حالات بطلان الخبرة القضائية في المادة المدنية على ضوء القانون المغربي

من إعداد “سكينة علول” طالبة باحثة، حاصلة على دبلوم ماستر المهن القانونية والقضائية بطنجة، وتوضيب فريق عمل موقعالمعلومة القانونية

تعد الخبرة من الإجراءات المساعدة للعدالة، فهي من أهم إجراءات التحقيق، أقرها المشرع ضمانا لحسن سير عمل مرفق القضاء، وتحقيق الغاية المنشودة منه، التي هي حماية الحقوق، نظمها المشرع المغربي في إطار أحكام قانون المسطرة المدنية، ضمن الفصول من 55 إلى 66، بالإضافة إلى أحكام متفرقة من ذات القانون السالف الذكر كالفصل 148، 201، 205، 209، 280، 281، 334 و 527، إلى جانب هذه الفصول خص المشرع المقتضيات القانونية المنظمة للخبرة القضائية ضمن قوانين أخرى، من أهمها مدونة الأسرة خلال المواد 16، 20، 23، 111، 134، 153 و 158. 

وتعتبر الخبرة القضائية مهنة حرة منظمة قانونيا، تساهم في تنوير القضاء، وبالتالي فهي تنضوي ضمن المهن المساعدة للقضاء، كما أشار إلى ذلك الفصل الأول من القانون رقم 45.00 المتعلق بالخبراء القضائيين.

وباستقراء النصوص المنظمة للخبرة القضائية، نلاحظ بأن المشرع المغربي لم يعرف الخبرة القضائية، وإنما ترك أمر تعريفها للفقه، وحيث عرفها الأستاذ “محمود جمال الدين زكي” على أنها “إجراء للتحقيق، يعهد به القاضي إلى شخص مختص بمهمة محددة، تتعلق بواقعة أو وقائع مادية يستلزم بحثها أو تقديرها، أو على العموم إبداء رأي يتعلق بها علميا أو فنيا، بحيث لا يتوفر في الشخص العادي ليقدم له بيانا أو رأيا، و لا يستطيع القاضي الوصول إليه لوحده“.

في حين عرفها الأستاذ “محمد الكشبور” بأنها ” إجراء من إجراءات التحقيق، يلتجئ إليها قضاة الموضوع عادة، قصد الحصول على المعلومات الضرورية بواسطة أهل الإختصاص، وذلك من أجل البت في مسائل علمية أو فنية، تكون عادة محل نزاع بين الخصوم في الدعوى، ولا يستطيع أولئك القضاة الإلمام بها والتقرير بشأنها دون الإستعانة بالغير“.

وعليه، من وجهة نظر متواضعة وما ٱستقرأناه من تعاريف فقهية في هذا الصدد، يتبين على أن الخبرة القضائية، هي إجراء علمي وفني، كيف ذلك؟
أولا، لأن الخبرة القضائية هي علم يتطور مع التطور العلمي والتكنولوجي على جميع المستويات، مما يستوجب وجود مختصين يواكبون هذا التطور،  وعلى دراية كافية به، يمكن للقضاء الإستعانة بآرائهم وخبراتهم، لإستجلاء اللبس والغموض المحيط بالمسائل التقنية والفنية موضوع الخبرة.

ثانيا، هي فن قوامه المزج بين ما هو تقني وعلمي، وما هو قانوني ومسطري.

ثالثا، أيضا لأنها إجراء من إجراءات التحقيق التي يأمر بها القاضي.

بالتالي، فإن نطاق وأهداف الخبرة محصورة في تنوير الواقع، وليس في تقرير الحكم الواجب التطبيق، أو تقدير المسائل القانونية.

ووفقا لأحكام الفصل 59 من قانون المسطرة المدنية فإن القاضي إذا أمر بإجراء الخبرة عين الخبير الذي يقوم بهذه المهمة تلقائيا، أو باقتراح الأطراف وإتفاقهم، ويحدد القاضي النقط الموكولة للخبير إجراء الخبرة فيها، على شكل أسئلة تقنية أو فنية، وحيث يكون على هذا الأخير أن يقدم جوابا محددا وواضحا على كل سؤال طلب منه.

وعند إنتهاء الخبير من تنفيذ المهمة الموكولة له، يقع على عاتقه الإلتزام بتقديم تقرير إما شفويا أو كتابيا، يتضمن رأيه الفني أو التقني ويودعه وفقا الشكل المنصوص عليه من لدن القانون أو الإتفاق، في حين يعتبر تقرير الخبير خاضعا للسلطة التقديرية للمحكمة، فالقاضي إذا لم يجد في تقرير الخبرة، ما أقنعه من أجوبة على النقط التي طرحها على الخبير، أن يأمر بإرجاع التقرير إليه قصد إتمام مهمته هذا من جهة، ومن أخرى لأن رأي الخبير لا يقيد سلطة المحكمة من حيث المبدأ في الأحد برأي الخبير من عدمه، وذلك بصريح مقتضيات الفقرة الثالثة من الفصل 66 من قانون المسطرة المدنية.

إلا أن هذه السلطة ليست مطلقة كما يظن البعض، بل ترد عليها قيود تحد منها، هاته الأخيرة التي من شأنها أن تجعل الخبرة إلزامية إما بقوة القانون، أو لأن طبيعة الدعوى تقتضي الأخذ بالخبرة بشكل ملزم، نذكر على سبيل المثال دعوى القسمة، وكذلك دعاي إثبات أو نفي النسب.

وعليه، يتيعن على الخبير عند وضعه للخبرة المنجزة أن يورد رأيه مستندا على ما يبرر النتيجة المضمنة في تقريره، والغاية من هذا هو تمكين أطراف الخصومة من مناقشة هذه الأسباب والنتيجة المستخلصة منها.

ولكي يترتب عن الخبرة القضائية المنجزة في إطار الدعوى المدنية الآثار القانونية المتوخاة منها، يجب أن تكون موافقة للشروط الشكلية والجوهرية المحددة، كما سبقت الإشارة إليه، أما في حالة تخلفها، فإن القانون يخول للأطراف حق الدفع ببطلان الخبرة، متى ترتب عليها ضرر لأحدهم.

الشيء الذي يفرض علينا طرح السؤال التالي:

ماهي حالات بطلان الخبرة القضائية؟ وهل نص عليها المشرع صراحة ضمن أحكام القانون المغربي؟

للإجابة عن هذا التساؤل سنعتمد على التقسيم التالي:

المحور الأول : حالات بطلان الخبرة القضائية لعدم إحترام الخبير إلتزاماته.
المحور الثاني : حالات بطلان الخبرة القضائية لعدم إحترام كتابة الضبط إلتزاماتها.

المحور الأول : حالات بطلان الخبرة القضائية لعدم احترام الخبير إلتزاماته.

لما كانت الخبرة القضائية إجراءا للتحقيق، فينطبق على أعمال الخبير وتقريره المنجز، الأحكام والمبادئ العامة المقررة للبطلان المنصوص عليها ضمن قانون المسطرة المدنية، والجدير بالذكر أن المشرع المغربي لم ينظم حالات بطلان هاته الخبرة، لا في قانون المسطرة المدنية، ولا في النصوص الخاصة الأخرى المنظمة للخبرة القضائية، وإنما أشار بمقتضى الفقرة الثانية من الفصل 49 من قانون المسطرة المدنية ضرورة حصول ضرر لصالح الطرف الذي تمسك بحالات البطلان والإخلالات الشكلية لقبولها من طرف المحكمة، وهو ما يعتمده القضاء المغربي في كل مناسبة تم التمسك بهذا الدفع.

وعليه فالخبرة القضائية كإجراء من إجراءات تحقيق الدعوى، تتطلب لإنجازها شروط شكلية و أخرى جوهرية تتطلب من الخبير إحترامها، سواء قبل أووأثناء القيام بالمهمة الموكولة إليه.

ولعل من أهم حالات بطلان الخبرة القضائية الناتجة عن إخلال الخبير بالإجراءات المتطلبة لصحتها، نذكر ما يلي:

1- بطلان الخبرة القضائية لعدم أداء الخبير اليمين القانونية.

إن عدم تأدية اليمين من طرف الخبير يعرض تقرير الخبرة المنجز من لدنه إلى البطلان، فالمشرع المغربي حرص بمقتضى المادة 18 من قانون 45.00 المتعلق بالخبراء القضائيين بأن يؤدي الخبير اليمين القانونية أمام محكمة الإستئناف، التي سجل بدائرتها، ولا تجدد اليمين ما دام الخبير مسجلا في الجدول، حسب ما تؤكده الفقرة الثانية من نفس المادة، أما في حالة ما إذا كان الخبير شخصا معنويا، فإن اليمين يؤديها ممثله القانوني، والغاية من اليمين القانونية هو تقوية الضمير المهني، إذ يجعله حافزا أمام كل محاولة لإغراء الخبير القضائي، أو كسب رده على حساب مبدأ الحياد والتجرد والنزاهة.

إلا أن البطلان في هذا الصدد لا يعد من النظام العام، بحيث يمكن إتفاق الأطراف على إعفاء الخبير من أداء اليمين القانونية، وذلك حسب ما نصت عليه الفقرة الثانية من الفصل 59 من قانون المسطرة المدنية.

كما أن الخبير إذا أدى اليمين القانونية بعد الإنتهاء من مهمته، يعرض الخبرة المنجزة للبطلان ويمتد هذا البطلان إلى الحكم الذي إعتمد عليه، و هو ما أكده العمل القضائي في عدة قرارات، كما قضت محكمة الاستئناف بالحسيمة في أحد قراراتها، برد الدفع المتعلق بعدم أداء اليمين من طرف الخبير لكونه غير مسجل بالجدول، بعلة أنه بعد الإطلاع على تقرير الخبرة ومرفقاته إتضح أن الخبير لم ينجز الخبرة إلا بعد أداء اليمين أمام القاضي المكلف بالقضية.

2- بطلان الخبرة القضائية لخرق ضمانات حقوق الدفاع.

أوجب المشرع المغربي على الخبير بمقتضى الفصل 63 من قانون المسطرة المدنية وقبل مباشرته لعمليات الخبرة أن يستدعي أطراف الدعوى ووكلائهم، وذلك أيضا تحت طائلة البطلان، وفي حالة مخافة هذا المقتضى يعد خرقا لضمانات حقوق الدفاع، وهو ما يسمى في الفقه القانوني بمبدأ “حضورية الخبرة”.

و عليه يجب على الخبير أن لا يقوم بمهمته إلا بحضور أطراف النزاع أو وكلائهم، أو إلى حين التأكد من عدم حضورهم بالرغم من توصلهم بالإستدعاء بصفة قانونية، ما لم تأمر المحكمة بخلاف ذلك، متى تبين لها أن هناك حالة إستعجال.

ويرى بعض الفقه، أن بطلان الخبرة القضائية بسبب خرق هذا المقتضى، لا يعد من قواعد النظام العام، بحيث لا يمكن للمحكمة إثارته من تلقاء نفسها، وإنما على من إدعى أنه متضرر نتيجة خرق هذا المبدأ، أن يتمسك بالدفع المتعلق بالبطلان، نظرا لهذا السبب، ويجب أن يكون هذا الدفع الشكلي قبل أي دفاع في الجوهر.

وعليه، فإن بعض محاكم موضوع وتأكيدا لهذا المبدأ تقوم بٱستبعاد الخبرات المنجزة التي أخلت بشروطه، وتأمر بإنجاز خبرة أخرى حضورية لتجاوز العيب الشكلي، وهذا من طبيعة الحال في حدود السلطة التقديرية للقاضي في قبول الخبرة من عدمه.

وفي هذا الإطار، فقد جاء في قرار لمجلس الأعلى سابقا محكمة النقض حاليا بأنخ ” يكون مساسا بحق الدفاع، موجبا لنقض الحكم، قيام الخبير بإجراءات الخبرة، دون إستدعاء الأطراف للحضور، عند القيام بالخبرة ضروري ولو كانت تقنية.”

كما ذهبت محكمة النقض في قرار آخر، إلى إعتبار حضور الأطراف شخصيا إجراءات الخبرة، دون استدعاءهم من طرف الخبير لا مبرر بالدفع ببطلان الخبرة بعلة “وحيث يعيب الطاعنون على قرار خرق الفصل 63 من ق.م.م، ذلك أن الخبير… لم يستدعي جميع أطراف النزاع، والطاعنون تمسكوا بخرق للفصل 63 من ق.م.م، في حين ردت محكمة الاستئناف على أن …. حضر و حضوره يكفي و لا داعي لاستدعاء باقي الأطراف نظرا لأن مصلحتهم مشتركة. لكن حيث إن الثابت من تقرير خبرة …. المعتمد من محكمة الاستئناف أن الطاعن حضر لدى الخبير بمكتبه وأدلى بتصريح كتابي موقع من جميع الورثة بما فيهم الطاعنون، كما أن الخبير عند انتقاله لعين المكان وجد الطاعنين، وبذلك فإن حضور الطاعنين إجراءات الخبرة يجعل الغاية من استدعائهم قد تحقق بهذا الحضور، مما يبقى معه ما تمسكوا به من خرف للفصل 63 ق.م.م لا مبرر له، والوسيلة بذلك على غير أساس“.

3- بطلان الخبرة القضائية لتجاوز الخبير مأمورية الموكولة له.

ألزم المشرع من خلال الفقرتين الثالثة والرابعة من الفصل 59 من قانون المسطرة المدنية القاضي في تحديد الجوانب الفنية التي يتعين على الخبير تبيانها، نفس التوجه أكده المشرع في القانون 45.00 المتعلق بالخبراء القضائيين خلال الفقرة الأولى من المادة الثانية التي جاء فيها الخبير القضائي هو المختص الذي يتولى بتكليف من المحكمة التحقيق في نقط تقنية وفنية، ويمنع عليه أن يبدي أي رأي في الجوانب القانونية”.

وبالتالي، فالقاضي لا يستطيع أن يعهد للخبير ببحث مسألة قانونية، وهذا ما أكده مجلس الأعلى سابقا بأن “تعتبر الخبرة إجراء من إجراءات تحقيق الدعوى في المسائل المادية والتقنية في النزاع، ولا يسوغ الاستناد على رأي الخبير في أي مسألة تدخل في نطاق القانون“.

وعليه، يترتب البطلان للخبرة القضائية متى تجاوزت المأمورية المحددة من طرف القاضي، وهذا ما يحيلنا إلى إشكالية في غاية من الأهمية، وهي حالة قيام الخبير بإنجاز المأمورية وفقا للنقاط المحددة من طرف القضاء، إلا أنه تعرض لمسألة قانونية.

فهل يترتب البطلان للخبرة القضائية بكاملها في هاته الحالة؟ أم يتم الأخذ بالجانب الفني دون الجانب المتجاوز فيه؟ بعبارة أخرى أدق هل يمكن للمحكمة الموافقة الجزئية على تقرير الخبرة؟ أم لا؟

ان الموافقة على تقرير الخبرة يكون بصفة كلية أو جزئية، بحيث يجوز للمحكمة المصادقة على الخبرة بصفة جزئية، شريطة تعليل هذا الحكم بالموافقة الجزئية، مع تبيان الأسباب التي جعلت المحكمة تقتنع بالجزء من الخبرة، وترك الباقي مع توضيح النتائج التي تم إعتمادها، كما يمكن تبني المحكمة نتيجة تقرير الخبرة مع بناء رأيها على أسباب أخرى، أو إعتماد الخبرة المنجزة لكن مع إدخال تعديلات عليها.

4- بطلان الخبرة القضائية لعدم إنجاز الخبير المهمة شخصيا.

أوجبت الفقرة الثانية من المادة 22 من قانون 45.00 على الخبير تفويض مهام مسندة إليه إلى خبير آخر. وبالتالي، من المفروض أن يقوم الخبير بالمهمة الموكولة إليه شخصيا، لأن إختياره تم إستنادا إلى مؤهلاته الفنية وكفاءته وتجربته والقدرة على مساعدة القضاء عن طريق إبداء الرأي في المسائل الفنية، التي يتوقف عليها البت في النزاع، ولا يعني هذا عدم إستعانته بالمساعدة من طرف الغير كالعمال أو الفنيين مع إشتراط أن يكون ذلك تحت إشرافه و مسؤوليته.

وفي حالة تعدد الخبراء المعنيين لإنجاز مهمة واحدة، فإن احترام هذا المبدأ يكون على عاتق كل واحد منهم عن طريق مشاركتهم في عمليات الخبرة وتوقيعهم التقرير.
و عليه يترتب بطلان الخبرة المنجزة من طرف الاشخاص غير المعينين متى دفع الأطراف ببطلانها.

5- بطلان الخبرة القضائية لعدم تضمين أقوال الاطراف من طرف الخبير.

يقع على عاتق الخبير إلتزام تدوين جميع ملاحظات أطراف الدعوى، هذا الإلتزام يجد سنده في الفقرة الثالثة من الفصل 63 من ق.م.م ، وذلك أن تصريحات الأطراف لها دور فعال في تغيير نتيجة الخبرة، وتجاهل الخبير لأقوال الأطراف وملاحظاتهم وعدم تدوينها يفتح لهم إمكانية الدفع ببطلان الخبرة، وبما أنها من الوقائع المادية يمكن إثباتها بجميع وسائل الإثبات ومنها شهادة الشهود.
كما أن الفصل 63 من ق.م.م يحتم على أطراف توقيع في المحضر وفي حالة رفض التوقيع من أطراف أو أحدهم يشار إلى ذلك المحضر.

6- بطلان الخبرة القضائية لعدم توقيع تقرير الخبرة.

يعتبر توقيع الخبير أو الخبراء في حالة تعددهم من الشكليات الرئيسية للاعتداد بالخبير و الاخذ به واعطائه الصفة الرسمية، وعليه يعد التوقيع من مشتملات التقرير .
فالتوقيع يكون هو الدليل على أن الخبير المكلف بالخبرة هو الذي أنجزها فعلا ويتحمل مسؤولية ما جاء فيها.
ويرى الفقه أن هذا الإجراء ليس من النظام العام، الشيء الذي يتيح للقاضي إمكانية منح أجل لتصحيحه، وتدارك النقص الناتج عنه، خاصة أن ترتيب الطلان عن عدم توقيع تقرير الخبرة سيؤدي حتما إلى ضياع المجهودات المبذولة من طرف الخبير والأطراف وسيؤدي إلى تطويل المسطرة، كما قد يؤدي لا محالة من المساس بالأمن القضائي للأطراف.

المحور الثاني : حالات بطلان الخبرة القضائية لعدم احترام كتابة الضبط إلتزاماتها:

لا يقع احترام اجراءات الخبرة على الخبير القضائي المنجز للخبرة، بل يشمل كذلك كتابة الضبط للمحكمة المصدرة للآمر التمهيدي، وذلك بإحترامها للإجراءات سواء قبل إنجاز الخبرة أو بعدها، ومتى تخلفت هذه الإجراءات ترتب عن ذلك البطلان،.

فما هي حالات بطلان المقررة لعدم احترام كتابة الضبط إلتزاماتها ؟

1- بطلان الخبرة القضائية لعدم تبليغ الحكم التمهيدي:

يعد تبليغ الحكم إلى جميع أطراف الدعوى وكذا وكلائهم ضمانة من ضمانات حقوق الدفاع، وعليه يلقى على عاتق كتابة الضبط عند صدور الحكم التمهيدي باسناد مأمورية لإنجاز الخبرة أو لاستبدال الخبير بتبليغ أطراف الدعوى.
وبالتالي عدم تبليغ أحد الأطراف بالحكم الصادر يخول له الحق بالدفع ببطلان جميع الإجراءات اللاحقة المتعلقة بالخبرة، ذلك أنه يفوت على الأطراف إمكانية التجريح.

2- بطلان الخبرة القضائية لعدم الإشعار بإيداع التقرير

بمجرد أن يقوم الخبير بإيداع الخبرة والنسخ المساوية لعدد الأطراف لكتابة الضبط للمحكمة المصدرة للامر التمهيدي بإجراء المأمورية، تسلم هذه الأخيرة إشهادا بهذا الإيداع للخبير والذي يتمثل في وضع طابع كتابة الضبط المتسلمة لتقرير الخبرة.
بعدها تقوم كتابة الضبط بتسجيل البيانات المتعلقة بالخبرة في سجل خاص يسمى سجل الخبرة القضائية، بعد ذلك يضم التقرير إلى الملف الأصلي، يحال الملف بجميع وثائقه إلى القاضي الذي يطلع على تقرير الخبرة.
وعليه فكتابة الضبط تلتزم بتبليغ الأطراف لمجرد وضع تقرير الخبرة حسب مقتضيات الفصل 60 من ق.م.م، وذلك قصد تقديم ملاحظاتهم ومستنتجاتهم و إثارة دفوعاتهم تحت طائلة بطلان الحكم الذي اعتمد على هذه الخبرة.

وهو ما كرسه العمل القضائي في جل قرارته، حيث قضى المجلس الأعلى سابقا محكمة النقض حاليا في أحد قراراته ” حيث إنه سبق لمحكمة الاستئناف أن أمرت بإجراء خبرة في الحسابات بمقتضى فرار تمهيدي، و أنها تبنت النتيجة التي توصل إليها الخبير المعين، ودون أن تشعر الطاعنة بوضع تقريره بكتابة الضبط، ودون أن تدعوها للإطلاع عليه وتقديم ملاحظاتهم عليه في ظرف 15 يوما. وحيث أن طالبة النقض التي حكم عليها الأداء بالاستناد إلى الخبرة المذكورة لم تتح لها فرصة تقديم ملاحظاتها حول تلك الخبرة خلافا لما نص عليه الفصل 60 ق.م.م، لهذه الأسباب قضى المجلس الأعلى بنقض وإبطال القرار المطعون فيه”.

 
خاتمة :

تلعب الخبرة القضائية دورا بالغ الأهمية في توجيه مسار النزاع المعروض على القضاء، حيث تعمل على إظهار الأمور بوسائل تقنية وفنية، لما فيها من صعوبة على القضاء الوصول إليها حيث لا يكفي العلم بالنصوص القانونية الاطلاع على الاجتهادات القضائية لحلها.
ولإنتاج الآثار القانونية للخبرة القضائية استلزم توفر شروط شكلية وجوهرية حتى تأخذ الصفة الرسمية، ولا يعرض الحكم المعتمد عليها إلى البطلان، وهي حالات نابعة من إخلال كل من الخبير وكتابة الضبط لإجراءات تعتبر واجبة التحقق لما لها من آثار على حقوق الدفاع و حسن سير العدالة.

وبناء على ما أسلفنا يتبين لنا أن حالات البطلان لم يحددها المشرع بصفة صريحة وإنما هي مجموعة من الإجراءات الواجب احترامها من طرف كافة المتدخلين للوصول للهدف المنشود وهو حماية حقوق الدفاع من جهة، والوصول إلى الحقيقة من جهة أخرى، كما ان المشرع ربط هذا البطلان بضرر الأطراف جراء الإخلال بإجراء من الإجراءات . فمتى تضرر أحد الأطراف جاز له الدفع ببطلان الخبرة.

 
المراجع المعتمدة:

محمود جمال الدين زكي، الخبرة في المواد المدنية والتجارية مطبعة جامعة القاهرة الطبعة الاولى 1990.
 محمد الكشبور، الخبرة القضائية في قانون المسطرة المدنية، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، الطبعة الأولى 2000.

سناء الشاط، الخبرة القضائية بين قانون المسطرة المدنية والعمل القضائي، رسالة لنيل دبلوم ماستر في القانون المدني والاعمال، جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية والقضائية والاجتماعية، بطنجة ، السنة الجامعية 2008/2009 .

المصطفى المهداوي، الخبرة القضائية في المادة المدنية بين الاعتماد و الاستبعاد، منشورات مجلة العلوم القانونية، الطبعة الأولى 2015.

عبد المجيد غميجة، مساءل الخبر في العمل القضائي، مجلة الاشعاع ، العدد 1994

 الموقع الإلكتروني: www.jurisprudencemaroc.com

حليمة اللطيفي، الخبرة القضائية في قانون المسطرة المدنية المغربي، دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الدار البيضاء 2001 – 2002

 

قد يعجبك ايضا