الأحكام التصحيحية في ضوء القانون المغربي

توظيب قديري المكي طالب جامعي متخصص في القانون الخاص.

موازاتا لما تعمل به مجموعة من التشريعات المقارنة، من أخذ بفكرة تنظيم حالات الأخطاء المادية التي قد تقع فيها المحاكم أثناء صدور الأحكام القضائية عن غير قصد أو به، مثلا كقانون الإجراءات المدنية الفرنسي، وقانون المرافعات المصري، اللذان يؤكدان على قابلية تصحيح بعض الأحكام القضائية في حالات معينة، فقد أقر المشرع المغربي أيضا هاته الإمكاتية، وذلك في هذا تنصيصه على مجموعة من الإجراءات الرامية إلى تصحيح الأحكام القضائية التي تشوبها أخطاء من شأنها أن تجعل المسار العادي للأحكام ينحرف إلى الإتجاه المعاكس للعدالة القضائية.

هذا النظام القانوني -تصحيح الأحكام- يجد منبعه الفكري من المبادئ القانونية الفقهية العامة في قوانين المسطرة المدنية، الذي مؤداها أن لكل محكمة السلطة في تصحيح الأخطاء والهفوات المادية التي تشوب الأحكام التي تصدرها، وحيث يتم التصحيح بمقتضى حكم قضائي يصطلح عليه بالحكم التصحيحي.

ولئن كان قانون المسطرة المدنية المغربي لم ينظم حالة الأخطاء المادية، التي يمكن أن تقع فيها هيئة الحكم، بمقتضى نصوص خاصة متفرقة، كما فعلت بعض التشريعات المقارنة، يمكن إعتبار ما أقدم عليه مشروعنا من خلال الفصل 26 من ق.م.م كإطار عام لهذا التنظيم، من منطلق أن الأخطاء المادية التي قد تشوب الأحكام القضائية، فهي قد تمس لا محالة بحقوق المتقاضين من جهة، كما من شأنها أن تشكل صعوبة أمام تنفيد الأحكام القضائية من جهة أخرى، وهو ما يقف عائقا أمام تحقيق العدالة القضائية.

وعليه، يتدخل القانون بموجب هذا النظام من أجل تصحيح الخلل الذي يكتنف ظروف صدور الأحكام القضائية، وذلك بواسطة تصحيحه من لدن نفس هيئة الحكم التي أصدرت الحكم موضوع الخطأ، طبقا لما تنص عليه مقتضيات الفصل 26 من قانون المسطرة المدنية المغربي.

في حين أكد مجموعة من الفقه المغربي بهذا الصدد، مثلا الأستاذ معزوز البكاي على أن الحكم التصحيحي يسري عليه ما يسري على الأحكام التفصيلية، وخاصة من حيث إرتباط قابلية الحكم المصحح للإستئناف أو عدمه في مقابل إمكانية الحكم الأصلي الخاضع للتصحيح للإستئناف أو عدمه، أي هل كان صادرا بصفة إبتدائية أم إنتهائية.

ولعل من أمثلة الأخطاء المادية التي من الممكن أن تقع فيها هيئة الحكم، ليخضع المحكم الناشئ على إثرها للتصحيح، نذكر على سبيل المثال الخطأ في أسماء أو عناوين الأطراف..

قد يعجبك ايضا