طعن التعرض في القانون المغربي، تعريفه، أهميته، شروطه وآثاره

لا شك أن المحاكم وهي تبث في النزاعات المعروضة عليها، تصدر أحكاما تشوبها أخطاء، وهو ما من شأنه أن يخل بنظام العدالة، ولذلك سمح المشرع المغربي لهؤلاء بإمكانية مراجعة هذه الأحكام أو الطعن فيها أمام المحاكم أعلى درجة، وذلك باستخدام أحد طرق الطعن التي ينص عليها القانون، وخاصة منها الطرق العادية، والتي يعد من أولهما طريق الطعن بالتعرض.

وعليه، ما هو تعريف طريق الطعن بالتعرض؟ وماهي أهميته؟ واين تتجلى الشروط والحالات القانونية التي يستند عليها؟ وما هي آثاره القانونية؟

يمكن تعريف التعرض بكونه وسيلة قانونية يتبعها أحد المتقاضين، والذي يكون عامة هو الطاعن، في الحالة التي يصدر الحكم في حقه غيابيا، طبقا لقانون المسطرة المدنية، إلا أن الملاحظ عمليا أن استعماله يخضع لنوع من التشديد، وهذا ما سنحاول بيانه من خلال دراسة شروط هذا الطعن من خلال الفقرة الموالية.

لا يقوم طعن التعرض من الناحية القانونية، إلا متى توفرت شروطه القانونية، من أجل تصور إمكانية استعماله من لدن الطاعن بكيفية صحيحية، هاته الشروط تتلخص فيما يلي:

أولا: يجب أن يكون المطعون فيه من الأحكام التي يوجه ضدها التعرض.

ثانيا: يجب أن يحترم التعرض الشكل الذي يجب أن يراعى عند إستعماله.

ثالثا: يجب احترام الآجال المقررة التعرض طبقا لما ينص عليه قانون المسطرة المدنية المغربي.

أولا، فيما يخص الشرط الأول، فإنه يجب أن يكون الحكم المطعون فيه من الأحكام الإبتدائية والاستئنافية التي تصدر غيابيا في حق المدعى عليه، حيث تخضع صفة الحكم الغيابي لطبيعة المسطرة المتبعة كتابية كانت أو شفوية، هذا من جهة ما إذا لم يحضر المدعى عليه رغم استدعائه طبقا لأحكام ق.م.م أمام المحكمة حالة المسطرة الشفوية، أو من جهة أخرى إذا لم يقدم مستنداتها الكتابية في حالة المسطرة الكتابية.

وتعتبر الأحكام القابلة التعرض هي الأحكام الإنتهائية، طبقا لما تنص عليه المادة 130 من ق.م.م جواز التعرض على الأحكام غير الإبتدائية، إذا لم تكن قابلة الإئتلاف”

بالتالي، يمنع الجمع بين طعني التعرض والإستئناف، وأنه كلما كان الحكم قابلا للإستئناف امتنع التعرض عليه ووجب إستئنافه فقط، أما بخصوص القرارات الصادرة عن المحاكم الاستئنافية، فهي دائما قابلة التعرض لما تصدر غيابيا لانها أصلا قرارات انتقالية.

بالمقابل من ذلك منع المشرع التعرض على بعض الأحكام صراحة، والتي هي:

1- الأحكام الصادرة غيابيا عن محكمة النقض.

2- الأوامر الإستعجالية.

3- أوامر الأداء.

4- أحكام المحكمين.

ثانيا، بالنسبة للشكل الذي يجب أن يراعى عند إستعمال التعرض، يمكن القول بأنه يجب التعرض طبقا لقواعد ق.م.م المنصوص عليها، من خلال الفصول 31، 37، 38 و39، سواء بمقابل مكتوب موقع عليه من طرف التعرض أو وكيله، أو بتصريح يدلي به هذا الأخير شخصيا، ويحرر به أحد أعوان كتابة الضبط المحلفين محضرا يوضع من طرف التعرض.

و حري بالتنبيه إلى أن طعن التعرض يرفع بنفس الكيفية التي تقدم بها الدعوى أمام المحاكم الإبتدائية كتابيا أو شفويا، كما يجب أن يتضمن مقال التعرض موضوع التعرض والحكم التعرض عليه، وبيان وسائل التعرض، وفي حالة تعدد الأطراف التعرض عليهم وجب وضع المقال في عدد من النسخ، مساو لعدد الخصوم مع آداء الرسوم القضائية الواجبة.

ثالثا، أما فيما يخص أجل التعرض، من الملاحظ من خلال إلقاء نظرة حول آخر التعديلات القانونية التي عمت ق.م.م المغربي، أن المشرع قصر هذه الآجال، حيث حددها في 10 أيام تبتدئ من تاريخ تبليغ الحكم الغيابي الطاعن تبليغها صحيحا، طبقا لما تنص عليه مقتضيات المادة 54 من ق.م.م المغربية.

فإذا قدم المتعرض الطعن بالتعرض محترما الشروط والآجال المقررة قانونيا، طبقا لما سبقت الإشارة إليه أعلاه فإنه ينتج عن إقامة التعرض مجموعة من الآثار القانونية المهمة، والتي يمكن ابرازها فيما يلي:

أولا: وقف تنفيد الحكم الصادر غيابيا.

ثانيا: نقل النزاع من جديد إلى نفس المحكمة التي يبق فيها غيابيا.

أولا، فيما يخص وقف تنفيد الحكم الصادر غيابيا، من خلال الأثر الكاشف الواقف للتعرض، والتي مفادها أنه يوقف التعرض التنفيذ مالم بأمر بغير ذلك في الحكم الغيابي، بالتالي هذا المقتضى يفيد بأنه متى بوشرت عملية التنفيذ من طرف المحكوم له وجب إيقافه ا، لكن لا يصح هذا للإيقاف إذا كان الحكم الغيابي مشمولا بالمغادرة المعجل، حيث يجب على الطاعن في هذه الحالة أن يقدم طلبا مستقلا، لإيقاف النفاد المعجل، بناءا على مقتضيات المادة 147 من ق.م.م حيث تبث المحكمة مسبقا في هذا الطلب في غرفة المشورة.

ثانيا، فيما يخص أثر نقل النزاع من جديد أمام نفس المحكمة، كما يسمى أيضا بالأثر الناشئ التعرض أو الأثر الناتج عن ممارسة طعن التعرض، وحيث يلاحظ أن المشرع لم يتعرض للأثر الناشئ في ق.م.م ومع ذلك فالفقه المغربي يعتبر أن التعرض يؤدي إلى إرجاع الدعوى أمام نفس المحكمة، وبالتالي نقل النزاع بعناصره القانونية والموضوعية، للنظر فيه من جهة من طرف المحكمة التي يبق فيها غيابيا، بحيث يحتفظ كل من المدعي والمدعى عليه، بأدوارهم السابقة، وحيث يسمح للمتعرض بتقديم جميع حججه كما سمح للمتعرض ضده أن يغير طلباته الأصلية أو يقدم طلباته الجديدة أيضا.

من إعداد قديري المكي طالب متخصص في القانون الخاص

قد يعجبك ايضا