مدخل لدراسة علم الإجرام
إنجاز “محمد سعيد”، طالب جامعي، وتوضيب فريق عمل موقع “المعلومة القانونية”
1_ تعريف علم الإجرام:
يُعرّف علم الإجرام بأنه ذالك العلم الذي يهتم بدراسة الظاهرة الإجرامية من خلال البحث في طبيعة الجريمة وأسبابها وكذلك من خلل البحث في شخصية المجرم وصفاته، وكل ذالك بغية التمكن من اعتماد أنجع الأساليب بشأن مكافحة الجريمة.
2 _ فروع علم الإجرام:
أ _ علم الإنطروبولوجيا الجنائية:
ويسمى كذالك بعلم الطبائع الإجرامية أو علم طبائع المجرم، وهو ذالك العلم الذي يهتم بدراسة المظاهر العضوية والنفسية للمجرمين سواء منها ما تعلق بخصائصهم البدنية الظاهرة أو بأجهزة جسمهم الداخلية أو بغرائزهم أو بعواطفهم.
ب_ علم النفس الجنائي:
وهو علم يهتم بدراسة العوامل النفسية بخصوص الانحراف الإجرامي.
ج_ علم الإجتماع الجنائي:
وهو علم يهتم بدراسة الجريمة كظاهرة في حياة الجماعة من خلال جملة الظروف التي تحيط بها سواء كانت ظروفا طبيعية (جغرافية، مناخية …) أو اقتصادية أو مهنية أو عمرانية أو تعليمية … وبيان أثر تلك الظروف على ظاهرة الجريمة . وبعبارة أخرى يمكن اعتبار علم الإجتماع الجنائي بأنه ذالك العلم الذي يبحث في الظاهرة الإجرامية إنطلاقا من إبراز دور العامل الإجتماعى فيها.
د_ علم الحياة الجنائي:
يقصد به ذالك العلم الذى يدرس كيفية عمل الأعضاء وطبيعتها في التأثير على السلوك الإجرامى وكذا الإفرازات الغددية وتأثيرها على الجهاز العصبي والعقلي للإنسان ، إضافة إلى الوراثة وما تعكسه من سلوك بصفة عامة وتحديدا السلوك الإجرامي.
وهذاالعلم هو علم قريب من علم الإنطروبولوجيا الجنائية حيث يعتمد هذا الأخير بدراسة الشكل الخارجي للمجرم إضافة إلى التكوين العضوي للمجرم في حين أن علم الحياة الجنائي يهتم فقط بدراسة التكوين العضوي دون الشكل الخارجي لشخص المجرم.
ه_ علم الإحصاء الجنائي:
هذا العلم يهتم بإبراز منحى تطور الجريمة إنطلاقا من تقديم معطيات إحصائية ومعلومات رقمية تتعلق بالظاهرة الإجرامية وذالك بغية الإستعانة بها في وضع سياسة جنائية ملائمة ومناسبة.
3_ علاقة علم الإجرام بالقانون الجنائي:
القانون الجنائي كما هو معلوم هو ذالك القانون الذي في إطاره تُحدد القواعد التي من خلالها تحدد مبادئ التجريم وتحدد الأفعال المكوِّنة لكل جريمة على حدة وكذالك القواعد التي تحدد العقوبات المقررة لكل جريمة على حدة، أما علم الإجرام كما سبق وعرفناه فهو يهتم بالظاهرة الإجرامية وبشخصية المجرم على النحو الذى سبقت الإشارة إليه.
أما علاقة علم الإجرام بالقانون الجنائي فتكمن في أن هذا الأخير يستمد فعاليته انطلاقا من المعطيات التي يتم التوصل إليها في إطار علم الإجرام، وبالتالي فعلم الإجرام يدعم القانون الجنائي بالحقائق العلمية ويعد بذالك مكملا للقانون الجنائي.
فالعدالة الجنائية بدون علم الإجرام هي عدالة عمياء، والعدالة الاجتماعية بدون قانون جنائي هي عدالة عرجاء.
4_ علاقة علم الإجرام بعلم العقاب:
يقصد بعلم العقاب ذالك العلم الذي يبحث في أساليب تنفيذ العقوبات والتدابير الوقائية بما يكفل للجزاء الجنائي تحقيق الأهداف المتوخاة منه.
ويلتقي علم العقاب مع علم الإجرام في أنهما يهدفان إلى التصدي للظاهرة الإجرامية ، إلا أن علم الإجرام يركز في دراسته على الجريمة نفسها في حين يركز علم العقاب على العقاب والجزاء الجنائي أي أنه تتم دراسة العقوبة من حيث طبيعتها ومن حيث فعاليتها وكيفية تناسبها مع الجريمة لتؤدى دورها الزجري المنوط بها.
5_ علاقة علم الإجرام بعلم السياسة الجنائية:
علم السياسة الجنائية هو ذالك العلم الذي يهتم بوضع وتحديد الخطة العامة لمواجهة الظاهرة الإجرامية بما تتضمنه تلك الخطة من وسائل تشريعية متمثلة في القانون الجنائي بشقيه وبقواعد المسطرة الجنائية وقضائية عن طريق وضع مؤسسات قضائية مختصة في البت في مختلف الجرائم ،وعلمية وذالك في إطار علم الإجرام، وأمنية متمثلة في الشرطة والشرطة القضائية والعلمية ومختلف الأجهزة الأمنية المتدخلة في التصدي للظاهرة الإجرامية.
وتكمن العلاقة بين العلمين في كون علم الإجرام يعطى للسياسة الجنائية الأفكار والمعطيات العلمية اللازمة لدعم السياسة الجنائية.
6_ مفهوم المجرم في إطار علم الإجرام:
مفهوم المجرم في إطار علم الإجرام يختلف تمام الاختلاف عنه في إطار القانون الجنائي، فالمجرم في ضل علم الإجرام هو كل من ارتكب جريمة بغض النظر عن كونه سويا أو غير سوي وبغض النظر عن كون تلك الجريمة قد وصلت إلى علم العدالة الجنائية أم لم تصل وبغض النظر كذالك عن عمر المجرم وغيرها من الظروف المحيطة بالجريمة، إذن فعلم الإجرام ينظر إلى المجرم بغض النظر عن ظروفه وعن شخصيته وعن الأسباب التي تؤثر في الجزاء الجنائي.
7_ مفهوم الجريمة في إطار علم الإجرام:
إذا كان مفهوم الجريمة في إطار القانون الجنائي هو كل عمل أو امتناع عن عمل مخالف للقانون الجنائي ومعاقب عليه بمقتضاه، فإن مفهوم الجريمة في إطار علم الإجرام ينبني على فكرة الانحراف، إذ يعتبر كل فعل جريمةْ عندما يرتكبه شخص منحرف وغير سوي اجتماعيا وبالتالي فعلم الإجرام يرى أن الجريمة تسبق القانون الجنائي حيث يعتبر الفعل المرتكب جريمة حتى قبل تدخل المشرع لاعتباره جريمة ومن تم فالجريمة في إطار علم الإجرام هو أقرب مايمكن إلى مفهوم الانحراف ويبتعد عن مفهوم الجريمة في إطار القانون الجنائي.
وينظر كذالك إلى الجريمة في إطار علم الإجرام كحقيقة واقعية وكسلوك سابق على تدخل المشرع بغرض تجريمه كما ينظر إليها بعيدا عن العوامل القانونية المؤثرة فيها.