دور الشرطة القضائية في مرحلة البحث التمهيدي، بحث لنيل شهادة الإجازة

مقدمة:
يبقى قانون المسطرة الجنائية من هم القوانين التي لها ارتباط وطيد بحماية الحقوق و الحريات المتعلقة بالأفراد و الجماعات داخل المجتمع، و منه فإن موضوع قانون المسطرة الجنائية حظي باهتمام كبير من لدن الفقهاء و المهتمين بالشأن الحقوقي.
و إذا كان المشرع المغربي بخلاف بعض التشريعات المقارنة لم يعرف قانون المسطرة الجنائية، فإن الفقه المغربي في هذا الإطار قدم مجموعة من التعاريف على اعتبار أن الأمر يدخل ضمن اختصاصه.
حيث عرف الأستاذ عياض المسطرة الجنائية بأنها: مجموعة من القواعد و الحقوق الشكلية التي تم بتحديد و تنظيم مختلف السلطات الجنائية و تبين السبل التي يتحتم إتباعها أمامها.
كما عرف الفقيه أحمد الخمليشي هذا القانون بأنه مجموعة من القواعد و الضوابط القانونية و الشكلية التي تم وضع هل التنظيم و توضيح كل الإجراءات الخاصة للوقاية من الجريمة و استثبات الأمن و الأمان.
و هكذا يمكن القول أن موضوع قانون المسطرة الجنائية ينظم مجموعة من الإجراءات الخاصة بالبحث و التثبت من وقوع الجريمة و ضبط مرتكبيها و جمع الأدلة و إقامة الدعوى العمومية و إجراءات المحاكمة و ما يترتب عنها من طرق الطعن و التنفيذ، و رد الاعتبار و الصفو.
و من هذه التعاريف المومأ إليها أعلاه، فإن موضوع هذا القانون يمر بمجموعة من المراحل. يمكن إجمالها فيما يلي:
مرحلة البحث التمهيدي:
– مرحلة التحقيق الإعدادي.
– إجراءات المحاكمة و العقاب.
و لعل أهم هذه العوامل مرحلة البحث التمهيدي حيث يقم الاهتمام في إطارها بعملية التثبت من وقوع الجرائم و ما يقتضيه ذلك من وجوب البحث عن مرتكبيها و جمع الأدلة التي من الممكن أن تسند إليهم. و بالتالي في تلك التحريات التي تنجو قبل التحقيق و المحكمة. لجمع الأدلة عن كل وقائع الجريمة و ضبطها، و البحث عن الأشخاص المشبوه في نسبة الجريمة إليهم، تنجزه أساسا الشرطة القضائية.
و عليه فهو وسيلة مفيدة في كشف معالم الحقيقة سواد بالنسبة للنيابة العامة أو للمحكمة، و البحث التمهيدي هو مرحلة قبل القضائية، لأنهلا تسبق مرحلتي التحقيق و المحاكمة، و تنجز من لدن جهاز مستقل عن القضاء، يتمثل في جهاز الشرطة القضائية، و يقوم بالبحث التمهيدي ضباط الشرطة القضائية، إما بتعليمات من النيابة العامة أو تلقائيا.
و ما من شك في أن الشرطة القضائية كجهاز مهيأ بالأساس بمساعدة القضاء الجنائي . يكتسي أهميته الأولى في كونه يشمن بقواعد المسطرة الجنائية قدرتها الحقيقية و الفعلية على الاشتغال سواء تعلق بمعاينة الجرائم و جمع الأدلة أو ضبط مرتكبيها أو انحصر فقط في تأمين فرص الاشتغال بالميدان لكل من النيابة العامة و قضاء التحقيق. بل إن أهمية تبرز أكثر و يتقون الاقتناع بها عندما يندر إلى الجريمة المرتكبة كمساس بأهم مقومات الحياة المجتمعية – المن و الاستقرار – و ليس فقط كملف معروض على القضاء الجنائي من أحجل الحسم فيه بالإدانة أو البراءة .
مع ذلك و بالرغم من الإقرار المبدئي لهذه الأهمية يصعب التنكر لهيمنة الصفة الإدارية على الجهاز المذكور. بحيث و مهما اجتهدنا في الاعتراف له ببسط يده على المرحلة الأولى الممهدة لتدخل السلطة القضائية يبقى واجب إخضاعه لمراقبة هذه الأخيرة أمرا ضروريا بل و حتميا في بعض الأحيان خصوصا عندما يتعلق الأمر بالنيابة العامة التي يتوخى منها قانون المسطرة الجنائية أن تلعب دور المحرك للآلة الزجرية أوجب لتحقيق ذلك أن تحاط علما بالجرائم المرتكبة في الدائرة القضائية التابعة لنطاق اختصاصها.
و عليه فمن بين ما جاء في ديباجة القانون الجديد للمسطرة الجنائية المغربي تقوية مراقبة القضاء لأعمال الشرطة القضائية حيث أصبح متعينا على وكيل جلالة الملك معاينة أماكن الوضع تحت الحراسة النظرية مرة كل أسبوع، و هو ما تراه متعذرا في حكم المستحيل للتحقيق من شرعية الاعتقال و ظروفه.
غير أن بمقتضى التعديل الذي عرفه قانون المسطرة الجنائية قانون 22.01 كما تم تعديله و تغييره بمقتضى قانون 35.11 صادر في أكتوبر 2011 حيث نصت الفقرة 5 من المادة 45 أنه يتعين عليه أن تقوم بزيارة هذه الأماكن في أي وقت شاء و متى دعت الضرورة إلى ذلك دون أن تقل هذه الزيارة عن مرتين في الشهر و عليه أيضا مراقبة سجل الحراسة النظرية.
كما أصبحت النيابة العامة ملزمة بتقييم أداء ضباط الشرطة القضائية و تنقيطهم و هذا ما سيمكن رؤساؤهم الإداريين من التعرف بكيفية منظمة على مؤهلاتهم و قدراتهم و مجهوداتهم في مجال الشرطة القضائية مع المحافظة على صلاحيات الغرفة الجنحية لدى محكمة الاستئناف كسلطة تأديبية بالنسبة لضباط الشرطة القضائية.
و انطلاقا مما سق فإن مرحلة البحث التمهيدي تعتبر مرحلة سابقة على إجراءات الخصومة الجنائية . يقوم جهاز مستقل عن القضاء ممثلا في جهاز الشرطة القضائية.
و تجدر الإشارة إلى أن إجراءات البحث التمهيدي تختلف بحسب ما إذا تعلق الأمر بالبحث التمهيدي العادي أو التلبسي و إن كانت غاية البحث واحدة و هي إعداد ملف سواء تعلق الأمر بالحالة الأولى أو الثانية. إلا أن الأمر يختلف من ناحية الاختصاصات، حيث لضباط الشرطة القضائية صلاحيات واسعة إذا تعلق الأمر بالبحث التمهيدي التلبسي.
إلا انه عندما نتحدث عن جهاز الشرطة القضائية و صلاحياته في إطار البحث التمهيدي (العادي أو التلبسي) فهذا لا يعني أن جميع أعضاء هذا الجهاز معهود عليهم بالقيام بهذا البحث على اعتبار أن المشرع حض بالذكر من لهم الصلاحية للقيام بذلك و ذلك ما جاء في مقتضيات المواد من 19-20-21 و ما بعدهم. كما سيأتي لاحقا. حيث ميز المشرع في هذا الإطار بين الضباط الساميين للشرطة القضائية المنتمين لأعضاء السلك القضائي و الضباط الشرطة القضائية العاديين و المكلفين بالأحداث و استثناء يعهد للقيام بهذه المهام إلى بعض الموظفين و الأعوان المكلفين بمهام الشرطة القضائية في جرائم (خاصة) خاصة.
و كما كانت هذه المرحلة لها من الأهمية في الكشف عن معالم الحقيقة سواء بالنسبة للنيابة العامة أو المحكمة، حيث يعتمد في هذه المرحلة على السرية الكاملة، كما أنها مرحلة لا يتم التقيد فيها بالشكليات المفروضة في مرحلتي التحقيق و المحاكمة. و هو ما يؤدي إلى الحساس بحقوق المشبوه فيه و إن كانت هذه المرحلة لا يتم في إطارها إلا استثناء المساس بحقوق و حريات المشبوه فيه، حيث أن المشرع خول ضباط الشرطة القضائية (مكانة) مكنة يتمثل في إجراءات الحراسة النظرية. و هي من أهم الإجراءات المخولة لضباط الشرطة القضائية و اضطرها لأنها تمس بحقوق الفرد حريته ، حيث يجوز لضباط الشرطة القضائية أن يضع المشبوه تحت الحراسة من أجل البحث التمهيدي الذي يقوم به سواء لغلق الأمر التلبس و الحالة كما أخضع هذا الإجراء لمجموعة من الشروط و الضوابط واجبة الاحترام طائلة المساءلة التأديبية أو الجنائية.
و عليه يستشف مما سبق أن الصلاحيات المخولة لجهاز الشرطة القضائية في إطار البحث التمهيدي لها مزايا و عيوب.
فمن مزاياها: أنها وسيلة مفيدة في الكشف معالم الحقيقة بالنسبة للنيابة و المحكمة.
أما عيوب البحث التمهيدي: فتظهر هذه الأخيرة في عدم خضوع الباحث فيه الإجراءات قانونية محددة تضمن حقوق المشوه فيه و تقيه التعسف و الشطط إضافة إلى انتماء القائمين بهذا البحث إلى سلطة مستقلة غير قضائية يمنحهم حرية واسعة في العمل و يجعل رقابة قضائية على تصرفاتهم ذات أثر محدود.
و الواقع أن دور الشرطة القضائية في إطار البحث التمهيدي يتصدر أهمية، حيث يتجلى للعيان أهمية الموضوع، إن على المستوى النظري أو على مستوى الجانب التطبيقي، الأمر الذي شغفنا رغبة في محاولة البحث في موضوع دور الشرطة القضائية في إطار البحث التمهيدي العادي منه و التلبسي، و الذي ارتأينا تحديد الإشكالية المحورية في:
دور الشرطة القضائية، في إطار البحث التمهيدي و مدى نجاعة هذا الدور؟
هذا ما سوف نتناوله من خلال التصميم التالي:
الفصل الأول: بنية و جهاز الشرطة القضائية و صلاحياتهم خلال البحث التمهيدي العادي
الفصل الثاني: البحث التمهيدي بمناسبة التلبسي و مسؤولية ضباط الشرطة القضائية.

 الفصل الأول: بنية و جهاز الشرطة القضائية و صلاحياتهم خلال البحث التمهيدي العادي
إن دراسة الشرطة القضائية باعتبارها السلطة المكلفة بالبحث التمهيدي تقتضي تعريفها و تحديد طبيعتها ثم التعرض إلى أصنافها المختلفة و كذلك أعمالها و ما يترتب على ذلك من مسؤوليات.

البحث التمهيدي: تمهيد الفصل الأول:
يقصد بالبحث التمهيدي مرحلة التثبت من وقوع الجريمة و جمع الأدلة عنها و البحث عن مرتكبها و هي المرحلة التي تسبق التحقيق و المحاكمة.
و للبحث التمهيدي مزايا و عيوب:
فمن مزاياه أنه يساعده كثيرا على الوصول إلى الحقيقة لأن الجهاز الذي يقوم به يتوفر على الإمكانية النية و المادية التي تسهل له القيام بمهمته، بالإضافة إلى أن قيام نفس الجهاز بمهام الشرطة الإدارية يجعله يتوفر على المعلومات الكافية بأصناف كثيرة من المجرمين، الأمر الذي يمكنه من الاهتداء بسهولة إلى مرتكب الجريمة موضوع البحث، كما أن إجراءات البحث التمهيدي تنجز فور العلم بارتكاب الجريمة بالسرعة التي يراها الباحث ضرورية و لا تقيده في ذلك الشكليات المفروضة في مرحلتي التحقيق و المحاكمة، و كل هذا يجعل من البحث التمهيدي وسيلة مفيدة جدا في كشف الحقيقة سواء بالنسبة للنيابة العامة أو للمحكمة.
أما عيوب البحث التمهيدي فتظهر في عدم خضوع الباحث فيه الإجراءات قانونية محددة حقوق المشبوه فيه، و تقيه التعسف و الشطط زيادة إلى أن انتماء القائمين بهذا البحث إلى سلطة مستقلة غير قضائية و قد أسند القانون مهمة البحث التمهيدي إلى الشرطة القضائية، حيث نصت المادة 15.م.ج و المادة 80 ” يقوم بالبحث التمهيدي ضباط الشرطة القضائية…”

طبيعة البحث التمهيدي:
إن البحث التمهيدي يساعد العدالة الجنائية في إظهار الحقيقة نظرا لكون الجهات التي تتولى القيام به تتوفر على تكوين خاص و خبرة و كفاءة عالية. و كذلك نظرا إلى توفرها على مجموعة من الإمكانيات البشرية المادية و اللوجيستيكية المرصدة لها بهدف تحقيق السرعة في التحرك و جمع المعلومات في زمن قياسي.
إن قانون المسطرة الجنائية ….. التحقيق الإعدادي باعتباره مرحلة قضائية يشرف عليها قاضي التحقيق و …. البحث التمهيدي الذي تقوم به الشرطة القضائية بوصفه مرحلة بوليسية محضة.
و سندرس في هذا الفصل بنية جهاز الشرطة القضائية بمختلف أصنافها و تميز هذا الجهاز عن جهاز آخر يتمثل في الشرطة الإدارية قبل أن نتطرق إلى تعريف الشرطة القضائية.

المبحث الأول: بنية جهاز الشرطة القضائية و تعريفها
و بالرجوع إلى المادة 19 من قانون المسطرة الجنائية جاء فيها ما يلي: ” تظم الشرطة القضائية إلى الوكيل العام للملك و وكيل الملك و نوابهما و قاضي التحقيق بوصفهم ضباط الشرطة القضاية..”
و بالتالي فهناك أربعة أصناف أو طوائف للشرطة القضائية ينتمون إلى أجهزة مختلفة، و هي على الشكل التالي:
أولا: ضباط الشرطة القضائية.
ثانيا: ضباط الشرطة القضائية المكلفون بالأحداث.
ثالثا: أعوان الشرطة القضائية
رابعا: الموظفون و الأعوان الذين ينيط بهم القانون بعض مهام الشرطة القضائية و بالتالي فإن هذه الأصناف الأربعة من الفئات هي التي تساهم في إنجاز البحث التمهيدي.

 أولا: الضباط السامون للشرطة القضائية.
و مما لا يختلف عن البيان الفقرة الثانية من المادة 19 اقتصرت على ذلك ضباط الشرطة القضائية السامين و هم:
– الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف و نوابه.
– وكيل الملك و نوابه أمام المحاكم الابتدائية (بما فيها المحكمة العسكرية)
– قضاة التحقيق سوى لدى المحكمة الابتدائية او الاستئنافية.
و ترتيبا على التحديد أعلاه للضباط السامين للشرطة القضائية نؤكد القول على ذلك أي تحديدهم قد أتى على سبيل الحصر في القانون بحيث لا يمكن تخويل هذه الصفة لأي كان إلا بناء على قانون يصدر من الجهة المخولة لها ذلك و هي البرلمان (الفصل 46 من الدستور المغربي) باعتباره المؤهل في الحالات العادية بالتشريع في قانون المسطرة الجنائية و من ثمة فلا يعتبر مثلا المدير العام للأمن الوطني في المغرب و لا ولاة الأمن في الولايات ضباطا سامين للشرطة القضائية و إنما هم ضباط عاديون فقط مادام القانون لم يخولهم و بنص صريح هذه الصفة، بل إن الوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى و نوابه (المحامون العامون) لا يعدون ضباطا سامين للشرطة القضائية بسبب أن النص القانوني المخول لهذه الصفة لم يأت على ذكرهم صراحة .
و في الغالب نجد في حدود الملاحظة السابقة و اعتمادا على المواد 17 و 18 40 و 45و 49 و 71 و 78 من القانون المتعلق بالمسطرة الجنائية يمكن القول بأن مهمة القيام بمهمة البحث التمهيدي (عاديا كان أو التلبس) هو بيد الشرطة القضائية السامين سواء قاموا به بأنفسهم او بواسطة رجال الشرطة القضائية الذين غالبا ما يتولون مهام البحث التمهيدي بناءا على الأوامر و التعليمات التي يتلقونها من الضباط السامين للشرطة القضائية، حيث يقول “ أحمد الخمليشي” بالنسبة للقيام بأعمال البحث التمهيدي مباشرة يجب التمييز بين حالة التلبس و الحالة العادية.
حالة التلبس : بالرجوع إلى مقتضيات المادة 73 فإن وصول وكيل الملك أو الوكيل العام للملك إلى مكان الجريمة يرفع يد ضابط الشرطة القضائية عنها.
و يقوم حينذاك وكيل الملك أو ( الوكيل العام للملك) بجميع أعمال الشرطة القضائية المنصوص عليها في هذا الباب.
كما يمكن أيضا أن يقوم بتكليف او أن يأمر أيا من ضباط الشرطة القضائية بمتابعة العمليات، و تنص المادة 77 أنه ” إذا حضر قاضي التحقيق في عين المكان فإن وكيل الملك وضباط الشرطة القضائية يتخلون على النازلة بموجب القانون .و بالتالي بمقتضى هذين النصين يكون وكيل الملك و الوكيل العام للملك أو قاضي التحقيق – حسب الأحوال – هو وحده المختص بالقيام بالبحث التمهيدي في حالة حضوره إلى مكان ارتكاب الجريمة (جناية او جنحة) متلبس بها، و على ضابط الشرطة القضائية الذي يكون قد بدأ البحث التمهيدي أن يوفه حالا. كما يتوجب عليه أن يسلم نتائج تحرياته إلى الضابط السامي، إلى حضر إلى عين المكان كما أن حضور الوكيل العام للملك و قاضي التحقيق يكون الاختصاص لهذا الأخير.
الحالة العادية: لم يتعرض القانون بنص صريح لقيام الضباط السامين للشرطة القضائية بالبحث التمهيدي، إذا كانت الجريمة موضوع البحث غير متلبس بها، و يبدو أن الأمر يقتضي التفريق بين أعضاء النيابة العامة و بين قاضي التحقيق.
فبالنسبة لوكيل الملك و الوكيل العام للملك و نوابهما يمكن لهم القيام بالبحث التمهيدي بصفتهم ضباط سامين للشرطة القضائية استنادا إلى الفقرتين الثانية و الثالثة من المادة 38 اللتين جاء فيهما:” إن وكيل الملك … يباشر بنفسه أو بأمر مباشرة الإجراءات اللازمة للبحث عن مرتكبي المخالفات للقانون الجنائي و متابعتهم” رفع الإجراءات إلى هيئات التحقيق أو إلى هيئات الحكم المختصة للنظر فيها. أو يقتصر على تركها بموجب مقرر قابل دائما للإلغاء
أنما بالنسبة لقاضي التحقيق فلا تخوله صفة الضابط السامي للشرطة القضائية القيام بالبحث التمهيدي في غير التلبس، فالبحث التمهيدي من جهة يقوم به ضباط الشرطة القضائية (م 80) و من جهة ثانية خولت النيابة العامة سلطة الإشراف و تسيير أعمال البحث التمهيدي.

 ثانيا: ضباط الشرطة القضائية
قبل الحديث عن ضباط الشرطة القضائية نرى أن الكتاب و شراح المسطرة عموما ينعتونهم بضباط الشرطة العاديين تمييزا لهم عن الضباط السامين للشرطة القضائية .
و قبل الحديث عن التعداد الحصري للشرطة القضائية – ضباط – الذي جاء به المشرع في القانون بالمسطرة حيث جاء بهم على سبيل الحصر طبقا للمادة 20. تمت الإشارة إليهم من طرف الأستاذة لطيفة الداودي كالتالي: يحمل صفة ضابط الشرطة القضائية طبقا لمقتضيات المادة 20 من (ق.م.ج)
1- المدير العام للأمن الوطني و ولاة الأمن و المراقبون العامون للشرطة و عمداء الشرطة و ضباطها.
2- ضباط الدرك الملكي و ذوو الرتب و كذا الدركيون الذين يتولون قيادة فرقة او مراكز الدرك الملكي طيلة مدة هذه القيادة.
3- الباشوات و القواد.
كذلك أضاف التعديل الجديد لقانون المسطرة الجنائية قانون رقم 11-35 الصادر في 17 أكتوبر 2011 صنفا لضباط الشرطة القضائية في الفقرة الخامسة من المادة 20 من ق.م.ج و هم.

رابعا: المدير العام لإدارة مراقبة التراب الوطني و ولاة الأمن و المراقبون العامون للشرطة و عمداء الشرطة و ضباطها بهذه الإدارة فيها.
فيما يخص الجرائم المنصوص عليها في المادة 108 من هذا القانون.
و بالتالي يمكن تحويل صفة ضابط للشرطة القضائية:
– لمفتش الشرطة التابعين للأمن الوطني من قضى على الأقل ثلاث سنوات بهذه الصفة بقرار مشترك صادر من وزير العدل و وزير الداخلية.
– للدركيين الذين قضوا على الأقل ثلاث سنوات من الخدمة بالدرك الملكي و عينوا رسميا بقرار مشترك من وزير العدل و السلطة الحكومية المكلفة بالدفاع الوطني.
و تضيف المادة 21 (ق.م.ج)
يباشر ضباط الشرطة القضائية السلطات المحددة في المادة 18 يتلقون الشكايات و الوشايات، و يجرون الأبحاث التمهيدية طبقا للشروط المنصوص عليها في الباب الثاني من القسم الثاني من الكتاب الآتي بعده.
يمارسون السلطات المخولة لهم بمقتضى الباب الأول من القسم الثاني من كتاب الأول الآتي بعده بحالة التلبس بجنحة أو بجناية.
و يتيقن عليهم الاستعانة بمترجم، إذا كان الشخص المستمع إليه يتحدث لغة أو لهجة لا يحسنها ضباط الشرطة القضائية أو يستعينون بكل شخص يحسن التخطاب مع المعني بالأمر لذا كان أهم أو أبكم و يشار إلى هوية المترجم أو الشخص المستعان به بالمحض و يمضي عليه.
و يحق لهم أن يلتمسوا مباشرة مساعدة القوة العمومية لتنفيذ مهامهم.
1- و قد عرفت إجراءات البحث التمهيدي و التقصي عن الجرائم في مراحلها التمهيدية مجموعة من التغييرات و التعديلات اختلفت المواقف حيالها بين الترحيب و الانتقاد، حيث جاء المشروع الجديد لقانون المسطرة الجنائية بجملة من المقتضيات الجديدة طالت مؤسسة الشرطة القضائية، وقف منظور حاول توخي الحذر في التعاطي مع هذا الجهاز الذي يتعاظم دوره في ظل النمو المتسارع.
– مراعاة ضوابط الوضع تحت الحراسة النظرية من خلال جعلها تدبيرا استثنائيا لا يمكن اللجوء إليه إلا إذا تعلق الأمر بجناية أو جنحة معاقب عليها بالحبس و تبين أنه ضروري لواحد أو أكثر من الأسباب الآتية:
– الحفاظ على الأدلة و الحيلولة دون تغيير معالم الجريمة.
– القيام التحريات و الأبحاث التي تستلزم حضور أو مشاركة المشتبه فيه رهن إشارة العدالة و الحيلولة دون قراره، الحيلولة دون ممارسة أي ضغط على الشهود أو الضحايا أو أسرهم أو أقاربهم.
– منع المشتبه فيه من التواطؤ مع الأشخاص المساهمين أو المشاركين في الجريمة.
– حماية المشتبه فيه.
– وضع حد للاضطراب الذي أحدثه الفعل الإجرامي (الجرمي) بسبب خطورته أو ظروف ارتكابه او الوسيلة التي استعملت في ارتكابه أو أهمية الضرر الناتج عنه، أو بالنظر لخطورة المشتبه فيه.
– التسجيل السمعي البصري للأشخاص في مرحلة استجوابهم و الموضوعين تحت الحراسة النظرية و إرفاق المحضر بنسخة من التسجيل توضع في ملف مختوم كوسيلة من وسائل الإثبات تخضع لاقتناع القاضي الصميم.
و بالتالي فهؤلاء الضباط يقومون بإعمال البحث التمهيدي بنوعيه العادي و التلبسي، على اعتبار أن هذا الإجراء يعد اختصاصهم الأصيل .

 ثالثا: ضباط الشرطة القضائية المكلفة بالأحداث.
هذا الصنف يتشابه مع ضباط الشرطة القضائية من حيث الأشخاص الذين يحملون هذه الصفة، و كذا من حيث الاختصاص بحيث أنهم يختصون بالقيام بأعمال البحث التمهيدي بنوعيه المادي و التلبسي في الجنايات و الجنح التي يقوم بها الأحداث و يكمن الاختلاف بين الصنفين في كون هذا الأخير يختص بالأحداث.
و الملاحظ أن قانون المسطرة الجنائية الملغى (ظهير 10/2/1959) و عن هو أفرد كتاب (هو الكتاب الثالث) للقواعد المتعلقة بالأحداث من الفصل 514 إلى 567 منه. و ذلك بكونه ابتدأها بالمقتضيات التمهيدية في الفرع الأول إلى … فيها من الرشد فجعله في 16 سنة (من 514 إلى 518) و حدد في الفرع الثاني هيآت التحقيق و هيآت الحكم الخاصة بالمجرمين الأحداث
(الفصل من 519 إلى 549) و بعد ذلك تعرض في الفرع الثالث إلى الحرية المحروسة (الفصول من 550 إلى 553) ثم عرج إلى الفرع الرابع ليتعرض إلى إمكانية تغيير تدابير المراقبة و الحماية و إعادة النظر (الفصول 554 إلى 560)، و أخيرا تناول في الفرع الخامس إلى ما يتعلق بتنفيذ الأحكام الفصول (561 إلى 565) و في الأخير (مسألة حماية الأطفال الضحايا من جنايات و جنح (الفصول 566 إلى 567) فإن أغفل تخصيص شرطة قضائية خاصة بالأحداث و هو أمر الذي تلافاه القانون الجديد للمسطرة الجنائية. و الذي استحدث في المادة 19 منه صنفا من ضباط الشرطة القضائية يكون ملما أكثر من غير بشؤون الأحداث.
و في الأخير تجدر الإشارة إلى أن الشرطة القضائية المكلفة بالأحداث ليست لها مواصفات في القانون تحدد شروطا في أفرادها…. لها، و إن ذلك عائد للثقافة و التكوين و الاهتمام بمجال الأحداث التي تكون لهذا الضابط دون غيره من أقرانه و التي بناءا عليها يقع تكليفه بالأحداث حيث يمارس و الحالة هذه مهامه تحت إشراف و سلطة النيابة العامة كما هي واردة في الكتاب الثالث المعنون بالقواعد الخاصة بالأحداث.

رابعا: أعوان السلطة القضائية.
جاء في المادة 25 من قانون المسطرة الجنائية أن أعوان الشرطة القضائية هم كالتالي:
1- موظفو المصالح العامة للشرطة.
2- الدركيون الذين ليست لهم صفة ضابط شرطة قضائي.
3- خلفاء السامون و القواد.
و كما هو واضح فإن رجال هذا الصنف مثلهم مثل صنف الضباط العاديين قد يكونون منتمين إما إلى السلطة المحلية و إما إلى الإدارة العامة للأمن الوطني، و إما إلى الدرك الملكي.
كما حددت المادة 26 من نفس القانون اختصاصات هذه الفئة حيث تنص على أنه :” تناط بأعوان الشرطة القضائية المهام التالية:
– مساعدة ضباط الشرطة القضائية في مباشرة مهامهم.
– إخبار رؤسائهم المباشرين بجميع الجرائم إلى تبليغ إلى علمهم.
– جمع كل المعلومات المؤدية إلى العثور على مرتكبيها وفقا لأوامر رؤسائهم و نظام الهيأة التي ينتمون إليها.
و هذا الصنف لا يقوم بإجراءات البحث التمهيدي و إنما يقوم فقط بمساعدة ضابط الشرطة القضائية.
هؤلاء الأعوزان لا يمكنهم القيام بالتفتيش، و إعداد المحاضر و إنما يقومون بإعداد تقرير لرئيسهم.
في حالة إعداد أحد الأعوان معتذرا فإنه يساءل (جنائيا) انتحال صفة ضابط شرطة قضائية.
– كما تجدر الإشارة إلى أن عون الشرطة القضائية لا تدخل في مهمته توقيع الحراسة النظرية على المشبوه فيه و لا تفتيش المنازل و الاستجواب و لا تحرير محاضر البحث التمهيدي و عموما القيام بأي إجراء من إجراءات البحث التمهيدي، و هو أن فعل اعتبر الإجراء باطلا. بيد أن القانون جعل من مهامه مد يد العون لضابط الشرطة القضائية الذي ينجز إجراءات البحث التمهيدي.
و بالتالي فإنه عون الشرطة القضائية يتحمل عواقب و تبعات تجاوز حدوده.

خامسا: الموظفون و الأعوان المكلفون ببعض مهام الشرطة القضائية
تستند المادة 27 من قانون المسطرة الجنائية على ما يلي:
يمارس موظفو و أعوان الإدارات و المرافق العمومية الذين تستند إليهم مهام الشرطة القضائية بموجب نصوص خاصة بهذه المهام حسب الشروط و ضمن الحدود المبينة في هذه النصوص.
و هؤلاء لا يمارسون أعمال الشرطة القضائية في حدود النصوص التي تخولهم هذه الصفة فهي تعين الجرائم التي يقومون فيها بالبحث التمهيدي و الصلاحيات التي يتمتعون بها لإنجاز هذا البحث. و قد نصت المادة 32 من ق.م.ج على أن موظفي و أعوان الإدارات و المصالح العمومية الذين تسند إليهم بموجب نصوص خصوصية بعض سلطات الشرطة القضائية يمارسون هذه السلطة حسب الشروط و ضمن الحدود المبينة في هذه النصوص.
كما تفرض المسطرة الجنائية من هؤلاء الموظفين و الأعوان لمهندسي و مأموري المياه و الغابات و للعامل (8) و أحالة في المادة 32 على النصوص الأخرى التي تخول صفة الشرطة القضائية للفئات التي تتضمنها تلك النصوص.
أ- النصوص الواردة في قانون المسطرة الجنائية
لم يعد الأمر يتعلق حاليا سوى بالعامل و الوالي الذين يملان الجهاز التنفيذي على مستوى العمالة أو الإقليم الذين حولا صفة ضابط الشرطة القضائية، بمقتضى المادة 28 من (ق.م.ج.) التي تنص على أنه ” يجوز للوالي أو للعامل في حالة الاستعجال عند ارتكاب جرائم تمس أمن الدولة الداخلي او الخارجي، أن يقوم شخصيا بالإجراءات الضرورية للتثبت من ارتكاب الجرائم المبينة أعلاه أو أن يأمر كتاب ضابط الشرطة القضائية المختصين بالقيام بذلك ما لم يخير بإحالة القضية إلى السلطة القضائية.
و بالتالي يجب على الوالي في حالة استعماله لهذا الحق أن يخبر بذلك فورا ممثل النيابة العامة لدى المحكمة المختصة، و أن يتخلى له على القضية خلال الأربع و العشرين ساعة الموالية للشروع في العمليات و يوجه إليه جميع الوثائق و يقدم له جميع الأشخاص الذين ألقي عليهم القبض.
كما يجب على ضابط الشرطة القضائية تلقي أمرا بالتسخير من الوالي أو العامل عملا بالمقتضيات أعلاه، و على كل موظف بلغ إليه أمر القيام يحجز عملا بنفس المقتضيات، أن يمتثل لتلك الأوامر و أن يخبر بذلك فورا ممثل النيابة العامة المشار إليه في الفقرة السابقة.
ز في حين ما إذا تبين للنيابة العامة أن القضية من اختصاص المحكمة العسكرية، فإنها توجه الوثائق إلى السلطة الحكومية المكلفة بالدفاع و تأمر فورا عند الانقضاء بتقديم الأشخاص الملقى عليهم القبض إلى السلطة المختصة و هم في حالة اعتقال تحت الحراسة.
إن تأمل النص المؤطر لوضعية الوالي او العامل الضابط للشرطة القضائية يفيد ما يأتي:
1- الوالي او العامل للعمالة أو الإقليم لا يخول القيام بمهام الشرطة القضائية إلا في حالة استثنائية جدا بالتحديد في الجنايات و الجنح الماسة بسلامة الدولة المغربية المنصوص عليها في الفصول 163 و ما بعده لغاية الفصل 218 من مجموعة من القانون الجنائي دون غيرها من الجرائم (كالإرهابية أو الماسة بالموال او الأشخاص، و التي لا تعتبر في القانون المغربي جرائم ماسة بسلامة الدولة المغربية)
2- نجد العامل أو الولي بصفته ضابط للشرطة القضائية يتدخل في مسيرة البحث التمهيدي. كما له طابع استثنائي جدا لأن النص يربط تحويلهما هذه المهمة يتوفر حالة الاستعجال في القضية و بعدم علمه و إحاطة بأن السلطات القضائية قد وضعت يدها عليها باعتبارها المرجع الأصلي لذلك، و بمفهوم المخالفة يعين أن العامل و الوالي لا يجوز لهما ممارسة صلاحية الشرطة القضائية و إنجاز البحث التمهيدي.
3- تثبت صفة ضابط الشرطة القضائية للوالي أو العامل، و تمكنه من البحث في جرائم المس بأمن الدولة من جهة الداخل او الخارج بدون تقييد في الزمن. و ذلك من بعد الأربع و العشرين ساعة من الشروع في تحرياته، و عموما عملياته و بالتالي ينبغي له التخلي عن العملية.
ب- النصوص الواردة في غير قانون المسطرة الجنائية
و هذه النصوص كلها تقررت قبل صدور القانون الحالي المتعلق بالمسطرة الجنائية الذي أجاز بقاءها ضمنيا عندما لم يرد إلغاؤها او تعديلها و هي في كافة الأحوال ليست سوى تطبيق للمبدأ العام الذي قال به المشرع في المادة 27 من قانون المسطرة القاضية بتكليف بعض الموظفين و الأعوان في نطاق خاصة بالبحث عن الجرائم و مرتكبيها و التي هي – أي النصوص الخاصة مرشحة للازدياد في تطبيقاتها بدون خلاف – بسبب الأساس الذي قامت عليه، و الذي هو ربط البحث في جرائم لها طابع او خصوصيات معينة برجال (موظفون و أعوان) يكونون أقرب ما يكون للتعامل معهاّ، و أكثر فهما لعوامل تولدها ظروف ارتكابها مما يترجح معه – في نفس الوقت – تحقيق الفاعلية المؤلمة في تطبيق القانون الجنائي في مجالات معينة و خصوصية و في الغالب تكون تقنية يكون أهلها أكثر دراية من غيرهم.
و في الغالب يتضح لنا من خلال الصلاحيات التي خولها القانون لضباط الشرطة القضائية و ما ارتبط بهم من سلطات قد عمى بصريات الأشخاص الذين تباشر معهم الإجراءات المسطرية الواردة في القانون وحده الذي ينبغي أن يعقدها صراحة لمن وجده أكفأ لذلك و أهلا للثقة و في نص تشريعي صريح تتحدد فيه هذه الصفة و الصلاحيات و لا يترك ذلك للاعتماد على المبادئ العامة و الاجتهاد في سبيل إضفاء المشروعية على عمل أي موظف أو فرقة من الموظفين يكلفون بالقيام بالبحث التمهيدي في قضية من القضايا طالما أن القانون لم يعقد لهذا الموظف أو لهذه الفرقة من الموظفين و بنص صريح و واضح وارد في القانون القيام بذلك.

 المطلب الأول: التمييز بين الشرطة القضائية و الإدارية.
في ظل غياب تعريف (قانوني) لكل من الشرطتين الإدارية و القضائية، يستعان به في التمييز بينهما نجد أغلب السراح و هم في سبيل تقريب فكرة التمييز بينهما، يتخذ من معيار (ضابط) طبيعة العمل الذي تقوم به كل واحدة منهما فيصلا لذلك.
و بالتالي فمهمة الشرطة الإدارية تتمثل في الحفاظ على السلامة العامة، بما توفره من الهدوء و الطمأنينة و تعزيز المحافظة على الصحة للجميع، و لذلك فهي في محاولتها تحقيق ما سبق قد تتلاقى في الهدف على ما تتوخاه الشرطة القضائية حينما يكونان معا يحاربان الظاهرة الإجرامية و مع ذلك فإن مهمة الشرطة الإدارية في محاربة الظاهرة الإجرامية تكون وقائية قبل حدوث الجريمة و بصرف النظر عن حصولها و ذلك لمنع وقوعها ابتداءا، او على الأقل التقليل منها ما أمكن ذلك، و ليس بعد وقوعها من ذلك مثلا تحقيق رجالها من هوية الأشخاص أيا كانوا مواطنين او أجانب و تتبع المشكوك فيهم و بث الأعين حولهم إضافة إلى ذلك تنظيم حملات فجائية لبعض الأماكن التي يخشى وقوع الجريمة فيها، كالحانات و المنتزهات العامة أو الغابات البعيدة نسبيا عن العمران، و حضور التجمعات التي يكون الحضور بها مكثفا و غفيرا كالمسيرات و التظاهرات كيفما كان نوعها. و تنظيم حركة السير في المدن و القرى من قبيل الشرطة و الدرك. و لا أعتقد أن أحد قد يحاول في أن مجرد وجود رجال الشرطة او الدرك في الطرق السيارة او مفترقاتها مثلا عندما لا يؤثر على عدد حوادث السير التي كان من الممكن أن تقع لو لم يتواجد رجال الأمن عليها و قس على ذلك ما يخلفه مجرد وجود رجال المن (المعزز بشرط التدخل السريع و قوات مساعدة، و قس على ذلك أيضا ما يقع في الملاعب الرياضية.
أما بخصوص الشرطة القضائية فيكون تدخلها بعد وقوع الجريمة و خرق القانون الجنائي (هي بعد فشل الوظيفة الوقائية التي تأتيها الشرطة الإدارية لمنع الجريمة) من خلال معاينتها لكل المخالفات للقانون الجنائي النافذ و إنجازها لأبحاث تتحرى فيها عن ظروف وقوع الجريمة و البحث عن مرتكبيها و جمع الحجج و الأدلة. – و المحافظة عليها – التي تستند لها لفاعليها و تحرير محاضر بذلك تضعها رهن إشارة النيابة العامة لتكمل مسيرة الخصومة الجنائية بغية اقتضاء حق الدولة في الجزاء إن رأت ذلك ملائما.
و تناول الفقهاء و الباحثون مهام الشرطة القضائية بالمقارنة مع الشرطة الإدارية و اختلفوا في الرأي.
فمنهم من انطلق من الفصل 18 من قانون المسطرة الجنائية ليبين أن مهام الشرطة القضائية تبدأ بعد ارتكاب الجريمة أو على الأكثر أثناء ظهور أفعال يحتمل أنها إجرامية و اعتبروا أن ما قبل الجريمة يعتبر من اختصاص الشرطة الإدارية . و هذا الرأي يتماشى مع ظاهر الفصل 18 المذكور الذي ينص على أن دور الشرطة القضائية هو التثبت  ( constatstion) من وقوع الجريمة و لا ينص على البحث عن الجرائم، كما جاء مثلا في الفصل 21 من قانون الإجراءات المصرية – الجنائية – الذي ينص على أن مأمور الضبط القضائي يقوم بالبحث من الجرائم، و مرتكبيها و جميع الاستدلالات التي تلزم في التحقيق في الدعوى .
أما الفصل 14 من قانون المسطرة الجنائية الفرنسي فقد جاء بنفس الصياغة التي ورد بها النص المغربي.
و يرى بعض الفقهاء أن مهمة الشرطة الإدارية تتجه أساسا إلى المحافظة على النظام العام، و ذلك باتخاذ بعض التنظيمات المتعلقة بأنشطة الخاص و أنه بإمكان الشرطة الإدارية التدخل لزجر المخالفين لهذه النصوص، و هذا يقتضي بالطبع حسب هذا الرأي، تدخل الشرطة الإدارية بعد ارتكاب الجرائم و يرون بالمقابل أن مهمة الشرطة القضائية لها طابع زجري بالأساس، إلا أنها تتدخل في بعض الحيان للقيام بمهام الوقاية من الجرائم و يرون أن هذا العمل الوقائي هو جزء إضافي من المهمة العامة المنوطة بالشرطة القضائية .
كما يرى أصحاب هذا الرأي انه يناط كذلك بالشرطة القضائية مهمة البحث عن الجرائم .
و اخذ بعين الاعتبار لكل ما سبق في تقريب مهمة كل من الشرطتين القضائية (التي تظهر بعد وقوع الجريمة) و الإدارية (التي تتجسد قبل وقوع الجريمة) و أمام عدم انفراد أية واحدة منهما بجهاز مستقل بأشخاص عن الآخر فلا غضاضة و الحالة هذه القبول بأن يقوم الشخص الواحد بمهمة الشرطة القضائية و الإدارية في نفس الوقت خصوصا و أن الواقع عندنا يعضد قبول فكرة الوحدة في الأشخاص القائمين بالشرطتين الإدارية و القضائية معا في نفس الوقت. فالجميع صار لديه مألوفا أن يتواجد الأمن أو الدرك على الطرق و مفترقاتها لمراقبة حركة السير و الجولان و مراقبة العربات (و هي أعمال للشرطة الإدارية) حتى إذا خالف أحدهم ضوابط السير او ما ينبغي توفره في العربة من شروط السلامة … حرر محضرا بذلك (و هو عمل من أعمال الشرطة القضائية) فهذا المثال على بساطته يسهل إلى حد كبير أمر التمييز بين الحالة التي يمارس فيها الشخص الواحد مهمة الشرطة القضائية او الإدارية باتخاذ الإطار القانوني الذي يحكم هذه المهمة فيصلا لذلك فيخضع و الحالة هذه من أنجزها او هو في سبيل إنجازها من حيث المراقبة و الإشراف و التسيير إلى رؤسائه الأعلين حسب قاعدة التسلسل الإداري أن كانت المهمة التي كان يقوم بها تتصف بصيغة إدارية و إلى إشراف النيابة العامة ( المادة 445 من قانون المسطرة المدنية الجديدة و 20 من ظ التنظيم القضائي) و مراقبتها (المادتان 49 من ق.م.ج و الفصل 18 من ظهير لتحفيظ ت) التي تسمح لها بإثارة المسطرة 29 إلى 35 من ق.م.ج) إن كانت المهمة التي كان يقوم بها لها صفة ضبطية بأن كانت في مجال البحث عن الجرائم و التثبت منها و ضبط مرتكبيها بغية تقديمهم للعدالة.
و مما لا يختلف عن البيانـ، يرى الأستاذ محمد أمين بن عبد الله وجود علاقة قرابة بين الشرطتين و وجود قاسم مشترك بينهما من النظام العام. إلا أن موضوعهما مختلف .
الواقع أن مهام الشرطة القضائية تختلف تمام عن مهام الشرطة الإدارية . باستثناء بعض الحالات الغامضة أو التي وقوع فيها نوع من الخلط نعتقد انه ناتج عن عدم الربط و التنسيق بين النصوص أثناء وضعها.
حيث قام بتعريف الشرطة الإدارية بكونها عبارة عن مراقبة إدارة الأشخاص في الزمان و المكان. فهي عين الإدارة تشبه تلك الشاشة الصغيرة التي تعمل على مراقبة الزبناء في المتاجر الكبيرة، تحاول الحيلولة دون ارتكاب الجرائم و خرق القوانين. و بالتالي تساعد على استثبات الأمن و الطمأنينة و الحفاظ على النظام دون أن تكون لها الصلاحية للتدخل بعد ارتكاب الجريمة، اللهم إذا تعلق الأمر بمواصلتها لمهمتها الوقائية ضد جرائم أخرى. على أنه بمحجر أي عمل مخالف للقانون و معاقب عليه بمقتضاه او الامتناع عن القيام بعمل على وجه القانون فإن الشرطة الإدارية ترفع يدها لعدم الاختصاص و تترك المجال للشرطة القضائية للقيام بوظيفتها الرامية إلى القيام باللازم قصد إحالة القضية على القضاء.
بيد أن الشرطة القضائية فهي جهاز يعمل تحت مراقبة القضاء على البحث عن الجرائم، و التثبت منها، و جميع الأدلة عنها، و البحث عن مرتكبيها و تضمين كل الإجراءات التي تقوم بها طبقا للقانون في محضر تحيله على العدالة لاتخاذ قرارها فيه .
حقيقة قد يبدو بعض الخلط بسبب مزاولة بعض الموظفين في نفس الوقت، مهام الشرطتين القضائية و الإدارية، غير أن هذا الخلط يتبدد إذا علمنا أن نفس الشخص يعتبر في نفس الوقت رجلا من رجال الشرطة القضائية و رجل من رجال الشرطة الإدارية، و كأن شخصين مستقلين يقوم كل واحد منهما بمهامه في دائرة اختصاصه.
فإذا أخذنا مثلا دركيا او مفتش شرطة، و لنفترض أن لهما صفة ضابط الشرطة القضائية طبقا للقانون. و أنهما يقومان بحراسة سفارة، او ثكنة عسكرية، أو يقومان بالحفاظ على الأمن أو التأكد من احترام بعض القوانين الخاصة كتلك المتعلقة ببيع المشروبات الكحولية أو بالصيد او القنص او بوضعية الأجانب أو بالشغل أو بالصرف او يعمل الأسلحة إلى آخره… فهذا العمل يدخل في إطار الشرطة الإدارية. و لا دخل للشرطة القضائية او للسلطة القضائية فيه، رغم ان الشخص الذي يقوم بهذا العمل له صفة ضابط أو عون الشرطة القضائية. كما أن هذه الصفة غير ضرورية للقيام بمهام الشرطة الإدارية.
غير أنه بمجرد التثبت من وقوع الجريمة، أو معاينتها أو محاولة وقوعها في الحالات التي يعاقب فيها القانون على المحاولة فإن شخصية رجل الشرطة الإدارية تدوب بسبب عجزها و عدم اختصاصها في مواصلة الإجراءات و هذا إذا كان الموظف الذي يقوم بمهام الشرطة الإدارية مؤهلا لمزاولة مهام الشرطة القضائية، فإنه يأخذ بزمام الأمر، و يستمر في عمله بوصفه ضابطا للشرطة او عونا للشرطة القضائية.

المطلب الثاني: تعريف الشرطة القضائية .
لم يعرف قانون المسطرة الجنائية الشرطة القضائية، و إنما اكتفى بالتعرض إلى أهميتها و الأعمال التي تقوم بها في الفصل 18 من ق.م.ج. و هي التثبت من وقوع الجرائم، و جمع الأدلة عنها و البحث عن مرتكبيها، تقوم بتنفيذ أوامر و إنابات قضاء التحقيق و النيابة العامة و في هذا السياق نص الفصل 128 من دستور المملكة الجديد ( تعمل الشرطة القضائية تحت سلطة قضاء النيابة العامة و قضاء التحقيق في كل ما يتعلق بالأبحاث و التحريات والضرورية بخصوص الجرائم و ضبط مرتكبيها و لإثبات الحقيقة.
و قبل التطرق إلى أهمية الشرطة القضائية، لا بأس من الوقوف وقفة تأمل أمام نشأة هذه الأخيرة.
لقد تم إحداث جهاز الشرطة القضائية بالمغرب سنة 1956 و ذلك بمقتضى ظهير 15-56-1 و تنقسم الشرطة إلى نوعين حسب طبيعة المهام التي تقوم بها، فأما النوع الأول يتعلق بالشرطة الإدارية حيث تتولى مهام الضبط الإداري، و يقصد بهذا الأخير مجموعة من القواعد التي تفرضها الدول على الأفراد بغية تنظيم حرياتهم العامة، أو بمناسبة ممارستهم لنشاط معين بهدف المحافظة على النظام العام.
أما الشرطة القضائية فتبتدئ مهمتها مباشرة بعد وقوع الجريمة او الفعل الإجرامي، و هي هيأة مساعدة للجهاز القضائي.
و بخصوص أهمية الشرطة القضائية فهي ترجع إلى طبيعة أعمالها التي تساعد العدالة الجنائية. نتيجة للمجهودات التي تقوم بها أثناء مرحلة البحث التمهيدي، و ما تتطلبه من تسخير وسائل البحث سواء كانت تقنية او علمية من أجل التصدي للجريمة بشتى أنواعها.
و إذا كان قانون المسطرة الجنائية قد أعطى لهذا الجهاز وصف الشرطة القضائية في معرض الحديث عن مهامها و أصنافها، فإن بعض رجال القانون درجوا على تسميتها بالضابطة القضائية، باعتبارها وصفا شاملا يسري على كل شخص يحمل ضابط للشرطة القضائية غير أنه مع ذلك تبقى الشرطة القضائية من منظر آخر مصلحة قائمة بذاتها تنتمي إلى المصالح الخارجية للإدارة العامة للأمن الوطني تشرف عليها مديرية الشرطة القضائية.
هذا و قد خول المشرع ممارسة الشرطة القضائية لبعض الموظفين و الأعوان الذين ينتمون لبعض المصالح و الإدارات في حدود جد ضيقة و تعمل وفقا للقوانين و مدونات خاصة. و من بين المستجدات التشريعية التي سنها قانون 1/35 إمكانية إنشاء فرق وطنية و جهوية للشرطة القضائية بمقتضى قرار مشترك لوزير العدل و السلطة الحكومية المشرفة إداريا على الفرقة مع إمكانية إنشاء فرق مشتركة تنتمي لجهات إدارية مختلفة يرأسها ضابط الشرطة القضائية تعينه النيابة العامة المختصة.

المبحث الثاني: صلاحيات الشرطة القضائية خلال البحث التمهيدي
البحث التمهيدي في الحالة العادية هو مجموع من الأبحاث و التحريات و الأعمال لتي تباشرها الشرطة القضائية في غير حالات التلبس، و قد تناول المشرع المغربي في قانون المسطرة الجنائية، وفق آخر التعديلات لقانون 35.11 هذا النوع من البحث في المواد 78 إلى 82 ، و يعتبر هذا البحث إطارا مستحدثا، حيث أنه في المرحلة السابقة لم يكن يعتمد كمرجع إلا على حالة التلبس و الإنابة القضائية. تجب الإشارة على أنه في حالة البحث التمهيدي في الأحوال العادية تتقلص السلطات المخولة لضباط الشرطة القضائية، ذلك أن الكثير من السلطات التي يستعملونها بمبادرة تلقائية في إطار التلبس يتعذر عليهم استعمالها في نطاق البحث التمهيدي مع ضرورة الالتزام بشكليات أكثر صرامة.
و بالرجوع إلى تاريخ البحث التمهيدي العادي نجد أن استحداثه قد ثم عبر اجتهاد شرطي تواتر به العمل حتى قرره القانون الفرنسي و أخذ به القانون المغربي في قانون المسطرة جنائية.
إلا انه لا يجب الفهم أن قلة النصوص التي خصصها المشرع للبحث التمهيدي العادي تقلل من أهميته، لب ينعته اغلب الشراح بأنه البحث التمهيدي المقترن بحالة التلبس و أن العمل الذي يحكم عمل الضابطة القضائية فيهما واحد، أي أنهما تتخذ لتكون في المطاف ملف متكامل و شامل أمام النيابة العامة من أجل تمكينها من إعمال سلطتها .
و كذلك لا يعتبر الشخص الذي يتم إجراء معه التحقيق خلال البحث التمهيدي العادي متهما بارتكاب الجريمة موضوع البحث و حتى و لو توافرت ضده، أدلة تذل عن انه هو مرتكب الجريمة و حتى و لو ضبطته الشرطة القضائية متلبسا بالجريمة لا يمكنها توجيه الاتهام له، لأن سلطة الاتهام خولها المشرع للسلطة القضائية المتمثلة في كل من النسابة العامة و سلطة تحقيق) إذن فالشرطة القضائية يقتصر دورها في البحث عن الأدلة و جمعها و إحالتها للسلطة القضائية و ذلك من أجل تسهيل عليها أعمال التحقيق الذي تباشره السلطة القضائية من بعد توصلها بالأبحاث و الأدلة من قبل الضابطة القضائية.
لذلك فالشخص الذي يتم إجراء معه البحث التمهيدي يعتبر مجرد مشبوه فيه و ليس مجرما و لو قام بدوره بالاعتراف و بالجريمة على أنه ارتكبها بنفسه.
و هذه الإجراءات التي تقوم بها الشرطة القضائية لا تمس بشخصية الفرد و الحساس بحريته أو حرمته، و هذا ما يجعل أعمال الشرطة القضائية تختلف عن أعمال السلطة القضائية خلال مرحلة التحقيق القضائي، فإنها تؤثر بعد توجيه الاتهام إلى شخص الذي تجري معه التحقيق على حريته و شخصيته بحيث أنها تعتبره مرتكبا للجريمة موضوع التحقيق، و …. يعتبر … قانونا، و خير مثال على المساس بحرية الشخص عندما يمتنع عن الحضور لإجراء التحقيق معه، في هذه الحالة يرغم عن طريق القوة العمومية للحضور و ذلك بعد إصدار المر بإلقاء القبض عليه و باعتقاله إلى غير ذلك عن إجراءات التحقيق.
و قد أحاط المشرع المغربي بين قانون المسطرة الجنائية وفق آخر التعديلات 35.11 لضباط الشرطة القضائية مهام و صلاحيات مهمة خلال البحث التمهيدي العادي، إلا أنه وجب التميز خلال هذه المرحلة بين دور الشرطة القضائية و دور الشرطة الإدارية خلال هذه المرحلة فدور هذه الأخيرة هي الحفاظ على الأمن العام و السهر على الصحة العامة و هذا الاختصاص المخول للشرطة الإدارية يخول لها أحيانا التقرب من أعمال الشرطة القضائية و ذلك عندما يكون عملها متصلا بالجريمة و الإجرام الذين تحملها فيهما الشرطة القضائية حيث أنه يتمثل هذا الدور عندما تقوم بالدور الوقائي تفاديا لوقوع أي جريمة و ذلك كالتحقيق في هوية الأشخاص و الأجانب و التجول في الأماكن العمومية و الأحياء و التحقيق مع الأشخاص ذوي السوابق العدلية، و الدخول إلى الحانات و حضور التجمعات كما في حالة قيام مظاهرات أو أعمال الشغب.
أما بخصوص الشركة القضائية فقد ألزمها المشرع بشكليات يجب القيام بها أثناء اكتشاف الجريمة، و يقوم بها ضابط الشرطة القضائية تلقائيا أو بناء على أمر النيابة العامة.
و عليه فإلى جانب الاختصاصات السالفة الذكر التي تقوم بها الشركة القضائية خلال البحث التمهيدي العادي (المتمثلة في جمع الأدلة و البحث عن مرتكبيها و إحالته إلى الشرطة القضائية) تقوم بمهام أخرى تلقائيا المتمثلة في كل من تلقي الشكايات و الوشايات و إعداد محاضر البحث إما بأمر من النيابة العامة أو تلقائيا و تقوم كذلك باستدعاء و استجواب المشبوه فيه و الاستماع إلى الشهود و كذلك القيام بالتحريات.

المطلب الأول: تلقي الشكايات و الوشايات
إذا كان المشرع المغربي قد كلف العدالة الجنائية، بمهمة محاربة الجريمة و القضاء على الفساد داخل المجتمع، فإن هذه المهمة التي أناطها المشرع تستلزم الإحاطة بكل الجرائم التي تمس القانون الجنائي حتى يتسنى لها القيام بواجبها و هذا هو الذي لا يتحقق في كثير من الأحوال، إلا في حالة التلبس بالجرائم التي تكتشفها أجهزة العدالة الجنائية خصوصا الضابطة القضائية ب….. كل من ساهم و شارك في ارتكاب الجريمة.
و إنما يحدث في غالب الأحيان، أن يخبر بارتكاب هذه الجرائم التي تمس بالأشخاص التي يعلمها عن طريق الغير و إما عن طريق المتضرر شخصيا، و ذلك في صورة شكاوى أو عن طريق الوشايات و التي أعطى القانون صلاحية تلقيها لضباط الشرطة القضائية بمختلف درجاتهم و سنتطرق إلى كل من الوشاية و الشكاية التي تتم بواسطة تبليغ عن الجريمة المرتكبة.

الفقرة الأولى: الشكايات
الشكاية هي الوسيلة التي من خلالها يتم توصيل الأشخاص المعتدى عليهم الخبر بالجريمة التي تم اقترافها في حقهم إلى أجهزة العدالة الجنائية، و ذلك راغبين باقتضاء لهم من المعتدين. الحقوق التي يحميها القانون، فالذي يتم الاعتداء عليه عن طريق العنف أو أي اعتداء آخر، فأول ما قد يقوم به هو الاشتكاء عليه إلى الضابطة القضائية بأنواعها المختلفة النيابة العامة، الضباط العاديون، الشرطة القضائية لتنطلق في حقه التحريات.
و كما هو معروف فالشكاية لم يحدد لها القانون شكلا خاصا و على ذلك يمكن أن تتم بتصريح المتضرر من الجريمة أي المعني بها عموما، إما قولا أو شفويا أمام ضابط الشرطة القضائية الذي يعهد إليه تدوينها بمحضر تلقي الشكايات و يوقع عليها المصرح، و إما كتابة كأن تأتي في خطاب برسالة او برقية إلى غير ذلك من وسائل التبليغ .
و في كلتا الحالتين يتعين على المشتكي أن يبين هويته الكاملة و ذلك عن طريق ذكر اسمه الشخصي و العائلي و عنوانه لتبليغه في حالة التوصل إلى جديد في القضية، و كذلك هوية المشتكى به أو من يعتقد انه هو مرتكب الجريمة، أما في الحالة التي لا يكون معلوما لديه مرتكبيها و لا يشك في أحد فإنه يصرح بأن الفاعل مجهول.
منا يقع عليه أن يبيت الظروف التي وقعت فيها الجريمة بكل من المكان و الساعة و أدوات ارتكابها و كذلك الظروف التي لابستها حتى يتيسر أمام الشرطة القضائية للوصول إلى النتائج التي تقودها إلى مرتكب الجريمة.
و يجب على الشرطة القضائية في حالة تلقي الشكايات عن أطراف مجهولي الهوية، أن تقوم بالاحتياط في إجراءات البحث التي يباشرها لأنه قد يكون الغرض من تقديم هذه الشكايات هي مجرد الانتقام او التفشي من الموشى به، و في هذا الصدد وجب ذكر منشور الصادر عن وزير العدل و الحريات بتاريخ 9 فبراير 2005 بشأن الشكايات و الوشايات الكاذبة و التي تكون الغاية منها هي الإيقاع و المساس بحرية الأفراد، و قد أوجب على ضرورة دراسة الشكايات و الوشايات قبل القيام بالأبحاث و التحريات الأولية لتأكد من حديثها.
إلا أنه في بعض الحالات لا يتم التبليغ عن الجرائم التي تمس بحرية الأشخاص و شرفهم، و ذلك راجع إلى العديد من الأسباب إما خوفا من الانتقام أو بسبب التعقيدات المسطرية، و من هذا المنطلق ابتكرت العديد من الدول ما يسمى بالشكاية الالكترونية كمفهوم جديد لشكة القرب.
و في هذا الصدد وجب التنويه بالمذكرة المديرية صادرة عن المدير العام للأمن الوطني عدد 654 الصادر بتاريخ 9 فبراير 2007 و التي تؤكد على إيلاء أهمية قصوى للشكايات و الوشايات الواردة عن مصالح الشرطة و ذلك بالاستماع إلى جميع الموظفين سواء كانوا ضحايا أو مجرد مبلغين، فور حضورهم لمصالح الشرطة مع الحرص على تفادي كل تأخير أو إرجاء غير مبرر و ذلك من أجل أن تتخذ الشكاية الواجب إحالتها على مجراها الطبيعي.
و قد خول المشرع كذلك للنيابة العامة بتلقي الشكايات بإحدى الطرق التالية:
– مناولة من المشتكي مباشرة او نائب او الدفاع.
– عن طريق البريد المضمون او العادي.
– عن طريق إحالة الاختصاص من محكمة أخرى.
– عن طريق الانتداب الجنايات.
كما تعتبر تعليمات النيابة العامة مرجعا مهما تستند إليه الشرطة القضائية في القيام بأعمالها أثناء مرحلة البحث التمهيدي كما خول لها المشرع بتحريك الدعوى العمومية و ذلك إما تلقائيا او استنادا إلى شكاية يرفعها كل شخص متضرر و عليه فوكيل الملك يباشر هذه الإجراءات اللازمة أو يأمر بمباشرتها و انطلاقا من ذلك بأنه يستعين بمساعديه من ضباط الشرطة القضائية بإصداره مجموعة من الأوامر تسمى ( تعليمات النيابة العامة) و توجه إلى ضباط الشرطة القضائية العاملين بدائرة نفوذه الترابي، حيث يأمر بواسطتها إما بالاستماع إلى الأطراف و شهودهم إن وجدوا و إجراءات المواجهة الضرورية و غيره من الإجراءات المسطرية التي تهدف إلى تأكيد الادعاءات الواردة بالشكاية او الوشاية او نفيها او الاقتصار على إجراء معين فيها كما يمكن ان تنصب هذه التعليمات على إجراء بحث مع الإفادة او ربط الاتصال، كما يمكن أن يقتصر هذه التعليمات على تبليغ قرارات من القرارات القضائية او تحقيق البحث بخصوص المساطر المحالة عليها من طرف دوائر الشرطة.
و كيفما كان مصدر تلقي الشكاية فإن ممثل النيابة العامة يقوم بفحصها و دراستها و اتخاذ الإجراءات المناسبة لها، و يحيلها بعد ذلك على شعبة الشكايات التي تقوم بتسجيلها في سجلات المخصصة لهذا الغرض، و تقوم بعد ذلك بإحالة نسخة منها إلى الشرطة القضائية مذيلة بتعليمات النيابة العامة بواسطة إرسالية ترفق بها، يوقعها ممثل النيابة العامة، و ذلك من أجل إجراءات الأبحاث تنفيذا للتعليمات المرفقة بها.
و للشكاية إيجابيات و سلبيات، تتمثل الايجابيات في كونها وسيلة مهمة لتبليغ جهاز العدالة الجنائية بما يقع من خروقات للقانون، و تضمن هذه الوسيلة للأطراف الحق في الحصول على حقوقهم التي خولها لهم القانون و ذلك كالتعويض عن الأضرار نتيجة للجريمة المرتكبة في حقهم، و كذلك معاقبة الجاني الذي ارتكب لدعم الجريمة و ذلك أمام هيئة القضاء بدرجاته.
أما السلبيات فتتمثل في إزعاج و إقلاق المشبوه فيهم بارتكاب الجريمة و ذلك بما يتلقونه من مضايقات خلال تحريات الضابطة القضائية إذا كانت قرينة الاشتباه قوية و شبه مؤكدة.

الفقرة الثانية: الوشاية
عملا بالمقتضيات الواردة في المواد 21- 40 – 41 فإن ضباط الشرطة القضائية بما فيهم الضباط السامين و قضاة التحقيق كما سبقت الإشارة فإنهم هم الذين يتلقون الشكايات و الوشايات.
و يمكن تعريف الوشاية بأنها إخبار السلطات القضائية أو الشرطة القضائية بوقوع جريمة من طرف شخص لم يتضرر منها، و قد يكون الواشي شخصا معلوما او مجهولا، و قد يتخذ هذا الإجراء شكل إخباري شفوي او مكتوب او عبر اتصال هاتفي.
و تتعدد الأسباب التي تدفع إلى القيام بهذا الإجراء فقد يكون الدافع نبيلا كحب مساعدة العدالة الجنائية و قد تكون رغبة في الانتقام و قد تكون رغبة في مساعدة المجني عليه.
و بمفهوم آخر هي تبليغ أجهزة العدالة الجنائية بما فيها النيابة العامة و الضابطة القضائية و ذلك بكل واقعة المخالفة للقانون الجنائي.
إلا انه تشبه الوشاية بالشكاية ذلك لأن كل منهما يتم بواسطة إخبار عن الجريمة المرتكبة و ذلك إلى الجهة المكلفة بالقيام بالبحث إلا أن أوجه الاختلاف بينهما أن الشكاية يتم التبليغ عنها عن طريق المتضرر مباشرة و تكون هويته معلومة لدى السلطات، في حين أن الوشاية يتم التبليغ عنها عادة من قبل أشخاص مجهولين و لا يشترط فيها أن يكون الواشي معلوم الهوية.
و للوشاية عدة أوجه تختلف باختلاف الظروف التي تم تبليغ فيها و مسؤولية موجهيها.
أ- الوشاية الواجبة:
في هذه الحال يكون الشخص الذي يعلم بارتكاب الجريمة ملزم بالقيام بالتبليغ عنها إلى الجهة التي حددها القانون.
و إن هذا الالتزام قد يكون معاقب عليه و قد لا يكون كذلك، و بالرجوع إلى المادة 209 من مجموعة القانون الجنائي يعاقب على جريمة عدن التبليغ عن المس بسلامة الدولة، و على كل شخص كان على دراية بخطط و الأفعال التي تهدف على ارتكاب الجريمة معاقب عليها قانونا، إذا لم يقم بالتبليغ عنها فورا للسلطات القضائية او الإدارية أو العسكرية بمجرد علمه، كما فرض عليه كذلك غرامة تمتد من ألف إلى عشرة آلاف درهم، و بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات.
كما أشار كذلك في الفصل 210 من مجموعة القانون الجنائي على أنه يمكن الحكم على مرتكب جريمة عدم التبليغ، الحكم بالحرمان من واحد أو أكثر من الحقوق.
لكنه الفصل 211 من مجموعة القانون الجنائي نجد أن المشرع قد متع بعذر مخفف من أخبر الجناة قبل غيره، السلطات القضائية أو الإدارية أو العسكرية بجناية او جنحة تمس بسلامة الدولة، و ذلك قبل أي تنفيذ او الشروع في التنفيذ من قبل فاعليها أو المشاركين في ارتكابها، و نضرب المثل للحالة الثانية بالمادة 42 من قانون المسطرة الجنائية قررت بأنه يجب على كل موظف بلغ إلى علمه أثناء ممارسته مهامه ارتكاب جريمة أن يخبر بذلك فورا وكيل الملك او الوكيل العام للملك و أن يوجه إليه جميع المعلومات و المحاضر التي تتعلق بالجريمة .
و الواجب الملقى على عاتق الأشخاص المحددين في المادة 42 من قانون المسطرة الجنائية بإخبار وكيل الملك او الوكيل العام لملك بالجرائم التي يطلعون عليها التي لها علاقة بممارسة مهامهم و كذا ضابط الحالة المدنية إذا هو علم بوقائع تشكل تزويرا ماديا او معنويا أثناء عملية التسجيل ازدياد او وفاة، عليه واجب إخبار النيابة العامة بذلك عملا بالمادة 42 من قانون المسطرة الجنائية أما إذا علم بأن المصرح قد خالف قانون التسيير او أصدر شيكا بدون رصيد فلا واجب إخبار الجهة المختصة.
ب- الوشاية الكاذبة:
قد يتم في بعض الحالات التبليغ عن وشاية لا أساس لها من الصحة، و ذلك بهدف الإيقاع بشخص ظلما و هو يعلم أن لا علاقة له بالجريمة المرتكبة، و قد نص المشرع في الفصل 445 من مجموع القانون الجنائي على أنه من أبلغ بأي وسيلة كانت وشاية كاذبة ضد شخص أو أكثر إلى ضباط الشرطة القضائية او الضباط القضائيين او إلى الهيأة المختصة باتخاذ إجراءات بشأنها او تقديمها إلى السلطة المختصة، و كذلك من أبلغ الوشاية إلى رؤساء المبلغ ضده أو أصحاب العمل الذين يعمل لديهم يعاقب بالحبس من ستة أشهر على خمس سنوات، و غرامة من مائتين على ألف درهم و يجوز للمحكمة أن تأمر علاوة على ذلك بنشر حكمها كله او بعضه في صحيفة او أكثر نفقة المحكوم عليه.
و إذا كانت الوقائع المبلغ عنها تستوجب زجرا جزئيا أو إداريا، فإن المتابعة عن الوشاية الكاذبة تطبيقا لهذا النص يمكن الشروع فيها، إما عقب الحكم النهائي ببراءة المبلغ ضده و إعفاءه او عقب صدور أمر أو قرار بعدم المتابعة، او عقب حفظ الشكاية بأمر من أحد رجال القضاء او عقب حفظ الشكاية بأمر من أحد رجال القضاء او الموظف أو الرئيس المبلغ ضده أو مستخدمه بالبث في الشكاية.
و على المحكمة التي ترفع لها الدعوى بمقتضى هذا الفصل بأن تأمر بوقف النظر بدعوى البلاغ الكاذب إذا كانت المتابعة الواقعة المبالغة بها لازالت جارية

المطلب الثاني: الأبحاث التمهيدية العادية.
إلى جانب تلقي الشكايات و الوشايات يقوم ضابط الشرطة القضائي بمهام أخرى تتمثل في كل من الاستماع إلى الشهود و الاستماع إلى الضحية و كذلك الظنين، كما تقوم كذلك بالتحريات اللازمة.

الفقرة الأولى: الاستماع إلى الضحية
تعتبر الضحية أمام الضابطة القضائية مجرد شاهد غير أنه تعتبره أول و أهم شاهد يمكن للمباحث الاعتماد عليه في بحثه، و الضحية هو أول من يواجه الفاعل و يقاومه الشيء الذي يجعلها في الظروف العادية تعطي وصفا كاملا عن المجرم و تبين ملامحه و ثيابه و قوته الجسمانية و لغته، و العلامات الخاصة التي يجعلها و المحيط الذي ينتمي إليه، و الوسائل التي استعملت في الاعتداء و زمان و مكان الاعتداء بكل تدقيق، و توضح إن اقتضى الحال عدد الفاعلين و المشاركين إلى المباحث الحديث الذي دار بينه و بين الفاعل الأصلي و هذا الشيء هو الذي يسهل الكشف عن هوية المجرم و إلقاء القبض عليه .
و على ضابط الشرطة القضائية أن يحتاط من تصريحات الضحايا و يتأكد مما يقولون، فغالبا ما يتعلق الأمر برواية خيالية يكون الهدف من ورائها الانتقام من أحد الخصوم و الإضرار به، كما أن النساء غالبا ما يدعني أنهن كن ضحايا جرائم الجنس و يؤكدن ما يدعينه بالصراخ و الندب.

 الفقرة الثانية: الاستماع إلى الشهود
لضابط الشرطة القضائية الحق في أن يستمع على كل شخص يرى بأن تصريحاته تفيده في الكشف عن الحقيقة.
و الاستماع إلى الشهود في البحث التمهيدي لا يخضع لأي شرط من الشروط الشكلية التي يخضع لها الاستماع إليهم من قاضي التحقيق او المحكمة، مثل أداء اليمين و عدم الاستعانة بالمذكرات و قراءة الشاهدة عليه بعد كتابتها و إعطاء المحضر الذي سجلت فيه.
لذلك فإن تصريحاتهم أمام ضابط الشرطة القضائية، لا تعتبر شهادة بالمفهوم القانوني، و يمتنع على المحكمة أن تعتمدها وحدها للإدانة و لو كثر عدد الأفراد الذين أدلوا بها و اشتملت على تفاصيل دقيقة لواقع الجريمة، و غنما يحق لها أن تستأنس بها فقط كباقي القرائن التي تعقد بها وسال الإثبات القانونية المدلى بها أمامها.

الفقرة الثالثة: الاستماع إلى الظنين
الظنين او المشبوه فيه هو الشخص الذي يشك فيه بكونه ارتكب الفعل الإجرامي أثناء مسطرة البحث أمام الشرطة.
و لا يمكن تسميته في أية حال بالمتهم أو الفاعل او المجرم رغم وجود أدلة قاطعة ضده من شأنها تبرير لدائنه لأن هذه التسميات فهي خاصة بمراحل أخرى من مراحل التحقيق.
و يعتبر الظنين الشاهد الثاني في القضية بعد الضحية فهو يكون حاضرا أثناء ارتكاب الجريمة، و لهذا فشهادته لها أهمية كبيرة الشيء الذي يحتم لضابط الشرطة القضائية الاستماع إليه بكل دقة و حذر، و يتم الاستماع إليه بالطريقة التي يتم الاستماع بها على الشهود و الضحية و ذلك عن طريق الكلام. و في غالب الأحيان يهدف الظنين إلى الكذب و تحريف الوقائع و ذلك من أجل إنكار على أنه هو مرتكب الجريمة.
و الاستماع إلى الظنين يهدف قبل كل شيء إلى الوصول إلى اعترافه بالأفعال، المنسوبة إليه و للوصول إلى هذا الاعتراف يجب أن تتم مرحلة المعاينات على أحسن وجه، فالظنين لا يعترف بالأفعال المنسوبة إليه إلا إذا واجه ضابط الشرطة القضائية بحجج قوية لا يبقى أمامها للظنين إلا الاعتراف.

 الفقرة الرابعة: التحريات
يقصد بالتحريات هي الكشف عن وقائع الجريمة و معالمها و الآثار التي خلفتها، و الاستعانة بكل وسيلة من شأنها الكشف عن معالم الجريمة و كل إجراء من شأنها أن يمس بحرية الفرد أو حقوقه التي يخولها له القانون لا يجوز لضابط الشرطة القيام بها إلا إذا وجد نص صريح في القانون يجيز له وضعه تحت الحراسة و تفتيش المنازل، لأن دور البحث التمهيدي ينحصر في جمع الأدلة و البحث عن مرتكبيها ذلك دون المساس بحقوق المشبوه فيه الذي لم يوجه له الاتهام بعد، و يمنع كذلك التقاط المكالمات الهاتفة او أخذ نسخة منها بعد تسجيلها او حجزها إلا بأمر من قاضي التحقيق او الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف.
غير أنه يكلف قاضي التحقيق أن يأمر بالتقاط المكالمات الهاتفية و كافة الاتصالات المنجزة بواسطة وسائل الاتصال بعد القيام بتسجيلها و أخذ نسخة منها او حجزها، كلما اقتضت الضرورة ذلك.
كما يحق كذلك للوكيل العام للملك أن يلتمس من الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف إصدار أمر بالتقاط المكالمات الهاتفية او الاتصالات المنجزة بوسائل الاتصال عن بعد، بعد تسجيلها او خذ نسخة منها او حجزها و ذلك إذا كانت الجريمة موضوع البحث تمس بأمن الدولة او تتعلق بالعصابات الإجرامية او بالقتل او أو التسميم أو بالاختطاف أو بتزييف أو تزوير النقود أو سندات القرض العام او بالمخدرات و المؤثرات العقلية أو بالأسلحة و الذخيرة و المتفجرة او بحماية الصحة كلما اقتضى الأمر ذلك.
و يحق للوكيل العام للملك في حالة الاستعجال القصوى بصفة استثنائية أن يأمر كتابة بالتقاط المكالمات الهاتفية او الاتصالات المنجزة بوسائل الاتصال عن بعد و تسجيلها و اخذ نسخ منها و حجزها متى كانت ضرورة البحث تقتضي التعجيل و ذلك خوفا عن اندثار أو تفاشي وسائل الإثبات إذا كانت الجريمة تمس بأمن الدولة او تتعلق بالمخدرات و المؤثرات العقلية أو الأسلحة و الذخيرة… و يستلزم على الوكيل العام للملك أن يشعر فورا الرئيس الأول بالأمر الذي صدر عنه، و يصدر الرئيس الأول خلال أجل أربعة و عشرون ساعة مقررا بتأييد أو إلغاء او تعديل قرار الوكيل العام للملك و ذلك وفقا للشروط و الكيفيات المنصوص عليها في المادة 114 و ما بعدها .
و في حالة إذا قام الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بإلغاء الأمر الذي صدر من الوكيل العام للملك، فإن التقاط المكالمات الهاتفية او الاتصالات المشار إليها أعلاه يتم إيقافه على الفور، و تعتبر الإجراءات المنجزة بأمر من الوكيل العام للملك كأنها لم تكن و لا يتم الاعتماد عليها لأنها تصبح ملغاة.
و بالنسبة للقرارات الصادرة عن الريس الأول بشأن قرار الوكيل العام للملك لا تقبل أي طعن .
و يجب أن يتضمن المقرر طبقا للمادة السابقة كل العناصر التي تعرف بالمكالمة الهاتفة او بالمراسلة التقاطها و تسجيلها او اخذ نسخ منها او حجزها الجريمة التي تبرر ذلك و المدة التي تتم فيها العملية.
و لا يمكن أن تتجاوز المدة المذكورة في الفقرة الأولى من هذه المادة أربعة أشهر قابلة للتجديد مرة واحدة ضمن نفس الشروط المشار إليها في المادة السابقة.
و يجوز للشرطة القضائية المكلفة بالبحث او التحقيق أو لضابط الشرطة القضائية الذي تعينه، أن تطالب من كل عون مختص تابع لمصلحة أو لمؤسسة موضوعة تحت سلطة أو وصاية الوزارة المكلفة بالاتصالات و المراسلات أو أي عون مكلف بالاستغلال شبكة أو فرد مسموح له بخدمات الاتصال وضع جهاز الالتقاط .
كما تحرر السلطة القضائية المكلفة بالبحث او التحقيق أو ضابط الشرطة القضائية المكلف من طرفها محضرا عن كل عملية من عمليات التقاط الاتصالات و المراسلات المرسلة بواسطة وسائل الاتصال عن بعد و تسجيلها و أخذ نسخة منها و حجزها و يبين في هذا المحضر تاريخ بداية و تاريخ نهايتها و توضع التسجيلات و المراسلات في وعاء او غلاف مختوم .
و تتشكل السلطة القضائية المكلفة بالبحث و التحقيق أو الضابط المكلف من طرفها كتابة محتويات الاتصال المفيدة للإظهار الحقيقة التي لها علاقة بالجريمة او تحرر محضرا عن هذا الفعل يوضع في ملف القضية، و يمكن الاستعانة بذوي الاختصاص.
للتعرف على … و الألغاز تنقل كتابة الاتصالات و المراسلات التي تمت بلغة أجنبية إلى اللغة العربية بمساعدة ترجمان يسخر لهذا الغرض و يؤدي إليه من كتابة على أن يترجم بأمانة و أن لا يخفي أسرار البحث و المراسلات إن لم يكن مسجل بجدول التراجمة المقبولين لدى المحاكم .
و تتم إبادة التسجيلات و المراسلات بمبادرة من قاضي التحقيق او من النيابة العامة عند انصرام اجل التقادم الدعوى العمومية او بعد اكتساب الحكم الصادر في الدعاوى الشيء المقضي به و يحرر عن عملية الإبادة بحفظ ملف القضية .
و يمكن قصد القيام بعمليات التقاط الاتصالات المأذون بها و تسجيلها و أخذ نسخ منها و حجزها، الحصول على المعلومات و الوثائق الضرورية للتعرف على الاتصال الذي سيتم التقاطه في أي مشغل لشبكة عامة أو مصلحة الاتصالات المشار إليها في القانون 24.966 المتعلق بالبريد و الموصلات الصادرة بتنفيذ الظهير الشريف رقم 1.97.162 بتاريخ 2 ربيع الثاني 118 (7 أغسطس 1997) .
و بعد تفصيل الإجراءات التي يتعين على ضابط الشرطة القضائية ابتاعها و احترامها لابد من الوقوف على الجرائم المقررة في الفصول السابقة.
دون الإخلال بالمقتضيات الجنائية الأشد، يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة و بالغرامة من 10.000 درهم إلى 100.000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل من قام بوضع وسائل هيأة لإنجاز الالتقاط أو التقط أو بدأ استعمال أو نشر مراسلات مرسلة بواسطة وسائل الاتصال عن بعد، خلافا للمقتضيات المشار إليها في المواد السابقة دون الإخلال بالعقوبات الجنائية الأشد تكون العقوبة السجن من خمس إلى عشر سنوات إذا ارتكبت الأفعال المشار إليها في الفقرة الأولى من هذه المادة لغرض إرهابي .
يعاقب بنفس العقوبات كل عون من أعوان السلطة العمومية أو أجير لدى شبكة عمومية للاتصالات أو لدى فروع بخدمات الاتصالات تقام بمناسبة ممارسة مهامه بالكشف عن وجود التقاط أو أفراد ارتكب أو سهل التقاط أو تبديد مراسلات مرسلة بواسطة رسائل الاتصال عن بعد .

المطلب الثالث: تضمين العمليات المنجزة من قبل الضابطة القضائية في محاضر البحث
لقد عرف قانون المسطرة الجنائية المحضر في المادة 24 من قانون المسطرة الجنائية بأنه هو الوثيقة المكتوبة التي يحررها ضابط الشرطة القضائية أثناء ممارسة مهامه و يضمن فيها ما عاينه أو ما تلقاه من تصريحات أو ما قام به من عمليات ترجع لاختصاصه.
و قد ذهب بعض الفقه إلى تعريف المحضر بأنه ورقة رسمية لا يمكن الطعن فيها إلا بحسب ما يقرره القانون، و يتم إنجازها من قبل موظف مختص و هو ضابط أو عون الشرطة و يضمن ما عاينه من وقائع محترما في ذلك مجموعة من الشكليات.
و يجب على ضباط الشرطة القضائية بمجرد من عمليات تهم أن يوجهوا مباشرة إلا وكيل الملك أو الوكيل العام للملك، أصول المحاضر التي يحررونها مرفقة بنسختين مشهود بمطابقتهما للأصل و كذا جميع الوثائق و المستندات المتعلقة بها، و هذا ما نصت عليه المادة 23 من قانون المسطرة الجنائية وفق آخر التعديلات 35.11.
و يجب أن تشير هذه المحاضر على أن محررها يحمل صفة ضابط الشرطة القضائية.

 الفقرة الأولى: الشروط الشكلية للمحضر
و من الشروط الشكلية التي يجب على المحضر أن يشتمل عليها هوية الشخص المستمع إليه و رقم بطاقته التعريفية عند الاقتضاء، و تصريحات و الأجوبة التي يرد بها عن الأسئلة التي يوجهها إليه ضابط الشرطة القضائية و في حالة إذا تعلق الأمر بالمشتبه به يتعين في هذه الحالة، على ضابط الشرطة القضائية إشعاره بكل الأفعال المنسوبة إليه و يتم قراءة التصريحات على المشتبه فيه من قبله أو تتلى عليه.
و يتم الإشارة إلى ذلك في المحضر، ثم يدون ضابط الشرطة القضائية الإضافات أو الملاحظات او التغييرات التي يصرح بها، و يوقع المصرح بذلك إلى جانب ضابط الشرطة القضائية على المحضر، إن كان لا يحسن التوقيع يضع بصمته إلى ذلك في المحضر، و يصادق ضابط الشرطة القضائية و المصرح على التشطيبات الإحالات.
و يشترط أن يكون المحضر مكتوبا و لا يهم طريقة الكتابة باليد أو بالآلة الكاتبة أما اللغة فيجب أن تحرر باللغة العربية باعتبارها اللغة الأصلية و اللغة التي تعتمد أمام المحاكم المغربية.
و يتم تضمين في هذه المحاضر كل من الوشايات و الوشايات و أقوال الشهود و التصريحات التي يتقدم بها المشتكين أو المشبوه فيهم، و ذلك مع احترام شكل المحضر، حيث يجب أن يكون دقيقا من حيث الشكل و المعلومات ، و في الأخير يجب أن يتضمن المحضر اسم محرره و صفته و مكان عمله و يشار فيه التاريخ و ساعة إنجاز الإجراءات و ساعة إنجاز المحضر إذا كانت تخالف ساعة الإجراءات و يتم دراسته بصفة المحرر و ذلك من أجل التأكد من اختصاصه بتحرير المحضر موضوعيا و مكانيا.

الفقرة الثانية: الشروط الجوهرية للمحضر
قد لا يتحقق فائدة من المحضر المحرر من طرف ضابط الشرطة القضائية إذا لم يتوفر على عناصر جوهرية بها، فيها الحياد و الموضوعية.
بالنسبة للموضوعية: هي أن يذكر في المحضر كل ما عاينه و العمليات التي قام بها و ما تلقاه من تصريحات من طرف المشبوه فيه أو عن طريق الغير و ذلك بدون زيادة أو نقصان.
و لكي يتم تحقيق الموضوعية يتعين على ضابط الشرطة القضائية أن يقوم بالمعاينة و التفتيش و الاستماع إلى تصريحات المشبوه فيه أو المشبوه بنفسه.
أما الحياد: المتطلب في المحضر هو الامتناع عن إعطاء تأويلات للوقائع التي تناولها البحث أو إعطائها تكييفا قانونيا بحسب ما اقتنع به شخصيا لأن السلطة تقتصر عن جمع المعلومات بشأن الأفعال او وقائع و وضعها رهن إشارة السلطة التي أوكل إليها القانون سلطة اتخاذ القرار بشأن المتابعة عنها.

الفصل الثاني: البحث التمهيدي بمناسبة التلبس بالجريمة و مسؤولية ضباط الشرطة القضائية.
بخلاف البحث الذي تمارسه الشرطة القضائية في الأحوال العادية فإن ق.م.ج منح ضابط الشرطة القضائية سلطات واسعة كلما تعلق الأمر بجريمة تلبس بها و إن كانت غاية البحث التمهيدي واحدة سواء كان بمناسبة التلبس أم كان في غيابه (أي عاديا) إذ هي في كلتا الحالتين إعداد ملف كامل يتعلق بالنازلة و وضعه أمام السلطة القضائية المكلفة بالمتابعة لاتخاذ ما يقتضيه الأمر. و إن كانت الجرائم التلبس بها تتميز عن غيرها (أي في الحالة العادية) قائمة على أساس أنه في حالة التلبس يتعين التدخل السريع و الفعال للشرطة القضائية منعا لانتفاء الدليل و محو آثار الجريمة التي تكون مازالت قائمة، و تعرف هذه الحالة اتساعا أكثر لصلاحيات الشرطة القضائية و ذلك اعتبارا للاضطراب الاجتماعي الذي يلحق بالمجتمع من جراء الجرم المشهود و الذي يمكن اكتشاف حدته من خلال الأوصاف التي حددها المشرع في الفصل 56 ق.م.ج و الذي ينص = تتحقق حالة التلبس بجناية او جنحة:
أولا: إذا ضبط الفاعل أثناء ارتكابه الجريمة او على إثر ارتكابها.
ثانيا: إذا كان الفاعل مازال مطاردا بصياح الجمهور على إثر ارتكابها.
ثالثا: إذا وجد الفاعل بعد مرور وقت قصير على ارتكاب الفعل حاملا أسلحة و أشياء يستدل معها أنه شارك في الفعل الإجرامي، أو وجد عليه أثر أو علامات تثبت هذه المشاركة.
يعد بمثابة تلبس بجناية أو جنحة، ارتكاب جريمة داخل منزل في ظروف غير الظروف المنصوص عليها في الفقرات السابقة إذا التمس مالك أو ساكن المنزل النيابة العامة او من ضابط الشرطة القضائية معاينتها).
و بما أن الاضطراب الاجتماع يجعل من هذه الحالة ذات طابع استثنائي فإن المشرع مكن ضابط الشرطة القضائية سلطات واسعة كذلك حتى يتسنى إعادة الأمن إلى نصابه و دفع كل خطر يهدد المجتمع.
لكل ذلك كان لابد من إفراد البحث التمهيدي التلبسي لدراسة مستقلة توضحه و تحدد نطاقه عن البحث التمهيدي العادي و يكون ذلك بتحديد ماهيته (مفهومه) للانتقال بعد ذلك للكلام عن السلطات أو صلاحيات الشرطة القضائية أثناء قيامها بالبحث التمهيدي التلبسي.

 

المبحث الأول: ماهية (مفهوم) التلبس بالجريمة و أحواله و شروطه
يقصد بالتلبس ضبط الفاعل أثناء تنفيذ الفعل الإجرامي او الجريمة التي نضبط وقائعها بعد تنفيذها خاصة حددها القانون.
و بالرجوع في النص الفرنسي للمادة 56 من .ق.م.ج فقد استعمل لفظ “flagrance” للتعبير عن هذه الوضعية و هي تفيد في اللغة الفرنسية ” الوضوح الذي لا غبار عليه و الذي لا يترك مدعاة للشك من ثم فالذي يرتكب جريمة متلبسا بها يكون في وضعية تنفيذ بكيفية واضحة و صارخة على ارتكابها.
و على أي حال و مهما يكن فإن المشرع المغربي قد تجاوز ذلك و أورد أحوالا للتلبس كما تبين ذلك من المادة 56 المومأ إليها سابقا و يقابل هذه المادة الفصل 58 من ق.م.ج. الملغى و من خلال المقارنة بين النصين يمكن القول بصفة عامة بأن قانون المسطرة الجنائية الحالي احتفظ بمجالات التلبس نفسها التي أتى بها ظهير 10/2/59 الملغى و لم يضف إليها لحسن الحظ أحوالا جديدة كما كان متوقعا، مع ملاحظة حرصه الشديد على تجنيب النص الجديد المساس بقرينة البراءة من خلال استبداله بعض الألفاظ فيه ” كالمجرم” بالفاعل، و إن ظهر لواضعي النص بأنها أقل حمولة من حيث نسبتها للجريمة إلى المشبوه فيه و هي مع ذلك نفسها، مادام الفاعل للجريمة يفيد بأنه مرتكبها و مقترف أركانها.

المطلب الأول: أحوال التلبس
إذا كان التلبس قاصرا على كل من الجنايات و الجنح كما أكده الفصل 56 ق.م.ج نجد أن المشرع قد حدد حالات التلبس على سبيل الحصر بحث لا يمكن و الحالة هذه الزيادة فيها من أي كان و من ثم امتنع التوسع في أحوالها باعتبارها استنادا ماسا بكيفية واضحة بحرية الأفراد و حقوقهم.
كما يبدو من خلال النص (المادة 56 ق.م.ج) بأن التلبس كمؤسسة أو نظام قانوني له طابع عيني يترتب عنه نتائج بالغة الأهمية منها:
أولا: التلبس كمفهوم قانوني يلازم الجريمة المرتكبة و ليس فاعلها او من له علاقة بها (مساهم او مشارك فيها) و هو ما يترتب عنه أن ثبوت حالة التلبس بالجريمة لا تستلزم بالضرورة مشاهدة مرتكبها و هو ينفذ مادياتها.
ثانيا: التلبس ينسحب على الركن المادي للجريمة و ليس إلى الركن المعنوي لها باعتبار أن هذا الأخير يرتبط بدواخل مرتكب الجريمة و نفسيته و هو ما لا يمكن خضوعه لمشاهدة ضابط الشرطة القضائية.
ثالثا: التلبس لا يتعدى الجريمة التي توافر فيها إلى غيرها من الجرائم التي لا يسمح بخلع صفة التلبس عليها مهما كانت قوة الرابطة التي تجمع بينهما، و تأسيسا على ما سبق فإذا ثبت أن سرقة قد ارتكبت في حالة التلبس صح اتخاذ الإجراءات القسرية من قبل ضابط الشرطة القضائية في حق الفاعل المتلبس، أما الذي يخفي الأشياء المتحصلة من ذات السرقة المتلبس لها فلا يصح اعتباره في حالة تلبس بدوره.
رابعا: التلبس إذا كان يستدل عليه عادة بالمشاهدة بالعين (حاسة النظر) فإنه و باعتبار طابعه (أو صفته) العيني يمكن الاستدلال عليه بجميع الحواس من شم و سمع و لمس…
و عليه فإن التلبس و إن تنوع إلى تلبس حقيقي و حكمي و يتعرض فإن…. فإن حالاته لا تخرج عن الوضعيات الآتية:

الفقرة الأولى: حالة إنجاز الفعل الإجرامي أو على إثر إنجازه
و قد عبر عن هذه الحالة الفقه بالتلبس الحقيق، و تتحقق هذه الحالة عن ما يشاهد الجاني وهو يحاول ارتكاب فعله الإجرامي، أو يباشر هذا التنفيذ و بعد الانتهاء من فعله إذا كانت المشاهدة من طرف ضابط الشرطة القضائية، و مثال ذلك أن نضبط دورية الشرطة أحد الأشخاص و هو بصدد ترويج مادة المخدرات و أثناء القيام بتفتيش وقائي يتم العثور على كمية من مخدرات او بحوزته سلاحا ناري بدون ترخيص.
و عليه كما يبدو تتمحور هذه الحالة حول الجريمة و ليس بفاعلها، و الملاحظ أن هذه الحالة تتضمن وضعيتين للتلبس واحدة، أورهما تتحقق عندما يشاهد ضابط الشرطة بنفسه ارتكاب الفعل الإجرامي كإطلاق الرصاص على المجني عليه في القتل، أو شم لرائحة المخدر ينبعث من سيجارة يدخنها أحدهم في جريمة إحراز المخدر و استعماله، و هكذا مع الأخذ بعين الاعتبار أن المشاهدة المقصود حصولها من قبل ضابط الشرطة القضائية ليتحقق التلبس بالجريمة في هذه الوضعية لا يشترط فيها أن تكون برؤية العين فقط، إذ ولو أن الغالب هو أن تكون المشاهدة بالعين فإنها قد تتم بحواس أخرى كالشم او السماع أو اللمس.
و ثانيهما تتحقق إذا ما عاين رجل الشرطة القضائية الجريمة عقب إنجاز الفعل الإجرامي بفترة وجيزة هذه و إن كان بعض الفقه يرى ترك تقديرها لمحكمة الموضوع على أساس أنها من الوقائع بسبب تباين الملابسات التي ترافق ارتكاب الجرائم التي تختلف عناصرها المادة نجد البعض الآخر يرى بأن استعمال المشرع لعبارة على ” إثر إنجازه” الواردة في النص القانوني يمنع من اعتبار فاصل رسمي بين الانجاز و الاكتشاف و إنما يقصد حصول هذا الأخير في اللحظة التي يكون فيها الجاني يقوم بآخر عمل نهائي للجرم مثل إخراج السارق يده من جيب الضحية، من الواجب الاعتراف أن الحياة العملية نادرا ما تسمح معاينة هذه الصورة من التلبس خاصة و أنها كثيرة ما تختلط مع معطيات المحاولة بينما يرى البعض تثبت حالة التلبس أيضا بالاطلاع على وقائع الجريمة تتحقق كذلك بالاطلاع على مكان ارتكابها و لو لم يبق به أثر مادي لتلك الوقائع كالحالة التي يصل فيها الضابط صدفة أو استجابة لوشاية أو بتبليغ او استغاثة إلى مكان ارتكاب الجريمة إثر الانتهاء من تنفيذها و لم يجد لها أثر ماديا في هذا المكان، أما الحالة التي تبقى معه حالة التلبس قائمة لم تحدد هذه الفترة، و يرى الفقه ربما فعل المشرع ذلك عن قصد، لأن الأمر يختلف باختلاف الجريمة و ملابساته تنفيذها، لذا يترك ذلك إلى تقدير القاضي الذي تعرض عليه هذه الملابسات.

الفقرة الثانية: الحالة التي يكون الجاني لازال مطارد بصاح الجمهور
و هي الحالة التي عبر عنها بعض الفقه بالتلبس المقترض، و يتوجب في هذه الحالة مرور زمن قصير يفصل بين ارتكاب الجاني لفعله الإجرامي و الفرار. و يقصد بصياح الجمهور و مطاردته ذلك الصياح العفوي من عموم الناس بهدف إيقاف الفاعل بغية إثارة انتباه الناس من اجل تعقبه و ضبطه و مثال ذلك قيام شخص أو عدة أشخاص بالبحث على الفاعل بالمقاهي أو بين الأزقة أو سوق و ذلك مباشرة بعد ارتكاب الجريمة.
و هذه الفترة الزمنية تعتبر من الأمور الموضوعية التي تخضع للسلطة التقديرية للقاضي الموضوع و لا يمكن استعمال في شأنها القياس على وقائع أو حالات مشابهة.
و عليه فإن هذه الوضيعة من وضعيات التلبس التي تتخذ من المشبوه فيه محورا لها تقوم على مجرد افتراض أن من يتبعه الجمهور صائحا بأنه هو الفاعل للجريمة و إن كان هذا الافتراض ينبغي النظر إليه بحذر شديد إذ في كل حال لن يكون سوى افتراض بسيط قابل لإثبات العكس، حيث تكون المطاردة نتيجة لغلط المجني عليه نفسه في الجاني لمجرد شبه له فيتجه الجمهور مناديا بالقبض عليه، بل أكثر من ذلك قد يفاجأ الشخص في مكان تواجد جسم الجريمة بالصراخ و هو بريء، فيصبح هكذا أو بصراخ الجمهور هياجه و تعقبه له فاعلا للجريمة التي كان لحظة التعس بعد اعتقاده كذلك.

الفقرة الثالثة: الحالة التي يضبط فيها الجاني حاملا أسلحة أو أشياء او أمارات دالة على الجريمة
و تستند هذه الحالة على مجموعة من القرائن و الأدلة التي تفيد كون الجاني له علاقة بالفعل الإجرامي المرتكب و مثال ذلك شخص ارتكب في الصباح الباكر الجريمة بمدينة الدار البيضاء و اتجه مباشرة إلى مدينة الرباط و أثناء التفتيش روتيني من طرف دورية الشرطة لبعض حاجياته تم العثور بحقيبته على أسلحة و أشياء لا يبقى معها مجالا للشك أن صاحبها قد ارتكب فعلا إجراميا، و مثال ذلك معاينة سيارة تحمل أضرارا في مقدمتها من آثار الدم مما لا يترك مجالا للشك في كون السائق ارتكب جروحا أو قتلا مع جنحة الفرار.
و عليه فإن هذه الوضعية من وضعيات التلبس المفترض كسابقتها تتمحور حول المجرم و ليس على الجريمة، بحيث غير المشرع كما هو ظاهر مشاهدة أو معاينة ارتكاب الوقائع المادية للجريمة ذاتها مكتفيا بالقرائن الدالة عليها و اللصيقة بالمشبوه فيه و هي و الحالة هذه إما مشاهدته حاملا لأسلحة أو أشياء و إما أن توجد عليها آثار أو علامات حيث يستدل منها بكيفية جدية أنه هو الذي ارتكب الجريمة سواء كفاعل أصلي أو ساهم أو مشارك.
و بالتالي إن التلبس في هذه الحالة يتحقق بتوفر الظروف و الوقائع التالية:
1- ضبط الجاني من طرف ضابط الشرطة القضائية.
2- حمل الجاني أسلحة أو أداوت أو مواد استعملت في تنفيذ الجريمة أو استفادت منها، أو وجود آثار أو أمارات على جسم الجاني أو ثيابه تدل على أنه ساهم في ارتكاب الفعل الجرمي.
3- عدم مرور فترة زمنية طويلة بين تنفيذ الجريمة و بين ضبط الفاعل و القاضي هو الذي يراعي ظروف و ملابسات كل جريمة فقد يعتبر ساعة واحدة زمنا كافيا لاختفاء حالة التلبس و قد يرى يوما كاملا زمن قصير تبقى معه الجريمة في حالة التلبس.
لكن ما تجب الإشارة إليه أن هذه الإمارات أو القرائن قد لا تكون كذلك بسبب إما حسن نية او حتى غباء من يحمل قرينة التلبس بالجريمة و هو لا يدري، إذ قد تلطخ ملابس إنسانا بدماء الضحية بمجرد أنه أراد إسعافها و تقديم المساعدة لها باعتبارها في خطر، أو …. يقبل الائتمان على حقيبة و هو لا يعلم أنها مملوءة بالمخدر، فيكون ما أورده المشرع من قرائن واقعية على التلبس بصددها لا ترقى إلى أن تكون قاطعة في الدلالة عليه مما يوجب التروي في شأنها.

الفقرة الرابعة: حالة التماس مالك المنزل أو ساكنه من النيابة العامة أو ضابط الشرطة القضائية معاينة جريمة وقعت بداخله.
يتضح من الحالات الثلاثة الأولى الواردة في المادة 56 أنه يتم التثبت من الجريمة في ظروف تكون كل الأدلة و القرائن حية لم يطرأ عليها عادة أي تغيير، الشيء الذي يمكن من معاينتها مباشرة و استغلالها للوصول في أقرب وقت إلى الجاني، و لهذه الأسباب نصت الفقرة الأخيرة من المادة 56 بعد بمثابة تلبس بجناية أو جنحة ارتكاب جريمة داخل منزل في ظروف غير منصوص عليها، في الفقرات السابقة إذا التمس مالك أو ساكن المنزل من النيابة العامة أو من ضابط الشرطة القضائية معاينتها. و هذه الحالة غالبا ما يكون لها محل بعد غياب صاحب المنزل و عودته إله حيث يفاجأ بسرقة بعض الأمتعة.
ففي هذه الحالة تكون الدار التي ارتكبت فيها الجريمة مازالت على الحالة التي تركها عليها المجرم و لم تتغير أي شيء من وضعية الأمكنة، الشيء الذي يساعد الشرطة القضائية على القيام بمعاينات دقيقة و استغلال كل الآثار للكشف عن المجرم و لا أهمية للزمن الفاصل بين تنفيذ الجريمة و بن حضور ضابط الشرطة القضائية استجابة لطلب صاحب المنزل، فتصبح الجريمة لمسطرة التلبس و لو لم يطلب التثبت منها إلا بعد مضي أشهر أو سنوات على التنفيذ و كل ما يتطلبه المشرع في الفصل 56 هو توفر شرطان: هو أن ترتكب الجناية أو الجنحة في منزل أو يطلب صاحب المنزل التثبت منها و صاحب المنزل يقصد به أن يكون ذا صفة سواء كان مالكا أو مكتريا أومنتفعا به، و عليه فإذا توفر هذان الشرطان ألحقت الجريمة بحالات التلبس.
بعد التطرق لحالات التلبس و تفصيلها يثار التساؤل حول الشروط الواجبة التحقق لقيام التلبس بالجريمة؟

المطلب الثني: قيام التلبس بالجريمة
هذا بالإضافة إلى ما ورد في المادة 56 من ق م ج المومأ إليها سابقا من الشروط الخاصة لكل حالة من حالات التلبس يتعين أن تتوفر شروط عامة لتحقق التلبس و أهم هذه الشروط ما يلي:

الفقرة الأولى: أن يضبط وضعية التلبس خاصة الشرطة القضائية
إن التلبس حالة قانونية لا يمكن أن تستنتج إلا عن مشاهدة أحد ضباط الشرطة القضائية أو أعوانها. و لا تتحقق مشاهدتها من طرف أحد الأشخاص و لو رواها عقب ذلك لضابط الشرطة القضائية فالتلبس قانونية لا تثبت بشهادة الشهود أو الاعتراف او غير ذلك من وسائل الإثبات الأخرى، و قد يبدو هذا الشرط غير متفق مع صياغة نصوص المسطرة الجنائية من ناحية اقتصرت المادة 56 من ق م ج صفة التلبس في حالة إنجاز فعل جنائي أو على إثر إنجازه، و في حالة ما إذا وجد الجاني مطاردا بصياح الجمهور، أو وجد بعد زمن قصير حاملا أسلحة أو أشياء او عليه إمارات و لم يشترط أن يكون إنجاز الفعل أو وجد الجاني مطارد بصياح الجمهور و أثار أحد ضباط الشرطة القضائية أو أحد أعوانها. و من ناحية أخرى نصت المادة 76 ق م ج على أنه يحق في حالة التلبس بجناية أو جنحة يعاقب عليها بالحبس لكل شخص ضبط الفاعل تقديمه إلى أقرب ضابط للشرطة القضائية.
و قد أشار إلى هذا محكمة النقض المصرية حيث قالت بعبارة ” من المقرر أن حالة التلبس تستوجب أن يتحقق مأمور الضبط القضائي من قيام جريمة بمشاهدتها بنفسه أو إدراكها بحواسه، و لا يغنيه عن ذلك أن يتلقى نبأها عن طريق الرؤية او النقل عن الشهود طالما أن تلك الحالة قد انتهت بتماحي آثار الجريمة و الشهود التي تدل عليها” و عليه فإن إضافة هذا الشرط المتمثل في معاينة ضابط الشرطة القضائية بنفسه لواقعة التلبس بالجريمة من قبل الفقه و القضاء قد يبدو متعارضا حسب رأي البعض مع الصياغة العامة للمادة 56 ق م ج التي لا تشترط صراحة، كما قد يتعارض مع مقتضيات المادة 76 ق م ج المومأ إليها أعلاه.
إلا أنه حسب قوله فإن التعارض السابق يتجلى و ذلك:
1- أن إغفال عدم اشتراط معاينة ضابط الشرطة القضائية بنفسه للجريمة في المادة 56 ق م ج لا يعني كذلك الامتناع تطلبه بسبب أن ضابط الشرطة القضائية هو المكلف قانونا بالتثبيت من الجرائم و بالملابسات التي حصلت فيها و بتضمين ذلك في محاضر لها قوة عظمى في الإثبات فلا يتأتى و الحالة هذه الاطمئنان لها إذا مت وقع الاكتفاء بأن ينقل في محاضره مت سمعه أو رواه له الغير بصدد أمور آثار خطيرة على الحريات الفردية و إنما ينبغي أن يكون هو الذي عاين.
2 – إن المادة 76 ق م ج المتحدث عنها أعلاه تتعرض، و هذا بإجماع الفقه للتلبس المادي بالجريمة و ليس إلى التلبس القانوني، الذي لا يتحقق في تلك الفرضية، ما لم يكن المشبوه فيه أثناء عرضة او تقديمه لضابط الشرطة القضائية مازال مصادرا بصياح الجمهور أو كان حاملا لأسلحة أو أشياء أو أمارات أو آثار يستدل منها اقترافه منذ زمن قصير للجريمة أو اشتراه فيها… و هكذا يظهر أن تصرف أي شخص من الجمهور بناء على الزحمة المخولة بالمادة 76 ق م ج بضبطه للمجرم المتلبس ماديا و سوقه إلى الضابط ليس هو الموحد لحالة التلبس القانونية و إنما الذي يوجدها هو معاينة ضابط الشرطة القضائية بنفسه لها و بالتطبيقات المختلفة التي حصرها المشرع في الفقرات الأربع الواردة في المادة 56 ق م ج.

الفقرة الثانية: أن يكون ضابط الشرطة القضائية في وضعية قانونية مشروعة
يجب أن يكون ضابط الشرطة القضائية وقت مشاهدته لوقائع الجريمة أو حيث ضبطه للمتهم في وضع قانوني مشروع، و يتحقق ذلك إذا أصدرت منه المشاهدة أو الضبط و هو يزاول مهمة الشرطة القضائية أو المهمة الإدارية إذا كان من أفراد الشرطة الإدارية.
و مثال الصورة الأولى التي يكون فيها يزاول مهمة الشرطة القضائية أن يقوم في نطاق البحث التمهيدي في جريمة سرقة بتفتيش منزل بحثا عن المسروق و أثناء التفتيش يكتشف سلاحا ناريا بدون رخصة أو آثار الجريمة قتل ارتكبت قبل زمن قصير، فيعتبر كل من حمل السلاح بدون رخصة و القتل جريمة متلبسا بها و لو أن ضابط الشرطة القضائية دخل المنزل بحثا عن المسروق.
و مثال الحالة الثانية التي يكون فيها يمارس المهمة الإدارية، أن يدخل إلى محل عمومي، تنفيذا لضوابط الشرطة الإدارية، فيكتشف جريمة في حالة التنفيذ أو يضبط شخصا حاملا لأسلحة أو أشياء أو آثار تدل على ارتكابه الجريمة منذ زمن قصير و هكذا يكون من قبيل السلوك المشروع قيام ضابط الشرطة القضائية أثناء إنجازه لمهمته و لو عرضا لمعاينة حالة التلبس بالجريمة، كما سلف الذكر.
غير أنه لا يكون اكتشاف الجريمة قانونيا من قبل ضابط الشرطة القضائية إلا إذا كان يعمل في حدود صلاحياته، فإذا تجاوز أو تعسف ضابط الشرطة القضائية لحد خروجه عن حدود صلاحياته القضائية، كان ضبطه للجريمة غير قانوني و بالتالي تنتفي حالة التلبس. و عليه فإن حالة التلبس لا تتحقق إذا كان ضابط الشرطة القضائية في وضع غير مشروع.

المبحث الثاني: صلاحيات ضباط الشرطة القضائية في حالة البحث التمهيدي التلبسي
إن حالة التلبس تخول لضابط الشرطة القضائية مجموعة من الصلاحيات خلافا لحالة البحث التمهيدي في الأحوال العادية، و عليه فإن ضابط الشرطة القضائية صلاحيات هامة تتسم بالصرامة و السرعة اللتين تتطلبهما حضور التلبس بالجريمة، حيث يمكن تقسيمها إلى نوعين أحدهما يتعلق بالأشخاص و الآخر يتعلق بالأشياء.
و قبل تفصيل الكلام في كل تنوع من التدابير و ما تقتضيه من إجراءات نود لفت النظر لمادة 76 من ق م ج التي تضع التزاما على عاتق ضابط الشرطة القضائية، مقتضاه يتعين عليه بمجرد ما يصل إلى علمه خبر وقوع جناية أو جنحة متلبس بها أن يعلم بها حالا النيابة العامة (وكيل الملك أو الوكيل العام كل فيما يخصه) ثم ينتقل حالا إلى عين المكان الذي ارتكب فيه، و ذلك لإجراء كل المعاتبات المفيدة و المحافظة على الأدلة حتى لا يندثر منها ما يكون قابلا لذلك و القيام بحجز الأشياء التي استعملت في ارتكاب الجريمة.
و طبيعي أن النيابة العامة عندما يصلها الخبر ينتقل ممثلها (وكيل الملك أو الوكيل العام حسب الأحوال) بدوره إلى المكان الذي وقعت فيه الجريمة (جناية أو جنحة بل و قد ينتقل قاضي التحقيق أيضا إلى مكان الجريمة حيث يجري البحث التلبسي مما يكون و الحالة هذه وضعية التلبس مستقرة لثلاث ضباط للشرطة القضائية اثنان منهم ساميان و الثالث عادي. إلا أنه إذا كان يميز القانون إنجاز البحث التلبسي لكل من ممثلي النيابة العامة و لقاضي التحقيق و لضباط الشرطة القضائية العادي، فإن ذلك لا يعني تكليفهم جميعا في حالة اجتماعهم في محل ارتكاب الجريمة، حيث أن حضور أحد الضباط السامين للشرطة القضائية في مكان الجريمة قد ينزع صلاحية إجراء البحث التلبسي عن ضابط الشرطة القضائية العادي .
– فرضية انتقال الوكيل العام للملك (وكيل الملك) إلى مكان وقوع الجريمة
بالرجوع إلى مقتضيات المادة 71 ق م ج يستلزم حضور ممثل النسابة العامة في حال وقوع جناية او جنحة تخلي ضابط الشرطة القضائية عن العملية، و يتولى القاضي المذكور كل أعمال الشرطة القضائية عليها في هذا الباب و يمكنه أيضا أن يكلف أي ضابط للشرطة القضائية لمواصلة العمليات.
و عليه فإن مقتضيات المادة 71 حصلت الاختصاص في القيام بأعمال البحث التلبسي لممثل النيابة العامة عند حضوره في حالة ووقوع الجناية او الجنحة و على ضابط الشرطة القضائية العادي التخلي عن ذلك و له أيضا أن يكلف ضابط الشرطة القضائية بمتابعة عمليات البحث و هذا هو الغالب الأعم على مستوى الواقع.
– فرضية انتقال قاضي التحقيق بدوره إلى مكان وقوع الجريمة
بالرجوع إلى مقتضات المادة 75 ق م ج تنص “ إذا حضر قاضي التحقيق بمكان وقوع الجناية أو الجنحة المتلبس بها فإن الوكيل العام للملك أو وكيل الملك و ضباط الشرطة القضائية يتخلون له عن القضية بقوة القانون.
يقوم قاضي التحقيق في هذه الحالة بجميع أعمال ضباط الشرطة القضائية المنصوص عبيها في هذا الباب، و له أن يأمر أيا من ضباط الشرطة القضائية بمتايعة العمليات يرسل قاضي التحقيق إلى الوكيل العام للملك أو وكيل الملك بمجرد انتهاء تلك العمليات جميع وثائق التحقيق ليقرر بشأنها ما يقتضيه الأمر.
و إذا حل بالمكان الوكيل العام للملك أو وكيل الملك و قاضي التحقيق في آن واحد، فممثل النيابة العامة أن يلتمس مباشرة تحقيق قانوني يكلف بإجرائه قاضي التحقيق الحاضر، و لو أدى ذلك إلى خرق مقتضات المادة 90 الآتية بعده“.
و عليه يتبين مكن خلال ما سبق أن الأولوية تكون لقاضي التحقيق في إجراء الأبحاث التلبسية بالجنايات و الجنح عند حضوره إلى مكان وقوع الجريمة.
و قد أشار بعض الفقه لا ندري كيف يتم إعلامه مادامت المادة 57 من ق م ج تلزم ضابط الشرطة القضائية بإخبار ممثل النيابة العامة بوقوع الجناية أو الجنحة و ليس قاضي التحقيق.
و عليه يمكن القول أنه عندما يتولى قاضي التحقيق إجراء عمليات أو البحث التلبسي يتعين إرسال ملف البحث التلبسي إلى الوكيل العام للملك أو وكيل الملك لاتخاذ ما يقتضيه الأمر من وجوب المتابعة أو التماس التحقيق أو حفظ القضية (سلطة ملائمة)
ذلك أن قاضي التحقيق لا يكون له في إطار البحث التلبسي إصدار قرار المتابعة بإحالة القضية على الجهة القضائية المختصة مباشرة، أو عدم المتابعة، اللهم إذا كان الأمر يتعلق بحضورهما معا قاضي التحقيق و ممثل النيابة العامة و وجه هذا الأخير ملتمسا بإجراء تحقيق إعدادي و في الوقائع المتلبس بها حيث يصبح و الحالة هذه سلطة تحقيق و ليس ضابط سامي للشرطة القضائية، و يكون له هذا إصدار قرار بالمتابعة و بإحالة المتهم على المحكمة أو بعدم المتابعة.
و عليه تطرق المشرع في إطار ق م ج للبحث التمهيدي في حالة التلبس، و قد خول فيها لضابط الشرطة القضائية صلاحيات هامة، هذه الصلاحيات منها ما هو قاصر على حالة التلبس و منها ما هو مقرر في الحالة العادية و في حالة التلبس.

المطلب الأول: الإجراءات الخاصة بحالة التلبس
 الفقرة الأولى: الحضور الفوري إلى مكان الجريمة
عندما يحضر ضابط الشرطة القضائية إلى عين المكان الذي ارتكبت فيه الجريمة فإنه يقوم بمهتمتين :
الأول: بوصفه من الشرطة الإدارية يحضر فعادة السكينة و النظام اللذين عكرتهما أحداث الجريمة بما تسببت فيه من اضطراب و قلق اجتماعي و عمومي.
الثانية: بوصفه من الشرطة القضائية يساعد حضوره المستعجل على ضبط وقائع الجريمة و معالمها قبل أن تختفي أو تخفى بفعل فاعل، و بذلك يتمكن من معاينة تلك الوقائع و تسجيلها بمحضر البحث، مما يسهل على السلطة القضائية إجراء تحقيقها أمام التحقيق أو هيئة المحكمة، و وضع يدها على الحقيقة التي هي الهدف من إجراءات كل من البحث التمهيدي و التحقيق الإعدادي و المحاكمة.
و هكذا يحقق الحضور الفوري لضابط الشرطة القضائية هدفين مزدوجين أحدهما إداري و الثاني قضائي و الذي يهمنا هو الدور القضائي، و قد سبقت الإشارة إلى الغاية التي يحققها و في ضبط و تسجيل أكبر قدر ممكن من معالم الجريمة و أدلتها تسهيلا لمهمة القضاء في الوصول إلى الحقيقة و تطبيق حكم العدالة و تفرض على ضابط الشرطة القضائية إخبار الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف يقتصر إعلام وكيل الملك على حالات الجنح المتلبس بها.

الفقرة الثانية: توقيف الأشخاص و منعهم من مغادرة مكان الجريمة و التحقيق من الهوية
هذه العلامات أوردتها الفقرة الأولى من المادة 65 ق م ج حيث نصت: “يمكن لضابط الشرطة القضائية أن يمنع أي شخص مفيد في التحريات من الابتعاد عن مكان الجريمة إلى أن تنتهي تحرياته
و من خلال هذا النص يظهر أن هذه الصلاحيات من حيث اللجوء إليها اختيارية باعتبارها من جهة إجراء يساعد على الاستقرار و النظام ليتأتى بذلك للضابط القيام بمهمته في هدوء و بمردودية أكبر فيما لو ترك أمر مبارحة مكان ارتكاب الجريمة حرا و بدون تقييد و من جهة أخرى فإن هذه الإمكانية المخولة للضابط تسمح بتجميع مجموعة من الأشخاص و جعلهم رهن إشارته و قد يكونون من أقرب الذين عاينوا الجريمة و شاهدوا عناصرها المادية و الشخصية بل و قد يكون من بينهم مرتكب الجريمة نفسه و هو ما يجعل و الحالة هذه مهمة الضابط أكثر يسرا.
و هذا و يلاحظ أن الفقرة المؤطرة لهذه السلطة الاستثنائية المخولة لضابط الشرطة القضائية في تقييد حرية الأشخاص بدون حكم قضائي لم تحدد مدة زمنية لممارستها و إنما رهنت بقاء الأشخاص ممنوعين من مبارحة مكان ارتكاب الجريمة إلى حين انتهاء الضابط من إتمام تحرياته و هو ما يبدو غير مقبول، مع أن الأولى كان هو تحديد مدة للضابط حتى إذا هي انتهت بارح الأشخاص مكان الجريمة، انتهى ؟أم لم ينتهي من تحرياته، إلا أن هذا الإجراء المساس بالحرية الوارد في القانون بدون تحديد مدة له، فإن على مستوى الواقع العملي يحصر في الفترة التي ينجز فيها الضابط تحرياته في مكان الجريمة و لا ترتبط بقيام إنجاز تحريات البحث بكامله كقاعدة .
و لم يذكر المشرع ما إذا كان لضابط الشرطة القضائية حق تفتيش هؤلاء الأشخاص الذين يمنع عليهم مغادرة مكان الجريمة بحثا عن الوسائل أو الأدوات التي ارتكبت بها الجريمة مثلا.
و يرى بعض الفقه أن التفتيش له مساس بحرية الأفراد و مادام لا يوجد نص فإنه يمكن القول بامتناع تفتيش الأشخاص بحثا عن أدلة الجريمة.
و بما أن ضابط الشرطة القضائية في اغلب الحالات أعوان الشرطة الإدارية فإن في إمكانية أن يقوم بتفتيش الأشخاص أثناء قيامه بالبحث التمهيدي استنادا إلى صلاحياته الإدارية التي تسمح له به.
و قد يتم التحقق من الهوية في نفس مكان الجريمة مثل تفتيش المعني بالأمر بحثا عن أوراق تعريفية التي رفض الإدلاء بها، و التأكد من حقيقة المظاهر الجسدية التي يجملها كاللحية و شعر الرأس و لون العين…
و قد يساق الشخص على مقر الشرطة القضائية لطلب المعلومات من الإدارة المركزية، او تحليل بصمات أصابعه او التأكد من عدم وجود تزوير في أوراق الهوية التي يحملها إلى غير ذلك من الإجراءات التي يتطلبها التحقيق من الهوية، كما أن لضابط الشرطة القضائية أن يبقي المعني بالأمر رهن إشارته إلى أن يتم تحرياته و ذلك بوضعه تحت الحراسة .
و في حالة مخالفة الامتثال لأمر ضابط الشرطة القضائية بعدم مفارقة مكان الجريمة أو الإجراءات التحقق من الهوية فإنهم يخضعون لعقوبة زجرية و لا يحق لضابط الشرطة القضائية استعمال القوة لتنفيذ أوامره في البحث التمهيدي.

الفقرة الثالثة: حجز الأشياء و الأدوات التي لها علاقة بالجريمة
جاء في الفقرة 2 من المادة 57 ق م ج ..” و عليه أن يحافظ على الأدلة القابلة للاندثار و على كل ما يمكن أن يساعد على إظهار الحقيقة و أن يحجز الأسلحة و الأدوات التي استعملت في ارتكاب الجريمة أو التي كانت مدة لارتكابها و كذا جميع ما قد يكون تأتي عن هذه الجريمة لعرض الأشياء المحجوزة على الأشخاص المشتبه في مشاركتهم في الجناية او الجنحة قصد التعرف عليها و عليه فإن الغاية من حجز هذه الأشياء هي القيمة الاثباتية فيجعل منها القاضي العنصر الأساسي الذي يعتمده في تحقيقه مع المتهم، كما أنه …. لمصادرتها متى كانت من الأشياء التي يكون صنعها او استعمالها او حملها او حيازتها أو بيعها جريمة، و سواء أكان السلاح و الأداة ملكا للمشبوه فيه أو لغيره و سواء أكان وسيلة لتنفيذ الجريمة مثل السلاح الناري أو الخنجر و آلات التزوير أو الإجهاض و غير ذلك مما استعمل أو كان معدا لاستعماله في ارتكاب الجريمة، او يكون آثار الجريمة كالوثائق المزورة و الأشياء المسروقة أو المقدمة رشوة إلى غير ذلك من الآثار التي تفيد في التحقيق القضائي الإعدادي و النهائي.
و الحجز يتم فغي مكان ارتكاب الجريمة أو في أي مكان آخر أخفي فيه الشيء الواجب حجزه ما عدا إذا كان داخل منزل فلا يجوز حجزه إلا طبق الشروط المنظمة لتفتيش المنازل.
و يقوم ضابط الشرطة القضائية بعرض أدوات الجريمة أو آثارها على المشبوه فيه عقب تنفيذه الفعل الإجرامي مباشرة لأن ذلك يحمله غالبا على الاعتراف بالحقيقة.
و ما تجدر الإشارة إليه في هذا الإطار إلى أن المشرع جاء بمستندات مقتضى قانون رقم 35.11 الذي تتم و عدل قانون 22.01 تتمثل في انه لضابط الشرطة القضائية أن تقوم عند الاقتضاء بأخذ البصمات من مكان الجريمة و له أن يستعين بأشخاص مؤهلين لذلك، كما يمكن إجراء خبرات عليها و على بقية أدوات الجريمة و الأشياء التي تم العثور عليها و حجزها بمكان ارتكاب الجريمة أو لدى المشتبه فيه بارتكابها و هو ما نصت عليه الفقرة الأخيرة من المادة 57 ق م ج .

الفقرة الرابعة: إجراء المشاهدات بواسطة أهل الخبرة
بالرجوع إلى مقتضيات المادة 64 ق م ج إذا تعين القيام بمعاينات لا تقبل التأخير، فلضابط الشرطة القضائية أن يستعين بأي شخص مؤهل لذلك، على أن يعطي رأيه بما يمليه عليه شرفه و ضميره .
إن ضابط الشرطة القضائية لا ينتدب خبراء بالمفهوم القانوني للمصطلح، لأن الخبرة وسيلة من وسائل التحقيق القضائي الذي لا تمارسه إلا السلطة القضائية بعد تحريك المتابعة و توجيه الاتهام أما الصلاحيات المنصوص عليها في المادة 64 تقتصر على ” مشاهدة ” الوقائع التي تتعرض بسرعة للاندثار و يكون من شأن الكشف عن حقيقتها و تسجيلها قبل تلاشيها أن يساعد التحقيق فيما بعد على الوصول إلى الحقيقة.
و عليه فإن الصلاحيات التي حولته المادة 64 لضابط الشرطة القضائية مشروط بأمرين اثنين:
– أن تكون الواقعة المطلوب مشاهدتها معرضة للاندثار و يتعذر تداركها أثناء عرض القضية على قاضي التحقيق أو المحكمة، بحيث إذا لم يعرضها الضابط على خبير حالا فقد التحقيق عنصرا أساسيا من العناصر التي تنير له الطريق.
– أن يقتصر عمل الخبير على إبداء رأيه الفني المستخلص من مشاهدته للواقعة او الوقائع المعرضة للاندثار.
كما أن القوة الاثباتية التي تتمتع بها محاضر الشرطة القضائية تقتر على تصديق الضابط فيما يشهد بمعاينته أو تلقيه و هو يزاول مهمة البحث.
أما التصريحات التي يشهد بتلقيها فتستأنس بها المحكمة فقط و لم يضف عليها قوة إثباتية ملزمة للمحكمة.

الفقرة الخامسة: تحرير المحاضر و توضع كل ورقة منها
بما أن ضباط الشرطة القضائية تناط بهم مهمة البحث فإنهم و الحالة هذه يجب أن يبثوا كل أعمالهم المنجزة في محاضر كما هو صريح المادة 23 ق م ج في فقرتها الأولى” يجب على ضباط الشرطة القضائية أن يحرروا محاضر بما أنجزوه من عمليات و أن يخبروا وكيل الملك و الوكيل العام للملك المختص فورا بما يصل إلى علمهم من جنايات و جنح. و بمجرد ما تنتهي عملياته على أن يوجه مباشرة إلى وكيل الملك او الوكيل العام للملك أصل المحاضر التي يحررها مصحوبة بنسختين منها مشهود بمطابقتهما للأصل و كذا جميع الوثائق و المستندات المتعلقة بها.
كما يجب أن تشير هذه المحاضر على أن لمحررها صفة ضابط الشرطة القضائية إلا أن كل ما سبق ذكره يتعلق بالحالة العادية، أما حالة التلبس فإن ذلك يقتضي الرجوع إلى المادة 69: يحرر ضابط الشرطة القضائية فورا المحاضر التي أنجزها تنفيذا للمادة 57 و ما بعدها إلى المادة 67 و يوقع على كل ورقة من أوراقها.
و عليه فإن المشرع و الحالة هذه خصص للمحاضر المحررة في حالة التلبس حكمين اثنين:
الأول: التعجيل بتمرير المحاضر دون تأخير على اعتبار أن المشرع قرر مسطرة مستعجلة بالنسبة لحالة التلبس او جرائم التلبس الأمر الذي يتطلب التعجيل بتقديم المشبوه فيه إلى النيابة العامة.
ثانيا: توقيع ضابط الشرطة القضائية على كل ورقة من أوراق المحضر و ذلك زيادة في توثيقه و ضبط محتوياته .

الفقرة السادسة: ممارسة الضباط السامين لأعمال البحث
سبقت الإشارة إلى أعضاء الشرطة القضائية سبق القول كذلك إلى تمركز ضباط السامين للشرطة القضائية (وكيل الملك و الكيل العام للملك و نوابهما، قاضي التحقيق) في هرم هذا التصنيف و قد خول لهم القانون القيام بأعمال البحث التمهيدي بل إن القانون قدمهم على ضباط الشرطة القضائية العاديين متى حضروا إلى مكان الجريمة و لعل السبب في هذا إلى كون إجراءات البحث في حالة التلبس ذات طابع تحقيقي و السلطة القضائية هي المؤهلة للتحقيق و الضباط السامون ينتمون إلى هذه الهيئة و السبب ذاته يقدم قاضي التحقيق على ممثل النيابة العامة إذا حضرا معا إلى محل تنفيذ الجريمة ، إذا حضر قاضي التحقيق مكان وقوع الجناية أو الجنحة المتلبس بها، فإن الوكيل العام للملك أو وكيل الملك و ضابط الشرطة القضائية يتخلون عن القضية بقوة القانون.

الفقرة السابعة: فتح التحقيق الإعدادي في نفس مكان ارتكاب الجريمة
بالرجوع إلى مقتضيات الفقرة الأخيرة من المادة 75 قم ج ” إذا جل بالمكان الوكيل العام للمكلل أو وكيل الملك و قاضي التحقيق في آن واحد، فلممثل النيابة العامة أن يلتمس مباشرة تحقيق قانوني يكلف بإجرائه قاضي التحقيق الحاضر و لو أدى ذلك إلى خرق مقتضيات المادة 90 الآتية بعده.
و لعل الهدف من السماح للنيابة العامة بالتماس فتح تحقيق في مكان ارتكاب الجريمة في حالة التلبس …. ناحية يمكن قاضي التحقيق من ممارسة كامل الصلاحيات الممولة له في التحقيق الإعدادي.
و من ناحية ثانية إضفاء القوة الثبوتية أقوى على الإجراءات و ال محاضر المنجزة بمكان ارتكاب الجريمة إذ تعتبر إذ ذاك صادرة من السلطة القضائية و في إطار التحقيق القضائي.

الفقرة الثامنة: ضبط الجاني و سوقه إلى أقرب ضابط
جاء في المادة 76 ق م ج يحق في حالة التلبس بجناية أو جنحة يعاقب عليها بالحبس لكل شخص ضبط الفاعل و تقديمه إلى أقرب ضابط للشرطة القضائية.
و يقصد المشرع هنا حسب الفقيه عبد الواحد العلمي حالة التلبس الواقعي و ليس قانوني و يتحقق التلبس الواقعي بضبط المتهم في أحد الأوضاع الثلاثة المنصوص عليها في المادة 56 كما انه تتسم بصفة التلبس بالجناية او الجنحة كل جناية أو جنحة تقع و لو في ظروف غير الظروف المنصوص عليها في الفقرات السابقة داخل منزل التمس صاحبه من وكيل الملك أو أحد ضباط الشرطة القضائية التثبت منها.
و تجدر الإشارة إلى ما يقصد بالضبط: يعني منع الجاني من الفرار و السوق هو الاقتياد الاختياري أو القسري إلى مركز ضابط الشرطة القضائية دون عنف و لكن إذا استعمل الجاني العنف يجوز للقائم بالضبط أن يدافع عن نفسه طبقا للشروط الخاصة بنظرية الدفاع الشرعي.

المطلب الثاني: الوضع تحت الحراسة و تفتيش المنازل
حيث يعتبر كل من إجراء الوضع تحت الحراسة و تفتيش المنازل من أهم الصلاحيات المناطة بضابط الشرطة القضائية و أحضرها و ذلك لاحتكاكها بحقوق الفرد و حريته و لو لم تكن له علاقة بارتكاب الجريمة .

 

الفقرة الأولى: الوضع تحت الحراسة النظرية
الحراسة النظرية هي تدبير يبقى بمقتضاه أشخاص مريبين تحت تصرف ضباط الشرطة القضائية ضمن شروط معينة و قد عرفها الأستاذ هوداية بأنها المدة التي يبقى خلالها الضابطة القضائية تحت تصرفها الشخص المظنون انه ارتكب الجريمة لأجل حاجيات البحث و التحري و منعا من اندثار أدلة الإثبات تحت مراقبة النيابة العامة. و إذا كان هذا الإجراء خطير لأنه يؤدي إلى المساس بحرية الأفراد مع أن الإدانة تكون لازالت لم يثبت بصفة قانونية فإن التبريرات التي دفعت بالمشرع المغربي إلى السماح بهذا الإجراء تكمن في ضرورة البحث و الكشف عن الحقيقة أو الحالة التي يساعد فيها عن استقرار النظام العام أو الخوف من قرار الظنين أو العمل على تغيير الأدلة القائمة ضده و كذا حمايته من أخطار انتقام الضحية أو الجمهور و نظرا لخطورة هذا التدبير و الذي من شأنه أن يمس بحرية و كرامة الأفراد، فإن دستور المملكة الجديد نص في الفصل 23 ( لا يجوز إلقاء القبض على أي شخص أو اعتقاله او متابعته او إدانته إلا في الحالات و طبقا للإجراءات التي ينص عليه القانون، الاعتقال التعسفي او السري و الاختفاء القسري من أخطر الجرائم و يعرض مقترفيها لأقسى العقوبات) كما ألزم دستور المملكة، بإخبار كل شخص تم اعتقاله على الفور بكيفية يفهمها بدواعي اعتقاله و حقوقه و من بينها حقه في التزام الصمت و حقه في المساءلة القانونية و من إمكانية اتصاله بأقربائه.
و عليه فإن الوضع تحت الحراسة النظرية إجراء …. القانون المغربي في المادتين 66 من ق م ج (في نطاق الجرائم المتلبس بها) و المادة 80 من ذات القانون ( بالنسبة للجرائم غير المتلبس بها). بمقتضاه يسمح لضابط الشرطة القضائية إبقاء شخص أو عدة أشخاص و هم المقدمون في المادة 65 من ق م ج و سواء كانوا مشبوها فيهم أم شهودا أم غيرهم ممن وجد في مكان الجريمة كمن أريد مجرد التحقق من هويتهم… رهن إشارته لحاجيات يقتضيها البحث التمهيدي.
و هذا الإجراء و كما يظهر واضحا هوس لب للحرية بإلقاء القبض على شخص و إيداعه بمركز الشرطة القضائية التي يمارس فيها البحث، إذ هو يمكن ضابط الشرطة القضائية من إجراء البحث في ظروف جدية يمكن التوصل معها إلى الحقيقة المجردة، إذ لا يخفى أن الموضوع تحت الحراسة النظرية – خصوصا إذا هو كان مجرما حقا – يصعب عليه إخفاء أدلة الإثبات لبعده عنها غالبا، فهو ممنوع على الأقل خلال فترة تنفيذ الوضع تحت الحراسة من الاتصال مع المساهمين معه او المشاركين للاتفاق فيما بينهم على تضليل العدالة، بل أكثر من ذلك فإن مجرد وضع شخص تحت الحراسة النظرية بشكل ضغطا نفسيا لا مثيل له على الموضوع و منها فيعترف إن كان فعلا له ضلع بالجريمة .
و تجدر الإشارة إلى أن الوضع تحت الحراسة النظرية يدخل ضمن تقدير ضابط الشرطة القضائية حسب قناعته و ما يمليه عليه ضميره، كما أنه مرحلة سابقة عن أي تدخل قضائي.
و لما كان خذا الإجراء الذي يتم في مرحلة غير المرحلة القضائية من الإجراءات الخطيرة التي تمس بحرية الأشخاص و حقوقهم، لذا كان لابد لتوقيعه أن تتوفر بعض الشروط.
 أولا: شروط الوضع تحت الحراسة
الشرط الأول: يحجب أن يتعلق البحث بجناية أو جنحة
و هو ما أكده المشرع في المادة 70 و 80 ق م ج حيث أن المشرع ألزم أن هذا الإجراء يجب أن يتعلق بجناية او جنحة معاقب عليها بالحبس، و يستفاد من ذلك أن الوضع تحت الحراسة النظرية لا يجوز في المخالفات .
و عليه فإن كانت الجريمة مخالفة او جنحة ضبطه معاقبه بالغرامة فقط، فإن ضابط الشرطة القضائية لا يحق له قانونا اللجوء إلى إجراء الوضع تحت الحراسة، و إن هو فعل ذلك متعمدا و عن سوء نية كانت فعلته تلك تدخل في باب التعدي على الحريات الشخصية المعاقب عليها ففي الفصل 225 القانون الجنائي .
و عليه فإن المشرع لما خول هذا الإجراء لضابط الشرطة القضائية فقط حصر له الجرائم الذي يكون له فيها أن يوقع هذا الإجراء دون أن يتعداها.
الشرط الثاني: أن تتطلبه حاجيات البحث
أكد هذا الشرط المادتان 66 و 80 ق م ج و عليه لا يكون لضابط الشرطة القضائية الاحتفاظ بأي شخص تحت الحراسة إلا إذا استدعت ذلك إجراءات البحث التمهيدي الذي يقوم به كالتحقق من هوية الظنين أو عدم توفره على موطن معروف .
و ما تجدر الإشارة إليه في هذا الإطار إلى أن حاجيات و متطلبات الوضع تحت الحراسة النظرية كما سبقت الإشارة لتقدير و ضمير و شرف ضابط الشرطة القضائية و ما له من نزاهة، و عليه يتعين على هذا الأخير قبل الإقدام على هذا الإجراء استحضار قرينة البراءة التي هي الأصل حسب مقتضيات المادة 10 من ق م ج و عليه لا يجوز تجاوز هذا المبدأ … و من ثم فإن لم يكن هناك من حاجة إليه فلا داعي له و إذا كان هناك داع له فالعدالة و الإنصاف و شرف الوفاء بالمسؤولية التي ينبغي أن تكون لضابط الشرطة القضائية و التي تحتم عليه القيام بجهد المستطاع بالتحقيق من سوءات هذا التدبير و العمل على إنهائه بسرعة، فإن هو أوقع الحراسة للتحقق من هوية شخص وجب عليه تجنب البطأ في ذلك، و إن هو خشي قرار شخص أوقع عليه الحراسة رفعها حالما يتأكد لديه أن لا خوف من ذلك و لا ينظر حتى تنتهي المدة القانونية المحددة من قبل القانون، و المهم هو أن الضابط عليه أن يعمل دائما في ظل الشفافية و بنزاهة عالية و ضمير يقظ متبصر .
الشرط الثالث: ينبغي احترام المدة التي قررها المشرع للوع تحت الحراسة النظرية
تجدر الإشارة بداية إلى أن الفقه المغربي المهتم بموضوع الوضع تحت الحراسة النظرية مجمع على اعتبار أن المدة المقررة للوضع طويلة بالمقارنة مع بعض القوانين الأخرى.
و عملا بالمادة 66 ق م ج تم تحديد مدة الوضع تحت الحراسة النظرية في الجرائم العادية:
إذا تطلب ضرورة البحث أن يحتفظ ضابط الشرطة القضائية بشخص او عدة أشخاص ممن أشير إليهم في المادة 56 أعلاه ليكون رهن إشارته فله أن يضعهم تحت الحراسة النظرية لمدة لا تتجاوز 48 ساعة تحتسب ابتداء من ساعة توقيفهم و نشعر النيابة العامة بذلك.
يمكن بإذن كتابي من النيابة العامة لضرورة البحث تمديد مدة الحراسة النظرية لمرة واحدة 24 ساعة…
أما الجرائم غير العادية كتلك الماسة بأمن الدولة الداخلي أو الخارجي فهي محددة في: إذا تعلق الأمر بالمس بأمن الدولة الداخلي أو الخارجي فإن المدة 96 ساعة قابلة للتمديد بناء على إذن النيابة العامة لمرة واحدة.
أما في الجرائم الإرهابية فإن المدة محددة وفق المادة 66 في:
إذا تعلق الأمر بجريمة إرهابية فإن مدة الحراسة النظرية تكون 96 قابلة للتمديد مرتين لمدة 96 ساعة في كل مرة بناء على إذن كتابي من النيابة العامة…
أما ظهير 10 نونبر 1956 بمثابة قانون العدل العسكري الذي غير و يتمم بمقتضى ظهير 26 يوليوز 1971 حدد مدة الوضع تحت الحراسة النظرية في 10 أيام قابلة للتجديد إذا اقتضى الحال ذلك من طرف مندوب الحكومة (وكيل الملك لديها) أو قاضي التحقيق لدى المحكمة العسكرية في الجرائم الماسة بأمن الدولة التي تختص بها هذه الجرائم.
و من جهة أخرى فقد تنبه المشرع لما قد يقع من تجاوزات بمناسبة اللجوء لتوقيع الحراسة النظرية على الأشخاص، فحاول منعها او على الأقل التخفيف منها لما اوجب؛ و عليه فإن المشرع فرض شكليات على ضابط الشرطة القضائية يتعين إتباعها يمكن اعتبارها بمثابة ضمانات تشكل حدا أدنى للموضوع تحت الحراسة تتلخص في:
أولا: مسك سجل ترقم صفحاته و تذيل بتوقيع وكيل الملك في كل المحلات التي يمكن أن يوضع فيها الأشخاص تحت الحراسة النظرية، تقيد فيه هوية الشخص الموضوع تحت الحراسة النظرية و سبب ذلك و ساعة بداية الحراسة النظرية و ساعة انتهائها و مدة الاستنطاق و أوقات الراحة و الحالة البدنية و الصحية للشخص المعتقل و التغذية المقدمة له .
ثانيا: توقيع ضابط الشرطة القضائية و الشخص الموضوع تحت الحراسة النظرية في السجل السابق، بمجرد انتهاء الحراسة النظرية، و إذا كان الشخص غير قادر على التوقيع أو الابصام أو رفض القيام به يشار إلى ذلك في السجل .
ثالثا: عرض السجل السابق على وكيل الملك للاطلاع عليه و مراقبته و التأشير عليه مرة في كل شهر على الأقل .
رابعا: قيام النيابة العامة بمراقبة الوضع تحت الحراسة النظرية بدون أية شروط عليها في ذلك، باعتبار هذا من صلاحياتها الأساسية خلال البحث التمهيدي بنوعيه، مما يمكنها و في أي وقت بأن تأمر إما بوضع حد لها و إنهائها و إما بالأمر بمثول الخاضع لها أمامها بعيدا عن الضابط الموقع للحراسة لتقرير ما تشاء بشأنه تبعا لما تكونه من قناعة بصدد الإبقاء عليها أو إنهائها .
خامسا: أن يبين كل ضابط للشرطة القضائية في محضر سماع أي شخص وضع تحت الحراسة النظرية يوم ساعة ضبطه و يوم و ساعة إطلاق سراحه او تقديمه إلى القاضي المختص، مع وجوب تذييل البيانات السابقة إما بتوقيع الشخص المعني بالأمر أو بإبصامه أو الإشارة إلى رفضه ذلك أو استحالة مع بيان أسباب الرفض او الاستحالة و تضمين ذات البيانات المنصوص عليها في الفقرة 9 من المادة 66 السابقة .
سادسا: قيام ضابط الشرطة القضائية بإشعار عائلة المحتجز، بمجرد اتخاذ قرار وضعه تحت الحراسة النظرية بأية وسيلة من الوسائل و الإشارة لذلك في المحضر، كما يتعين عليه أن يوجه يوميا إلى النيابة العامة لائحة الأشخاص الذين تم وضعهم تحت الحراسة النظرية خلال 24 ساعة السابقة .
سابعا: تحرير ضابط الشرطة القضائية فور المحاضر (التلبسية) التي أنجزها تنفيذ المادة 57 إلى المادة 67 كما عليه أن يوقع كل ورقة من أوراقها .
و عليه بعد التطرق لشروط الوضع تحت الحراسة النظرية يطرح الإشكال هل القواعد المنظمة للوضع تحت الحراسة لا يتغير آمرة و لا يترتب البطلان عن الإخلال بها ؟
ذهب الأستاذ احمد الخمليشي في هذا الإطار إلى أن المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) أصدر بعد الأحكام في موضوع الوضع تحت الحراسة تبدوا في نظره من أغرب الأحكام التي أصدرها ف تفسير المسطرة الجنائية.
حيث ذهب المجلس الأعلى في قرار عدد 860 : و من جهة أخرى فإن القواعد المتعلقة بالوضع تحت الحراسة لم يجعلها القانون تحت طائلة البطلان، و عليه فلا يمكن أن يترتب عنها البطلان إلا إذا ثبت أن عدم مراعاتها جعل البحث عن الحقيقة و إثباتها مشوبين بعيوب في الجوهر الشيء الذي لم يقع ثبوت في هذه القضية مما تكون معه الوسيلة في كل ما آثاره غير مبنية على أساس.
لذا فهل صحيح ما ذهب إليه المجلس الأعلى في هذه الأحكام ؟
اعتبر الفقيه الخمليشي ذلك غير صحيح و ذلك لعدة أسباب لعل أولها:
1- من المبادئ الراسخة في الإجراءات الجنائية أن الأحكام المنظمة لحقوق الدفاع.
تعتبر من الإجراءات الجوهرية التي يترتب البطلان عن الإخلال بها و في المقدمة حقوق الدفاع للظنين حريته الشخصية، فالنصوص التي تنظم إجراءات المساس بهذه الحرية، تعتبر من النصوص الآمرة المتعلقة بالنظام العام و كل إخلال بها يؤدي إلى البطلان.
2- بالرجوع إلى نصوص الدستور نص على انه لا يلقى القبض على أحد و لا يعتقل و لا يعاقب إلا في الأحوال و حسب الإجراءات المنصوص عليها في القانون.
حيث إن الصياغة التي جاء بها نصوص الدستور استعملت النفي و الاستثناء تؤكد بما لا يدع مجالا للجدل، أن كل تجاوز للأحوال إخلال بالإجراءات التي يقررها القانون للمساس بحرية الأفراد يعتبر مخالفة صريحة لنصوص الدستور.
3- عن كل إخلال او تجاوز للأحكام المنظمة للوضع تحت الحراسة النظرية جعل اعتقال المشبوه فيه غير قانوني، و بالتالي تعتبر اعتقالا تحكيميا و بالرجوع إلى مقتضيات المادة 228 من القانون الجنائي، على أن كل عمل تحكمي يمس بحرية الفرد يكون جناية يعاقب عليها التجريد من الحقوق الوطنية، فإذا كان مجرد الخرق الجوهري للإجراءات و لو لم تترتب عنه أية مسؤولية يؤدي إلى البطلان.
و عليه يمكن القول أخيرا إلى أن ما ذهب إليه الفقيه أحمد الخمليشي يبدو صائبا على اعتبار أن الأمر يتعلق بإجراءات تمس حرية الأفراد و حقوقهم لذلك يمكن الجزم أن كل إخلال لهذه الإجراءات يترتب عنه البطلان حتما على اعتبار أن الوضع غير القانوني تحت الحراسة النظرية يشكلان خرقا لنصوص الدستور. و بالتالي يمكن القول من خلال ما سبق أن من بين الأحكام المقررة للوضع تحت الحراسة هي التي توجب احترام المدة التي فرضها المشرع. من قبل ضابط الشرطة القضائية و عدم تخطيها، فإذا هو خرقها متعمدا يكون قد ارتكب جناية الفصل 225 من القانون الجنائي.
و عليه فإن المحضر المحرر بمناسبة الوضع تحت الحراسة النظرية التي لم تحترم فيها المدة القانونية يعد معيب شكلا لخرقه لمقتضيات القانونية و النيابة العامة التي تحال عليها محاضر الضابطة القضائية و هي مشوبة بهذا العيب الإجرائي يمكنها أن تعالجه باللجوء لحفظ الملف إذ هي تتوفر لديها أدلة أخرى للإثبات غير المنجز خرقا للقانون و الذي هو باطل لا يجوز الاعتداد به، كما أن لها تحيرك الدعوى العمومية ضد ضابط الشرطة القضائية الذي ارتكب العمل التحكمي ضد المشبوه فيه الموضوع تحت الحراسة لكن إذا هي أي النيابة العامة لم تر حفظ الملف و آثرت مع ذلك على تحريك الدعوى العمومية أمام المحكمة المختصة رغم ثبوت العيب المومأ إليه، فإن المحكمة عملا بمقتضيات المادة 289 من قانون المسطرة الجنائية استبعاده، كونه غير متوفر على أية قوة ثبوتية مادام أنجز بخلاف الشكليات التي أقرها القانون.
كما ذهب الأستاذ الإدريسي المشيشي محمد في هذا الإطار أن إلقاء نظرة على مدد الحراسة في بعض القوانين المقارنة القريبة من ظروفنا أو حتى التي استنبطنا منها التدبير نفسه تفيد بأنها أقل في المدد التي فرضتها لهذا الإجراء عندنا و لا يسمح فيها بتاتا لضابطة القضائية أن يتجاوزها لعلة قصرها، لينتهي الأستاذ إلى أن تجاوز مدة الحراسة النظرية تجعل هذا الوضع ذاته و ما أنجز في ظله باطلا لأن ما بني على باطل فهو باطل.

 

الفقرة الثانية: تفتيش المنازل
تقتضي ضرورة البحث من طرف الشرطة القضائية إجراء تفتيشات في المحلات و المساكن و ذلك بغية الوصول إلى مجموعة من وسائل الإثبات و الأدلة الجنائية التي من شأنها أن تفيد البحث فإذا كان المشرع الدستوري قد أعطى للمسكن حرمة و هي جزء من الحرية الشخصية التي يملكها الفرد إزاء المجتمع، و تكريسها لهذا المبدأ نص الفصل 24 من الدستور لكل شخص الحق في حمايته الخاصة لا تنتهك حرمة المنزل و لا يمكن القيام بأي تفتيش إلا وفق الشروط و الإجراءات المنصوص عليها في القانون. ز مع ذلك فإن المسكن قد يكون في بعض الأحيان مخبأ و ملجأ للجناة الفارين من قبضة العدالة و قد يكون أحيانا مسرحا للجريمة يأوي بين جدرانه معالمها و أدلة إثباتها فكان لابد من تمكين المكلفين بالبحث سواء أكانوا شرطة أو جهات قضائية من الوصول إلى تسجيل تلك المعالم و الاطلاع على هذه الأدلة، و ضبطها، لتشكل وسيلة الإثبات أمام العدالة الجنائية.
و قد عالج المشرع أحكام تفتيش المنازل ضمن المواد من 59 إلى 63 من قانون المسطرة الجنائية و ميز بصورة واضحة بين إجراءات التفتيش في حالة التلبس و الحالة العادية و فرض على ضابط الشرطة القضائية في هذه الأخيرة التزام بإجراءات و شروط و شكليات تتسم بكثير من الصرامة لانتقاء حالة الجرم المشهود، و رتب على عدم احترامها جراء البطلان استنادا على القاعدة الفقهية كل ما يبنى على باطل فهو باطل و بالتالي فإن جميع الإجراءات المتحصلة من عملية التفتيش تعد لاغية و باطلة ناهيك عن المسؤولية التأديبية و الجنائية المنصوص عليها في المادة 230 من القانون الجنائي المغربي.

 أولا: تعريف المنزل
لم يتول قانون المسطرة الجنائية تعريف المنزل غير أن قانون الجنائي عرف المنزل المسكون في المادة 511. غير أن بعض الفقهاء قد توسعوا في تفسير المسكن كما هو محدد في القانون الجنائي بحيث يندرج في نطاق هذا التعريف مكاتب المحاسبين و عيادة الأطباء و مكاتب الموثقين بمعنى المكاتب المعدة للمهن الحرة و على ذلك لا يعد ماسكنا الأماكن العمومية التي يرتدها العموم من الناس و كافة الجمهور كدور السينما و الحدائق و الملاعب إلا إذا أغلقت أبواها حيث لا يخضع تفتيشها لأحكام تفتيش المنازل.

 ثانيا: شروط و شكليات تفتيش المنازل
تتلخص هذه الشروط و الشكليات فيما يلي:
– أن يكون التفتيش داخل الوقت القانوني.
-اتخاذ التدابير الكفيلة بالمحافظة على السر المهني.
– الحصول على الإذن و حضور ضابط الشرطة القضائية المدنية إذا قام بتفتيش ضابط الشرطة العسكرية.
– تحرير محضر بالتفتيش.
و يبدو هذه الشروط عامة تخص حالة التلبس كما تهم الحالة العادية، غير أن هناك شرط خامس تختلف فيه حالة التلبس عن الحالة العادية.
– حضور صاحب المنزل وقت التفتيش أو حضور نائب عنه او شاهدين في حالة التلبس.
– …. صاحب المنزل بتصريح مكتوب بخط يده إذا كان التفتيش يتعلق بجريمة غير متلبس بها.
و يمكن عرض هذه الشروط العامة و الخاصة فيما يلي:
1- الوقت القانوني للتفتيش
بالرجوع إلى مقتضيات المادة 62 من قانون المسطرة الجنائية نص لا يمكن الشروع في تفتيش المنازل و معاينتها قبل الساعة السادسة صباحا و بعد الساعة التاسعة ليلا، إلا إذا طلب ذلك رب المنزل او وجهت استغاثة من داخله، أو في الحالات الاستثنائية التي ينص عليها القانون، غير أن العمليات التي ابتدأت في قانونية يمكن مواصلتها دون توقف.
لا تطبق هذه المقتضيات إذا تعين إجراء التفتيش في مجالات يمارس فيها عملا أو نشاط ليلي بصفة معتادة.
إذا تعلق الأمر بجريمة إرهابية و اقتضت ذلك ضرورة البحث او حالة الاستعجال القصوى أو إذا كان يخشى اندثار الأدلة فإنه يمكن الشروع في تفتيش المنازل او معاينتها بصفة استثنائية قبل الساعة السادسة صباحا او بعد التاسعة ليلا بإذن كتابي من النيابة العامة.
و عليه فإن المشرع حدد و بوضوح الوقت القانوني للتفتيش و يترتب على مخالفة هذا المقتضى أي إذا دخل ضابط الشرطة القضائية في غير هذه الحالات الاستثنائية إلى منزل فيما بين التاسعة ليلا و الخامسة باحا تعرض للعقوبة المنصوص عليها في المادة 230 من القانون الجنائي ما لم يكن دخوله اضطراريا كحالة فضيان او حريق .
هذا و يشير في هذا الإطار انه إذا كان الأمر يتعلق بتفتيش بجريه قاضي التحقيق في منزل الظنين في إطار التحقيق الإعدادي فإن الفقرة الأخيرة من المادة 102 قانون المسطرة الجنائية تسمح إن تعلق المر بقضية جنائية او بجريمة إرهابية بإجرائه خارج الوقت او الأوقات المحددة وفق المادة 62 ق م ج شريطة قيامه به شخصيا و بحضور ممثل النيابة العامة و هذا ما لم يكن الأمر متعلقا بجريمة إرهابية او توافر حالة الاستعجال القصوى حيث له حينئذ إجراءه عن طريق الانتداب لفائدة قاض او ضابط الشرطة القضائية.
هذا و غني عن البيان كذلك بأن ضابط الشرطة القضائية الذي يشرع في التفتيش داخل الوقت القانوني و يستمر فيه لما بعد هذا الوقت يكون تفتيشه صحيحا مع ذلك و هو ما أكده المشرع صراحة.
و بمفهوم المخالفة فإن التفتيش الذي يقوم به ضابط الشرطة القضائية خارج الوقت القانوني باطل حتى و لو استمر على المدة القانونية التي حددها المشرع فضلا عن المتابعات التي تلحق ضابط الشرطة القضائية.
إلا أن هذه القاعدة التي حددها المشرع في المادة 62 ليست مملقة و غنما ترد بعض الاستثناءات بمعنى أن المشرع سمح بإجراء التفتيش و لو خارج الوقت القانوني و اعتبره صحيحا و هذه الاستثناءات راجع منه إلى طلب أو استحالة استغاثة صادره من داخل المنزل و إما إلى القانون نفسه كالفصل 10 من ظهير 21 ماي 1974 المتعلق بزجر الإدمان على المخدرات السامة و وقاية المدمنين منها و كذلك ما صرح به الفصل 4 من ظهير 4 يوليوز 1971 المعدل لقانون العدل العسكري .
أما إذا تعلق الأمر بالجرائم الإرهابية فنص المادة 62 صريح في هذا الإطار إلى إمكانية إجراء التفتيش او المعاينات خوفا من اندثار الأدلة إلى غير ذلك بإجرائه حتى خارج الوقت القانوني لكن ذلك متوقف على الإذن الصادر من النيابة العامة الكتابي.
2- اتخاذ التدابير الكفيلة بالمحافظة على السر المهني
جاء في مقتضيات المادة 15 من قانون المسطرة الجنائية “تكون المسطرة التي تجري أثناء البحث و التحقيق سرية.
كل شخص يساهم في إجراء هذه المسطرة ملزم بكتمان السر المهني ضمن الشروط و تحت طائلة العقوبات المقررة في القانون الجنائي (وفق الفصل 446 من القانون الجنائي إلا أن الأمر و الحالة هذه لا يقتصر على مجرد كشف أسرار اطلع عليها بمناسبة القيام بالبحث التمهيدي و هذا واجب بدهي فرضاه مقتضيات المادة 15 المومأ إليها أعلاه.
و إنما الأمر تجاوز هذا الطرح و إنما المقصود هو قيامه بعمل إيجابي يتمثل في وقوفه دون وصول أسرار تتعلق بالأغيار و التي يكونون قد أودعوها في أمكان يكون أصحابها يحكم أنشطتهم أو وظائفهم قد استلموها او توصلوا إليها منهم حيث ألزمهم القانون بالمحافظة عليها.
و في هذا الإطار جاء في مقتضيات المادة 59 في فقرتها 3: إذا تعين إجراء التفتيش في أماكن معدة لاستعمال مهني يشغلها شخص يلزمه القانون بكتمان السر المهني، فعلى ضابط الشرطة القضائية أن يشعر النيابة العامة المختصة و أن يتخذ مسبقا جميع التدابير لضمان احترام السر المهني.
و اتخاذ التدابير الكفيلة بالمحافظة على السر المهني يتحقق أمرين:
أ- أن يحتاط هو شخصيا في عمليات التفتيش فلا يطلع إلا على الأشياء أو الوثائق التي يحتمل أن تكون لها علاقة بالجريمة موضوع البحث و بمجرد ما يتبين له أن الوثيقة مثلا أجنبية عن الجريمة او ليست من الوسائل القانونية كرسالة من المشبوه فيه إلى محاسبة يتعين عليه أن يمتنع عن الاسترسال في قراءتها.
ب- أن يعمل بقدر الإمكان على أن لا يطلع على محتويات المحل و لو من مساعديه أعوان الشرطة القضائية و أن يقوم بالتفتيش بصورة تبعد الأشياء و الوظائف عن أعين الأجانب. و الفضوليين .
هذا و يلاحظ أن قانون المسطرة الجنائية قد عزز من الموجبات التي تستهدف صيانة السر المهني لدرجة ملفتة للنظر بالنسبة لما يودع مما لدى مكاتب المحامين على الخصوص حيث أناط تفتيشها أي المكاتب، بقاضي من قضاة النيابة العامة و ليس بأي ضابط من ضباط الشرطة العاديين و ذلك نقيب الهيأة التي يتبعها المحامي الخاضع مكتبه للتفتيش و إجراء المحجوز أو من ينوب عنه – أي النقيب – او بعد استدعائه بكل الوسائل .
3- وجوب حضور بعض الأشخاص عملية التفتيش على جانب ضابط الشرطة القضائية:
من بين شروط و شكليات تفتيش المنازل في حالة التلبس حضور صاحب المنزل أو من ينوب عنه و إلا بحضور شاهدين إلا أن الأمر و الحالة هذه يتعلق بتفتيش منزل المشتبه فيه إلا أنه حسب مقتضيات الفقرة الأولى من المادة 59 من قانون المسطرة الجنائية: إذا كان نوع الجناية أو الجنحة مما يمكن إثباته بمحجز أوراق و وثاق أو أشياء أخرى في حوزة أشخاص يظن أنهم شاركوا في الجريمة، أو يحوزون مستندات أو أشياء تتعلق بالأفعال الإجرامية، فإن ضابط الشرطة القضائية ينتقل إلى منزل هؤلاء الأشخاص ليجري فيه طبقا للشرطة المحددة في المادتين 60 و 62 تفتيشا يحر محضرا بشأنه عليه سواء رضي بذلك أصحاب هذه المنازل التي أخضعت لهذا الإجراء او م يرضوا طالما أنه نفذ وفق ما تقرره المادة 60 من ق م ج التي تنص:
يطبق ما يلي مع مراعاة مقتضيات المادة السابقة:
أولا: إذا كان التفتيش سيجري بمنزل شخص يشتبه في مشاركته في الجريمة، وجب أن يتم التفتيش بحضور هذا الشخص أو ممثله، فإن تعذر ذلك وجب على ضابط الشرطة القضائية أن يستعدي شاهدين لحضور التفتيش من غير الخاضعين لسلطته.
ثانيا: إذا كان التفتيش سيجري بمنزل شخص من الغير يحتمل أن يكون في حيازته مستندات أو أشياء لها علاقة بالأفعال الإجرامية فإنه يجب حضور هذا الشخص لعملية التفتيش و إذا تعذر وجب أن يجري التفتيش طبقا لما جاء في الفقرة السابعة.
تحضر هذا التفتيش في جميع الأحوال امرأة ينتدبها ضابط الشرطة القضائية لتفتيش النساء في الأماكن التي وجدت بها .
فهكذا يتبين من خلال النص الآنف الذكر أن حضور صاحب المنزل عملية التفتيش شخصيا واجبة مراعاتها حقا له سواء كان المنزل للمشبوه فيه المظنون بأن له دور في ارتكاب الجريمة أو لغيره مما لا علاقة له بعناصر الجريمة إطلاقا، فإن لم يتيسر ذلك دعاه ضابط الشرطة لتعيين نائب عنه بدله لحضور العملية أما إن هو امتنع أركان فارا استدعي شاهدين أجنبيين عن الموظفين الذين يعلمون تحت إمرته عملية التفتيش.
و يعتقد الأستاذ عبد الواحد العلمي بأن حالة الغياب لا تدخل في باب الفرار و الامتناع.
و عليه كل هذه ضمانات حتى تتم عملية التفتيش سليمة لا تشوبها شائبة و يترتب على عدم مراعاتها بطلان التفتيش و كذا المحضر المعد بمناسبته.
4- المحافظة على المحجوزات بعد إخضاعها
الغاية من حجز هذه الأشياء هي القيمة الاثباتية فيجعل منها القاضي العنصر الأساسي الذي يعتمده في تحقيقه مع المتهم كما أنه يمهد لمصادرتها متى كانت من الأشياء التي يكون صنعها أو استعمالها او حملها او حيازتها أو بيعها جريمة.
و عليه فإن الغاية من إجراء الحجز، الوصول على الدليل و الإثبات و في هذه الحالة على ضابط الشرطة القضائية القيام بإحصائها فورا و عن تعذر ذلك لأي سبب كان، فإن على الضابط الختم عليها مؤقتا على أن يحين وقت إحصائها و وضع الختم النهائي عليها، و في كلتا الحالتين فإن عليه واجب المحافظة عليها بالكيفية و المناسبة .
5- تحرير محضر بالتفتيش
جاء في مقتضيات الفقرة الخيرة من المادة 59 ق م ج” تتم هذه الإجراءات بحضور الأشخاص الذين حضروا التفتيش و يحرر ضابط الشرطة القضائية محضرا بما قام به من عمليات.
و عليه فبعد انتهاء ضابط الشرطة القضائية من عملية التفتيش يتعين عليه أن يحرر محضرا بالتفتيش يوقعه و يؤرخه و يضيفه على المحضر المكون للبحث التمهيدي التلبسي.
أ- البيانات الخاصة التي يجب تضمينها بمحضر التفتيش و الحجز
1- رأس المحضر و هو يشمل على المصلحة التي يعمل بها ( الشرطة القضائية او امن عمومي).
2- تضمين الساعة و التاريخ بالحروف الذي يجري فيه التفتيش مع تحديد بدايته مع وظيفة ضابط الشرطة القضائية.
3- تحديد الإطار القانوني الذي يري فيه التفتيش مع إمكانية الإشارة إلى ملخص القضية او البحث الذي يجريه ضابط الشرطة القضائية مع إمكانية الإشارة إلى أرقام المساطر المرجعية و مذكرات البحث إذا تعلق المر بشخص مبحوث عنه و كذلك تضمين تعليمات النيابة العامة في حالة إشعارها بمعطيات النازلة مع الإشارة إلى الإذن بالتفتيش إذا تعلق الأمر بتفتيش في حالة البحث التمهيدي.
4- ذكر هويته مختصرة للشخص بالتفتيش لكون هويته الكاملة و الدقيقة سيتم تضمينها بمحضر الاستماع بالاستعانة بعملية التنقيط في الناظمة الآلية للمحفوظات المحلية او الخاصة A.S.P
5- الإشارة إلى التفتيش الوقائي إن تعلق الأمر بعمليات إيقاف مع الإشارة إلى عملية الحجز من المعني بالأمر (مخدرات – أدوات – ارتكاب جريمة…) مع عملية العرض و ذلك بالاعتماد على القاعدة الثلاثية ( التفتيش – العرض – الحجز).
6- رقم الخاتم و ترقيمه إذا تعلق الأمر بمحجوزات و ذلك بالرجوع إلى سجل الختم الموضوع رهن إشارة الضباط في المصلحة.
7- تضمين العنوان بدقة مع محتويات المنزل مع الإشارة إلى الأشخاص الذين حضروا عملية التفتيش (بمحضر المعني بالأمر المتواصل – نائبه – شاهدين يتم استدعاؤهم من طرف الضابط – ممثل النيابة العامة – قاضي التحقيق …)
8- وف الأشياء مع تحديد نوعها و عددها بدقة عند العثور عليها.
9- تصريحات مقتضية للمشبوه بعين المكان و المتعلقة بالأدوات المحجوزة إلى حين تفصيلها في محضر الاستماع الخاص به.
10- يمكن علاوة على طلك الإشارة إلى تعليمات النيابة العامة في حالة إحاطتها بمعطيات النازلة.
11- الإشارة إلى الوقت الذي ينتهي فيه عملية التفتيش و الحجز.
12- توقيع الضابط و جميع الأطراف الذين حضروا عملية التفتيش.

المطلب الثالث: مسؤولية الشرطة القضائية
لقد نظم المشرع المغربي أحكام المسؤولية الجنائية لضباط الشرطة القضائية ضمن الفصول 225- 230 – 446 من مجموعة القانون الجنائي.
و إن ضابط الشرطة القضائية باعتباره موظفا عموميا يبقى مسؤولا أمام القضاء و أمام الجهة الإدارية التي يعمل بها، و تختلف مسؤولية ضابط الشرطة القضائية فقد تكون تأديبية او جنائية أو إدارية او مدنية.
لقد خول قانون المسطرة الجنائية للغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف الحق في الرقابة على أعمال ضباط الشرطة القضائية.

الفقرة الأولى: المسؤولية التأديبية لضباط الشرطة القضائية
تترتب المسؤولية التأديبية عن كل إخلال بواجبات الوظيفة و بما يتطلبه القانون توجيه الملاحظات او التوقيف لمدة لا تتجاوز سنة او التجريد النهائي من مهام الشرطة القضائية.
و قد عالج المشرع المغربي هذا النوع من المسؤولية التأديبية في المواد من 29 إلى 35 من قانون المسطرة الجنائية و هي مسؤولية تترتب عن إخلال مهني و عدم احترام واجبات و التزامات الوظيفة وفق ما يقرره القانون.
و قد تدخل المشرع المغربي بصفة صريحة في الفص 66 من ظهير 24 فبراير 1958 ليحدد مختلف العقوبات التأديبية على سبيل الحصر و هي مرتبة حسب تزايد خطورتها من الإنذار – التوبيخ – الحذف من لائحة الترقي – الاندحار من الطبقة – القهقرة من الرتبة – العزل من غير توقيف حق التقاعد – العزل المصحوب بتوقيف التقاعد.
و تضيف الفقرة الثانية عن نفس الفصل عقوبته لها صبغة خصوصية و هي الحرمان المؤقت من كل أجرة باستثناء التعويضات العائلية و ذلك لمدة لا تتجاوز ستة أشهر و الإحالة الحتمية على التقاعد.
بالإضافة إلى هذه العقوبات العشر المحددة في الفصل 66 نجد أن الفصل 77 يعطي للإدارة الحث في توقيف الموظف حالا كما أنها لا يمكن استقالة الموظف أثناء إجراءات التأديب. و ذلك كإجراء احتياطي حتى لا يتملص الموظف المستقل عن تلك الإجراءات التأديبية .
و بالرجوع إلى القانون المسطرة الجنائية وفق آخر التعديلات 35.11 نجد انه تتم المتابعة بتحريك المسطرة التأديبية و ذلك بعد أن برفع الوكيل العام للملك المخالفة على الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف أو تباشرها تلقائيا عندما تكشف المخالفة أثناء دراستها لملفات التحقيق.
تأمر الغرفة الجنحية بمحكمة الاستئناف بعد إحالة القضية إليها و تقديم الوكيل العام لملك لملتمساته الكتابية بإجراء بحث و تستمتع بعد ذلك لأقوال ضابط الشرطة القضائية المنسوب إليه الإخلال، و جيب أن يتم استدعاؤه للاطلاع على ملفه المفتوح له بالنيابة العامة لمحكمة الاستئناف بصفته ضابط الشرطة القضائية، و يمكنه أن يستعين بمحام يؤازره في الدفاع قبل أن تصدر قرارها .
و يجوز للغرفة الجنحية أن توجه ملاحظات على ضابط الشرطة القضائية او تقرر إما توقيفه مؤقتا عن هذه الوظيفة او فصله نهائيا عنها، و ذلك بصرف النظر عن العقوبات التأديبية التي ينزلها به رؤساء حسب التسلسل الإداري . و يمكن الطعن بالنقض في قرار الصادر عن الغرفة الجنحية وفقا للشروط و الكيفيات العادية.
الفقرة الثانية: المسؤولية الجنائية لضباط الشرطة القضائية
تثار المسؤولية الجنائية عن كل أعمال مخالفة للقانون الجنائي و معاقب عليها بمقتضاه و ذلك خلال قيامهم بمهامهم مما يؤدي إلى إثارة المسؤولية في حقهم.
و قد تطرق المشرع المغربي إلى أنواع الجرائم التي يمكن أن يرتكبها ضابط الشرطة القضائية أثناء ممارستهم لمهامهم و استغلال ن-فوذهم و صفتهم في الجرائم التالية:
شطط الموظفين في استعمال سلطتهم إزاء الأفراد الفصول (224 على 232 من القانون الجنائي) الجرائم المتعلقة بتواطؤ الموظفين (الفصول 233 إلى 236 القانون الجنائي)
الجرائم المتعلقة بتجاوز سلطات الإدارية و القضائية لاختصاصها (الفصول 237 إلى 256 من القانون الجنائي) جريمة الاختلاس و الغدر (الفصول 241 إلى 247 من قانون جنائي)
الجرائم المتعلقة بالرشوة و استغلال النفوذ (الفصول 248 إلى 256 من القانون الجنائي)
الجرائم المتعلقة بالسر المهني المادة (446 من القانون الجنائي)
جرام التزوير (الفصلان 352 و 353 من القانون الجنائي)
الاعتقال التحكمي (الفصل 225 من القانون الجنائي)
هتك حرمة المنزل (الفصل 230 من قانون الجنائي)
استعمال العنف ضد الأشخاص (الفصل 231 من القانون الجنائي)
و بخصوص إجراءات تحريك الدعوى العمومية ضد ضباط الشرطة القضائية تخضع لمسطرة تعرف بقواعد الاختصاص الاستثنائية في المواد 264 إلى 268 من قانون المسطرة الجنائية.
و بعد قراءة هذه المواد يتضح أن المشرع قد ميز بين أصناف ضباط الشرطة القضائية و خصص لكل صنف مسطرة خاصة.
أولا: إذا كان الفعل منسوبا على مستشار لجلالة الملك او عضو من أعضاء الحكومة أو كاتب الدولة أو نائب كاتب الدولة مع مراعاة مقتضيات الباب الثامن من الدستور او قاض بمحكمة النقض او المجلس الأعلى للحسابات أو عضو في المجلس الدستوري أو إلى والي او عامل او رئيس أول لمحكمة الاستئناف عادية أو متخصصة أو وكيل الملك لديها، فإن الغرفة الجنائية بمحكمة النقض تأمر عند الاقتضاء بناءا على ملتمسات الوكيل العام للملك بنفس المحكمة بأن يجري التحقيق في القضية عضوا أو عدة أعضاء من هيأتها.
يجري التحقيق حسب الكيفية المنصوص عليها في القسم الثالث في الكتاب الأول المتعلق بالتحقيق الإعدادي، بعد إنهاء التحقيق يصدر قاضي او قضاة التحقيق حسب الأحوال أمرا قضائيا بعدم المتابعة او بالإحالة إلى الغرفة الجنائية بمحكمة النقض ثبت الغرفة الجنائية بمحكمة النقض في القضية.
يقبل قرار الغرفة الجنائية للاستئناف داخل أجل ثمانية أيام، و ثبت استئناف غرف محكمة النقض مجتمعة باستثناء الغرفة الجنائية التي تبث في القضية .
ثانيا: إذا كان الفعل منسوبا على قاض بمحكمة الاستئناف أو رئيس محكمة ابتدائية عادية او متخصصة أو وكيل الملك بها او قاض بمجلس الجهوي للحسابات، فإن الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض أتن يحيل القضية بملتمس إلى الغرفة الجنائية بالمحكمة المذكورة التي تقرر ما إذا كان الأمر يقضي إجراء تحقيق و في حالة الإيجاب تعين محكمة الاستئناف غير المحكمة التي يباشر في دائرتها المعني بالأمر مهمته.
و ينتدب الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف المعينة لها الغرض قاضيا للتحقيق أو مستشارا بمحكمته لإجراءات البحث في الوقائع موضوع المتابعة، و يجري التحقيق حسب الكيفيات المنصوص عليها في القسم الثالث من الكتاب الأول الخاص بالتحقيق إعدادي يرفع قاضي التحقيق او المستشار المكلف بالتحقيق بمجرد انتهاء البحث الملف إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف ليقدم ملتمساته.
إذا تعلق الأمر بجناية يصدر قاضي التحقيق او المستشار المكلف بالتحقيق أمرا بإحالة القضية إلى غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف.
و إذا تعلق الأمر بجنحة يصدر أمرا بإحالة القضية على غرفة الجنح استئنافية و تكون أوامر قاضي التحقيق او المستشار المكلف بالتحقيق قابلة للطعن .
ثالثا: أما في حالة إذا كان الفعل منسوبا على قاض بمحكمة ابتدائية عادية او متخصصة فإن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف أن يحيل القضية بملتمس إلى الرئيس الأول لهذه المحكمة يقرر ما إذا كان الأمر يقتضي إجراء بحث و في حالة الإيجاب يعهد إلى قاضي التحقيق إلى مستشار بمحكمته يكلفه بالتحقيق بإجراء البحث في الوقائع موضوع المتابعة .

الفقرة الثالثة: المسؤولية المدنية لضباط الشرطة القضائية
يتحمل ضباط الشرطة القضائية سواء كانوا ضباط سامين او عاديين او أعوان لها فقط أو حتى مجرد موظفين أناط بهم القانون بعض مهام الشرطة القضائية بحيث يكونون مسؤولون مسؤولية مدنية عن الأشرار التي يلحقونها بالغير أثناء مزاولتهم لمهامهم طبقا للقواعد العامة.
و هذه المسؤولية تبقى قائمة إذا سببت أعمالهم أضرار للغير و تلزمهم بالتعويض سواء كان ذلك أمام المحاكم المدنية العادية أو أمام المحاكم الزجرية إذا كان الضرر الناتج عن الجريمة قابلا للتعويض أمام المحكمة الزجرية.
و ير ى بعض الفقه في هذه الحالة إدخال الدولة في الدعوى تبعا للمادة 514 من قانون المسطرة المدنية شريطة عدم ارتكاب الموظف الخطأ خارج نطاق مزاولته مهامه و المحكمة المختصة بالنظر في التعويض و تقديره هي المحكمة المدنية، إلا في حالة إذا كان الضرر ناتج عنة جريمة ارتكبها رجل الضابطة القضائية بحيث يكون للمتضرر في هذه الحالة الحق في إقامة الدعوى المدنية التابعة للدعوى العمومية. و في هذا الإطار نصت المادة 10 من قانون المسطرة الجنائية إلى أنه يمكن إقامة الدعوى المدنية منفصلة عن الدعوى العمومية لدى المحكمة المدنية المختصة.
و بهذا يتضح أن المشرع منح المتضرر الخيار في التقدم بمطالبه المدنية أمام القضاء الزجري و ذلك في إطار ما يسمى بالدعوى المدنية التابعة و إما أن يتقدم بها أمام القضاء المدني في إطار أحكام المسؤولية التقصيرية التي يؤطرها الفصلين 79 و 80 من قانون الالتزامات و العقود.

المطلب الرابع: تنفيذ الوقاية القضائية
يقصد بالإنابة القضائية هي أن تقوم الشرطة القضائية بأعمال التحقيق الإعدادي او نهائي بواسطة انتدابه من طرف قاضي التحقيق او المحكمة و ذلك إلى جانب البحث التمهيدي الذي تقوم به و هذه الصلاحيات التي يخولها قاضي التحقيق للشرطة القضائية تجد أساسا في المادة 189 من قانون المسطرة الجنائية وفق آخر التعديلات 35.11 ” يمكن لقاضي التحقيق أن يطالب بواسطة إنابة قضائية من أي قاض آخر للتحقيق، او أي ضابط من ضباط الشرطة القضائية الموجودة في نفس دائرة محكمته للقيام بإجراء ما يراه لازما من “أعمال التحقيق في الأماكن خاضعة لنفوذ كل واحد منهم. و يمكنه أن يعهد بتنفيذ الإنابة خارج دائرة نفوذ محكمته لأي قاض آخر من قضاة التحقيق أو قضاة الحكم، و عن القاضي المنتدب استعار النيابة العامة إلى تنفيذ الإنابة في دائرة نفوذها.
و يشار في الإنابة القضائية إلى نوع الجريمة موضوع المتابعة، و يؤرخها القاضي الصادر عنه ثم يوقعها و يضع طابعه عليها.
و لا يمكن أن يأمر في الإنابة القضائية سوى بإجراءات التحقيق… بمباشرة الجريمة المشار إليها في المتابعة.
و يحدد قاضي التحقيق الأجل الذي يجب أن يوجه غليه خلاله ضابط الشرطة القضائية المحاضر التي يحررها، فإن لم يحدد ذلك الأجل توجه إليه المحاضر في ظرف ثمانية أيام الموالية ليوم نهائية العمليات المنجزة بموجب الإنابة القضائية”.
و يلاحظ أن الإنابة القضائية بواسطتها يقوم قاضي التحقيق بتكليف أحد ضباط الشرطة القضائية القيام بالتحقيق الإعدادي عندما يكون أما كثرة الأشغال الملقاة على عاتقه.
و قد نصت المادة 86 من قانون المسطرة الجنائية على أنه إذا تعذر على قاضي التحقيق أن يقوم شخصيا ببعض الإجراءات التحقيق جاز له بصفة استثنائية أن يكلف بإنابة قضائية ضابط الشرطة القضائية لتنفيذ هذه الإجراءات ضمن الشروط، و مع مراعاة التحفظات المنصوص عليها في المواد 189 و 190 193 و بعده.
و ينبغي تحديد نطاق و شروط صحة الإنابة القضائية:

 الفقرة الأولى: نطاق الإنابة القضائية
1- الإنابة القضائية لا يمكن أن تتم إلا في إجراء من إجراءات التحقيق التي تكون صادرة عن قاضي التحقيق في صك الإنابة لضابط الشرطة القضائية او احد القضاة.
و تكون هذه الإنابة في جزء من الأعمال الملقاة على عاتق قاضي التحقيق و ليس بأكملها، لأن الإنابة هي مجرد استثناء لا يجوز أن يتحول إلى قاعدة يفوت بها قاضي التحقيق اختصاصاته، لأن ذلك سيؤدي إلى نقل التحقيق الإعدادي برمته إلى جهة لم يكلفها المشرع أصلا القيام بهذا التحقيق.
2- ضابط الشرطة القضائية هو الذي يتلقى الإنابة القضائية من قبل قاضي التحقيق للقيام بإجراء منعين، و هذا يصبح متمتعا بجميع السلطات المحولة لقاضي التحقيق.
إلا انه استثناء قد يحرم من هذه السلطات قبل أنه ليس له الحق في استجواب المتهم و مواجهته مع غيره، كما لا يستطيع تفتيش النازل قبل السادسة صباحا و بعد التاسعة ليلا إذا تم ابتداء به لتفتيش منزل، لأن الفقرة الأولى من المادة 102 من قانون المسطرة الجنائية تخول ذلك لقاضي التحقيق شخصيا إلا في حالة الاستعجال بحيث أنه يحق لقاضي التحقيق أن ينتدب ضباطا من ضباط الشرطة القضائية لإجراء هذا التفتيش أو إذا تعلق الأمر بجريمة إرهابية.
– في حالة إذا تم انتداب ضابط الشرطة القضائية للقيام بإجراءات التحقيق عليه أن يلتزم بالشكليات و الأحكام التي يتقيد بها قاضي التحقيق نفسه.
في حالة إذا لجأ قاضي التحقيق إلى طلب المساعدة من ضابط الشرطة القضائية او غيره من الإجراءات المتعلقة بالتحقيق الإعدادي و ذلك بعد الترخيص له بذلك، فإنه لا يجوز لمن فوض إليه القيام بمهام ذات صلاحية قضائية و ذلك كإصدار الأمر بالاعتقال الاحتياطي أو التمتيع بالسراح المؤقت أو الإحالة على المحكمة المختصة إلى غيره من الأوامر أو القرارات ذات طبيعة قضائية، لأن هذه الأوامر لا تصدر إلا عن قاضي التحقيق باعتباره الجهة التي خول لها القانون صلاحية التحقيق.
و في حالة إذا تطلب الأمر اتخاذ قرار بشأن ما سبق ذكره أي أن تكون له ذات طبيعة قضائية.

الفقرة الثانية: شروط صحة الإنابة القضائية
تصدر الإنابة القضائية لضابط الشرطة القضائية او لقضاة الحكم أو التحقيق من قاضي التحقيق المختص بإجراء التحقيق الإعدادي في وقائع إجرامية بناءا على التماس مقدم من طرف النيابة العامة إليه بإجراء التحقيق فيها، أي في حالة إذا قام قاضي التحقيق بمباشرة التحقيق في الجريمة و ذلك بدون التماس تقدمت به النيابة العامة مسبقا فإنه يكون باطلا أي التحقيق الذي يباشره.
يجب أن يكون أمر الصادر من قبل قاضي التحقيق من أجل الإنابة يشترط ن يكون مكتوبا و يشار فيه إلى الواقعة الإجرامية موضوع المتابعة، و يجب أن تؤرخ الإنابة بالتاريخ الذي صدرت فيه و يمضيها قاضي التحقيق ثم يضع طابعه عليها، و إذا كان المشرع لم يتطرق في المادة 189 من قانون المسطرة الجنائية على وجوب ذكر اسم قاض التحقيق المصدر للإنابة.
و يشترط كذلك أن يكون ضابط الشرطة القضائية المكلف بالإنابة القضائية مختصا بتنفيذها بحيث يجب أن يكون ضابطا للشرطة القضائية و أن يكون منصبا في الدارئة القضائية التي يشملها نفوذ المحكمة التي ينتمي إليها قاضي التحقيق المنيب .


قائمة المراجع المعتمدة في البحث:

 قائمة المراجع بالفرنسية:

 GULNCHARD (serge) et BUISSON (Jacques), procédure pénale, Paris, litée, 2ème éd, 2002.
 Rassat (dlci chele-loure) traité de procédure pénale, paris, puf 1ère éd 2001.
 Mohamed Amine BEN ABDEALLAH la police administrative dans les systèmes juridiques marocain.
 Gaston stefani, Georges le rasseur, Bernard Bouloc, procédure pénale, 19 Edition dalloz-Delta 1996.

 قائمة المراجع بالعربية:
 عصام المدني، عميد الشرطة، أستاذ مادة الشرطة القضائية بالمعهد الملكي للشرطة، مرشد الشرطة القضائية في أساليب البحث التحري و طرق الاستدلال الجنائي.
 الدكتور عبد الحميد الشواربي، إذن التفتيش في ضوء القضاء و الفقه منشأة المعارف بالإسكندرية.
 ميشال روسي و من معه – القانون الإداري المغربي، الطبعة العربية الأولى، المطبعة الملكية 1988.
 الدكتور عبد الواحد العلمي – شروح في القانون الجديد المتعلق بالمسطرة الجنائية، الطبعة الرابعة 1435 -2014، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء.
 لطيفة الداودي- دراسة بين قانون المسطرة الجنائية وفق آخر التعديلات- الطبعة السادسة 2016، المطبعة و الوراقة الوطنية.
 أحمد الخمليشي – شرح قانون المسطرة الجنائية، الجزء الأول، نشر و توزيع مكتبة المعارف.
 حسن البوعيسى – مؤلف عمل الضابطة القضائية بالمغرب دراسة نظرية و تسبيقية.
 . لحسن هودايا: الحراسة النظرية من التشريع و الاجتهاد القضائي، مطبعة دار السلام، مجلة الأمن الوطني.
 الأستاذ محمد السفريوي: الجديد في الحراسة النظرية الوطنية، عدد 225، ص 12.
 عبد القادر باينة – مؤلف الموظفون العموميون، القسم المتعلق بالردع التأديبي الذي يخضع له الموظف العمومي المخل بالالتزامات المهنية كإحدى الركائز الأساسية في الوظيفة العمومية، مطبعة دار البرتقال للنشر.
 الدكتورة السعدية المجيدي، كتاب الشرح العلمي لقانون المسطرة الجنائية ، الطبعة الثالثة، 2017، توزيع مكتبة المعرفة، مراكش.
 مقال تحت عنوان الشرطة القضائية و مهامها للعميد الممتاز معادي التهامي (منشور بمجلة الأمن الوطني) العدد 115 ص 9.


التصميم المعتمد في البحث:

مقدمة
الفصل الأول: بنية و جهاز الشرطة القضائية و صلاحياتها خلال البحث التمهيدي العادي
تمهيد:
المبحث الأول: تعريف و بينة جهاز الشرطة القضائية
المطلب الأول: تمييز الشرطة القضائية عن الشرطة الإدارية
المطلب الثاني: تعريف الشرطة القضائية
المبحث الثاني: صلاحيات الشرطة القضائية خلال البحث التمهيدي العادي
المطلب الأول: تلقي الشكايات و الوشايات
الفقرة الأولى: الشكايات
الفقرة الثانية: الوشايات
أ: الوشاية الواجبة
ب: الوشاية الكاذبة
المطلب الثاني: الأبحاث التمهيدية العادية
الفقرة الأولى: الاستماع إلى الضحية
الفقرة الثانية: الاستماع إلى الشهود
الفقرة الثالثة: الاستماع إلى الظنين
الفقرة الرابعة: التحريات
المطلب الثالث: تضمين العمليات المنجزة من قل الضابطة القضائية في محاضر البحث
الفقرة الأولى: الشروط الشكلية للمحضر
الفقرة الثانية: الشروط الجوهرية للمحضر
الفصل الثاني: البحث التمهيدي بمناسبة التلبس بالجريمة و مسؤولية ضباط الشرطة القضائية
المبحث الأول: ماهية التلبس بالجريمة و أحواله و شروطه
المطلب الأول: أحوال التلبس
الفقرة الأولى: حالة إنجاز الفعل الإجرامي أو على إثر إنجازه
الفقرة الثانية: الحالة التي يكون فيها الجاني لازال مطاردا بصياح الجمهور
الفقرة الثالثة: الحالة التي يضبط فيهل الجاني حاملا أسلحة أو أياء او أمارات دالة على الجريمة
الفقرة الرابعة: حالة التماس مالك المنزل أو ساكنه من النيابة العامة أو ضابط الشرطة القضائية معاينة جريمة وقعت بداخله
المطلب الثاني: شروط قيام التلبس بالجريمة
الفقرة الأولى: أن يضبط وضعية لبس ضابط الشرطة القضائية
الفقرة الثانية: أن يكون ضابط الشرطة القضائية في وضعية قانونية مشروعة
المبحث الثاني: صلاحيات ضباط الشرطة في حالة البحث التمهيدي التلبسي
المطلب الأول: الإجراءات الخاصة بحالة التلبس
الفقرة الأولى: الحضور الفوري إلى مكان وقوع الجريمة
الفقرة الثانية: توقيف الأشخاص و منعهم من مغادرة مكان الجريمة و التحقق من الهوية
الفقرة الثالثة: حجز الأشياء و الأدوات التي لها علاقة بالجريمة
الفقرة الرابعة: إجراء المشاهدات بواسطة أهل الخبرة
الفقرة الخامسة: تحرير المحاضر و توقيع كل ورقة منها
الفقرة السادسة: ممارسة الضباط السامين لأعمال البحث
الفقرة السابعة: فتح التحقيق الإعدادي في نفس مكان ارتكاب الجريمة
الفقرة الثامنة: ضبط الجاني و سوقه إلى أقرب ضابط
المطلب الثاني: الوضع تحت الحراسة و تفتيش المنازل
الفقرة الأولى: الوضع تحت الحراسة النظرية
أولا: شروط الوضع تحت الحراسة النظرية
الفقرة الثانية: تفتيش المنازل
أولا: تعريف المنازل
ثانيا: شروط و شكليات تفتيش المنازل
المطلب الثالث: مسؤولية ضباط الشرطة القضائية
الفقرة الأولى: المسؤولية التأديبية لضباط الشرطة القضائية
الفقرة الثانية: المسؤولية الجنائية لضباط الشرطة القضائية
الفقرة الثالثة: المسؤولية المدنية لضباط الشرطة القضائية
المطلب الرابع: تنفيذ لإنابة القضائية
الفقرة الأولى: نطاق الإنابة القضائية
الفقرة الثانية: شروط صحة الإنابة القضائية
لائحة المراجع
الفهرس

 

قد يعجبك ايضا