أحكام البطلان في قانون الالتزامات والعقود المغربي

 

من إعداد “قديري المكي” طالب جامعي متخصص في القانون الخاص، وتوضيب فريق عمل موقع “المعلومة القانونية

هنالك قولة فقهية مأثورة تقول بأن العقد الباطل ليس له وجود قانوني، والتي مؤداها أن العقد الباطل غير كائن لأنه يولد ميتا من حيث المبدأ، ولعل الملاحظ لما ينص عليه الفصل 306 من ق.ل.ع المغربي، يتبين له على أن العقد يكون باطل في حالتين، أولها حالة تخلف أحد أركان العقد، التي يحددها القانون المغربي والمقارن عامة في: التراضي، المحل، وسبب مشروع، مثلا: عندما ينعقد العقد بدون رضى بين طرفيه، فإنه يكون باطلا، وثانيها حالة تقرير البطلان بمقتضى نص خاص، ومنه ماجاء به المشرع المغربي من خلال نصوص متفرقة، من قبيلها ما جاء به الفصل 728 من ق.ل.ع الذي يؤكد عاى أن كل إتفاق يلزم بمقتضاه شخص بتقديم خدماته طولة حياته يعتبر باطلا، وكذلك ما ورد في الفصل 67 من ذات القانون، الذي أكد من خلاله المشرع بأن كل تصرف يتعلق بتركة إنسان على قيد الحياة يعد باطلا بحكم القانون، هذا فضلا عن نصوص أخرى متفؤقة تبين أن كل العقود التي تمس المصلحة العامة بصفة شاملة، كعقد البيع أو الخدمة الوارد على شئ غير قانوني كالمخدرات أو الدعارة، وغيرها من الأسباب الكثيرة، يكون العقد فيها في حكم العدم قانونيا.

هذا من الناحية النظرية، وهو مايجرنا من ناحية أخرى إلى طرح سؤال جوهري هو: كيف يمكن تقرير حكم البطلان في الواقع بالنسبة للعقود القابلة للبطلان على المستوى النظري؟ وإلى أي حد يمكن التسليم بأن العقد الباطل في الواقع يكون والعدم سواء؟

من الأحكام العامة المهمة المنظمة لنظرية البطلان في القانون، هي القاعدة التي تقول بأن العقد الباطل يكون حاصلا من تلقاء نفسه، وهو شئ مسلم به في معظم التشريعات، لكن إذا نوزع فيه، فإنه لا محالة يحتاج إلى تقرير بطلانه من طرف هيأة القضاء، وهنا تتجلى الخاصية الأساسية لحكم البطلان، بحيث أنه إذا كان حكم هذا الأخير يهدف في أصله إلى حماية المصلحة العامة، فإن التمسك به لا يقتصر على المتعاقد المتضرر من العقد فحسب، بل يتعداه طائفة أخرى، تتجلى في إمكانية إثارته من طرف الجميع، بل يصح القول حتى بإمكانية أن يثيره القاضي من تلقاء نفسه، ومن قبيله العقد الذي يحل إجارة محل لممارسة أعمال الفساد، فإنه يحق للجميع إثارة البطلان أمام أنظار القضاء من أجل تقرير بطلان ذلك العقد، وبالتالي إرجاع الحالة لما كانت عليه قبل التعاقد، مثلا الحكم بإفراغ المحل من لدن المكتري، وعدم ترتيب أي حق له، نظرا لبطلان العقد المنشئ لحقه في إستغلال دلك المحل استعمالا يتنافى والمصلحة العامة، وحيث يمكن القول بأن التمسك بالبطلان يحق للجميع إثارته والمطالبة به بدون قيود، ماهدا ما علق منها على شرط أهلية ممارسة الدعوى القضائية، أما الصفة والمصلحة فهي ثابتة في حق الجميع.

ولعل من بين أحكام العقد الباطل، نذكر: عدم جواز تصحيح العقد الباطل بالإجازة، وأيضاً العقد الباطل لا يصححه التقادم، ويستفاد من الأول أن الإجازة والإقرار اللتان تصححان العقود المعتلة كما هو معروف، لا ترد على العقود الباطلة، وذلك من حيث المبدأ، نظرا كما تم التاكيد به أن العقد الباطل يكون معدوما أصلا، وذلك ما يؤكد عليه المشرع المغربي من خلال الفصل 350 من ق.ل.ع المغربي، الذي ينص على أن إجازة الإلتزام الباطل بقوة القانون أو التصديق عليه لا يكون له أدني أثر من الناحية القانونية.
أما الحكم الثاني فهو يؤكد على أنه مهما طال أمد العقد الباطل فإنه لا يصير صحيحا بالتقادم المكسب للحق من خلال التعاقد من جهة، أما دعوى طلب البطلان فإنها تتقادم بمرور 15 سنة ابتداءا من تاريخ نشوء الحق في طلب البطلان.

 

قد يعجبك ايضا