دور المحافظ في تحقيق الملكية العقارية، بحث أكاديمي لنيل شهادة الإجازة

مقدمة :
لقد أضحى من نافلة القول التأكيد على الدور المحوري الذي يحظى به العقار في تحقيق التنمية المستدامة في شتى تجلياتها، فقد كان ولا زال أساس تقدم الأمم ونهضتها، باعتباره – أي العقار- مركز التغيير وأساس التنمية، فهو بمثابة قنطرة من القناطر التي تعبر من خلالها الأمم بحر التخلف، فترسوا سفينتها بأمان فوق ساحل التقدم والازدهار، فإذا أردت أن تقييس مدى تقدم أمة في منظومتها القانونية، فانظر إلى مدى اهتمامها بالتنظيم العقاري.
والمغرب -شأنه شأن باقي الدول الرامية إلى تحقيق نهضة وازدهار- ما فتئ يهتم بتطوير نظامه العقاري من أجل تحقيق الاستقرار والأمن العقاريين، فأخذ بذلك بنظام الشهر العيني، على خلاف بعض التشريعات المقارنة التي أخذت بنظام الشهر الشخصي الذي يعتمد على أساس الأشخاص في الاعلان عن التصرفات العقارية.
ولا نكون مبالغين إذا اعتبرنا أن النظام العقاري بالمغرب نظام مزدوج في هيكله متنوع في طبيعته، فمن جهة نجد نظام خاص بالعقارات غير المحفظة والتي تخضع لمدونة الحقوق العينية ، فإن لم يرد نص في هذا القانون، فإنه يتم الرجوع إلى قانون الالتزامات والعقود، فإن لم يوجد نص يرجع إلى الراجح والمشهور وما جرى به العمل من الفقه المالكي.
ويطلق على هذا النوع من العقارات بالعقارات العادية، وتنتقل ملكية العقار غير المحفظ من شخص إلى آخر بجميع التصرفات القانونية الناقلة للملكية، كالبيع والهبة والوصية، وكذا الإرث.
ومن جهة أخرى يوجد نظام خاص بالعقارات المحفظة الذي يستمد جذوره ومبادئه من نظام تورانس الأسترالي، المنظم في ظ ت ع بتاريخ 9 رمضان 1331 الموافق ل12 غشت 1913، المعدل والمغير بقانون 14.07 .
وبالنظر للنزاعات المرتبطة بالعقارات غير المحفظة، لعل أبرزها تلك المتعلقة بدعوى الاستحقاق، ودعوى الحيازة، فإن الكثيرين يفضلون اللجوء إلى التحفيظ العقاري لما له من فوائد قصد تحقيق غاياتهم، والحفاظ على ملكياتهم.
فالتحفيظ العقاري يضمن للمالك حقوقه على ملكيته بصفة قارة ومستقرة دون أن يتعرض هذا الحق للضياع أو الترامي من طرف الغير بسبب عدم الاستعمال أو التقادم، وهذه الضمانة يحققها نظام التحفيظ العقاري، حتى بالنسبة لأصحاب الحقوق العينية التبعية المترتبة على العقارات المحفظة الشيء الذي يوحي بالثقة والاطمئنان إلى أصحاب هذه الحقوق ويشجعهم على منح التسهيلات والقروض المتعلقة بالعقارات المحفظة .
كما يعد نظام التحفيظ العقاري، من الأنظمة العقارية التي تهدف إلى تثبيت الحقوق والحفاظ عليها من الاستيلاء والاحتيال، وهذ أمر بديهي مادام التحفيظ العقاري يقصد به تحفيظ العقار بعد إجراء مسطرة للتطهير يترتب عنها إنشاء رسم عقاري وبطلان ما عداها من الرسوم، وتطهير الملك من جميع الحقوق السالفة غير المضمنة به، وبالتالي فهو يقوم على مبادئ رئيسية وهي التطهير وغير قابليته للحيازة ولا التقادم، و يقوم أيضا على التصفية والاشهار والقوة الثبوتية بما ضمن بالرسم العقاري.
وعلى خلاف بعض التشريعات المقارنة كالتشريع التونسي مثلا، والذي جعل مسطرة التسجيل “التحفيظ” العقاري مسطرة قضائية، يشرف عليها جهازا قضائيا وأنشأت من أجل ذلك محكمة عقارية تتولى مهمة الإشراف وإجراء التسجيل العقاري، والتي تتوفر على أطر مؤهلة ومخصصة للقيام بهذا العمل بمؤازرة مع إدارة الملكية العقارية.
فإن المشرع المغربي انتهج مسارا آخر حيث جعل مسطرة التحفيظ مبدئيا مسطرة إدارية قد تتخللها مسطرة قضائية أحيانا في حالة وجود تعرض مستوف لجميع شروطه المقررة قانونا، وتنتهي إدارية في جميع الأحوال.
ويشرف على هذه العملية جهاز إداري يسمى بالوكالة الوطنية للمحافظة على الأملاك العقارية والمسح العقاري والخرائطية، والتي يوجد على رأسها المحافظ العام يوجد مقره بالرباط، كما يتواجد في كل عمالة أو إقليم محافظ على الأملاك العقارية أو أكثر يكلف بمسك السجل العقاري الخاص بالدائرة الترابية التابعة لنفوذه والقيام بالإجراءات والمساطر المقررة في ظ ت ع استنادا لمضمون الفصل 9 من القانون 14.07.
ويمكن اعتبار المحافظ العقاري في نظرنا بمثابة محرك نظام السجل العقاري بالمغرب والدول الآخذة بنظام التحفيظ الاداري ونظام الشهر العيني، ولما كانت الملكية ظاهرة من ظواهر المجتمع بل هي لازمة من لوازم الحياة، ومن أجل ذلك تم تكريسها في الشريعة الإسلامية، وكذا الإعلان العالمي لحوق الإنسان، وكذا القانون الأسمى بالمغرب ( الدستور ).
فإن ظ ت ع المعدل والمغير بقانون 14.07 خول للمحافظ صلاحيات وأدوار شاسعة من أجل تحقيق هذه الملكية، بدء من إيداع مطلب التحفيظ وقبول أو رفض التعرضات، مرورا باتخاذ قرار التحفيظ من عدمه وتولى زمام تنفيذ الأحكام القضائية – سواء تلك الأحكام الباتة في التعرضات، أو تلك الأحكام المتعلقة بالتقيدات أو التشطيبات – وانتهاء لأدواره المتعلقة بالتقييدات والتشطيبات، ومنه فالمحافظ على الأملاك العقارية يلعب دورا محوريا في مسطرة التحفيظ العقاري، فهو ربان المحافظة العقارية والساهر على جميع إجراءات التحفيظ من ألفها إلى يائها.
إن موضوع ” دور المحافظ العقاري في تحقيق الملكية وفق مستجدات القانون 14.07 ” الذي هو قيد المناقشة والتحليل تتجلى أهميته في تسليط الضوء على الأدوار التي يقوم بها المحافظ العقاري في تحقيق الملكية خاصة بعد دخول القانون 14.07 حيز التنفيذ، ومقارنتها بما كان عليه في السابق، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى تكمن أهميته في الوقوف على مكامن الضعف التي تعتري قانون التحفيظ العقاري والتي من شأنها المساس بحقوق الأفراد لا سيما حق الملكية المحمي دستوريا، ومن تم محاولة إيجاد حلول للصعوبات التي يواجهها وتقديم اقتراحات من شأنها تسهيل مهمة المحافظ العقاري.
وتجدر الإشارة أن اختيارنا لهذا الموضوع كان وراء دافعين اثنين؛ دافع موضوعي يتمثل في الغموض الذي يشوب دور المحافظ العقاري وكثرة النصوص القانونية المنظمة له، ورغم أهمية المحافظ العقاري في الحياة اليومية إلا أنه يبقى غير معروف لدى الكثيرين.
وهناك دافع آخر ذاتي يتمثل في تدعيم الجانب المعرفي فيما يتعلق بالتحفيظ العقاري بصفة عامة، و دور المحافظ على الأملاك العقارية على وجه الخصوص.
وقد لقيت هذه الدراسة في بداية الأمر مجموعة من العراقيل والاكراهات لكن تبقى أبرزها تلك المتعلقة بندرة المادة العلمية (المراجع)، خاصة في مدينتنا الرشيدية بحكم أننا نعد أول فوج سيتخرج بإذن الله هذه السنة، في شعبة القانون بالعربية.
لكن ذلك لم يحد من إرادتنا، بل زادنا عزما وقوة من أجل إنجاز هذا البحث، فكل هذا وذاك لم يمنعنا من السفر والبحث عن المراجع في جامعات وكليات أخرى، والذهاب إلى المحافظة العقارية بالرشيدية لجمع المادة العلمية المتعلقة بالبحث، والإقبال على المحاكم أيضا، بغية إعطاء البحث قيمة علمية وقانونية، تكمن في الجمع لما هو نظري وما هو عملي.
وقبل الغوض في المناقشة والتحليل يمكن الإشارة إلى أن هذا الموضوع يثير إشكالية محورية مفادها ما هي الأدوار المنوطة بالمحافظ على الأملاك العقارية وفقا لمقتضيات القانون 14.07 من أجل تحقيق الملكية العقارية؟.

وتبعا لكل ما ذكر، ومحاولة منا الوقوف على أبرز النصوص القانونية المنظمة لهذا الموضوع والاحاطة به، ارتأينا تناوله وفق التصميم التالي:
الفصل الأول: دور المحافظ في تحقيق الملكية خلال إجراءات التحفيظ
الفصل الثاني: دور المحافظ في تحقيق الملكية بعد تأسيس الرسم العقاري

الفصل الأول:
دور المحافظ في تحقيق الملكية خلال إجراءات التحفيظ

يجرى تحفيظ العقار وفق إجراءات دقيقة يترتب عليها إخضاع العقار للنظام المقرر بمقتضى ظ ت ع ل12 غشت 1913 المعدل والمتمم بمقتضى القانون رقم 14.07، وهاته الإجراءات التي تمر بها مسطرة التحفيظ، تتم تحت إشراف المحافظ على الأملاك العقارية بدءا من إيداع مطلب التحفيظ، مرورا بمرحلة الإشهار والتحديد ووصولا إلى إمكانية قبول التعرضات ومن ثم فالمحافظ العقاري يلعب دور مهم في كل إجراء على حدة (المبحث الأول).
وإذا تخللت مسطرة التحفيظ مسطرة قضائية فإن دوره يتجلى في تنفيذ الأحكام القضائية والباتة في التعرضات على وجه أخص، وكلما تبين له أن يجب تحفيظ العقار فإنه يتخذ قرار التحفيظ، ومنه إلى تأسيس رسم عقاري (المبحث الثاني).
المبحث الأول: دور المحافظ عند ايداع مطلب التحفيظ والتعرضات
إذا كان المشرع التونسي يتبنى التسجيل العقاري وحدد إجراءات هذا التسجيل ، فإن المشرع المغربي تبنى التحفيظ العقاري.
وتمر مسطرة التحفيظ العقاري بمجموعة من المراحل والاجراءات يتعين على كل من طالب التحفيظ والمحافظ العقاري احترامها من أجل تحقيق أمن عقاري، فينبغي أولا وقبل كل شيء تقديم مطلب التحفيظ من طرف طالب التحفيظ، الأمر الذي يجعل المحافظ ملزم بدراسة هذا الأخير(المطلب الأول)، إلا أن مسطرة التحفيظ قد تتخللها تعرضات وبالتالي فقد حدد المشرع العقاري للمحافظ صلاحياته وسلطاته في شأن التعرضات (المطلب الثاني).
المطلب الأول: دور المحافظ عند إيداع مطلب التحفيظ
إن الهدف من إيداع مطلب التحفيظ هو الحصول على أرضية قانونية وهندسية تمكن من إرساء قواعد الأمن العقاري، الذي يعد الوعاء الأساسي لممارسة النشاطات الاقتصادية ، وتنطلق عملية التحفيظ مسطريا بتقديم مطلب التحفيظ لدى جهة وحيدة والمتمثلة في المحافظة العقارية التي يوجد بدائرتها العقار المراد تحفيظه، الأمر الذي يعطي للمحافظ العقاري إشارة الانطلاق بمباشرة إجراءات البحث و المراقبة لملف مطلب التحفيظ و للوثائق المدعمة له، بعد ذلك يتم إشهار خلاصة المطلب وإعلان التحديد.
ولمعالجة هذا الموضوع ارتأينا تقسيم هذا المطلب إلى فقرتين: نتناول في الفقرة الأولى تسلم المحافظ لمطلب التحفيظ وسلطته بشأن هذا المطلب، لنعرج في حديثنا لدور المحافظ في مرحلة الإشهار و عملية التحديد في الفقرة الثانية.
الفقرة الأولى: تسلم المحافظ لمطلب التحفيظ ورقابته لحجج طالب التحفيظ
لتناول هاته الفقرة يستلزم الحديث عن تسلم المحافظ لمطلب التحفيظ (أولا)، ورقابته على حجج طالب التحفيظ (ثانيا).
أولا: تسلم المحافظ لمطلب التحفيظ
لما كان التحفيظ عمل اختياري وغير إلزامي إلا في بعض الحالات التي حددها المشرع على سبيل الحصر، فإن المبادرة الأولى ينبغي أن تأتي من جانب المالك الحقيقي للعقار المراد تحفيظه، وذلك بالالتجاء إلى المحافظة العقارية الواقع العقار في دائرتها، من أجل تقديم مطلب التحفيظ بشأن ذلك.
ودور المحافظ في هذه المرحلة تتجلى في تسلمه لمطلب التحفيظ من قبل طالب التحفيظ، فلا يجوز له تسلم هذا المطلب من طرف أي شخص، بل حدد المشرع المغربي الأشخاص الذين يمكنهم تقديم هذا المطلب، وهم محددين على سبيل الحصر في ظ ت ع االمعدلوالمغير بقانون 14.07 . 

يرجع للمحافظ على الأملاك العقارية صلاحية التحقق من مدى أهلية مقدم مطلب التحفيظ ولا يرجع هذا الاختصاص لمحكمة التحفيظ من مراقبة أهلية طالب التحفيظ .
وقد استوجب الفصل 13 من نفس الظهير السالف الذكر المعدل والمتمم بقانون 14.07،على طالب التحفيظ إفراغ مطلب التحفيظ في شكل معين، مع وجوب توفره على مجموعة من البيانات الالزامية، سواء تلك المتعلقة بشخص طالب التحفيظ، أو ما يتعلق بالعقار المراد تحفيظه، أو تلك الوثائق والمستندات المثبتة للملكية المنصوص عليها في الفصل 14 من القانون 14.07.
ويوقع على مطلب التحفيظ لزوما من قبل طالب التحفيظ أو من يفوضه لذلك مقابل وكالة خاصة وإذا كان طالب التحفيظ لا يستطيع التوقيع يشير المحافظ إلى ذلك ويشهد أن مطلب التحفيظ قدم إليه من المعني بالأمر بعد أن تحقق من هويته .
يمكن للمحافظ على الأملاك العقارية أن يطلب، على نفقة طالب التحفيظ، ترجمة الوثائق المدلى بها بواسطة ترجمان محلف إذا كانت محررة بلغة أجنبية، طبقا لما جاء في الفصل 15 من ظ ت ع المعدل والمغير بقانون 14.07.
وبعد أن يقدم طالب التحفيظ تصريحه مرفقا بالبيانات والوثائق السالفة الذكر للمحافظ العقاري، يسلمه هذا الأخير فورا وصلا عن ذلك قصد الحفاظ على حقوق طالب التحفيظ من الضياع أو التلف، على أن يضرب له موعدا وأجلا محدد بغية دراسة تصريحه، من اجل أداء الرسوم في حالة القبول أو تحرير رفض معللا إذا كان هناك مانعا يحول دون امكانية قبول طلبه قصد الطعن في ذلك القرار من قبل طالب التحفيظ إذا لم يقتنع بقرار الرفض .
وفي هذا الإطار فإن المحافظ على الأملاك العقارية يكون ملزما كلما اكتشف أن مطلب التحفيظ يعتريه بعض النقص أو لاحظ أنه لم يستوف الشروط المتطلبة قانونا أن لا يقبل أي إيداع إلى حين تدارك القصور الحاصل في البيانات من جهة أو استكمال النقص المنصب على الملف من جهة أخرى .
وإن كانت هذه الحالة تبدو نادرة الوقوع لأن طالبي التحفيظ يحرصون على استدراك النقص الذي قد يلحق مطلب التحفيظ ويعملون على تصحيح البيانات المشكوك فيها وتكملة الوثائق الناقصة بعد توصلهم بالإنذار المرسل من طرف المحافظ.
ثانيا: رقابة المحافظ لحجج طالب التحفيظ
يجب التنويه هنا أنه في حالة قبول الطلب، فعلى طالب التحفيظ أن يودع بالمحافظة العقارية مبلغا من المال يساوي النفقات المرتقبة لعملية التحفيظ، وهذا أمر بديهي ما دام أن أصل التحفيظ ليس مجانيا بل يخضع لتأدية الرسوم .
إن النصوص المنظمة للتحفيظ العقاري بالمغرب سواء قبل تعديلات 2011 أو بعدها، لا تتضمن أي مقتضى قانوني صريح يمنح للمحافظ صلاحية مراقبة وفحص المستندات والوثائق التي تثبت حق طالب التحفيظ عند تقديم مطلب التحفيظ أمام المحافظة العقارية الموجود ضمنها العقار المراد تحفيظه.
ولهذا يثار نقاش حول مدى صلاحية المحافظ لمراقبة الوثائق والحجج المدعمة لمطلب التحفيظ ؟. وانقسموا في سبيل توضيح ذلك إلى اتجاهين أساسين؛
الاتجاه الأول ينادي بعدم إلزامية المحافظ إجبار طالب التحفيظ بالإدلاء بالمستندات والوثائق و يدافع أنصار هذا الاتجاه عن فكرة مؤداها أن المحافظ غير ملزم بتاتا بإلزام طاب التحفيظ بالإدلاء المستندات والوثائق ولا حتى رقابته لهاته الأخيرة وسندهم في ذلك الفصل 13 ظهير التحفيظ العقاري الذي لم يأتي بصيغة الوجوب بل استعمل فقط صياغة يقدم وذلك على عكس موقفه في الفصلين 72 و 97 من ظهير.
علاوة على أن المحافظ لا يتوفر على الوسائل التشريعية و العملية التي تسمح له بالتأكد من صحة الوثائق المدلى بها تأييدا لمطلب التحفيظ شكلا وجوهرا، وكذا من أهلية طالب التحفيظ كما هو الشأن بالنسبة للتقييد .
ويضيف أصحاب هذا الاتجاه أن لطالب التحفيظ صفة المدعى عليه الذي لا يقع عليه عبء الاثبات ومن ثم لا يحق للمحافظ رفض طلبه لعدم إرفاقه بالمستندات ، وأن مطلب التحفيظ ليس دليل على الملكية، بقدر ماهي مجرد افتراض لها، وبالتالي لا يحق للمحافظ تفحص مطلب التحفيظ، لأن صفة التقصي والتحقق تثبت للمحكمة فقط وليس المحافظ، إلى حد تعبير هذا الاتجاه.
أما الاتجاه الثاني فقد أقر بإلزامية المحافظ بفحص المستندات المؤيدة لطلب التحفيظ من أجل تفادي محاولة السطو و الاستيلاء على ملك الغير فالمحافظ ملزم بمراقبة مستندات طالب التحفيظ ومن ثم يجب على طالب التحفيظ الادلاء بجميع الوثائق و المستندات المدعمة لمطلبه، وبالتالي يصح للمحافظ رفض الطلب إذا كان مطلب التحفيظ غير مدعم بالحجج والوثائق الكافية .
وبعد انتشار ظاهرة المطالب الكيدية والتعسفية خرج الاجتهاد القضائي من صمته، ليظهر موقفا واضحا بصدد تحقق المحافظ من مستندات مطلب التحفيظ، وهذا ما أكده المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) في أحد قراراته أنه “إن موضوع هذه الدعوى هو تعويض الضرر الناتج عن السير المعيب لعملية التحفيظ ،حيث لم يتحقق المحافظ من مطابقة الوثائق على القطعة المراد تحفيظها.
فالمحافظ ملزم بالقيام بكافة الوسائل للتحقق من ثبوت حق طالب التحفيظ بما فيها موقع القطعة المراد تحفيظها، وحدودها. والمحافظ ارتكب تقصيرا واضحا بمثابة الخطأ الجسيم حيث لم يقم بما يوجبه عليه القانون من إجراء المطابقة” .
وقد جاء في المذكرة الصادرة عن المحافظ العام رقم 2704 بتاريخ 1988 ”يحث السادة المحافظين على ضرورة إجراء رقابة دقيقة على كل الوثائق والمستندات وهو ما يعني إثارة مسؤولية المحافظ بخصوص إغفال أو عدم مراقبة مؤيدات مطلب التحفيظ وذلك على غرار مسؤوليته المنصوص عليها في الفصل 72 من ظهير التحفيظ العقاري”.
وفي نفس السياق يرى الأستاذ محمد خيري أنه لا يتصور فتح مطلب التحفيظ دون وثائق أو حجج تؤيد المطلب.
ويثبت للمحافظ من خلال الاطلاع على الوثائق والرسوم المدلى بها رفقة المطلب أن يباشر نوعا من الرقابة القبلية على الوثائق المدلى بها، وعلى الأقل مدى كفايتها لقبول إدراج المطلب من عدمه، وبالتالي يحق للمحافظ اتخاذ قرار بعدم إدراج مطلب التحفيظ لعدم كفاية الرسوم والوثائق .
وفي اعتقادنا المتواضع يجب على المحافظ أن يبسط سلطته ورقابته على وثائق طالب التحفيظ، خاصة مع انتشار ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير، وبالنظر أيضا لوجود أناس يتقنون فن الاستيلاء التعسفي.
الفقرة الثانية: دور المحافظ خلال مرحلة الاشهار والتحديد
بعد تقديم مطلب التحفيظ وفق المسطرة المشار إليها أعلاه، يشرع المحافظ في عملية التحفيظ، وقبل أن يتم تحديد العقار المراد تحفيظه (ثانيا)، فإن المشرع ألزمه بضرورة القيام بعملية الإشهار لمطلب التحفيظ المتعلق بالعقار المراد تحفيظه (أولا).
أولا: إشهار مطلب التحفيظ
يعد قبول مطلب التحفيظ من أهم القرارات الايجابية التي يتخذها المحافظ لصالح طالب التحفيظ، فبمجرد اتخاذ قرار القبول وأداء واجبات المطلب يصبح العقار في وضعية متميزة عن الوضعية القديمة فيصير عقارا في طور التحفيظ لتبدأ بذلك مسطرة التحفيظ بشأنه فيمر بمجموعة من الاجراءات أهمها و أولها الشهر والنشر .
وحتى لا تمر عمليات التحفيظ في جو من السرية والكتمان وتطبيقا لمبدأ العلنية في ميدان الشهر العقاري ، من أجل اتخاذ ما يمكن اتخاذه من كل من له مصلحة في ذلك.
فأوجب المشرع المغربي طبقا للفصل 17 من القانون 14.07 على المحافظ العقاري أن يقوم داخل أجل عشرة أيام من إيداع مطلب التحفيظ بتحرير ملخص له يعمل على نشره في الجريدة الرسمية، ويبلغ مضمونه إلى علم العموم بالوسائل المتاحة، وبعد نشر الملخص المذكور يحرر، داخل أجل شهرين من تاريخ هذا النشر، إعلان يضمنه تاريخ ووقت إجراء التحديد.
ويتجلى دور المحافظ أيضا خلال هذه المرحلة عندما يعمل على توجيه نسخ من الوثائق المشار إليها في الفصل السالف الذكر، مقابل إشعار بالتوصل، إلى كل من رئيس المحكمة الابتدائية وممثل السلطة المحلية، ورئيس المجلس الجماعي، الذين يقع العقار المعني بالأمر في دائرة نفوذهم، وذلك قبل التاريخ المعين للتحديد بعشرين يوما، وهذا ما أكده الفصل 18 من القانون السالف الذكر.
وينبغي أن نشير هنا أن من أبرز المستجدات التي أتى بها القانون 14.07 قد ألغى إمكانية توجيه ملخص المطلب إلى القاضي الشرعي أو قاضي الصلح، في مقابل ذلك أضاف رئيس المجلس الجماعي إلى الأجهزة التي تلزم على المحافظ إشراكها في القيام بعملية الإشهار للعقار المراد تحفيظه، علاوة على أنه تم الاستغناء على شهادة التعليق الجاري بها العمل سابقا والاقتصار على الإشعار بالتوصل.
ونرى أنه من الأجدر أن يعمل المشرع على إضافة وسائل أخرى للإشهار، خاصة وأن المغرب لازال يعيش أمية وأن الكثير من المواطنين لا يطلعون على الجريدة الرسمية، ومن بين هاته الوسائل الاعتماد على وسائل الإعلام.
فكيف يعقل مثلا أن نطلب من الفلاح والحرفي والعامل الذين يجهلون وجود شيء اسمه الجريدة الرسمية تتبع إعلاناتها حتى يستطيعون اكتشاف إعلانات تتعلق بمطالب تحفيظ عقار قد يملكون كلا أو بعضا منه أو يملكون عليها حقوق عينية، مع العلم بأن إمكانياتهم الثقافية والمادية محدودة وأن فرص اتصالهم بها ضئيلة جدا نظرا لبعدهم في غالب الأحيان عن المراكز الحضرية، وإن ميدان استغلال الجريدة الرسمية في بلادنا محدود جدا، كما يظهر ذلك الواقع المعاش، فالإدارات والشركات ومكاتب الأبحاث والمحامون والقضاة وأساتذة القانون وحدهم الذين يتتبعون نشرات الجريدة الرسمية.
ثانيا: دور المحافظ في مرحلة التحديد
تتم عملية التحديد مباشرة بعد نشر خلاصة مطلب التحفيظ في الجريدة الرسمية، وبعثه لهذه الخلاصة إلى المصلحة الطبوغرافية قصد برمجة التحديد وتعين قوائمه، ويقوم المحافظ العقاري بدور جوهري و فاعل من خلال النصوص المنظمة لعملية التحديد و يتجلى ذلك بوضوح من خلال تعيينه لليوم و الساعة اللذين يجب أن يجريا فيهما التحديد المؤقت.
يعد المحافظ على الأملاك العقارية الساهر والمسير لعمليات التحديد، وينتدب لهذه الغاية مهندسا مساحا طبوغرافيا محلفا من جهاز المسح العقاري، مقيد في جدول الهيئة الوطنية للمهندسين المساحين الطبوغرافيين، وعليه أن يستدعي شخصيا لهذه العملية بواسطة عون من المحافظة العقارية أو البريد المضمون أو عن طريق السلطة المحلية أو بـأي وسيلة أخرى للتبليغ؛ كل من طالب التحفيظ، والمجاورين المبينين في مطلب التحفيظ، المتدخلين وأصحاب الحقوق العينية والتحملات العقارية المصرح بهم بصفة قانونية، على أن تتضمن هذه الاستدعاءات الدعوة لحضور عمليات التحديد شخصيا أو بواسطة نائب بوكالة صحيحة، وذلك طبقا لحرفية الفصل 19 من القانون 14.07.
فعملية التحديد تعتبر ذو طبيعة مختلطة إذ تسمح من جهة إقامة تحديد هندسي للعقار المراد تحفيظه على أرض الواقع، ومن جهة أخرى تنظر إليه إدارة قانونية للعملية من خلال مختلف الإجراءات التي تتخللها لتنتهي بإشهار محضر التحديد في الجريدة الرسمية لسيران الأجل القانوني للتعرضات على مطلب التحفيظ .
ومن خلال الفصل 19 من القانون 14.07 فإن الذي يتحمل مسؤولية التحديد هو المهندس الطبوغرافي المنتدب وليس المحافظ، لأنه قبل إضافة الفقرة الثانية من الفصل أعلاه، كان القضاء يحمل المحافظ المسؤولية عن التسيير المعيب لهذا الاجراء أو عدم التحقق من موقع القطعة المراد تحفيظها من قبل المعني بالأمر .
وبعد ذلك يجب على المهندس المساح الطبوغرافي تحرير محضرا يسمى محضر التحديد المؤقت عند الانتهاء من العملية، وينبغي أن يتضمن مجموعة من البيانات المنصوص عليها في الفصل 21 من القانون السابق الاشارة إليه.
وقد تنتهي مسطرة التحديد بتحرير محضر سلبي بلغة أهل التحفيظ ، وذلك في حالات متعددة وقع التنصيص عليها حصرا في الفصلين 23 و 50 من ظ ت ع:
الحالة الأولى: حالات إلغاء المطلب المنصوص عليها في الفصل 23 من ظ ت ع وذلك في؛
1. حالة تغيب طالب التحفيظ أو من ينوب عنه في المكان او الوقت المعينين لإنجاز عملية التحديد.
2. حالة رفض مطلب التحفيظ إذا لم يقم طالب التحفيظ أو نائبه بما يلزم لإجراء عملية التحديد، ولا يركن في هذه الحالة المحافظ إلى إلغاء مسطرة التحفيظ إلا إذا لم يدلي طالب التحفيظ بعذر مقبول داخل أجل شهر من توصله بالإنذار.
3. حالة إذا تعذر عن المحافظ أو نائبه إنجاز عملية التحديد لمرتين متتاليتين بسبب نزاع حول الملك.
الحالة الثانية: وهي المنصوص عليها في الفصل 50 من ظ ت ع
ينص هذا الفصل “إن الطلب الرامي إلى التحفيظ والعمليات المتعلقة به يعتبر لاغيا وكأن لم يكن إذا لم يقم طالب التحفيظ بأي إجراء لمتابعة المسطرة، وذلك داخل ثلاثة أشهر من يوم تبليغه إنذار من المحافظ على الأملاك العقارية بواسطة عون المحافظة العقارية أو بالبريد المضمون أو عن طريق السلطة المحلية أو بأي وسيلة أخرى للتبليغ”.
وقد تنتهي مسطرة التحديد بعين المكان إلى إنجاز محضر ايجابي – وهي الغالب – حينها يبادر المحافظ على الأملاك العقارية خلال الأربعة الأشهر الموالية لتاريخ التحديد الفعلي، بنشر إعلان إنهاء عملية التحديد المؤقت في الجريدة الرسمية والتعليق بالكيفية التي تم بها تعليق مطلب التحفيظ.
المطلب الثاني: دور المحافظ بشأن التعرضات
من خلال تتبع مسطرة التحفيظ العقاري نجد المشرع المغربي فتح إمكانية التعرض على مطلب التحفيظ لكل شخص ينازع في حق ملكية العقار أو حدوده وكذا من يدعي حقا عينيا قابلا للتسجيل على العقار المزمع تحفيظه ومن أجل بلوغ هذا، منح المشرع للمحافظ العقاري سلطات واسعة في هذا الشأن إذ يعتبر المكلف بملف التحفيظ العقاري فهو المخول له -إضافة إلى المهندس المساح الطبوغرافي في حالة التعرض العادي- قبول التعرضات أو رفضها أو إجراء صلح بين الأطراف.
فرغم أن المشرع حدد أجل التعرض في شهرين بمقتضى الفصل 27 من ظهير 12 غشت 1912 تبتدأ من يوم نشر الإعلان باختتام التحديد المؤقت الجريدة الرسمية، ومنح من جهة أخرى للمحافظ العقاري صلاحيات واسعة في قبول أو رفض كل تعرض مقدم خارج الأجل القانوني وذلك بمقتضى الفصل 29 من ظ ت ع.
وللإلمام بهذا الموضوع ارتأينا تقسيمه إلى فقرتين؛ نخص الفقرة الأولى لدور المحافظ العقاري في تلقي التعرضات، على أن نتناول في الفقرة الثانية لقرارات المحافظ بشأن التعرضات .
الفقرة الأولى : دور المحافظ في تلقي التعرضات
يقوم المحافظ على الأملاك العقارية بدور هام و أساسي في تلقي التعرضات، سواء تلك المتعلقة بالتعرضات العادية (أولا)، أو تلك المتمثلة في التعرضات الاستثنائية (ثانيا).
أولا: دور المحافظ في تلقي التعرضات خلال الأجل العادي
يعرف الأستاذ المرحوم مأمون الكزبري التعرض ” ادعاء يتقدم به أحد من الغير ضد طالب التحفيظ بمقتضاه ينازع المتعرض في أصل حق ملكية طالب التحفيظ أو في مدى هذا الحق أو في الحدود، أو يطالب بحق عيني مترتب له على هذا الحق وينكره عليه طالب التحفيظ الذي لم يشر إليه في مطلبه”.
وبما أن حق الملكية حق دستوري تم تكريسه في دستور 2011 ، ومن تم يجب على المحافظ العمل على تكريس هذه الحماية أثناء مباشرته لأدواره وصلاحياته المتعددة في إطار مسطرة التعرض .
والتعرض يجب أن يصدر من طرف شخص له صفة ومصلحة ، والمتعرض في المنازعات المرتبطة بالعقار في طور التحفيظ هو المتحمل وزر اثبات ادعاءاته، ويظل طالب التحفيظ معفى من ذلك، والتالي فإن المتعرض مكلف بأن يدعم تعرضه بالحجة المقبولة والدالة على الحق موضوع تعرضه .
وإذا كان الفصل 10 من قانون 14.07 حدد الأشخاص الذين يحق لهم تقديم مطلب التحفيظ فإنه وعلى العكس من ذلك فتح الباب أمام كل شخص يرى إنه متضرر من مطلب التحفيظ ، أو أن له حقا معينا عليه كي يعلن تعرضه.
ومن أبرز المستجدات التي أتى بها قانون 14.07 في فصله 25 حصره الجهات التي يمكن أن تقبل التعرض على مسطرة التحفيظ في كل من المحافظ على الأملاك العقارية والمهندس المساح الطبوغرافي المنتدب فقط، عكس ما كان عليه الأمر في ظهير 10غشت 1913 فكان يسمح للشخص أن يقدم تعرضه على مسطرة التحفيظ شفويا أو كتابة لدى مصلحة المحافظة العقارية أو المحكمة الابتدائية أو لدى القائد أو قاضي التوثيق.
وهذا ما أكد عليه المجلس الأعلى ( محكمة النقض حاليا ) في قرار لها صادر بتاريخ 13.02.1986” إن قبول التعرضات أو عدم قبولها حسب تقديمها داخل الأجل القانوني أو خارجه يدخل في اختصاص المحافظ على الأملاك العقارية الذي يتولى تلقي هذه التعرضات وتهيئتها قبل إحالة الملف على المحكمة المختصة ” .
فيمكن لكل شخص يدعي حق على عقار تم طلب تحفيظه أن يتدخل عن طريق التعرض في مسطرة التحفيظ خلال أجل شهرين يبتدئ من يوم نشر الاعلان عن انتهاء التحديد في الجريدة الرسمية إن لم يكن قام بذلك من قبل … .
يجب أن تمتد صلاحية المحافظ لمراقبة وفحص طلبات التعرض التي يجب ألا تخرج عن أحد الحقوق المنصوص في الفصل 24 من القانون 14.07. وهي :
• في حالة المنازعة في وجود حق الملكية لطالب التحفيظ أو في مدى هذا الحق أو بشأن حدود العقار
• في حالة الادلاء باستحقاق حق عيني قابل للتقيد بالرسم العقاري الذي سيقع تأسيسه
• في حالة المنازعة في حق وقع الإعلان عنه طبقا للفصل 84 من هذا القانون.
وإقامة التعرض وقبوله من المحافظ يقتضي من المتعرض مراعاة مجموعة من المقتضيات والاجراءات تم التنصيص عليها في ظ ت ع، كما تم تكريسها من خلال العمل القضائي .
لذلك فالمحافظ منوط له مهمة مراقبة صفة المتعرض الشخصي أو المتعرض باسم الغير، وهذه المراقبة يجب أن تتعدى إلى مدى استيفاء الشروط المنصوص عليها في الفصل 26 من القانون 14.07 من عدمها و المتمثلة في الإدلاء بالبيانات الازمة لإثبات هويتهم، وتقديم الإثباتات الضرورية.
ويجب أن نشير أن المدة العادية المسموح بها لإيداع التعرضات تبتدئ منذ إيداع مطلب التحفيظ لدى مصلحة المحافظة العقارية ويستمر إلى غاية انتهاء أجل شهرين بعد نشر الاعلان عن انتهاء التحديد ، سواء كان هذا التعرض كلي أو جزئي.
فالمحافظ يقبل التعرض – سواء كان كتابيا أو شفويا – عندما يدلي المتعرض بكل البيانات والوثائق المنصوص عليها في الفصلين 25 و 26 من نفس القانون، خاصة الإدلاء بالوثائق والمستندات، مع أداء الرسوم القضائية وحقوق المرافعة، ويتم تضمين ذلك في سجل خاص في حالة القبول، يسمى بسجل التعرضات، أما في حالة عدم الإدلاء و أداء ما سلف ذكره، أو تقديمه خارج الأجل، فإنه يكون موجبا للإلغاء التعرض .

ثانيا: دور المحافظ خلال الأجل الاستثنائي للتعرض
يعد المحافظ العقاري الجهة الوحيدة المخول لها تلقي التعرضات خارج الأجل العادي، وهذا الأمر يحسب لقانون 14.07 لا عليه، على خلاف ما كان عليه الأمر في الفصل 29 ظ ت ع الملغى الذي كان يسمح لوكيل الملك بتلقي التعرض خارج الأجل العادي لكن بشرط وجود تعرض سابق قدم أمام المحافظ وانتهت جميع مراحل مسطرة التحفيظ وتمت إحالة الملف على المحكمة الابتدائية.
فالمحافظ على الأملاك العقارية يملك كامل السلطة التقديرية في قبول أو رفض هذا التعرض فإذا انقضى الأجل العادي لقبول التعرضات ليبقى للمتعرض مجرد حق احتمالي، وذلك عن طريق تقنية التعرض الاستثنائي.
وهذا ما أكده الفصل 29 من قانون 14.07 الذي نص” بعد انصرام الأجل المحدد في الفصل 27 أعلاه يمكن أن يقبل التعرض بصفة استثنائية من طرف المحافظ على الأملاك العقارية، ولو لم يرد على مطلب التحفيظ أي تعرض سابق، شريطة ألا يكون الملف قد وجه إلى المحكمة الابتدائية.
يتعين على المتعرض أن يدلي للمحافظ على الأملاك العقارية، بالوثائق المبينة للأسباب التي منعته من تقديم تعرضه داخل الأجل، وبالعقود والوثائق المدعمة لتعرضه، كما يتعين عليه أن يؤدي الرسوم القضائية وحقوق المرافعة أو يثبت حصوله على المساعدة القضائية.
يكون قرار المحافظ على الأملاك العقارية برفض التعرض غير قابل للطعن القضائي.”
فيجب على المحافظ قبول التعرض إذا أدلي المتعرض بالرسوم القضائية وحقوق المرافعة او يثبت حصوله على المساعدة القضائية، وأيضا بالوثائق التي منعته من تقديم تعرضه داخل الأجل العادي كعدم علمه بأن هناك مطلب للتحفيظ على عقاره نظرا لجهله وأميته، رغم إشهار مطلب التحفيظ، علاوة على أدائه للوثائق والمستندات المدعمة لتعرضه، تحت طائلة اعتبار قراره تعسف وجور في حق المتعرض، والعكس صحيح مادام قراره هذا لا يقبل الطعن.
لكن الإشكال الذي يطرح هنا هو متى يتم توجيه الملف للمحكمة ؟ وهل يمكن للمحافظ العقاري أن يقبل تعرضا جديدا على نفس المطلب وذلك بعد إحالة الملف على المحكمة الابتدائية ؟.
بالرجوع للفقرة الأخيرة من الفصل 32 التي حددت للمحافظ أجلا أقصاه ثلاث أشهر يبتدئ من تاريخ انتهاء أجل التعرض القانوني من أجل توجيه مطلب التحفيظ والتعرضات المسجلة عليه على المحكمة المختصة، وبذلك يمكن القول بأن المحافظ في حالة عدم إلغائه للتعرضات المقدمة إليه، فهو يملك تحت يده زمن ثلاث أشهر من تاريخ انتهاء أجل التعرض يصبح بعد انصرامها ملزما بإحالة الملف على القضاء.
وإن كنا لا نتفق وهذا التفسير خاصة وأن التطبيق الواقعي لهذا الفصل ينحو باتجاه جعل سلطة المحافظ في قبول التعرضات خارج الأجل غير مقيدة بأجل محدد ذلك أن المحافظ له حق قبول التعرض في أي وقت شريطة ألا يكون الملف قد أحيل على أنظار القضاء .
وفيما يخص الإشكال الثاني، ودون الخوض في مختلف التوجهات والآراء الفقهية يمكن أن نحسم الأمر وذلك بالركون إلى الفصل 29 أعلاه يتجلى بوضوح أن إحالة الملف إلى المحكمة ينهي صلاحية المحافظ لقبول التعرضات بصفة عامة وهو ما يفهم من عبارة “شريطة ألا يكون الملف قد وجه إلى المحكمة الابتدائية “.
وبمفهوم المخالفة إن صلاحية المحافظ العقاري في قبول التعرضات تنحصر فقط في الفترة ما بين ايداع مطلب التحفيظ إلى غاية إحالة الملف على المحكمة أما بعد ذلك فلا يمكن قبول أي تعرض اطلاقا .
الفقرة الثانية: سلطات المحافظ العقاري بشأن التعرضات
يملك المحافظ في هذا المجال سلطات واسعة، فله أن يقبل التعرض وأن يقيم صلح بين المتعرض وطالب التحفيظ (أولا)، كما يحق له إلغاء التعرض في حالات أخرى (ثانيا).
أولا: قرارات المحافظ بقبول التعرض وصلاحيته لإقامة الصلح
إن قبول التعرض من طرف المحافظ العقاري يدل على توفر طلب التعرض على جميع الشروط الشكلية، والجوهرية، كما يدل أيضا على جدية طلب التعرض، التي تقدم به المتعرض، خاصة في حالة ما إذا كان يستند إلى وثائق وحجج قوية ، الشيء الذي يجعل المحافظ لا يتردد في قبول التعرض فالمشرع المغربي منح للمحافظ العقاري في هذا الصدد سلطة مهمة وخطيرة في نفس الوقت عندما يتعلق الأمر بتقييم التعرض ومن كونه جديا وبالتالي قبوله، إلا أن قبول التعرض لا يفهم منه إثبات الحقوق المدعى بها من قبل المتعرض، لكنه يفيد فقط وجود نزاع بشأن العقار موضوع الحق .
وعلى المحافظ العقاري في حالة قبول التعرض أن يبلغ فورا نسخة من مضمونها إلى طالب التحفيظ الذي يمكنه، قبل انصرام الشهر الموالي لانتهاء أجل التعرض، أن يدلي بما يثبت رفعها أو يصرح بقبولها، طبقا لما جاء في الفصل 31 من القانون 14.07.
ويسوغ للمحافظ العقاري أثناء جريان مسطرة التحفيظ وقبل توجيه الملف إلى المحكمة المختصة أن يعمل على تصالح أطراف النزاع ويحرر محضرا بالصلح، كما جاء في الفقرة الأخيرة من الفصل السالف الذكر، وهي عملية تخضع للسلطة التقديرية للمحافظ يمكن اللجوء إليها من عدمها ما دام غير ملزم بذلك.
وإجراء الصلح لا يتصور إلى إذا تم قبول التعرض من قبل المحافظ لاستيفائه الشروط الشكلية والجوهرية المتطلبة قانونا، أما إذا تم رفض التعرض لسبب من الأسباب، حينها لا يكون للتصالح معنى وفائدة، كما أن المحافظ يلجأ إلى تقنية التصالح إلا إذا تبين له أن النزاع القائم يمكن تسويته وديا وحبيا دون اللجوء إلى القضاء، وبالتالي يمكن تحرير محضر الصلح من المحافظ في حالة توافر الظروف السانحة لذلك، وله قوة ثبوتية بحيث يلتزم أطرافه ببنوده.
وأن تنازل المتعرض عن تعرضه يتم التشطيب على التعرض ومحو آثاره، بناء على تنازله، وبعد ذلك يتم اتخاذ قرار التحفيظ، بعد مراقبة حجج طالب التحفيظ، وسلامة الاجراءات، أو امكانية رفض طلبه إن كانت المستندات لا تخول له امكانية اتخاذه .
ثانيا : قرارات المحافظ بإلغاء التعرض
على الرغم من أن سلطات المحافظ بشأن التعرضات شاسعة، فإن المشرع حدد له حالات ينبغي أخذها بعين الاعتبار أثناء اتخاذ قرار إلغاء التعرض، وذلك في ثلاث حالات:
الحالة الأولى : قرار إلغاء التعرض المقدم خارج الأجل
ينص الفصل 27 من القانون 14.07 على أنه “لا يقبل أي تعرض، باستثناء ما هو منصوص عليه في الفصل 29 بعد انصرام أجل شهرين يبتدئ من تاريخ نشر الإعلان المذكور في الفصل 23 من هذا القانون بالجريدة الرسمية “.
فالمشرع حد من حق التعرض من حيث الزمان، وكان صريحا جدا في عدم إمكانية قبول أي تعرض على مسطرة التحفيظ بعد مرور أجل الشهرين المحدد بمقتضى الفصل 24، باستثناء ما هو منصوص عليه في الفصل 29 المتعلق بالأجل العادي، كما يمكن له رفض أي تعرض بعد إحالة الملف على المحكمة الابتدائية.
وهناك من يرى أنه كان أولى بالمشرع أن لا يقيد التعرض لا بأجل، ولا بقرار من المحافظ، بل كان عليه أن يترك باب التعرض مفتوحا مادام الرسم العقاري لم يصدر بعد، بذلك يبقى التعرض مقيدا بانتهاء جميع مراحل التحفيظ وصدور الرسم العقاري.
وفي اعتقادنا المتواضع يجب عدم ربط التعرض بأجل طالما أن الملف لم يحل على المحكمة الابتدائية، وحتى إن كان هناك أجل فنظن أن أجل شهرين لا تكفي لأن من شأن ذلك أن يعرض حقوق المتعرضين للضياع خاصة الفئة التي تعرف أمية في صفوفها، كما أن اعتبار قراه هذا قرار نهائيا لا يقبل الطعن أمر يتعارض مع مبادئ العدالة .
الحالة الثانية: إلغاء التعرض لعدم الإدلاء بالمستندات
يتخذ المحافظ العقاري قرار إلغاء التعرض أيضا في حالة عدم إدلاء المتعرض للوثائق والمستندات المدعمة لتعرضه، طبقا لصراحة الفصل 32 من القانون 14.07.
فقبل تعديل 14.07 كان المحافظ مطالب بإنذار للمتعرضين لإيداع الوثائق والرسوم المؤيدة لتعرضه داخل أجل 3 أشهر مع إشعارهم أن المحكمة لن تقبل منهم أي رسم أو وثيقة، لكن بعد التعديل لم يعد المحافظ ملزما بإنذار المتعرض، بذلك فيعتبر تعرضه بقوة القانون لاغيا وكأن لم يكن إن لم يدلي خلال الأجل المنصوص عليه في الفصل 25 بالوثائق والمستندات المثبتة لتعرضه، وهذا تطبيقا لمبدأ أن المقصر يتحمل تبعات تقصيره .
ويعد الإلغاء في هذه الحالة منصفا وفيه عدالة ، خاصة مع انتشار ظاهرة التعرضات الكيدية والتعسفية، ومن تم فإن المحافظ ملزم ببسط سلطته لإلغاء كل تعرض بدون مستندات أو اقتنع بعدم جديته، وهذا ما أكد عليه القضاء في مناسبات عدة، منها ” وحيث لم يعضد المتعرض ادعاءه بأية حجية لا أثناء تعرضه أمام المحافظة العقارية ولا بعد إحالة الملف على المحكمة وحيث بذلك يكون تعرضه مجردا عن الإثبات مما يتعين الحكم بعدم صحته” .
ومن المستجدات التي أتى بها القانون 14.07 في الفصل 48 أنه أتي بوسيلة فعالة لردع كل طالب تحفيظ أو متعرض متعسف أو كيدي، ذلك أن المحكمة إذا ثبت لها ذلك فهي تحكم تلقائيا بغرامة مالية لفائدة الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية لا تقل عن عشرة في المئة من قيمة العقار أو الحق المتنازع عليه إضافة إلى إمكانية تعويض المتضرر.
الحالة الثالثة : قرار إلغاء التعرض لعدم أداء الرسوم القضائية وحقوق المرافعة
زيادة على إمكانية رفض التعرض لعدم تقديم الحجج المدعمة له خول المشرع للمحافظ سلطة اتخاذ قرار إلغاء التعرض إذا لم يؤدي المتعرض الرسوم القضائية وحقوق المرافعة أو لم يثبت حصوله على المساعدة القضائية.
وقد حدد المشرع أجل هذه الأداءات في ثلاثة أشهر من تاريخ فتح أجل التعرض ، وهناك من يرى أنه لا يمكن إلغاء التعرض بمجرد عدم أداء الرسوم القضائية والحال أن المتعرض قد يملك من الحجج ما يجعله قادرا على اقناع المحكمة بصحة تعرضه من خلال تقديمه للحجج، أما القول بخلاف ذلك فإنه يعني هدر حقوق هذا المتعرض.
وهناك آخرون يرون أن هذا التوجه فيه حيف وتعدي على المتعرض، والذي في أحيان كثيرة لا يستطيع أداء هذه الرسوم نظرا لكونه معسرا، وبذلك تضيع حقوقه لا لشيء إلا أنه فقير ولا يملك هذه المصاريف.
وفي ظل موقف المشرع المغربي المنتقد وسكوت الاجتهادات القضائية عن خرق ذلك فإننا نرى بأنه أصبح من الضروري إعادة النظر في هده المقتضيات حماية للمتعرض الذي قد يكون عرضه لضياع فرصة المثول أمام القضاء والمطالبة بحقوقه .
وفي اعتقادنا يجب إعادة النظر في هذه الحالة، خاصة مع وجود أشخاص معسرين لا يستطيعون أن يدفعوا تلك الرسوم القضائية وحقوق المرافعة، ولا يعلمون بما يسمى بالمساعدة القضائية، وحتى إن عرفوها لا يعون إجراءاتها، الأمر الذي يجب معه في حالة تغبير القانون 14.07، أخذ هذا الأمر بعين الاعتبار وإلزام المحافظ بمقتضى نصوص خاصة أن يقبل التعرض رغم عدم الإدلاء بالرسوم القضائية وحقوق المرافعة إذا رأى أن المتعرض معسرا وثبت احتياجه، أو على الأقل أن يعلمه بوجود مساعدة قضائية واجراءات الاستفادة منها.
وهكذا، فلا يمكن للمحافظ سوى إلغاء التعرض في حالة عدم تقديم المتعرض للرسوم والوثائق المؤيدة للتعرض ولا يمكنه مناقشة الحجج المدلى بها. وهو نفس التوجه الذي سارت عليه المحكمة الإدارية بالرباط في أحد قراراتها ” … إذا كان المحافظ لا يمكنه إلغاء التعرض إلا في حالة عدم تقديم المتعرضيين للرسوم والوثائق المؤيدة لتعرضهم، وعليه فلما ناقش الحجج المدلى بها وقارن بينها ورفض التعرض فقد جاء قراره مشوبا بعيب الاختصاص ومخالفة القانون وعيب السبب، مما يتعين معه الحكم بإلغائه مع ما يترتب عن ذلك من آثار قانونية”.
وعند قبول التعرض من قبل المحافظ يتم إحالة الملف على المحكمة من الأجل البت في ذلك والحكم بصحة التعرض أو عدم صحته.
المبحث الثاني: تنفيذ الأحكام الباتة في التعرضات وإنشاء الرسم العقاري
بعد إحالة الملف على أنظار القضاء للبت في التعرضات يجب عليها أن تراعي مجموعة من الضوابط حددها لها المشرع والمتمثلة في البت فقط ووجوبا في حدود التعرض، دون النظر في طلبات التحفيظ لأن ذلك من اختصاص المحافظ، إضافة إلى عدم صلاحيتها للفصل بين المتعرضين، وإذا كان جليا أن سلطات المحافظ على الأملاك العقارية هي سلطات إدارية، فقد تتعدى ذلك في بعض الأحيان إلى اعتباره سلطة قضائية وذلك من خلال تنفيذ الأحكام القضائية في قضايا التحفيظ بصفة عامة، والباتة في التعرضات بصفة خاصة (المطلب الأول)، كما أن صلاحياته تمتد لتلك المتمثلة في اتخاذ قرار التحفيظ و إنشاء الرسم المتعلق بالعقار في حالة القبول (المطلب الثاني ).
المطلب الأول: تنفيذ الأحكام الباتة في التعرضات
لا يخفى أن تنفيذ الأحكام القضائية هو الهدف المتوخى من اللجوء إلى القضاء إذا لا ينفع التحدث بحق لا نفاذ له، كما أن عدم التنفيذ أو التأخير فيه يلحق ضررا جسيما بالمحكوم له ويؤثر بالتالي على مصداقية الأحكام وعلى ثقة المواطنين في الجهاز القضائي ، ويعد المحافظ على الأملاك العقارية السلطة الوحيدة المخول لها تنفيذ الأحكام الباتة في التعرضات (الفقرة الأولى )، إلا أن تنفيذ هذه الأحكام قد لا تمر بهذه السلاسة، بحيث قد تعترضها عدة صعوبات (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: دور المحافظ في تنفيذ الأحكام القضائية
لا يمكن لأي باحث في جهاز المحافظ العقاري أن يتطرق لمختلف الأدوار التي يقوم بها، دون أن يتطرق لدوره في مرحلة تنفيذ الأحكام القضائية، وإذا كان قانون المسطرة المدنية قد نص في فصله 429 على أنه ” تنفذ الأحكام الصادرة من محاكم المملكة في مجموع التراب الوطني بناء على طلب من المستفيد من الحكم أو من ينوب عنه.
يتم التنفيذ بواسطة كتابة ضبط المحكمة التي أصدرت الحكم أو إذا اقتضى الحال وفقا لمقتضيات الفصل 439 من هذا القانون …” أي أن تنفيذ الأحكام الصادرة في القضايا العادية يتم بواسطة كتابة ضبط المحكمة المصدرة للحكم.
فإن تنفيذ الأحكام الصادرة في التعرضات المتعلقة بنزاع التحفيظ يتم من طرف المحافظ العقاري، وهذا الأمر من شأنه التأكيد على إدارية مسطرة التحفيظ ونزع سلطة القضاء في تنفيذ الأحكام.
فكما هو معلوم، يعتبر تنفيذ الأحكام النقطة الأساسية في المراحل التي يقطعها بدءا من رفع الدعوى ومرورا بإجراءاتها ووصولا إلى الحكم فيها وترد هذه الأهمية إلى كون الحقوق تبقى بدون حماية قانونية إذا لم تتوج بالوصول إلى أصحابها عن طريق تنفيذ الأحكام الصادرة بشأنها .
فالتنفيذ يقصد به تلك الوسيلة القانونية التي تمارسها السلطة العامة تحت إشراف القضاء وبأمر منه، بناء على حكم صادر من المحكمة، وتنفيذ الأحكام القضائية من أهم الأعمال المنوطة بالمحافظ التي تساهم في تحقيق الملكية .
فعندما يصدر الحكم يتوجب على المحكمة المعنية أن تحيل المتعرض وطالب التحفيظ على المحافظ العقاري وما يمكن ملاحظته بالنسبة لقضايا التحفيظ العقاري هو أن هذه الأخيرة لا تطبق بشأنها مسطرة التنفيذ المقرر في قانون المسطرة المدنية، بحيث لا تسلم للأطراف المعنية نسخة تنفيذية كما جرت العادة في القضايا المدنية، وإنما تقوم كتابة الضبط بالمحكمة التي يصدر عنها الحكم، بإرسال نسخة من الحكم الصادر بشأن التعرض إلى المحافظ قصد العمل به .
وفي حالة إذا كان الحكم يتضمن رفع جميع التعرضات فإن المحافظ العقاري يقوم بإلغاء التعرضات المسجلة لديه استنادا على الحكم الصادر، ثم يقوم بإتمام الاجراءات التي كان قد بدأها عند تقديم مطلب التحفيظ لفائدة طالبه وستبقى تلك الاجراءات صحيحة ما لم يدخل عليها صاحب الشأن تعديلا ويكون بذلك الحكم الصادر هو بمثابة تمهيد لإنشاء الرسم العقاري.
ويترتب على تنفيذ الحكم تصفية النزاع وبالتالي إخراج مطلب التحفيظ من حالة الركود إلى حالة الحركية وتأسيس رسم للعقار، ففي حالة الحكم بعدم صحة التعرض، يعمل المحافظ على رفع جميع التعرضات المسجلة لديه، ثم يقوم بإتمام الاجراءات التي بدأها مع طالب التحفيظ.
أما في حالة الحكم بصحة التعرض فإن المحافظ يكتفي بنشر خلاصة إصلاحية، طبقا للفصل 83 من ظ ت ع باسم المتعرض المحكوم له بصحة تعرضه، وهذا أمر يحسب لقانون 14.07، ما دام أن المشرع قبل تعديل هذا القانون في الفصل 37 منه، كان منح الخيار للمتعرض الذي قضى الحكم بصحة تعرضه إما أن يسلك مسطرة الفصل 37 أو لا يسلكها، مما يجعل الأمر يعيد العقار إلى مرحلة ما قبل التحفيظ، أي عقار غير محفظ وبالتالي عدم المساهمة في تعميم نظام التحفيظ.
الفقرة الثانية :صعوبة تنفيذ الأحكام الباتة في التعرضات من قبل المحافظ
تتعد الصعوبات التي قد تواجه المحافظ أثناء تنفيذه للأحكام القضائية بصفة عامة و الباتة في التعرضات بصفة خاصة، فقد تكون هذه الصعوبات قانونية وذلك نظرا لكثرة التشريعات والأنظمة العقارية، ومن هاته الحالات حالة عدم وضوح الأحكام القضائية، بالإضافة إلى حالة مخالفة الأحكام لبعض المقتضيات القانونية، وأيضا حالة بت الحكم في أكثر مما عرض عليه .
وقد تكون هذه الصعوبات مادية، كحالة وجود استحالة مادية، وحالة وجود خطأ مادي في الحكم، وأيضا حالة تناقض منطوق الحكم مع حيثياته، ففي هاته الحالات يجب أن يخبر المحافظ الأطراف المعنية والعودة للمحكمة من أجل البت في ذلك من جديد، ما دامت هذه الصعوبات من الصعوبات الموضوعية وليست الصعوبات الوقتية المنصوص عليها في ق م م، وبالتالي يجب الرجوع إلى نفس المحكمة مصدرة الحكم من أجل تفسير الحكم الذي أصدرته.
ورغم هذه الصعوبات، يبقى المحافظ العقاري أهم سلطة في مجال التحفيظ العقاري وهذا ما يؤدي إلى الحد من صلاحية القضاء في هذا المجال، وخصوصا في الدعوى المتعلقة بالتعرضات، وإن دل هذا على شيء، إنما يدل على تأكيد الصفة الإدارية لمسطرة التحفيظ .
المطلب الثاني: اتخاذ المحافظ قرار التحفيظ وتأسيس الرسم العقاري
لا يتوقف دور المحافظ العقاري فقط في مراقبة صحة مطلب التحفيظ وفي قبول أو عدم قبول التعرضات وكذا تنفيذ الأحكام القضائية، بل يتعدى اختصاصه إلى اتخاذ قرار التحفيظ (الفقرة الأولى )، ويتجاوز ذلك إلى انشاء الرسم العقاري(الفقرة الثانية ).
الفقرة الأولى: اتخاذ المحافظ قرار التحفيظ
لا نكون مبالغين إذا اعتبرنا أن مسطرة التحفيظ قد تبتدئ وتنتهي بمسطرة إدارية دون أن تمر بمسطرة قضائية، وذلك في حالة عدم وجود تعرضات، ففي هذه الحالة على المحافظ أن يستجيب إلى مطلب التحفيظ وتحفيظ العقار كليا أو جزئيا في اسم طالب التحفيظ.
فحينما يتأكد المحافظ من عدم تقديم أي تعرض خلال الأجل المحدد ومن توافر جميع الشروط المطلوبة ويتأكد من صحتها ومن سلامة المسطرة التي تم إجرائها فإنه يتخذ قرار التحفيظ، ويعتبر قراره هذا نهاية لمرحلة “ما قبل التحفيظ” ليدخل العقار في إطار قانوني جديد ويكتسب بذلك مناعة ضد كل الادعاءات والمطالب اللاحقة ويترتب عن هذا التقرير تأسيس رسم عقاري نهائي ولا رجعية فيه .
وهذا ما أكد عليه الفصل 30 من قانون 14.07 حين نص على أنه “خلال الثلاثة أشهر الموالية لانصرام أجل التعرض يقوم المحافظ على الأملاك العقارية بتحفيظ العقار بعد التحقق من إنجاز جميع الإجراءات المقررة في هذا القانون، ومن شرعية الطلب وكفاية الحجج المدلى بها وعدم وقوع أي تعرض “.
وهنا يرى أحد الفقه أن أجل ثلاثة أشهر قصد اتخاذ قرار التحفيظ أجل خطير جدا حيث أن هناك بعض الملفات التي لا تحتاج إلى أجل ثلاثة أشهر من أجل اتخاذ قرار التحفيظ فيها في حين أن هناك ملفات أخرى لا تكفيها هذه المدة إطلاقا نظرا لتعقيدات وكثرة الإيداعات طبقا للفصل 84 من ظ ت ع.
كما أن المحافظ العقاري يتخذ قرار التحفيظ وفق مستجدات القانون 14.07 بناء على الفصل 31 منه، وذلك بعد إجراء تحديد تكميلي قصد فرز الجزء الغير خاضع للتعرض وتأسيس رسم لهذا الجزء وهذا ما يعرف بتجزيئ المسطرة.
بالإضافة إلى أن المحافظ يمكنه اتخاذ قرار التحفيظ بعد تحرير محضر الصلح من طرفه، أي بعد نجاح إجراء الصلح بين المتعرض وطالب التحفيظ.
علاوة على أنه يمكنه اتخاذ قرار التحفيظ حينما يثبت أن المتعرض قد تنازل عن تعرضه بناء على صلح تم بينهما ترتب عنه تحرير تنازل عن التعرض المودع بسجل التعرضات، ويشترط في وثيقة الصلح الشروط والأركان المتطلبة قانونا في إبرام العقود طبقا للقواعد العامة (الأهلية ، المحل ، السبب…) ولا يتخذ المحافظ قرار التحفيظ في حالة رفض مطلب التحفيظ أو إلغائه.
ويجب أن نشير إلى أن قرار اتخاذ التحفيظ من طرف المحافظ، قرار لا يقبل الطعن فيه، وهو قرار غير معلل لا يمكن إلغاؤه ولو عن طريق قرارات أو أحكام قضائية.
وقرار تأسيس الرسم العقاري هو قرار يطهر العقار من الحقوق غير الظاهرة وقت التحفيظ ولو كانت مشروعة ن ويعترف في نفس الوقت بالوجود القانوني للحقوق الظاهرة وقت التحفيظ ويضفي عليها صبغة المشروعية ولو كانت غير مشروعة، وهو قرار ينتج عنه تأسيس رسم عقاري يشكل دليلا قاطعا على حق الملكية والحقوق العينية والتحملات العقارية المعلن عنها أثناء مسطرة التحفيظ والمسجلة بالرسم العقاري .
ويترتب على قرار التحفيظ في شخص المحافظ العقاري أيضا مبدأ عدم سريان التقادم على العقارات المحفظة، كما يحق للأطراف المتضررة أن ترفع دعوى التعويض ضد المحافظ ما دام هذا الأخير يسأل مسؤولية شخصية عن أخطائه، كما في حالة ارتكاب تدليس من طرف المحافظ .
فقد حافظ المشرع للرسم العقاري على آثاره الثلاثة وهي النهائية وعدم القابلية للطعن والتطهير، ويبدو أن المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) من خلال قراراته تشبت في أكثر من مناسبة بحرفية النص القانوني ولا يحيد عنه، حيث جاء في أحد قراراته “… يقرر الفصلان 62 .64 من ظ ت ع قاعدة أن التحفيظ يطهر العقار المحفظ من الحقوق السابقة عليه هي قاعدة تسري على الجميع لا فرق بين المشتري وغيره ولا بين حسن النية وسيئها ولا تقبل أية دعوى عينية لحق تضرر من جراء التحفيظ وإنما ترفع دعوى التعويض…”
الفقرة الثانية: تأسيس الرسم من طرف المحافظ
بعد اتخاذ قرار التحفيظ يعمل المحافظ على تأسيس رسم عقاري مثبت للملكية، لأن الهدف من سلوك مسطرة التحفيظ العقاري هي إنشاء الرسم العقاري المتعلق بالملك موضوع مطلب التحفيظ المودع بداية من قبل طالب التحفيظ.
لأن التحفيظ يقصد منه طبقا للفصل 1 من ظ ت ع تحفيظ العقار بعد إجراء مسطرة للتطهير يترتب عنها تأسيس رسم عقاري وبطلان ما عداه من الرسوم، وتطهير الملك من جميع الحقوق السالفة غير المضمنة به.
يعد المحافظ السلطة الوحيدة المخول لها قانونا تأسيس الرسم العقاري، ويتجلى دوره في هذه المرحلة تحقيقا للملكية العقارية، في تأسيس رسم عقاري لصاحب حق الملكية، ويسمى بالرسم العقاري، وهو ذلك السند الذي يقيمه المحافظ للتعريف بالعقار الذي اتخذ في شأنه قرار التحفيظ باسم صاحبه، ويجب أن يشمل الرسم العقاري البيانات المنصوص عليها صراحة في الفصل 52 و 55 من ظ ت ع.
على خلاف المشرع التونسي الذي أعطى لإدارة الملكية العقارية بإعداد الرسم العقاري استنادا إلى حكم المحكمة المرفق بالمثال الهندسي وهي التي تسلم شهادة الملكية، كما تقوم بترسيم كل عمليات الواردة على العقار المسجل وعلى ذلك فإن دور إدارة الملكية العقارية يبدأ حيث ينتهي دور المحكمة العقارية .
وجدير بالذكر أن المحافظ يجب عليه أن يتناول في كل رسم عقاري عقار واحدا سواء كان مؤلفا من قطعة واحدة أو من قطع متعددة، تشكل في مجموعها وحدة عقارية، وسواء كان مالك العقار شخصا واحدا أو شائعا بين عدة ملاك طبقا للفصل 13 و 14 من القرار الوزاري الصادر في 20 رجب 1333 الموافق ل03 يونيو 1915.
وطبقا للفصلين 58 و60 من ظ ت ع فيجب على المحافظ أن يحرر إلى جانب ذلك السند الذي يعرف بهوية العقار المحفظ، ما يسمى بنظير الرسم يحتوي على جميع البيانات الموجودة في هذا الرسم العقاري، ويشهد المحافظ في الأخير إلى مطابقة النظير للرسم،
وهذا النظير يسلم للمالك دون غيره .
في حين يعمل على إنشاء ما يصطلح عليه بالشهادة الخاصة، وتعطى لباقي الشركاء في حالة إذا كان العقار مملوكا على الشياع، أما الشريك المفوض له ذلك فيحصل على نظير الرسم، تتضمن كل المعلومات التي تخص التعريف بالعقار ومالكه وموقعه والتحملات والحقوق العينية العقارية المثقل بها العقار، على أن يعطي للدائن المرتهن وحده دون غيره شهادة التقيد الخاصة.
وفي حالة ضياع أو تلف نظير الرسوم العقارية أو الشهادات العقارية الخاصة يجب على صاحبها أن يقدم للمحافظ على الأملاك العقارية الوثائق المثبتة و أن يدلي إليه بتصريح يتضمن هويته وظروف الضياع أو السرقة وكل ما لديه من معلومات عن الحادث، فيمكن للمحافظ إذا ما ظهر له صدق التصريح أن يسلم للمعني بالأمر نظيرا جديدا للرسم العقاري أو نسخة من شهادة التقيد الخاصة بعد انصرام 15 يوما من تاريخ نشر إعلان بذلك في الجريدة الرسمية، وذلك طبقا للفصل 101 من ظ ت ع.
ويمكن للمحافظ في حالة ما إذا تبين له عدم جدية التصريح والوثائق المدلى بها عدم الاستجابة ورفض طلب الدائن المرتهن أو المالك، فيملك المحافظ هنا سلطة واسعة في الاستجابة أو الرفض، وفي حالة الرفض يمكن اللجوء من كل من له مصلحة في ذلك إلى رفع دعوى أمام المحكمة الابتدائية، كما يمكنه أن يتظلم أمام المحافظ العام.
وعندما يسلم المحافظ نظير الرسم العقاري أو نظير شهادة التقيد الخاصة فإنه يضمن ذلك في النظير المسلم للمعني بالأمر، وتكون للنظير أو النسخة الجديدين نفس القيمة القانونية لأصلهما كما يستعملان لنفس الأغراض وذلك طبقا للفصل 102 من القانون 14.07.

 

الفصل الثاني: دور المحافظ في تحقيق الملكية بعد تأسيس الرسم العقاري

 

إذا كان مفهوم التحفيظ العقاري في ظ ت ع الصادر في سنة 1913 يقصد به مجموع الاجراءات المتعلقة بمسطرة التحفيظ إلى غاية تأسيس الرسم العقاري، فإنه مع صدور القانون رقم 14.07 وضع تعريفا دقيقا للتحفيظ العقاري- حسما لكل خلاف – حيث نص الفصل الأول صراحة على أن التحفيظ العقاري يشمل مسطرة التحفيظ والتقييدات بالرسم العقاري.
وإن كان كذلك فإن دور المحافظ على الأملاك العقارية في تحقيق الملكية العقارية لا يقتصر فقط على مرحلة ما قبل تأسيس الرسم العقاري، بل يتعداها إلى ما بعد تأسيس هذا الأخير، وتتعلق أساسا بالتقيدات على الرسوم العقارية و التشطيب الوارد عليها، وكذا امكانية إدخال تصحيحات على الأخطاء المادية التي يمكن أن تشوب الرسوم العقارية.
وعليه ارتأينا تقسيم هذا الفصل إلى مبحثين؛
المبحث الأول: دور المحافظ على الأملاك العقارية في التقيدات
المبحث الثاني: دور المحافظ على الأملاك العقارية في التشطيبات


المبحث الأول: دور المحافظ في التقييدات
إن مؤسسة التقييد تحظى باهتمام تشريعي كبير نظرا لمكانتها ودورها في حماية حق الملكية، ويقصد بالتقييد ذلك البيان المسجل بالسجل العقاري الذي يحتوي على معلومات معينة خاصة بصاحب الحق المعني، الهدف منه اشهار الحق وصاحبه للعموم، وقد حدد المشرع التصرفات والأعمال التي يجب تقيدها متى كان الأمر يتعلق بتأسيس حق عيني أو نقله إلى الغير أو إقراره أو تغيره أو اسقاطه ، ويضطلع المحافظ بأدوار هامة في هذا المجال سواء فيما يتعلق بالتقيدات النهائية (المطلب الأول)، أو فيما يخص دوره في التقيدات الاحتياطية (المطلب الثاني).
المطلب الأول: أعمال المحافظ في التقييدات النهائية
إن المشرع المغربي أتى بمبدأ إجبارية تقييد الحقوق العينية عكس عملية التحفيظ التي تركها اختيارية استنادا لمقتضيات الفصل 6 من القانون 14.07، فحدد الحقوق الواجب تقييدها بموجب نصوص دقيقة من أجل الحد من سلطة المحافظ في هذا المجال.
وتقتضي دراسة هذا الموضوع التطرق لرقابة المحافظ على المستندات المدعمة للتقييد(الفقرة الأولى)، لننتقل في حديثنا عن قراراته برفض التقييد (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى : رقابة المحافظ على المستندات المدعمة للتقييد
لما كان التقييد يفيد إشهار الحقوق المكتسبة على العقار المحفظ حسب مقتضيات الفصل 65 من ظ ت ع وذلك داخل أجل ثلاثة أشهر تحت طائلة الغرامة، فقد ألزم المشرع المحافظ بضرورة الرقابة على الوثائق المؤيدة لهذه الطلبات تحت طائلة المسؤولية، وهو ما عبر عنه المشرع في الفصل 72 من نفس الظهير الذي نص على “يتحقق المحافظ على الأملاك العقارية، تحت مسؤوليته من هوية المفوت وأهليته وكذا من صحة الوثائق المدلى بها تأييدا للطلب شكلا وجوهرا”.
أولا: التحقق من هوية وأهلية أطراف سند التقييد
حسب القرار الوزيري المؤرخ في 3 يونيو 1915 في مادته 25 ألزم الأطراف أن يتقدموا بطلب إلى المحافظ على الملكية العقارية يبينون فيها صفاتهم وأهليتهم وحالتهم المدنية أو الحق موضوع التصرف، والفصل 69 من القانون رقم 14.07 ألزم هو الأخر على كل شخص يريد تقييد حق من الحقوق القابلة للتقييد أن يتقدم بطلب إلى المحافظة العقارية التي يقع العقار في دائرتها ويكون هذا الشخص إما صاحب الحق أو من ينوب عنه بوكالة صحيحة، متضمنا البيانات المنصوص عليها في الفصل أعلاه، لأن التحقق من هوية الأطراف وخاصة المفوت يهدف إلى معرفة مدى التطابق الموجود بين هوية المفوت من خلال الرسم العقاري وهويته من خلال عقد التفويت المطلوب تسجيله.
وقد أكد المشرع على المفوت دون المفوت إليه نظرا لأنه من الخطير أن يجرى التفويت من طرف شخص غير مقيد في الرسم العقاري، فهذا الشخص هو وحده المعتد به قانونا ويجب حماية حقه المقيد حتى لا يتطاول عليه الغير ولا يتضرر من يكون قد تعامل مع المالك المقيد ولم يتقدم بعد لتقييد حقه .
وعلى الرغم من ذلك فإن المتفق عليه فقها أن هذه المراقبة يجب أن تشمل هوية كل الأطراف المذكورة بسند التقييد وحالتهم المدنية وهذا ما أكده الفصل 73 ذلك أن هذا الفصل لم يقتصر على ذكر المفوت وحده.
فيلزم على المحافظ التأكد من أهلية الأطراف بحيث يقوم من الناحية العملية بمراقبة أهلية المفوت من خلال التحقق من مطابقة البيانات المتعلقة بالحالة المدنية المضمنة بسند التقييد مع البيانات بالرسم العقاري، غير أنه بالنسبة للمفوَت إليه فإن المحافظ يعتمد على العقد والوثائق الأخرى المدلى بها لإثبات هويته وعند خلوها من الاشارة إلى عارض من عوارض الأهلية فهذا يعد قرينة بسيطة على كمال الأهلية .
أما بالنسبة للقاصرين والمحجورين فإن حقوقهم تقيد بطلب نوابهم الشرعيين أو الأوصياء عليهم، وإلا بطلب من القاضي المكلف بشؤون القاصرين أو وكيل الملك طبقا لمقتضيات الفصل 78 من ظ ت ع.
وفي نفس التوجه ألزم المشرع الجزائري المحافظ العقاري مراقبة التأكد من توفر مجموعة من الشروط سواء في الأطراف طالبة الشهر، أو في السندات المراد شهرها فألزمت التأكد من هوية وأهلية الأطراف أو كما يسميه مرسوم 63/76 ” الشرط الشخصي” كما يراقب توافر الوثائق المطلوبة وصحتها … فالمشرع الجزائري قد اشترط إفراغ كل العقود المنصبة العقارات في شكل رسمي .
وقد تم إعفاء المحافظ وفق مستجدات هذا القانون (14.07) من التحقق من هوية وصفة وأهلية كل طرف إذا كان المحرر موضوع التقييد محررا رسميا، ويعفى على خلاف ذلك من التحقق من الهوية فقط إذا كانت التوقيعات الموضوعة بالطلب وبالعقود المدلى بها مصادق عليها من طرف السلطات المختصة.
فالمحافظ ملزم طبقا للفصل 72 من القانون أعلاه بالتأكد والتحقق تحت مسؤوليته الشخصية من هوية وأهلية المفوت، ويشكل هذا التحقق أهمية بالغة ذلك أن المفوت هو الذي سيستفيد أو سينقص أو سيعدل حقه المقيد، وبالتالي يجب أن يكون ذلك برضاه وأن يكون أهلا لهذا التراضي وأن يكون هو صاحب الحق المقيد وذلك منعا لأي غش أو تزوير وتلافيا لإبدال شخص مكان شخص آخر .
وللمحافظ السلطة التقديرية في مطالبة الأطراف الإدلاء ببيانات إضافية من عدمه عندما يكون الطلب مؤسسا على وثيقة اتفاقية، طبقا لمقتضيات الفصل 70، من ظ ت ع، ومنه فعلى المحافظ على الأملاك العقارية التأكد من هوية وأهلية أطراف سند التقييد، على اعتباره الجهة المخول لها هذا الاختصاص وهذا ما أكده حكم صادر من ابتدائية وجدة حيث جاء فيه “وحيث أن المشرع قد نظم مسألة التسجيل والتشطيب على ما ضمن بالرسم العقاري من قيود، وأوكل إلى ذلك السيد المحافظ على الأملاك العقارية الذي يتحقق تحت مسؤوليته من مدى توفر التسجيل أو التشطيب المنصوص عليه قانونا…” .
هذا، وينبغي عليه علاوة على ذلك مراقبة هوية العقار وهل التصرف المراد تقييده ينصب عليه فعلا أو على جزء منه؟ وهل العقار قابل للتفويت أم أن هناك مانع يحول دون ذلك؟.
فهناك عقارات تصبح غير قابلة للتفويت بسبب بعض الموانع القانونية كالحجز التحفظي أو التنفيذي وإما بسبب بعض الموانع الاتفاقية كاشتراط البائع عدم تفويت العقار إلا بعد مرور مدة معينة.
ثانيا : مراقبة صحة الوثائق
إن مسؤولية المحافظ ليست هينة إزاء الحقوق التي ينبغي تسجيلها فهو ليس مجرد عون تنفيذ يكتفي بتلقي الوثائق والمستندات وتسجيلها، بل يجب عليه أن يتحقق من كل عملية على حدة قبل اتخاذ أي قرار بالتسجيل من عدمه، وليرى هل الحقوق التي يطلب تسجيلها مستوفية لكل الشروط التي يتطلبها القانون سواء من حيث الشكل أو الجوهر .
فيما يتعلق بمراقبة صحة المستندات فبالرجوع إلى الواقع العملي نجد أن المحافظين على الأملاك العقارية يتخذون العديد من الاجراءات لتأكد من سلامة وصحة ما يرد على مصلحتهم من مستندات ووثائق، وهذه الآليات تختلف في حقيقة الأمر في ما إذا كانت هذه الوثائق عرفية أو المحررات رسمية أو محررات ثابتة التاريخ.
فبالنسبة للوثائق العرفية، فإن المحافظ يراقب توقيعات الأطراف والسلطة المصادقة على الإمضاء وتاريخ المصادقة وواقعة التسجيل لدى إدارة التسجيل والتمبر، ويتعين الإدلاء بالعقد الأصلي إذ أن المحافظ يرفض صورة العقد المصححة الإمضاء لتدعيم طلب التقييد ، والتأكد من ان المحررات العرفية تتوفر على جميع البيانات اللازمة وأن العقد صحيح من الناحية القانونية أي متضمن للشروط الصحيحة لقيام العقد من أهلية وتراض وسبب ومحل…
ونظرا لما لهذه الوثائق العرفية – في غالب الأحيان- من زعزعة الاستقرار في المعاملات العقارية والأمن العقاري، فقد تصدى المشرع المغربي لذلك واستبعدها، وذلك استنادا للمادة الرابعة من مدونة الحقوق العينية ألزمت تحرير العقود الناقلة للملكية أو إنشاء الحقوق العينية الأخرى أو نقلها أو تعديلها أو التشطيب عليها بموجب محرر رسمي أو محرر ثابت التاريخ يتم تحريره من طرف محام مقبول للترافع أمام محكمة النقض مالم ينص القانون على خلاف ذلك.
أما بخصوص المحررات الرسمية فيجب على المحافظ من حيث الشكل التأكد من أن العقد قد حرره عدلين لهما صلاحية الاختصاص، أن الرسم العدلي موقع عليه من طرف العدلين ومخاطب عليه من طرف قاضي التوثيق وأديت عنه رسوم التسجيل، أو التأكد من أن العقد صادر من موثق موقع على جميع صفحاته.
أما بالنسبة للمحررات ثابتة التاريخ فإن المحافظ عليه أن ينتبه إلى توقيعات الأطراف الذين وقعوا العقد والجهات التي حررته وكذا التأشير على جميع الصفحات مع تصحيح إمضاءات الأطراف من طرف السلطات المحلية المختصة والمصادقة على توقيع المحامي لدى كتابة ضبط المحكمة الابتدائية التي يمارس مهامه بدائرتها .
كما له صلاحية مراقبة الحكم القضائي من مدى صحته من حيث العناصر الشكلية المكونة له وصفة هيئة الحكم، ويتحقق هل الحكم حائز لقوة الشيء المقضي به وأنها تتوفر على بيانات مطابقة لبيانات الرسم العقاري، ولا يمكنه أن يناقش حيثيات الحكم ومنطوقه لأن في ذلك تدخل في اختصاصات السلطة القضائية.
هذا من ناحية الشكل أما من ناحية المضمون (جوهر المستندات). فالمحافظ ملزم بالتأكد تحت مسؤوليته من الوثائق والمستندات المدلى بها لتقييد الحق من حيث الجوهر، فله أن يتأكد من عدم مخالفة هذا التقييد للقانون سواء من حيث صحة الالتزام، وبالتالي يمكنه أن يثير أسباب البطلان من تلقاء نفسه حفاظا على النظام العام، أما إذا كان البطلان نسبيا فيتعين على مصلحة أن يثيرها، أما المحافظ فهو غير مختص في ذلك كلما تعلق الأمر بعيب من عيوب الرضى.
فعليه أن يتأكد من موضوع الالتزام، فإذا كانت الوثيقة تتضمن بيعا مثلا فلا بد من ذكر اسم الطرفين البائع والمشتري والثمن والتاريخ وركن الرضى في العقد من ايجاب وقبول وتطابق بينهما إلخ… .
ويمكن للمحافظ إجراء تقييد بالرسم العقاري اعتمادا على عقد معين تم إنجازه في دول معينة طبقا لاتفاقيات أو معاهدات، وهو ما أكده المجلس الأعلى سابقا (محكمة النقض حاليا) في أحد قراراته “يمكن للمحافظ إجراء تقييد بالرسم العقاري استنادا على عقد بيع تم إنجازه في فرنسا من طرف الموثق، والذي له صفة موظف عمومي مخول له بمقتضى قانون بلده إضفاء الصبغة الرسمية على العقود التي يحررها. هذا العقد معفى من التصديق ومن كل إجراء مماثل عند الإدلاء به أمام الإدارات المغربية ومنها المحافظة العقارية بمقتضى الفصل 3من البروتوكول الإضافي لاتفاقية التعاون القضائي بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية المؤرخ في 10 غشت 1981″ .
أضف إلى ذلك، أن المحافظ يتعين عليه طبق لمقتضيات الفصل 74 من ظ ت ع أن يتحقق من أن التقييد موضوع الطلب لا يتعارض مع البيانات المضمنة بالرسم العقاري ومقتضيات هذا القانون وأن الوثائق المدلى بها تجيز التقييد، فكما يقول ابن معجوز إذا أوصى مثلا مالك عقار في الرسم العقاري قبل وفاة الموصي، فإن المحافظ لا بد أن يرفض تقييد ذلك لأنه لم يملك بعد أي حق في ذلك العقار، لكون الرسم العقاري لا تقيد فيه إلا الحقوق العينية المحققة دون المحتملة.”
وفي نفس التوجه سار قرار للمجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) الذي جاء فيه ” قيام المحافظ بتسجيل أي حق على الرسم العقاري يفرض عليه التحقق أولا من كون المراد تقييده لا يتعارض مع التقييد المسجل بهذا الرسم عملا بمقتضيات الفصل 74 من ظهير التحفيظ العقاري، وعليه إذا كانت الوضعية القانونية للعقار تتعارض مع الطلب الرامي إلى تسجيل إراثة الموروث الذي لم يبقى مالكا للعقار، فإنه من حق المحافظ رفض تسجيل الإراثة من تلقاء نفسه ولا يعد تجاوزا لصلاحياته…” .
وتجب الاشارة، أن الفصول المنضمة للتقييد هي قواعد آمرة لا يجوز الاتفاق على مخالفتها خاصة من طرف المحافظ العقاري الذي يستتبع في حالة مخالفتها مسؤولية شخصية تقام ضده، وحتى لا ننسى فيجب على المحافظ أن يثبت في سجل خاص يسمى بسجل الايداع طلبات التسجيل والوثائق المسلمة إليه بأرقام ترتيبية وحسب ورودها عليه دون ترك أي بياض ولا إقحام بين السطور، طبقا لمقتضيات الفصل 76 من ظ ت ع.
الملاحظ أن المحافظ يقوم في هذا المجال بدور مزدوج، دور إداري يتمثل في تلقي الوثائق وتسجيلها في سجل الايداع، ودور قضائي يتجلى في مراقبة الشروط القانونية لكل عقد أو تصرف… بمعنى آخر يجب أن يكون المحافظ العقاري رجل قانون ورجل إدارة في نفس الوقت .
ومن ثم، فالمحافظ يقوم بدور مهم في تحقيق الملكية العقارية والحفاظ عليها، فهو يتحقق ويتأكد ويتقصى ويبحث في صحة الوثائق والمستندات المدلى بها لطلب التقييد، وحتى من هوية وأهلية طالب التقييد، فإذا تبين له أن طلب التقييد والوثائق المدلى بها متطابقة مع ما هو مقيد بالرسم العقاري فإنه يباشر التقييد وذلك تحقيقا لمبدأ المشروعية . أما إذا كان الأمر خلافا لذلك فإنه يمتنع ويرفض التقييد لعلة عدم التطابق أو غيرها من الحالات، الأمر الذي يدفعنا للتساؤل عن حالات رفض التقييد من طرف المحافظ ؟.
الفقرة الثانية : رفض التقييد من طرف المحافظ
إذا كان المحافظ يباشر عملية التقييد كلما كان الطلب مستوفيا ويستجمع كل الشروط المتطلبة وأن ليس هناك أي مانع قانوني يحول دون عملية التقييد، ويقوم بالتقيد تحت مسؤوليته بواسطة بيانات موجزة على الرسم العقاري وعلى نظره ثم يؤرخ ويوقع عليه من طرف المحافظ وإلا يكون التقييد باطلا عملا بمقتضيات الفصل 75 من ظ ت ع، وبذلك يصبح الحق موضوع التقييد ثابتا وحقيقيا في مواجهة الأطراف وفي مواجهة الغير.
وعلى خلاف ذلك يرفض التقييد وذلك في الحالات الآتية الأكثر شيوعا في الواقع العملي:
 رفض التقييد لعدم بيان الهوية الكاملة لأطراف التقييد خاصة المفوت.
 رفض التقييد لعدم تطابق اسم المفوت المذكور في العقد مع الاسم الموجود في الرسم العقاري؛ فمثلا إذا كان اسم المفوت في العقد هو ياسين العلوي، والاسم الموجود في الرسم العقاري هو يسين علوي، ففي هذه الحالة يرفض المحافظ التقييد لعدم تطابق الاسمين، فيتعين على المعني بالأمر في هذه الحالة لتصحيح الوضعية الادلاء بشهادة مطابقة الاسم مسلمة من رئيس قسم الحالة المدنية بالمجلس الجماعي أو بطاقة عدلية أو بحكم قضائي إن اقتضى الحال.
 رفض التقييد لعدم صحة العقد من حيث الشكل أو الجوهر أو عدم تذييله بالصيغة التنفيذية إذا كان العقد محرر في بلد أجنبي طبقا للفصل 432 من ق م م، فعقد البيع الذي لم يعين فيه الشيء المبيع تعينا كافيا يعتبر عقدا باطلا يجب رفضه من طرف المحافظ .
 رفض التقييد لكون التوقيع في العقد العرفي غير مصادق عليه من طرف إحدى السلطات المختصة والمحددة طبقا للفصل 73 من ظ ت ع.
 رفض التقييد لعدم بيان العقار المراد تقييد الحق عليه أو لخطأ في البيانات المذكورة، كذكر رقم رسم عقاري لا ينطبق على العقار الحقيقي أو ذكر رقم مطلب التحفيظ الذي تحول إلى رسم عقاري.
 رفض التقييد لعدم صحة الوكالة أو إلغائها وذلك في حالة إبرام تصرف من طرف الوكيل نيابة عن المالك.
 رفض التقييد بسبب وجود حجز تحفظي على العقار أو صدور قرار تنازع بموجبه ملكية العقار لأجل المنفعة العامة.
 رفض التقييد لعدم صحة رسم الإراثة المدلى بها إما من حيث الشكل أو من حيث من حيث المضمون متى كان يتنافى ذلك مع قواعد الارث في مدونة الاسرة.
 رفض التقييد لوجود موانع تحول دون ذلك؛ كالموانع الاتفاقية والموانع القانونية.
 رفض التقييد لعدم امكانية تقييد عدة حقوق في آن واحد يتنافى بعضها مع البعض الآخر
 رفض التقييد لعدم الادلاء بنظير الرسم في الحالة التي يكون فيها الطلب متعلقا بحق يقتضي إنشاؤه موافقة المالك المسجل اسمه والحائز لنسخة الرسم العقاري، وفقا لمقتضيات الفصل 89 من ظ ت ع.
 رفض تقييد طلب الرهن لعدم تعيين المبلغ الذي أعطى الرهن من أجله في العقد.
 رفض التقييد لعدم الإدلاء ببعض الوثائق الإدارية التي يتطلبها القانون كما هو الشأن في بيع بعض الأملاك الفلاحية حيث يتعين الإدلاء بشهادة المساهمة لمباشرة المسلمة من طرف المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي.
 وأخيرا وليس أخيرا رفض التقييد لعدم تحيين الملف الخاص بالتركة وعدم تضمينه الوثائق المثبتة لذلك.
وما يجب التنبيه له هو أن قرار المحافظ برفض التقييد يجب أن يكون معللا كما يجب أن يبلغ بلا تأخر ذلك إلى طالب التقييد، قصد الطعن فيه خلال شهر من التبليغ، أمام المحكمة الابتدائية طبقا للفصل 96 من ظ ت ع المعدل والمتمم بقانون14.07.
ولا يجب على المحافظ أن يكتفي برفض الطلب اعتمادا على سبب عام، كأن يذكرا مثلا رفض التسجيل لعدم صحة الطلب، أو رفض التسجيل لعدم كفاية الرسوم، بل يتعين عليه إبراز أسباب رفض التسجيل بوضوح، لأن هذه الأسباب هي التي ستبين للمعني بالأمر السبب المباشر للرفض، وإذا كان الرفض مبنيا على عدة أسباب، فالمحافظ ملزم ببيان كل هاته الأسباب، ولا ينبغي ذكر بعضها تاركا الأسباب الأخرى…كما يمكنه الطعن في قرار المحافظ إذا رأى أن أسباب الرفض لا تستند على أساس .
المطلب الثاني: دور المحافظ في التقيدات الاحتياطية
ينص الفصل 85 من القانون 14.07 “يمكن لكل من يدعي حقا على عقار محفظ أن يطلب تقيدا احتياطيا للاحتفاظ به مؤقتا…”. ويعرف الفقه التقييد الاحتياطي بأنه ذلك الإجراء الذي يقوم به صاحب حق تعذر عليه تسجيله لسبب من الأسباب ليضمن لنفسه في المستقبل إمكانية هذا التسجيل عند زوال المانع، فهو مجر إجراء بياني mention يرد على الرسم العقاري ليقيد الحق الناتج عنه بما هو وارد في مطلب التقييد الاحتياطي .
وانطلاقا من الفصل أعلاه يكون التقييد الاحتياطي إما بناء على سند، أو بناء على أمر قضائي عن رئيس المحكمة الابتدائية، أو بناء على نسخة من مقال دعوى، وعليه سنتناول دور المحافظ في التقييد الاحتياطي بناء على سند وبناء على نسخة من مقال الدعوى (الفقرة الأولى)، على أن نتناول في (الفقرة الثانية) لدوره في التقييد الاحتياطي بناء على أمر قضائي من رئيس المحكمة الابتدائية.
الفقرة الأولى: رقابة المحافظ على السند وعلى مقال الدعوى
ينبغي الإشارة ( أولا ) إلى رقابة المحافظ على السند، لننتقل في حديثنا لرقابته على مقال الدعوى ( ثانيا ).

أولا: رقابة المحافظ على السند المثبت للحق على العقار
يعرف التقييد الاحتياطي بناء على سند بأنه التقييد الذي يقوم به لمحافظ على الأملاك العقارية بناء على سند يبرره، يثبت حقا على عقار ويتعذر على المحافظ تقييده على حالته.
فقبول التقييد الاحتياطي بناء على سند يتطلب تعزيزه بوثائق ومؤيدات تثبت حقا على عقار، في حين تعذر على المحافظ تقيده على حالته، ويجب لزوما أن يرفق السند بنظير الرسم العقاري الموضوع للمالك المعني بالأمر، ومنه فعلى المحافظ أن يتأكد انطلاقا من السند ما إذا كان الحق المطلوب تقيده احتياطيا، حقا قابلا للتقيد النهائي سواء كان عينيا أو شخصيا، بمفهوم المخالفة أن التقييد الاحتياطي هو الأخر ينطبق على الحقوق القابلة للتقييد النهائي المنصوص عليها في الفصل 65 من القانون 14.07 وفي القوانين الأخرى.
ومن أمثلة ذلك نجد الضمانات الأساسية التي أتى بها القانون المتعلق بالإيجار المفضي لتملك العقار ، وذلك في المادة 5 منه، حيث منح للمكتري إمكانية إجراء تقيد احتياطي على عقد البيع الابتدائي إذا تعلق الأمر بعقار محفظ.
كما يتأكد المحافظ من أن السند موضوع إجراء التقييد الاحتياطي متعلق بحق عيني مقيد بالرسم العقاري ( أي يخص عقارا محفظا )، لا ينقصه إلا إجراء بسيط لتقييده تقييدا نهائيا، كعدم تطابق الحالة المدنية للبائع المقيد بالرسم العقاري مع الحالة المبينة في السند المتعذر تقييده تقييدا نهائيا، أو كعدم تصحيح إمضاء أحد الطرفين من طرف السلطات المحلية… .
ويجب على المحافظ أن يمتنع عن كل تقييد احتياطي يمنع القانون تقييده، كما هو الشأن بالنسبة للفصل 87 المتعلق بالحجز أو الانذار العقاري، فالمحافظ غير ملزم بالاستجابة التلقائية لطلب التقييد الاحتياطي، ومن حقه رفض هذا الأخير إذا امتنع طالب التقييد الادلاء بنظير الرسم العقاري والكل تحت طائلة مسؤوليته، فإذا رفض الطلب ينبغي أن يكون قراره معللا ومبنيا على أساس، وتبليغ قراره لطالب التقييد الاحتياطي بجميع الطرق القانونية للتبليغ، قصد الطعن فيه أمام الجهة المختصة إذا لم يقتنع بقرار الرفض.
وتحدد في عشرة أيام مدة صلاحية التقييد الاحتياطي بناء على سند ولا يمكن خلال هذه المدة قبول المحافظ أي تقييد آخر لاحق يقتضي إنشاؤه موافقة الأطراف، طبقا لمقتضيات الفصل 86 من ظ ت ع.
ثانيا: رقابة المحافظ على مقال الدعوى
بالإضافة إلى التقييد الاحتياطي بناء على سند، هناك التقييد الاحتياطي بناء على نسخة من مقال الدعوى، فيحق لكل شخص سواء أكان ذاتيا أو معنويا يدعي حقا على عقار محفظ أن يطلب تقييدا احتياطيا بناء على ما سلف ذكره أمام قضاء الموضوع.
وهذا ما أكدته المادة 13 من م ح ع التي نصت “إن الدعاوى الرامية إلى استحقاق عقار محفظ أو اسقاط عقد منشئ أو مغير لحق عيني لا مفعول لها تجاه الغير إلا من تاريخ تقييدها بالرسم العقاري تقييدا احتياطيا “.
وفي هذا الصدد يلزم المحافظ بالتأكد من أن المقال يتعلق فعلا بعقار محفظ وبحق قابل للتقييد، شأنه في ذلك شأن باقي التقييدات، وأن الدعوى مرتبطة بمالك العقار المسجل اسمه على الرسم العقاري، وذلك حتى يكون هناك ارتباط وتطابق ومماثلة بين مقال الدعوى وبين العقار الذي سيكون موضوعا للتقيد الاحتياطي، حتى لا نكون أمام تنافر وتعارض بين ما هو مضمن بالرسم العقاري وما هو مسجل في مقال الدعوى.
وتبليغ نسخة من المقال الافتتاحي للدعوى للسيد المحافظ غير كافي ليتم التقييد الاحتياطي بالرسم العقاري… وليس له أثر قانوني مالم يتم أداء الرسوم القانونية المتعلقة بالرسم العقاري .
وإذا كان التقييد بناء على سند تحدد مدته في عشرة أيام، فإنه تنحصر في شهر مدة صلاحية التقييد الاحتياطي بناء على إدلاء الطالب بنسخة من مقال دعوى في الموضوع مرفوعة أمام القضاء، تبدأ من تاريخ تدوين بيان التقييد الاحتياطي بالرسم العقاري إلى تاريخ الفصل النهائي في النزاع موضوع الحق المعني بالتقييد.
الفقرة الثانية: رقابة المحافظ على الأمر الصادر عن رئيس المحكمة الابتدائية
ينبغي أن نشير أولا وقبل كل شيء أن الأمر القضائي المنصوص عليه في الفصل 86 من القانون 14.07 هو ذلك الأمر الصادر من رئيس المحكمة الابتدائية بهذه الصفة، وليس بصفته قاضيا للمستعجلات يخول بمقتضاه للمحافظ إجراء تقييد احتياطي في السجل العقاري ضمانا حق محتمل يدعيه الطالب ، ولم يشترط المشرع في هذا الأمر القضائي شكلية محددة، الأمر الذي يدفع القاضي المختص يصدر أمره بناء على طلب يقدم له دون حاجة لحضور الأطراف والخصوم.
فالمحافظ ملزم بأن يتأكد من توافر الأمر على تاريخ صدوره وتاريخ توقيعه بصورة قانونية، حتى يكون الأمر قابلا للتنفيذ المعجل بقوة القانون دون الحاجة إلى تضمن الصيغة التنفيذية، مادام الأمر القضائي إجراء مؤقت من حيث الزمن .
ويحدد مفعول التقييد الاحتياطي الصادر بناء على أمر من رئيس المحكمة الابتدائية وفقا للفصل 86 من القانون 14.07 في ثلاثة أشهر ابتداء من تاريخ صدوره، مالم ينجز التقييد النهائي للحق، وتكون هذه المدة قابلة للتمديد بناء على أمر من رئيس المحكمة الابتدائية شريطة تقديم دعوى في الموضوع، ويستمر مفعول هذا التمديد إلى حين صدور حكم نهائي، وفي جميع الحالات لا يصدر رئيس المحكمة الابتدائية الأمر بالتقيد الاحتياطي إلا بعد التأكد من جدية وصحة الطلب.
ولا يمكن لطالب التقييد الاحتياطي أن يقدم أي طلب جديد بناء على نفس الأسباب، وللمحكمة إذا تبين لها أن طلب التقييد الاحتياطي قدم بصفة تعسفية أو كيدية أو عن سوء نية أن تقضي تلقائيا لفائدة الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية بغرامة مدنية لا تقل عن عشرة في المئة من قيمة العقار أو الحق المدعى به، دون المساس بحق الأطراف المتضررة في المطالبة بالتعويض.
فيتعين على المحافظ أن يرفض إجراء تقييد احتياطي بناء على أمر صادر من رئيس المحكمة الابتدائية إذا صدر هذا الأمر لمدة تزيد عن ثلاثة أشهر، ويستمر مفعول الأجل من تاريخ صدور الأمر وليس من تاريخ تقييد.
وعموما، فالمحافظ على الأملاك العقارية يقوم بدور هام ومركزي في التقييدات الاحتياطية، وذلك تحقيقا لهاجس الحفاظ على الملكية العقارية، وإذا كان يقوم بذلك في التقييدات الاحتياطية المنصوص عليها في قانون التحفيظ العقاري، فيتعدى دوره لتلك المنصوص علها وفقا لقوانين أخرى- لا داعي للحديث عنها على اعتبارها شبيهة بدوره في التقييدات الاحتياطية السالفة الذكر- كالتقييد الاحتياطي بناء على مقتضيات قانون نزع الملكية، وكذا التقييد الاحتياطي بناء على قانون تسنيد الديون الرهينة، وكذا التقييد الاحتياطي بناء على مدونة تحصيل الديون العمومية، وأيضا التقييد الاحتياطي بناء على قانون المتعلق ببيع العقار في طور الانجاز…
وبهذا المعنى فالتقييد الإحتياطي لا يعتبر قيد من القيود المانعة من التصرفات في حق الملكية العقارية، غير أن جميع التصرفات القانونية أو الاجراءات التحفيظية المقيدة بالرسم العقاري في الرتب الموالية للتقييد الاحتياطي لا يمكن الاحتجاج بها في مواجهة صاحب التقييد الأخير لأنه يعد حجة تجاه الغير على صحة الوقائع الواردة ويعتبر تحذيرا له .
وإذا كان المحافظ على الأملاك العقارية يقوم بدور محوري وأساسي خلال مرحلة التقيدات متجلية أساسا في مراقبة وفحص الوثائق والمستندات وهوية وأهلية أطراف التقييد… الأمر الذي يجعلنا نتساءل هل هذه التقييدات تكون عرضة للتشطيب إذا كان هناك سبب موجب لذلك؟.
المبحث الثاني: دور المحافظ العقاري في التشطيبات
يعرف الفقه التشطيب بأنه إلغاء المحافظ ما ضمن بالسجل العقاري بإبطاله بناء على طلب جديد يقدم إليه لإجراء تقييد نهائي عليه لموجب اقتضاه القانون وهو إشهار الحق للعموم وتسجيله نهائيا بالرسم العقاري، أو هو ذلك النوع من التقييد السلبي الغرض منه انقضاء وإبطال حق مقيد أو مفعول أي تقييد آخر على الرسم العقاري.
وكمبدأ عام فإن التشطيب كتقييد تخضع له السجلات العقارية، وينطوي على كافة الحقوق القابلة للتقييد بالرسم العقاري، وذلك أن الفصل 65 من جهة أكد أنه يجب أن تشهر في السجل العقار جميع الأعمال والاتفاقات الناشئة بين الأحياء مجانية كانت أو بعوض، متى كان موضوع جميع ما ذكر تأسيس حق عقاري أو نقله إلى الغير أو إقراره أو تغييره أو اسقاطه، والمقصود بإسقاطه طبعا التشطيب عليه كسبب من أسباب التشطيب القانونية .
وقد نظم المشرع التشطيب في الفصول 91.93.94.95 من ظ ت ع، ويقوم بهذه العملية المحافظ على الأملاك العقارية، فطبقا للفصل 91 من الظهير أعلاه الذي نص ” مع مراعاة أحكام الفصل 86 أعلاه يمكن للمحافظ أن يشطب على كل ما ضمن بالرسم العقاري من تقييد أو بيان أو تقييد احتياطي بمقتضى كل عقد أو حكم مكتسب لقوة الشيء المقضي به يثبت انعدام أو انقضاء الحق موضوع التضمين في مواجهة الأشخاص الذين يعنيهم هذا الحق”.
ولمعالجة هذا الموضوع يستحسن تقسيمه لمطلبين؛ نتناول في ( المطلب الأول ) رقابة المحافظ على طلب التشطيب على الحقوق العينية، على أن نتحدث في ( المطلب الثاني ) عن التشطيبات على التقيدات الاحتياطية.
المطلب الأول: رقابة المحافظ لطلب التشطيب على الحقوق العينية
إن التشطيب كمفهوم قانوني، وكتقييد سلبي، يكتسي أهمية خاصة داخل منظومة التشريع العقاري… فهو يعد مفهوم قانوني مقابل للتقييد ، فالتشطيب على الحقوق المضمنة في الرسوم العقارية لا يقل أهمية مادام يؤدي إلى انقضاء الحقوق وزوالها، فالمحافظ يقوم بنفس الدور الذي يقوم به في التقييدات.
وإذا كان التشطيب يقوم أساسا إما بمقتضى عقد أو حكم قضائي حائز لقوة الشيء المقضي به، فإن المحافظ يقوم بمراقبة صحة هذا العقد القاضي بالتشطيب ( الفقرة الأول )، كما يقوم بالتأكد من صحة التشطيب المبني على حكم قضائي ( الفقرة الثانية ).
الفقرة الأولى: رقابة المحافظ على العقود المدعمة لطلب التشطيب
إن الحقوق التي يقع تقييدها بكيفية قانونية على الرسم العقاري تبقى حقوقا ثابتة لفائدة أصحابها مالم تقع أسباب قانونية تستدعي إلغاء هذه الحقوق أو انقضائها .
وإذا كان المحافظ لا يقوم بتقييد الحق إلا إذا كان يستند على وثائق ومستندات تبرر له القيام بذلك، فكذلك الأمر بالنسبة للتشطيب حيث ألزمه المشرع بنفس الدور، فالحقوق القابلة للتقيد هي نفسها التي تكون عرضت للتشطيب إذا توفر سبب ذلك. أما الحقوق المقيدة نتيجة غش أو تدليس أو سوء نية فهي تكون موضوع إلغاء من طرف المحافظ وليس التشطيب، بالرغم أن نتيجة الالغاء والتشطيب تكاد تكون واحدة، وهي انقضاء الحق وزواله إلا أن آثارهما تختلف حيث ينتج التشطيب آثاره ومفعوله ابتداء من تاريخ إجرائه، أما الإلغاء فإنه يسري بأثر رجعي ابتداء من تاريخ تسجيل الحق الملغى.
وانطلاقا من الفصلين 94 و95 من القانون 14.07 يجب على المحافظ العقاري أن يتحقق من أن التشطيب موضوع الطلب لا يتعارض مع البيانات المضمنة والمسجلة بالرسم العقاري ومقتضيات هذا القانون وأن الوثائق المدلى بها تجيز التشطيب، و في حالة الاستجابة لطلب التشطيب ينجز بالرسم العقاري بيانات موازية ويؤرخ من طرفه تحت طائلة البطلان.
وبما أن حق الملكية يعتبر حق دائم ومستمر، فلا يجوز للمحافظ أن يسمح لطرفي العقد الاتفاق على التشطيب على حق الملكية بل يمكنه الاستجابة لاتفاق على نقله إلى الغير أو قسمته أو ترتيب بعض الحقوق الأخرى المترتبة على حق الملكية والتي أجاز المشرع التشطيب عليها وهنا تتدخل رقابة المحافظ على الاملاك العقارية، سنعرض فقط لبعض من الحقوق العينية الأصلية.
فبالنسبة لحق الانتفاع ، فالمحافظ ملزم بالتأكد من تحقق أسباب سقوط أو انقضاء الحق، كأن ينتهي هذا الحق بانتهاء أجل الانتفاع ( الأمر الذي يدفع المحافظ إلى أن يحدد تاريخ تقييد هذا الحق بدقة )، أو بموت المنتفع، أو باتحاد الحقوق، أو بتلف الشيء تلفا كليا، أو بتنازل المنتفع عنه أو بسوء وتعسف استعماله للحق.
وبالنسبة للكراء الطويل الأمد أو كراء العقارات التي تفوت مدتها ثلاث سنوات ، فالمحافظ ملزم أيضا بالتحقق من أسباب انقضاء الحق، فله أن يتحقق من أن أجل هذا الحق قد انقضى، أو باتفاق الأطراف قبل انقضاء المدة المحددة … مع الأخذ بعين الاعتبار الفرق بين النوعين، فالأول يدخل في إطار الحقوق العينية، بينما الثاني يدخل في لطار إطار الحقوق الشخصية.
أما فيما يتعلق بحق السطحية، فإن المحافظ يجب أن يتأكد من انقضاء الحق بالتنازل عليه صراحة، أوباتحاد حق الملكية صراحة مع حق السطحية… طبقا لمقتضيات المادة 118 من م ح ع.
الفقرة الثانية: رقابة المحافظ العقاري على التشطيب القضائي
تكون حالة التشطيب القضائي في الحالة التي يرفض الدائن تسليم الإبراء أو القيام بالتشطيب ففي هذه الحالة يجب على المدين الحصول على حكم قضائي حائز لقوة الشيء المقضي به يخوله القيام بالتشطيب بهذا التحمل .
فيتجلى دور المحافظ على الأملاك العقارية هنا، بالتأكد من صحة الأحكام القضائية، وهل حائزة لقوة الشيء المقضي به أم مجرد حائز لحجية الشيء المقضي به، وفي جميع الأحوال يجب أن تتوافر في طلب التشطيب الشروط المنصوص عليها في الفصل 93 من ظ ت ع ويكون هذا الطلب معززا بالوثائق التي تبرر إجراء التشطيب كبيان إبراء أو رفع اليد أو حكم قضائي، فلا نكون مبالغين إذا قلنا أن المحافظ يجب عليه أن يتأكد من البيانات وصحتها التي يحددها طالب التشطيب وهي اسم العقار الذي يتعلق به التشطيب ورقمه، بالإضافة إلى نوع التقييد المطلوب التشطيب عليه، خاصة إذا كان العقار موضوع عدة تقييدات، فضلا عن صحة السبب القانوني المدلى به من إبراء أو عقد أو حكم قضائي.
كما يمكن للمحافظ أن يشطب على حق عيني مقيد لفائدة الدولة إذا تبين بعد ذلك أنها كانت متعسفة في استعمال حقها، وهو ما أكدت عليه محكمة النقض في قرار لها ” تشطيب على الرهن المقيد لفائدة الدولة- توجيه الدعوى ضدها وحدها ليس فيه أي خرق قانوني- إدلاء الطالب بشهادة إدارية من الخزينة العامة لإثبات براءة ذمته من أداء الأقساط المشار إليها بالعقدة المبرمة بينه وبين الدولة ، جدية الطلب وأمر المحافظ بالتشطيب…”
كما يمكن للمحافظ أن يقوم بالتشطيب بكيفية تلقائية وهذه الحالة يمكن استخلاصها من الفصل 86 من الظهير أعلاه، فهو يتمتع بسلطة تقديرية واسعة في قبول التشطيبات من عدمها وذلك تحقيقا للملكية العقارية، فهو يقوم بالتشطيب كلما تبين له صحة طلب التشطيب، ويتخذ قرار رفض التشطيب كلما تبين له أن الطلب غير مستوفي للشروط القانونية أو لا يستند إلى سبب جدي ومشروع.
وخلافا لمقتضيات الفصل 91 من القانون 14.07 يمكن للمحافظ التشطيب على التقييد الاحتياطي في حالة الادلاء بأمر صادر عن رئيس المحكمة الابتدائية بصفته قاضيا للمستعجلات يفيد ذلك.
وفي جميع الحالات التي يرفض فيها التشطيب أن يكون قراره معللا ويبلغه للمعني بالأمر، فإذا لم يقتنع طالب التشطيب بقرار الرفض الصادر من المحافظ، يمكنه أن يتظلم أمام المحافظ العام، أو اللجوء إلى المحكمة الابتدائية قصد الطعن فيه مع الحق في الاستئناف وتكون القرارات الاستئنافية قابلة للطعن بالنقض.
المطلب الثاني: دور المحافظ في التشطيب الاحتياطي وإمكانيته في إدخال تصحيحات على الرسم العقاري
سلف أن عرفنا التقييد الاحتياطي بكونه إجراء مؤقت يقوم به كل من يريد الحفاظ على حق عيني أو حق شخصي قابل لأن يتحول إلى حق عيني، في انتظار استكمال الشروط القانونية للتقييد النهائي بالسجل العقاري أو انتظار صدور حكم قضائي يفصل في النزاع المعروض على المحكمة، وقلنا أن ما تخضع له التقييدات النهائية تخضع لها التقييدات الاحتياطية بما فيها التشطيب، وهو ما أكد عليه الفصل 91 من القانون 14.07، فبديهي أن يلعب المحافظ دورا في التشطيب على التقييدات الاحتياطية (الفقرة الأولى)، وما دام المحافظ على الأملاك العقارية مثله مثل أي إنسان يخطئ ويغفل بعض الأمور، فقد خول له المشرع إمكانية إدخال تصحيحات على الرسم العقاري ( الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: دور المحافظ في التشطيب على التقيدات الاحتياطية
يقصد بالتشطيب محو آثار تقييد نهائي أو تقييد احتياطي… والتشطيب على التقييد الاحتياطي هو إجراء يتولاه المحافظ على الأملاك العقارية، والذي يقوم به إما من تلقاء نفسه وإما استجابة إلى طلب المعني به بعد استصدار حكم نهائي، أو قيام عقد يلغي الحق المعني بالتقييد الإحتياطي .
وبما أن التقييد الاحتياطي بطبعه إجراء مؤقت ينتهي حتما بمرور أجل معين والمحدد في الفصل 86 من ظ ت ع. وهكذا فالمحافظ يشطب على التقييد الاحتياطي تلقائيا في الحالات التالية، وذلك بعد استخلاص الرسوم القانونية بإجراء التشطيب.
 انتهاء مدة صلاحية التقييد الاحتياطي التي هي 10 أيام بالنسبة للتقييد الاحتياطي المتخذ بناء على سند
 انقضاء مدة 3 أشهر بالنسبة للتقييد الاحتياطي المتخذ بمقتضى قرار رئيس المحكمة الابتدائية.
 يشطب على التقييد الاحتياطي تلقائيا بانقضاء مدة شهر بالنسبة للتقييد الاحتياطي بناء على إدلاء الطالب بنسخة من مقال دعوى في الموضوع مرفوعة أمام القضاء.
ويجب أن نشير أنه في حالة رفض المحافظ تقييد قرار أو حكم قضائي، فيمكن مواجهته بغرامة تهديدية. وهو ما قضت به محكمة الاستئناف بالقنيطرة ” الحكم بالغرامة التهديدية في مواجهة المحافظ شخصيا بعد رفضه تنفيذ قرار استئنافي على التقييد الاحتياطي”.
ويتم التشطيب على التقييد الاحتياطي بعد أداء الرسوم القانونية عنه وبطلب من المعني بالأمر، وذلك عند طلب التقييد النهائي للحق موضوع التقييد الاحتياطي خلال مدة صلاحية هذا الأخير، وأيضا عند الاستجابة إلى طلب المستفيد من إجراء التقييد الاحتياطي في حالة حصول تراض بينه وبين خصمه.
وهنا، يكون المحافظ ملزما بالتأكد من صحة عقد الصلح وذلك بإدلاء المستفيد بوثيقة تفيد التعبير الصريح عن التشطيب موقعة من طرفه شخصيا، وبالتالي يقوم بدور أساسي في تحقيق الملكية العقارية في التشطيب على التقيدات الاحتياطية التي استدعت الضرورة ذلك.
الفقرة الثانية: إمكانية المحافظ إدخال تصحيحات على الرسم العقاري
مما لا ريب فيه أن كل إنسان غير معصوم من الخطأ – مهما كانت منزلته ورفعته- والإغفال، والمحافظ العقاري بدوره قد يقع في ذلك نظرا لتعدد الاختصاصات المنوطة به خاصة في التقيدات والتشطيبات، ومن أجل ذلك فقد خول له المشرع وسيلة لتدارك هذه الأخطاء والإغفالات استنادا للفصل 29 من القرار الوزيري المؤرخ في 3 يونيو 1915 المتعلق بتفاصيل تطبيق نظام التحفيظ العقاري إمكانية إصلاح وتصحيح ما شاب الرسم العقاري من أخطاء وإغفالات، وذلك إما تلقائيا أو بناء على طلب من الأطراف.
فعندما يلاحظ المحافظ أي خطأ أو إغفال أو إخلال في البيانات المقيدة يجب عليه أن يعمل على تصحيحها وذلك بالاستناد إلى الوثائق والخرائط والتصاميم الهندسية يتضمنها ملف التسجيل.
ونشير بأن هذا التصحيح لا يتعلق إلا بالاغفالات أو الأخطاء التي تقع من جانب المحافظ أثناء تقييد البيانات أما الأخطاء التي توجد في العقود والمستندات فليس من اختصاص المحافظ تصحيحها، بل إنه ينقل البيانات كما هي واردة فيها، مادام يجهل حقيقة الأمر وخاصة ما يتعلق بهوية المفوت إليه والتي يتم التحقق منها من طرف إحدى السلطات المختصة .
وعلى سبيل المثال لا الحصر الأخطاء أو الاغفالات التي يقع المحافظ فيها والتي يعمل على تصحيحها نجد؛ تقييد اسم المستفيد بكيفية خاطئة، أو كأن يقع خطأ في تعيين مساحة العقار خلافا لما هو مثبت في رسم الإراثة … فهذه الأخطاء يجوز تصحيحها استنادا للوثائق التي تثبت الأصل.
وفي هذا المجال فإن الأخطاء التي تمس جوهر الحق فلا سبيل إلى تصحيحها لدى المحافظ على الأملاك العقارية بناءا على طلب بسيط، بل يتعين على الأطراف اللجوء إلى المحكمة المختصة للنظر في الموضوع أو إجراء اتفاق جديد يهدف إلى القيام بتعديل أو تصحيح التقييد القائم، ولا ينبغي التوسع في استعمال مفهوم الأخطاء المادية حتى لا يتخذ ذريعة لتغيير ما هو مضمن في الرسم العقاري، فتصحيح الأخطاء المادية يجب أن تكون ما يبرره واللجوء إليه هو الاستثناء لا ينبغي التوسع فيه أو القياس عليه .
وعليه تبليغ التصريحات عند الاقتضاء للمعنيين بالأمر عند اتخاذ كل تصحيح يتم بالرسم العقاري، فينقل نفس التصريح إلى نظير الرسم العقاري حتى تكون هناك مطابقة ومماثلة بين الرسم ونظيره، وفي جميع الحالات تبقى التصريحات الأولى على حالها وتسجل التصريحات بتاريخ إنجازها.
وفي توجه آخر أكد الفصل 30 من القرار الوزيري أعلاه، أنه ” إذا رفض المحافظ القيام بالتصريحات المطالب بها أو لم يقبل الأطراف التصريحات المنجزة، فإن المحكمة تبت في الأمر بحكم تصدره بغرفة المشورة ”
يلاحظ من خلال هذا الفصل أن المشرع سمح للأطراف الطعن في قرار المحافظ الرافض لإجراء التصحيحات التي يطلبونها منه، أو في قراره الذي ألحق ضررا بهم.
وبالتالي فالمحافظ يساهم في تحقيق الملكية العقارية عندما يعمل على تصحيح هذه الإغفالات والأخطاء التي من شأنها أن تمس بالرسم العقاري، وإن كان الفصل 29 أعلاه يشكل استثناء من أصل نهائية قرار التحفيظ.

 

خاتمة:
صفوة القول، يتضح بشكل واضح وجلي من خلال هذه الدراسة أن المحافظ على الأملاك العقارية يقوم بدور هام ومركزي في تحقيق الملكية العقارية وفقا لمستجدات القانون رقم 14.07، وهي سلطات شاسعة إذا ما قورنت بسلطة القضاء – باعتبار سلطات القضاء في قضايا أخرى غير التحفيظ العقاري واسعة وغير محدودة إلا في حدود ضيقة – في هذا المجال.
وفي سبيل توضيح الدور الذي يقوم به المحافظ العقاري حاولنا أن نحيط بمختلف الجوانب الأساسية التي تهم دوره في مسطرة التحفيظ العقاري، ومقارنة ما هو نظري بما هو عملي، وذلك من خلال مختلف الدوريات الموجهة للسادة المحافظين، ومختلف الأحكام والقرارات المنشورة منها وغير المنشورة والحديثة منها والقديمة، وقد انصبت هذه الدراسة على تقييم النصوص القانونية التي تهم هذا الموضوع، بحيث لاحظنا وجود مجموعة من الثغرات التي تعتري النصوص المنظمة لدور المحافظ في تحقيق الملكية العقارية.
لذلك نأمل أن يتم أخذ مجموعة من المقترحات والتوصيات بعين الاعتبار عند تعديل القانون 14.07، وجعل هذه النصوص التي يراهن المشرع المغربي على تحديثها بشكل يجعلها تتناسب مع التطور الاقتصادي والاجتماعي.
فنطمح أن يتم وضع فصل واضح يقر بإلزام طالب التحفيظ بتقديم الحجج والوثائق المدعمة لطلبه، وإقرار مسؤولية المحافظ الشخصية بخصوص مراقبة صحة الوثائق المدلى بها شكلا وجوهرا، وذلك حسما للتوجهات الفقهية المتعلقة بذلك، بالإضافة إلى جعل كل قرارات المحافظ العقاري خاضعة للرقابة القضائية تماشيا مع مقتضيات الفصل 118 من الدستور المغربي.
زيادة على، الحد من التداخل بين اختصاصات المحافظ والسلطة القضائية وتوسيع اختصاصات هذه الاخيرة للبت في التعرض بشكل شمولي، ونزع مهمة استخلاص الوجيبة و الرسوم القضائية من المحافظ ومنحها للقضاء التي تعد حقا طبيعيا لهذا الأخير، ولما لا خلق قضاء عقاري متخصص على غرار تجربة المحاكم الادارية والتجارية – التي أعطت مفعولها – لأنه كفيل بتحقيق السرعة في البث في القضايا المتعلقة بالعقار.
علاوة على، إحداث معاهد وتنظيم دورات تكوينية متعددة لفائدة المحافظين العقاريين لتكوينهم ليكونوا أكثر إلماما بمختلف النصوص القانونية المنظمة للعقار، من أجل ربط ما هو نظري بما هو عملي.
وعموما، فالمحافظ العقاري يعد بحق محرك التحفيظ العقاري في التشريع المغربي، إلا أنه إذا أردنا أن يقوم بدوره على أكمل وجه، ينبغي مراعاة المقترحات السالفة الذكر في التعديل المزمع إحداثه.
وعلى الرغم من هذا الدور الجبار الذي يقوم به المحافظ العقاري إلى أنه تبقى ظاهرة الاستيلاء على أملاك الغير ظاهرة متفشية في الأونة الأخيرة، الأمر الذي أوجب التصدي له بكل الوسائل، خاصة بعد الرسالة السامية لجلالة الملك محمد السادس في 30 دجنبر 2016، الموجهة إلى وزير العدل والحريات، الذي يحثه فيها بضرورة تشكيل لجنة للعمل على مجابهة هذه الظاهرة، الأمر الذي يجعلنا نتساءل عن أسباب هذه الظاهرة؟ وماذا عن الحلول والمقترحات التي اتخذتها اللجنة المكلفة بهذا الأمر في سبيل محاربة هذه الظاهرة الي تشكل مساسا بحقوق الأفراد ولا سيما حق الملكية المحمي دستوريا؟.

 

هذا، وما كان من توفيق فمن الله
والحمد لله رب العالمين.

 

لائحة المراجع المعتمدة في البحث:

المراجع العامة والخاصة:
1. محمد بن أحمد أبو نبات، نظام التحفيظ العقاري في المغرب تونس والجزائر، سلسلة آفاق القانون رقم 18 سنة 2009، مطبعة والوراقة الوطنية.
2. إدريس الفاخوري، نظام التحفيظ العقاري وفق مستجدات القانون 14.07، دار نشر المعرفة، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، طبعة 2015.
3. إدريس الفاخوري، الحقوق العينية وفق القانون رقم 39.08، مطبعة المعارف الجديدة، دار نشر المعرفة، الرباط، طبعة 2013.
4. بوجمعة زفو، أثر نظام التحفيظ على تداول الملكية العقارية مقاربة قانونية عملية على ضوء قانوني 14:07 و39.08، الطبعة الأولى، 2013.
5. عمر أزوكار،التحفيظ العقاري في ضوء التشريع العقاري وقضاء محكمة النقض، منشورات دار القضاء بالمغرب، (بدون طبعة).
6. الدكتور محمد خيري قضايا التحفيظ العقاري في التشريع المغربي المساطر الإدارية و القضائية، بدون طبعة، دار نشر المعرفة.
7. محمد بوعزاية، الضمانات القانونية في الحقوق العقارية الجزء الأول في التقييد الاحتياطي، الأحمدية للنشر،(بدون طبعة).
8. ادريس السماحي: “القانون المدني” الحقوق العينية ونظام التحفيظ العقاري” الطبعة الأولى 2003.
9. محمد خيري، حماية الملكية العقارية ونظام التحفيظ العقاري بالمغرب، مطبعة المعارف الجديدة بالرباط، الطبعة 2001.
10. ذ. عبد الكريم الطالب، الشرح العملي لقانون المسطرة المدنية دراسة في ضوء مستجدات مسودة مشروع 2015، الطبعة الثامنة، يوليوز 2016، مكتبة المعرفة مراكش.
11. محمد محبوبي، أساسيات في نظام التحفيظ العقاري والحقوق العينية العقارية وفق المستجدات التشريعية للقانون رقم 14.07 والقانون رقم 39.08، طبعة 2014، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط.
12. سعاد بن عشو، حجية التسجل وفق نظام التحفيظ العقاري المغربي، المطبعة والورقة الوطنية، الطبعة الأولى 1997.
الرسائل والأطروحات:
الأطروحات:
1. الحسن عبد العظيم تدخل القضاء في ميدان التحفيظ العقاري، أطروحة في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الرباط، السنة الجامعية2011-2011.
2. عبد العالي الدقوقي، الإلغاء والتشطيب في التشريع العقاري المغربي، رسالة لنيل الدكتوراه في الحقوق فرع القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث في القانون المدني، جامعة محمد الخامس كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، أكدال، الربط، السنة الجامعية 2001-2002.
3. وردة غزال، دور الاجتهاد القضائي في مسطرة التحفيظ العقاري، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث لنيل الدكتوراه في قانون العقود والعقار، جامعة محمد الأول كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية وجدة، السنة الجامعية 2010-2011.
الرسائل:
4. إبراهيم يحضيه، الاشكالات العملية في مسطرة التحفيظ الادارية، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص جامعة القاضي عياض كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش، السنة الجامعية 2015-2016.
5. سعاد بن جنى، مدى مساهمة الاجتهاد القضائي في تطوير نظام التحفيظ العقاري، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، وحدة قانون العقود والعقار، جامعة محمد الأول كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية وجدة، السنة الجامعية 2004-2005.

مقالات وأبحاث:
1. محمد الهيني ، تأملات بشأن عدم دستورية بعض تعديلات ظهير التحفيظ العقاري، سلسلة فقه القضاء العقاري، العدد الثاني، 2015.
2. الحسن أولياس، مدى مساهمة اجتهاد محكمة النقض في ترسيخ مبادئ العدل والانصاف من خلال النزاعات المرتبطة بالتحفيظ العقاري، باحث في العلوم القانونية والادارية، مجلة منازعات الاعمال العدد 22 مارس 2017،ص19.
3. أخويا هشامي المحمدي، الطعن في قرارات المحافظ على الملكية العقارية بعد احداث المحاكم الإدارية، مجلة الإشعاع،عدد27 غشت 2003، ص 90.
4. الزهرة البختي، دور المحافظ العقاري عند إيداع مطلب التحفيظ، حاصلة على ماستر الدراسات العقارية، طنجة، مقال منشور بالموقع الالكتروني marocdaroit.com، تاريخ النشر الاثنين 20 فبراير 2017.تم زيارته في 25 فبراير 2017.
5. محمد الهيني، تقيم لنظام الطعن في قرارات المحافظ العقاري بين القضاء العادي والقضاء الاداري على ضوء مستجدات قانون التحفيظ العقاري ،سلسلة فقه القضاء العقاري، العدد الثاني، الطبعة الأولى2015، ص41.
6. العقاوي عبد العالي، الطعون الموجهة ضد قرارات المحافظ المتعلقة بالتحفيظ والتعرضات، مجلة الفقه والقانون ، العدد24، أكتوبر 2014،ص161.
7. فاطمة الحروف، دور المحافظ بشأن التعرضات على مطلب التحفيظ، مجلة القانون والاقتصاد، عدد 19، السنة 2002 ،ص54 و55.
8. أحمد السكسيوي، التحفيظ العقاري بين العمل القضائي وسلطة المحافظ، سلسلة فقه القضاء العقاري، العدد الأول، 2014، ص 186.
9. الأستاذ عبد الحليم عد، مستجدات التقييد على الرسم العقاري وفق مقتضيات القانون 14.07، سلسلة فقه القضاء العقاري العدد الثاني، الطبعة الأولى 2015 ص 273.
10. الدكتور العربي محمد مياد، مستجدات التقييد الاحتياطي على ضوء القانون 14.07 المغير والمتمم لقانون التحفيظ، سلسلة فقه القضاء العقاري العدد الاول 2014. ص 25.
11. الاستاذ ادريس المصلح، الفعالية القانونية لمؤسسة التقييد الاحتياطي وانعكاسها على الاستثمار في ظل مستجدات ظهير التحفيظ العقاري كما عدل وتمم بقانون 14.07، سلسلة فقه القضاء العقاري، العدد الثاني، 2015، ص 65.
12. ايت احمد ياسين، رقابة المحافظ على الوثائق المدعمة للتقيدات والتشطيبات على ضوء مستجدات القانون 14.07. سلسلة فقه القضاء العقاري، العدد الأول، 2014،ص147.

المنهجية المعتمدة في البحث:

مقدمة :
الفصل الأول: دور المحافظ في تحقيق الملكية قبل تأسيس الرسم العقاري
المبحث الأول: دور المحافظ عند إيداع مطلب التحفيظ والتعرضات
المطلب الأول: دور المحافظ عند ايداع مطلب التحفيظ
الفقرة الأولى: تسلم المحافظ لمطلب التحفيظ ورقابته لحجج طالب التحفيظ
الفقرة الثانية: دور المحافظ خلال مرحلة الاشهار والتحديد
المطلب الثاني: دور المحافظ بشأن التعرضات
الفقرة الأولى : دور المحافظ في تلقي التعرضات
الفقرة الثانية: سلطات المحافظ العقاري بشأن التعرضات
المبحث الثاني : تنفيذ الأحكام الباتة في التعرضات وإنشاء الرسم العقاري
المطلب الأول: تنفيذ الأحكام الباتة في التعرضات
الفقرة الأولى: دور المحافظ في تنفيذ الأحكام القضائية
الفقرة الثانية :صعوبة تنفيذ الأحكام الباتة في التعرضات من قبل المحافظ
المطلب الثاني : اتخاذ المحافظ قرار التحفيظ وتأسيس الرسم العقاري
الفقرة الأولى : اتخاذ المحافظ قرار التحفيظ
الفقرة الثانية : تأسيس الرسم من طرف المحافظ
الفصل الثاني: دور المحافظ في تحقيق الملكية بعد تأسيس الرسم العقاري
المبحث الأول: دور المحافظ في التقييدات
المطلب الأول: أعمال المحافظ في التقييدات النهائية
الفقرة الأولى : رقابة المحافظ على المستندات المدعمة للتقييد
الفقرة الثانية : رفض التقييد من طرف المحافظ
المطلب الثاني: دور المحافظ في التقيدات الاحتياطية
الفقرة الأولى: رقابة المحافظ على السند وعلى مقال الدعوى
الفقرةالثانية: رقابة المحافظ على الأمر الصادر عن رئيس المحكمة الابتدائية
المبحث الثاني: دور المحافظ العقاري في التشطيبات
المطلب الأول: رقابة المحافظ لطلب التشطيب على الحقوق العينية
الفقرة الأولى: رقابة المحافظ على العقود المدعمة لطلب التشطيب
الفقرة الثانية: رقابة المحافظ العقاري على التشطيب القضائي
المطلب الثاني: التشطيب على التقييد الاحتياطي وإمكانيته في إدخال تصحيحات على الرسم العقاري
الفقرة الأولى: دور المحافظ في التشطيب على التقيدات الاحتياطية
الفقرة الثانية: إمكانية المحافظ إدخال تصحيحات على الرسم العقاري
خاتمة:
الملحق
لائحة المراجع

 

 

 

 

قد يعجبك ايضا