كيف تتاجر شركات الإتصالات يمعلوماتنا الخاصة؟ وإلى أي حد يمكن اعتبار هاته الممارسة قانونية؟

من بين الممارسات الشائعة حاليا في المجال الإعلام والاشهار، نلاحظ لجوء مجموعة من وسائل الإتصال عن طريق الرسائل النصية القصيرة، أي ما يعرف اشتقاقا عن اللغة الإنجليزية بشكل مقتضب SMS، التي تستعملها الشركات المتخصصة في التواصل الإجتماعي من أجل إعلام زبنائها بمختلف الخدمات التي تقدمها على شبكتها وللتواصل مع زبنائها، وإن كان لا يطرح أية إشكالية من الناحية القانونية مبدئيا، مادام يتعلق بعلاقة الشركة بزبونها في الإعلام والتبصر والنصح وغيرها من الالتزامات التي يقع على عاتق شركات الإتصالات احترامها واستعمالها.

لكن الأمر لا يقف عند هذا الحد، بل أفرزت الممارسة الواقعية نشاطات آخرى لشركات الإتصالات والتواصل الإجتماعي إلى جانب ذلك، ولعل أبرزها هو الدعاية الإعلامية لشركات أخرى على شبكتها للتواصل، وذلك من خلال رسائل نصية مرسلة للجمهور المتعاقد أو النصرح ببياناته الشخصية، قصد التواصل معهم أوتوماتيكيا ومباشرة من أجل تخفيزهم للإقبال على منتجات لشركات أخرى معينة مثلا كالعطور والملابس والحلي… وغيرها

لعلكم تقرؤون هذا الموضوع تتساءلون كيف يكون ذلك ؟ وكيف يبدوا ذلك غير قانونيا ؟

وعليه، من أجل أن فهم ذلك سوف نضرب مثلاً: تعرض شركة تحت أي تسمية معينة وغرض محدد ( كشركة لبيع السيارات مثلا x ) لصالح إحدى شركات الإتصال المتنوعة أيضًا، تطلب من خلاله أن ترسل شركة الإتصالات لصالح شركة السيارات، عددا معين من الرسائل النصية أو الصوتية  sms mms إلى شريحة معينة من الزبناء، تحت شروط محددة لطائفة معينة يكون الغرض منها هو دعاية ذات جدوى وفعالية، وحيث أهم تلك الشروط هو: أن تكون لائحة المدعويين للتعاقد من الطبقة المتوسطة، وأن يكونون  مما يقطن بالمدن الكبرى والمتوسطة التي تضم لديها دور لتسويق سياراتها واجزائها وخدماتها، هذا فضلا على أن يكون سنهم يتراوح ما بين 27 و 40 سنة.. إلى غيره من المعلومات الكثيرة التي تنفع لتحديد فئة الجمهور المدعوا للتعاقد في إطار ما يعرف في مجال البحث والدراسات القانونية بالعقود المستفزة، لتبدأ شركة الإتصالات في مراجعة ملفاتها المتعلقة بمعلومات الزبناء التي تجمعها من خلال عقود الإشتراك والتصريح، والتي تضطلع بها مسبقا مباشرة من لدن زبنائها بإرادة حسنة، وعندئذ تستهدف تلك الشريحة المطلوبة آنفا من شركة السيارات بملايين الرسائل النصية، التي تحاول من خلالها دعوتهم وتحفيزهم للشراء، هاته الممارسة بدون شك تقبض في مقابلها شركة الإتصالات على مئات الملايين كأداء للخدمة.
هذا ما يلاحظ واقعيا، والحال أن هاته التصرفات والممارسات ممنوعة قانونا، حيث أن ذلك الإستعمال الذي تقوم به شركة الإتصال للمعلومات الشخصية للزبائن يعتبر استعمالا غير قانوني ويتنافى والغرض المصرح به والذي يمس مبدأ حسن النية في التعاقد، ذلك أن الزبون لم يكن أساس تصريحه هو إستعمال معلوماته لغرض آخر يخرج عن نكاق علاقته الهاصه بشركة الإتصالات، لكي يكون معلوما لديها، هذا الحكم الذي يجد منبعه القانوني مبدئيا من خلال بنود عقود الإشتراك التي يوقعها الزبناء في عقود نموذجية مبرمة بينهم وبين شركة الإتصالات، والتي تمنع الشركة إستعمال بيانات ومعلومات الزبون لأي إستعمال آخر كيفما كان، هذا فضلا عن مبدا حسن النية في التعاقد التي يؤطرها القانون المدني، رغم عدم تخصيص نصوص محدد تقضي بذلك بشكل صريح.

لكن وللأسف وبما أننا في مجتمعات لا تسودها أي ثقافة قانونية،  فلا غرابة أن تجد مثل هذه الممارسات تستمر دون تدخل من السلطات الرقابية المختصة للحد من ذلك..

من إعداد قديري المكي الخلافة باحث وكاتب متخصص في القانون الخاص

 

 

قد يعجبك ايضا