تقرير ندوة: قراءة في التقارير الموازية للمجتمع المدني المغربي الموجهة للجنة المعنية بالاختفاء القسري

بمناسبة الذكرى الثامــنة لتأسيس المركز المغربي للعدالة الانتقالية ودراسة التقارير الدولية، نظم المركز بشراكة مع المنتدى المغربي للديمقراطية وحقوق الانسان ندوة علمية عن بعد حول موضوع: قراءة في التقارير الموازية للمجتمع المدني المغربي الموجهة للجنة المعنية بالاختفاء القسري، وذلك يوم الثلاثاء 18 مارس 2025 على الساعة 21.30.

انطلقت الندوة بكلمة ترحيب مدير المركز المغربي للعدالة الانتقالية ودراسة التقارير الدولية، السيد المصطفى بوجعبوط، باعتباره مسيرا للجلسة العلمية، بثلة من الأساتذة المشتغلين والمهتمين بمجال حقوق الإنسان بالمغرب، وقد توزعت مداخلات الندوة بين الأستاذ حسن إدريسي، رئيس المنتدى المغربي لحقوق الإنسان. ثم الأستاذ حسن كمون رئيس المنتدى المغربي لأجل الحقيقة والإنصاف. وكذلك الأستاذ جواد الخني رئيس المنتدى المغربي للديموقراطي وحقوق الإنسان. والأستاذ ناجي مولاي الحسن، رئيس الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في شمال إفريقيا. والأستاذ وزان عبد الكريم، عضو لجنة التنسيق لعائلات المختطفين مجهولين المصير وضحايا الاختفاء القسري بالمغرب. علاوة على مداخلة المركز المغربي للعدالة الانتقالية ودراسة التقارير الدولية.

وبعد الترحيب قدم السيد المصطفي بوجعبوط أرضية الجلسة مشيرا إلى أهمية الموضوع على المستوى الدولي والوطني، نظرا للدور الذي تلعبه التقارير الموازية أو التقارير البديلة للمجتمع المدني باعتبارها تقارير مستقلة تقوم على تقييم واقع حقوق الإنسان داخل الدولة والعمل على تعزيزها واحترامها وتحديد التحديات التي تعرفها

ولعل تقارير المجتمع المدني الموجهة للجنة المعنية بالاختفاء القصري، سواء التي قدمت خلال 2022 أو التي قدمت خلال دورة 27 سنة 2024، قد سلطت الضوء على أهم الإنجازات التي حققتها الدولة.

في ظل التقدم المحرز في هذا المجال بعد مصادقة الدولة على الاتفاقية المعنية بالاختفاء القسري وتفعيل مسلسل الإصلاح وجبر الضرر في عمليات العدالة الانتقالية بالمغرب، مع تعزيز الترسانة القانونية والمؤسساتية الوطنية على ضوء المعايير الدولية لحقوق الانسان.

وفي هذا الإطار تساءل السيد المصطفى بوجعبوط عن بنية هذه التقارير؟ ومن أين تستمد معلوماتها؟، وهل لها دراية كافية بملفات اختفاء القسري؟ وهل التقارير الموازية كافية في معالجة وإلزام الدولة؟

بعد ذلك قدم الأستاذ حسين إدريسي قراءة عن واقع التقارير الموازية أو كما تسمى في المشرق العربي بالتقارير البديلة، متسائلا هو الآخر عن مصداقية التقارير الموازية الحالية وذلك في إطار مقارنتها بالتقارير الماضية التي كان يتقدم بها المجتمع المدني للهيئات التعاقدية من أجل افتحاص تقارير رسمية، والبحث عن الثغرات الموجودة فيها. مشيرا إلى أن “المنظمة المغربية للحقوق الإنسان” هي أول من تقدمت بتقارير موازية في هذا الشأن وذلك في الدورة 27. وبعد أن عرض الأستاذ حسن ادريسي المنطلقات والمعطيات التي تحكمت في إنجاز هذه التقارير الموازية والتوصيات التي قدمتها المنظمة المغربية للحقوق الإنسان في تقاريرها لتعزيز حقوق الانسان واستكمال البناء المؤسساتي والدستوري والتنصيص على جريمة الاختفاء القسري في الوثيقة الدستورية، وأن المنظمة المغربية لحقوق الإنسان تسجل أن المملكة اتخذت خطوات هامة لضمان عدم تكرار انتهاكات الماضي عبر تطوير آلية الحماية الحقوقية وتعزيز استقلالية القضاء وإنشاء المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، وغيره من الضمانات القانونية الأخرى لحماية الحقوق.

وقد لاحظ الأستاذ حسين إدريسي أن فعلية حماية حقوق الانسان لا زالت تحتاج إلى الدعم وتسريع الإصلاحات الجارية لتعزيز استقلالية القضاء ودعم المؤسسات الدستورية والهيئات المستقلة، مشيرا إلى نقائص أخرى مرتبطة بالقانون الجنائي المغربي فيما يتعلق بالاختفاء القسري، وما يتعلق بمسألة اللجوء وقانون الاتجار بالبشر.

وفيما يخص التقارير الموازية الحالية أشار الأستاذ إلى أنها لا زالت من جهة تفتقر إلى المصداقية والجدية والاحكام المسبقة التي تكون في حوزة الخبراء أثناء اللقاءات المباشرة والفردية التي تجمعهم مع إطارات المجتمع المدني. ومن جهة ثانية، ما يتعلق بكفاءة وعلاقة الأشخاص الذين يتقدمون هذه التقارير بالخبراء، وقد ختم الأستاذ حسن إدريسي مداخلته بمجموعة من الأسئلة التي تحتاج إلى إعادة النظر حول جدوى وأهمية التقارير الموازية حتى تكون ذات قيمة وذات أثر فعال في تعزيز الحقوق.

بدوره بدأ الأستاذ حسن كمون رئيس المنتدى المغربي لأجل الحقيقة والإنصاف، مداخلته بالوقوف على السياق العام لبناء تقرير المنتدى وكذلك التعريف بأهدافه وانشغالاته. في هذا السياق قد رحب المنتدى بالمجهود المبذول على المستوى الحقوقي في المغرب بشكل عام، وبالاختفاء القسري بشكل خاص. مع الوقوف على تجربة العدالة الانتقالية في المغرب إيجابياتها ونواقصها. وعدد من الاتفاقيات الدولية التي وقعها المغرب.

كذلك سجل المنتدى تأخير في تقديم التقرير الذي كان المفترض تقديمه سنة 2015. وكذلك تسجيل التأخير فيما يخص المصادقة على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري. التأخير الذي تم في سنة 2013 بينما التوقيع تم في سنة 2007. كما لم يتم ملامة المنظومة القانونية الجنائية مع دستور 2011

وقد أشار الأستاذ حسن كمون إلى أن تقرير المنتدى تضمن نتائج هامة عن تجربة العدلة الانتقالية في المغرب، من حيث معالجة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. غير أن عمل الهيئة شابه أوجه نقص هامة تمثلت في ضعف إشراك الضحايا والحركة الحقوقية عموما. علاوة على أن معظم أشغالها كان مركزا على الإدماج الاجتماعي والتسوية الإدارية وجبر الأضرار. وفي درجة ثانية الحقيقة دون توصيات الإصلاح السياسي والمؤسساتي.

وقد قدم الأستاذ جواد الخني رئيس المنتدى المغربي للديموقراطي وحقوق الإنسان، مداخلته حول الاختفاء القسري مسارات الحقيقة وعدم التكرار وتفاعلا مع موضوع المجتمع المدني والتقارير الموازية أشار الأستاذ إلى تنوع واختلاف مكونات المجتمع المدني والحقوقي وقناعاتهم الفكرية والوطنية، وهو نسيج يضم حوالي 16 هيئة مغربية قدمت توصياتها في إطار التقارير الموازية، مع التركيز على جوانب القلق في منظومة الحقوق. كما أشار الأستاذ إلى قصور التشريعات الوطنية وعلاقتها بالاختفاء القسري وحماية رفاه الضحايا وعلاقتها بالحمض النووي.

وعلاقة بالتقارير الموازية قال الأستاذ جواد بأن الدولة لا تضمن مشاركة المجتمع المدني في إعداد التقارير وتفعيل مضامين التوصيات الصادرة عن اللجنة المعنية بالاختفاء القسري. وقد ختم الأستاذ مداخلته بالحديث عن مسطرة الانتصاف والتعويض وجبر الضرر الجماعي للضحايا، مبرزا الإشكالات المطروحة والقضايا العالقة التي أرجعت المغرب إلى نقطة الصفر في مجال العدالة الانتقالية، والدعوة إلى انشاء هيئة وطنية لترميم مكاسب العدالة الانتقالية.

وبدوره أشاد الأستاذ ناجي مولاي الحسن، رئيس الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في شمال إفريقيا، بدور إلى نضج المجتمع المدني المغربي وطنيا ودوليا في تعزيز وتطوير منظومة الحقوق، وقدم الأستاذ مداخلته حول الآليات والممارسات الفضلى للتقارير الموازية للمجتمع المدني، والتي تعتبر وسيلة لتسليط الضوء على مجالات مختلفة لتعزيز الحقوق.

وقد تطرق الأستاذ إلى الاختفاء القسري في المغرب وتوقف على حالات بعض الأشخاص خلال مرحلة السبعينات، مبرزا الدعوة إلى تغيير بعض التشريعات التي تعزز من دور المجتمع المدني الحقوقي وجعله أكثر تشاركا وتفاعلا وتقييما، والسمو به إلى مرتبة الترافع وتقديم الاستشارات والتوعية وتفعيل مضامين التوصيات وبناء القدرات والتحالفات التي تعزيز حماية الأشخاص من الاختفاء القسري.

وقد توقف الأستاذ ناجي مولاي الحسن بدوره على حيثيات ومعطيات التقارير الموازية للدورة 27، مشيرا إلى النقص الملحوظ على مستوى الترسانة القانونية الوطنية والدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري، والدعوة إلى تسريع وثيرة التفاعل مع اللجنة المعنية بالاختفاء القسري.

كما قدم المركز المغربي للعدالة الانتقالية ودراسة التقارير الدولية، في شخص مديره السيد المصطفى بوجعبوط، مداخلة ركزت بالأساس على بنية ومضمون التقارير الموازية، نموذج تقرير المركز المغربي للعدالة الانتقالية ودراسة التقارير الدولية، ومن حيث البنية والهندسة فالتقارير الموجهة للجنة المعنية بالاختفاء القسري يغلب عليها طابع إداري شكلي ومنها ما يغلب عليها الطابع السياسي ومنها ما يغلب عليه الطابع التقني ومنها ما يغلب عليها الطابع النضالي والحقوقي.

وتختلف هذه التقارير من منظمة إلى أخرى من حيث المضمون أو قد تلتقي في بعض النقط خصوصا ما يتعلق بمسار العدالة الانتقالية وحقوق الانسان، ويتحكم في هذه التقارير أيديولوجية الهيئات التي ترفعها بأسلوب مختلف منها ما يعبر عن الرضا بالمكسب الحقوقي المغربي ومنها ما يعبر عن عدم رضاها بواقع الحقوق والتشريعات الوطنية.

وأشار المصطفى بوجعبوط إلى التقرير الموازي للمركز المغربي للعدالة الانتقالية ودراسة التقارير الدولية الذي قدمه المركز إلى اللجنة المعنية بالاختفاء القسري في يونيو 2022، بشكل تحرى فيه الموضوعية والدقة العلمية، مبرزا أنه منذ 2010 لم يحقق المغرب أي تقدم ملحوظ لمتابعة مسار العدالة الانتقالية فيما يخص الاختفاء القسري.

وقد قدم المركز 8 ملاحظات في تقريره وتتعلق بالإطار القانوني العام والحالات العالقة والرفاه والتسوية الإدارية والمالية وجبر الضرر. وقدم المركز توصيات نصت بالأساس على البناء المؤسساتي والتشريعي للدولة واستكمال مسار الحقيقة ومعالجة ملفات مجهولي المصير وحفظ الذاكرة، والدعوة الى تنفيذ توصيات هيئة الانصاف والمصالحة.

وفي إطار التفاعل مع الموضوع وإغناء النقاش، عرض السيد مسير الجلسة العلمية، الأسئلة التي طرحها الحضور، وخلال المناقشة طرح الأساتذة التحديات والرهانات المنتظرة لتعزيز دور التقارير الموازية للمجتمع المدني في حماية وتعزيز حقوق الانسان بصفة عامة، وحماية الأشخاص من الاختفاء القسري بصفة خاصة.

قد يعجبك ايضا