة، كما أن للوكيل العام للملك حسب المادة 78 الحق في توقيف الموثق عن العمل بإذن من وزير العدل كلما فتحت متابعة تأديبية أو جنحية أو جنائية ضد الموثق، مع تبليغه الأمر بالإيقاف إلى المعني بالأمر وإلى المجلس الجهوي للموثقين ويسهر على تنفيذه ، مع إشعاره لرئيس اللجنة المذكورة في المادة 11 والوزير المكلف بالمالية والمحافظ العام على الملكية العقارية ورئيس المجلس الوطني للموثقين.

إضافة إلى ذلك يتعين عليه حسب مقتضى الفقرة الأخيرة من نفس المادة إحالة المتابعة التأديبية على اللجنة داخل أجل ثلاثة أشهر من صدور الحكم بالإدانة في حق الموثق، وإذا قرر الوكيل العام للملك بعد البحث متابعة موثق، وجه تقريرا في الموضوع مرفقا بالوثائق اللازمة إلى وزارة العدل قصدعرض الأمر على اللجنة المنصوص عليها في المادة 11، ويخبر المجلس الجهوي بذلك ,وذلك حسب ما أكدت عليه المادة 80.
هذا إجمالا ما تناولته المواد المشار إليها أعلاه ، وننتقل إلى مراقبة وزارة المالية.

الفرع الثاني: مراقبة وزارة المالية

يمكن إجمال دور وزارة المالية في ما نصت عليه المادة 69 وهو :

• حق البحث والتفتيش والإطلاع الواسع على أصول العقود والسجلات والسندات والقيم والمبالغ النقدية والحسابات البنكية ووثائق المحاسبة وكافة الوثائق التي يكون تقديمها مفيدا لمهمتهم، وهي مراقبة يشترك فيها ممثلي الوزارة المكلفة بالمالية مع الوكيل العام للملك.
نصت مدونة الضرائب في المادة 137 على التزامات الموثقين والعدول والقضاة المكلفين بالتوثيق وكتاب الضبط ، وذكرت في التزامات الموثق تجاه إدارة الضرائب أنه :

• يجب على الموثقين أن يضمنوا العقود البيانات والتصاريح التقديرية اللازمة لتصفية واجبات التسجيل.

• يلزم الموثقون العبريون بترجمة عقودهم شفاهيا لمفتش الضرائب المكلف بالتسجيل وتزويده بالبيانات اللازمة لتصفية واجبات التسجيل.

• يجب على الموثقين أن يقدموا سجلات التحصين إلى المفتش قصد التأشير عليها واستيفاء إجراء تسجيل العقود وأداء الواجبات في الأجل المحدد .غير أن أطراف العقـد يلزمـون بأداء المبالغ الناقصـة في الاستيفـاء والواجبات التكميلية المستحقة على إثر واقعة لاحقة.

يؤدي الأطراف واجبات التسجيل و، إن اقتضى الحال الذعيرة والزيادات المتعلقة بالعقود العرفية التي يحررها الموثقون.

• غير أنه يجب على الموثق أن يودع، لدى مكتب التسجيل المختص، نسخة من العقد العرفي الذي قام بتحريره، تحت طائلة تطبيق قواعد التضامن المنصوص عليها بالمادة 183، وخاصة في فقرتها الثانية أدناه، التي تقول بأنه يجب على الموثقين والموظفين المزاولين مهام التوثيق الذين يحررون عقودا رسمية مؤسسة على عقود عرفية غير مسجلة أو مستخلصة منها، أو يقومون بتسلمها من أجل إيداعها بمحفوظاتهم، أن يلحقوا العقود العرفية الآنفة الذكر بالعقد الذي يحيل عليها، وأن يقدموها لإجراء التسجيل، مع أداء الواجبات المستحقة، وكذا الذعيرة والزيادات المترتبة على العقود العرفية المذكورة.”

ووضحت المدونة في كتابها الثاني على مراقبة هاته المصلحة وصلاحياتها، فقد نصت المادة 210 على حق المراقبة:

“تراقب إدارةالضرائب الإقرارات والعقود المستعملة لفرض الضرائب والواجبات والرسوم.

لهذه الغاية يجب على الخاضعين للضريبة أشخاصا طبيعيين أو معنويين أن يدلوا بجميع الإثباتات الضرورية ويقدموا جميع الوثائق المحاسبية إلى المأمورين المحلفين للقيام بمراقبة الضرائب للإدارة الضريبية كذلك الحق في إجراء معاينة يمكن بمقتضاه أن تطلب من الخاضعين للضريبة المذكورين أعلاه، تقديم الفاتورات والدفاتر والسجلات والوثائق المهنية المتعلقة بعمليات نتج عنها أو من المفروض أن ينتج عنها تحرير فواتير، وأن تقوم بالمعاينة الفعلية للعناصر المجسدة للإستغلال ، وذلك للكشف عن حالات الإخلال بالإلتزامات الواردة في النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل.

يمارس حق المعاينة مباشرة بعد تسليم الإشعار بها من طرف المأمورين المحلفين المعتمدين المشار إليهم أعلاه.
كما أن لها حق الإطلاع وتبادل المعلومات مع الخاضع للضريبة حسب المادة 214 من المدونة، مع التأكيد على توفرها على السلطة التقديرية في تحديد أساس فرض الضريبة في حالة وجود إخلالات جسيمة حسب المادة 213.
بعد الإطلاع على المراقبة المزدوجة التي تمارس على الموثق ننتقل إلى الإطلاع على مسؤولياته.

المطلب الثاني: طبيعة مسؤولية الموثق العصري

يقصد بالمسؤولية  responsibility تحمل الشخص لنتائج وعواقب التقصير الصادر عنه أو عمن يتولى الرقابة أو الإشراف عليه ،والمسؤولية القانونية تتخذ صورا أربعة وهي : المسؤولية السياسية والجنائية والمدنية –بنوعيها- والتأديبية “.

وفي هذا الفرع سنتناول المسؤولية المدنية (الفرع الاول) والزجرية (الفرع الثاني) للموثق العصري، ومسؤوليته التأديبية (الفرع الثالث).

الفرع الأول: المسؤولية المدنية للموثق العصري

لم يخص المشرع المغربي مسؤولية الموثق المدنية بأي مقتضى خاص، وبذلك تبقى القواعد العامة للمسؤولية المدنية هي الواجبة التطبيق في هذا المجال، ومعلوم أن المسؤولية المدنية تنقسم إلى قسمين: مسؤولية عقدية (أولا) ومسؤولية تقصيرية (ثانيا).

أولا: المسؤولية العقدية للموثق العصري

إن مسؤولية الممارس الحر تكون في أكثر الأحوال مسؤولية عقدية تنشأ عند إخلال هذا الموثق بإلتزامات عقدية تربطه بأحد زبنائه، حيث تتم مسائلته طبقا للفصل 230 من ق.ل.ع الذي ينص على أن الالتزامات التعاقدية المنشأة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة إلى منشئيها، ولا يجوز إلغاؤها إلا برضاهما معا أو في الحالات المنصوص عليها في القانون.

فالموثق يكون التزامه في الغالب التزاما بتحقيق نتيجة ، وهاته النتيجة تتمثل في صحة المحرر الرسمي من الناحية الشكلية، ذلك أن الموثق يعد مرتكبا لخطا مهني إذا لم يراعي أثناء أدائه مهامه، السلوك المعتاد في ممارسته لهذه المهنة الذي توجبه أخلاقياتها وطبيعتها .
كأن يقوم الموثق مثلا أثناء تحريره لمحرر رسمي بعدم ذكر بعض البيانات اللازمة في الوثيقة أو إغفال ذكر احد أسماء الأطراف المحررة لهم الوثيقة، أو عدم التأكد من صحة المستندات التي تتوقف عليها الشهادة خصوصا عندما يتعلق الأمر بتفويت عقار مما قد يترتب عن ذلك أضرار فادحة لأحد الأطراف أو كلاهما، وما دام الموثق قد اخل ببنوده، حيث لم يحرر المحرر الرسمي طبقا للشكلية القانونية مما نتج عنه بطلان المحرر، حسب ما ورد في المادة 43 من القانون المنظم لمهنة التوثيق العصري ، وما لذلك طبعا من نتائج وخيمة على الأطراف.

ففي هذه الحالة يكفي الزبون المتضرر الإدلاء بالمحرر الباطل الذي يعود سبب بطلانه إلى خطا الموثق ليثبت خطا هذا الأخير .وهذا ما نصت المادة 28 من القانون 32.09 على أن الموثق يسأل مدنيا إذا قضت المحكمة ببطلان عقد أنجزه بسبب خطئه المهني ونتج عن هذا البطلان ضرر لأحد الأطراف.

ثانيا: المسؤولية التقصيرية للموثق

إن مسؤولية الموثق كمبدأ تكون عقدية واستثناءا تقصيرية ، وهي في حالة صدور خطأ تقصيري من جهته يضر الغير ، فيسائل مدنيا طبقا للفصلين 77 و 78 من ق.ل.ع سواء كان ضرره ماديا أو معنويا.
إلا أن مسؤولية الموثق التقصيرية لا تنتج عن فعله الشخصي فقط، وإنما تمتد كذلك إلى فعل معاونيه وذلك طبقا للمادة 85 من ق.ل.ع، التي تنص على أن الشخص لا يكون مسؤولا عن الضرر الذي يحدثه بفعله فحسب، لكن يكون كذلك مسؤولا عن الضرر الذي يحدثه الأشخاص الذين هم في عهدته، أي المتمرنين لديه وأجرائه، وهذا ما أكدته المادة 26 من القانون 32.09

والخطأ التقصيري من الموثق نقصد به الذي يكون له علاقة بصفته لا بشخصه ، ذلك أن الموثق يمكن أن يسائل اتجاه زبنائه خارج العمل التعاقدي، كحالة تقديمه لنصيحة أو توصية يقصد بها تضليل وخداع الزبون 2، ذلك أن المادة 37 من القانون المنظم للمهنة نص على أنه : “يجب على الموثق إسداء النصح للأطراف ، كما يجب عليه أن يبين لهم ما يعلمه بخصوص موضوع عقودهم ، وأن يوضح لهم الابعاد والآثار التي ثد تترتب عن العقود التي يتلقها”.

وهذا الوجوب يمنعه من تضليل المتعاقدين وخداعه .
وبالتالي كخلاصة لهاتيه الفقرتين فإنه بإثبات المتضرر للخطأ الصادر عن الموثق (التقصيري أو العقدي) وكذا للضرر الحاصل وللعلاقة السببية، فإنه يمكن له أن يطالب بالتعويض عن تلك الأضرار التي لحقته تبعا لقواعد المسؤولية المدنية.

الفرع الثاني: مسؤولية الموثق الجنائية

إن المسؤولية الجنائية تقوم على أساس أن هناك ضررا أصاب المجتمع نتيجة إقتراف أفعال محظورة بمقتضى القانون الجنائي ” لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص “.إذ أن الأفعال المعتبرة جرائم محدودة على سبيل الحصر ، وهي وحدها التي توجب المسؤولية الجنائية للمسؤول عنها 3.
وبناء عليه، فالموثق يمكن أن تثار مسؤوليته الجنائية الناجمة عن فعله الشخصي المرتبط بصفته (مسؤولية خاصة) إضافة إلى غير المرتبطة بها أي؛ المسؤولية العامة التي تخص كل من يتواجد على التراب الوطني بغض النظر عن شخصه.

فبالنسبة للمسؤولية الجنائية بصفة خاصة نقصد بها صفته كموثق ، ولا بد أن نشير إلى معلوم مسبقا ؛ وهو أن الموثق يعتبر موظفا بالمفهوم الجنائي ، كما ورد ذلك في الفصل 224 من القانون الزجري، وبذلك فهو يخضع للمقتضيات الزجرية المنصوص عليها وعلى عقوباتها في هذا القانون.

وكل هذا ينصب في رغبة المشرع في تحقيق الأمن التوثيقي، ضمانا لإستقرار معاملات الناس، وحماية للمحررات الصادرة عنهم من أي تزوير، كي تبقى للمهنة مصداقيتها. فقد نص القانون الجنائي على مجموعة من الجرائم التي يسائل فيها الموثق جنائيا. ومنها على سبيل المثال ؛جريمة تزوير الأوراق الرسمية أو العمومية.

والمذكورة بالفصل 352 و 353 من ق . ج . والتي تنص على أنه :” يعاقب بالسجن المؤبد كل قاض أو موظف عمومي ، وكل موثق أو عدل ارتكب أثناء قيامه بوظيفته، تزويرا بإحدى الوسائل الأتية :

• وضع توقيعات مزورة
• تغير المحرر أو الكتابة أو التوقيع .
• وضع أشخاص وهميين أو استبدال أشخاص بآخرين
• كتابة إضافية او مقمحة في السجلات أو المحررات العمومية، بعد تمام تحريرها أو اختتامها .

ويعتبر الموثق مسؤولا كذلك عند إفشائه للسر المهني تبعا للفصل 446 من ق .ج، وهو مسؤول أيضا في حالة استعماله لوثيقة مزورة كما ورد في الفصل 356 وعقوبة هذه الجريمة تتراوح بين خمس وعشر سنوات.
وغيرها من الجرائه المنصوص عليها في القانون الجنائي ، ذلك أنه كلما ثبت السلوك الإجرامي –أي الركن المادي- من طرف الموثق، والركن المعنوي، فإن هذا الموثق يسائل مسائلة جنائية .

الفرع الثالث: المسؤولية التأديبية للموثق العصري

تتجلى المسؤولية التأديبية عموما في مخالفة القواعد والالتزامات المهنية التي يفرضها القانون المنظم للمهنة أو توجبها العادات المهنية، فقد نصت المادة 73 من القانون المنظم للمهنة، على أنه: ” يمكن إصدار عقوبات تأديبية ضد كل موثق خالف النصوص المنظمة للمهنة، أو أخل بواجباته المهنية، أو ارتكب أعمالا تمس بشرف المهنة أو الاستقامة أو التجرد أو الأخلاق الحميدة أو أعراف وتقاليد المهنة. ولا تحول المتابعات التأديبية دون تحريك الدعوى العمومية من طرف النيابة العامة أو المتضررين زجرا للأفعال التي تكون جنحا أو جنايات “.
وبخصوص الجهة المسؤولة عن البت في المتابعات التأديبية للموثقين والمتمرنين ، فهي اللجنة المذكورة في المادة 11 والتي تتألف من”:

• وزير العدل بصفته رئيسا أو من يمثله ؛
• الوزير المكلف بقطاع المالية أو من يمثله ؛
• الأمين العام للحكومة أو من يمثله ؛
• رئيس أول لمحكمة استئناف أو نائبه ؛
• وكيل عام للملك لدى محكمة استئناف او نائبه ؛
• قاض بالإدارة المركزية لوزارة العدل من الدرجة الأولى على الأقل بصفته مقررا؛ يعين كل من الرئيس الأول والوكيل العام للملك ونائبيهما والقاضي المقرر بالإدارة المركزية من طرف وزير العدل.

• رئيس المجلس الوطني للموثقين أو من ينوب عنه.

• رئيسي مجلسين جهويين ينتدبان من طرف رئيس المجلس الوطني.

ومقر هاته اللجنة حسب المرسوم التنظيمي في المادة 42 منه هو وزارة العدل.

ونصت المادة 74 من القانون المنظم للمهنة على أن :” تنظر اللجنة المشار إليها في المادة 11 من هذا القانون في المتابعات التأديبية المثارة تلقائيا من طرف الوكيل العام للملك لدى محكمة الإستئناف المعين بدائرة نفوذها الموثق، أو بناء على ملتمس يقدم من طرف رئيس المجلس الجهوي إلى الوكيل العام للملك.

كما أن المادة 79 من نفس القانون أكدت على أنه”: يبدي المجلس الجهوي للموثقين النظر في كل شكاية أحيلت إليه من لدن الوكيل العام للملك، ويتعين عليه سواء في هذه الحالة، أو إذا تلقى الشكاية مباشرة أن يرفع تقريرا في شأنها إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الإستئناف المعين بدائرة نفوذها الموثق المشتكى به، وذلك داخل أجل شهر من تاريخ التوصل بها، و إذا لم يقدم تقريره خلال الأجل المحدد، يمكن للوكيل العام للملك أن يتخذ ما يراه مناسبا بعد إجراء بحث في الموضوع. تسجل جميع الشكايات الواردة على المجلس الوطني أو المجلس الجهوي في سجل خاص يحدد شكله ومضمونه وطريقة مسكه من طرف المجلس الوطني”.

وبخصوص الأفعال التي يسائل الموثق عليها مسؤولية تأديبية يمكن إيراد مثال ما ذكرته المادة 26 حيث نصت على أنه: ” يبرم الموثق عقد التأمين قبل الشروع في ممارسة مهامه ، ويلزم بالإدلاء كل سنة بما يفيد استمرار اكتتابه فيه تحت طائلة المتابعة التأديبية.”

أما العقوبات التأديبية التي تصدر في حق الموثق أو المتمرن فهي كما نصت المادة 72 و 75 :

• الإنذار
• التوبيخ
• وضع حد للتمرين؛ بالنسبة للمتمرن
• الإيقاف عن ممارسة المهنة لمدة لا تتجاوز سنة.
• العزل

وبخصوص مسطرة التأديب فقد أشارت إليها المواد 82/83/84، ويمكن إجمالها في الآتي :

1- استدعاء الموثق المعني بالأمر قبل خمسة عشر يوما من التاريخ المحدد للنظر في المتابعة برسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل أو بواسطة النيابة العامة.

2- اختيار الموثق لموثق أخر أو محامي أو هما معا لمؤازرته، مع امكانية إطلاع الموثق على جميع الوثائق بالملف مع حقه في الحصول على نسخ منها.

3- وجوب مثول الموثق المشتكى به أمام اللجنة شخصيا، وإذا لم يحضر رغم استدعائه يصفة قانونية، ولو يدل بأي عذر مقبول، بتت اللجنة في المتابعة بمقرر معلل.

4 يوجه رئيس اللجنة المقرر التأديبي إلى الوكيل العام للملك المختص الذي يبلغه إلى الموثق المعنى بالأمر داخل أجل شهر من تاريخ صدوره.

5- ينجز محضر لتبليغ نسخة من القرار إلى الموثق المعنى بالأمر

6- توجه نسخة أخرى من القرار إلى وزارة العدل والمجلس الوطني والمجلس الجهوي للموثق.

7- يشعر رئيس اللجنة كلا من الوزير المكلف بالمالية والمحافظ العام على الملكية العقارية بعقوبة الإيقاف أو العزل الصادرة في حق الموثق . مع تأكيد المادة 89 على معاقبة الموثق عن كل تصرف مخالف لقرار العزل أو الإيقاف الصادر في حقه طبقا لمقتضيات الفصل
381 من ق.ج

وبعد هاته المسطرة يمكن للموثق المعني بالأمر الطعن في هذا القرار التأديبي أمام المحاكم الإدارية إذا كان فيه تعسف أو شطط.

ونشير في الختام إلى أنه لابد من تحقيق التناسب بين الخطأ المهني و العقوبات التأديبية.

خـــــاتــــــــــمة

إن التوثيق العصري فن ينظم سير المعاملات بين الناس ويحميها، و يثبتها عند النزاع، فهو من أهم العلوم التي تدور عليها عجلة الحياة في حماية الحقوق الشخصية، واكتساب الحقوق العينية المختلفة.لذلك أولى المشرع المغربي لهذا المجال التوثيقي والعقدي عناية خاصة إلى جانب التوثيق العدلي.

وعليه فإن الموثق عليه رقابة من جهات عدة كما أنه يتحمل مهمة جسيمة ومسؤولية عظمى يمكن إجمالها في مسؤوليته المدنية والجنائية والتأديبية.


المراجع المعتمدة في الدراسة والبحث:

• ظهير الالتزامات والعقود الصادر بظهير 9 رمضان 1331 )12 أغسطس 1913( بصيغته الأخيرة المعدلة بموجب الظهير الشريف رقم 1.11.140 الصادر في 16 رمضان 1432 الموافق 17 أغسطس 2011.

• ظهير شريف رقم 179* 11*1 صادر في 25 من ذي الحجة 1432 )22 نونبر 2011( بتنفيد القانون رقم09*32 المتعلق بتنظيم مهنة التوثيق ،
• مرسوم رقم 275*12*2 صادر في 25 من ربيع الآخر 1434 )8مارس 2013( بتطبيق القانون رقم
09*32 المتعلق بمهنة التوثيق . المنشور بالجريدة الرسمية عدد 6143 -4جمادى الأخرة)15 أبريل
.)2013

• مجموعة القانون الجنائي المغربي ، ظهير شريف رقم 413*59*1 صادر بتاريخ 28 جمادى الثانية 1382
)26 نونبر 1962( بالمصادقة على مجموعة القانون الجنائي ، منشور بالجريدة الرسمية عدد 2640 مكرر ،بتاريخ 12 محرم 1383 )5يونيو 1963(، ص 1253.

• المدونة العامة للضرائب.

• المسؤولية المدنية ، محمد العلمي ، الطبعة الثالثة 2016، مطبعة قرطبة حي السلام أكادير.

قد يعجبك ايضا