الأحكام العامة المنظمة “لحادثة الطريق” من وجهة نظر القانون المغربي

 

إنجاز الطالب الجامعي “محمد السراج“، وتوضيب فريق عمل موقع “المعلومة القانونية“.

سعى الإنسان إلى حماية نفسه ووقايتها منذ القدم، وما الوصول إلى فكرة تحقيق المصلحة الإجتماعية، ضد المخاطر والحوادث المهنية التي قد تجعله ينتقل من حالة فرح إلى حالة بؤس، مما أصبح معها في حاجة إلى الإعانة الإجتماعية، مواكبة لمتطلبات المعيشة، إلا مظهر قانوني يعكس الرغبة في توفير حماية للأفراد إجتماعيا وإقتصاديا، في ظل التطور الذي عرفه القانون الإجتماعي في النسق الدولي.

وبالنظر لما تخلفه حوادث الطريق من ضحايا وإصابات بليغة في يومنا الحالي، وخاصة تلك التي تقع للأجراء، أثناء ذهابهم للعمل أو إيابهم منه، مما حدى بمختلف التشريعات المعاصرة لأن تهتم بهاته الفئة التي هي أولى بالحماية، نظرا لضعف مركزها القانوني، وكذى حفاظا على الإستقرار الإجتماعي.

ولعل المشرع المغربي قد أولى حماية الأجراء على غرار مختلف التشريعات أهمية خاصة، وإن كان ذلك جد متأخر بالمقارنة، وذلك من خلال ظهير  25ـ10ـ1947، الذي ألحقها في كل حوادث الشغل والأمراض المهنية، سواء من حيث الإثبات، أو من حيث إجراءات التصريح بها، أو من حيث التعويض.

فما هو تعريف حادثة الطريق؟ وأين يتجلى الأساس القانوني لها؟ وما هي شروط قيامها؟ وكيف يمكن إثباتها؟ كل ذلك سيتم التعرف عليه من خلال هاته الإطلالة على ضوء مقتضيات مدونة الشغل المغربية؟

أولا: مفهوم حادثة الطريق

من خلال التعريفات التي خصها الفقه المغربي والمقارن، يمكن القول أن حادثة الطريق هي تلك الحادثة التي تصيب الأجير خلال مسافة الذهاب أو الإياب بين الأماكن المرتبطة بالشغل، وتمس جسمه بشكل مباغث، في الفترات الكافية لتنقله بين الشغل، أو بين تلك الأماكن التي تعتبر محلا للشغل في طريقه إلى محل سكناه، أو طريقه من هذا الأخير إلى الأماكن المرتبطة بالشغل، إلا في الأحوال الإستثنائية، ودون أن يكون الحادث سببه الخطأ العمدي، أو الخطأ غير المقبول.

ثانيا: الشروط القانونية التي يجب تحققها لقيام حادثة الطريق في القانون المغربي

إنطلاقا من التعريف الذي سبق التطرق له، “بأنه يجب أن يقع الحادث في الطريق من المنزل إلى محل العمل أو بين أماكن العمل”، يمكن أن نستخلص أن حادثة الطريق، تقوم على أربعة شروط أساسية، يمكن إبرازها كالتالي:

فيما يخص محل العمل، يلاحظ بأن المشرع ربطها بمحل العمل الأصلية والثانوية كذلك.

أما فيما يخص محل إقامة الأجير، وحيث وقع نقاش فقهي حول إمكانية أن يشمل كذلك مرافق العمل الثانوية، أمام غياب نص صريح من التشريع والقضاء، لذلك إنقسم الفقه بين مؤيد ومعارض  لنظريتين، الأولى توسع من محل السكنى المعتبرة في حكم القانون إلى الأماكن الثانوية للأجير، ومنهم من يضيق من نطاق محل سكنى الأجير في حدود مسكنه الأصلي، وأيضا كانت من بين الآراء الفقهية ما عبر عنه مثلا “د. محمد العروصي” الذي يرى بأنه يجب الإعتراف بإمكانية إعتبار محل السكن الثانوي للأجير محلا رئيسيا له، قصد إستفادته من التعويض عن حادثة الطريق، في حين يجب تخويل قاضي الموضوع سلطة تقديرية واسعة، لتقدير ذلك، وفقا لظروف كل واقعة على حدة، وأنه لا يصح تقييد قاضي الموضوع بأي من هاتين المدرستين لتقرير قيام الحادث، وهاته النظرية يمكن إعتبارها توفيقية بين النظريتين السابقتين.

شرط عدم الإنحراف أو الإنقطاع، هذا الشرط الذي يبدوا من وجهة نظر مجموعة من الفقه المغربي، بأنه يقف حائلا دون إستفادة الأجير من الحماية المنصوص عليها.

4ـ يجب أن يتقيد الأجير في تنقله بالوقت العادي، رغم أن القانون المغربي لم يتطرق لهذا الزمن بكيفية صريحة، لكن هنالك من الفقه من إعتبر سكوت المشرع المغربي فيه حكمة، حيث ترك للإجتهاد القضائي مهمة تحديد الزمن القانوني بناءا على وقائع كل نازلة، وذلك وفقا للظروف المحيطة بها بحسب كل حالة، وذلك راجع لتباين زمن التنقل بين الأشخاص والوسائل المعتمدة في ذلك.

ثانيا: الأساس القانوني لحادثة الطريق من وجهة نظر القانون المغربي

من الملاحظ أن المشرع المغربي قد مدد نطاق الحماية لتشمل حوادث الطريق، وذلك إقتداءا بالمشرع الفرنسي، هذا الأخير الذي رغم أنه نص على ذلك، إلا أنه لم ذلك التنصيص لم يكن بالشكل المطلوب الذي يلم بمختلف الجوانب، الشئ الذي أثار إختلاف الفقه الفرنسي على تفسير إرادة المشرع، حيث هنالك فريق منهم يستند على معيار التبعية القانونية التي من شأنها توسيع نطاق حوادث الطريق، ومنهم من إرتكن إلى تفسير الإرادة الصريحة للمشرع بنظرة ضيقة، والتي تحدد هذا النطاق فقط على مستوى الأماكن التي حددها المشرع.

ثالثا: إثبات حادثة الطريق طبقا لأحكام ومقتضيات القانون المغربي

بحكم أن حادثة الطريق تماثل وضعيتها، حادثة الشغل – الإستفادة من قاعدة الإسناد- التي لا تتطلب إثبات الضرر الذي لحق بالأجير، وعلاقة السببية التي تربط بينه وبين الحادثة، كما هو معمول في إطار حوادث السير في مجال المسؤولية التقصيرية، حيث أن “حادثة الطريق” في مجال التشغيل تخضع لنفس الأحكام المتعلقة بحادثة الشغل.

مع ذلك لا يكون الإثبات في “حوادث الطريق” بالأمر السهل، بل يعد من أعوص المسائل التي تطرحها حادثة الطريق على عاتق الأجير أو ووكيله القانوني، سيما في حالة إنحرافه عن طريق المعتاد عن العمل.

في الأخير تجدر اللإشارة، إلى أن التطبيق العملي لقاعدة الإسناد على إطلاقها، من شأنه أن يؤدي حسب مجموعة من الفقه إلى فتح باب المغالات والتأويل، لأن الأجير خلال هاته الحالة يكون حر في تنقله قبل إلتحاقه بالشغل، أو بعد مغادرته له، ولهذا يتعين على الأجير إثبات الحادثة إما بواسطة محضر معاينة من لدن عون الدرك الملكي أو الأمن الوطني، المثبت للحالة من خلال المصالح الطبيعية في حالة الإستعجال، أو شهادة الشهود.

 

ترقبوا مزيدا من المواضيع ذات الصلة، وخاصة في قانون الشغل من قبيل الأحكام المنظمة لكل من “المرض المهني” وكذى “حادث الشغل”، وذلك من وجهة نظر القانون المغربي والمقارن، على نفس موقعكم “المعلومة القانونية”

فقط واصلوا دعمكم لنا عبر مشاركة هذا الموضوع للإفادة والإستفادة، كما يمكنكم المساهمة معنا في النشر.

مع تحيات الطالب الجامعي “محمد السراج” وكل أعضاء فريق عمل موقع”المعلومة القانونية

 

قد يعجبك ايضا