تقرير حول دورة إعداد محكم لحل منازعات الأعمال التجارية، المنعقدة يومي 28 و29 أكتوبر 2017، بالرباط

ذ. قديري المكي الخلافة، مدير موقع المعلومة القانونية

إشاعة لثقافة الوسائل البديلة لحل المنازعات التجارية، نظم مركز إبن بطوطة للتبادل الثقافي والعمل التطوعي، بشراكة مع شركة Futur Events، دورة تكوينية بعنوان: إعداد محكم لحل منازعات الأعمال التجارية، أيام 28 و29 أكتوبر 2017 بمدينة الرباط، تهم إحاطة المشاركين بصلاحيات المحكمين لحل منازعات الأعمال التجارية.

وقد جاء تنظيم هاته الدورة، كما أكده مؤطرها “الأستاذ كريم الرود“، بصفته متخصصا في مجال الوسائل البديلة لحل المنازعات التجارية، لما يحتله التحكيم التجاري من مكانة بارزة في الفكر القانوني والإقتصادي، سواء على المستوى الوطني والدولي، ولما يوفره التحكيم من مرونة، سرعة، و فعالية في حل منازعات الأعمال التجارية.

وفي هذا الإطار، أشاد ضيف شرف هاته الدورة، الأستاذ الجامعي الباحث والمحاضر في مادة الوسائل البديلة لحل المنازعات بكلية الحقوق المحمدية، “الدكتور لحسن فراحي“، بصفته أيضا محاميا وخبيرا ممارسا لمهام التحكيم ومديرا لمركز للتحكيم، في تصريح خص به موقع “المعلومة القانونية“، بهاته البادرة التي ترمي إلى نشر ثقافة التحكيم في المجتمع المغربي، مؤكدا على أهمية وسائل التحكيم وتأصها في مجتمعنا، والتي ترجع جذورها منذ القدم، حيث كانت عرفا وشريعة لدى العرب قبل مجيء الإسلام وبعده، إيمانا بمكانتها الإجتماعية وضرورتها الشرعية، مشيرا في السياق ذاته، إلى أن هذا المجال عرف تطورا نسبيا بعد إستقلال المغرب، إستجابة لظروف ومتطلبات الواقع.

وعليه، ما هي أبرز الخصوصيات والمضامين التي ميزت هاته الدورة؟ وكيف تم التطرق إليها منهجيا؟ وإلى أي حد نجحت في فك اللبس الذي كان يعتري بال المشاركين قبل إعدادهم وتوجيههم كمحكمين لحل المنازعات التجارية مستقبلا؟

قص شريط بداية أشغال هاته الدورة في ساعتها الأولى، عبر كلمة إفتتاحية تلتها المشرفة العامة على التنظيم، “الأستاذة فاطمة حداد” المدربة المعتمدة دوليا، بصفتها رئيسا لمركز “إبن بطوطة“، ومديرا لشركة “Futur Évents“، عبرت من خلالها عن أهمية التدريب والتدريس في مختلف المجالات العلمية والمهنية، لاكتساب المهارات والتقنيات التي تمكن من تنزيل المعلومة فيما أعدت له.
وبعده، تسلم الأستاذ كريم الرود الكلمة، التي لم يفوت الفرصة من خلالها في إلقاء ترحيبه بمختلف المشاركين في الدورة، وإعطائهم هامشا من أجل تقديم أنفسهم لبعضهم البعض، داعيا الجميع إلى حسن التركيز من أجل الإستفادة، وعدم التردد في ممارسة حقهم المشروع في طرح السؤال، فيما يمكن أن يكون محل غموض أو لبس، وذلك قبل أن يستهل الموضوع عبر حصر محاور هاته الدورة، وتصوير الأهداف المرجو بلوغها، والتي إعتمد في معرضه عبر المراحل المنهجية التالية:

المرحلة الأولى: الجانب النظري المنظم للتحكيم التجاري في إطار القانون المغربي

المرحلة الثانية: الجانب التطبيقي لمهمة المحكم من خلال مسطرة التحكيم التجاري بالمغرب

المرحلة الثالثة: الجانب التقييمي للمشاركين، لمعرفة مدى إستيعابهم لبعض الإشكاليات الواقعية التي يمكن أن تواجههم على مستوى الممارسة.

المرحلة الأولى: الجانب النظري المنظم للتحكيم التجاري في إطار القانون المغربي

إفتتح مؤطر الدورة محورها الأول، من خلال إلقاء نظرة شاملة حول ماهية التحكيم التجاري، باعتباره ليس فقط وسيلة بديلة لحل المنازعات التجارية، وإنما آلية أبانت عن فعاليتها لفض المنازعات التجارية، حماية لمختلف المصالح المرتبطة بأطراف المنازعة، وحماية للمصلحة العامة الفضلى، كما تم توضيح الخصائص المميزة لنظام التحكيم، وتمييزه عن باقي الوسائل البديلة لحل المنازعات، كالوساطة، الصلح، التفاوض، وذلك تأتى من خلال تسليط الضوء حول الإطار القانوني المنظم للتحكيم التجاري، ليبين حدود دائرة إختصاص التحكيم في حل منازعات الأعمال التجارية ، بالإضافة إلى شرح وتفسير خصوصية الأحكام المؤطرة لمنازعات الأعمال التجارية، حيث تم التركيز على مقتضيات القانون التجاري، باعتبار أن الهدف من الدورة هو إعداد محكمين مختصين في حل منازعات الأعمال التجارية.

أما المحور الثاني، فقد تم الحديث من خلاله حول مختلف الضوابط القانونية المنظمة لمهمة المحكم، بدءا بشرط الأهلية، مرورا بشرط إستقلالية المحكم، وصولا إلى حدود إختصاص المحكمين، وكذا إلتزام المحكم بالمحافظة على السر المهني.

وبعد إستراحة شاي قصيرة، تخللها تبادل أطراف الحديث والتعارف بين المشاركين، تابعت دورة إعداد محكم لحل المنزعات التجارية أشغالها في محورها الثالث ضمن الجانب النظري، في ختام ورشة اليوم الأول الذي جاء حول مختلف الضوابط الإتفاقية لمهمة المحكم، على إعتبار أن مهمة التحكيم تخضع من حيث المبدأ لشريعة المتعاقدين، فيما يخص تحديد كل الضوابط التي قد تكون محلا لاتفاق التحكيم، إن على سبيل المثال: جنسية المحكم، تجربته، تخصصه، وغيرها من الضوابط المتعلقة بتحديد صلاحياته في فض النزاع.

المرحلة الثانية: الجانب التطبيقي لمهمة المحكم من خلال مسطرة التحكيم التجاري بالمغرب

أما في صباح اليوم الثاني من أشغال هاته الدورة، التي خصص جانب مهم منه لمناقشة وتدارس مهارات المحكم في تنظيم العملية التحكيمية على المستوى العلمي، التي حاول الأستاذ المؤطر من خلالها أن يؤكد على أنها مسألة تعود لاختصاص أطراف التحكيم، الذين لهم كامل الصلاحية في تحديد مختلف إجراءات التحكيم، ونطاق إختصاص المحكم، وصلاحياته، في إطار الضوابط القانونية المنظمة لمهمة التحكيم، كما سبق التطرق إليه في المحور السابق.

وفي هذا الإطار، فقد تم التركيز على حيثيات إتفاق التحكيم ومجمل البيانات التنظيمية الواردة عليه، وخاصة منها ما يتعلق بالناحية الموضوعية لمسطرة التحكيم، سواء من خلال تحديد أطرافه، أو تحديد منازعته، أو المكان، أو اللغة، أو القانون الواجب التطبيق، هذا إلى جانب كل المعلومات المتعلقة بأطراف التحكيم، وكذا محله وآجال الإجراءات والتدابير، وحيث تبين من خلال العرض المقدم من لدن المؤطر، دور المحكم في الجلسة التمهيدية لإجراءات التحكيم و إعداد الوثيقة المنظمة للتحكيم، بعد ذلك تم التطرق لصلاحيات المحكم في تجهيز الدعوى التحكيمية، التي أسهب في مختلف إجراءاتها، مند البدء في إجراءات التحكيم، ومرورا بكافة مراحل الدعوى التحكيمية، التي من أهمها إعداد المذكرات، انهاءا بإعداد وصياغة الحكم التحكيمي.

من جانب آخر تم التطرق لمختلف صلاحيات المحكم للنظر في إختصاصه وفي هذا الصدد أيضا، تم التطرق لصلاحيات الهيئة التحكيمية، التي يأتي من أهمها التصدي للدفوع، كالدفع بعدم قبول الدعوى التحكيمية، أو مختلف الدفوع الشكلية والموضوعية، دون إغفال تنبيه المشاركين بصلاحيات المحكم إزاء مختلف المسائل الخارجة عن ولايته في التحكيم، وكذا صلاحياته في إتخاد التدابير الوقتية والتحفظية ، فضلا عن صلاحيات المحكم في تحقيق الدعوى التحكيمية.

هذا وقد حظي محور صلاحيات المحكم للبت في النزاع أهمية كبيرة، حيث خصه الأستاذ المؤطر للدورة بحيز زمني وافر، أخدا بعين الإعتبار قيمته التقنية خلال مسطرة التحكيم التجاري، ومكانته الحساسة في مهمة المحكم، وخاصة أثناء المداولة التي تمتاز بتوقف الطلبات والدفوع أو كل التدخلات كيفما كان نوعها، إلا إذا كان بناءا على طلب من الهيئة التحكيمية، وحيث تعرف هاته وإنقطاعا تاما بأطراف القضية، إلا في الحالات التي تراها هيئة التحكيم ضرورية في إطار سلطتها التقديرية.

في حين تميز الجانب التطبيقي لدورة إعداد محكم لحل المنازعات التجارية، بالإشتغال على مجموعة من النماذج العملية لمختلف إجراءات مسطرة التحكيم في المادة التجارية، التي عرض لها الأستاذ المؤطر بداية باتفاق التحكيم إلى حين صدور الحكم التحكيمي، حيث عرفت إستحسانا من كل المشاركين، بمن فيهم الأستاذ لحسن فرحي الذي نوه بها، وأثنى على المجهود المبذول في إعدادها بحرفية تامة، مما مكن المشاركين من الإلمام بمختلف التقنيات والضوابط القانونية لإعداد محاضر الجلسات و الأحكام التحكيمية، وكذا توثيق مختلف إجراءات مسطرة التحكيم بشكل دقيق.

المرحلة الثالثة: الجانب التقييمي للمشاركين، لمعرفة مدى إستيعابهم لبعض الإشكاليات الواقعية التي يمكن أن تواجههم على مستوى الممارسة

بعد إستراحة شاي أمضى خلالها المشاركين وقتا ممتعا، كانت لهم عودة مع مؤطر الدورة، للإجابة حول مجموعة من الأسئلة و فتح باب المناقشة، لتقييم حصيلة الدورة.

وكان مسك الختام، مداخلة  للمحام والمحكم “د. لحسن فراحي”، الذي قام بتنوير رؤية المشاركين بكل ما يهم الجانب العملي للتحكيم التجاري، وتمكينهم من ملامسة العملية التحكيمية في كل جوانبها، سواء فيما يخص الجانب النظري وكذى التطبيقي للتحكم التجاري، مما ساهم بشكل فعال في نجاح الدورة بكل المقاييس.

هذا وقد تميزت الدورة التكوينية بتغطية إعلامية متخصصة، حظيت بها من لدن منبرين إعلاميين متخصصين هما موقعي “المعلومة القانونية” و”مجلة القانون والأعمال”.

وأسدل الستار عن هاته الدورة بالتقاط صور تذكارية بين مختلف المشاركين والطاقم الإداري والتقني، في حفل تسليم شواهد المشاركة على المشاركين، مر في جو أكثر من رائع، على أمل تكرار مثل هذه الملتقيات العلمية والتكونية في التحكيم التجاري.

في الأخير، أترككم مع روبورطاج هاته الدورة وبعض الصور التذكارية الملتقطة، بعدسة وتوضيب الزميلة “ذة. شيماء مرزوق“، عضو بفريق عمل موقع “المعلومة القانونية

 

قد يعجبك ايضا