الإلتزام بالإعلام في إطار القانون 31.08

بحث لنيل الإجازة في القانون الخاص، من إنجاز الطلبة:  غزلان ادریوش، ھدى الحافظ، أیوب بنھیمة، أشرف الموافق، رشیدة الشعیبي، تحت إشراف الدكتور أبو بكر مهم، كلیةالعلوم القانونیة والاقتصادیة والاجتماعیة – سطات.

 

مقدمة:
یؤدي التطور الاقتصادي في غالب الأحیان إلى رفاهیة المجتمعات كونه یسهل الحیاة بفضل الوسائل الحدیثة المستخدمة، ویوفر منتجات بأصناف وأنواع مختلفة كالمنتوجات الإلكترونیة أو الغذائیة أو المنزلیة… إلا أنه ـ وفي الوقت ذاته ـ أدى إلى حصول اختلال في التوازن المعرفي بین أطراف العلاقة الاستهلاكیة یشكل فیها المستهلك والمتعاقد أحد عناصرها الرئیسیة.
وقد حاول القضاء الفرنسي معالجة مسألة ” عدم التكافؤ في المراكز العقدیة
“، فدأب یبحث عن وسیلة یعید بها التوازن المفقود في العلم بین الطرفین المتعاقدین، من خلال تطویع نظریة عیوب الرضى القائمة على مبدأ سلطان الإرادة وا ٕقرار وجود واجب ضمني بالإعلام أطلق علیه القضاء ” الالتزام بالإعلام “، و اضعا في ذلك نصب عینه سابقة اهتمام المشرع بالعمل على تحقیق التوازن في المراكز العقدیة في عقد الإذعان، حینما سعى إلى معالجة الاختلال بین طرفي العقد من الناحیة الاقتصادیة.
ویعتبر عقد الاستهلاك من أهم العقود التي یرد علیها مثل هذا الالتزام، وهو عقد ینشأ بین طرفین أحدهما یسمى مستهلكا والثاني متعاقد، یتم بموجبه نقل المنتوج من الأول إلى الثاني، ولعل ما یمیز هذا العقد طرفاه، فیختلف المستهلك عن المتعاقد في كون الأول یفتقد إلى المعرفة الكافیة حول تركیب وخصائص المنتوج الفنیة، في حین أن المتدخل یتمتع باحتراف وتخصص وخبرة التي تراكمت لدیه عبر السنین، مما أتاح له الإحاطة بكل الفنیات التقنیة المتعلقة بالمنتوج. ویأتي دور الالتزام بالإعلام في سد فجوة التفاوت المعرفي بین المستهلك والمتدخل حیث یتعین على هذا الأخیر إعلام المستهلك بكافة المعلومات المتوفرة لدیه عن السلعة أو الخدمة، سواء تلك المتعلقة بالحالة المادیة للمنتوج أو بالطریقة الصحیحة للاستعمال أو كیفیة حفظه، وكذلك بیان المخاطر الكامنة في السلعة والاحتیاطات الواجب إتباعها للوقایة من المخاطر.
وقد جاء قانون 08-31 القاضي بتحدید تدابیر لحمایة المستهلك، استكمال للمنظومة القانونیة الحالیة الخاصة بحمایة المستهلك، ویضع إطارا ملائما لتعزیز دور جمعیات حمایة المستهلك.
ویهدف هذا القانون إلى الحق في الإعلام، أي تزوید المستهلك بكافة المعلومات الضروریة قبل إبرام أي عقد بیع، والحق في الاختیار، أي ضمان حریة الشراء وفق الاحتیاجات وا ٕمكانیات المستهلك، والحق في التراجع أي منح المستهلك في بعض الحالات أجل أسبوع للعدول عن رأیه إلخ.
ورغم أهمیة الالتزام بالإعلام إلا أن المستهلك لازال یواجه مشاكل عدیدة، مما یقودنا لطرح الإشكالیة التالیة. إلى أي مدى ساهم الالتزام بالإعلام في حمایة المستهلك من خلال قانون 08-31 ؟ وما هي الجزاءات المترتبة على الإخلال بهذا الالتزام؟
ولمعالجة هذه الإشكالیة قسمت الدراسة إلى فصلین یخصص الأول لبیان ماهیة الالتزام بالإعلام، تظهر هذه الماهیة من خلال تعریفه، وبیان شروطه في
(مبحث أول)، و تطبیقات هذا الالتزام في القانون المغربي في (مبحث ثان).
وحتى تكتمل هذه الدراسة، سیكون الفصل الثاني محلا لدراسة جزاء الإخلال بالالتزام بالإعلام، وذلك بتجدید الجزاءات المدنیة في (مبحث أول)، ثم بیان أهم الجزاءات الجنائیة في (مبحث ثان).

الفصل الأول: الإطار العام للالتزام بالإعلام

لعل أول ما یتعرض سبیل الباحث في وضع نظریة عامة للالتزام بالإعلام في القانون المغربي هو وضع تعریف دقیق لهذا الالتزام وتحدید مبرراته وكذا بیانات أسسه القانونیة ومختلف الألفاظ التي یمكن استعمالها لدلالة علیه بدون لبس، والتمییز بین هذا اللفظ إذا كان هذا الأمر یحتاج إلى تمییز.
فمعالجة هذه الجوانب هي التي تجعل المهتم بالالتزام یقف على حقیقته وأهمیته في مجال إبرام وتنفیذ العقود، فالمشرع لم یضع قواعد عامة تسري على الالتزام بالإعلام في جمیع العقود، ولا غرابة في ذلك طالما أن القواعد العامة منصوص علیها في ق.ل.ع الذي یرجع تاریخه إلى بدایة القرن العشرین. فلم یكن بالإمكان أنداك التطلع إلى أكثر حمایة وأكثر جرأة وأكثر فعالیة لحمایة المتعاقد الضعیف، أما الآن فالوضع تغیر وتطور، وهو ما یفرض تطویر هذه القواعد وخلق آلیات حمائیة جدیدة لإعادة التوازن إلى العقود. وهكذا فأول ما یجب معالجته بشأن الالتزام بالإعلام هو مفهوم الالتزام بالإعلام وشروطه (المبحث الأول) تطبیقات الالتزام بالإعلام في القانون المغربي (المبحث الثاني) .
المبحث الأول: مفھوم الالتزام بالإعلام وشروطھ
تعتبر دراسة الالتزام بالإعلام وسیلة وقائیة تسعى إلى الوقوف بجانب الطرف الضعیف وخاصة المستهلك، وتقویة مركزه التفاوضي بإنارة رضائیة وجعله یتعاقد وهو على نیة من أمره، ولهذا سوف نتطرق إلى تعریف الالتزام بالإعلام (المطلبالأول) قبل أن نتطرق إلى شروط الالتزام بالإعلام (المطلب الثاني).
المطلب الأول : عر ف ل ام بالإعلام
یتطلب الالتزام بالإعلام بیان معنى الإعلام لغة (فقرة أولى) ثم بیانه اصطلاحا (فقرة ثانیة).
الفقرة الأولى: المقصود بالالتزام بالإعلام في اللغة
الإعلام في اللغة هو الإفضاء، انه یثق من عبارة علم علما، أي حصلت له حقیقة العلم، علم بالشيء یعني عرفه وتیقنه وأدركه وشعر به، ونقول أعلمه الأمر أي أطلعه علیه ، وأفضى إلیه، سره أي أباح إلیه به.
ویلاحظ أن الإعلام یراد به الإفضاء بالأمور الخاصة (السرائر) وهو ما یتفق في حالة المنتج أو البائع لذي یطلع المشتري أو المستعمل على خصائص سلعته وما یتكلف استعمالها من مخاطر.
الفقرة الثانیة: المقصود بالالتزام بالإعلام في الاصطلاح
الإعلام (Le renseignement) عبارة عن بیان أو إشارة أو تعلیمات یمكن أن تقدم توضیحا بشان واقعة أو قضیة ما ویجب تمییزه ،من جهة، عن مجرد الرأي أو الشعور الذي یكون لدینا عن شيء معین، ومن جهة أخرى، عن النصحالذي هو عبارة عن رأي نقدمه إلى شخص معین حول ما یجب أن یقوم به.
فالالتزام بالإعلام التزام یفرض على أحد المتعاقدین، أي المدین، إعلام المتعاقد الآخر، أي الدائن ،بكافة الوقائع التي تكون منتجة ولازمة لتكوین رضاء حر مستنیر، او لضمان حسن نیة المتعاقد. فالمعلومة المقدمة لا تنحصر في تنویر إرادة المدین وجعله على درایة بمحل العقد والآثار المترتبة علیه، بل یجب على المدین أن یعلم المتعاقد معه بكل البیانات المعلومات التي من شأنها ان تضمن تنفیذ العقد بحسن النیة.
یتضح أن الأمر یقتصر، في الالتز ام بالإعلام، على قیام المدین بالإدلاء بالمعلومات التي تهم الدائن عن الشيء محل التعاقد بما یعرف به، وینیر رضائه ویسهل تنفیذ العقد دون التدخل في شؤونه أو حتى على الإقدام على أمر معین أو الإحجام عنه.
فالتزام البائع المهني مثلا، سیكون عاما یقتصر على تنبیه المشتري إلى تعهداته وكافة لبیانات المتعلقة بالعقد المراد إبرامه، سواء تعلقت هذه البیانات بالشروط التي یتم التعاقد علیها أو بأوصاف الشيء محل التعاقد، وذلك حتى یكون على بینة من أمره وعلى علم بكافة تفصیلات العقد، ویعزى سبب هذه الوضعیة إلى عدة ظروف اعتباریة قد ترجع إلى طبیعة العقد المراد إبر امه، أو إلى صفة احد المتعاقدین، أو بالنظر محل العقد ذاته، أو علاقات الثقة المتبادلة بین المتعاقدین. وبالفعل فالالتزام بالإعلام یعني فرض التزام بالصدق والأمانة نحوالمتعاقد الآخر ، ویسمیه بعض الفقه التزاما إیجابیا بالتعاون مع المتعاقد الآخر وذلك بإحاطته بكافة تفاصیل العقد المراد إبرامه.
ویعتبر ریبیر (RIPERT) أول من طالب بإدماج القاعدة الأخلاقیة في لالتز امات القانونیة ومن تم أول من نادى، من الناحیة الواقعیة، بضرورة فرض لالتزام بالإعلام على عاتق المتعاقد. لعل أول مشكل یطرح بشأن العلاقة بین الأخلاق والقانون في مجال الالتزام بالإعلام هو تحدید درجة التشدید التي یجب أن یبلغها القانون بالمقارنة مع الأخلاق. هل یجب أن یتطلب من الناس مستوى عالیا من الأخلاق من أجل السمو بهم وبلوغ المثل الأعلى، أو العكس من ذلك یجب الاكتفاء بالحد الضروري للعیش داخل الحمایة؟
إذا كانت الأخلاق الكاملة تفرض على الشخص البوح للطرف الآخر بكل المعلومات التي تهمه ولو على حساب مصلحته الخاصة، كما یمكن تلخیص المواقف الأخلاقیة المقبولة في مجال الالتزام بالإعلام كما یلي: من جهة، التفكیر في كل ما نقول، ومن جهة ثانیة قول كل ما نفكر فیه. یعد المقتضى الأول مقتضى تقلیدیا، فالمتعاقد یتعین علیه ألا یصرح بأي شيء قبل أن یكون واثقا من صحته، وذلك من أجل تفادي إیقاع المتعاقد الآخر في الغلط. ویعتبر هذا المقتضى في الحقیقة، أحد مظاهر الواجب التقلیدي المتمثل في تفادي الكذب ،ویعد مفهوما جوهریا في الأخلاق. ومن جهة ثانیة أن نقول كل ما نفكر فیه.
إذا كانت مسألة عدم مغالطة الغیر- بعدم الكذب علیه – تبدو مسألة بدیهیة من الناحیة الأخلاقیة، فإن فرض التزام إیجابي بمساعدة الغیر تبدو أمرا جدیدا.
مع ذلك یبدو أن القانون یأخذ بالفكرتین معا: فقد مر القانون من مرحلة فرض الالتزام بالصدق بین الأطراف إلى مساعدة الطرف الأكثر ضعفا، وذلك من خلال فرض واجب إیجابي على المتعاقد بإعلام الطرف الآخر الذي لا یمكنه الاستعلام شخصیا.
فالمدین بالالتزام بالإعلام لا یلزم فقط بأن لا یقول أمورا كاذبة بل یجب علیه
كذلك ألا یسكت: یجب أن یقول وبصدق، كل شيء یهم الدائن بالالتزام بالإعلام.
المطلب الثاني: شروط ل ام بالإعلام
في مجتمع یعیش به أشخاص أحرارا ومسؤولون، یكون دون أن ینتظر أیة مساعدة من الغیر.
ومع ذلك فإن الأمانة التي یجب أن تحكم وتسود مجال إنشاء العلاقات التعاقدیة، تفرض على الشخص الذي یتوفر على معلومات من شأنها أن تؤثر في رضى الطرف الآخر أن یزوده بها تلقائیا خاصة ظاهرة عدم التساوي بین أطراف العقد، فكان من الطبیعي أن یؤدي عدم المساواة في لوصول إلى معرفة المعلومة ،إلى ظهو ر شروط الالتزام بالإعلام یقع على الطرف الذي یعرف المعلومة أو من شأنه أن یعلم بها.
الأمر الذي یفرض التطرق شروط المدین بالالتزام بالإعلام (الفقرة الأولى) وشروط الدائن بهذا الالتزام (الفقرة الثانیة)
الفقرة الأولى: شروط المدین بالالتزام بالإعلام
یجب على المدین بالالتزام بالإعلام أن یعرف المعلومة في وقت اتسم بظاهرة التعقید وتعدد أطراف التعاقد وسرعة إبرام العقود ،فإنه من الطبیعي والمشروع الاعتراف بضرورة فرض بالالتزام بالإعلام یقع على كل ممن یتوفر على معلومة من شأنها أن تؤثر في رضى المتعاقد الآخر، لذلك فإن هذا الالتزام بالإعلام لا یفرض فقط أن یكون أحد الأطراف على علم بالمعلومة، بل أیضا بأهمیتها وتأثیرها بالنسبة للطرف الآخر، وهو ما سنحاول التطرق إلیه:
1. معرفة المعلومة:
مبدئیا، حتى یلزم المتعاقد نقل المعلومة إلى المتعاقد الآخر، فإنه من الضروري أن یكون على علم بهذه المعلومة أو یجب أن یكون من المفروض العلم بها.15
فالالتزام بالإعلام، یجد مصدره، كما هو معلوم في عدم المساواة في المعرفة التي غالبا ما تنطلق بدورها من عدم المساواة في القدرة والإمكانیات، هذه الأخیرة

15- لتأكید ھذه الفكرة انظر مثلا :
– Cass com éè nove &çèé Bull civ. N° 282, 27 nov 1972.
– Bull cive 3. 17 juillet 1972 Bull civ, III, p:344, N° 473;
– Cass com, 15 nov 1917, p:211.
التي تجد مجالها أو مرتعها في العلاقات بین المحترفین والمستهلكین، وفي هذاالإطار غالبا ما تشكل صفة الاحتراف التي تكون للمدین أهمیة كبیرة للقول بوجود هذه المعرفة، ذلك أنه ونظرا للإمكانیات الفنیة والاقتصادیة المتوفرة لهؤلاء المحترفین فإنه یكون من المفروض فیهم أن یكونوا على علم في مجال اختصاصاتهم بمجموعة من المعلومات التي یكون من شأنها، أن تؤثر في رضى المستهلكین.
وهذا ما یفرض على المحترفین تحیین معلوماتهم من أجل أن یكونوا باستمرار على علم بالتطورات الحاصلة في مجال اختصاصهم حتى یكونوا في مستوى إعلان المتعاقدین معهم بكل من شأنه ما أن ینیر رضاءهم.
وكذلك غالبا ما یلزم صاحب المهنة بأن یكون على معرفة بما یجري في مجال اختصاصه، وأن یكون على علم بالتطورات القانونیة والتقنیة. فالعلاقة بین المحترف والزبون هي علاقة من یعلم بمن لا یعلم، علاقة المتخصص والخبیر بمن لا درایة له. وهذه هي المعرفة ” المفترضة” هي التي تبرر تطویقه بالتزام خاص بالإعلام وصل إلى حد أن القضاء الفرنسي أصبح لا یقبل منه أي ادعاء بجهله للمعلومة التي تدخل في اختصاصه وفي هذا الإطار جاء قرار للغرفة المدنیة الأولى لمحكمة النقض صادر بتاریخ 19 ینایر 1977 انه ” لا یمكن لصاحب المرآب (Le garagiste)- نظرا لصفته الاحترافیة- أن یجهل عدد الكیلومترات یشیر إلى رقم یقل بكثیر عما قطعته السیارة حقیقة “.
حیث أصبحت قرینة العلم قرینة قاطعة في حق المحترفین عندما یتعلق الأمر بمسائل تدخل في مجال اختصاصهم، وهو ما یفسر نقض محكمة النقض الفرنسیة للعدید من القرارات التي تعترف بإمكانیة الصانع أو البائع المحترف بأن یتمسك بجهله للمعلومة التي تدخل في مجال مهنته أو اختصاصه.
ونفس السبب أیضا هو الذي جعل هذا القضاء یصرح في العدید من قراراته بأنه ” كان یجب على الطرف الذي یحتج بجهله للمعلومة أن یبحث عنها من أجل إعلان الطرف الآخر “ولذلك فإنه غالبا ما یجد المحتر ف نفسه ملزما بواجب البحث والتحقق من المعلومات المرتبطة باختصاصه من أجل نقلها إلى زبنائه.
بل إن قواعد أخلاقیات المهنة (La déontologie professionnelle) نفسها قد تلزم هؤلاء المحترفین بإغناء عن المعلومات التي یتوفر علیها وتحیینها.
وهكذا یظهر أن الالتزام بالإعلام لا یقع فقط على الوقائع التي یعرفها المدین، بل یقع أیضا –خاصة في إطار العلاقة بین المحترفین والمستهلكین – على الالتزام بالبحث عن المعلومة حتى یكون بإمكانه تقدیم المعلومات التي یكون مدینا بها للطرف الآخر.
وبالتالي ینتج عن وجود هذا الواجب بالبحث عن المعلو مة من أجل الإعلام ،تشدید فرض الالتزام بالإعلام، ذلك أنه لا یكفي أن یلتزم المحترف بنقل المعلومات التي یكون على علم بها للطرف الآخر، بل یجب علیه، فوق ذلك أن یتحرى منتهى الدقة في أداء الخدمة المطلوبة، وأن یبدل قصارى جهده في الوصول إلىالمعلومات التي من شأنها أن تنیر رضى المستهلك وتجعله یقدر العملیة التي یقدر علیها تقدیرا جیدا.
ولذلك فإنه حتى ولو كان هذا المحترف یجهل المعلومة فهو یكون ملزما بالبحث عنها تقدیمها للمتعاقد الآخر. وهكذا فإن هذه الظاهرة وهي عدم التساوي في المعلومات التي أصبحت تطبع بحدة العلاقات التعاقدیة الحالیة، فرضت على بعض المتعاقدین نظرا لصفتهم أو لاختصاصهم –التزاما خاصا بالبحث عن المعلومة من اجل الإعلام. وهذا الالتزام قد یجد تبریره صراحة في العقد الذي یلقى على عاتق أحد الأطراف التزاما أساسیا بالإعلام والنصیحة، وهذا هو الحال مثلا.
بالنسبة لعقد الاستشارة القانونیة أو الهندسة الحسابیة أو الضریبیة او غیرها ،إذا یكون المدین في هذه الحالة ملزما بالبحث عن المعلومة من أجل إعلام الطرف الآخر وتقدیم النصیحة له.
ویقوم هذا الواجب بالبحث عن المعلومة من أجل الإعلام أیضا، عندما تقع المعلومة على صفة جوهریة لمحل العقد(une qualité substantielle) لأن الغلط في هذه الصفة الجوهریة یؤدي بطبیعة الحال إلى اتخاذ موقف لا یتماشى مع الإرادة الحقیقیة للمتعاقد. فالغلط كما هو معلوم، حالة تقوم بالنفس تحمل على توهم غیر الواقع، إذ یجعلها تتجه على غیر هدى وقد كان یتغیر اتجاها لو أن صاحبها على بینة من أمره.
وهكذا ولتفادي المتعاقد (مقدم الخدمة أو البائع) طلب إبطال العقد للغلط ،فإنه یكون علیه ان یقدم لشریكه معلومة كافیة حول محل العقد، وبالخصوص على توفر أو عدم توفر الصفة الجوهریة الدافعة إلى التعاقد لیزیل الوهم الذي قد یتولد في ذهنه والصفة الجو هریة كما یقول الفصل 41 من ظهیر الالتزامات والعقود وهي الصفة التي كانت السبب الدافع إلى الرضى، أو كما تقول المادة 121 من القانون المدني المصري: یكون الغلط جوهریا، إذا بلغ حدا من الجسامة بحیث یتمتع معه المتعاقد عن إبرام العقد ولو لم یقع هذا في الغلط، ومن صورة الغلط الجوهري، حسب هذه المادة أیضا، الغلط الذي یقع في صفة للشيء تكون جوهریة في اعتبار المتعاقدین.
وهكذا، إذا تحققت لصفة من صفات الشيء خصیصة الصفة الجوهریة ،فإنه یكون على الطرف الذي یعلم أن یفصح للطرف الآخر عن المعلومات التي تحول دون وقوعه في الخطأ أو الغلط، بل یكون ملزما عن البحث عن كل المعلومات التي تتعلق بالصفات الجوهریة للخدمة التي یقدمها حتى یتمكن من إعلام الطرف الآخر بشكل جید، و بالتالي تنفیذ التزامه بالإعلام.
وأخیرا، یقوم هذا الواجب بالبحث عن المعلومة من أجل الإعلام عندما یكون المدین بالالتزام بالإعلام محترفا، ذلك أن صفة الإحتراف تضع على عاتق المحترفین التزاما بالبحث عن المعلومة من أجل إعلام الطرف الآخر (أي المستهلكین)، إذ یكون من المفروض في هؤلاء المحترفین أن یكونوا على علم ببعض المعلومات التي تدخل في مجال اختصاصهم، وعلى هذا الأساس فإنه لا یكون بإمكانهم الاحتجاج بجهل مثل هذه المعلومة للتملص من الالتزام بالإعلامالواقع علیهم.
2. معرفة أهمیة المعلومة بالنسبة للطرف لآخر:
لا یمكن متابعة متعاقد بخرقه للالتزام بالإعلام إلا إذا كان یعرف أو یجب علیه أن یعرف أهمیة المعلومة التي قام بإخفائها بالنسبة للطرف الآخر. ومبدئیا یعود لكل طرف أن یبرز للطرف الآخر الأهداف التي یتوخاها من العقد، ومن ثمة یكون على كل متعاقد، خلال مرحلة التفاوض، أن یفصح عما ینتظره من العقد وما سیقدمه مقابل ذلك، ومن الطبیعي فإن یتنظر من العقد نتیجته خاصة لا تنتج مباشرة عن العقد وعن طبیعته ،یكون علیه أن یظهرها ویفصح عنها للمتعاقد الآخر.
وهكذا إذا كان المتعاقد ینتظر من الخدمة أو الشيء محل العقد مزیة أو فائدة خاصة (une utilité particulière) فإنه لا یمكن مؤاخذة الطرف الأخر على عدم تنفیذ التزامه بالإعلام، إذا كان الأول لم یحط الثاني علما بما ینتظره، حیث یكون على من ینتظر من العقد منفعة خاصة أن یعلم الأخر بما ینتظره.
فمثلا یكون على المشتري لآلة أن یحدد مرحلة التفاوض –الخصائص والممیزات والنتائج التي ینتظرها من هذه الآلة، إذا كان مختصرا في الإفصاح عن ذلك فإنه یعفي شریكه من المسؤولیة.
ولذلك یجب أن ینشأ بین الأطراف حوار(La dialogue)، فهم ملزمون بواجبالتعاون الذي یدفع المدین إلى أن یعمل كل شيء لیسهل على الدائن الاستفادة من الخدمة التي یقدمها، كما یجعل الدائن یسعى إلى تسهیل تنفیذ لالتزام على المدین به. ومع ذلك، فإن المتعاقد لا یكون ملزما بتقدیم لائحة دقیقة عن كل ما ینتظره من العقد، ذلك أن النتائج التي تترتب مباشرة عن العقد من المفروض أن تنجز إلیه وهكذا إذا كان المتعاقد یسعى إلى تحقیق آثار عادیة من العقد، فإنه یكون من المفروض على المتعاقد الآخر أن یحیطه علما بكل المعلومات المتعلقة بها ولا یمكنه أن یتمسك بجهله لها، وعلى هذا الأساس كلما ظهرت أهمیة معلومة بالنسبة لأحد المتعاقدین وتأثیرها في إرضائه للدخول في العقد. فإنه یكون على الطرف الآخر أن یعلمه بها، وتكون المعلومة مهمة بالنسبة للطرف الآخر كلما كان من شأنها أن تؤدي إلى اتخاذ قرار قبول المتعاقد وهو على بینة من أمره.
وفي هذا الإطار وفي حالة النزاع، فإنه یكون على الدائن بالإعلام أن یقیم الدلیل على أهمیة المعلومة بالنسبة إلیه، والتقدیر هنا یكون بصفة ذاتیة أو شخصیة (in concreto) حیث یكون على الدائن مثلا ان یثبت أنه أبرز أو أظهر للمتعاقد الآخر الأهمیة المؤثرة لبعض المعلومات عند إبرام العقد، غیر أنه یجب أن یؤخذ بعین الإعتبار أیضا الدلیل القائم على مجراه قر ائن واقعیة، ذلك أن الظروف قد تكشف على أن المتعاقد كان على علم بأهمیة المعلومة بالنسبة للمتعاقد الآخر.
ولهذا فالمعلومة الحاسمة هي تلك المعلومة التي لو كان الطر ف الآخر علىعلم بها، لدفعه ذلك إلى تعدیل موقفه، وذلك إما بالتراجع عن إبرام العقد اوالاستمرار فیه مع إعادة النظر في شروطه ، وذلك فالمعرفة التي یتوفر علیها المحترفون، تجعلهم في كثیر من الأحیان قادرین على تحدید حجم ونوع المعلومات التي تهم المستهلكین أي تلك التي یكون لها دور مؤثر في قرار التعاقد وبالتالي فهم یكونون ملزمون بتقدیمها لهم دون طلب منهم.
وهكذا اضحى یكون هناك التزام بالإعلام، لا یكفي أن یكون المدین على علم بالمعلومة، بل یجب أن یعرف أهمیتها بالنسبة للمتعاقد الآخر، أي أن تكون تلك المعلومة حاسمة بالنسبة إلیه، بحیث لو كان على علم بها لدفعه ذلك إلى تعدیل موقفه (الإمتناع عن إبرام العقد أو لإبرامه بشروط أخرى) . ومع ذلك فإنه یمكن الإحتجاج بعدم احترام المتعاقد لإلتزامه بالإعلام إلا إذا استطاع الدائن أن یتمسك بمعرفة المدین لتلك المعلومة من جهة (وهو ما یطر قنا إلیه في الفقرة الأولى)، وبجهله –أي الدائن- لها بصفة مشروعة من جهة أخرى.
الفقرة الثانیة: شروط الدائن بالالتزام بالإعلام
یجب أن یكون الدائن بالالتزام بالإعلام یجهل المعلومة بصفة مشروعة.
من الطبیعي أن یختفي كل التزام بالإعلام إذا كان الدائن بهذا الالتزام یعرف المعلومة، أن الالتزام بالإعلام لا یقوم –بطبیعة الحال- إلا إذا كان الدائن یجهل المعلومة او المعلومات المتعلقة بالعملیة التي یقدم علیها.

ومع ذلك فإنه لا یكفي أن یثیر المتعاقد جهله للمعلومة حتى یكون دائنابالإعلام، بل ویجب أن یكون هذا الجهل مشروعا.
فإذا كان الالتزام بالإعلام یقتضي من المدین –كما رأینا- أن یفصح للدائن بكل معلومة یكون من شأنها أن تؤثر في رضائه، فإن هذا الالتزام یختفي بطبیعة الحال عندما یكون الدائن على معرفة بهذه المعلومة. ویترتب على ذلك أنه لا یجب على الدائن أن یتخذ موقفا سلبیا (ne doit pas rester passif)، بل یجب علیه أن یبحث بدوره عن المعلومات التي تهمه، أي أن یحصل على الحق في أن یجهل المعلومة؛ وذلك بالقیام بواجب البحث عن المعلومة . ونتیجة لذلك فإن الجهل غیر مشروع للمعلومة یؤذي إلى اختفاء كل ازلت ام بالإعلام ، ویكون الأمر كذلك بالخصوص عندما تكون للدائن ولو أن لا یعرف المعلومة إمكانیة معرفتها ،وفي هذا الإطار یقول ذ P.Jourdain “على الرغم من هذا الاتجاه نحو التوسع ،فإن الالتزام بالإعلام یصطدم بعقبات یقتضیه الأساس الذي یقوم علیه –وهو مبدأ حسن النیة- والذي یترجم شروط قیامه. فإذا كان الالتزام بالإعلام یفرض على المدین أن یكون على معرفة، أو یجب أن یعرف واقعة أو معلومة حاسمة (décisive)، فإن هذا الالتزام بالإعلام یجب أیضا ان یكون مصحوبا بجهل الدائن لتلك الواقعة والمعلومة، في حین أن هذا الجهل وحتى یكون مشروعا، یجب أن لا یكون محل مؤاخذة.”
ففي الواقع ما دمنا نعیش في مجتمع حر یؤید المبادرة، ویتكون من أشخاصمستقلین ومسؤولین، فإن القاعدة تبقى هي واجب كل شخص بان یبحث بنفسه عنالمعلومات التي تهمه، وأن یتخذ المبادرة للوصول إلیها ویتسلح بالحیطة والحذر ،وفي هذا الإطار یقول Portalis في خطابه التمهیدي المقدم أمام مجلس الدولة الفرنسي حول مشروع القانون المدني: ” یجب على كل شخص یتعامل مع الغیر أن یكون حذرا (attentif) وحكیما (sage) وأن یسهر على مصلحته، ویأخذ المعلومات الملائمة، وألا یهمل كل ما هو مفید…
وقد سبق (Pothier) نفسه أن أكد على أن هذا الواجب للبحث عن المعلومة بقوله ” لا یقبل إدعاء الشخص، بأنه كان یجهل الواقعة الخاصة به، و الشيء یكون من السهل علیه أن یبحث عنه، وبالنتیجة فهو لا یكون بإمكانه استرجاع ما سبق له ن دفعه (se faire restitue) بدعوى هذا الجهل . نتیجة لذلك فإن القول ” بواجب البحث عن المعلومة” یؤدي إلى تكییف جهل المعلومة، ولاسیما أن هذا الواجب یرتبط بالتزام أخلاقي مهم ، وهو التزام كل شخص بأن یسهر على مصالحه الخاصة وألا یلقي على الغیر تبعات إهماله .
وتقدیرا إمكانیة الوصول إلى المعلومة یتم الاعتماد على مجموعة الظروف التي تحیط بالتعاقد، وبالخصوص بالنظر إلى الإمكانیة الخاصة لمن یدعي أنه دائن بالالتزام بالإعلام، وفي هذا الإطار قد سبق لمحكمة النقض الفرنسیة أن أنكرت وجود التزام بالإعلام على عاتق الطرف الآخر، خاصة عندما لا یكون بإمكان الدائن نظرا لصفته والإمكانیات التي یتوفر علیها، التمسك بجهلهللمعلومة، حیث قررت مثلا في قرار صادر لها بتاریخ 15 نوفمبر 1978 بأنه ” لا یمكن لزبون قدیم لصاحب مرآب (garagiste) أن یحتج بهذا الأخیر بعدم إخباره بأهمیة أو جسامة(l’importance) الأعمال أو لإصلاحات التي یجب إجراؤها من أجل إصلاح المحرك (le moteur) الذي وضعه لدیه”، مرتكزة في ذلك على أن ” واجب النصیحة السلفى على عاتق صاحب المرآب المكلف بالقیام بالإصلاحات یجب تقدیره بالأساس، بالنظر في نفس الوقت إلى اختصاص الزبون(la compétence du client) وبالطابع المعتاد للعلاقات التي تربطهما” وأنه ” في الواقعة، فإن الزبون القدیم لصاحب المرآب اعتاد أن یترك هذا الأخیر حرا في القیام بالإصلاحات الضروریة، كما أنه لا یمكن لهذا الزبون نظرا لصفته لمحترف أن یجهل الحالة المرتدیة للمحرك والطبیعة المحتملة للاصلاحات الضروریة للمحرك.
وقد تم تكریس هذا الإتجاه في قرار آخر صادر عن الغرفة المدنیة الأولى لمحكمة النقض جاء فیه ما یلي ” لقد كان قضاة الموضوع على صواب في استبعادهم لمسؤولیة البائع عن الأضرار الناتجة عن الاستعمال السیئ للمنتوج ،وذلك عندما یتبین لهم أن بائع هذا المنتوج والذي تمت الإشارة إلى تسمیته، لم یكن ملزما بمصاحبة أو بإفر اق هذا المنتوج بطریقة، مادام یجب على المشتري ،نظرا، لصفته الاحترافیة، معرفة طریقة الاستعمال أو البحث عنها.

وفي نفس الاتجاه صرحت الغرفة المدنیة الأولى في إحدى قراراتها بنقص قرار رفض دعوى البطلان” بطلان بیع سیارة للتدلیس دون أن یبحث عما إذا كان إهمال البائع المحترف، الإفصاح للمشتري بأن عمر المحرك الذي وضع للسیارة یزید عن سنة خروجها من المصنع ب 7 سنوات، من شأنه أن یؤثر في رضى زبونه غیر المحترف وفي كل الأحوال، فإن الاستحالة لا یؤخذ بها إلا بصفة نسبیة، ذلك أن المبدأ یبقى هو وجوب اتخاذ المبادرة من كلا الطرفین للبحث عن المعلومة التي تهمها ، ولا یمكن الخروج عن هذا المبدأ إلا عندما یكون بإمكان المتعاقد أن یكشف بنفسه كل العناصر التي یمكن أن یكون لها تأثیر على رضائه في تنفیذ العقد .
وبهذا الصدد تجدر الإشارة غلى أن الصفة المهنیة لأحد المتعاقدین لا تمنعه من أن یكون دائنا بالالتزام بالإعلام، وتكر یسا لذلك جاء في قرار محكمة النقض أن ” من یتعامل مع محترف لا یعفى من أن یقدم له المعلومات التي تكون بحوزته، والتي بشأن عدم الإفصاح عنها المساس برضائه “، ولذلك ذهبت الغرفة المدنیة الأولى إلى أنه ” یعد مرتكب الخطأ، الشخص الذي باع سیارته المستعملة لصاحب مرآب عندما أخفى أنه قد سبق إعادة عداد الكیلومترات إلى الصفر من طرف صاحب المرآب الذي اشترى منه هذه السیارة”.37
وهكذا فإن المحترف أیضا قد یجهل بصفة مشروعة كل ما لا یدخل في اختصاصه أو مهنته أو أیضا ما یتعذر علیه بصفة مشروعة معرفته. وكرس القضاء الفرنسي هذه المسألة كذلك في قرار له صادر عن الغرفة المدنیة الأولى لمحكمة النقض بتاریخ 8 ابریل 1986 الذي ذهبت فیه إلى أن ” الالتزام بالإخبار الواقع على عاتق المختبرات والمتعلق بموانع الاستعمال والآثار الثانویة أو الجانبیة للأدو یة، لا یمكن أن یسري إلى على ما هو معروف عند طرح الدواء في السوق وما وصل إلى علم هذه المختبرات في هذا التاریخ ” ولذلك فإن القضاء الفرنسي غالبا ما یقرر أن مخاطر التطور لا تقع على عاتق الصانع أن یجهلها بصفة مشروعة، وكذلك عندما یكون المنتوج جدیدا حیث جاء في قرار للغرفة التجاریة لمحكمة النقض بأنه یكون على صانع المنتوج والذي لم تتم تجربته بما فیه الكفایة أن یخبر المستعمل ولو كان محترفا بالأخطار التي ترتبط بهذا المنتوج.
فنظرا لاقتناع المستهلكین بالإمكانیات التقنیة للمحترفین فهم یضعون فیهم ثقة تامة تغنیهم عن البحث عن المعلومة. وفي الحقیقة، فإن المستهلك لا یطلب النصیحة حول ما یهم على انه الإقدام علیه أو حول المعلومات التي یجهلها، إلا من طرف الشخص الذي یعتقد قادر على تنویره واخراجه من حالة الجهل التي یكون علیها وسد النقص في المعلومات الذي یعاني منه. ولذلك یكون المحترف هنا ملزما باتخاذ المبادرة والقیام بكل لاحتیاطات الضروریة وأن یقوم عند الاقتضاء بكل الأبحاث اللازمة من أجل أن یقدم للمستهلك الذي یضع ثقته فیه النصائح المفیدة.
فالعلاقة بین المحترف والمستهلك، هي علاقة من یعلم بمن لا یعلم، علاقة المتخصص والخبیر بغیر المتخصص الجاهل، فالمحترف لدیه العلم والخبرة أما المستهلك فلا علم له في غالب الأحیان.
وهكذا فإن ظاهرة عدم التساوي في إمكانیة الوصول إلى المعلومة التي تطبع العلاقة بین المستهلكین والمحترفین ألزمت هؤلاء بإخبار المستهلكین بكل ما یتعلق بمحل العقد وفي كل مرة یؤدي فیها الطابع التقني للعقد أو محله إلى جعلهم في حالة ضعف كبیر.
” فالتبني یلزم بإنارة المستهلك … وحسن نیة المحترف تتضمن إلتزامه برفع المستهلك إلى نفس مستواه من حیث المعلومات التي یتوفر علیها، حتى یكون بإمكان هذا الأخیر أن یتعاقد وهو یتوفر على أسلحة مماثلة ” خاصة وأن صفة الإحتراف تعتبر قرینة على علم المحترفین بالكثیر من المعلومات التي تدخل في مجال اختصاصهم، وبالتالي یكون بإمكان المستهلكین أن ینتظرو ا منهم بصفة مشرو عة وا ٕخبارهم بكل المعلومات الضروریة التي تهمهم.
هذا وتجدر الإشارة إلى أنه سبق للقضاء المغربي أن اعتمد هذه الشروط للقول بوجود مسؤولیة المدین بالإعلام من عدمها وذلك في قرار متمیز صادر عن محكمة الاستئناف التجاریة بالدار البیضاء بتاریخ 29 ینایر 2009 وجاء في حیثیات هذا القرار ما یلي: ” وحیث أن الالتزام بالتبصیر أو الإعلام أو النصیحة هو التزام المتعاقد من عدم إخفاء معلومات أو بیانات لها أهمیتها، وتم إخفاؤها ،ولو كان الطر ف الآخر على علم بها، ما أقدم على التعاقد، ویكون بذلك الإخلالبواجب التبصیر عیبا یطال رضى المتعاقد، وقد تترتب عنه المسؤولیة العقدیةللطرف الآخر أو غیر ذلك من الآثار.
وحیث أنه لا مسؤولیة عن عدم التبصیر أو الإعلام إذا كان بإمكان المتعاقد أن یعلم بنفسه وسائله الخاصة به التي سیقدم فیها على التعاقد، ولا یمكن أن یحمل غیره نتیجة اهماله أو تقصیره في البحث ومعرفة ما هو مقدم علیه، ولا مسؤولیة كذلك إذا كانت طبیعة العقد أو صفة المتعاقد الآخر یفترض فیها أنه یتوفر على المعلومات اللازمة المتعلقة بالعقد.
وحیث أن المستأنفة هي شركة تأمین وتقوم بإعادة تأمین شركات أخرى یفترض فیها اعتبارا لتخصصها ونشاطها وما تتوفر علیه من إمكانیات وخبرة وتجربة أن تكون على علم ودرایة بأنواع وأنماط عقود التأمین وا ٕعادة التأمین…
وحیث أن استدلالها بقرارات صادرة عن المحاكم الفرنسیة لم یكن في محله إذ تثاب بین تحمیل عدم المسؤولیة للوسیط في التأمین وعن عدم التبصیر لفائدة شخص عاد، لا خبرة له بمیدان التأمین وبین عدم بدله النصح أو التبصیر لشركة تحترف إعادة التأمین “.
ومن خلال هذا القرار یظهر أن قیام المسؤولیة عن الإخلال بالالتزام بالإعلام یقتضي من جهة أن یكون المدین بهذا الالتزام قد أخفى معلومات أو بیانات لها أهمیتها في التعاقد ومن جهة أخرى یكون الدائن بهذا الالتزام یجهل المعلومة بصفة مشروعة.
وعلى العموم فإن استلزام التحلي بحسن النیة و الأمانة في العلاقاتالتعاقدیة، یلزم المتعاقد بالإعلام المتبادل وعلى الرغم من أن هذه القاعدة لاتنحصر فقط في العقود المبرمة بین المحترفین والمستهلكین، غیر أنه تجد هنا مجالها الخصب، لأن المحترف یتوفر فعلا في مجال اختصاصه، وعلى معلومات مهمة لا یتوفر علیها المستهلك الذي لا یكون بإمكانه – نظرا لإمكانیاته المحدودة- الوصول إلیها، مما یجعل هذا الأخیر لهذه المعلومة مشروعا، ویبرر إثقال كاهل هؤلاء المحترفین المتخصصین بالتزامات خاصة بالإعلام.
المبحث الثاني: تطبیقات لالتزام بالإعلام في القانون المغربي إن تفاقم مشكل عدم التساوي في إمكانیة الوصول إلى المعلومات الحاسمة ،التي من شأنها أن تنیر رضا الطرف الضعیف، خاصة في إطار العلاقة بین المحترفین أو المهنیین والمستهلكین، أدى إلى انتعاش لالتزام بالإعلام وازدهاره على المستوى القانوني، حیث أن تطور أسالیب التعاقد وتنوع الخدمات المقدمة للمستهلكین وتعقدها، جعلهم یكونون دائما في حاجة ماسة إلى العدید من المعلومات المتعلقة بمحل التعاقد، حتى یستطیعون تكوین فكرة جیدة حول العملیة
التي یقدمون علیها، و لذلك تم الاتجاه نحو تكریس التزام عام بالإعلام في قانون
31- 08 المتعلق بتحدید تدابیر لحمایة المستهلك (المطلب الثاني)، إلا أنه قبل البحث في هذه العقود الخاصة ،نرى ضرورة البحث عما إذا لم یكن تكریس ظهیر الالتزامات والعقود المغربي للكتمان التدلیسي كعیب من عیوب الرضا، هو في حد ذاته تقریر للالتزام بالإعلام الذي یقع على المتعاقد الذي تكون بحوزته بیانات تهمالمتعاقد الآخر(المطلب الأول).
المطلب ول : ل ام بالإعلام ظ ل امات والعقود
على خلاف المادة 1116 من القانون المدني الفرنسي ، فإن الفصل 52 من ظهیر الالتزامات والعقود المغربي ینص على اعتبار الكتمان عیبا من عیوب الرضا یخول الإبطال، إذا بلغ في طبیعته حدا بحیث لولاه لما تعاقد الطرف الآخر ، ونحن نرى أن هذا المنحى الذي نهجه المشرع المغربي هو تكریس صریح لالتزام بالإعلام یفرض على كل متعاقد یتوفر على معلومات مؤثر ة في رضا المتعاقد الآخر أن یفصح له عنها(الفقرة الثانیة).
غیر أن خروج ظهیر الالتزامات والعقود في هذا الفصل عما هو وارد في القانون الفرنسي الذي یعتبر مصدرا للتشریع المغربي یجعلنا نتساءل عن مصدر الأخذ بالكتمان التدلیسي (الفقرة الأولى).
الفقرة لأولى: تأثر واضعي ظھیر الالتزامات والعقود بالفقھ الإسلامي عموما والفقھ المالكي على الخصوص، ھو ما یفسر الأخذ بالكتمان التدلیسي
من الإشكالیات الهامة التي طرحتها مسألة وضع ظهیر الالتزامات والعقود هي مدى علاقته بالفقه الإسلامي من جهة، وبالقانون الفرنسي والقانون الأوروبي من جهة ثانیة، وقد عرف الجواب على هذه الإشكالیة تضاربا كبیرا ،یمكن جمعه في أربعة اتجاهات:
1. ففي نظر البعض، فإن ظهیر في الالتزامات والعقود هو تركیب من الفقه الإسلامي والقانون لفرنسي خاصة، وتجد هذه الأطروحة أصلها في تقریر الذي جاء فیه ” إن میزة هذه المعلمة التشریعیة هو أنها توفق بین مختلف التشریعات المدنیة الأوربیة مع الفقه الإسلامي ”
2. وفي نظر البعض الآخر، فإن ظهیر الالتزامات والعقود هو من الفقه الإسلامي مباشرة أو عبر القانون الفرنسي الذي تأثر كثیرا بالفقه الإسلامي .
3. وفي رأي أخر، فإن ظهیر الالتزمات والعقود واوا ٕ ن كانت قواعده قد اقتبست من القوانین الأوربیة إلا أنه لیس في ذلك ما یتنافى مع الإسلام، وهي الفكرة التي هیمنت على التقاریر التي قدم بها ظهیر الالتزامات والعقود، وفي هذا الإطار یقول ذ S.Berge بأن هذا التشریع سیتم تلقیه بارتیاح كبیر من طرف الكل بالمغرب ،حیث سیجد فیه الأوربیون قواعد مستوحاة من قوانینهم الوطنیة… من جانبهم فإن
المسلمین لن یجدوا فیه ما یخالف ضمیرهم و لا عاداتهم، مادام أن النصوص التو نسیة التي شكلت الأرضیة لهذا العمل تمت مراجعتها من طرف لجنة مكونة من خمسة أساتذة من جامع الزیتونة بتونس وخمسة أعضاء من المحاكمالشرعیة وهو جوابا أنها لا تتضمن ما یتعارض مع الشریعة الإسلامیة.
4. وذهب اتجاه رابع إلى ان ظهیر الالتزامات والعقود منبثق عن القانون الفرنسي ولا علاقة له بالفقه الإسلامي. ویأخذ بهذا الاتجاه بالخصوص ذ عمر عزیمان الذي یقول في هذا الإطار ” في الحقیقة یجب وضع الأمور في نصابها ،من الأكید أن ظهیر الالتزامات والعقود عمل بضمان القوانین الجرمانیة التي عرفت ازدهارا في بدایة القرن (وهو هنا یقصد بدایة القرن العشرین)، ولكن هذا التأثیر كان بالأساس على مستوى الشكل والمنهجیة، وعلى مستوى الترتیب الشكلي، ولیس على مستوى المضمون الذي یبقى لصیقا بالقانون الفرنسي.
ومن الأكید ایضا أننا نجد في ظهیر الالتزامات والعقود، بعض القواعد بل وبعض المؤ سسات المستمدة مباشرة من الفقه الإسلامي ،ولكن هنا أیضا فإن تأثیر الفقه الإسلامي یبقى سطحیا، ذلك أن ظهیر الالتزامات والعقود یكرس في العمق مفهوما یارضائ وا ٕرادیا للعقد الذي یقطع مع الموضوعیة التي تسیطر على الفقه الإسلامي، ویرتبط (أي ظ.ل.ع) بالذاتیة السائدة في القانون الفرنسي.
وهذا هو الموقف الذي تبناه أیضا ذ أحمد ادریوش حیث یقول: ” إنما هو (اي ظ.ل.ع) اقتباس مباشر للقانون الفرنسي بعد تكملته ببعض الأحكام التي اقتبست من القوانین الأوربیة، وهذه حقیقة تكشف عنها الدراسة المقارنة المنهجیة، وتنطق بها صراحة مختلف التقاریر المتعلقة به أما بالنسبة لمصادره، فإن ظ.ل.ع، وا ٕن كان قد تضمن بعض الحلول التي یقضي بها الفقه الإسلامي، فقد ظل وفیا لأسلوب الصیاغة المتبع في قوانین العائلة الرومانیة الجرمانیة، وبالأخص فيالقانون الفرنسي.
وهو الرأي الأقرب إلى الصواب في نظرنا، لأنه إذا كان الأخذ من الفقه الإسلامي قد فرض نفسه بالفصل على واضعي المدونة لضرورة لا یمكن تجاهلها وغض الطرف عنها نظرا لاعتبارات سیاسیة تاریخیة واجتماعیة، فإن هذه المدونة لیست في حقیقتها إلا اقتباسا مباشرا من القانون الفرنسي، لأنه وبغض النظر عن مظاهر البحث الاصطناعي والمفتعل عن التوفیق بین الفقه الإسلامي وقوانین الدول الأوربیة التي نجدها في تقاریر وضع المدونة، فإن الخاصیة الأساسیة لهذه الأخیرة (المدونة) تبقى هي اقتباسها المباشر من القانون الفرنسي وبصفة ثانو یة من تشریعات بعض الدول الأوربیة.
بل إن D.Santillan یؤكد بنفسه هذه الحقیقة، إذ یقول في تقریره ” لقد تتبعت اللجنة عموما فقه المدرسة المالكیة الذي هو مذهب أغلبیة التونسیین ، ولكنها لم تتردد في الأخذ من المذهب الحنفي، في كل الحالات التي تتلاءم فیها قواعد هذا المذهب مع النظام العام للمدونة مع مبادئ القانون الأوربي “.
إذ یظهر جلیا من هذا، أن هاجس واضعي المدونة، هو أن یبقى النظام العام لهذه الأخیرة ،نتاجا تركیبیا لمبادئ القوانین الأوربیة التي یجب أن تحظى بالأولویة، وأن إدخال الفقه الإسلامي في هذه المدونة یرجع بالأساس إلى اعتبارات شكلیة أكثر منه في الموضوع، وهو ما سیكرسه D.Santillana بوضوح فیما بعد ،حیث یقول ” كان یجب على الخصوص عدم الاصطدام مع العادات والمعتقداتالتونسیة، والحرص –لتحقیق هذا الهدف- على عدم مخاطبة العرب إلا بنفس اللغة، و بصریح العبارة بافواه فقهائهم… على ألا یتم الاحتفاظ من بین قواعد الفقه الإسلامي إلا بتلك التي لا تتعارض في شيء مع المفاهیم القانونیة الحدیثة للقانون المدني والتجاري الأوربي.
وهذه الاعتبارات القویة –في نظرنا- لا تترك أي مجال للشك حول نوایا و اضعي ظهیر الالتزامات والعقود.
وكیفما كان الحال، فإن الظاهر من كل هذه الاراء، أن هناك شبه إجماع على أن واضعي ظهیر الالتزامات والعقود قد اخذوا بعض مقتضیاته من الفقه الإسلامي، ومن بین المسائل التي تم اقتباسها عن هذا الفقه الإسلامي في نظرنا هو تكریس الكتمان التدلیسي كعیب من عیوب الرضا ودلیلنا في ذلك:
• أن الماد 1116 من القانون الفرنسي التي تعتبر المصدر الأصلي للفصل 52 من ظهیر الالتزامات والعقود والتي تنظم التدلیس لم تشر إلى الكتمان التدلیسي بل تطرقت فقط للأعمال التدلیسیة.
ولم نجد لها مثیلا (أي لإعتماد الكتمان التدلیسي) في القانون المدني
الألماني (انظر المادة 123) ولا في القانون السویسري (انظر المادة 28 من قانون الالتزامات السویسري)، أو بالأحرى في المصادر الأخرى التي سماها
D.Santillana بالقانون الأوربي.
كما أن القضاء الفرنسي وخاصة محكمة النقض أنداك لم تكن تعتبر الكتمانالتدلیسي عیبا یمكنه إبطال العقد.
• لأن هذه الفكرة، اي الكتمان التدلیسي ـ كانت حاضرة في المشروع التمهیدي الذي تقدم به D.Santillana وهو الخبیر في الفقه المالكي بالخصوص أمام لجنة و ضع المدونة التونسیة ، والتي تعتبر المشروع التمهیدي لظهیر الالتزامات والعقو د المغربي، وهكذا بعد أن نصت المادة 47 من هذا المشروع بانه ” یكون التدلیس سببا لإبطال الالتزام إذا كان ما لجأ إلیه أحد المتعاقدین أو نائبه أو شخص یعمل بالتواطؤ معه، قد بلغت في طبیعتها حدا بحیث لولاها لما تعاقد الطرف الآخر أو تعاقد في ظروف جد مختلفة “.
وهي المادة التي تعتبر نسخة طبق الأصل من المادة 1116 من القانون المدني الفرنسي، فإن المادة 48 من نفس لمشروع تضیف ” یكون هناك تدلیس في كل مرة نفي فیها عمدا أحد الأطراف واقعة أساسیة أو یوهم عمدا بوجود واقعة معین من أجل مفاجأة أو انتزاع رضاء الطرف الآخر .
• لأن الفقه الإسلامي بصفة عامة والفقه المالكي على الخصوص یأخذ بالكتمان التدلیسي أو ما یسمى بالتغریر بطریقة الكتمان، وفي هذا الإطار یقول ابن جزي في مؤلفه القوانین الفقهیة ما یلي ” لا یجوز الغش في المرابحة وغیرها، ومنه أن یكتم من سلعته ما یكرهه المشتري أو یقلل رغبته فیها، وا ٕن لمیكن عیبا.
ویقول الدردیر في مؤلفه الشرح الصغیر ” وعلى البائع وجوبا بیان ما علمه من عیب سلعته قل أن كثر. ولو كان البائع حاكما أو وارثا أو وكیلا، وعلیه تفصیله (أي العیب) أو إراءته إن كان یرى…”
وهكذا، یظهر أن الفقه الإسلامي عموما والفقه المالكي على الخصوص ،یقر بضرورة أن یبین البائع للمشتري كل ما یعلمه على المبیع وأن یفصح له عن العیوب التي تعتریه وما به من صفات یكرهها.
وتعتقد أن تأثر D.Santillana بهذا الموقف للفقه الإسلامي ولاسیما موقف الفقه المالكي، في هذه النقطة، هو الذي جعله یكرس في المادة 48 من مشروعه الكتمان التدلیسي كعیب من عیوب الرضا، وذلك على خلاف القانون الفرنسي الذي لم ینص على ذلك في المادة 1116 من القانون المدني واكتفى بالإشارة إلى الأعمال التدلیسیة ومنها انتقلت إلى الفصل 52 من ظهیر ل.و.ع المغربي.
الأخذ بالكتمان التدلیسي كعیب من عیوب الرضا، هو في نظرنا اعتراف صریح بضرورة اتخاذ المتعاقد موقفا إیجابیا بإعلام المتعاقد لآخر بكل ما من شأنه أن یؤثر في رضائه وألا یخفي عنه ما یعلمه من معلومات هامة قد تدفع هذا المتعاقد إلى التراجع عن إبرام العقد.
الفقرة الثانیة: تقریر ظھیر الالتزامات والعقود للكتمان التدلیسي ھو تكریس صریح لالتزام عام بالإعلام
إذا كان الأصل أن الكتمان لا یشكل تدلیسا وأن المتعاقد لا یكون مبدئیا ملزما بأن یخبر المتعاقد الآخر بكل الأمور التي یعرفها بشأن التعاقد عندما تكون هناك مساواة بین الأطراف، إذ أن هناك الحیطة و الحذر التي یجب على المتعاقد الآخر أن یأخذ بهما في أمره حتى یكشف بنفسه كل ما یهمه معرفته من هذه الأمور ، ومع ذلك فإن هناك أحوالا یكون فیها أمر من الأمور واجب البیان، لأن ظهوره یؤثر في إرادة المتعاقد، وقد یعدل المتعاقد عن إبرام العقد لو علم به خاصة إذا كان من الصعب علیه أن یعرفه أو یكتشفه بنفسه، ففي مثل هذه الأحوال یكون على المتعاقد الذي یعلم الأمر أن یفصح به، ویعتبر تدلیسا منه إن هو كتمه وسكو ت عنه .
ولذلك فإن اعتبار الكتمان التدلیسي عیبا من عیوب الرضا وبالتالي سببا لإبطال العقد هو في حقیقته تكریس للالتزام بالإعلام ، لأنه یدفع المتعاقد الذي یرید تجنب إبطال العقد إلى أن یتخذ موقفا إیجابیا وأن یعلم شریكه في العملیة التعاقدیة بكل ما یهمه لتقدیر مدى صلاحیة العقد الذي یقوم علیه، حتى یتمكن من إبرامه وهو على معرفة تامة بالشيء محل التعاقد، إذ أن هناك حالات یكون فیها الكتمان كافیا لقیام التدلیس، وهي الحالات التي یكون فیها على المتعاقد أن یفصح عن أمر من الأمور، فیكون ملزما ببیان هذا الأمر وبعد سكوته عنهتدلیسا.
وهذا الالتزام بالإفضاء بمعلومات لها أهمیتها في التعاقد فد تقتضیه الظروف التي تحیط بالعقد، بحیث یتعین على المتعاقد في ضوء هذه الظر وف أن یكشف عن أمر یدرك له أهمیته لدى المتعاقد الآخر، فمثلا لو أن شخصا باع لآخر منزلا وأخفى عنه أنه قد شرع في نزع ملكیة هذا الأخیر للمنفعة العامة، كان ذلك تدلیسا من طرفه یستوجب المطالبة بالإبطال.
كل هذا، بشرط أن یجهل المتعاقد الآخر(المدلس علیه) الأمر الذي تم السكوت عنه، وأنه لا یستطیع معرفته من طریق آخر .
وهكذا فإن وجود التزام بإعلام الطرف الآخر، هو الذي یسمح في نظرنا بمعاقبة الكتمان على أساس الفصل 52 ظ.ل.ع، حیث یكون على المدین بهذا الالتزام، إعلام المتعاقد الآخر بكل ما یعرفه ومن شأنه أن یؤثر في رضائه اوا ٕ لا اعتبر كتمانا من جانبه، الغایة منه دفع المتعاقد إلى التعاقد وهو على غیر بینة وهدى من أمره.
فإذا كان بالفعل هو عدم الإفصاح، وبذلك یشكل مجرد امتناع قد لا یرقى
إلى الأعمال الإیجابیة التدلیسیة من حیث درجة تأثیرها في رضا المتعاقد، فإن هذا السكو ت الإرادي یتم عن سو ء نیة المتعاقد من جهة ورغبته في التحایل على الطرف الآخر من جهة أخرى، وغالبا ما یؤدي إلى إیقاع المتعاقد في غلط یؤثر في رضائه لاسیما وأنه یمكن أن یصحب هذا السكوت بظروف تثیر التدلیس أوعلى الأقل تساهم في وقوع الطرف الآخر في غلط.
وقد عرف الالتزام بالإعلام من خلال معاقبة الكتمان التدلیسي ازدهارا كبیرافي الكثیر من الدول خاصة فرنسا، وذلك مع تطور تقنیات التعاقد وتعقد الأدوار والسلع المعروضة للبیع، حیث ظهرت حالات عدم التساوي في إمكانیة الوصول إلى المعلومات واضحة للعیان، ونتج عن ذلك تعمیق الهوة بین أطراف التعاقد.
ولذلك أصبح الیوم أكثر من أي وقت مضى، من الضروري جدا حصول المتعاقد الضعیف على معلومات كافیة وصحیحة حول الشيء محل التعاقد حتى یستطیع اتخاذ قراره بالتعاقد وهو على بینة من أمره.
وقد برزت هذه الحاجة إلى المعرفة وهذا الهاجس في فرض التزام بالإعلام بالخصوص في إطار العلاقة بین المحترفین والمستهلكین، فإذا كان الأولون –نظرا لصفتهم وا ٕمكانیاتهم- یتوفرون على مجموعة من المعلومات المتعلقة بالسلع والخدمات التي یعرضونها، فإن الآخرین غالبا ما یكونون في وضع لا یسمح لهم بالإحاطة بكل جوانب العملیة التعاقدیة التي یودون الدخول فیها.
وفي هذا الإطار، فقد حاول المحترف، بسكوته العمدي، الاستفادة من جهل الطرف لآخر ویدفعه إلى تكوین فكرة غیر صحیحة على العملیة التي یقدم علیها وبالتالي إبرام عقد لا یخدم مصلحته.
ولعل هذا ما یفسر الأهمیة التي أصبحت تعطي حالیا لمفهوم الكتمانالتدلیسي بالموازاة مع تطور حركة حمایة المستهلكین، وما نتج عن ذلك من انتعاش للالتزام بالإعلام ، هذا الأخیر الذي یسعى بالأساس إلى فرض احترام مبدأ حسن النیة في العلاقات التعاقدیة في حین أن موقف الكتمان الذي یتخذه الطرف الذي یكون على معرفة بالمعلومة مؤثرة سوء نیته ورغبته في التدلیس على الطرف الآخر.
وهكذا یظهر أن التدلیس یقوم حتى في غیاب الأعمال الاحتیالیة، مادام أن التدلیس یقوم بالأساس عند وجود نیة إیقاع الغیر في الغلط، وان هذه النیة نجدها أیضا في حالة الكتمان.
وعلى هذا الأساس، فإنه یشكل تدلیسا كل مساس بحسن النیة، وذلك باستقلال عن الوسائل المستعملة، هذه الأخیرة التي لن تؤخذ بعین الإعتبار إلا لإثبات نیة الإیقاع في الغلط.
وتقریر المشر ع المغربي للكتمان التدلیسي كعیب من عیوب الرضا، یترجم بوضوح التزاما بالأمانة یقع على المتعاقد، یقضي بضرورة الإفصاح عن كل ما من شأنه أن یهم الطرف الآخر في العملیة التعاقدیة وبالتالي تقریر درجة أكبر من حسن النیة في العلاقات التعاقدیة، هذه الأخیرة (أي حسن النیة) التي نكون في حاجة ماسة إلیها بالخصوص في إطار العلاقة بین المستهلكین والمحترفین.
.584
ومن ثمة یظهر الالتزام بالإعلام كأحد مظاهر حمایة قواعد الأخلاق فينطاق العقود، فإذا كان الحق في السكوت أو الكتمان أمر یعترف به القانونالوضعي في الكثیر من الأحیان باعتبار أن الإنسان سید نفسه، فإنه لا یكونهناك مجال للاحتجاج بهذا الحق عندما یدخل الشخص في علاقة تعاقدیة غیر متوازنة مع غیره.
وا ٕذا كان من الواجب أیضا على كل متعاقد، كما یقول portalis، أن یسعى للسهر على مصالحه والدفاع عنها بنفسه، وهو ما یؤدي في نظر الفقه التقلیدي إلى الصراع بین إرادتین تتجه كل منهما للحصول على أكبر قدر ممكن من الفوائد والمنفعة مع التضحیة بالقلیل، فإنه مع ذلك یجب أن یكون هذا الصراع المزعوم في حدود قواعد الأخلاق، بألا یكتم المتعاقد عن الآخر ما یعلمه من أمور تهمه حتى لا یؤدي الحق في السكوت إلى استفادة أحد الأطراف من جهل المتعاقد الآخر.
وبالنتیجة فإن مصدر الالتزام بالإعلام یبقى، في نظرنا، هو عدم المساواة في إمكانیة الوصول إلى المعلومة مما یفرض على من یعلم واجبا أخلاقیا بعدم الخداع واستغلال جهل الطرف الآخر، إذ قد یستخلص من الظروف أن أمرا هاما یؤثر في المتعاقد بشكل كبیر، ویدرك أحد الأطراف أهمیته ویعرف أن المتعاقد الآخر یجهله، ففي مثل هذه الحالة یكون على المتعاقد الذي یعرف هذا الأمر أن یكشفه، فإذا أخل بهذا الالتزام وحرص على الكتمان كان هذا تدلیسا.
وبالتالي یبدو الكتمان كسبب للإیقاع في الغلط، كما هو الشأن تماما بالنسبة للكذب أو الأعمال الاحتیالیة، حیث لولا هذا الكتمان ما كان للغلط أن یقع، وما كان للطرف الآخر أن یتعاقد أو على الأقل فإنه كان سیتعاقد بشروط أخرى ،وهكذا یكون الكتمان تدلیسا إذا توفرت فیه الشروط التالیة:
 أن یكون المتعاقد متوفرا على معلومة حاسمة بحیث أن جهل تلك المعلومة یؤثر في إرادة المتعاقد تأثیرا جوهریا.
 أن یكون على معرفة بأهمیة تلك المعلومة بالنسبة للمتعاقد الآخر.
 أن یتعمد كتمها على المتعاقد الآخر.
 أن یكون المتعاقد الآخر جاهلا للمعلومة بصفة مشروعة.
هذا وا ٕذا كان التركیز على الطابع العمدي للكتمان یقصد من ورائه بالدرجة الأولى تسلیط الضوء على معرفة المتعاقد للحقیقة من جهة، ومن جهة ثانیة معرفته لأهمیة الواقعة التي یخفیها بالنسبة للطرف الآخر، فإن هناك اتجاها حدیثا ،خاصة في القضاء الفرنسي، یذهب إلى أبعد من ذلك، وذلك بتقریر الإبطال للكتمان التدلیسي حتى مع غیاب عنصر العمد الذي یعتبر عنصرا ضروریا لقیام التدلیس ، وذلك بالخصوص في إطار العلاقة بین المحترفین والمستهلكین، مما نتج عنه توسع كبیر في مفهوم التدلیس، حیث اعتبرت بعض القرارات القضائیة الفرنسیة أنه لا یمكن للمتعاقد نظرا لصفته الاحترافیة أن یجهل المعلومة التي تم كتمانها وأن هذه الصفة (صفة الإحتراف) تلقى علیه واجبا بالبحث عن المعلومة لإعلام الطرف الآخر .
وهذا الاتجاه یسلط الضوء بوضوح على العلاقة التي أصبحت تربط الیوم فيمجال إنشاء العقد بین التدلیس ولالتزام قبل التعاقد بالإعلام، وبالخصوص فهویسلط لضوء على الالتزام بالإعلام الواقع على البائع المحترف لفائدة المشتريالمستهلك، ویسعى إلى توسیع مجال الإبطال للتدلیس بتقلیصه من تطلب الطابع العمدي في سلوك المدلس.
وفي هذا الإطار، أصبح القضاء الفرنسي یضع على البائع المحترف قرینة العلم بكل الوقائع التي من شأنها أن تؤثر في رضا الطرف الآخر، هذه القرینة التي لم تكن في البدایة إلا مجرد قرینة واقعیة ترتبط بصفة الإحتراف التي تكون للبائع، لكن سرعان ما تم تقریب هذا الحل من القرینة القاطعة التي یضعها القضاء الفرنسي على عاتق البائع المحترف في مجال العیوب الخفیة، حیث یتجه هذا القضاء إلى تشبیه البائع الذي یعرف العیب الخفي ولا یفصح عنه، بالبائع المحترف الذي یجب علیه ان یعرفه بصفته هذه .
وهو نفس النطق الذي دفع إلى وضع التزام على عاتق المحترف بإعلام المستهلكین حول كل الوقائع التي من شأنها أن تؤثر في رضائهم، بدون أن یتم البحث عما إذ كان بإمكانه أن یعرفها أم لا، وبهذا تم تجاوز المجال التقلیدي للتدلیس الذي یفرض ضرورة توفر فیه الإیقاع في الغلط.
وهكذا، یظهر أن هاجس حمایة المستهلك قد أدى إلى توسیع مجال الكتمان التدلیسي، وبالنتیجة إلى انتعاش الالتزام قبل التعاقد بالإعلام، حیث انتهى التطور في هذا المجال إلى تقریر التزام بالإخبار على الطرف الذي یعرف أو یجب علیه أن یعرف –نظرا لصفته كمحترف- معلومة یدرك أهمیتها القصوى في إبرام العقدبالنسبة للطرف الآخر ،وأن هذا الأخیر یجهل تلك المعلومة، إما لأنه یستحیلعلیه البحث عنها بنفسه، وا ٕما لأنه یمكن أن یضع ثقته بصفة مشروعة فيالمتعاقد الآخر نظرا لطبیعة العقد أو لصفة أطرافه.
ولذلك عملت الكثیر من التشریعات الیوم على التصدي لموقف الكتمان الذي یمكن أن یتخذه المحترف في مثل هذه الحالات، وذلك بالنص صراحة على ضرورة أن یعلم المحترف المستهلك في بعض العقود الخاصة التي تتمیز بتعقدها وصعوبة الإحاطة بها، وهذا هو الشأن بالخصوص بالنسبة لهاجس المشرع في إطار القانون 31- 08 الذي عمل على تكریس التزام عام بالإعلام.
المطلب الثا ي: لال ام بالإعلام قانون 31-08 المتعلق بتحديدتداب ماية المس لك
من الأكید أن ضرورة إنارة طریق المستهلك ودعم مركزه التفاوضي، یجعله
في حاجة ماسة إلى كل المعلومات الضروریة التي تشد أزره وتساعده على اتخاذ القرار السلیم فیما یرید أن یقدم علیه، ولا یتأتى له ذلك ،في نظرنا، إلا بإلزام المحترفین بتزویده بكافة المعلومات اللازمة الكفیلة بجعله یتعاقد وهو على بینة من أمره وتجعله في وضعیة تسمح له بتقدیر مدى ملائمة العقد الذي یرید الدخول فیه.
ذلك أن مجال العلاقة بین المهني والمستهلك من أبرز المجالات التي تعرفعدة تجاوزات نظرا لعدم المساواة بین اطراف هذه العلاقة، فمن جهة نجد المهني صاحب المنتوج أو الخدمة والذي یتوفر على إمكانیات مادیة وبشریة مهمة تؤهلهلأن یكون على معرفة تامة بكل العملیة التعاقدیة وما یحیط بها، ومن جهة أخرى نجد المستهلك الذي یخرج إلى السوق من أجل تلبیة حاجیاته الشخصیة والعائلیة ،ولكن دون أن یكون على درایة كاملة لما یعرض فیه من منتجات وخدمات وما هي تلك التي من شانها، أكثر من غیرها, أن تحقق له هذه الحاجات في أحسن الظروف وبدون الإضرار بمصالحه الاقتصادیة.
ولذلك ومن أجل تجنب استغلال هذا الجهل والوقایة من التجاوز ات التي قد تطال المستهلك في هذا المجال، حرص واضعوا قانون 31-08 المتعلق بتحدید تدابیر لحمایة المستهلك على تعویض حالة الضعف وعدم التجربة والجهل التي یكون علیها عادة المستهلك تجاه المهني . وذلك من خلال إلزام هذا الأخیر بإعلام جمهور المستهلكین بشكل عام قبل إبرام العقد(الفقرة الأولى) وطبعا إعلام المستهلك المتعاقد بشكل خاص بمجموعة من البیانات حتى یتمكن من التعاقد وهو على بینة من امره(الفقرة الثانیة).

الفقرة الأولى: الالتزام قبل التعاقد بالإعلام
نجد بأن المادة 3 من القانون تنص علیه بشكل واضح، وهذا الالتزام بالإعلام الذي تفرضه هذه المادة وما یلیها هو التزام عام یهم المنتوجات والسلع والخدمات وبالتالي فهو یعتبر حدا أدنى من الحمایة المقررة للمستهلك في هذا المجال ،بمعنى أن هذا لالتزام بالإعلام یطبق دون المساس بالمقتضیات الأكثر فائدة للمستهلك كما هو الحال بالنسبة لبعض النصوص الخاصة التي تنص على التزامات إضافیة وخاصة بالإعلام من ذلك مثلا ما نجده في مدونة التأمینات أو القانون المتعلق بوكالات الأسفار أو المواد الغذائیة أو أیضا ما نجده في القانون رقم 31-08 نفسه .
والجدیر بالذكر هنا، وعلى الرغم من أن المادة 3 لا تشیر إلى ذلك بصراحة ،فإن المطلوب من المهني هو تقدیم معلومات لجمهور المستهلكین، ویظهر لنا ذلك من خلال الوسیلة التي اعتمدها المشرع لإعلام المستهلك، حیث جاء في الفقرة الثانیة في المادة 3 السالفة الذكر ما یلي “… ولهذه الغایة یجب على المورد ان یعلم المستهلك بوجه خاص عن طریق وضع علامة أو عنونة أو الإعلان أو بأي طریقة مناسبة أخرى”.
وهو ما كرسته أیضا المادة 6 في القانون التي نصت على أنه ” یجب أن یصاحب كل منتوج أو سلعة معروضة للبیع لصیقة یحدد مضمونها وشكلها بنص تنظیمي “.
إذ یلاحظ أن كل هذه الوسائل المعتمدة تكون موضوعة على المنتوج أو السلعة أو في أماكن عرض المنتوج أو تقدیم الخدمة وبالتالي فهي تكون في متناول الجمهور وهو ما یعني أنه لا یكون من اللازم الدخول في علاقة تعاقدیة مباشرة وفردیة مع المهني حتى یكون بالإمكان الحصول على هذه المعلومات الأساسیة التي یكون لها دور حاسم في تحدید المستهلك لموقفه.
وبصیغة أخرى لا یكفي أن یتم إعلام كل مستهلك وبشكل فردي، بل یجب أن یكون بإمكان جمیع المستهلكین قبل إبرام العقد، وبدون حاجة لأن یسألوا المهني معرفة المعلومة التي من شأنها أن تؤثر في رضائهم ولاسیما تلك المتعلقة بالممیزات الأساسیة للمنتوج أو السلعة أو الخدمة والشروط الخاصة بها والسعر أو التعریفة التي سوف تطلب منهم، وبصدد هذا البیان الأخیر ونظرا لأهمیته في اتخاذ المستهلك لموقفه في الدخول في العملیة التعاقدیة أو تركها، فقد عملت المادة 5 على تحدیده بشكل دقیق دفعا لأي لبس أو غموض یمكن أن یو قع المستهلك في غلط.
ونجد هذا الهاجس إعلام جمهور المستهلكین قبل الدخول في العملیة التعاقدیة واضحا ایضا من خلال المادتین 10 و11 من القانون.
حیث نصت المادة 10 على واجب المهني بإخبار المستهلك بالمادة التي تكون خلالها قطع الغیار والقطع اللازمة لاستخدام المنتوجات أو السلع متوفرة بالسوق، وذلك قبل إبرام العقد.
أما المادة 11 فهي ألزمته بأن یسلم نظیرا من الاتفاقیات التي یقترحها بصفة اعتیادیة لكل ذي مصلحة یقدم طلبا بذلك ، ولعل الغایة من هذا الإلزام هي تمكین المستهلك من معرفة محتوى هذه العقود النموذجیة التي ینفرد المهني بتحریرها و ما تتضمنه من شروط قبل الالتزام وبعیدا عن اي ضغط نفسي یمكن أن یمارسه علیه هذا المهني ویكون له الوقت الكافي لكي یقارن بینها وبین غیرها من العقود الموجودة بالسوق.
وهذه الرغبة في إعلام جمهور المستهلكین قبل إبرام العقد، تجعلنا نقول بأن الغایة من هذه المقتضیات( أي المواد 3 و5 و6 و10 و11) لیس فقط حمایة المستهلك بل أیضا تحریك وتنشیط المنافسة داخل السوق وبالتالي فهي تهم في نفس الوقت الشفافیة داخل سوق الاستهلاك وأیضا شفافیة عقود الاستهلاك .
اهذ وا ٕلى جانب هذا الإعلام الموجه إلى جمهور المستهلكین قبل إبرام العقد ،نجد اهتماما خاصا من طرف المشرع بالمستهلك المتعاقد، حیث خصص له مجموعة من المواد التي تسعى إلى إعلامه بمجموعة من البیانات التي من شأنها أن تساعده على تجنب المفاجآت التي غالبا ما یجد نفسه أمامها في المرحلة التعاقدیة.

الفقرة الثانیة: الالتزام التعاقدي بالإعلام
یتعلق الأمر هنا بضرورة أن تكون شروط العقد واضحة ومفهومة، وبالالتزام بتسلیم فاتورة وبإعلام المستهلك بآجال التسلیم، وبالتجدید الضمني للعقد.
– ضرورة أن تكون شروط للعقد واضحة ومفهومة:
نصت على هذا الأمر الفقرة الأولى من المادة 9 من القانون التي جاء فیها ما یلي ” فیما یتعلق بالعقود التي یحرر جمیع او بعض شروطها المقترحة على المستهلك كتابة، یجب تقدیم هذه الشروط وتحیرها بصورة واضحة ومفهومة ” لكن ماذا یقصد بهذا؟
یقصد بتطلب الوضوح في العقد، في نظرنا، أنه یجب أن تكون العقود المقترحة على المستهلكین مكتوبة بشكل ظاهر وبارز یسمح بقراءة مضمونها ،وهو ما یحیل على الخط المستعمل في تحریر العقد، وعلى ضرورة احترام نوع من الفصل بین الحروف أو تجنب تداخل السطور الذي یخلق صعوبات فیما یخص قراءة العقد بشكل عادي.
وعلیه، لا یمكن أن ندعي ان العقد او شروطه كانت واضحة عندما تكون مكتوبة بحروف صغیرة كما هو الحال الیوم في جل العقود النموذجیة المقترحة على المستهلكین، وكذلك لا یمكن أن ندعي أن العقد كان واضحا عندما تكون الشروط المهمة. بالنسبة للمستهلك واردة وسط الشروط العامة أو وسط عدة مقتضیات واردة خلف الوثیقة التعاقدیة، ولذلك فهو غالبا لا یطلع علیها ولا یكون على علم بها وقت إبرام العقد.
وحسب المادة 9 من القانون لا یكفي تقدیم شروط العقد بشكل واضح بلیجب أن تكون هذه الأخیرة مفهومة.
ویقصد بذلك ضرورة تجنب استعمال الإشارات والمختصرات والصیغ الغامضة أو الإحالات التلقائیة لشرط على آخر، لأن من شان ذلك أن یجعل المستهلك یجد صعوبة كبیرة في معرفة التزامه بشكل جید أو أن توقعه في الغلط حول لمدى الحقیقي لالتزاماته وحقوقه .
ومع ذلك لابد أن نشیر هنا إلى أن تطبیق هذا المقتضى تعتریه صعوبات كبیرة لأننا ندخل في مجال شخصي ونسبي، لأن ما یعتبر مفهوما بالنسبة للبعض لا یكون كذلك بالنسبة للبعض الأخر ولعكس صحیح، ویكمن الحل هنا في نظرنا في الإحالة على معیار المستهلك المتوسط.
والجدیر بالذكر أن عدم احترام المهني لواجب تقدیم وتحریر العقود النموذجیة التي یقترحها على المستهلكین بشكل واضح ومفهوم، یعطي الحق للقاضي، في حالة الشك حول مدلول أحد الشروط، في تفسیرها في الإتجاه الذي یرجح كفة المستهلك ، وبالتالي تحمیل الغموض الذي یعتري هذا العقد لمن قام بكتابته، لأن یكون من حقنا أن نعتقد أن تحریر العقد بهذا الشكل كان یقصد منه الإضرار بمصلحة المستهلك، ولذلك یجب معاملة المهني بنقیض قصده و تفسیر الشرط الغامض في الإتجاه الأكثر فائدة بالنسبة للمستهلك.
هذا وعلى الرغم من أهمیة هذا الالتزام الملقى على عاتق المهني والمتمثلفي ضرورة تقدیم شروط العقد وتحریرها بصورة واضحة ومفهومة، فإنه لا تكون له فائدة كبیرة إذا لم یكن للمستهلك الوقت الكافي لقراءتها وهو ما تنبه له المشرع من خلال إلزام المهني بتسلیم نظیر من العقد للمستهلك كما تنص على ذلك المادة 8 من القانون.
وهكذا فإن تحقیق المساواة في العلاقة بین المهني والمستهلك، تقتضي بالضرورة أن تكون شروط العقد واضحة ومفهومة وأن یكون للمستهلك الوقت الكافي للإطلاع على محتواه ولكن هذا لا یكون كافیا لوحده للوصول إلى الشفافیة في عقد الاستهلاك ، بل لابد من دعمها بالتزامات إیجابیة اخرى تقع على الطرف القوي ولعل أهمها ضرورة تسلیم المستهلك فاتورة أو ما یقوم مقامها عند كل عملیة شراء كما تنص على ذلك المادة 4 من القانون.
– الالتزام بتسلیم فاتورة أو ما یقوم مقامها:
عرفت المادة الأولى من المرسوم التطبیقي لبعض الحكام القانون 31-08 الفاتورة بانها ” كل وثیقة محاسبیة منصوص علیها في النصوص التشریعیة والتنظیمیة الجاري بها العمل والمقدمة للمستهلكین قصد إثبات أیة معاملة تمت بینهم وبین موردیهم “.
وعلیه لما كانت الفاتورة أداة إثبات فعالة بالنسبة للمستهلك ، مادام أنها تسمح بإثبات وجود العلاقة التعاقدیة بین الطرفین من جهة ومن جهة أخرى تسمح من خلال البیانات الواردة فیها من التحقق من المطابقة العملیة المبرمةللمقتضیات التي تحكم العلاقات الاقتصادیة ، فقد فرض القانون على المهني تسلیمها للمستهلك حیث نصت المادة 4 منه على ما یلي ” یجب على المورد كذلك أن یسلم فاتورة أو مخالصة أو تذكرة صندوق أو أي وثیقة تقوم مقامها إلى كل مستهلك قام بعملیة شراء وذلك وفقا لمقتضیات الجبائیة الجاري العمل بها .
وبمقارنة المادة 4 من قانون 31-08 مع المادة 48 من قانون 99-06 المتعلق بحریة الأسعار والمنافسة (المنسوخة ) یلاحظ أن المشرع لم یعد، كما كان علیه الحال، یقید تسلیم الفاتورة بشرط طلبها من قبل المستهلك، بل اصبح هذا التسلیم إلزامیا في كل الحالات التي یقوم فیها المستهلك بعملیة شراء ودون حاجة لطلبها وهو ما یعتبر تقدما مهما على مستوى حمایة المستهلك.
وبینت المادة 25 من المرسوم التطبیقي لبعض أحكام القانون 31- 08 البیانات الإلزامیة التي یجب أن تتضمنها الفاتورة حیث جاء فیها ما یلي ” یجب أن تتضمن الفواتیر والمخالصات وتذاكر الصندوق المشار إلیها في المادة 4 من القانون رقم 31-08 وأي وثیقة أخرى تقوم مقامها، البیانات التالیة:
 التعریف بالمورد.
 تحدید السلعة أو السلع أو المنتوجات أو الخدمات.
 تاریخ ومكان العملیة، وعند الإقتضاء، تار یخ التسلیم.
 سعر البیع الواجب على المستهلك أداؤه والمتعلق بكل سلعة أو منتوج أو خدمة أو أي وثیقة تقوم مقامها إلى كل مستهلك قام بعملیة شر اء وذلك وفقا للمقتضیات الجنائیة على حدة مع الإشارة إلى المبلغ الإجمالي باعتبار جمیع الرسوم ومبلغ الضریبة على القیمة المضافة، عند الاقتضاء.
 كیفیات الأداء.
بالإضافة إلى البیانات المشار إلیها أعلاه یمكن للفواتیر أو المخالصات أو تذاكر الصندوق أو أي وثیقة أخرى تقوم مقامها أن تتضمن بیانات إجباریة أخرى تحدد حسب طبیعة السلعة أو المنتوج أو الخدمة بقرار مشترك للسلطة الحكومیة المكلفة بالتجارة والسلطة الحكومیة الوصیة على قطاع النشاط المعني بهذه السلع أو المنتو جات أو الخدمات “.
ولعل الغایة الأساسیة من هذا الإلزام هو تمكین المستهلك من التعرف على العدید من الجوانب المتعلقة بالعملیة التعاقدیة التي انجزها، نظرا لما تتضمنه الفاتورة من بیانات مهمة وهو ما یساهم في تحقیق نوع من الشفافیة في هذه المعاملة.
ونظرا لحالة الضعف التي توجد علیها عادة المستهلك في هذه العلاقة، فقد عمل القانون 31- 08 كذلك على إلزام المهني بإعلامه بآجال التسلیم كما سوف نرى في النقطة الموالیة.
– الإعلام بآجال التسلیم:
نظمت المواد 12 إلى 14 من القانون هذا الالتزام، وفي هذا الإطار وبمقتضى المادة 12 یكون على المهني أن یحدد كتابة وبشكل دقیق في الوثیقة التعاقدیة نفسها، الأجل الذي یتعهد فیه بتنفیذ التزامه بالتسلیم وذلك إذا تجاوز الثمن أو التعریفة المتفق علیها الحد المحدد بنص تنظیمي وقد حددت المادة 28 من المرسوم التطبیقي لبعض أحكام القانون 31-08 هذا السقف في 3 آلاف درهم.
وعلیه، طبقا لهذه المادة لم یعد بإمكان المهني أن یقتصر على الإشارة إلى تاریخ تقریبي لتنفیذ هذا الإلتزام مثلا التسلیم في نهایة شهر مارس أو التسلیم في 15 یوما الثانیة من شهر مارس، بل أصبح من الواجب علیه أن یحدد هذا التاریخ بشكل دقیق وواضح.
وفي نفس السیاق نصت المادة 13 على أنه إذا انتهى الأجل المحدد من قبل المهني بسبعة أیام ولم یعز هذا التأخیر إلى قوة قاهرة، أصبح بإمكان المستهلك أن یفسخ العقد بقوة القانون ودون الحاجة للجوء إلى القضاء وذلك بواسطة أي وسیلة تثبت التوصل ، ویجب ممارسة هذا الحق في الفسخ داخل أجل أقصاه 5 أیام التي تلي انصرام أجل 7 أیام السابقة. بمعنى أن المستهلك یتوفر على أجل أقصاه
12 یوما تبتدئ من الأجل المحدد من قبل المهني لتنفیذ التزامه بالتسلیم لفسخ هذا العقد، وبمجرد توصل المهني برسالة الفسخ اي الإشعار الموجه إلیه یعتبر الالتزاممفسوخا.
ومع ذلك لابد من الإشارة إلى أنه یبقى دائما بإمكان المهني أن یتجنب الفسخ إذا قام بتنفیذ التزامه بالتسلیم في المدة الفاصلة بین توجیه المستهلك لرسالة الفسخ وتسلمها من طرفه، و بالنتیجة كلما تأخر المستهلك في إرسال الإشعار الذي یعبر فیه عن رغبته في فسخ العقد، كلما كان للمهني وقت إضافي للوفاء بالتزامه ،وهو ما یجعلنا نعتبرها نوعا من مهلة المسیرة متروك بین یدي المستهلك.
وفي حالة فسخ الالتزام، یجب على المهني أن یرد المبالغ التي سبق دفعها من لدن المستهلك داخل آجال لا یتجاوز 7 أیام من تاریخ تسلم الإشعار بالفسخ.
وفي حالة مرور هذا الأجل دون أن یقوم المهني بالرد، تستحق بقوة ابتداء من الیوم الثامن( أي الیوم الموالي) فائدة بالسعر القانو ني الجاري به العمل على المبلغ المذكور لفائدة المستهلك مع إمكانیته في المطالبة بالتعویض عن الضرر اللاحق به من جراء عدم التسلیم في الأجل المحدد (المادة 14 من القانون).
هذا وحتى یكون المستهلك على معرفة تامة بظروف إنهاء العقد، لاسیما في العقود محددة المدة، فقد ألزم القانون رقم 31- 08 المهني بإعلامه بالإمكانیة المتوفرة لدیه بعدم تحدید العقد كما سوف نقف علیه في النقطة الموالیة.
– الإعلام بالتجدید الضمني:
وقد نصت علیه المادة 7 من القانون التي جاءت لتفرض على المهني التزاما بتذكیر المستهلك بالإمكانیة المتوفرة لدیه بعدم تجدید العقد، وذلك في عقود الاشتراك محددة المدة كما هو الحال مثلا في عقود الإشتراك في الهاتف المحمولأو الإشتر اك في الأنترنیت أو في التأمین.
وهو ما یعني إمكانیة المستهلك لإنهاء عقد، قد لا یبقى ساریا لمصلحته أو لا یتماشى مع تطلعاته في حالة تجدیده.
ولذلك ألزمت المادة 7 المهني بتذكیر المستهلك بالأجل المحدد له في العقد لكي یعبر عن رغبته في عدم تجدیده، وأن یكون هذا التذكیر شهر على الأقل قبل بدایة هذا الأجل حیث نصت هذه المادة على ما یلي ” فیما یخص عقود الإشتراك محددة المدة، یجب على المورد ان یذكر المستهلك كتابة بأي وسیلة تثبت التوصل.
1. ….
2. في حالة التجدید الضمني، بالأجل الذي یجوز للمستهلك خلاله أن یمارس حقه في عدم تجدیده، شهرا على الأقل قبل بدایة الأجل المذكور”.
ویظهر من خلال هذه المادة، أن تطبیق هذا الالتزام بالإعلام، یفرض أن یكون العقد قد حدد بدقة التاریخ الذي یمكن خلاله للمستهلك أن یعبر عن رغبته في عدم استمرار العلاقة التعاقدیة بعد انتهاء المدة الأصلیة101، ولذلك فهي تلزم المهني بتذكیر المستهلك بهذا التاریخ قبل بدایته یشهر على الأقل بواسطة أي

101- تجدر الإشارة ھنا أن المشرع أشار إلى شرط التجدید الضمني في اللائحة الواردة في المادة 18 التي تضم الشروط التي یمكن ان تعتبر تعسفیة إذا كانت تخلق اختلالا كبیرا في التوازن.
وفي ھذا الإطار ینص البند 9 من المادة 18 على ما یلي ” مع مراعاة تطبیق النصوص التشریعیة الخاصة أو تقدیر المحاكم أو ھما معا، وعلى سبیل المثال لا الحصر. تعتبر الشروط التعسفیة إذا كانت تتوفر على شروط المادة 15، ویكون الغرض منھا أو یترتب علیھا ما یلي:
….1
2 تمدید العقد محدد المدة بصفة تلقائیة في حالة عدم اعتراض المستھلك عندما یحدد أجل یبعد كثیرا عن انتھاء مدةالعقد باعتباره آخر اجل لیعبر المستھلك عن رغبتھ في عدم التمدید “.
وسیلة تثبت التوصل، وقول المشرع” على الأقل ” یعني أنه یمكن أن یكون هذاالتذكیر قبل ذلك أما إذا كان هذا التذكیر بعد ذلك ولو بیوم واحد فإنه یعتبركعدمه، وهو ما یعني أننا نكون أمام فرضیتین:
• إما أن یتم احترام هذا الالتزام بالإعلام وبالتالي یكون على المستهلك ان یتخذ قرارا، وهنا لا یخلو الوضع من الأمرین:
1. فهو قد یلتزم الصمت، مما یؤدي مبدئیا إلى استمرار العلاقة التعاقدیة طبقا لما جاء في العقد الأصلي .
2. یمكن للمستهلك أیضا في إطار الأجل المحدد في العقد، أن یعبر صراحة عن رغبته في عدم التجدید أي في عدم الاستمرار في العلاقة التعاقدیة بعد انتهاء الفترة الأصلیة. ولكن كیف یمكنه القیام بذلك؟
على الرغم من أن مقتضیات المادة 7 جاءت أصلا للسماح للمستهلك بممارسة حقه في عدم التجدید اي في عدم التجدید في عقود الاشتراك محددة المدة إلا أنها لم تحدد كیفیة قیامه بذلك.
بدایة لابد أن نشیر إلى أن ممارسة الحق في عدم تجدید للعقد(بعد انتهاء مدته الأصلیة) تكتسي طابعا تقدیریا ومجانیا بمعنى أنه یمكن للمستهلك أن یمارسه دون أن یقدم أي تبریر على ذلك أو دفع غرامات مقابل ذلك وبالتالي فإن أي شرط یربط ممارسة هذا الحق بأداء أي مقابل مالي یعتبر غیر مشروع.
ومن حیث الشكل وأمام سكوت النص، فإن عدم التجدید یجب أن یكون بأيو سیلة یراها المستهلك مناسبة، إلا أنه ونظرا لاعتبارات تتعلق بالإثبات، نرى أنهیكون من الأفضل أن یقوم المستهلك الذي یرغب في استعادة حریته بكل أمان ببعث رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل المهني.
• هذا بالنسبة للفرضیة الأولى التي یحترم فیها المهني الالتزام بإعلام المستهلك بحقه في عدم تجدید العقد أما بالنسبة للفرضیة الثانیة التي لا یحترم فیها المهني هذا الالتزام بالإعلام أي لم یقم بتذكیر المستهلك بإمكانیته في عدم تجدید العقد أو قام بذلك خارج الأجل المدد في المادة 7، فإن الفقرة الأخیرة من هذه المادة تعطي للمستهلك إمكانیة التحرر من العقد حیث جاء فیها:” في حالة وجود شرط التجدید الضمني ،وعند عدم تذكیر المستهلك بهذه المعلومة وفقا لأحكام البند 2 من الفقرة الأولى أعلاه، یمكن له أن ینهي العقد في أي وقت وحین ابتداء من تاریخ التجدید دون تبریر ذلك أو دفع غرامات”.
وعبارة ” في أي وقت وحین” التي استعملها المشرع هنا تعني بالخصوص أن المستهلك لا یكون ملزما لإنهاء العقد المجدد باحترام أي إشعار سابق حتى ولو كان منصوصا علیه في العقد، فالأمر هنا یتعلق بسلطة تقدیریة مطلقة للمستهلك.
وعموما یظهر أن المشرع المغربي حاول من خلال فرضه لهذا الالتزام بالإعلام على عاتق المهني لفائدة المستهلك أن یعید نوعا من المساواة في إطار هذه العلاقة التي غالبا ما یفاجئ فیها الضعیف بعد إبرام العقد بمجموعة من المعلومات التي لم یكن على علم بها، مما یؤدي إلى إحساسه بأنه كان ضحیة غیاب الشفافیة في هذه العملیة التعاقدیة، لذلك فإن الحرص على خلق علاقة تعاقدیة متوازنة یمر بالضروریة عبر تحسین وضعیة المستهلك من خلال تزویدهبكل المعلومات الضروریة التي من شأنها أن تجعله یتعاقد وهو على بینة منأمره.104

104- ولإعطاء فعالیة لھذه المقتضیات، نجد المشرع یصیغ نصوص ھذا القسم بصیغة الأمر(حیث أن كل مواده جاءت بصیغة الوجوب). وھو ما یعني أنھا قواعد آمرة لا یمكن الخروج عنھا، وفي نفس السیاق عاقب القانون الإخلال بھذا الالتزام بالإعلام بعقوبة زجریة تتمثل في غرامة تتراوح بین 2000 عل 5000 درھم (المادة 173 من قانون 31-
.(08

الفصل الثاني:
جزاء الإخلال بالالتزام بالإعلام

الفصل الثاني: جزاء الإخلال بالالتزام بالإعلام

المبحث الأول: الجزاءات المدنیة
یمكن أن یترتب على الإخلال بالالتزام بالإعلام وقوع أضرار مادیة أو جسدیة في جانب الدائن فیرغب في إقامة مسؤولیة المدین قصد مطالبته بتعویض ما لحقه من أضرار خاصة ان فسخ العقد أو إبطاله لا یكون كافیا ولا فعالا دائما. ویشكل التعویض الجزاء المشتر ك من جمیع الالتزامات بالإعلام ولا فرق في ذلك بین ما ینعكس منها على رضاء المتعاقد وما ینعكس منه على تنفیذ العقد. وا ٕلى جانب هذه الجزاءات العامة، هناك جزاءات أخرى خاصة من بینها نظریة الإبطال.
ولمعالجة هذه الجزاءات بشيء من التفصیل، یجب أن نقسمها إلى مطلبین على الشكل التالي:
 المطلب الأول: نظریة الإبطال
 المطلب الثاني: المسؤولیة المدنیة
المطلب ول : نظر ة بطال
الفقرة 1: مدى قابلیة العقد لإبطال الإخلال بالإعلام على أساس نظریة عیوب الرضاء
نظرا لعدم وجود نص قانوني یبین أحكام الالتزام بالإعلام ویقضي صراحة بقابلیة العقد للإبطال في حالة الإخلال بهذا الالتزام، یمكننا الرجوع إلى نظریة عیوب الرضاء وخاصة عیبي الغلط والتدلیس لإرتباطهما الوثیق بالالتزام بالإعلام.
فكما تصلح نظریة عیوب الرضاء كأساس للإعتراف بوجود التزام بالإعلام في العقود، فإنها تسمح كذلك بإبطال العقد في حالة خرق هذا الالتزام . یشكلالإبطال الجزاء التقلیدي المعمول به في حالة وجود عیب في تكوین العقد، ولكن یتعین تمدیده لینطبق على كل عیب یفسد الرضاء حتى ولو كان صادرا أثناء تنفیذ العقد، وبعبارة أوضح، إنه ینطبق على كل تصرف قانوني اختلت شروط صحته سواء تعلق الأمر بقرار إبرام العقد أو بأي قرار آخر یؤثر على الرضاء، وهكذا ،یمكن القول بصفة عامة، إن إبطال العقد لا یمكن أن یشكل جزاء إلا بالنسبة لخرق الالتزامات بالإعلام التي یكون لها انعكاسا على رضاء المتعاقد، إذن تعد نظریة الإبطال من النظریات التي یمكن الإعتماد علیها لتوقیع الجزء على مخالفة الالتزام بالإعلام وذلك على اعتبار أن هذا الخر ق یشكل وسیلة مادیة تؤدي إلى إحداث عیب في الرضاء.
إن البحث عن مدى قابلیة العقد للإبطال بسبب الإخلال بالالتزام بالإعلام في ضوء نظریة عیوب الرضاء یقتصر على مجال الغلط والتدلیس، فعندما لا ینفد المدین التزامه بالإعلام یمكن للدائن طلب إبطال العقد على أساس المادة 41 من ظ.ل.ع، لأن سكوت المدین یمكن أن یكون سبب لوقوع الدائن في غلط جوهري.
وعلى الرغم من القیود الواردة على المادة المذكورة، فإنها تقبل التفسیر الواسع لعبارة ” ذات الشيء” والمقصود منها هو “مادة الشيء” . فالإبطال یكون مبررا إذا كان الغلط دافعا إلى إصدر الرضاء كأن ینصب على صفة جوهریة ولیس فقط على مادة الشيء . فلا یمكن للإخلال بالالتزام بالإعلام أن یؤدي إلى إبطالالعقد بناءا على نظریة الغلط إلا إذا كانت المعلومات التي احتفظ بها أحد المتعاقدین –وبالتالي الغلط الناتج عن ذلك بالنسبة للدائن بالالتزام بالإعلام- تتعلق بصفة جوهریة في الشيء محل العقد، وبعبارة أكثر وضوحا، یجب أن ینصب الغلط على صفة جوهریة في الأداء الذي تلقاه المتعاقد الغالط، أي على صفة كانت هي السبب الأساسي الذي أدى بالمتعاقد إلى ارتضاء العقد، أو ینصب على مادة الشيء.
ومع ذلك فإن إبطال العقد بسبب الغلط لا ینطوي دائما على وجود أو حق على خرق التزام بالإعلام إذا یمكن أن نتصور إمكانیة الحصول على إبطال العقد بسبب الغلط على الرغم من عدم وجود أي التزام بالإعلام، وتتحقق هذه الحالة عندما لا یكون المتعاقد الأخر على علم بالمعلومات التي یترتب على جهل الغالط بها عیب في الرضاء، فالركن المعنوي لم یتوفر في هذه الحالة.
ونخلص مما سبق إلى أنه إذا أمكن إبطال العقد بسبب غلط وقع فیه المتعاقد الأخر، فلیس من الجائز القول إن هذا الإبطال یشكل دوما جزاء على خرق التزام بالإعلام، فقد یجهل المتعاقد الأخر المعلومات التي یجب تقدیمها إلى المتعاقد الغالط، أو یجهل الغلط الذي وقع فیه، بمعنى أن الركن المعنوي للالتزام بالإعلام لم یتحقق.
وللمطالبة بإبطال العقد بسبب الإخلال بالالتزام بالإعلام، لا یمكن الإعتمادعلى نظریة الغلط فحسب بل یمكن الاستناد كذلك إلى نظریة التدلیس: فعندما یرتكب أحد المتعاقدین تدلیسا یدفع الطرف الأخر إلى إبرام عقد أو إلى إصدار رضاء في غیر مصلحته یمكن لهذا الأخیر المطالبة بإبطال العقد وا. وا ٕ ذا كان التدلیس یتطلب استعمال وسائل احتیالیة إیجابیة، فإنه یمكن ان ینتج كذلك عن مجرد الاحتفاظ بالمعلومات، فالكتمان یعادل التدلیس. ومن تم یمكن القول إن إبطال العقد على أساس الكتمان أو السكوت المدلس یعد، دائما، جزء مباشرا على خرق الالتزام بالإعلام، ولكن تجدر الإشارة إلى أن التدلیس عن طریق الكتمان ،الذي یجعل العقد قابلا للإبطال، هو التدلیس الدافع، أما التدلیس غیر الدافع، أي التدلیس العارض، فیقتصر الأمر فیه على أن یرتب للمتعاقد الحق في التعویض وفقا لقواعد المسؤولیة عن العمل غیر المشروع، ولا یجب بالمرة أن یؤدي إلى إبطال العقد.
ونخلص مما سبق إلى القول أن الجزاء الخاص بالالتزام بالإعلام موجود في التشریع المغربي، فخرقه یمكن أن یؤدي إلى وقوع المتعاقد الأخر في غلط وفقا للفصل 41 ق.ل.ع كما یمكن أن یعتبر وسیلة احتیالیة وفقا للفصل 52 ق.ل.ع وهذا ما نستنج من أن المبدأ الأخلاقي في العام المتمثل في تصحیح المتعاقد للأغلاط التي یقع فیها المتعاقد الأخر، تحول إلى التزام قانوني في التشریع المغربي منذ زمن بعید یجازى على الإخلال به بإبطال العقد.
الفقرة 2: الإبطال الكلي والإبطال الجزئي أ. الإبطال الكلي
یقصد بالإبطال الكلي للعقد زوال كافة الآثار المترتبة علیه سواء بالنسبة للماضي أو المستقبل، فكل شيء یجب أن یعود إلى الحالة السابقة على التعاقد وكأن العقد لم یبرم، وهذا ما نصت علیه المادة 316 ق.ل.ع، إذ جاء فیها ما یلي: ” یترتب على إبطال الالتزام وجوبا إعادة المتعاقدین إلى نفس ومثل الحالة التي كانت علیها وقت نشأته…”. ولا یمكن التصریح بإبطال التصرف القانوني إلا إذا كان للالتزام بالإعلام انعكاس على رضاء المتعاقد.
كما أن إبطال العقد لعیب في الرضاء لا یقابل ولا یغطي في كل الأحوال خرق الالتزام بالإعلام، إذ یمكن ان تتصور إمكانیة الحصول على إبطال العقد بسبب الغلط على الرغم من عدم وجود أو خرق أي التزام بالإعلام، لأن هذا الأخیر یستدعي دائما وجود ركن نفسي لا یتطلبه الغلط دائما، أما فبطال العقد بسبب الكتمان المدلس فهو وحده الذي یرتبط دائما بخرق التزام بالإعلام وأنه یتقرر في كل الحالات التي یعتمد فیها المدین إخفاء بیان دافع إلى صدور الرضاء من الدائن، بهدف جره إلى إبرام عقد في غیر مصلحته.
وتجدر الإشارة إلى مسألة هامة وهي تحدید التكییف السلیم للإبطال الواجب العمل به في حالة خرق الالتزام بالإعلام بمعنى هل یتعلق الأمر ببطلان أو بإبطال؟ فالبحث عن الجزاء المناسب لعدم تنفیذ الالتزام بالإعلام یستند بالأساس إلى نظریة عیوب الرضاء، ومن تم یخضع للنظام الذي تخضع له، لذلك فإن عدم تنفیذه یؤدي إلى إبطال العقد أو بعبارة أخرى، یجعل العقد قابلا للإبطال ، وهو ما یسمى بالبطلان النسبي في الاصطلاح التقلیدي الذي لازال السائد في القانون المغربي، ویترتب على هذا التكییف ان القاضي لا یقضي بإبطال العقد من تلقاء نفسه، كما أنه لا یسمح للمتعاقد الذي أخفى بیانا معینا أن یتمسك بخطأه لأجل المطالبة بإبطال عقد إلا بناءا على طلب المتعاقد الذي قرر الإبطال لمصلحته، أي الدائن بالالتزام بالإعلام الذي تغیب رضاءه بسبب عدم تنفیذ المدین لهذا الالتزام.
ولكن هل یجب على الدائن أن یلجأ بالضرورة إلى القضاء للحصول على حكم بتقریر الإبطال؟
المبدأ العام أن الدعوى القضائیة غیر ضروریة عندما یتفق الطرفان على إعدام آثار العقد الباطل بالنسبة للماضي والمستقبل، أي أنهما یتفقان ودیا على الاعتراف بوجود الإبطال فیقرران التخلص من العقد.
أما فیما یتعلق بتقادم دعوى الإبطال التي یمكن أن ترفع احتمالیا من طرف الدائن بالالتزام بالإعلام، فیكفي أن نشیر إلى أن مقتضیات المادة 314 ق.ل.ع حددت مدة التقادم في خمس عشرة سنة من تاریخ العقد ، واوا ٕ ذا أمكن لدعوى الإبطال أن تسقط بالتقادم فإن الدفع بالإبطال لا یسقط به، وهو ما نصت علیه صراحة الفقرة الثانیة من المادة 315 ق.ل.ع التي جاء فیها ما یلي:” ولا یخضع هذا الدفع للتقادم المقرر في الفصول 311 إلى 314 السابقة”. وهكذا، إذا لم یكنالعقد القابل للإبطال قد نفد بعد، وطلب المتعاقد الآخر المدین بتنفیذه، فإن الدائنضحیة الغلط أو التدلیس –بعد أن مضت مدة التقادم التي حددها القانون بحیث لم یعد من حقه رفع دعوى بإبطال العقد- یمكنه أن یدفع الدعوى المرفوعة علیه من خلال تمسكه بالإبطال العقد الذي یستند إلیه خصمه، وفي هذه الحالة لا یسري التقادم.
ونظرا لهذا الفرق الجوهري بین الدعوى والدفع، فإن بعض الفقه رأى، عن حق، أن طریقة الدفع بالبطلان :” خیر وأفضل من الدعوى بكثیر لسهولتها و فعالیتها” فمصلحة ضحیة الغلط أو التدلیس تقتضي أن یتصرف بطریق الدفع إذ لن یتخوف من ضیاع حقه في الحصول على الإبطال بفعل التقادم عندما یتأخر الخصم في مطالبته قضائیا بتنفیذ التزاماته. ب. الإبطال الجزئي:
یمكن للقاضي في بعض الحالات، الا یحكم بالإبطال الكلي للعقد، وا ٕنما یقتصر على إعدام جزء منه مع الإبقاء على الجزء الآخر، وهكذا، فعندما لا ینصب العیب الثابت إلا على جزء من العقد، أي على شرط أو عدة شروط منه ،فإن القضاة یمكنهم حصر الإبطال في هذا الجزء المعیب، أي اقتصارهم على إبطال الشرط أو الشروط المعیبة أو المخالفة للقانون، فإذا أمكن فصل الشرط المعیب عن باقي العقد، فلماذا لا یمكن إبطاله وحده مع الاحتفاظ على ما تبقى من العقد؟
هذه الإمكانیة هي ما یطلق علیه الفقه اسم نظریة ” إنتقاص العقد”، وقد أخذبها المشرع المغربي في الفصل 308 ق.ل.ع وتطبیق هذه النظریة في مجالالالتزام بالإعلام یؤدي إلى تصریح القضاة بعدم الاحتجاج، في مواجهة المتعاقد ،بالشروط التي لم یتمكن من العلم بها أو لم یطلعه علیها المتعاقد الآخر.
وینص القانون بدوره في بعض الأحیان على أن الإبطال یمكن أن یقتصر على شرط واحد من شروط العقد، بل ینص، بالمقابل، في أحیا أخر ى، على أن إبطال الشرط یؤدي إلى إبطال العقد بكامله، ویلاحظ أن المشرع یسیر في اتجاه إبطال الشرط فقط وبقاء العقد في مسودة مشروع قانون الاستهلاك ، وا ٕذا لم ینص على أي شيء، فإن القاضي الذي یرغب في حصر الإبطال في جزء أو شرط من شروط العقد الذي ابرمه الأفراد یتعین علیه أن یبرر أن هذا الشرط لم یكن حاسما في نظر المتعاقدین، أي أنه لم یكن هو الباعث الدافع أو الموجه للعقد، وعلیه أن یحترم بالخصوص إرادة المتعاقدین بحیث لو تبین أن تجزئة العقد تتعارض مع ما قصدت إلیه هذه الإرادة فإن عملیة انتقاص العقد تكون غیر صحیحة.
ویعمل بالإبطال الجزئي، من الناحیة العملیة، أساسا بالنسبة للشروط الثانو یة في العقد، فلو تبین ان أحد المتعاقدین لم یوافق على أحد الشروط الجوهریة في العقد، فإن الإبطال لابد أن یمتد إلى العقد بكامله ولا یقتصر على هذا الشرط وحده، أما إذا تبین أن الشرط الباطل كان غیر دافع وغیر موجه لنیة الطرفین ،بمعنى أنه كان ثانویا، فإن الإبطال یجب أن یقتصر على هذا الشرط وحده ویبقى العقد قائما ؛ فالقضاة یهتمون بالبحث عن أهمیة الشرط لدى الأطراف تحتستار تفسیر إرادتهم، فإذا تبث لدیهم أن شرطا معینا كان غیر أساسي من وجهةنظر الأطراف فإنهم یقرون إبطال العقد جزئیا، وا ٕذ لم یلعب الشرط سوى دورا ثانویا فإن الإبطال الجزئي یكفي، وهذا ما قضى به القضاء المغربي في صدد شرط “عدم الزواج” المدرج في عقد العمل حیث حكم بإبطال الشرط باعتباره الحق ضررا بالحریة الأساسیة للفرد(الحریة في الزواج) واحتفظ بالعقد كما هو بالنسبة للشروط الأخرى ، ولعل من أهم الشروط التعاقدیة التي یمكن إبطالها دون إبطال العقد تلك التي تنظم مسؤولیة المتعاقدین: كالشرط الجزئي، والشرط المحدد أو المعفي من المسؤولیة، والشرط المحدد للاختصاص، وشرط الإحتفاظ بالملكیة .
ویؤدي إعمال الإبطال الجزئي في مجال الالتز ام بالإعلام إلى عدم الإحتجاج بالشروط التي تقرر إبطالها في مواجهة المتعاقد الذي لم یكن على علم بها ،والمجال الخصب للعمل بهذا الجزء هو عقود الإذعان، ولعل السبب في ذلك ان هذه العقود تحرر مسبقا من طرف أحد المتعاقدین، وأن المتعاقد الآخر یكتفي بالانضمام إلیها من خلال توقیعه علیها من دون أن یكون بالضرورة على علم تام بنطاق التزاماته لأنه لا یقرأ العقد بتأني، بل قد لا یفكر حتى في قراءة العقد مادام یعرف مسبقا عدم إمكانیة تعدیل شروطه، وقد یوقع على العقد دون الحصول على كافة المستندات.
ومع ذلك، فمن الناحیة العملیة، ناذرا ما یتم الاتفاق الودي بین المتعاقدینعلى إعدام العقد ومحو آثاره نظرا لأن مصالحهما متعارضة، لذلك، فالطریقالقضائي لتقریر إبطال العقد یفرض نفسه في أغلب الأحیان، فالالتزام بالإعلام مفید للدائن به لذلك فإن عدم تنفیذه على الحد الأدنى، أو عدم تنفیذه بالكامل ،وهكذا یمكن القول إن العقد الذي ابرمه من دون تنفیذ الالتزام بالإعلام یكون نافعا بالنسبة إلیه، ولا تقتضي مصلحته الحكم بإبطاله .
وخلاصة القول، یمكن للدائن بالالتزام بالإعلام الذي لم یقع تنفیذه أن یختار بین موقفین: إما ان یلجأ فورا إلى القضاء لیستصدر حكما بإبطال العقد (دعوى الإبطال)، ولا شك أن مبرره الأساسي في هذه الحالة هو انشغاله بحمایة نفسه من دعوى تنفیذ العقد التي یمكن أن یرفعها علیه المتعاقد معه(المدین بالالتزام بالإعلام)، أو یفضل عدم تنفیذ التزاماته منتظرا قیام المتعاقد معه برفع دعوى یطالبه بمقتضاها بتنفیذ العقد لكي یواجهه بدفع مفاده بطلان هذا التصرف ،وتقضي في ذلك المادة 315 ق.ل.ع بانه “یسوغ التمسك بالدفع بالبطلان لمن ترفع علیه الدعوى بتنفیذ الإتفاق في جمیع الحالات التي یمكنه فیها هو نفسه ان یباشر دعوى الإبطال…”.
المطلب الثا ي: المسؤولية المدنية
باعتبار المسؤولیة تتجلى في الإلتز ام بتعویض الشخص المتضرر بسبب إخلال المدین بالتزامه فهي تنقسم إلى نوعین: المسؤولیة التقصیریة وهي الالتزام بتعو یض ما یلحق الغیر من ضرر نتیجة الإخلال احد الأشخاص بالتزام قانونيعام وهو عدم الإضرار بالغیر والمسؤولیة العقدیة وهي الالتزام بتعویض ما یلحقأحد المتعاقدین من ضرر بسبب إخلال المدین بإلتزام عقدي .
ونظرا لإختلاف فقهاء القانون المدني حول طبیعة الالتزام بالإعلام ومدى كونه تعاقدیا أو قبل تعاقدي، فإنهم اختلفوا كذلك حول طبیعة المسؤولیة الناشئة عن الإخلال به، بین من قالو ا بالطبیعة التقصیریة ومن قالوا بالطبیعة عقدیة وبالفصل، إذا وجب على كل متعاقد القیام بالاستعلام من اجل إعلام المتعاقد معه خلال مرحلة المفاوضات التعاقدیة، فإن إخلاله بهذا الالتزام یعرضه للمسؤولیة وأداء التعویض لفائدة المتعاقد التي تعیبت إرادته، غیر أن هذا القول لا یخلو من مشاكل نذكر منها بالخصوص المشكل المتعلق بطبیعة المسؤولیة.
فقرة 1: الإتجاه القائل بالطبیعة التقصیریة لمسؤولیة المدین بالالتزام بالإعلام المنعكس على الرضاء
تجدر الإشارة في البدایة إلى أن الالتزام بالإعلام الذي یثیر الخلاف، على
مستوى الفقه والقضاء، بشان طبیعة المسؤولیة المترتبة على الإخلال به هو الالتزام بالإعلام الذي ینعكس على رضاء المتعاقد، ویساعد على معرفة عواقب التعاقد وعلى اتخاذ رق ار غیر معیب بغلط أو تدلیس، إنه الالتزام بالإعلام الذي یهدف إلى جعل الرضاء حرا ومستنیرا، وعلى بینة من كل جوانب التعاقد وخالیا من الغلط ویسمیه أغلب الفقه الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام، لكنه تم توسیع من دائرته لیشمل كل الالتزامات بالإعلام التي تنعكس على رضاء أصدره المتعاقدسواء انصب هذا الرضاء على تكوین العقد، أي على قرار إبرام العقد، أو على كلتصرف أو قرار آخر، كقرار فسخ العقد او تعدیله…
أما إذا تعلق الأمر بالالتزام بالإعلام الذي ینعكس على تنفیذ العقد، فإن الإخلال به لا یثیر إلا المسؤولیة العقدیة. ومن المؤكد أن المسؤولیة التقصیریة تشكل جزاء على الإخلال بالتزام قانوني عام یتجلى في عدم الإضرار بالغیر، أي انها تنشأ بسبب ما یحدثه الشخص للغیر من ضرر بسبب خطأه، فهي بذلك تنشأ بین أشخاص لا یرتبطون بعلاقة عقدیة فیما بینهم، وا ٕذا حدث أو أن وجدت بینهم مثل هذه العلاقة العقدیة، فإن الضرر یعد ناشئا خارج نطاقها، كأن ینشأ في الفترة السابقة على إبرام العقد123، فهل یمكن أن نطبق قواعد هذه المسؤولیة التقصیریة على الأضرار الناشئة عن الإخلال بالالتزام بالإعلام الذي ینعكس على رضاء المتعاقد؟ وبعبارة أوضح، ما هي طبیعة المسؤولیة الناشئة عن إخلال المتعاقد المحتمل بالتزام بالإعلام قبل إبرام العقد، أو له علاقة بإصدار المتعاقد الآخر لرضائه بصفة عامة؟ ألا یمكن ان نأخذ بعین الاعتبار الوضعیة الخاصة الناتجة عن كون المسؤولیة إنما تتم إثارتها بمناسبة إبرام العقد أو تعدیله أو إنهائه أو فسخه؟ وهل الالتزام بالإعلام في هذه الحالة مستقل عن العقد؟
تجدر الإشارة إلى ملاحظة بسیطة وهي ان الهدف من إعمال المسؤولیة التقصیریة لیس هو إبطال العقد أو أي رضاء آخر واوا ٕ نما تعویض المتضرر عما

– LUCAS de LEYSSAC, op.cit, N°163, p :142 ets.
– J.CHESTN, op.cit, N°595, p :578.
123- حمدي احمد سعد، الرسالة، ص: 405.
لحقه من اضرار ناتجة عن خطأ عمدي أو عن إهمال124. ذهب بعض الفقه، فيإطار الجواب عن السؤال السابق، إلى القول إن المسؤولیة المترتبة عن الإخلالبالالتزام بالإعلام المؤثر على الرضاء مسؤولیة تقصیریة، بینما طبقه على عكس من ذلك، نظام المسؤولیة العقدیة على حالات الإخلال بالالتزام بالإعلام الذي له انعكاس على تنفیذ العقد، إذن یرتبط نظام المسؤولیة بنوع الالتزام بالإعلام الذي تم خرقه وهذا ما أیده القضاء الفرنسي حینما عمل بقواعد المسؤولیة التقصیریة في الحالات التي یخفي فیها أحد المتعاقدین عن المتعاقد الأخر معلومات منتجة ومهمة في اتخاذ القرارات.125
الحجج التي دعم بها هذا الاتجاه موقفه:
– الالتزامات بالإدلاء بالبیانات المؤثرة على الرضاء، كتلك المتعلقة بخصائص الشيء المبیع، ومدى ملاءمته لتحقیق حاجیات المتعاقد، یجب الوفاء بها قبل اتخاذ المتعاقد لقراره بإبرام العقد أو قبل إصدار اي رضاء آخر لأنها تعد وسیلة هامة لإیجاد رضاء متنور وسلیم، فلا تتحقق الفائدة منها إلا إذا تم الإدلاء بها في هذه المرحلة، وعلى هذا الأساس یتم الوفاء بها في المرحلة السابقة على التعاقد وقبل ان توجد ایة علاقة تعاقدیة بین الدائن والمدین، لذلك فكل خطأ فیها یشكل خطأ تقصیریا، بل حتى في حالة وجود علاقة تعاقدیة یمكن ان نتصور وجود التزام بالإعلام یؤثر على الرضاء، ولكنه مستقل عن العقد، ویؤدي الإخلال

124- ولكننا رأ كذلك ان ضحیة الضرر یمكنھ أن یطالب بالتعویض على اساس المادتین 41 و52 من ق.ل.ع.
125 – Cass.civ.1ére., 16 avril 1975, D.1976, p :514 note.
– Chirez, Rev.trim.dr.civ, 1976, p :139, observation .
– Durry ; Rennes, 9 juillet 1975, D.1976, p : 147. Not.
– Schmidt, Rev.Trim.dr.civ, 1976, p :547. Observations.
به إلى إقامة المسؤولیة التقصیریة للمدین، كما هو الشأن بالنسبة للمعلومات التيتساعد الدائن على اتخاذ قراره بتعدیل العقد أو إنهائه أو فسخه، فكل هذهالمعلومات یتعین الإدلاء بها قبل تمام الاتفاق الجدید، وتعد في ذات الوقت منفصلة جدریا عن العقد الذي شكل مناسبة للقیام بتلك التصرفات،
– یستند الالتزام بالإعلام إلى مبدأ حسن النیة قبل العقدي الذي یهیمن على إبرام العقد، ویعتبر الإخلال به خطأ تقصیریا، وهو یختلف عن مبدأ حسن النیة الواجب احترامه أثناء تنفیذ العقد والذي یشكل الإخلال به خطأ عقدیا.
كما استند أنصار هذا الاتجاه إلى المزایا التي تحققها المسؤولیة التقصیریة للمتضرر: فهي تحمیه وتجعله بمأمن من الشر وط المخففة أو المعفیة من المسؤولیة لأن هذه الشروط غیر مقبولة عندما تنصب على المسؤولیة التقصیریة ،كما أن هذه الأخیرة تسمح للمتضرر بالحصول على تعویض على كافة الأضرار التي تلحقه بسبب الإخلال بالالتزام بالإعلام سواء كانت هذه الأضرار متوقعة أو غیر متوقعة وذلك بخلاف قواعد المسؤولیة العقدیة التي تقتصر حدودها على تعویض الأضرار المتوقعة وقت التعاقد ما لم یتعلق الأمر بغش أو خطأ جسیم.
– تطبیق أحكام المسؤولیة التقصیریة واجب ومنطقي بالنظر إلى عدم وجود قواعد خاصة تحكم مسؤولیة المنتج تجاه المستهلك، وبالخصوص في مجال المنتوجات الصناعیة. فالمسؤولیة التقصیریة تؤدي إلى خضوع جمیع المتضررین إلى نظام قانوني موحد خاصة وأن كثیرا من المستهلكین والمستعملین المتضررین لا یرتبطون بعلاقة عقدیة مع المنتج (كما هو الحال في مجال المنتوجات الغذائیة ومنتوجات التنظیف، والأجهزة المنزلیة…)، فالمتضر ر هو كل فرد من أفراد أسرة
المشتري و یؤدي هذا الوضع إلى اختفاء صفة المشتري وراء صفة المستعمل ،ویعطي الأولویة للمسؤولیة التقصیریة.
وتجدر الإشارة هنا إلى رأي الأستاذ شكري سرور الذي ذهب في هذا المجال إلى ما یلي:” فالتزام المنتج باتخاذ كل ما هو ضروري من الاحتیاطات للحیلولة دون تحقق الخطر الكامن في هذه المنتجات، لیس بدقة التزاما ناتجا عن عقد البیع الذي ربط بین المنتج وهذا المضرور بالذات وا ٕنما هو بالأول التزام سابق على إبرام هذا العقد یجب في أغلب مظاهره أن یفي به المنتج قبل طرح المنتجات في الأسواق، متبصرا مستعملیها أو مستهلكیها المحتملین في عمومهم “.
واستند فیما ذهب إلیه البعض الإجتهادات القضائیة الفرنسیة وخاصة ما قضت به محكمة الاستئناف بباریس حینما صرحت بالمسؤولیة التقصیریة لصانع المنتواجات الدوائیة تجاه مستعمل الدواء عن الأضرار التي لحقت به بسبب عدم إعلامه إعلاما كافیا بمخاطر الدواء ، وما قضت به الغرفة المدنیة الثانیة بمحكمة النقض الفرنسیة حینما صرحت بمسؤولیة الشركة، على أساس المادة 1382 من القانون المدني الفرنسي عن الإصابات التي لحقت مستعملي الآلة، لما تبت لدیها أن الشركة المنتجة لم تقم بتحذیر المستعملین تحذیرا كافیا من مخاطرها.
وعلى الرغم من هذه المبررات المقنعة ظهر اتجاه آخر یقول بالطبیعة العقدیةللمسؤولیة ویرد في نفس الوقت على الاتجاه الأول ویجادله في الأسس والأسانیدالتي اعتمد علیها.
فقرة 2: الاتجاه القائل بالطبیعة العقدیة لمسؤولیة المدین بالالتزام بالإعلام المنعكس على الرضاء
یلاحظ أن بعض الفقه حینما بحث في مسالة الطبیعة القانونیة لمسؤولیة المدین بالالتزام بالإعلام لم یمیز بین الالتزام بالإعلام المؤثر على الرضاء، أو ما یسمیه بعض الفقه بالالتزام قبل العقدي، والالتزام بالإعلام المؤثر على تنفیذ العقد ،وانطلق في بحته وكأن الخلاف بین الفقه غیر قائم بشأن طبیعة المسؤولیة المترتبة على الإخلال بالالتزامین معا، والحقیقة أن الخلاف بین الفقه بشأن طبیعة المسؤولیة قائم بشدة واوا ٕ ن ظل مقتصرا على الحالة التي یتم فیها الإخلال بالالتزام بالإعلام الذي له انعكاس على رضاء المتعاقد، أما عندما یتعلق الأمر بمخالفة التزام بالإعلام له علاقة بتنفیذ العقد فلا خلاف بین الفقه بشأن طبیعة المسؤولیة المترتبة علیه، فهي من طبیعة عقدیة بدون تنازع.
وقد رأینا سبقا أن بعض الفقه لم یعترف إلا بوجود صنف واحد من الالتزامات بالإعلام هو الالتزام بالإعلام العقدي ،إنه التزام ینشأ عن العقد ویرتبط به حتى ولو أن الوفاء به أحیانا یتم في المرحلة السابقة على إبرام العقد أو أثناء إبرامه وبالتالي، فإن الإخلال بهذا الالتزام لا یؤدي بالطبع إلا إلى قیام المسؤولیة العقدیة. إضافیة إلى الأسانید التي أشرنا إلیها لتعلیل أن لا وجود إلا إلتزام وحید
وعقدي یترتب على الإخلال به تطبیق قواعد المسؤولیة العقدیة ،یتعین علینا الإشارة إلى راي الأستاذ إهرینج الذي سعى إلى تطبیق قواعد المسؤولیة العقدیة على الخطأ قبل العقدي. ونظریته الشهیرة هذه هي ما یعرف ب ” الخطأ عند تكوین العقد فالخطأ العقدي هو الذي یقع بمناسبة إبرام العقد ” أي ” بمناسبة الشروع في إبرام علاقة عقدیة إذا لحق احد طرفیها ضرر نتیجة تنفیذ العقد الذي أرید إبرامه، أو نتیجة الاطمئنان إلى قیامه، وأصبح، على خلال الحقیقة، تاما طبقا للظروف الخارجیة التي احاطت به، ویقیم من تم لمصلحة المتضرر، مسؤولیة عقدیة “، ففي العلاقات العقدیة یكون لكل عاقد ان یطلب إلى غیره ضمان جدیة أقواله أو صحة تأكید أنه أو تنفیذ ما وعد به، لأنه لا یكون في وضع یسمح له بالتحقق من صحتها بنفسه، وا ٕن لم یفعل وجب علیه تعویض عما لحقه من ضرر.
وبرر بعض الفقه” من كان لنظریة إهرینج صدى في نفسه موقف ایهرینج بوجود ما یسمى باتفاق ضمني بین المتعاقدین المحتملین ، وهو بمثابة عقد یقوم في نفس الوقت إلى جانب العقد الأصلي الذي تقرر إبطاله، ویتعهد بمقتضاه كل عاقد للآخر بعدم إتیان ما یعوق إبرام العقد أو الأخطاء المحتملة التي یمكن ان یرتكبها بمناسبة إجراء المفاوضات.
ومع ذلك لم یتم تبني هذا الرأي من طرف اغلب فقهاء القانون حین ضلواأوفیاء للمبدأ الذي یقضي بعدم وجود مسؤولیة عقدیة بغیر عقد، ولكن لا یجب أنیعني هذا عدم مساءلة من یعزي إلیه خطأ في فساد العقد، فهو یسأل ولكن لیس على اساس العقد كما تقول بذلك نظریة ” الخطأ عند تكوین العقد “، وا ٕنما على أساس العمل غیر المشروع الذي ارتكبه تطبیقا لأحكام المسؤولیة التقصیریة.
ومع ذلك لابد أن ندخل في هذه المناقشة ما یسمى بمفهوم “العقد التمهیدي” الذي یمكن أن یتخذ شكل ” وعد بالتعاقد” او شكل “اتفاق ابتدائي”، فهناك حالات كثیرة یوجد فیها وعد بالتعاقد قبل الإبرام النهائي للعقد المقترح، ویشكل التزاما حقیقیا من طرف الواعد، واوا ٕ ذا تم قبوله من طرف المتعاقد الأخر (الموعود له) فإن عدم احترامه یرتب مسؤولیته العقدیة.
وعلى خلاف ذلك، في حالة انعدام هذا العقد الابتدائي، فإن مرحلة
المفاوضات تبقى خارجة عن الدائرة العقدیة، ویجب على الدائن بالالتزام بالإعلام ،في حالة عدم تنفیذه، إذا أر دا الحصول على التعویض جبر ا للضرر الذي لحق به أن یتخذ له مكانا بدائرة المسؤولیة التقصیریة ویتمسك بالفصلین 77 و78 ق.ل.ع.
ومن بین الأسانید الأخرى الهامة التي اعتمدها أنصار المسؤولیة العقدیة كون الالتزام بالإعلام یعد من بین الالتزامات الثانویة التي یضیفها القاضي إلى العقد بناء على الفصل 1135 من القانون المدني الفرنسي المقابل للفصل 231
ق.ل.ع والفصل 2148 من القانون المدني المصري، ویعني هذا أن الالتزامبالإعلام یمكن أن یشكل جزاء لا یتجزأ من الالتزام بتنفیذ الإتفاقیات بحسن نیة ،كما انه یعد من مستلزمات العقد وفقا للقانون أو العرف أو الإنصاف.
ومن مبررات كذلك، التي تدفع هذا الإتجاه إلى إضفاء طابع المسؤولیة العقدیة على مخالفة الالتزام بالإعلام مهما كانت المرحلة التي تتم فیها المخالفة ،أن المشرع نفسه قرر في بعض الأحیان المسؤولیة العقدیة على الرغم من أن الخطأ قبل عقدي ولا تظهر نتائجه إلا أثناء تنفیذ العلاقة العقدیة، كما أن المسؤولیة العقدیة قد تتقرر لغیر أطراف العلاقة العقدیة.
ثمة خطأ قبل تعاقدي ویعاقب المشرع على الإخلال به على أساس المسؤولیة العقدیة، وهذا ما یحصل فعلا في مجال ضمان العیوب الخفیة والاستحقاق. فالضمان یمثل الالتزام الرئیسي الثاني للبائع ویرتبط بالالتزام بالتسلیم، وجزاء الإخلال به، كما هو معروف، فسخ العقد، ولا مانع إذن في نظر هذا الاتجاه من التصریح بالمسؤولیة العقدیة على عدم الإدلاء بالبیانات التي كان یجب الإدلاء بها قبل إبرام العقد.
ومع ذلك فإن الحكم یشكل نصا أو جزءا خاصا یصعب تطبیقه على جمیع الحالات في غیاب تدخل تشریعي صریح.
كما یوجد أشخاص لیسوا أطرافا في العلاقات العقدیة ومع ذلك یتعرضون للجزاء على أساس المسؤ ولیة العقدیة وهذا ما قرره الاجتهاد القضائي والفقهي

– Op.cit, N°214, p : 176.

الفرنسین بشكل واضح حینما جاءا باستثناءات عدیدة أكد فیها على الطبیعةالعقدیة للدعوى التي یرفعها المشتري الأخیر للسلعة على الصانع في حالة رغبتهفي الرجوع علیه مباشرة بالرغم من عدم وجود علاقة عقدیة بینهما.
و لكن هذا الاتجاه لم یتو حد بشأن الأساس المعتمد علیه في إضفاء الطابع العقدي على مسؤولیة توجد في حقیقتها خارج الدائرة العقدیة ویتضح هذا من خلال: هناك من ذهب إلى القول إن الدعوى العقدیة للمشتري الأخیر في مواجهة الصانع تعد تطبیق لفكرة الاشتراط لمصلحة الغیر المنصوص علیها في المادة
1122 من القانون المدني الفرنسي والمقابلة للمادة 35 ق.ل.ع باعتبار أن عقد البیع الذي یبرمه الموزع مع الصانع یتضمن دائما اشتراطا لمصلحة المشترین المحتملین یمكنهم بمقتضاه الرجوع على الصانع بالتعویض عن الأضرار التي تلحقهم نتیجة عدم تحذیرهم من مخاطر أو عیوب الشيء المبیع، أو نتیجة عدم إعلامهم بالمواصفات الحقیقیة للشيء.
وهناك من اعتبرها نوعا من حوالة الحق الضمنیة التي یتنازل بمقتضاها البائع بالتقسیط بید أنه هو الذي یتحكم في تحدید مضمون العقد من حیث المبیع والثمن ومحتوى الضمان، ثم أن الدعایة التي یروح عن طریقها للسلعة تعد بمثابة إیجاب موجه إلى جمهور المشترین المحتملین والذین یعد شراؤهم للسلعة بمثابة قبول لهذا الإیجاب فینشأ بینهم وبین المنتج عقد مباشر یقوم فیه الموزع أو البائع بالتقسیط بدور الوكیل الذي یعبر عن إرادة موكله أي الصانع.
وأخیرا هناك من ذهب إلى اعتبار الدعوى المباشرة التي یرفعها المستهلكعلى الصانع إحدى ملحقات المبیع التي تنتقل معه من الصانع إلى المستورد ثمإلى تاجر الجملة ومنه إلى تاجر التقسیط فالمستهلك وذلك استنادا غلى المادة 1615 من القانون المدني الفرنسي المقابلة للمادة 516 ق.ل.ع ، ولكن البعض اعترض على الاستناد إلى المادة المذكورة بالنظر إلى ان ملحقات المبیع الواردة بها تقتصر على الملحقات المادیة فقط ولا تشمل الحقوق او الدعاو ى القانونیة ،لذلك وجب الاستناد إلى المادة 1135 من القانون المدني الفرنسي باعتبار أن الدعوى تعتبر من متطلبات العقد وفق للقانون أو العرف او العدالة.
یتضح مما سبق أن الرأي الراجع لدى فقهاء القانون الفرنسي، ولدى القضاء الفرنسي كذلك، یعطي الحق للمشتري في الرجوع مباشرة على الصانع بالتعویض جبرا للضرر الذي لحق به لیس فقط نتیجة لوجود عیب في الشيء المبیع واوا ٕ نما أیضا بسب إخلال الصانع بالالتزام بالإعلام.
ومع ذلك فإن اعتماد هذه الأسس والتفسیرات لا یخلو من انتقادات: فكرة الاشتراط لمصلحة الغیر لیست إلا مجرد افتراض یقوم على غیر حقیقة من الواقع بحیث یصعب القول بان النیة المشتركة للطرفین انصرفت إلى تضمین العقد مثل هذا الاشتراط136 كما أن فكرة حوالة الحق تقوم على الافتراض والتحایل لأن البائع الوسیط قد لا یكون دائنا للصانع لأن المعلومات التي یجب أن یدلي بها إلى المشتري الأخیر، فكیف یمكنه التنازل عن حق لا یملكه، أما فكرة التمثیل أو النیابة فهي لا تستبعد دائما المسؤولیة الشخصیة للموزع دون إمكانیة إقامةمسؤولیة المنتج كما یحتفظ في حالات كثیرة، باستقلاله وذاتیته إزاء المنتج، ویقوم
بعملیات البیع لحسابه الخاص مما یصعب معه القول بكونه وكیلا عن الصانع.
كما أن مسألة الملحقات كأساس للدعوى المباشرة التي یملكها المشتري زإ اء من لا تربطه به علاقة مباشرة لا تخلو بدورها من مآخذ إذ هناك من رأى ان فكرة الملحقات الواردة بالنص القانوني یقصد بها الملحقات المادیة فقط ولا تشمل الحقوق أو الدعاوى القانونیة، لذلك فالأفضل ان یتدخل المشرع لینص صراحة على الجزاء الواجب العمل به في العلاقة بین المستهلك ومن لا تربطه به علاقة مباشرة.
ویرد كذلك أنصار الاتجاه القائل بالطبیعة العقدیة على أنصار الطبیعة التقصیریة الذین قالوا بأن هذه الأخیرة أكثر فائدة للمتضرر من المسؤولیة العقدیة ،إن هذه الفوائد لا تعد وأن تكون وهما لأن التعویض عن الضرر المتوقع وغیر المتوقع الذي تتمیز به المسؤولیة التقصیریة یمكن العمل به كذلك في مجال المسؤولیة العقدیة . فالتعویض یشمل الضرر غیر المتوقع أیضا وذلك في حالة ثبوت خطأ جسیم في جانب المسؤول، وما من شك في أن كتمان الصانع أو البائع لما یكتنف الشيء المبیع من مخاطر وما قد ینجم عنه من أضرار یعتبر من قبیل الخطأ الجسیم.
ومع ذلك، فإن اختیار مسؤولیة دون أخرى لا یجب أن یعتمد فقط على منمنهما یقدم فوائد أكثر للدائن بالالتزام بالإعلام بل على سند القانوني السلیم الذيینسجم مع أحكام القانون الخاص.
والخلاصة أن بعض الفقه قسم الالتزام بالإعلام إلى نوعین رئیسیین إلتزام بالإعلام قبل تعاقدي، الذي تم توسیعه لیصبح التزاما له علاقة بالرضاء، ویشمل المعلومات والبیانات التي یجب على المهني تقدیمها للمستهلك من أجل تنویر رضائه بعواقب التعاقد، وتوجیه نحو اختیار شيء مناسب له، ویتعین الإدلاء بها قبل إبرام العقد أو قبل إصدار الرضاء بصفة عامة، وهناك التزام عقدي بالإعلام ویتعلق بحسن تنفیذ العقد ویتعین تنفیذه بعد إبرام العقد، ویشمل البیانات المتعلقة باستعمال الشيء والتحذیر مما قد ینجم عنه من أضرار…
ولا شك أن هذا التقسیم ینعكس على نظام المسؤولیة. ولكن إذا كانت المسؤولیة العقدیة هي الواجبة في حالة خرق الالتز ام بالإعلام المنعكس على تنفیذ العقد فإن الخلاف شدید بشأن المسؤولیة الواجبة في حالة مخالفة الالتزام بالإدلاء بالبیانات الواجب تقدیمها قبل إبرام العقد او إصدار الرضاء، والجانب الذي نؤیده هو الذي یضفي الطابع التقصیر ي على مسؤولیة من أجل التزامه بالإدلاء بالبیانات المؤثرة على رضاء المتعاقد الآخر.
المبحث الثاني: الجزاءات الجنائیة
لتحقیق حمایة فعلیة للمستهلك، لابد من النص على عقوبات تتلاءم قدر الإمكان مع طبیعة الجرائم المرتكبة ومع شخصیة المخالفین، وذلك بالنظر إلى الخطر الذي شكله سلوكهم على المجتمع و بالنظر إلى نوع وأهمیة الضرر الذيتحدثه هذه الجرائم للجماعات والأفراد، فالعقوبة هي رد الفعل القانوني للمجتمعیوقعه على الجاني نظیر ارتكاب جریمة ما، وهي تهدف بالأساس إلى منع الجریمة وحمایة الفضیلة وتحقیق المصلحة العامة، وهي أیضا اداة الإدارة الجنائیة لتحقیق أهداف السیاسة المرسومة وغایتها من اجل الوصول إلى العدالة المنشودة.
ولذلك فهي تعتبر من أهم الآلیات التي لجأ إلیها المشرع لتحقیق العدید من القیم التي یحرص على ترسیخها في المجتمع مثل الأمانة والاستقامة والنزاهة. وهكذا فالعقوبات الجنائیة هي تلك العقوبات المقرر ة كجزاء للجرائم المختلفة التي تصدر عن المحاكم المختصة بنظرها، وتنقسم هذه العقوبات إلى عقوبات أصلیة(المطلب الأول) وعقوبات إضافیة(المطلب الثاني).
المطلب ول : العقو ات ا نائية صلية
إن القانون الجنائي للإستهلاك عموما یراهن على العقوبات الأصلیة (الحبس والغرامات) لما لها من فائدة رمزیة تتمثل بالخصوص في إیلام الجاني وتخویف كل من تسول له نفسه ارتكاب نفس الفعل، وهو بذلك یهدف إلى منع ارتكاب هذه الجرائم وا ٕتمامها.
فالحبس هو الجزاء السالب للحریة بوضع المتهم، بعد صدور حكم بات بشأنه یدینه في مؤسسة عقابیة، بینما الغر امة هي الجزاء الذي یسلب الجاني ماله كله أو بعضا منه.
والحبس او الغرامة هي العقوبات التي عادة ما تسعى الدولة من وراء تشریعهاووضعها وتطبیقها إلى أن تكون ردعا للمجرم وعبرة لغیره حتى لا تسول لهذا الغیرنفسه خرق القانون المعمول به والتلاعب بمصالح المجتمع.
وعلیه فالعقوبات المقررة لمخالفة النصوص والأحكام الموضوعة لحمایة التجارة وجمهور المستهلكین، تتراوح في الغالب بین الحبس(فقرة أولى) والغرامة(فقرة ثانیة) وسنتطرق إلى هذه الأنواع على التوالي.
الفقرة الأولى: الحبس
إلى جانب عقوبة الغرامة التي تعد العقوبة الجنائیة الأصلیة الأساسیة التي استند علیها المشرع المغربي والمقارن في زجر وتحقیق الوقایة من جرائم الاستهلاك، ثم كذلك إقرار عقوبة سالبة للحریة ویتعلق الأمر بعقوبة الحبس.
وتعرف عقوبة الحبس كسائر العقوبات السالبة للحریة بأنها إحدى العقوبات الجنائیة الأصلیة المقررة في الجنح، وهي عقوبة تصدر بحكم جزائي یترتب علیها حرمان المحكوم علیه من حریته، وذلك بإیداعه في إحدى المؤسسات العقابیة وفقا للحكم الصادر بحقه وخضوعه للنظام المطبق في تلك المؤسسة بغیة تأهیله وا ٕصلاحه، وذلك لمدة لا تقل عن شهر ولا تتعدى خمس سنوات، باستثناء حالات العو د وغیرها التي یحدد فیها القانون مدد أخرى.
وتتمیز عقوبة الحبس بكونها عقوبة ذات طبیعة جزائیة، فهي تتمتع بصفة الشرعیة لأنها تقع بین العقوبات التي تنص علیها القوانین الجنائیة، وتصدر بحكم جنائي صادر عن محكمة مختصة، كما أن عقوبة الحبس هي عقوبة شخصیة ،اي لا تنفذ في غیر المحكوم علیه بها، فلا یجوز لغیر المحكوم علیه أن یتقبل تنفیذ الحكم الصادر بها، وهي بالتالي لیست بالدین المدني الذي یقبل فكرة الحلول والإیفاء من غیر المدین بالالتزام، ولها غایة محددة تتمثل في تقویم المحكوم علیه وا ٕصلاحه من خلال خضوعه لتنفیذها.
كما تتمیز عقوبة الحبس كسائر العقوبات السالبة للحریة بكونها عقوبة مرنة ،وهاته السمة یجعلها قابلة للتطبیق بحسب حالة المحكوم علیه ووفقا لاحتیاجه للمعاملة للازمة لتأهیله واوا ٕ صلاحه.
وتجدر الإشارة إلى أن عقوبة الحبس هي من بین العقوبات الأصلیة التي یقتصر تطبیقها على الشخص الطبیعي دون الشخص المعنوي، واوا ٕ ن كان البعض یرى بأن هاته العقوبة یستعاض عنها فیما یخص الشخص المعنوي بعقوبة الإغلاق للمحل أو المؤسسة.
وا ٕذا كان ما ذكرناه یشكل تعریفا لعقوبة الحبس كإحدى العقوبات المقررة لزجر جرائم القانون الجنائي العام، فإن هذه العقوبة تحتفظ بكل عناصر تعریفها في ظل القانون الذي یقضي بتحدید تدابیر لحمایة المستهلك، الذي یعتمد علیها في زجر بعض الجرائم المرتكبة خرقا للحمایة التي یرمي لتحقیقها، حیث تتحدد نظرة المشرع لطریقة الزجر والوقایة من الجریمة بغض النظر عن میدان تحققها مادامت تنطوي على درجة من الخطر موازیة لدرجة خطر الجرائم من نفس صنفها القانوني، والقانون الذي یقضي بتحدید تدابیر لحمایة المستهلك لم یقرر عقوبة الحبس لزجر وردع سائر جرائم الاستهلاك، بل فقط تلك التي یكتسي اقترافها خطرا–اكثر من غیرها- على النظام العام الاجتماعي الذي محوره هو الطرف الضعیففي العلاقة التعاقدیة.
وعلى الرغم من الأهمیة التي یحتلها التهدید بالعقوبة الحبسیة في مجال
الوقایة، فإن هناك العدید من العوامل التي تحول دون تحقیق هذه الغایة في مجال جرائم الاستهلاك ترجع بالخصوص إلى عدم إبراز ما تحمله القاعدة الجنائیة من تهدید حقیقي بالتلویح بالعقوبة المقررة كجزاء على مخالفة ما تحتوي علیه من تكالیف بشكل كافي، وذلك بسبب غیاب الإعلام الكافي عن مضمون ذلك التكلیف وما یرتبط به من جزاء، هذا بالإضافة إلى ما قد یتسرب لبعض النصوص الجنائیة من غموض إو إبهام نتیجة سوء صیاغتها، بشكل یحول دون إظهار ما تتضمنه من تهدید عقابي یكون باستطاعته ن یجعل المخاطبین بها، یتراجعون عن اقتراف تلك الجرائم أو اتساع رقعتها.
وفي هذا الإطار فقد ثار جدال عمیق في الفقه حول مدى ملائمة الحبس كعقوبة لزجر بعض الأفعال خاصة في مجال الجرائم الاقتصادیة، واتجه الرأي الغالب إلى ضرورة عدم تقریر عقوبة الحبس إلا إذا كانت فعالة بالنظر إلى الفعل المرتكب أي أن تكون هي العقوبة الأكثر ملائمة بالنسبة للخرق المرتكب، خاصة وأن عدم التناسب في هذا المجال یؤدي في كثیر من الأحیان إلى عدم فعلیة العقوبة أي إلى عدم تطبیقها فعلا على أرض الواقع.
إذ أن العقوبة الصارمة تدفع القضاة أحیانا إلى محاولة التهرب منها خلالعدم اعتبار الفعل كافیا لتبریر العقوبة المقررة وهو ما یمس بالجنب الوظیفيللعقوبة مادام أن الفاعل یعرف بصفة مسبقة أن العقوبة المقررة لن تطبق علیه.
ومقارنة مع عقوبة الغرامة، فعقوبة الحبس لا تحتل إلا حیزا ضیقا في ظل القانون الذي یقضي بتدابیر حمایة المستهلك، فهي عقوبة لم یتم توظیفها إلا في حالات جد محدودة، وفي هاته الحالات القلیلة ناذرا ما تكتسي طابع إلزامیا، إذ یطغى علیها الطابع الاختیاري مع عقوبة الغرامة.
وبإقرار القانون الذي یقضي بتحدید تدابیر لحمایة المستهلك لعقوبة الحبس ،یكون قد اعترف بالطابع الجنحي لبعض جرائم الاستهلاك معتمدا في ذلك على خطورته بالنسبة للمستهلك.
وهكذا نجد أن المشرع المغربي من خلال قانون 31-08 نص على العقوبة الحبسیة اثنتین الأولى وتتعلق بجریمة البیع الهرمي حیث نصت المادة 184 على أنه:” یعاقب على مخالفة أحكام المادة 59 المتعلقة باستغلال ضعف المستهك و جهله بالحبس من شهر إلى خمس سنوات… وذلك دون الإخلال بأحكام الفصل 552 من مجموعة القانون الجنائي”.
ونخلص للقول من خلال ما سبق ذكره أن لعقوبة الحبس حضور فیما یخص جرائم الاستهلاك، إلا أن هذا الحضور یتمیز بكونه ثانوي مقارنة مع عقوبة الغرامة التي أوكل لها القانون المتعلق بتحدید تدابیر لحمایة المستهلك مهمة زجریة على مستوى واسع من جرائم الاستهلاك، وعقوبة الحبس ناذرا ما تكون إجباریةالتطبیق، إذ أن أغلب الحالات الواردة أعلاه تشهد بأنها تكون اختیاریة مع عقوبةالغرامة.
الفقرة الثانیة: الغرامة
یقصد بالغرامة ذلك القدر من أمال الذي یلزم المحكوم علیه قضاء بدفعه إلى خزینة الدولة جزاءا لما ارتكبه .
وعلى الرغم من فعالیة الغرامة كوسیلة عقابیة من شأنها أن تدفع المهنیین إلى التحلي بالنزاهة في معاملاتهم لاسیما و أن الدافع الذي یحرك الفاعل هنا كثیرا ما یكون مادیا، فإننا نلاحظ أن المشرع المغربي عمل على تحدید الغرامة المقررة بالنسبة لكل جریمة وذلك حسب خطورتها ، وهو ما سنعرض له على الشكل التالي:
أولا: في جرائم الإشهار:
سنعمد هنا إلى تحدید الغرامة التي فرضتها المشرع على كل جریمة من جرائم الإشهار المنصوص علیها في قانون 31-08 الذي یقضي بتحدید تدبیر لحمایة المستهلك.
في جریمة الإشهار المضلل : تنص المادة 174 من القانون الذي یقضي بتحدید تدبیر لحمایة المستهلك على أنه:” یعاقب بغرامة من 50.000 إلى
250.000 درهم على مخالفة أحكام المادتین 21 و22.
یمكن رفع المبلغ لأقصى للغرامة المنصوص علیها في هذه المادة إلى نصفنفقات الإشهار المكونة للجنحة.
إذا كان المخالف شخصا معنویا یعاقب بغرامة تتراوح ما بین 50.000 و1.000.000 درهم.
ولأجل تطبیق أحكام هذه المادة، تطلب المحكمة من الأطراف ومن المعلن إمدادها بجمیع الوثائق المفیدة، وفي حالة الرفض یمكن لها أن تحكم باداء غرامة تهدیدیة تبلغ 10.000 درهم عن كل یوم تأخیر، إبتداءا من التاریخ الذي حددته للإدلاء بالوثائق المذكورة “.
تطبق كذلك العقوبات المنصوص علیها في الفقرة من المادة 174 في حالة رفض الإدلاء بعناصر التبریر أو بالإشهارات التي تم بثها والمطلوبة وفق الشروط المقررة في الفقرة الأولى من المادة 172، وتطبق هذه العقوبات أیضا في حالة عدم التقید بالأحكام الصادرة بوقف الإشهار أو عدم تنفیذ الإعلانات الاستدراكیة داخل الأجل المحدد.
أما فیما یخص جریمة الإشهار الالكتروني فیعاقب علیها بغرامة من 10.000 إلى 50.000 درهم المورد الذي یقوم بكل إشهار كیفما كانت تقنیة الاتصال عن بعد وذلك دون مراعاة أحكام المادتین 23 و24.
كما أفرد المشرع غرامة خاصة بالمسابقات الإشهاریة وذلك من خلال المادة
185 حیث جاء فیها “… یعاقب بغرامة من 50.000 إلى 200.000 درهم منظموا العملیات المنصوص علیها في الفقرة الأولى من المادة 60 الذین لمیتقیدوا بالشروط المقررة في الباب التاسع من القسم الرابع من هذا القانون “.
وفي جرائم الإشهار الخاصة بعقود القرض، ففي هذا الإطار نص المشرع المغربي من خلال المادة 187 على أنه یعاقب بغرامة من 6000 إلى 20.000 درهم المعلن الذي یبث لحسابه إشهار غیر مطابق لأحكام المادة 76.
كما جاء أیضا في المادة 189 على أنه:” یعاقب المعلن الذي یبث لحسابه إشهار بموافقته غیر مطابق لأحكام المادة 115 بغرامة من 30.000 إلى 20.000 درهم “.
ونلاحظ من خلال الغرامات المحددة أعلاه والتي جاء بها المشرع المغربي في هذا القانون نه قد حصر العقوبة في كل هذه الجرائم في الغرامة، إلا أن قیمة هذه الغرامة جاءت مرتفعة مقارنة مع باقي قوانین الاستهلاك المغربیة. وذلك لأن المشرع أراد منع المعلنین من إحداث أضرار جدیدة بالمواطنین وتخویف الغیر من ارتكاب أفعال مماثلة حتى لا یكون هناك تباعد بین العقوبة وبین وظیفتها المنعیة وكذلك بینها وبین وظیفتها الأخلاقیة التي یمكن بها ضمان عدم عودة الجاني لارتكب مثل هذه الجریمة مرة اخرى. كما أن الغرامة حتى تكون فعالة یجب أن یكون قدرها أهم من الفائدة أو الرجح الذي یمكن أن یحصل علیه المخالف من الجریمة.
كما أن المشرع المغربي أورد عقوبة مقررة في حق الشخص المعنوي ،فقد
نصت الفقرة الثالثة من المادة 174 على أنه:” إذا كان المخالف شخصا معنویا یعاقب بغرامة تتراوح بین 50.000 و100.000 درهم “.
وبالتالي نلاحظ أن المشرع المغربي كان أكثر تشدیدا في توقیع الجزاء على الأشخاص المعنویة وذلك لأن الحد الأقصى للغرامة التي یتم توقیعه على الأشخاص المعنویة تساوي أضعاف الحد الأقصى للغرامة التي توقع على الشخص الطبیعي.
ثانیا: في الجرائم المترتبة عن العقود المبرمة عن بعد:
جاء في المادة 177 من القانون الذي یقضي بتحدید تدابیر لحمایة المستهلك على أنه:” یعاقب على مخالفة أحكام المواد 32، 30، 29 بغرامة من 1200 إلى 10.000.
وترفع الغرامة في حالة العود “.
كما تنص أیضا المادة 178 على أنه:” یعاقب بغرامة من 1200 إلى
50.000 المورد الذي یرفض إرجاع المبالغ إلى المستهلك وفي حالة العود ترفع الغرامة إلى الضعف”.
كما جاء أیضا في المادة 179 على أنه:” یعاقب بغرامة من 2000 إلى
20.000 درهم المورد الذي لا ینفذ الطلبیة وفق الشروط المنصوص علیها في المادة 39 “154.
كما یعاقب على كل مخالفة لأحكام المادة 31155 بغرامة من 1200 إلى
25.000 درهم حسب ما جاءت به المادة 180.
وتتعلق هذه الغرامات بكل مخالف لأحكام البیع عن بعد الذي أصبح وسیلة من الوسائل الحدیثة في إبرام عقد البیع.
ویلاحظ المشرع المغربي أفرد غرامة للشخص المخالف إذا كان شخصا معنویا حیث یعاقب بغرامة تتراوح ما بین 50.000 درهم وملیون درهم وهو ما جاءت به الفقرة الثانیة من المادة 180.
هذا فیما یخص الغرامات المتعلقة بالبیع عن بعد.
أما في البیع خارج المحلات التجاریة فقد نص المشرع على الغرامة الخاصة بمخالفة أحكام هذا البیع في المادة 180 والتي جاء فیها یعاقب على كل مخالف لأحكام المواد من 47 إلى 51 بغرامة من 1200 إلى 2500 درهم.
هذا إذا كان الشخص طبیعیا أما إذا كان المخالف شخصا معنویا فیتم مضااعفة العقوبة التي تتراوح ما بین 50.000 وملیون درهم.
ثالثا: في جریمة استغلال الضعف أو الجهل:
تنص المادة 184 من القانون الذي یقضي بتحدید تدابیر لحمایة المستهلك على أنه:” یعاقب على مخالفة أحكام المادة 59 المتعلقة باستغلال ضعف المستهلك أو جهله بغرامة من 1200 إلى 50.000 درهم، وذلك دون الإخلال بأحكام الفصل 552 من مجموعة القانون الجنائي “.

154- تنص ھذه المادة على أنھ:” لا یمكن أن یتجاوز تنفیذ الطلبیة أجلا أقصاه 30 یوما ابتداءا من الیوم الذي أكد فیھ المورد تسلم طلبیة المستھلك ما لم یتفق الطرفان على خلاف ذلك “.
155- خدیجة التاغي:” الحمایة الجنائیة للمستھلك في إطار القانون رقم 31-08 ” ص 156.
هذا الأخیر الذي ینص على أنه:” من استغل حاجة قاصر دون الواحدة
والعشرین أو بالغا فاقد الأهلیة أو محجورا، أو استغل أهواءه أو عدم خبرته ،لیحصل منه على التزام أو إبرام أو أي سند یمس ذمته المالیة، إضرارا به، یعقب بغرامة من مائتین إلى ألفي درهم.
وا ٕذا كان المجني علیه تحت سلطة الجاني أو تحت إشرافه أو تحت رعایته…
رفعت الغرامة من مائتین وخمسین إلى 3 آلاف درهم “.
أما الفقرة الأخیرة من المادة 184 فعاقبت المخالف إذا كان شخصا معنویا بغرامة تتراوح بین 50.000 و1.000.000 درهم.
المطلب الثا ي: العقو ات ضافية المقررة ماية المس لك
تتمیز النصوص الخاصة بحمایة المستهلك بالنص على أنواع من الجزاءات الإضافیة التي لا یقصد منها الإیلام. بقدر ما یقصد بها ردع الجریمة الاقتصادیة واستئصال أسبابها والوسائل المساعدة على قیامها.
وقد تأخذ هذه الجزاءات صو رة العقوبة الإضافیة سواء أكانت طبیعیة أو وجوبیة أو جوازیة، أو صورة تدبیر وقائي شخصي أو عیني.
وقد عدد المشرع العقوبات الإضافیة في الفصل 36 من القانون الجنائي والتدابیر الوقائیة في الفصلین 61 و62 من نفس القانون.
وتتجلى أهمیة هذه العقوبات والتدابیر في قناعة المشرع بعدم كفایة العقوباتالتقلیدیة السالبة للحریة منها والمالیة في مو اجهة ظاهرة الإجرام الاقتصادي علىوجه الخصوص وتتجلى عدم كفایتها في هذا المجال في عدة أوجه أهمها:
o نادرا ما یحكم على الجاني بالعقوبات المقیدة للحریة.
o إن العقوبات المالیة ورغم أهمیتها في هذا المجال فكثیر ما یعتبرها الجاني من المخاطر المعتادة للمهنة ، نظرا لقیمتها الضئیلة مقارنة بالأرباح الكبیرة التي یجنیها من مخالفاته لأحكام القانون الاقتصادي.
من هنا تبدو وأهمیة اللجوء إلى هذه الجزاءات والتدابیر بمختلف أنواعها من أجل الحد من الإجرام الاقتصادي في هذا المیدان.
غیر أن الملاحظ هو أن المشرع المغربي من خلال القانون الذي یقضي بتحدید تدابیر لحمایة المستهلك اكتفى بالنص فقط على العقوبة الإضافیة المتمثلة في نشر الحكم الصادر بالإدانة أو تعلیقه بالعدید من مواد هذا القانون.
ویعتبر نشر وتعلیق الحكم الصادر بالإدانة عقوبة إضافیة تمس من اعتبار المحكوم علیه، وهي ذات أثر فعال في كشف حقیقته ،والطعن في أمانته، والمس من سمعته التجاریة، وتنبیه جمهور المستهلكین إلى تصرفاته غیر المشروعة مما یترتب علیه أن یفقد هذا الجمهور ثقته في المحكوم علیه، وتأخذ هذه العقوبة إحدى الصورتین: الأولى هي النشر في الصحف أو في مختلف وسائل الإعلام ،والثانیة هي تعلیق الحكم في أماكن معینة یحددها حكم الإدانة.
وقد اعتبر المشرع هذه العقوبة الإضافیة وجوبیة، حیث أوجب على المحكمةأن تصدر أمرها بتعلیق الحكم الصادر بالإدانة عملا بالفقرة الثانیة من المادة175 على أنه:” تأمر المحكمة في حالة الإدانة، بنشر أو تعلیق المقرر القضائي أو بهما معا “.
كما اعتبر هذه العقوبة الإضافیة جوازیة، إذ یترك لقاضي الموضوع الأمر باتخاذها من عدمهإ إذ نصت المادة 176 والمتعلقة بالإشهار الالكتروني على أنه:” یمكن للمحكمة إضافة إلى ذلك أن تأمر بنشر أو تعلیق الحكم الصادر بالإدانة “، ونصت كذلك في المادة 183 والمتعلقة بالبیع الهرمي والمادة 185 والمتعلقة بالمسابقات الإشهاریة لأجل الربح والمادة 189 والمتعلقة بالعقوبات المقررة في حالة مخالفة أحكام الإشهار الخاص بعقود القرض وأخیرا المادة 192 المتعلقة بالعقوبات المقررة لمخالفة بعض أحكام عقد القرض. على انه:” علاوة على ذلك یجوز للمحكمة أن تأمر بتعلیق حكمها أو نشره على نفقة المحكوم علیه بالكیفیة التي تقررها”.
وبالتالي نرى إلى جانب البعض أنه كان من الفضل على المشرع المغربي أن یترك، ذلك للسلطات التقدیریة للقضاء لتقریر تطبیق هذه العقوبة من عدمه حسب كل نازلة.
كما أن هناك عقوبة جو ازیة أخرى نص علیها المشرع المغربي وهي لا تقل أهمیة عن نشر الحكم الصادر بالإدانة ویعلق الأمر بنشر بیان یعید الأمور إلى نصابها وهو ما یعرف بالإعلانات الاستدراكیة. وقد نص علیها المشرع في الفقرة الثالثة من المادة 175 من القانون الذي یقضي بتحدید تدابیر لحمایة المستهلكحین أجاز لمحكمة الموضوع في حالة المؤاخذة عن جریمة الإشهار المضلل بأنتأمر بنشر إعلان أو عدة إعلانات استدراكیة على نفقة المحكوم علیه.
ولهذه العقوبة أهمیة كبیرة من عدة نواح أهمها:
 ان فیها مس باعتبار وسمعة المحكوم علیه التجاریة.
 فیها معاملة للمحكو م علیه بعكس قصده، حیث یجبره على نشر بیان یكذب فیه ما جاء في إعلانه وفي ذلك تنبیه لجمهور المستهلكین إلى مخالفاته للقانون واستغلاله لهم.
 یترتب على ذلك أن یفقد ثقة زبنائه والمتعاملین معه وعدم قدرته على استقطاب زبناء جدد.
 أن هذه العقوبة تتضمن مساسا بذمته المالیة والإنقاص منها. وذلك لأن هذا البیان ینشر على نفقة المحكوم علیه بنفس الكیفیات والأماكن التي تم فیه الإعلان المضلل. ویكون الضرر المالي كبیرا إذا تم إعلانه المضلل في الصحف والإذاعة المسموعة والمرئیة لارتفاع تكالیف الإعلان فیها.

خاتمة:
یشكل الالتزام بالإعلام أحد الدعائم الأساسیة التي تقوم علیها السیاسة العامة
لحمایة المستهلك، ورغم تأخره في الظهور إلا أنه لا یمكن تصور تحقیق الحمایة المنشودة في غیاب هذا لالتزام.
وأثبت الواقع العملي، عجز القواعد العامة على مواجهة الاحتلال في العلم بین المستهلك والمتعاقد معه، فاللجوء إلى نظریة عیوب الرضا لاسیما (الغلط والتدلیس) أو نظریة العلم الكافي بالمبیع لا یسمح إلا بإبطال العقد كلیة وا ٕنهاء أزمة الاختلال المطروح، وهو جزء لا یتلاءم مع حاجات المستهلك ورغبته المشروعة في الاستهلاك والتي تتمثل في حصوله على سلعة أو خدمة تستجیب لحاجاته ورغباته.
ووجود الالتزام بالإعلام من شأنه أن یساهم في تحقیق الحمایة للمستهلك عن طریق التیسیر في الإثبات، لأن صحة الاحتراف تقیم قرینة سوء نیة المتعاقد باعتبار أن علیه بالبیانات مفترض فیه، ویعفي المستهلك من الإثبات، مما قاد بالمشرع المغربي إلى إصدار القانون 08-31 المتعلق بتحدید تدابیر لحامیة المستهلك.
وهكذا فإن مشكلة المستهلك المغربي لا تتمثل في قلة النصوص الحمائیة لمختلف مصالحه، وا ٕنما تتمثل في عدم تنفیذها على أرض الواقع ،الأمر الذي یكشف عن حاجة المستهلك لیس إلى النصوص التجریمیة والعقابیة فقط، وا ٕنما إلى حمایة الفعلیة أیضا بوضع النصوص ذات العلاقة موضع التنفیذ العملي، وحمایتهبشتى الطرق والوسائل الممكنة.
ونخلص من هنا أن الالتزام بالإعلام یلعب دورا مهما في تنویر رضا المستهلك، إذ یعد اللبنة الأساسیة قبل إبرام أي عقد كیفما كان نوعه ،إذ بموجب هذا الإعلام تتبلور قناعات المستهلك والتي تترجم إلى قبول التعاقد أو رفضه.

 

الهامش:

– المعجم الوسیط ، عبارة فضي، الجزء الثاني، ط.3، دار المعارف، ص 718، معجم الوجیز، مادة فضى، ص: 475.
– منجد الطلاب، مادة ” فضا ” دار المشرق، بیروت، الطبعة 21.
– المعجم الوسیط، عبارة فضى، الجزء الثاني، دار المعارف، ص: 178.
– منجد الطلاب، مادة ” فضى ” دار المشرق، بیروت، الطبعة 21.
– الشیخ الإمام محمد أبي بكر عبد القادر الرازي، مختار الصحاح، دار الحدیث القاھرة، ص: 505.
– حمدي أحمد سعد ” الالتزام بالإفضاء بالصفة الخطرة للشيء المبیع”، دراسة مقارنة، رسالة دكتوراه جامعة الأزھر، المكتب الفني للإصدارات القانونیة ،1999، ص: 35.
– ذ. بوعبید عباسي ،” الالتزام بالإعلام”، انظر الصفحة 35 .
– نزیھ محمد الصادق المھدي ،” الالتزام بالإعلام قبل التعاقد بالإدلاء بالبیانات المتعلقة بالعقد وتطبیقاتھ على بعد العقود”، دار النھضة العربیة ،1982، ص:10.
, p :87.

– Rosolles : « le droit pénal et la moralisation du contrant » thèse, Aix-en-Provence
– Loussouarn not.Reve.Trim.Dr. Civ1971. p :39.
– الدكتور بوعبید عباسي ” الالتزام بالإعلام في العقود”، ص: 35.
– Louise Poudrier –Le Bel, op, p :591.
– انظر الالتزام بالإعلام فیما سیأتي، ص:183.
– یقول Portalis في خطابھ التمھیدي المقدم أمام مجلس الدولة حول مشروع القانون المدني الفرنسي ” یجب على الشخص الذي یتعامل مع الغیر ان یكون حذرا Attentif وحكیما (Sage) وأن یسھر على مصلحتھ، وأن یأخذ المعلومة الملائمة، وألا یھمل ما ھو مفید (ce qui et utile) انظر ص:30، من كتاب أبو بكر مھم أستاذ التعلیم العالي بجامعة الحسن الأول بسطات: دراسة تحلیلیة معمقة في ضوء مستجدات القانون رقم 31- 08 2017.
– J. Ghestin.formation du contrat. Op cit. N° 637, p :616
– وفي ھذا الإطار یقول ypicod “… بالمقابل فإن الشخص المؤھل او المتخصص لا یمكنھ أن یتمسك أو یحتج بالحق في الجھل. سواء كان ذلك في مواجھة شخص آخر متخصص أو تجاه شخص آخر غیر متخصص، فالأغلاط التي یرتكبھا المتخصص الناتجة عن المعلومات المفیدة للاستفادة من الخدمة التي یقدمھا أو لتنفیذ التزاماتھ، یفترض فیھا أنھا أغلاط لا یقبل العذر عنھا “.
– ابراھیم الدسوقي ” الجوانب القانونیة في إدارة المفوضات وإبرام العقود. الإدارة العامة للبحوث السعودیة.
– حول علاقة الغلط بالالتزام انظر بالخصوص :
J.Ghestin, formation du contrat. Op. cit, N° 523, p : 487. Du même auteur, la réticence.
– أبو بكر مھم ،” حمایة المستھلك المتعاقد”، ص: 34.
– أو كما ینص الفصل 41 من ظھیر الالتزامات والعقود على ” صفة في الشيء كانت ھي السبب الدافع إلى لرضى”.
– J.Ghestin, « la notion d’erreur dans le droit positif actuel », thèse Paris, 2éme édition
L.G.D.J 1971, N°147, p :178.
c.Larroumets انظر بھذا الصدد –
مرجع الأستاذ أبو بكر مھم ص: 36، ” حمایة المستھلك المتعاقد”.
– وھو ما یكرسھ الفصل 231 من ظ.ل.ع الذي ینص على ما یلي ” كل تعھد یجب تنفیذه بحسن النیة. وھو ما یلزم بما یقع التصریح بھ فحسب. بل ایضا بملحقات لالتزام التي یقررھا القانون أو العرف أو لإنصاف وفقا تقتضیھ طبیعة”.
– V aussi Jhestin. L a formation du contrat , op.cit, N° 634, p : 614.
– وفي ھذا فطار وبدد المعلومة التي یجب أن تكون محل الالتزام بالإعلام یقوا ذ Lucas de leyssac ” … فكل فصل واقعة یمكن ان تؤخذ بعین الاعتبار (أي للالتزام بالإعلام) یشترط أن یكون الفصل أو تكون الواقعة مؤثرة”.
– dans ce sens Vnot Jhestin, la formation du contrat. Op.cit, N° 646, p : 623 ets.
– ذ. أبو بكر مھم، مرجع سابق، ص: 40.
– أبو بكر مھم، مرجع سابق، ص:40.
– تقترب ھذه الفكرة من التحلیل الاقتصادي للالتزام بالإعلام الذي یضع عبء البحث عن المعلومة كل من تكون لھإمكانیة الوصول إلیھا بكل السھولة وذلك بتكلیف أقل من المتعاقد.
– Pothier, traité de procédure civil. Tome VI, œuvres éditées par Dupi, p : 175.
– V. Principalement Y.Byer, thèse Aix. Marseille 1977.
– وفي ھذا لإطار یذھب ذ Capognes ;Charles إلى أن مفھوم ” واجب البحث عن المعلومة” یشكل جزءامن واجب عام وھو واجب كل شخص بأن یسھر على مصالحھ الخاصة وخصوصا أثناء إنشاء العقد.
– كما أن ” الواجب بالبحث عن المعلومة ” یرتبط أیضا بالتحلیل الاقتصادي للالتزام بالإعلام، ذلك الشخص الذيیكون بإمكانھ معرفة المعلومة التي تھمھ لا یمكن أن یحتج على المتعاقد الآخر بأنھ لم ینقل إلیھ المعلومة “.
– ذلك أنھ یعود لكل شخص أن یدافع على مصالحھ وفي ھذا الإطار یقول Portalis في خطابھ التمھیدي أمام مجلس الدولة ” یجب على كل شخص الذي یتعامل مع الغیر أن یكون حذرا وحكیما، وأن یسھر على مصلحتھ، ویأخذ المعلومة المفیدة “.
– وفي ھذا الإتجاه یقول “Chrsitian Larroumet” یكون من اللازم عند تقریر الالتزام بالإعلام إلا في حالة التي یكون فیھا ھا الأخیر ضروریا 37- أبو بكر مھم، م.س، ص: 46.
– أبو بكر مھم ،” دراسة تحلیلیة معمقة في ضوء مستجدات القانون رقم 31-08 “، ص:49.
– Theodor vainer, De l’obligation d’information dans les contrant, op. N° 259 et s
,p :201 et s.
– وإن كان الأمر یتعلق بعلاقة بین مھنیین ولیس بین مھني مستھلك.
– الشرط الأول لقیام الالتزام بالإعلام.
– لیس فقط عند تنفیذ العقد كما ینص على ذلك الفصل 231 من ظ.ل.ع المغربي بل أیضا في مرحلة إنشائھ.
– أبو بكر مھم، م.س، ص 52.
– ھذه الأخیرة التي لا تأخذ بعین الاعتبار إلا الأعمال التدلیسیة، حیث جاء فیھا ” یخول التدلیس إبطال الإتفاقیات عندما تكون الحیل التي لجأ إلیھا أحد الأطراف، قد بلغت في طبیعتھا حدا بحیث لولاھا لما تعاقد الطرف الآخر.
– ینص الفصل 52 ظ.ل.ع على ما یلي: ” التدلیس یخول الإبطال، إذا كان ما لجأ إلیھ من الحیل أو الكتمان أحد المتعاقدین أو نائبھ أو شخص آخر یعمل بالتواطؤ معھ قد بلغت في طبیعتھا حدا بحیث لولاھا لما تعاقد الطرف الآخر…

– ذ. مھم ،” حمایة المستھلك المتعاقد في ضوء مستجدات القانون رقم 31- 08 المتعلق بتحدید تدابیر لحمایة المستھلك “، ص 54.
) وعنھ نقلھا كثیر من الباحثین.
– تقریر S .Berge حول أشغل واختیارات لجینة قانون الالتزامات والعقود (صادرة بتاریخ 12-09- 1913 ص
– منھل الصدیق العلوي للقانون المدني الفرنسي مأخوذ من مذھب الإمام مالك، بحیث مقدم لندوة الإمام مالك. تنظیم ونشر وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامیة، أبریل 1983 ج 3، ص 133.
– من تقریر Berge الذي رفعت بھ القوانین الموضوعة للمغرب سنة 1913 لرئاسة الجمھوریة الفرنسیة، ونفس العبارة نجدھا في تقریر وزیر الشؤون الخارجیة ووزیر العدل حول أعمال اللجنة المكلفة بوضع قوانین سنة 1913.
– تشكلت لجنة إعداد القانون المدني والتجاري التونسي من السادة Roy : قنصل فرنسا من الدرجة الأولى ،والكاتب العام للحكومة التونسیة بصفتھ رئیسا Padoux : قنصل فرنسا من الدرجة الثانیة ونائب الكاتب العام للحكومة التونسیة عضوا.
– ذ.مھم، مرجع سبق، ص 56.
– الذي یعتبر الأب الروحي للقانونین التونسي والمغربي كما یقول الأستاذ عمر عزیمان.
– وھو أیضا المذھب الذي تأخذه بھ ھنا في المغرب.
– ذ.مھم، م.س، ص 58.
– انظر في ھذا العدد ما یقولھ ذ. عمر عزیمان ” لا أحد یجادل أیضا في أننا نجد في ظھیر الالتزامات والعقود بعض القواعد وبعض المؤسسات المستمدة مباشرة من الفقھ الإسلامي.
– المادة 56 من المجلة التونسیة.
– بصدد التطور التاریخي للإجتھاد القضائي الفرنسي حول الكتمان التدلیسي.
– ذ. مھم، مرجع سبق، ص 59.
– ذ. مھم، مرجع سابق، ص 59.
– ففي المذھب الحنفي یقول لإمام الزیعلي في ” تبین الحقائق ” ولكون السلامة كالمشروطة في العقد، لا یحل لھ أن یبیع المعیب حتى یبین عیبھ لقولھ صلى ﷲ علیھ وسلم:” لا یحل لمسلم باع من أخیھ بیعا وفیھ عیب إلا بینھ لھ”.
– أبو القاسم محمد بن أحمد بن جزي الكلبي، فقیھ مالكي، من أھل غرناطة، شارك في الكثیر من العلوم الشرعیة مثل التفسیر الحدیث والفقھ، وغیرھا، توفي سنة 741 ھجریة من مؤلفاتھ ” القوانین الفقھیة” و “وسیلة المسلم في تھذیب صحیح مسلم”.
، انظر أیضا ما جاء في الخطاب الذي قدمھ ذ Portalis أمام مجلس الدولة الفرنسي بشأن القانون المدني والذي أكد فیھ على ضرورة اتخاذ الحیطة والحذر وأن یسھر الشخص على مصالحھ الخاصة.
– عبد الرزاق السنھوري ،” نظریة العقد”، المجمع العلمي العربي الإسلامي، منشورات محمد الدایة لبنان، ص
– وفي ھذا الإطار جاء قرار محكمة النقض الفرنسیة بأن التدلیس یمكن أن ینشأ عن طریق سكوت أحد لأطراف وكتمانھ لواقعھ، ولو كان الطرف الآخر على علم بھا لامتنع عن التعاقد.
– ذ.مھم ، مرجع سابق، ص 62.
– ذ.مھم، مرجع سبق، ص 62.
– بل السكوت یكون أحیانا أبلغ من الكذب. فالشخص الذي لا یجیب مثلا على سؤال وجھ إلیھ، یمكن أن یجعل الطرف الآخر یعتقد أن الجواب كان بالإیجاب، وبصفة عامة فإن السكوت قد یعادل التأكید الإیجابي وبالتالي الكذب إذا لم یكن ذلك ھو المقصود.
– M de Juglart, l’obligation de renseignements dans les contrats RTD civ 1945, p :1, Lucas de leyssac.
– ذ.مھم، م.س، ص 64.
– ذ.مھم، م.س، ص 64.
– P.Banassies, le dal dans la conclusion des contrats, thèse lille 1955, p :479 et 484 s
– ذ.أبو بكر مھم، م.س، ص 66 و67.
– ذ. أبو بكر مھم، م.س، ص 66 و67.
– ذ. أبو بكر مھم، م.س، ص 66 و67.
– ذ. أبو بكر مھم، م.س، ص 66 و67.
– تعرف المادة من قانون 31-08 المورد (المھني) بأنھ ” كل شخص طبیعي أو معنوي یتصرف في إطار نشاط مھني أو تجاري “.
– والتي تبرز بشكل خاص عندما یستعمل المھني، وكما ھو الحال في الغالب. عقدا نموذجیا محررا بصفة مسبقة من طرفھ لا یكون أمام المستھلك إلا الخضوع لھ أو ترك التعاقد من أساسھ وھو ما یؤدي في أغلب الحالات إلى اختلال في التوازن العقدي.
– حول ھذا الالتزام بالإعلام انظر بالخصوص، أبو بكر مھم، الوسائل الوقائیة لحامیة المستھلك، أطروحة لنیل الدكتوراه قانون خاص، جامعة الحسن الثاني، الدار البیضاء 2003- 2004 خاصة ص 21 وما یلیھا: بوعبید عباسي ،الالتزام بالإعلام في العقود، دراسة في حمایة المتعاقد والمستھلك، الطبعة الأولى 2008.
( ج ر عدد 5054 بتاریخ 7 نونبر 2002 ) ص 3105.
– القانون رقم 99- 17 المتعلق بمدونة التأمینات الصادرة بتنفیذه الظھیر الشریف رقم 238- 02-1 بتاریخ 3 أكتوبر
– القانون رقم 96- 31 المتعلق بالنظام الأساسي لوكالات الأسفار الصادر بتنفیذه الظھیر الشریف رقم 1.94.64 بتاریخ فبرایر 1997( ج ر عدد 4482 بتاریخ 15 ماي 1997) ص 1162.
بتاریخ 189 مارس 2010) خاصة الباب الثالث منھ المعنون ” بإعلام المستھلك”.
– القانون رقم 07- 28 المتعلق بالسلامة الصحیة للمنتجات الغذائیة الصادر بتاریخ 11 فبرایر 2010( ج ر عدد
– انظر بھذا الصدد مثلا المادة 29 من القانون فیما یخص العقود المبرمة عن بعد والمادة 48 من القانون فیما یخص البیع خارج المحلات التجاریة، والمادة 78 من القانون فیما یخص القرض الإستھلاكي والمادة 118 من القانون فیما یخص القرض العقاري.
– 70 و71.
– 70 و71.
– ذ. مھم، م.س، ص 70 و71.
– 70 و71.
– 70 و71.
– 70 و71.
– 72 و73.
– ذ. مھم، م.س، ص72 و73.
– مثلا تلك التي نقلص من حقوقھ أو تفرض علیھ التزامات خاصة، تحت طائلة عقوبة معینة.
– تنص الفقرة الأولى من المادة 9 من قانون 31- 08 على ما یلي ” فیم یتعلق بالعقود التي یحرر جمیع أو بعض شروطھا المقترحة على المستھلك، یجب تقدیم ھذه الشروط وتحریرھا بصورة واضحة ومفھومة.
– وھو ما یحیلنا على مشكل شروط الإحالة التي غالبا ما نجدھا بالقرب من المكان المخصص لتوقیع المستھلكوتحیل على شروط توجد على ظھر الوثیقة بل وأحیانا في وثائق ملحقة.
– تنص المادة 8 من القانون رقم 31- 08 على ما یلي ” یتعین على المورد، إذا كان من الواجب إبرام عقد بصفة كلیة او جزئیة كتابة أن یحرره في العدد اللازم من النظائر وأن یسلم إحداھا على الأقل على المستھلك.
– ذ. أبو بكر مھم، م.س، ص 74 و75.
– ذ. أبو بكر مھم، م.س، ص 74 و75.
– ذ. أبو بكر مھم، م.س، ص 74 و75.
– وعرفت المادة الأولى من المرسوم التطبیقي لبعض احكام القانون رقم 31-08 ھذه الوثائق كالتالي:
مخالصة كل محرر یعطیھ المورد للمستھلك، یصرح من خلالھ أن ھذه الأخیر قد أوفى بمبلغ من المال أو رسم أو حق.
تذكرة صندوق: وصل یقدمھ المورد عن مشتریاتھ.
– وبالرجوع إلى المقتضیات الجبائیة التي تحیل علیھا ھذه المادة نجد المادة 119 من المدونة العامة للضرائب تنص على ما یلي:
یجب على الأشخاص الذین یقومون بالعملیات الخاضعة للضریبة على القیمة المضافة ان یسلموا إلى المشترین منھم أو إلى المتعاملین معھم الخاضعین للضریبة المذكورة فاتورات محررة وفقا لأحكام المادة 145 –أدناه- كل شخص یشیر إلى الضریبة في الفاتورات التي یحررھا، یعتبر ملزما شخصیا بمجرد إدراجھا في الفاتورة “.
– تم نسخ ھذه المادة بمقتضى المادة 197 من قانون 31- 08 مع الإشارة إلى أن القانون 99-06 تم نسخھ كلیا بمقتضى القانون رقم 12-104 المتعلق بحریة السعار والمنافسة الصادر بتاریخ 30 یونیو 2014 _ج ر عدد 6275بتاریخ یولیوز 2014) ص 6077.
– وذلك بالرغم من الأحكام التعاقدیة المخالفة ودون المساس بأحكام الفصلین 259 و260 من ظ.ل.ع وفي ھذا الإطار ینص الفصل 259 من ظ.ل.ع على ما یلي ” إذا كان المدین في حالة مطل كان للدائن الحق في إجباره على تنفیذالالتزام –مادام تنفیذه ممكنا. فإن لم یكن ممكنا جاز للدائن أن یطلب فسخ العقد. ولھ الحق في التعویض في الحالتین.
– ومع ذلك لا یجب أن یكون ھذا التذكیر بمدة بعیدة بشكل كبیر عن الأجل المحدد.
– إلا انھ استثناء ولما كان العقد المحدد ھو بمثابة عقد جدید، فإننا نرى أنھ عندما یتعلق الأمر بعقود الإشتراك محدد المدة المبرمة عن بعد، فإن المستھلك یحتفظ بحقھ في الرجوع الذي یمنحھ لھ القانون 31- 08 في ھذا المجال.
– بالرجوع إلى أحكام الغلط والتدلیس نجد أن العقد یكون قابلا للإبطال في حالة تغیب رضاء أحد المتعاقدین بعیب یخول لھ الحق في طلب الإبطال.
– ھذا التعبیر الذي جاءت بھ المادة 1110 من القانون المدني الفرنسي.
– المقصود ھنا أننا یجب أن نتخلى عن التفسیر الحرفي لنص الفصل 41 ق.ل.ع والذي یذھب على الغلط یجب أن یقع في المادة التي یتكون منھا الشيء ولا یعتد بھ إلا إذا وقع في وصفة جوھریة في الشيء لا تتصل بمادتھ. وفي ھذا الصدد، ذھب أصحاب التفسیر الواسع إلى أن المقصود بالغلط ھو ذلك الذي یقع في الصفات الجوھریة للشيء التي كانت محل اعتبار المتعاقد والتي دفعتھ على التعاقد.
– قد یفصل المتعاقد المدلس علیھ، من الناحیة العملیة، طلب إبطال العقد عوض التعویض حتى ولو كان سیبرم العقد في إطار شروط مختلفة، وذلك خوفا من تقدیر القضاة للتعویض بشكل ضیق، أي بطریقة غیر موازیة للضرر الذي لحقھ,
– للتمییز بتفصیل بین الإبطال والبطلان یمكن الرجوع غلى أحمد شكري السباعي ،”نظریة بطلان العقود”.
– ینص الفل 39 ق.ل.ع على أنھ ” یكون قابلا للإبطال الرض الصادر عن غلط او الناتج عن تدلیس، أو المنتزع بإكراه”.
– انظر: الالتزام بالإعلام في عقود، لبوعبید عباسي.
– وتجدر الإشارة إلى ان دعوى الإبطال في حالة الغلط أو التدلیس یمكن أن تتقادم كذلك بمدة سنة تبدأ من الیوم الذي ینكشف فیھ الغلط او التدلیس، لذلك فالتقادم یمكن ان یكون لمدة سنة أو خمس عشرة سنة، ولا یعتد إذن بالمدة التي تنقضي أولا.
– J.Alisse, op.cit, N°203,p :183.
– P.Smiler, op.cit, N°.42
– انظر على سبیل المثال الفصل 28.
– B .STARK, les obligations, op.cit, N°900, p :380
– قرار المجلس الأعلى، الصادر بتاریخ 21/07/1983.
– M.F.MAGNAN, thèse.préc, N°592, p :471.
– J.ALISSE, op.cit, N°202, p : 182.
– بوعبید عباسي ،”الالتزام بالإعلام في العقود”، ص 359.
– بمعنى ان المسؤولیة العقدیة تقوم عندما توجد رابطة عقدیة بین المدین والدائن وفي غیابھا فغن المسؤولیة التقصیریة ھي التي تتحقق.
– J.ALISSE, thèse . préc, N°213, p : 190.
– Y.BOYER, thèse. Préc, N°196, p :282.
– بوعبید عباسي، الالتزام بالإعلام في عقود، ص 391.
– بوعبید عباسي، الالتزام بالإعلام في العقود، ص 393.
– تعد المسؤولیة العقدیة بمثابة جزاء على الإخلال بالالتزام عقدي، ویفترض لقیامھا وجود عقد صحیح بین المتضرر والمسؤول واجب التنفیذ إلا ان المدین لم یقم بتنفیذ التزاماتھ الناشئة عن ھذا العقد.
– بوعبید عباسي، الالتزام بالإعلام في العقود، ص 394.
– SALEILES, étude sur la théorie générale de l’obligation d’après le premier projet
de code civile pour l’empire Allemande, 3éme éd, paris, 1925 N°61.
– J .ALISSE, thèse, préc, N° 213, p :190.
– N’GYEN-THANH-BOURGAIS et J.REVEL
– Art.préc.N°26 et 27, ph.Le Tourneau.
– art.préc. p :58, F.C.DUTILLEUL et PH.DELEBECQUE.
– استعملنا عبارة ” الإستثناءات” لأن الأصل ھو أن المسؤولیة العقدیة تفترض دائما وجود علاقة مباشرة بین الطرفین
– بوعبید عباسي، الالتزام بالإعلام في العقود، ص 398.
– جاء في الفقرة الأولى من الفصل 516 ق.ل.ع ما یلي: ” الالتزام بتسلیم الشيء یشمل أیضا توابعھ، وفقا لما یقضي بھ اتفاق الطرفین أو یجري بھ العرف”. 136
– CHRISTIANOS.V.op.cit. p :257.
– CHRISTIANOS.V.op.cit. p :263.
– بوعبید العباسي، الالتزام بالإعلام في العقود، ص 401.
– خدیجة التاغي ،” الحمایة الجنائیة للمستھلك في إطار القانون 31-08″، ص 147 و148.
– أي عقوبة السجن (5 سنوات فما فوق) وعقوبة الاعتقال (یوم واحد وشھر).
– انظر الفصل 17 من ق.ج.م، الذي تعرض في الفترة الأخیرة منھ إلى تحدید مدة الحبس فجعلت أقل مدة لھ شھرا ،وأقصاھا 5 سنوات، باستثناء حالات العود أو غیرھا من الحالات التي یحدد فیھا القانون مددا أخرى.
– خدیجة التاغي، الحمایة الجنائیة للمستھلك في إطار القانون 31- 08 ، ص 148.
– خدیجة التاغي ،”الحمایة الجنائیة للمستھلك في إطار القانون رقم 31-08″، ص 150.
– جاء في المادة 552 أنھ:” من استغل حاجة قاصر دون الواحدة والعشرین أو بالغا فاقد الأھلیة أو محجورا، أو استغل اھواءه أو عدم خبرتھ، لیحصل منھ على التزام أو أي إبراء أو أي سند یمس ذمتھ المالیة، إضرارا بھ، یعاقب بالحبس من ستة أشھر إلى 3 سنوات…”
– وعرفھا الفصل 35 من القانون الجنائي على انھا:” الغرامة ھي إلزام المحكوم علیھ بأن یؤدي لفائدة الخزینة العامة مبلغا معینا من النقود، بالعملة المتداولة قانونا في المملكة “.
– خدیجة التاغي، الحمایة الجنائیة للمستھلك في إطار القانون 31- 08، ص 151.
– نفس العقوبة والاجراءات مطبقة كذلك على جریمة الإشھار المقارن.
– الفقرة الأولى من المادة 175 من قانون 31- 08.
– المادة 176 من قانون 31-08.
– تنص الفقرة الأولى من المادة 60 من قانون 31- 08 على ما یلي: ” تطبیقا لأحكام ھذا القانون، یراد بالمسابقات الإشھاریة لأجل الرجح، كل عملیة إشھاریة یقترحھا المورد على الجمھور، تحت أي تسمیة كانت، یراد بھا بعت الأمل في حصول المستھلك على ربح كیفما كانت طریقة سحب القرعة “.
– من خلال ھذه القوانین نجد قانون زجر الغش في البضائع الذي ینص في الفقرة السابقة في الفصل 10 منھ على أنھ: ” یعاقب على المخالفات لأحكام ھذا الفصل بغرامة من 200 إلى 7200 درھم”.
– خدیجة التاغي ،” الحمایة الجنائیة للمستھلك في إطار القانون 31-08″، ص 154.
– تعرف حالة العود قانونا بالحالة التي یقوم فیھا الجاني داخل أجل معین متغیر حسب طبیعة الجرائم بارتكاب جریمة بعد أن سبق الحكم علیھ بحكم جائز لقوة الشيء المقضي فیھ من أجل جریمة سابقة.
– الملاحظ ھو أن سن الرشد الجنائي أصبح ھو 18 سنة ولیس 21 سنة كما كان في السابق، وقد نص على سن الرشد الجنائي الفصل 140 من ق.ج كما تم تعدیلھ بمقتضى القانون رقم 03-24 (الصادر بتاریخ 11 نونبر 2003 المتعلق بتغییر وتتمیم القانون الجنائي).
– العقوبات الإضافیة حسب الفصل 36 من القانون الجنائي ھي الحجز القانوني، والتجرید من الحقوق الوطنیة أو المدنیة أو العائلیة، والحرمان النھائي أو المؤقت من المعاشات التي تصرفھا الدولة، والمصادرة الجزئیة للأشیاء المملوكة للمحكوم علیھ، بصرف النظر عن المصادر المقررة كتدبیر وقائي الفصل 89 من ق.ج وحل الشخص المعنوي، ونشر الحكم الصادر بالإذانة.
– وتناول الفصل 62 التدابیر العینیة وھي مصادرة الأشیاء التي لھا علاقة بالجریمة أو الأشیاء الضرة أو الخطیرة أو المحظور امتلاكھا، وإغلاق المحل أو المؤسسة التي استغلت في ارتكاب الجریمة.
– أمین عزان، تقییم المقتضیات الجنائیة الواردة في قانون 31-08 القاضي بتحدید تدابیر لحمایة المستھلك، مجلة الدفاع، العدد 6، سنة 2011، ص 154.
– أبو بكر الأنصاري، ص 285.
– خدیجة التاغي، الحمایة الجنائیة للمستھلك في إطار القانون رقم 08- 31، ص 164.
– خدیجة التاغي، الحمایة الجنائیة للمستھلك، ص 165.
– لبنى فاسي، حمایة المستھلك في العقود النموذجیة، ص 551.

قد يعجبك ايضا