المعايير المعتمدة للتمييز بين الأحكام القضائية عن القرارات والأوامر الولائية

توظيب قديري المكي طالب جامعي.

تعرف القرارات والأوامر الولائية بكونها القرارات الصادرة عن مختلف المحاكم المغربية، وذلك بناءا على طلب من الأشخاص، ودون وجود نزاع قائم بين الخصوم، أو دون مراعات شكليات وشروط إصدار الأحكام، وتنضوي هاته القرارات ضمن إطار الوظيفة الولائية التي تقوم بها المحاكم على أعمال القانون، ورفع كل العقبات التي تحول دون تطبيقه وسريانه، بغاية رفع الغموض بين الأحكام والأوامر الولائية.

ومن أجل إستجلاء أهم المعايير المعتمدة للتمييز  بين الأحكام القضائية عن غيرها من القرارات والأوامر  الولائية، يمكن تسجيل ما وقع في شأن ذلك من خلاف فقهي، بين من تبنى معيارا شكليا في ذلك، ومن تبنى معيارا آخر موضوعيا لذلك.

وعليه، سنحاول طرح والإجابة حول هاته الإشكالات الفرعية التالية:

كيف إستند الفقه على هذين المعيارين لبسط ذلك التمييز؟ وإلى أي حد يمكن التسليم بالمعايير المعتمدة في هذا التمييز؟

ذهب بعض الفقه إلى إعتماد المعيار الشكلي كضابط جوهري لبناء تمييز واضح بين الأحكام والقرارات الولائية، وذلك راجع بالأساس إلى طبيعة الإجراءات التي تتبع في إصدار القرارات.

ويتبين من خلال ما جاء به هذا الفقه في هذا الصدد، أنه كلما كان القرار قد أتخذ في مواجهة الخصوم، وبعد الإستماع إلى أوجه دفوعاتهم، فإن القرار القضائي الصادر  يكون بمثابة حكم قضائي، يدخل في إطار وظائف القضاء الرئيسية لحل النزاعات عن طريق أحكام منهية للنزاع.

وعلى نقيض ذلك إذا أتخد القرار بناءا على طلب أحد الخصوم، ودون إستدعاء الطرف الآخر والإستماع إلى دفاعه، أعتبر هذا القرار ولائيا.

لكن ما يسجل في هذا الباب، أن المعيار الشكلي تعرض لنقذ لذيع من لدن مجموعة من النقاد والفقه القانوني، نظرا لأنه لا يتلاءم ومنطلقات الفكر القانوني السليم، وذلك مرده أن عمل المحاكم غالبا ما تصدر أحكاما ظاهرة،  ودون مراعات الشكليات المتعارف عليها، من قبيل إصدار الأحكام دون إستدعاء المدعى عليه، مثلا كما هو الحال بالنسبة لمسطرة الأمر بالآداء، المنظمة بمقتضى الفصول من 155 وإلى 156 من قانون المسطرة المدنية المغربي.

هذا بخلاف المعيار الموضوعي، الذي يؤسس نظرته على قاعدة النزاع بناءا على موضوع الدعوى، وحيث يكون القرار القضائي حسب وجهة نظر هذا الفقه حكما -لا قرارا ولائيا- متى كان قد صدر في النزاع بين خصمين، على العكس تماما، إذا كان كان القرار يبتعد عن المنازعة، حيث يعتبر قرارا ولائيا مندرجا في إطار الوظيفة الولائية للمحكمة.

ما يمكن ملاحظته في إطار تقييم هذين المعيارين لبناء تمييز واضح بين الأحكام القضائية والقرارات والأوامر القضائية، كما نوه به أغلب الفقه المغربي بالخصوص، مثلا الدكتور والأستاذ الجامعي “معزوز البكاي” في مؤلفه “شرح قانون المسطرة المدنية” المقدم لفائدة طلبة القانون الخاص، كلية الحقوق بمكناس، الذي يؤكد على أهمية المعيار الموضوعي، نظرا لما حظي به من إقبال واسع مقارنة بالمعيار الشكلي، وذلك راجع بالأساس لكون أن هذا الأخير وعكس الأول لم يضع تنظيما خاصا للأعمال الولائية، وإن كان الفصل 148 من قانون المسطرة المدنية، يشكل إطار عاما للقضاء الولائي في الممارسة والعمل القضائي المغربي، كما هو معروف،

قد يعجبك ايضا