الطرق المتصورة في التدليس على التعاقد، في ضوء القانون المغربي

ينص الفصل 52 من قانون الإلتزامات والعقود المغربي، إلى أن العقد الذي ينشأ بالتدليس، يكون قابلا للإبطال، متى توفرت فيه مجموعة من الشروط، التي من أهمها، أنه يجب أن يكون المدلس قد إستعمل طرق إحتيال قصد إيقاع الطرف الآخر في الغلط المؤثر على التعاقد، طبقا لما ينص عليه ذات الفصل ق.ل.ع المغربي، بحيث يجب على كل من يدعي بسقوطه ضحية للتعاقد بالتدليس، أن يثبت وجود إستعمال وسيلة الإحتيال في التعاقد، أولا وقبل كل شيء، بحيث يجب أن تكون هي السبب التي كانت الدافع إلى التعاقد، والتي لولاها لما إنعقد البيع، وذلك بغض النظر هل كان البائع حسن أو سئ النية وقت التعاقد، أي هل كان يعلم أم لم يكن يعلم، بإستعماله التدليس للتعاقد، من عدمه نتيجة خطأ وقع فيه.

أما بخصوص الوسائل والطرق المتصورة قانونيا، التي يمكن إستعمالها للتدليس، كما يطلق عليها بالطرق الإحتيالية، التي يدخل في حكمها وسائل التضليل والإحتيال، ومثالها تقديم شهادة مزورة توهم بجودة السلعة المراد بيعها، أو غيرها.

وقد أشار المشرع المغربي ضمن نفس الفصل 52 من ق.ل.ع المغربي، إلى وسيلتين للتدليس، وهما: الحيل والكتمان، كنموذجين لتحقق صورة التدليس، فبالنسبة للكتمان، الأصل فيه أنه لا يعتبر تدليسا، لأن سكوت أحد طرفي التعاقد وعدم إفصاحه عن العيوب الموجودة في الشئ المبيع، لا يعتبر تدليسا على الطرف الآخر، إذ المفروض على هذا الأخير أن يتدبر هذا الأخير الموضوع، كما يجب عليه أن يحرص على مصلحته، فيدرس الصفقة والسلعة المراد شراؤها من كل النواحي التقنية والفنية، ولكن الكتمان يكون تدليسا كإستثناء عن القاعدة العامة السالفة الذكر، متى صاحبته ظروف تقتضي النزاهة في التعامل، كما في حالة التأمين على الحياة، عندما يكتم المؤمن له كونه مريضا بمرض لا يرجى فيه شفائه، أو كتمان صاحب المنزل المباع، الذي قد شرع في نزع ملكيته من أجل المصلحة العامة على سبيل المثال.

وفي هذا الصدد تساءل مجموعة من الفقه المغربي، عن الكذب الذي يعد أحيانا أخطر من الكتمان، بصفته عمل إيجابي من شأنه أن يخول للمدلس إمكانية تلفيف الحقيقة بإدعاءات وهمية، وحيث إعتبر هذا الفقه بإنه من غير السليم منطقيا، ألا يكون الكذب المؤثر على التعاقد سببا لتقرير الإبطال، مثلا حالة إدلاء شخص ببيانات كاذبة لشركة التأمين، قصد إخفاء مدى الإخطار التي تتعرض لها الشركة، لكن ذلك الفقه إختلف في تحديد نوع الكذب الذي يمكن أن يدخل في نطاق التدليس، هل هو الكذب المألوف الذي يسمح فيه عادة وعرفا، كالكذب الذي يلجأ إليه التجار بغرض ترويج بضاعة جديدة في السوق، أم الكذب الغير مألوف من أجل النحفيز على التعاقد.

كما يجب أن تقترن صورة التدليس، بسوء النية في التضليل على التعاقد، التي تتجلى في إنصراف نية المدلس في تضليل الطرف الآخر والتغرير به، حيث أنه إذا لم يوجد هذا القصد فإن التدليس ينتفي، مثلا مبالغة التاجر في وصف بضاعته، وإنتحال لها أحسن الأوصاف لا يعد تدليسا، لأن ذلك جاء بنية الترويج لبضاعته في السوق، على غرار السلع الأخرى المتقاربة لها في الجودة والقيمة.

لكن نية التضليل قد يعتد بها إذا كانت تهدف إلى تحقيق غرض غير مشروع، أما إذا كانت تهدف إلى تحقيق غرض مشروع، فإن الأمر في هاته الحالة لا يعد تدليسا، كما إذا إنتحل البائع صفة خبير، أو رجل قوي النفوذ حتى يحمل المشتري على تنفيد العقد.

من إعداد أحمد ظريف طالب جامعي، وتوضيب من قديري المكي الخلافة مدير موقع المعلومة القانونية

 

قد يعجبك ايضا